• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

إحياء الحديث وأثره فى حركة الفقه التحرريه فى القاة الهنديه

الحافظ إحسان ظهير

المصدر: مجلة حضارة الإسلام، العدد 10، السنة 5، ص106-113
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/1/2007 ميلادي - 7/1/1428 هجري

الزيارات: 8270

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إحياء الحديث وأثره في حَرَكَةُ الْفِقْهِ التّحرريَّة في القَارَّةِ الْهِنْدِيَّة


كان الجمود سائداً على القارة الهندية ولم يجترئ أحد أن يتقدم ويكسر هذا الجمود الذي جمد الاسلام وثلج أذهان الناس وأوقعهم في مرض نفسي بأنه لا يقدر أحد بعد القرون الأولى أن يفتح كتاب الله وسنة رسوله العظيم عليه الصلاة والسلام لأن معاني القرآن ومفاهيمه خارجة عن فهم الرجال المتأخرين زمناً وهكذا السنة فلذلك ينبغي أن يقتصروا على مفاهيم الأولين ويكتفوا بأقاويلهم وآرائهم فترك الكتاب والسنة وراء الأظهر وحفظ في خزائن مكنونة أو مكاتب محجوبة وما كان هذا الاكتناز والاحتفاظ إلا للتبرك فحسب حتى أفتى بعض علماء المسلمين بأن الذي ترجم معاني القرآن إلى لغة يفهمها العوام فقد كفر وخرج عن الملة الاسلامية ووجب قتله لأن ترجمة معاني القرآن يدعو إلى أن يفهم القرآن من ليس أهلاً أن يفهمه أو بتعبير أكثر وضوحاً أنه يؤدي إلى تحطيم مراكزهم ولا تبقى لهم ميزة يفتخرون بها على الناس فتكاثفت الظلمات بعضها فوق بعض وفي هذه الظلمات بدت لمعة بريق ولكن سرعان ما انطفأت وكان ذلك في القرن الحادي عشر بسنة 1034هـ حينما قام الشيخ الجليل عبدالأحد الفاروقي وهجم على هذا الركود وتكلم خلاف البدع التي راجت وصرت جزء من الدين الحنيف الخالص من الخرافات والزيغ والبدع ولكن الظروف لم تساعد هذا الإمام ولم تمكنه من النجاح الذي كان يريده ولكنه استطاع أن يشعل في هذا الليل القاتم شعلة من نار فاستنار من هذه الشعلة الشيخ القاضي ثناء الله صاحب تفسير مظهري واستنكر العصبية والجمود المذهبي كما رد على المبتدعين والخرافيين وهناك قدر الله لرجل أن يرفع على رأسه تاج التجديد والنهضة في بلاد الهند فولد هذا العبقري في جو رهيب مملوء بالعصبية المذهبية والجمود المهلك فنشأ نشأة الرجال وتربى تربية صالحة وشب بشباب غيور فأطل يميناً ويساراً وما رأى إلا المساند العالية يتربع عليها ذوو عمائم ضخمة وحلقات يتوسطها ذوو عباءات مزركشة كأنهم هم الآمرون والناهون وهم المحللون والمحرمون ولا يسمح لأحد أن يرد على كلمة قالوها، أو ينكر أمراً ذكروه، وإن طولبوا بدليل ترفعوا، وإن ردوا تمسكوا، فما استساغ هذا ولي الله وأنكر أي إنكار، إنكار حكيم، واستنكر ولكن استنكاراً لطيفاً فأبى الأبي أن يسلم بكل ما يقوله أصحاب الجبب والعمائم ولكن يقدم قبل كل انكار تمهيداً وقبل كل استنكار مقدمة يفهمهم فيها مرة ويراودهم فيها مرة أخرى كما لا يخطئ أن يطعنهم بعض الأحيان طعناً خفياً وجلياً ثم تقدم بخطوة أخرى وأخرج القرآن من الطيات اللامحدودة ففتحه أمام الناس ودعاهم بأن لا يقتصروا على تقبيله فقط بل يأخذوا منه الأنوار والرشد والهداية وما فعل هذا حتى ثارت ثورة وبخاصة حينما أعلن أنه يستطيع رجل هذا العصر أن يفهم القرآن العظيم كما فهمه الأولون كما أنه يستطيع أن يستنبط منه المسائل ويعرف معانيه ومقاصده وسرعان ما صدرت الفتوى بقتل هذا (المجرم الكبير!.) الذي يريد أن يهدم هذا الجمود الذي بناه آباؤهم وأجدادهم ويريد أن يرفع الحجاب بين الله وبين عباده، فهجموا عليه ولكنه كان غازياً وما كتبت الشهادة إلا لحفيده فجرح، ونجا فابتسم، وقال كما قال سيده ((اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون)) وواصل عمله وترجم معاني القرآن إلى الفارسية لأول مرة كما بدأ يدرس حديث رسول الله  صلى الله عليه وسلم ويضرب ضربات قوية على التقليد ولكن بأسلوب رفيع وطريقة حكيمة فالشعلة التي كانت شرارة في القرن الحادي عشر تحولت إلى قنديل بعد مائتي سنة فقط، في القرن الثالث عشر فأشعل الشاه ولي الله هذا القنديل بجده وجهده حتى أبقاه منيراً ولو باحراق دمه فأول مرة بعد قرون درس الحديث في القارة الهندية بعد أن كان مطوياً ومرمياً وراء كتب الفقه ثم جاء بعد ذلك بنوه أئمة الهداية وأنوار الرشد، عبدالغني، وعبدالعزيز، وعبدالقادر، ورفيع الدين، فقاموا بهذه الحركة، وحملوا هذا اللواء، وأشعلوا من قنديله قناديل وشموعاً ونشروا الدعوة وأدوا الواجب فعبدالقادر ترجم معاني القرآن إلى الأردية وفسره، وعبدالغني ترجم معاني القرآن وعلق عليها ورفيع الدين ترجم معاني القرآن وفسره، وعبدالعزيز ترجم معاني القرآن وبين مقاصده، وكانوا كما قال الشاعر:

إنا بني نهشل لا ندعى لأب ♦♦♦ عنه ولا هو بالابناء  يشرينا

 

وانتشرت الدعوة وعمت، وذاع صيتها وما كان هؤلاء حتى الآن إلا رجال درس وتدريس، وذكر وعمل، ثم تطورت الظروف، وتقلبت الأحوال، ودخل أهل الحديث الذين أحيوا الحديث في الهند في ساحة القتل والقتال وراء رائدهم وقائدهم، الإمام المجتهد الشهيد إسماعيل رحمه الله الذي نشأ في أحضان ولي الله، وأعمامه الأجلاء نشأة حر، وأتى في هذه الدنيا بذكاء خارق وشجاعة نادرة فما خلقه الله إلا لمقصد عظيم ولهدف هام، فاقتحم الميدان، وخاض المعركة، وقمع الشرك والبدع بقلمه المتدفق، ولسانه المنطلق، وكسر الجمود والتقليد بضرباته العنيفة المتوالية، وهو أول من رفع يديه في الهند قبل الركوع وبعد رفع رأسه من الركوع مع أنه كان يعد رفع اليدين آنذاك من أفجر الفجور، وحينما اشتكى إلى عمه بعض الناس بأن ابن أخيه يرفع يديه وهو تلميذ له ابتسم عمه وقال: ناد إسماعيل وناقشه فإن غلبت فأنا أمنعه من رفع اليدين، وإن غلب فلا أجبرك أن ترفع، ثم بعد ذلك كتب الإمام في ذلك كتاباً مستقلاً، ورد الشرك وكتب كتاباً سماه ((تقوية الإيمان)) بيّن فيه أنواع الشرك والاجتناب لها وكتباً أخرى وصار مناراً للمهتدين والآن انتقلت المعركة من ساحة العلم إلى ساحة الجهاد ضد الاستعمار وأعوانه السيخ والهندوكيين، وبدأت دروس الحديث تحت ظلال السيوف يصبحون ويصقلون الأسلحة، ويمسون ويحفظون أقوال الرسول، ويتناقشون ويبحثون، والدعوة جارية، والعمل مستمر، ثم يقومون ليلاً وفقاً لقوله تعالى "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً"، وصباحاً صورة حية من قول الله "يجاهدون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون"، فاليوم كانوا ينيرون ساحة القتال كما كانوا بالأمس ينيرون المنابر والمساجد، وتوسع المجال، وتفسحت الطرق، وتجدد الفكر، وتقطع الجمود.

 

وما كان من حق أتوه فإنما
توارثه أباء أبائهم قبل
وهل ينبت الحظى إلا وشيجة
وتغرس إلا في منابتها النخل

 

وقتل زعيم هذه الأسرة شهيداً في ميدان القتال واختفى تحت التراب بعد أن أضاء الهند كلها بحديث الرسول عليه السلام وبتجدد الفكر فأخذ لواءه بعد ذلك الشيخ العلامة الشاه إسحاق رحمة الله عليه وتولى منصبه وجلس على مسنده وكان كما قال الشاعر:

إذا مات منا سيد قام سيد ♦♦♦ قؤول لما قال الكرام فعول

 

ولما انتقل الشاه إسحاق إلى رحمة الله قام بعده الرجل الذي جمع صفات الأولياء والمجاهدين في وقت واحد فكان رحمه الله من أرق الناس حين ما يقوم أمام الله عز وجل يناديه ويناجيه وأخشنهم حينما يتكلم على الشرك والبدع والجمود وألينهم لرفقائه وتلامذته حتى يقول أحد تلامذته إني صاحبت الإمام عشرات السنين فما سمعت منه طوال صحبته كلمة توجعني، فهذا الإمام جاء وعمل لا في ميدان واحد بل في ميادين مختلفة فكان يدرس الجامع الصحيح للإمام البخاري والصحيح للإمام مسلم وباقي الكتب الصحاح من الفجر إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ثم بعد العصر كان يزكي الطلبة بتزكية روحانية، وينصحهم ويعظهم ويعلمهم الدعوة وطريقها ويفهمهم العقبات والعوائق في سبيل الدعوة ويشجعهم وبعد المغرب يجلس للتأليف وحينما جنح سواد الليل ذهب إلى العمل، نعم إلى العمل، لكسب المعاش وأي العمل، يذهب إلى المحطات لكي يحمل أثقال الناس ويحصل على قوت يقتاته هو وأهله، وهذا هو الإمام الذي يصدق فيه قول القائل:

مضت الدهور وما أتين بمثله ♦♦♦ ولقد أتى فعجزن عن نظراته

 

وقد يروي أحد تلامذته الكبار أنه سمع صيت الشيخ وجاء إليه ليدرس عليه الحديث ولكنه مع ذلك كان يكره الشيخ في نفسه ويبغضه لأجل الجمود المذهبي الذي ورثه من آبائه فلما وصل إلى محطة دهلي ونزل عن القطار وفتش عن حمال، فوجد شيخاً مسنا فسأله عن مدرسة الشيخ ولما أخبره الحمال أنه يعرف المدرسة، حمله أمتعته وفراشه، ورأى في الطريق أن لسان حماله ما انقطع عن ذكر الله ولا لحظة، وسأله الحمال عن قصده للمدرسة، فأجاب بأنه سمع حديث الشيخ الإمام وشهرته وجاء ليطلب منه العلم، علم الحديث النبوي، فمدحه الحمال لحسن نيته ولخروجه لطلب العلم الشريف وحينما وصلا إلى المدرسة وكان الوقت منتصف الليل أنزل الحمال فراشه وأمتعته، وأراد أن يرجع إلا أن الطالب أمسكه وقدم له أجرته، ولكن الحمال العجوز أبى أن يأخذ أجرة الحمولة من إنسان ما خرج من بيته إلا إبتغاء مرضاة الله، ومع شدة إصراره ظل العجوز مصراً وذهب، ويقول الطالب أنا ما زلت بعد إنصرافه أتفكر في هذا العجوز المجاهد الذي يأبى أن يأخذ أجر خدمته من طالب يخرج في سبيل الله، وعلى معاني هذه الأفكار نمت فلما أصبحت، وجاء وقت الدراسة ذهبت لأحضر وأسمع درس الشيخ، وما أن وصلت إلى مسند ولي الله وإسماعيل وإسحاق، حتى دهشت وكاد يغمى علي لفرط لهفتي لأني رأيت ذلك الشيخ الذي حمل فراشي وأمتعتي، وأبى أن يأخذ مني أجرته، نعم رأيت ذلك الإمام جالساً على مسند يدرس صحيح البخاري، وعلى جبينه نور يتلألأ، وفي عينه دموع تترقرق، وأمامه طلاب، لا من أطراف الهند فقط بل من أفغانستان، وإيران، وبورما، والصين، وسمرقند، وبخارى، كلهم يستفيدون من هذا المنبع الصافي الرقراق الدفاق، وبمجرد رؤية هذا المنظر صرت من أخلص مخلصيه مع التعصب الموروث والحقد الكامن، وكان هذا الرجل الذي سماه أهل زمانه شيخاً في الكل الإمام العلامة السيد نذير حسين المحدث الدهلوي رحمه الله وطيب ثراه فكتب شرح صحيح البخاري كما ألف عدة كتب في رد البدع والتقليد وترويج التوحيد والحديث، والتمسك بالقرآن والسنة، ونشر الدعوة الخالصة، فنشر العلم، وبدد غيوم الجهالة، وشتت تكاثف الظلمات، وكان من تلامذته من اشتغل بالدرس والتدريس ومنهم بالكتابة والتأليف ونشروا المجلات والجرائد، وأحقوا الحق وأبطلوا الباطل وأوضحوا الطريق إلى الكتاب والسنة، فبدأ المتعصبون من المذهبين يهجمون عليهم بالطعن والتشنيع وبالإشاعات والإذاعات فتهيأت جماعة الخطباء منهم الذين ليس لهم شغل إلا أن يتجولوا في كل قرية من قرى الهند وبلدة من بلادها فبرزوا في الخطابة كما قامت هنالك فئة أخرى ودخلت في الجهاد ضد الاستعمار البريطاني وكافحوا مكافحة حسنة أثرت في نفوس الناس، وكم من عالم قائم الليل شنق، وعامل صائم الدهر أجلى ولكنهم تجلدوا، وصبروا، وأثبتوا أنهم أهل للجهاد ولا تبلى بسالتهم، وما زالوا رافعين علم الجهاد حتى اضطر الانكليز أن يخرج من الهند وكتب أحد زعمائهم لولا كان الوهابيون (يريد بهم أهل الحديث ) في الهند لما خرجنا.

 

فالعمل الذي ما نجحوا فيه بالخطابة والكتابة في قرون نجحوا فيه بأيام لكن بتقديم دمائهم وبتضحية نفوسهم وبقوله م:

ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ♦♦♦ ولكن  على  أقدامنا  تقطر  الدما

 

ومع ذلك ما زالوا مشتغلين بالحديث فلما شرح الإمام العارف الرباني السيد نذير حسين المحدث، صحيح البخاري شرح ت لميذه الكبير الشيخ العلامة شمس الحق ((سنن أبي داود)) وسماه ((عون المعبود)) وهو موجود في أيدي العرب والعجم ثم بعد ذلك تلاه تلميذه الشهير العلامة عبدالرحمن المباركفوري وشرح جامع الترمذي وسماه ((تحفة الأحوذي)) وقد طبع مرات والآن يطبع في مصر بعشرة مجلدات وظهر منه عدة أجزاء ثم جاء بعد ذلك تلميذه الشيخ المحدث العلامة عبيدالله المباركفوري وشرح ((مشكاة المصابيح)) وسماه ((مرعاة المفاتيح)) الذي ظهر منه أربع مجلدات في حجم ضخم وهناك أيضاً ظهرت شخصية عظيمة صاحبة مال وعز وجاه السلطان صديق حسن خان طيب الله مثواه فصرف ماله وعزه وجاهه لنشر دعوة التجدد ولانتشار الكتاب والسنة فطبع جميع كتب الإمام المجتهد المفسر الشوكاني وجل كتب ابن تيميه وابن القيم وابن كثير كما كتب هو بنفسه عدة كتب في التفسير والحديث والأصول والأدب والمعاني، وشرح وعلق بضعة كتب كما تولى هذه الحركة بالقلم واللسان، ثم تلاه العلامة بشير أحمد السهواني والشيخ الأستاذ الحافظ عبدالله الغازي بوري والعلامة النواب وحيد الزمان شارح صحاح السنة في اللغة الأردية ورجال لا يعدون ولا يحصون فكانوا خلقاء بأن يتمثلوا بقول الشاعر:

إذا بلغ الفطام لنا  صبي ♦♦♦ تخر له الجبابرة ساجدينا

 

ومرة أخرى تطورت الأحوال وانقلبت الظروف وأفتى المتعصبون للمذهبية الضيقة والخرافيون ممن ادعوا أنهم من أهل السنة بأنه لا يجوز أن يجالس ويصاحب رجل من هذه الفئة كما أنه لا يجوز البيع والشراء منهم وإن على المسلمين أن يمنعوهم من أداء الصلوات في مساجدهم وهكذا أرادوا أن يقضوا على هؤلاء، ولكن الله يفعل ما يريد.

 

ومهما ازداد هؤلاء تشدداً ازداد هؤلاء عدداً وانتشاراً وأرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إ لا أن يتم نوره، فأوذي هؤلاء أشد إيذاء وأخرجوا من المساجد حتى حفر بعض الأحيان الموضع الذي صلى فيه أحد من أهل الحديث، والذين تساهلوا اقتصروا فقط على احراق الصف أو المصلى الذي صلى عليه، ثم بعد ذلك اجتمعت لجنة من هؤلاء وأصدرت فتواها الشهيرة بأن أهل الحديث جميعهم مرتدون ومن شك في ارتدادهم فهو أيضاً مرتد ففهم الحقيقة الذين لم يفهموها حتى الآن، ومع صدور مثل هذه الفتاوى بدأ الكفار من البوذيين والهندوكيين، والنصارى، والسيخ، والقاديانية، والبهائية يغتنمون الفرص وبدأوا بالهجوم على الاسلام نفسه فتنبه علماء الهند لهذا وكان في صفوفهم الأولية.

 

رجال يرون الذل عاراً وسبة
ولا يرهبون الموت والموت مقدم
رجال إذا جاش الردى فهم هم

 

لأنهم كانوا يفهمون أن المسؤولية على رأسهم وكانت عقيدتهم:

لو كان في الألف منا واحد فدعوا ♦♦♦ من  فارس  خالهم   إياهم   يعنونا

 

فرأت الدنيا ورأى المخالفون والمعاندون أن الخائض في معركة البحث والجدال والمناظرات والمناقشات إما الشيخ محمد حسين البتالوي وإما رجل الهي (كما سماه الشيخ رشيد رضا في مجلته المنار) الشيخ ثناء الله الأمر تسري ومرة الشيخ الكبير إبراهيم السيالكوتي وهم ثلاثة من قواد حركة أهل الحديث في الهند فهزموا جيوش الكفار وكسروا قواتهم وطاقاتهم فكان كل واحد منهم مستعداً في أي مكان وفي أي زمان أن يدافع عن الملة الحنيفية البيضاء وهكذا حين جاء المناظر النصراني أو القادياني، أو البوذي، وغيرهم هاجماً على الإسلام ومنازلاً المسلمين أسرع كل واحد منهم قائلاً:

فدعوا نزال فكنت أو نازل ♦♦♦ فعلام  أركبه  إذا  لم  أنزل

 

وسرعان ما عاد المهاجمون خائبين خاسرين وكم من مرة نازل كافر واحداً من الخرافيين، فما استطاع أن يناظره، فأرسل البرقية إلى الشيخ ثناء الله، وثناء الله لم يتفكر أنه هو الذي كفره لا بل كان يقول دائماً أنه على الأقل مسلم وإن فاز الكافر يفهم الناس أنه غلب المسلمين وهزم الإسلام وهذا مالا يرضاه ثناء الله فهكذا إبراهيم وغيرهم حتى صاروا تفسيراً لقول الشاعر:

لا يسألون أخاهم حين يندبهم ♦♦♦ في النائبات على ما قال برهانا

 

حتى تمنى المكفرون أن يكونوا منهم:

فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا
شنوا الاغارة فرساناً وركبانا
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم
طاروا إليه زرافات ووحدانا

 

فدافعوا عنهم وهزموا عدوهم وعدو الاسلام وكانوا جديرين بأن يقال فيهم بلسان الشاعر:

فدت نفسي وما ملكت يميني
فوارس صدقوا فيهم ظنوني
فوارس لا يملون المنايا
إذا دارت رحى الحرب الزبون
فنكب عنهم درء الأعادي
وداووا بالجنون من الجنون
هم منعوا حمى الوقبا بضرب
يؤلف بين أشتات المنون
ولا يرعون إكناف الهوينا
إذا حلوا ولا أرض الهدون

 

وبعد ذلك انقسمت الهند وخرج الاستعمار الانكليزي الخبيث مبيحاً دماء المسلمين ووقعت كارثة كبيرة وقتل آلاف من المسلمين في الهند وأحرقت بيوتهم ونهبت أموالهم وفي ما نهب كانت مكاتب كبرى ومدارس عالية لأهل الحديث لأن أكثرهم كانوا مع القائد الأعظم محمد علي جناح في فكرته بانشاء دولة إسلامية ((باكستان)) وكان عددهم آنذاك يتجاوز الخمسة عشر مليوناً وبعد انقسام القارة الهندية إلى دولتين الهند والباكستان تجمعوا وتكتلوا مرة أخرى وبدأوا بالنشاط وأقاموا مدارس وجامعات دينية كما كونوا جمعياتهم في كل بلدة وقرية من قرى الباكستان وبلادها وأنشؤوا هيئات للتأليف والتصنيف، كما أصدروا مجلات وجرائد من كراتشي ولاهور ولا تلفور ودهاكه وشيتاغانغ وأيضاً قرروا بأن يكون هناك مؤتمر سنوي يجتمع فيه جميع علماء باكستان ليبحثوا القضايا التي تهم الاسلام والمسلمين وليجدووا النشاط ضد البدع والخرافات فكان لهم أثر كبير في الدعوة والارشاد والآن وهم ماضون إلى الأمام بتذكر الماضي المشرق فقد نشرت جمعية أهل الحديث عدة كتب في العربية والأردية ومنها تعليقات على سنن النسائي في العربية، للشيخ عطاء الله صنيف عضو المجلس الاستشاري للجمعية حالياً وشرح بلوغ المرام وتفسير القرآن في الأردية للشيخ ثناء الله في ثماني مجلدات وتفسير بعض الأجزاء للشيخ إبراهيم كما نشروا كتباً أخرى في العبادات والأخلاق والفلسفة الاسلامية والتمسك بالقرآن والسنة والرد على الشرك والبدع والجمود كما طبعوا عدة مؤلفات في المناظرات والمناقشات ضد القاديانية والبهائية والنصرانية، ومذاهب باطلة أخرى ومع فساد الزمان هم عاملون لاحياء السنة المحمدية على صاحبها السلام وإحياء علوم الحديث:

فلو سألت سراة الحي سلمى
على أن قد تلون بي زمان
لخبرها ذوو أحاب قومي
وأعدائي فكل قد بلاني

 

وفقنا الله وإياهم لما يحب ويرضى.

 

ومما تقدم يتضح للقارئ عظم الدور الذي نهض به أهل الحديث في خدمة الاسلام وتجديد الفكر الاسلامي وتكسير الجمود والعصبية المذهبية ونحن حين نستعرض هذه الصفحات اليسيرة من جهادهم الضخم لا يسعنا إلا أن ننحني إجلالاً لذكرى تلك الثلة من السابقين الآخرين... سائلين الله عز وجل أن يرزق الاسلام مثلهم في كل مكان وفي كل زمان وبخاصة في هذه الأيام:

وفيهم مقامات حسان وجوهها
وأندية ينتابها القول والفعل
وإن جئتهم ألفيت حول بيوتهم
مجالس قد يشفى بأحلامها الجهل
على مكثريهم رزق من يعتريهم
وعند المقلين السماحة والبذل




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التغير الدلالي في الحديث النبوي الشريف
  • القرآن كتاب أدبي رائع، وتدريسه في جامعات الهند

مختارات من الشبكة

  • حركة إحياء التراث في المملكة العربية السعودية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حركة إحياء التراث في المملكة العربية السعودية لأحمد بن محمد الضبيب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إحياء الموات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الحركة التي ليست من جنس الصلاة(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • إحياء أثر الصالحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تخريج أحاديث إحياء العلوم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأحاديث التي في الإحياء ولم يجد لها السبكي إسنادًا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مدرسة الإحياء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إحياء الآثار - دراسة عقدية لمنيرة عبد العزيز المقوشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إحياء السنة النبوية (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب