• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (6/ 6)

حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (6/6)
محمد بن عبدالله السريِّع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/11/2011 ميلادي - 6/12/1432 هجري

الزيارات: 199504

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية

(6/ 6)

 

توطئة:

مضى في الحلقة السابقة الشروع في دراسة الحديث درايةً، وشرح غريب ألفاظه، وذكر مسألةٍ حديثيةٍ مستنبطةٍ منه، ودراسة المسألة الفقهية الرئيسة فيه، وأُتِمُّ في هذه الحلقة المسائل الفقهية، ثم أنتقل إلى المسائل الأصولية، فالفوائد والحِكَم، خاتمًا بها الدراسة.

 

المسألة الثانية

حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن كان يضحَّى عنه

دلَّ ظاهرُ الحديث على أن المراد به: من أراد الأضحية.

 

وبناءً على الاختلاف في المراد بإرادة الأضحية؛ اختُلف في هذه المسألة:

فإن قيل: إن مريد الأضحية هو من يحصل له ثوابها؛ فإن المضحَّى عنه يدخل في الحكم؛ لحصول الثواب له أيضًا[1].

 

ويؤيد هذا: أن إرادة من له وليٌّ يضحِّي عنه كإرادة الولي[2].

وإن قيل: إن المراد: من يقع عليه طلبها والأمر بها، وهو الذي يضحي حقيقةً، ويسقط عن الطلب بأدائها؛ فإن المضحَّى عنه لا يدخل في الحكم[3].

ويؤيده: أن ظاهر الحديث علق الحكم بالمضحِّي نفسِه، فدلَّ على عدم دخول غيره فيه[4].

 

المسألة الثالثة

حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد الأضحية والإحرام معًا

وذلك أن من المستحب للمحرم أخذ شعره وأظفاره.

 

فأما على القول بأن النهي في حديث أم سلمة للكراهة لا التحريم؛ فقد اختلف النظر في ذلك من جهة اختلاف النظر حال تعارض الأمر والنهي:

فإن قيل: يرجح جانب النهي عند تعارضه مع ما يقتضي الإيجاب أو الاستحباب؛ فإن المحرم المضحي لا يأخذ من شعره ولا أظفاره[5].

 

وإن قيل: يرجح جانب العبادة المتعلقة بالبدن، وهي الحج؛ فإن المحرم يأخذ من شعره وأظفاره لإحرامه ولو أراد الأضحية[6].

وأما على القول بأن النهي في حديث أم سلمة للتحريم؛ فإن ترك المنهي المحرَّم مقدَّم على فعل الأمر المستحب[7].

 

المسألة الرابعة

وقت النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار، ووقت جوازه

أولاً: بداية وقت النهي:

اختُلف في هذه المسألة تبعًا لاختلاف ألفاظ الحديث:

فقيل: تكون بداية النهي بمجرد إرادة الأضحية.

وقيل: تكون بداية النهي بشراء الأضحية وتعيينها من جملة المواشي[8].

وقد سبق الكلام في مسألة اشتراط شراء الأضحية للنهي عن أخذ الشعر والأظفار[9].

 

ثانيًا: نهاية وقت النهي (وقت جواز الأخذ من الشعر والأظفار):

عُلِّق الوقت في الحديث بأداء الأضحية، فمتى ما أُدِّيت؛ جاز ما كان ممنوعًا، فإن أداها يوم العاشر؛ حلَّ له ذلك، وإن لم يؤدِّها إلا بعده؛ زاد زمن الترك حتى يضحي[10].

 

وأصل المنع إنما كان لأجل إرادة الأضحية، فدلَّ على أن الحكم مترتب على أدائها[11].

وقد جاء عن بعض الفقهاء: أن وقت النهي يكون في عشر ذي الحجة[12]، وهذا -فيما يظهر-تجوُّزٌ منهم، أو حكمٌ بالأغلب، أو نظرٌ للنصِّ في الحديث على العشر.

 

ويجاب عن هذا: بما سبق من وجود تعليق الوقت بأداء الأضحية في ألفاظ الحديث، وأما ما لم يعلَّق فيه على ذلك؛ فإنه "اكتفى بدلالة اللفظ عليه؛ لأن تقديم ذكر العشر والتضحية يدلُّ على أن الأمد: انقضاء العشر ووقوع التضحية"[13].

 

ويقع تحت هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: إن لم يضحِّ:

حيث امتنع عن الأخذ ناويًا الأضحية، فلم يضحِّ، فإن وقت النهي ينتهي بزوال وقت الأضحية[14].

 

الفرع الثاني: لو قصد التضحية بعددٍ من الأضاحي:

ينتهي وقت النهي بذبح أول أضحيةٍ منها[15]، وقيل: يحتمل بقاء النهي إلى آخرها[16].

 

والأظهر: الأول؛ لأن النهي تعلَّق بمطلق ذبح الأضحية، وهو حاصلٌ بذبح أولى الأضاحي، و"الأصح: أن الحكم المعلق على معنىً يكفي فيه أدنى المراتب؛ لتحقق المسمى فيه"[17].

 

المسألة الخامسة

حكم الفدية لمخالفة النهي

لم يدل الحديث على فديةٍ تجب على مخالفِهِ، ودلَّ الإجماع على عدم وجوبها، قال ابن قدامة: "فإن فعل استغفر الله -تعالى-، ولا فديةَ فيه إجماعًا، سواءً فعله عمدًا أو نسيانًا"[18].

 

وربما تُتَوهَّم الفدية لشَبَهِ هذه المنهيات وحال المضحي بمحظورات الإحرام وحال الحاج، وسيأتي الجواب عن ذلك في حِكمة النهي -إن شاء الله-.

 

فرع: لا علاقة بين ارتكاب النهي وصحة التضحية:

قال ابن عثيمين: "وأما ما اشتهر عند العوام أنه إذا أخذ الإنسان من شعره أو ظفره أو بشرته في أيام العشر فإنه لا أضحية له فهذا ليس بصحيح؛ لأنه لا علاقة بين صحة التضحية والأخذ من هذه الثلاثة"[19].

 

المسألة السادسة

حكم الأضحية

استدلَّ جمهور العلماء بهذا الحديث على عدم وجوب الأضحية، قال الشافعي: "ووجدنا الدلالة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الضحية ليست بواجبةٍ لا يحلُّ تركها، وهي سنة يجب لزومها، ويكره تركها؛ لا على إيجابها، فإن قيل: فأين السنة التي دلت على أنها ليست بواجبة؟ قيل: أخبرنا سفيان بن عيينة..."، فساق الحديث، ثم قال: "وفي هذا الحديث دلالةٌ على أن الضحية ليست بواجبة؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فإن أراد أن يضحي"، ولو كانت الضحية واجبة أشبهَ أن يقول: فلا يمس من شعره حتى يضحي"[20]، وقال ابن المنذر: "فالضحية لا تجب فرضًا؛ استدلالاً بهذا الحديث؛ إذ لو كان فرضًا لم يجعل ذلك إلى إرادة المضحي"[21]، وبوَّب بذلك على هذا الحديث بعضُ المصنفين[22].

 

ونوقش هذا الاستدلال بأمرين:

1- أن تعليق العبادة بالإرادة لا يلزم منه انتفاء الوجوب، وذلك من وجهين:

الأول: وجود نظائر عُلِّقت فيها العبادة بالإرادة، وحُكم -مع ذلك- بوجوبها، قال ابن تيمية -بعد سوق الحديث-: "قالوا: والواجب لا يعلق بالإرادة. وهذا كلامٌ مجمل؛ فإن الواجب لا يوكل إلى إرادة العبد، فيقال: (إن شئت فافعله)، بل قد يعلق الواجبُ بالشرط لبيان حكمٍ من الأحكام:

• كقوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا﴾، وقد قدَّروا فيه: إذا أردتم القيام،

• وقدَّروا: إذا أردت القراءة فاستعذ[23]، والطهارة[24] واجبة، والقراءة في الصلاة واجبة.

• وقد قال: ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ﴾ ومشيئة الاستقامة واجبة..."[25].

 

وهذه المناقشة افترضها - قبلُ- الماوردي، وأجاب عنها، قال: "فإن قيل: فقد قال: "من أراد منكم الجمعة فليغتسل"؛ فلمْ يدلّ تعليقُ الجمعة على الإرادة على أنها غيرُ واجبة؛ كذلك الأضحية؟ قلنا: إنما علق بالإرادة الغسلَ دون الجمعة، والغسل ليس بواجب، فكذلك الأضحية"[26].

وفي جواب الماوردي تأمل ونظر، وهو خلاف ظاهر النص.

 

وأجاب ابن حزم بأن الوجوب في مثل هذه النصوص أُخِذ من أدلة أخرى، قال: "فإن قيل: فقد جاء: "ما حقُّ امرئٍ له شيءٌ يريد أن يوصي فيه..." إلى آخر الحديث، ولم يكن هذا اللفظ منه -عليه السلام- دليلاً عندكم على أن الوصية ليست فرضًا، بل هي عندكم فرض؟ قلنا: نعم؛ لأنه قد جاء نصٌّ آخرُ بإيجاب الوصية في القرآن والسنة...، فأخذنا بهذا، ولم يأتِ نصٌّ بإيجاب الأضحية، ولو جاء لأخذنا به"[27].

 

الوجه الثاني: أن الأضحية إنما تجب على القادر، قال ابن تيمية: "وأيضًا: فليس كل أحدٍ يجب عليه أن يضحي، وإنما تجب على القادر، فهو الذي يريد أن يضحي، كما قال: "من أراد الحج فليتعجل؛ فإنه قد تضل الضالة، وتعرض الحاجة"، والحج فرض على المستطيع، فقوله: "من أراد أن يضحي" كقوله: "من أراد الحج فليتعجل"، ووجوبها حينئذٍ مشروطٌ بأن يقدر عليها فاضلاً عن حوائجه الأصلية، كصدقة الفطر"[28].

 

وتوضيح هذا: أن قوله في الحديث: "أراد أحدكم أن يضحي" منصرفٌ إلى القادر على الأضحية، فهو الذي يريد أن يضحي، وأما العاجز؛ فإنه لما لم يستطع؛ لم يُرد.

 

فالمراد بالتعليق بالإرادة: تمييز القادر عن العاجز، لا تنزيل الحكم إلى الاستحباب.

ويأتي الجواب عن هذا في الفقرة التالية.

 

2- أن المراد بالإرادة في هذا الحديث: "ما هو ضد السهو، لا التخيير؛ لأنه غير مخيَّر إجماعًا؛ لأن التخيير يقع في المباح"[29]، "فكأنه صرح به؛ وقال: "من قصد منهم أن يضحي"، وهذا لا يدل على نفي الوجوب، فصار هذا نظيرَ قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من أراد منكم الجمعة فليغتسل" لم يرد التخيير هناك، فكذا هنا"[30].

 

ويمكن أن يجاب عن هذا: بثلاث مقدمات ونتيجة:

المقدمة الأولى: أنه قد جاء الأمر بالأضحية، وجاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحى، ومثل هذا حكمه الوجوب ما لم يصرفه صارف إلى الاستحباب.

المقدمة الثانية: أن من المعلوم أن المندوب يجوز تركه -وإن كان الأرجح فيه جانب الفعل-، وأن المباح يجوز فعله وتركه، فالمرء فيهما ربما أراد الفعل، وربما أراد الترك، وأما الوجوب؛ فلا يحتمل فيه إلا الفعل، ولا يدخل فيه جواز الترك.

المقدمة الثالثة: أنه قد ورد تعليق الأضحية بالإرادة، فدلَّ أن الحكمَ فيها أحد الحكمين: الاستحباب أو الإباحة؛ لدخول الإرادة فيهما -كما سبق-.

 

النتيجة: أن تعليق الأضحية بالإرادة يصرف حكمها عن الوجوب، ولا يحتمل فيه إلا الاستحباب؛ لورود ما مرَّ في المقدمة الأولى.

فهذه هي الإرادة في الحديث، وهذا وجه دلالتها على الاستحباب، ولا حاجة إلى تأويلها بغير ذلك.

وهذا الجواب يَرِد على إشارة ابن تيمية إلى أن الواجب لا يوكل إلى إرادة العبد، وعلى أن المراد بالتعليق بالإرادة: تمييز القادر عن العاجز.

والله أعلم.

 

المطلب الثالث: المسائل الأصولية

المسألة الأولى

نقض الاستدلال بعمل أهل المدينة

مما استدل به ابن حزم في نقض أصل المالكية في الاستدلال بعمل أهل المدينة: أن من عمل أهل المدينة ما هو مخالفٌ لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكر رواية محمد بن عمرو بن علقمة، عن عمرو بن مسلم الليثي، قال: كنا في الحمام قبيل الأضحى، فاطَّلى فيه ناس، فقال بعض أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يَكره هذا وينهى عنه، فلقيت سعيد بن المسيب، فذكرت ذلك له، فقال: "يا ابن أخي، هذا حديثٌ قد نُسي وتُرك..."، ثم قال: "فإن كان عمل أهل المدينة الذين يحتجون به ويتركون له كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا الباب الذي ذكرنا؛ فنحن نبرأ إلى الله -تعالى- من هذا العمل..."[31].

 

ويناقش الاعتراض بهذا الحديث على أصل المالكية بأمرين:

الأول: أن الراجح فيه الوقف على أم سلمة -رضي الله عنها-.

الثاني: أن الحديث معارَضٌ بما هو أصح منه، وهو حديث عائشة -رضي الله عنها-، وهذا من حديث أهل المدينة، وأخرجه مالك في موطئه، قال ابن رشد: "ولم يأخذ مالك بحديث أم سلمة -وإن كان قد رواه-؛ لأن حديث عائشة عنده أصحُّ منه"[32].

 

المسألة الثانية

العمل بأقوال الصحابة

يمكن الاستدلال بهذا الحديث على عمل السلف بأقوال الصحابة، حيث جاء في رواية قتادة عن سعيد بن المسيب أن سعيدًا صوَّب رأي يحيى بن يعمر، مؤيدًا ذلك بأقوال الصحابة -رضي الله عنهم-.

 

المطلب الرابع: الفوائد والحِكَم

المسألة الأولى

الحكمة من النهي

وقد قيل فيها قولان:

القول الأول: "التشبُّهُ بال‍مُحرِمين؛ فإنهم الأصل، وهم أصحاب الهدايا والقرابين"[33]:

ونوقش هذا بأن المحرم يحرم عليه ما لا يقول أحد بتحريمه على المضحي، كالنساء والطيب والمخيط، وغيرها[34].

 

ويجاب عن هذا: بأنه لا يلزم أن يكون الشَّبَه بين المضحي والمحرم من كل وجه[35]، وإنما هو أخذُ المضحي بحظِّه من حظر بعضِ ما كان حلالاً؛ لمشابهته المحرمَ في بعض نُسُكه، وهو الهدي.

 

فإنه لما خصَّ الله -تعالى- الحجاجَ بالهدي، وجعل لنُسُك الحج محرماتٍ ومحظورات، وهذه المحظورات إذا تركها الإنسان لله أثيب عليها= فالذين لم يحرموا بحجٍّ ولا عمرة شُرع لهم أن يضحوا في مقابل الهدي، وشُرع لهم أن يتجنبوا الأخذ من الشعور والأظفار والبشرة؛ لأن المحرم لا يأخذ من شعره شيئاً، ولا يترفَّه، فهؤلاء -أيضًا- مثله، وهذا من عدل الله -عز وجل- وحكمته، كما أن المؤذن يثاب على الأذان، وغير المؤذن يثاب على المتابعة، فشرع له أن يتابع[36].

 

القول الثاني: أن التضحية سببٌ في المغفرة وعتق البدن من النار، وإذا تُركت أجزاء البدن؛ شملتها المغفرةُ، ودخلت في العتق جميعًا، والبشرة والظفر والشعر من الأجزاء.

 

واستُدل لهذا القول بما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "كبِّر أضحيتك؛ يُعتق الله بكل جزءٍ منها جزأً منك من النار"[37] [38].

 

كما وُجِّه هذا القول بأن "المضحي يجعل أضحيته فديةً لنفسه من العذاب؛ حيث رأى نفسه مستوجبةً العقاب، وهو القتل، ولم يؤذَن فيه، ففداها، وصار كل جزءٍ منها فداءَ كلِّ جزءٍ منه، فلذلك نهي عن إزالة الشعر والبشر؛ لئلا يُفقد من ذلك قسطٌ ما عند تَنَزُّل الرحمة وفيضان النور الإلهي؛ لتتم له الفضائل، وينَزَّه عن النقائص والرذائل"[39].

 

ويناقش هذا القول بأن دليله لا أصل له، وبأن في توجيهه بعضَ التكلُّف والبُعد.

والأقرب في الحكمة من النهي: القول الأول.

 

تنبيه:

لا يلزم من الشبه بين المحرم والمضحي سريان أحكام أحدهما على الآخر؛ لأن الشبه بينهما لم يكن من كل وجه -كما سبق-، ومن ذلك: فدية ارتكاب المحظور، فإنها وإن وجبت على المحرم، إلا أنها لا تجب على المضحي بالإجماع -كما سبق في مبحث المسألة-.

 

ولا يصح أن يقاس المضحي على المحرم في الفدية؛ لأن الاختلاف بينهما ظاهر فيما يلي:

أولاً: المحرم لا يَحرُم عليه إلا أخذ الرأس، وما سواه فإنه بالقياس، ونهي المضحي عن أخذ شعره عامٌّ للرأس وغير الرأس.

ثانيًا: المحرم لا يَحرُم عليه أخذ شيء من بشرته، وهذا يَحرُم.

ثالثًا: المحرم عليه محظورات أخرى غير هذا، فالإحرام أشد وأوكد فلذلك وجبت الفدية فيه، أما هذا فإنه لا فدية فيه[40].

 

المسألة الثانية

احتجاج العوام بأقوال العلماء

وهذا ظاهرٌ في قول بعض أهل الحمام لمن اطَّلى في عشر ذي الحجة: إن سعيد بن المسيب يكره هذا -أو: ينهى عنه-.

وهذا يفيد أن على العالم أن يُحكِم قوله، وأن يجعله واضحًا مبيَّنًا مفصَّلاً، وألاّ يكون كلامه غامضًا أو حمَّالاً للأوجه؛ لئلا يضطرب على الناس دينهم.

 

المسألة الثالثة

التلطُّف مع السائل

وهذا ظاهرٌ في قول سعيد بن المسيب لعمرو بن مسلم: "يا ابن أخي".

 

خاتمة

الحمد لله الموفق والمعين، وميسر العلم للراغبين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وآله وصحبه والتابعين.

 

أما بعد:

فبعد هذا التطواف في هذا الحديث العظيم من السنة المطهرة، يمكن استخلاص نتائج البحث التي يحسن ختامه بها في النقاط التالية:

• كان اهتمام العلماء ظاهرًا بهذا الحديث، حيث خرَّجوه في كتبهم الجامعة المسندة، وفي الأجزاء والمعاجم والمستدركات، كما أوردوه وتكلموا عليه في كتب الشروح والفقه، وبينوا ما تضمَّنه من المعاني والأحكام، وأوردوا ما يعارضه في السنة.

 

• صحَّح هذا الحديث بعض أئمة الحديث، كمسلم وابن حبان والبيهقي، وأعلَّه الدارقطني بالوقف، وتبيَّن بعد الدراسة المطوَّلة أن الصواب في الحديث وقفه.

 

• في الحديث نموذج لطلب المحدثين العلوَّ في الأسانيد.

• دار الحكم الذي دلَّ عليه الحديثُ (حكم حلق الشعر وقص الأظفار لمن أراد أن يضحي) بين التحريم والكراهة والإباحة، وتبيَّن أن التحريم هو الراجح.

• دل ظاهر الحديث على أن الحكم إنما هو لمن أراد الأضحية، بخلاف من يضحَّى عنه.

 

• يجتنب ال‍مُحرِم الذي يريد الأضحية ما نهي عنه في هذا الحديث -وإن كان من السنة له حلق الشعر وقص الأظافر حال الإحرام-؛ وذلك لأنه إن كان النهي للكراهة؛ فجانب الحظر مقدَّمٌ على جانب الإباحة، وإن كان النهي للتحريم؛ فاجتناب المحرم مقدَّمٌ على فعل المستحب.

 

• دلَّ الحديث على أن النهي يبدأ بإرادة الرجل أن يضحي، وينتهي بذبحه أضحيته، وإن لم يضحِّ؛ استمرَّ النهي إلى نهاية وقت الأضحية (آخر أيام التشريق)، وإن ضحى بعددٍ من الأضاحي؛ انتهى التحريم بذبح أولاها.

 

• لم يدل الحديث على فديةٍ تجب على مرتكب النهي الوارد فيه.

• اختُلف في دلالة هذا الحديث على استحباب الأضحية دون وجوبها، وعدم دلالته على ذلك؛ بناءً على الاختلاف في مفهوم قوله: "فأراد أحدكم أن يضحي".

• استُدِلَّ بهذا الحديث على نقض دليل العمل بأهل المدينة، وفي هذا نظر، ويمكن الاستدلال به على احتجاج السلف بأقوال الصحابة.

 

• اختُلف في الحكمة من النهي الوارد في الحديث، فقيل: إنه للتشبه بالمحرمين، وقيل: إنه لتحقق المغفرة وشمولها لجميع أجزاء البدن، والراجح الأول، وإن كان التشبه لا يكون من كل وجه.

• في الحديث دلالةٌ على أن العوام يحتجّون بأقوال العلماء ويعتمدونها، فلا بد للعالم من أن يكون قوله محرَّرًا واضحًا.

• في الحديث دلالةٌ على التلطُّف بالسائل.

 

والله -سبحانه وتعالى- أعلم، ورد العلم إليه أسلم، وما كان في هذه الدراسة من صواب فهو منه -بفضله ومَنِّه-، وما كان من خطأٍ فمن نفسي والشيطان، ورحم الله امرأً قوَّم وصوَّب، ونبَّه وأرشد.

 

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.



[1] انظر: حاشية قليوبي وعميرة (4/ 251)، منح الجليل شرح مختصر خليل (2/ 474).

[2] انظر: حاشية الجمل على شرح المنهج (5/ 251).

[3] انظر: حاشية قليوبي وعميرة (4/ 251)، حاشية الجمل (5/ 251).

[4] انظر: الشرح الممتع، لابن عثيمين (7/ 486، 487).

[5] التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، للإسنوي (ص513).

[6] حاشية الجمل (5/ 251، 252).

[7] مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام، لعبدالله ابن جاسر (2/ 253، 254).

[8] انظر: الحاوي الكبير (15/ 75)، البيان والتحصيل (17/ 315).

[9] (ص52، 53).

[10] انظر: شرح مختصر خليل، للخرشي (3/ 39)، الإنصاف، للمرداوي (4/ 109).

[11] انظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (7/ 9).

[12] انظر: الغرر البهية في شرح البهجة الوردية، لزكريا الأنصاري (5/ 169).

[13] فيض القدير، للمناوي (1/ 340).

[14] انظر: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، للرملي (8/ 132)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 251).

[15] انظر: نهاية المحتاج (8/ 132)، التمهيد، للإسنوي (ص263)، حاشيتا قليوبي وعميرة (4/ 251)، أسنى المطالب في شرح روض الطالب، لزكريا الأنصاري (1/ 542).

[16] أسنى المطالب (1/ 542).

[17] فيض القدير (1/ 339).

[18] المغني (13/ 363)، الإنصاف، للمرداوي (4/ 109).

[19] الشرح الممتع (7/ 489).

[20] اختلاف الحديث (10/ 157-ضمن الأم).

[21] الإقناع (1/ 376)، وانظر: الإشراف (3/ 403، 404).

[22] سنن الدارمي (2/ 1240)، صحيح ابن حبان (13/ 235، 237). وانظر في تقرير هذا الاستدلال: الحاوي الكبير (15/ 72)، المحلى (6/ 3، 4)، أحكام القرآن، لابن العربي (4/ 460)، التمهيد (23/ 193)، الاستذكار (15/ 160)، المنتقى، للباجي (3/ 100)، الهداية، للمرغيناني (4/ 355)، شرح السنة، للبغوي (4/ 348)، المغني (13/ 361).

[23] يعني: في آية: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾.

[24] لعله أراد: والقيام إلى الصلاة واجب؛ قياسًا على ما سبق ويأتي من كلامه.

[25] مجموع الفتاوى (23/ 163).

[26] الحاوي الكبير (15/ 72).

[27] المحلى (6/ 5، 6).

[28] مجموع الفتاوى (23/ 163، 164)، وانظر: إيثار الإنصاف في آثار الخلاف، لسبط ابن الجوزي (ص275).

[29] تبيين الحقائق، للزيلعي (6/ 3)، الهداية، للمرغيناني (4/ 355)، فتح القدير، لابن الهمام (9/ 509).

[30] مجمع الأنهر، لشيخي زاده (2/ 516)، العناية شرح الهداية، للبابرتي (9/ 508، 509).

[31] الإحكام في أصول الأحكام (2/ 118، 119).

[32] البيان والتحصيل (17/ 315).

[33] نهاية المطلب (18/ 161).

[34] انظر: الذخيرة للقرافي (4/ 142)، نهاية المطلب (18/ 161)، المجموع (8/ 392)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، لابن حجر الهيتمي (9/ 347)، مرقاة المفاتيح، لعلي القاري (3/ 1081)، فيض القدير (1/ 339).

[35] مرقاة المفاتيح (3/ 1081).

[36] الشرح الممتع (7/ 486)، بتصرف يسير.

[37] ذكره ابن السبكي -في طبقات الشافعية (6/ 301)- فيما لم يجد له إسنادًا من أحاديث إحياء علوم الدين، وقال العراقي -في المغني عن حمل الأسفار (ص320)-: "لم أقف له على أصل".

[38] انظر: الذخيرة للقرافي (4/ 142)، نهاية المطلب (18/ 161)، المجموع (8/ 392)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج (9/ 347)، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (5/ 169).

[39] مرقاة المفاتيح (3/ 1081)، فيض القدير (1/ 363).

[40] الشرح الممتع (7/ 489) -بتصرف يسير-.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (1/6)
  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (2/6)
  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (3/6)
  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (4/ 6)
  • حديث النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي، رواية ودراية (5/ 6)
  • خلاصة أقوال الفقهاء في حكم الأخذ من الشعر والظفر لمن أراد الأضحية
  • حديث النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر

مختارات من الشبكة

  • شرح الحديث الخامس من أحاديث الأربعين النووية (حديث النهي عن البدع)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء من حديث أبي نصر العكبري ومن حديث أبي بكر النصيبي ومن حديث خيثمة الطرابلسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نقد النقد الحديثي المتجه إلى أحاديث صحيح الإمام البخاري: دراسة تأصيلية لعلم (نقد النقد الحديثي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تخريج ودراسة تسعة أحاديث من جامع الترمذي من الحديث (2995) إلى الحديث (3005) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حديث عيسى ابن مريم وحديث الطير مع أبي بكر وحديث الضب مع النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية: سيرة المصطلح وحده ومفهومه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء فيه من أحاديث أيوب السختياني ويليه حديث ابن الصواف وغيره رواية أبي نعيم الأصبهاني(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • حراسة السنة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كل حديث في صحيح البخاري تابعه على روايته غيره من المحدثين المعاصرين له واللاحقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رواية الحديث بالمعنى(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب