• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مدى حرية العاقد في إنشاء العقود في الفقه الإسلامي (4)

مدى حرية العاقد في إنشاء العقود في الفقه الإسلامي (4)
د. عباس حسني محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/9/2011 ميلادي - 27/10/1432 هجري

الزيارات: 16050

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقد في الفقه الإسلامي

دراسة مقارنة بالقانون الوضعي تكشف تفصيلاً عن تفوق التشريع الإسلامي

 

الفصل الثاني[1]

 

 

 

مدى حرية العاقد في إنشاء العقود في الفقه الإسلامي والقانون

 

 

 

المطلب الرابع

مذهب الذين صرحوا بأن الأصل في العقود والشروط هو الإباحة لا الحظر

[وهم: ابن تيمية وابن القيم من الحنابلة والشاطبي من المالكية]

 

20 – رأي ابن تيمية:

حمل شيخ الإسلام ابن تيمية لواء الدفاع عن قاعدة حرية العقود والشروط فقد ذكر ابن تيمية صراحة أن الأصل في العقود والشروط هو الإباحة لا الحظر واستدل على ذلك بالكتاب والسنة والاعتبار ونظراً لقوة الأدلة التي استدل بها ابن تيمية في هذا الشأن فإننا نسوقها بشيء من التفصيل[2].

 

21 – استدلال ابن تيمية بالكتاب[3]:

استدل ابن تيمية بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، والعقود هي العهود قال تعالى: ﴿ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ﴾ [الأنعام: 152 ]، وقال تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا ﴾ [الأحزاب: 15 ]، فأمر سبحانه وتعالى بالوفاء بالعقود ويقول ابن تيمية: إن هذا عام وإنه تعالى أمر بالوفاء بعهد الله وقد دخل في ذلك ما عقده المرء على نفسه بدليل الآية آنفة الذكر من سورة الأحزاب فدل على أن عهد الله يدخل فيه ما عقده المرء على نفسه وقد أمر الله بالوفاء به وقرنه بالصدق في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ﴾ [الأنعام: 152]، لأن العدل في القول خبر يتعلق بالماضي والحاضر، والوفاء بالعهد يكون في القول المتعلق بالمستقبل. وقال سبحانه: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾ [النساء: 1]، وقال المفسرون كالضحاك وغيرها: تساءلون به تتعاهدون وتتعاقدون، وذلك لأن كل واحد من المتعاقدين يطلب من الآخر ما أوجبه العقد من فعل أو ترك مال أو نفع ونحو ذلك. وقال سبحانه: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ ﴾ [النحل: 91 - 94]، والأيمان جمع يمين وكل عقد فإنه يمين قيل: سمي بذلك لأنهم كانوا يعقدونه بالمصافحة باليمين ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: ﴿ إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ﴾ [التوبة: 7، 8]، والْإل هو القرابة، والذمة العهد وهما المذكوران في قوله تعالى: ﴿ تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾ [النساء: 1]، فذمهم على قطيعة الرحم ونقض الذمة أي العهد وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ﴾ [التوبة: 12]، فهذه نزلت في الكفار لما صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ثم نقضوا العهد بإعانة بني بكر على خزاعة فهذه الآيات الكريمات وغيرها توجب الوفاء بالعقد وهذا مما لا ريب فيه.

 

22- استدلال ابن تيمية بالسنة المطهرة[4]:

استدل شيخ الإسلام بما ورد في الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربع من كن فيه كان منافقا خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر))[5].

 

فذم الغادر وكل من شرط شرطاً ثم نقضه فهو غادر ولا ريب، وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج))[6] فدل على استحقاق الشروط بالوفاء وأن شروط النكاح أحق بالوفاء من غيرها. ويستند ابن تيمية أيضاً إلى ما رواه أبو داود والدارقطني من حديث سلمان بن بلال عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً والمسلمون على شروطهم)).

 

وروى الترمذي والبزار من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً، والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً))[7]وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

وروى أبو بكر البزار أيضاً عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الناس على شروطهم ما وافقت الحق)) ويذكر ابن تيمية بالنسبة لأسانيد هذا الحديث أنه وإن كان الواحد منها ضعيفاً فاجتماعها من طرق مختلفة يشد بعضها بعضاً يقوى الحديث فضلاً عن أن هذا المعنى هو الذي يشهد له كتاب والسنة[8].

 

23 – وجه استدلال ابن تيمية بالكتاب والسنة على أصل الإباحة بالنسبة إلى العقود والشروط[9]:

يقول ابن تيمية: إن الكتاب والسنة قد جاءا بالأمر بالوفاء بالعهود والشروط والمواثيق والعقود وبأداء الأمانة ورعاية ذلك كله والنهي عن الغدر ونقض العهود والخيانة والتشديد على من يفعل ذلك، ولو كان الأصل في العقود الحظر والفساد إلا ما أباحه الشرع أو أوجبه لم يجز أن نؤمر بها مطلقاً ويذم من نقضها أو غدر مطلقاً، كما أن قتل الأنفس لما كان الأصل فيه الحظر إلا ما أباحة الشرع أو أوجبة لم يجز أن يؤمر بقتل الأنفس مطلقاً بخلاف ما كان جنسه واجباً كالصلاة والزكاة فإنه يؤمر به مطلقاً، وإن كان لذلك شروط وموانع عن الصلاة بغير الطهارة وعن الصدقة بما يضر النفس ونحو ذلك، وكذلك الصدق في الحديث مأمور به وإن كان قد يحرم الصدق أحياناً لعارض ويجب السكوت والتعريض، وإذا كان حسن الوفاء ورعاية العهد مأموراً به فلما كان ذلك كذلك علم أن الأصل صحة العقود والشروط إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره وحصل به مقصوده وهو الوفاء به، وإذا كان الشرع قد أمر بمقصود العهود فهذا يدل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة.

 

والإباحة هنا لا تتعارض ألبتة مع ما حرمه الله فالمشترط ليس له أن يبيح ما حرمه الله ولا أن يحرم بإطلاق ما أباحه الله، فإن عقده وشرطه يكون حينئذ باطلاً لمخالفته لحكم الله، وكذلك ليس له أن يسقط ما أوجبه الله وإنما المشترط له أن يوجب بالشرط ما لم يكن واجباً بدونه فمقصود الشروط وجوب ما لم يكون واجباً ولا حراماً، وكل شرط صحيح لا بد أن يفيد وجوب ما لم يكن واجباً وإباحة ما لم يكن مباحاً وتحريم ما لم يكن حراماً وكذلك كل من المتاجرين والمتناكحين. وكذلك إذا اشترط صفة في المبيع أو رهناً أو اشترطت المرأة زيادة على مهر مثلها فإنه يجب ويحرم ويباح بهذا الشرط ما لم يكن كذلك، وهذا المعنى هو الذي أوهم من اعتقد أن الأصل هو فساد الشروط إذ قال لأنها إما أن تبيح حراماً أو تحرم حلالاً أو توجب ساقطاً أو تسقط واجباً وذلك لا يجوز إلا بإذن الشرع وقد ورد شبهات عند بعض الناس حتى توهموا أن حديث ((المسلمون على شروطهم)) متناقض وليس كذلك في الحقيقة، بل ما كان حراماً مؤبداً بدون الشرط فالشرط لا يبيحه كالزنا والوطء في ملك الغير. وأما ما كان مباحاً بدون الشرط فالشرط قد يوجبه كالزيادة في المهر والثمن والمثمن والرهن وتأخير الاستيفاء، فإن الرجل له أن يعطي المرأة وله أن يتبرع بالرهن والاستيفاء ونحو ذلك فإذا شرطه صار واجباً.

 

وهذا التحليل الدقيق لا بن تيمية يكشف بدقة عن حقيقة الموقف بالنسبة إلى أثر الشرط في العقد ويكشف عن الغلط الذي وقع فيه بعض الفقهاء عندما قالوا بأن الشرط بصفة عامة يحل الحرام ويحرم الحلال وهذا غير صحيح لأنه ينبغي التفرقة بين ما هو محرم أو ما هو حلال بصفة مطلقة وبين المحرم أو الحلال في حال مخصوصة كالمرأة الأجنبية فهي حرام على من يريد الزواج منها حتى يعقد عليها بعقد صحيح فهذا العقد قد أحل ما كان محرماً ولا يعتبر هذا تحليلاً لما حرمه الله. وأما المحرمة بصفة مؤبدة مثل أم الزوجة فإن العقد عليها لا يحلها. وكذلك الشأن بالنسبة إلى العقود المستحدثة فإنها ما دامت لم تشتمل على ما يتعارض مع نص شرعي صحيح فإنها تكون صحيحة حتى لو أحلت ما كان محرماً في حال مخصوصة ويجوز تحليله بالعقد.

 

24 – وجه الاستدلال بالاعتبار عند ابن تيمية[10]:

أولاً: العقود والشروط من باب الأفعال العادية الأصل فيها الإباحة:

فالأصل في العقود مثل الأصل في الأفعال العادية هو الإباحة وعدم الحظر لأنها ليست من العبادات، وقوله تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ [الأنعام: 199]، عام في الأعيان والأفعال وإذا لم تكن حراماً لم تكن فاسدة لأن الفساد إنما ينشأ من التحريم وإذا لم تكن فاسدة كانت صحيحة، وأيضا فليس في الشرع ما يدل على تحريم جنس العقود والشروط إلا ما ثبت تحريمه بعينه وانتفاء دليل التحريم دليل على عدم التحريم فثبت بالاستصحاب العقلي وانتفاء الدليل الشرعي عدم التحريم فيكون فعلها إما حلالاً أو عفواً، كالأعيان التي لم تحرم وغالب ما يستدل به على أن الأصل في الأعيان عدم التحريم من النصوص العامة والأقيسة الخاصة والاستحضار العقلي وانتفاء الحكم لانتفاء دليله، فإنه يستدل به أيضاً على عدم تحريم العقود والشروط فيها سواء سمي ذلك حلالاً أو عفواً على الاختلاف المعروف بين الفقهاء بين الحلال والعفو، وليس أدل على تسوية العقود بالأفعال – من هذه الناحية – من أن المسلمين قد اتفقوا على أن العقود التي عقدها الكفار يحكم بصحتها بعد الإسلام إذا لم تكن محرمة على المسلمين وإن كان الكفار لم يعقدوها بإذن شرعي، ولو كانت العقود كالعبادات لا تصح إلا بشرع لحكموا بفسادها أو بفساد ما لم يكن أهله مستمسكون فيه بشرع.

 

ثانياً: التراضي في العقود عموماً وطيب النفس في التبرعات هو الأصل بالدليل القرآني:

الأصل في العقود رضي العاقدين ونتيجتها هي ما أوجباه على أنفسهما بالتعاقدين لأن الله تعالى قال في كتابه: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، وقال: ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: 4]، فعلق جواز الأكل بطيب النفس تعليق الجزاء بشرطه فدل على أنه سبب له وهو حكم معلق على وصف مشتق مناسب فدل على أن ذلك الوصف سبب لذلك الحكم، وإذا كان طيب النفس هو المبيح للصداق فكذلك سائر التبرعات قياساً بالعلة المنصوصة التي دل عليها القرآن وكذلك قوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ لم يشترط في التجارة إلا التراضي، وذلك يقتضي أن التراضي هو المبيح للتجارة، وإذا كان كذلك فإذا تراضي المتعاقدين أو طابت نفس المتبرع بتبرع ثبت حله بدلالة الكتاب إلا أن يتضمن ما حرمه الله ورسوله كالتجارة في الخمور ونحو ذلك.

 

ثالثاً: الشرط المنافي لمقصود العقد والشرط المنافي لمقصود الشارع:

يقول ابن تيمية إنه إذا كان الشرط منافياً لمقصود العقد كان الشرط لغواً، وإذا كان منافياً لمقصود الشارع كان مخالفاً لله ورسوله فأما إذا لم يشتمل على واحد منهما بأن لم يكن لغواً ولا اشتمل على ما حرمه الله ورسوله فلا وجه لتحريمه، بل الواجب حله لأنه عمل مقصود للناس يحتاجون إليه إذ لولا حاجتهم لما فعلوا فإن الإقدام على فعل مظنة الحاجة إليه، ولم يثبت تحريمه فيباح لما في الكتاب والسنة من الأمر برفع الحرج.

 

رابعاً: الرد على الاستدلال بحديث بريرة في حظر العقود والشروط:

فسر ابن تيمية حديث بريرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد به إبطال الشروط التي تنافي كتاب الله، ولم يرد إبطال الشروط التي سكت عنها كتاب الله، ثم رد على القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن الشروط التي لم يبحها ولم يحرمها تكون باطلة فقد رد على هذا القول بأن الكتاب والسنة دلّا على وجوب الوفاء بالعقود والشروط بصفة عامة، ولذلك فإن أي شرط سكت عنه الكتاب بخصوصه يدخل في هذا الأمر العام الصادر من الكتاب والسنة بوجوب الوفاء بالشروط بصفة عامة، ولا يخرج هنا إلا ما دل عليه دليل خاص ينهى الله تعالى عنه كما هو الحال في شرط الولاء لغير المعتق والذي نص عليه الحديث.

 

25 – كيفية تطبيق قاعدة حرية العقود والشروط عند ابن تيمية[11]:

يرى ابن تيمية أنه مع التسليم بأن الأصل في العقود والشروط الإباحة، فإن هذا لا يعني أننا نعتبر أي عقد أو أي شرط صحيحاً دون بحث وترو، بل يتعين علينا أن نبحث لنعرف هل يوجد نص خاص يحرم مثل هذا العقد أو الشرط أم لا. وحجته في ذلك واضحة فهو يقول إنه لعدم تحريم العقود والشروط وصحتها أصلان: الأدلة الشرعية العامة والأدلة العقلية التي هي الاستصحاب وانتفاء المحرم فلا يجوز القول بموجب هذه القاعدة في أنواع المسائل وأعيانها إلا بعد الاجتهاد في خصوص ذلك النوع أو تلك المسألة لمعرفة هل ورد من الأدلة الشرعية ما يقتضي التحريم لأنه إذا كان الدليل هو الاستصحاب ونفي الدليل الشرعي المحرم فقد أجمع المسلمون وعلم بالاضطرار من دين الإسلام أنه لا يجوز لأحد أن يعتقد أو يفتى بموجب هذا الاستصحاب والنفي إلا بعد البحث عن الأدلة الخاصة والتأكد من عدم وجود نص خاص يحرم في المسألة المعروضة. ويستخلص ابن تيمية من ذلك أنه ما دام الخلاف يعود إلى اعتبار عقلي أو إطلاق لفظي فإن الأدلة النافية لتحريم العقود والشروط المثبتة لحلها مخصوصة بجميع ما حرمه الله ورسوله من العقود والشروط. ويقول ابن تيمية هنا: إن من غلب على ظنه من الفقهاء انتفاء المعارض في مسألة خلافية أو حادثة انتفع بهذه القاعدة فيذكر في أنواعها قواعد مطلقة ويضرب ابن تيمية بعض الأمثلة فيقول: إن الأصل عند الفقهاء أنه لا يجوز لكل من أخرج عيناً من ملكه معاوضة كالبيع والخلع أو تبرعاً كالوقف والعتق أن يستثني بعض منافعها لما روي من حديث جابر آنف الذكر، فإذا كان العقد مما لا يصح فيه الغرر كالبيع فلا بد أن يكون المستثنى معلوماً، ويؤكد ذلك حديث جابر إذ اشتراط ظهر البعير المباع إلى المدينة وهي مسافة معلومة لها مدة معلومة، وإذا كان العقد مما يصح فيه الغرر كالعتق والوقف، فله أن يستثنى غير معلوم فيستثنى خدمة العبد ما عاش أو عاش فلان أو يستثنى غلة الوقف ما عاش الواقف مثلاً، وهكذا فلا بد إذن من معرفة ما حرمه الله ورسوله من العقود والشروط بالنسبة إلى كل نوع من أنواع العقود قبل الحكم بصحة عقد أو شرط على أساس قاعدة حرية العقود والشروط.

 

26 – رأى ابن القيم[12] من الحنابلة:

يقول ابن القيم: إن الحنفية والمالكية والشافعية قالوا: إذا اشترطت الزوجة ألا يخرجها من بلدها أو دارها أو ألا يتزوج عليها ولا يتسرى فهو شرط باطل فتركوا محض القياس بل قياس الأولى فإنهم قالوا: لو شرطت في المهر تأجيلاً أو غير نقد البلد أو زيادة على مهر المثل لزم الوفاء بالشرط فأين المقصود الذي لها في الشرط الأول إلى المقصود الذي في هذا الشرط وأين فواته إلى فواته. ويقول ابن قيم أيضاً: إن الأصل في العبادات البطلان حتى يقوم الدليل على الأمر، والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم الدليل على البطلان والتحريم، وأن التحريم ما أحله الله تعالى والحرام ما حرمه الله تعالى، وما سكت عنه فهو عفو، فكل شرط وعقد ومعاملة سكت عنها فإنه لا يجوز القول بتحريمها، فإنه سكت عنها رحمة منه من غير نسيان أو إهمال، فكيف وقد صرحت النصوص بأنها على الإباحة – فيما عدا ما حرمه الله سبحانه وتعالى – بأمره بالوفاء بالعقود والعهود (الآيات – السابق ذكرها التي في المائدة وغيرها) وفي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج)) وذكر ابن القيم أن نفاة القياس – وعلى رأسهم أهل الظاهر – احتاجوا إلى توسعة الظاهر والاستصحاب فحملوهما فوق الحجة ووسعوهما أكثر مما يسعانه فحيث فهموا من النص حكماً أثبتوه ولم يبالوا بما وراءه وحيث لم يفهموه منه نفوه ولجأوا إلى تحميل الاستصحاب فوق ما يستحقه ويضيف ابن القيم قائلاً: إن أصحاب الحظر قالوا: إن كل شرط وعقد ليس في النصوص إيجابه ولا الإذن فيه فإنه لا يخلو من أحد وجوه أربعة:

إما أن يكون صاحبه قد التزم فيه إباحة ما حرمة الله ورسوله أو تحريم ما أباحه أو إسقاط ما أوجبه أو إيجاب ما أسقطه ولا خامس لهذه الأقسام البتة، ويرد ابن القيم على ذلك بقوله: إن هؤلاء قد فاتهم أن هناك قسماً خامساً وهو ما أباحه الله سبحانه للمكلف من تنويع أحكامه بالأسباب التي ملكه إياها، فيباشر من الأسباب ما يحل له بعد أن كان حراماً عليه، ويحرمه بعد أن كان حلالاً له، أو يوجبه بعد أن لم يكن واجباً، أو يسقطه بعد وجوبه، وليس ذلك تغيير لأحكامه بل كل ذلك من أحكامه سبحانه فهو الذي أحل وحرم وأوجب وأسقط وإنما إلى العبد الأسباب المقتضية لتلك الأحكام ليس إلا، فكما أن شراء الأمة ونكاح المرأة يحل له ما كان حراماً عليه قبله وطلاقها وبيعها بالعكس يحرمها عليه ويسقط عنه ما كان واجباً عليه من حقوقها، كذلك التزامه بالعقد والعهد والنذر والشرط وقد قال تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29 ]، فأباح التجارة التي تراضى بها المتبايعان فإذا تراضيا عن شرط لا يخالف حكم الله جاز لهما ذلك، ولا يجوز إلغاؤه وإلزامهما بما لم يلتزماه كما لا يجوز إلزامهما بما لم يلزمهما الله ورسوله ولا بإبطال ما شرطا مما لم يحرم الله ورسوله عليهما شرطه، ومحرم الحلال كمحلل الحرام، فهؤلاء ألغوا من شروط المتعاقدين ما لم يلغه الله ورسوله، وقابلهم آخرون من القياسيين فاعتبروا من شروط الواقفين ما ألغاه الله ورسوله، وكلا القولين خطأ، بل الصواب إلغاء كل شرط يخالف حكم الله واعتبار كل شرط لم يحرمه الله ولم يمنعه منه[13].

 

27 – رأي الشاطبي من المالكية:

ذهب الإمام الشاطبي من المالكية إلى أن الأصل في العقود والشروط في المعاملات هو الإباحة لا الحظر فهو يقول: [أنه إذ لم يظهر في الشرط في المعاملات هو الإباحة لا الحظر فهو يقول: [أنه إذا لم يظهر في الشرط منافاة لمشروطة ولا ملاءمة فان القاعدة المستمرة في أمثال هذا هي التفرقة بين العبادات والمعاملات، فما كان من العبادات فلا يكتفى فيه بعدم المنافاة دون أن تظهر الملاءمة لأن الأصل فيها التعبد دون الالتفات إلى المعاني، والأصل فيها أن لا يقدم عليها إلا بإذن إذ لا مجال للعقول في اختراع العبادات فكذلك ما يتعلق بها من شروط، وما كان من المعاملات يكتفي فيها معدم المنافاة لأن الأصل فيها الالتفات إلى المعاني دون التعبد والأصل فيها الإذن حتى يدل الدليل عليه][14] وهذا الرأي يتفق مع مذهب ابن تيمية وابن القيم وإن كان ابن تيمية قد توسع وجاء بالأدلة العديدة التي تثبت قاعدة حرية العقود والشروط.

 

28 – ترجيح رأي ابن تيمية وابن القيم والشاطبي:

لقد جاء رأى هؤلاء الفقهاء الثلاثة متفقاً مع النصوص الكتاب والسنة ومتفقاً مع أصول الشريعة وأهمها رفع الحرج عن الناس، ومتفقاً مع طبيعة العقود والشروط، فهي مثل العادات التي أصلها الإباحة، وليست من قبيل العبادات التي أصلها الحظر. ولقد فند ابن تيمية جميع الحجج المعارضة وقد كفانا ابن تيمية وكذلك ابن القيم مئونة البحث عن الأدلة المثبتة لهذا الأصل الهام.



[1] هذا البحث منقول بتصرف من كتابي الاشتراط لمصلحة الغير في الفقه الإسلامي والقانون المقارن من ص 75 إلى ص 127 طبعة دار عكاظ سنة 1404 جدة.

[2] يراجع في ذلك كله الفتاوى الكبرى لابن تيمية بتقديم الشيخ حسنين مخلوف ج 4 ص 201 وما بعدها.

[3] نقلاً عن ابن تيمية المرجع السابق.

[4] نقلاً عنه في المرجع السابق ج 2 ص 477، وما بعدها 0

[5] رواه البخاري ومسلم. انظر التاج الجامع للشيخ منصور علي ناصف ج 5 ص 41.

[6] رواه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في المهر.

[7] انظر الفتاوى الكبرى لابن تيمية ج 3 ص 481.

[8] الفتاوى الكبرى لابن تيمية ج 3 ص 481.

[9] نقلاً عن الفتاوى الكبرى لابن تيمية ج 3 ص 481 وما بعدها.

[10] نقلاً عن الفتاوى الكبرى لابن تيمية ج 3 ص 483.

[11] نقلاً عن الفتاوى الكبرى ج 3 ص 491، وما بعدها 0

[12] أعلام الموقعين ج 1 ص 386 وما بعدها 0

[13] نقلاً عن إعلام الموقعين لابن القيم بتصرف قليل ج 2 ص 26 إلى ص 36 0

[14] نقلاً عن الموافقات للشاطبي ج 1 ص 162 وما بعدها 0





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مدى حرية العاقد في إنشاء العقود في الفقه الإسلامي (1)
  • مدى حرية العاقد في إنشاء العقود في الفقه الإسلامي (2)
  • مدى حرية العاقد في إنشاء العقود في الفقه الإسلامي (3)
  • مدى حرية العاقد في إنشاء العقود في القانون (5)
  • تكييف عقد المقاولة في الفقه بحسب التزام المقاول
  • حكم عقد المقاولة من الباطن

مختارات من الشبكة

  • الحرية الاقتصادية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحرية في الكتابة ومدى التجديد فيها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حرية بحرية بحيلة ذكية من طفل بقصة المصيدة!!(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حرية المرأة المدعاة: حرية أم لعب بالنار تحول إلى حريق؟ (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحرية الشخصية وحدودها في الشريعة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الحقوق)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • رؤية الفقه الإسلامي لمدى مشروعية إجراء التجارب الطبية على الإنسان (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الاجتهاد ومدى الحاجة إليه في الشرع الإسلامي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • ألبانيا: البنك الإسلامي للتنمية شريك على المدى الطويل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • عقد الهبة مع الاحتفاظ بحق الانتفاع مدى الحياة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب