• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (14)

الشيخ تركي بن عبدالله الميمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/6/2011 ميلادي - 21/7/1432 هجري

الزيارات: 14737

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (14)
باب صفة الصلاة


صفة الصلاة؛ أي: الكيفيَّة التي تكون عليها، وعلماء الفقه - رحمهم الله - تكلَّموا على صفـة الصلاة والحج وغيرهما؛ لأن شرْطَ العبادة أمران:

(1) الإخلاص لله - تعالى.

(2) المتابعة للرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

فأمَّا الإخلاص لله، فيتكلَّم عليه أهلُ التوحيد والعقائد، وأمَّا المتابعة للرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيتكلَّم عليها الفقهاء، وضد الإخلاص: الشِّرك، وضد المتابعة: البدعة، فمَن تابَع الرسول بدون إخلاص لَم تصحَّ عبادته؛ لقوله - تعالى - في الحديث القدسي: ((أنا أغنى الشُّركاء عن الشِّرك، مَن عَمِل عملاً أشْرَك فيه معي غيري، تركْتُه وشِرْكه)).

ومَن أخْلَص لله ولَم يَتَّبع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنَّ عبادته مردودة؛ لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن عَمِل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رَدٌّ)).

ومِن ثَمَّ اضطرَّ العلماء إلى بيان صفة الصلاة والحج وغيرهما.

 

(يُسَنُّ القيام عند "قد" مِن إقامتها)؛ أي: يُسَنُّ للمأموم أن يقومَ إذا قال المقيم: "قد" مِن "قد قامت الصلاة"، والسُّنة لَم تَرِدْ مُحدِّدة لموْضع القيام، إلاَّ أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا أُقيمت الصلاة، فلا تقوموا حتى تروْني)).

فإذا كانت السُّنة غير مُحدِّدة للقيام، كان القيام عند أوَّل الإقامة، أو في أثنائها، أو عند انتهائها، كل ذلك جائزٌ، المهم: أن تكون متهيِّئًا للدخول في الصلاة قبل تكبيرة الإمام؛ لئلاَّ تفوتك تكبيرة الإحرام.

(وتسوية الصف)، يعني: تُسَنُّ تسوية الصف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأْمُر بذلك، فيقول: ((سَوُّوا صُفوفكم))، ويقول: ((عباد الله، لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم، أو ليخالفَنَّ الله بين وجوهكم))، وهذا وعيدٌ على مَن ترَك التسوية؛ ولهذا كان القول الراجح: وجوب تسوية الصف، وتسوية الصف تكون بالتساوي، بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد، والمعتبر: المناكب في أعلى البدن، والأكْعُب في أسفل البدن.

(ويقول: الله أكبر)، وهذا التكبير رُكنٌ لا تنعقد الصلاة بدونه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمسيء في صلاته: ((إذا قُمت إلى الصلاة فأْسبِغ الوضوء، ثم استقْبِل القِبلة، فكَبِّر)).

(رافعًا يديه)؛ يعني: حال القول يكون رافعًا يديه؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حَذْو مَنْكِبيه إذا افْتَتح الصلاة، وإذا كبَّر للركوع، وإذا رفَع رأْسه من الركوع".

(مَضمومتي الأصابع)؛ لأنه الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم.

(ممدودة)؛ يعني: غير مقبوضة، وقد جاء هذا في "السُّنن".

(حَذْو مَنْكِبيه)؛ أي: موازيهما، والمَنْكِبان: هما الكتفان، فيكون منتهى الرفْع إلى الكتفين، وله أن يرفعَهما إلى فروع أُذنيه؛ لورود ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فتكون صفة الرفع من العبادات الواردة على وجوه متنوعة.

وقوله: "رافعًا يديه" الأحاديث الواردة في ابتداء رفْع اليدين وردَتْ أيضًا على وجوه متعدِّدة، فبعضها يدلُّ على أنه يرفع ثم يكَبِّر، وبعضها على أنه يكبِّر ثم يرفع، وبعضها على أنه يرفع حين يكبِّر، ونحن نقول: إنَّ الأمر في هذا واسع.

 

(كالسجود)؛ أي: كما يفعل في السجود إذا سجَد، فإنه يجعل يديه حَذْو مَنْكِبيه.

(ويُسْمِع الإمام مَن خلْفه)، والصحيح: أنه يجب على الإمام أن يكبِّر تكبيرًا مسموعًا يسمعه مَن خلفه؛ لفعْل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لو كان الأمرُ غير واجبٍ، لَم يكن هناك داعٍ إلى أن يُبلغَ أبو بكر - رضي الله عنه - التكبيرَ لِمَن خَلْف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأنه لا يتمُّ اقتداءُ المأمومين بالإمام إلاَّ بسماع التكبير.

(كقراءته في أولتي غير الظُّهْرين)؛ أي: كما يسمع القراءة في أولتي غير الظُّهرين، فيَجهر في كلِّ ركعتين أوليين في غير الظُّهرين.

(وغيره نفسه)؛ أي: ويُسْمع غير الإمام (وهو المأموم المنفرد) نفسه، ولكن لا دليلَ على اشتراط إسماع النفس، وأنَّ الصحيح: أنه متى أبَان الحروف، فإنه يصحُّ التكبير والقراءة، فكل قول فإنه لا يُشترط فيه إسماعُ النفس.

(ثم يَقبض كُوع يُسراه)، الكوع: العظم الذي يلي الإبهام، ومراد المؤلِّف بقوله: "يَقبض كوع يسراه": المفْصل، وورَدت السُّنة بوضْع اليد على الذراع من غير قبضٍ، إذًا هاتان صفتان: الأولى: قبْضٌ، والثانية: وضْعٌ.

(تحت سُرَّته)؛ لحديث علي - رضي الله عنه - أنه قال: "من السُّنة وضْع اليد اليُمنى على اليُسرى تحت السُّرَّة"، وذهَب آخرون من أهل العلم إلى أنه يضعهما على الصدر، وهذا هو أقربُ الأقوال؛ لحديث وائل بن حجر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يضعهما على صدْره".

(وينظر مسجده)؛ أي: موضع سجوده، لِمَا رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا: "أنه كان ينظر إلى موضِع سجوده في حال صلاته"، والأمر في هذا واسعٌ، ينظر الإنسان إلى ما هو أخشعُ له، إلاَّ في الجلوس فإنه يرمي ببصرِه إلى أُصعبه؛ حيث تكون الإشارة.

(ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمْدك، وتبارَك اسمُك، وتعالَى جَدُّك، ولا إله غيرُك)، هذا هو دعاء الاستفتاح، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يستفتح به، وعمر أحدُ الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتِّباعهم، وقد رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا.

مسألة: لا يُسْتفتح في صلاة الجنازة؛ لأنها مبنيَّة على التخفيف، وهذا أقرب.

 

(ثم يستعيذ)؛ أي: يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، والاستعاذة للقراءة وليستْ للصلاة؛ قال الله - تعالى -: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98].

(ثم يُبَسْمل)؛ أي: يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، (سرًّا)؛ لأن أكثر الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تدلُّ على أنه كان يقرؤها سرًّا.

(وليستْ من الفاتحة)، بل هي آية مستقلة يُفتتح بها كلُّ سورة من القرآن، ما عدا بَرَاءة؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سألَ، فإذا قال العبد: الحمد لله ربِّ العالمين، قال الله تعالى: حَمدني عبدي...))؛ الحديث.

(ثم يقرأ الفاتحة)، يعني: يقرؤها كاملة مرتَّبة بآياتها وكلماتها، فإنْ ترَك آية أو حرفًا، أو حركة تُخِلُّ بالمعنى، لَم تصحَّ.

 

(فإن قطَعها بذِكْر أو سكوت غير مشرُوعَيْن، وطال) الفصل، فإنه يُعيدها من جديد؛ لأنه لا بدَّ فيها من التوالي.

(أو ترَك منها تشديدة)؛ لأن الحرف المشدَّد عبارة عن حرفين.

(أو حرفًا أو ترتيبًا)؛ لأن ترتيب الآيات والكلمات توقيفي.

(لَزِم غيْرَ مأمومٍ إعادتُها)؛ لأن قراءة الفاتحة في حقِّ المأموم - على المشهور من المذهب - ليستْ بواجبة، فإذا أخلَّ بشيءٍ من الفاتحة، فإنَّه لا يلزمه إلاَّ إعادة ما أخلَّ به وما بعده؛ مُراعاة للترتيب.

(ويَجهر الكلُّ بآمين في الجهريَّة)؛ أي: المنفرد، والمأموم، والإمام بالجهريَّة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أمَّن الإمام، فأَمِّنوا))، وفي لفظ آخرَ: ((إذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين))، ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - يَجهرون بذلك خلْف النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يرتجَّ المسجد بهم، لكنَّ المنفرد إنْ جَهَر بقراءته، جَهَر بآمين، وإن أسرَّ، أسرَّ بآمين.

 

(ثم يقرأ) "ثم": للترتيب والتراخي، وعلى هذا فيَسكت الإمام بعد الفاتحة، والصحيح: أنَّ هذه السكتة سكتة يسيرة.

(ثم يقرأ بعدها سورة)، وقراءة السورة سُنة على قول جمهور أهل العلم، ونرى أنه لا بأْسَ أن يقرأ الإنسان آية من سورة؛ لكن السُّنة والأفضل أن يقرأ سورة، والأفضل أن تكون كاملة في كلِّ ركعة.

(تكون في الصُّبح من طِوال المفصَّل)؛ أي: من "ق" إلى "عم" هذا هو الطِّوال؛ لقوله - تعالى -: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78].

فعبَّر عن الصلاة بالقرآن؛ إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون القرآن مستوعبًا لأكثرها.

(وفي المغرب من قِصارِه)؛ أي: من الضحى إلى آخره.

(وفي الباقي من أوْساطِه)؛ أي: من (عم) إلى (الضحى)، ودليل ذلك السُّنة الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنَّ الغالب من فعْله هو هذا، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرْشَد معاذ بن جبل أن يقرأ في صلاة العشاء بـ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1]، و﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ [الليل: 1]، و﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾ [الشمس: 1]، ونحوها، فدلَّ هذا على أنَّ هذا هو الأفضل.

 

(ولا تصحُّ الصلاة بقراءة خارجة عن مصحف عثمان)، وهو: الذي جمَع الناس عليه في خلافته، لكن هناك قراءات خارجة عن هذا المصحف، وهي صحيحة ثابتة عمَّن قرأَ بها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنَّها تُعَدُّ عند القرَّاء شاذَّة اصطلاحًا وإن كانتْ صحيحة، وأصحُّ الأقوال: أنه إذا صحَّت هذه القراءة عمَّن قرأَ بها من الصحابة، فإنها مرفوعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتكون حُجَّة، وتَصِحُّ القراءة بها في الصلاة وخارجها.

(ثم يركع مكبِّرًا) "ثم": للترتيب والتراخي، فينبغي قبل أن يركعَ أن يَسْكت سكوتًا، لكنَّه ليس طويلاً، بل بقدر ما يرتدُّ إليه نفسه؛ لحديث سَمُرَة بن جُندَب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسكت سكتتيْن: إذا دخَل في الصلاة، وإذا فرَغ من قراءة فاتحة الكتاب وسورة عند الركوع، والصواب: أنه إذا ابتدَأ التكبير قبل الهَوِي إلى الركوع وأتَمَّه بعده، فلا حرَج، ولو ابتدأه حين الهَوِي وأتَمَّه بعد وصوله إلى الركوع، فلا حرَج، لكنَّ الأفضل أن يكون فيما بين الركعتين بحسب الإمكان، وهكذا يُقال في: "سَمِع الله لِمَن حَمِده"، وجميع تكبيرات الانتقال، أمَّا لو لَم يبتدِئ إلاَّ بعد الوصول إلى الركن الذي يَليه، فإنه لا يُعْتَدُّ به.

(رافعًا يديه)؛ أي: حَذْو مَنْكِبين أو إلى فروع أُذنيه؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يرفع يديه إذا كبَّر للركوع".

(ويضعهما على رُكْبتيه)؛ أي: فيضع الكَفَّين على الرُّكبتين مُعتمدًا عليهما.

(مُفَرَّجَتي الأصابع)؛ كما جاءت بذلك السُّنة.

(مستويًا ظهْرُه)؛ قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كان إذا ركَع لَم يُشْخص بصره ولَم يُصَوِّبه"، "لَم يُشْخصه"؛ أي: لَم يَرْفعه، "ولَم يُصَوِّبه"، لَم يُنزله، ولكن بين ذلك، والواجب من الركوع: أن ينحني بحيث يكون الركوع التامُّ أقربَ منه إلى الوقوف التامِّ، يعني: بحيث يعرف مَن يراه أنَّ هذا الرجل راكع.

 

(ويقول: سبحان ربي العظيم)، والتنزيه والتعظيم باللسان تعظيمٌ قولي، وبالركوع تعظيمٌ فِعلي، فيكون الراكع جامعًا بين التعظيمين: القولي والفعلي؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإني نُهِيتَ أنْ أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، أمَّا الركوع، فعظِّموا فيه الربَّ)).

(ثم يرفع رأْسه ويدَيْه)، ورفعُهما سُنة؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان يرفع يديه إذا كبَّر للركوع، وإذا رفَع من الركوع".

(قائلاً إمامٌ ومنفردٌ: سَمِع الله لِمَن حَمِده)، ويكون القول في حال الرفع، ويكون هذا الذكر "سَمِع الله لمن حَمِده" من أذكار الرفع، فلا يُقال قبل الرفع، ولا يؤخَّر لِمَا بعده، ويُقال في هذا ما قيل في التكبير للركوع.

 

(وبعد قيامهما، ربَّنا ولك الحمد مِلء السماء ومِلء الأرض، ومِلء ما شِئْت من شيءٍ بعد)، وهذه الصيغة لها أربع صفات:

(1) ربَّنا ولك الحمد.

(2) ربَّنا لك الحمد.

(3) اللهم ربَّنا لك الحمد.

(4) اللهم ربَّنا ولك الحمد.

والأفضل أن يقول هذا أحيانًا، وهذا أحيانًا.

 

وقوله: "ملء السماء" هكذا قال المؤلف بلفظ الإفراد، وأكثر الروايات الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ الجمع "ملء السموات".

تنبيه: في بعض روايات مسلم: "وملء ما بينهما"، والأكثر على حذفها، وإنْ أتى بها أحيانًا فحَسَنٌ.

(ومأمومٌ في رفْعِه)؛ أي: إنَّ المأموم يقول في حال الرفع: (ربَّنا ولك الحمد فقط)، يعني: لا يزيد على ذلك، ولكنَّ القول الراجح أنَّ المأموم ينبغي أن يقول كما يقول الإمام والمنفرد، يعني: يقول بعد رفْعه: "ملء السموات وملء الأرض".

(ثم يخر مكبِّرًا ساجدًا)، "ثم": حرف عطف يفيد الترتيب والتراخي، ولَم يُبيِّن المؤلف مقدار هذا التراخي، ولكن دلَّت السُّنة أنَّ هذا القيام - أعني: الاعتدال بعد الركوع - يكون بمقدار الركوع تقريبًا؛ قال البَرَاء بن عازب - رضي الله عنه -: "رمَقْتُ الصلاة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - فوجَدْت قيامَه فركعتَه، فاعتدالَه بعد ركوعه، فسجدتَه، فجلستَه بين السجدتين، فسجدتَه، فجلستَه ما بين التسليم والانصراف - قريبًا من السَّواء".

وعلى هذا؛ فالسُّنة إطالة هذا الرُّكن، ويكون التكبير حال الخُرُور من القيام إلى السجود، وكذلك جميع تكبيرات الانتقال محلُّها ما بين الركن الذي انتقلت منه والركن الذي انتقلت إليه.

(على سبعة أعضاء: رِجليه، ثم رُكبتيه، ثم يديه، ثم جَبهته مع أنفه)؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أُمِرت أن أسجدَ على سبعة أعظُمٍ: على الجَبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين، والرُّكبتين، وأطراف القَدَمين، ولانَكْفِتَ الثِّياب والشَّعر))، وأفاد المؤلِّف أن الرُّكبتين مقدَّمتان على اليدين في السجود؛ لحديث أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا سجَد أحدكم فلا يَبرُك كما يَبرُك البعير))، والبعير إذا برَك يقدِّم يدَيه، فيقدِّم مقدمه على مؤخره.

 

(ولو مع حائلٍ ليس من أعضاء سجوده)؛ أي: يسجد على الأرض، ولو مع حائل ليس من أعضاء السجود، والحوائل ثلاثة أقسام:

(1) قسم من أعضاء السجود، فهذا السجود عليه حرامٌ، ولا يُجزئ.

(2) قسم من غير أعضاء السجود، لكنَّه مُتصل بالمصلي، فهذا مكروه.

(3) قسم منفصل، فهذا لا بأْس به، ولكن قال أهل العلم: يُكره أن يخصَّ جَبهته فقط بما يسجد عليه؛ لأن هذا يُشابه فعل الرافضة، والسجود على هذه الأعضاء السبعة واجبٌ في كلِّ حال السجود، بمعنى أنه لا يجوز أن يرفعَ عضوًا حال سجوده، فإن فعَل، فإن كان في جميع حال السجود، فلا شكَّ أن سجودَه لا يصحُّ، وأمَّا إن كان في أثناء السجود، فهذا محلُّ نظرٍ، فيكون الاحتياط ألاَّ يرفعَ شيئًا.

 

(ويُجافي عَضُدَيه عن جَنْبَيْه)، يعني: يُبعدهما؛ لأنه ثبَت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعل ذلك، حتى إنَّ الصحابة يَرِقُّون له من شدَّة مُجافاته، وحتى إنه ليُرى بياضُ إبطه من شدَّة مُجافاته؛ وحتى إنه لو شاءَت أن تمرَّ البَهْمَة - وهي صغار الغنم - من تحته، لمرَّتْ من شدَّة مُجافاته، ويُستثنى من ذلك: ما لَم يُؤذِ جاره، فإذا آذى فلا يفعل.

(وبطنه عن فَخِديه)؛ أي: يرفعه عن فَخِذيه، وكذلك يرفع الفَخِذين عن الساقين؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اعتدلوا في السجود))؛ أي: اجعلوه معتدلاً، لا تَهصرون فينزلَ البطنُ على الفَخِذ، والفَخِذ على الساق، ولا تمتدُّون أيضًا.

(ويُفَرِّق رُكْبَتيه)؛ أي: لا يضمُّ بعضهما إلى بعض، والسُّنة في القَدَمين هو التراصُّ بخلاف الرُّكبتين واليدين؛ لحديث عائشة حين فقدَت النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقعَت يدُها على بطنِ قدَمَيْه وهما منصوبتان وهو ساجد، واليد لا تقع على القَدَمين إلاَّ في حال التراصِّ.

(ويقول: سبحان ربي الأعلى)، والسُّنة أن تُكَرَّر ثلاث مرات، وأن يَزيد معها ما جاءَت به السُّنة أيضًا، مثل: "سُبُّوح قدُّوس، ربُّ الملائكة والرُّوح"، "سبحانك اللهم ربَّنا وبحمْدك، اللهم اغفرْ لي".

(ثم يرفع رأْسه مكبِّرًا)، ويكون التكبير في حال الرفع؛ لأن هذا التكبير تكبيرُ انتقالٍ، وتكبيرات الانتقال كلها تكون ما بين الرُّكنين، لا يبدأ بها قبلُ، ولا يؤخِّرها إلى ما بعدُ.

(ويَجلس مفترشًا يُسراه)؛ أي: يسرى رِجْليه؛ أي: يضعُها تحته مفترشًا لها، لا جالسًا على عَقِبيه.

وعليه؛ فيكون ظهْرُها إلى الأرض، وبطنُها إلى أعلى، (ناصبًا يُمناه)؛ أي: القدم، فتكون الرِّجل مُخرَجة من اليمين، واليُسرى مُفْتَرَشة.

(ويقول: ربِّ اغفرْ لي)، واقتصَر المؤلف على الواجب، ولكنَّ الصحيح أنه يقول كلَّ ما ذُكِر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ربِّ اغفرْ لي وارحمني، وعافني واهدني وارزقني))، أو ((أجرني))، بدل ((ارْزقني))، وإنْ شاء جمَع بينهما.

 

(ويسجد الثانية كالأولى)؛ أي: في القول والفعل، (ثم يرفع)؛ أي: من السجدة الثانية، (مُكبِّرًا)، ويكون التكبير حال الرفْع، (ناهضًا على صدور قَدَميه، معتمدًا على رُكْبَتيه إن سَهُل)، وإنْ لَم يَسْهل عليه، فإنه يعتمد على الأرض، فاستفدنا من كلام المؤلف ألاَّ يجلسَ إذا قام إلى الركعة الثانية، وهذه الجلسة تسمَّى عند العلماء: جلسة الاستراحة، وهذه المسألة فيها خلاف، وعليه فنقول: إنِ احتاج الإنسان إليها، صارَت مشروعة، وإن لَم يَحتج إليها، فليستْ بمشروعةٍ، وهذا القول كما نرى قولٌ وسطٌ تَجتمع فيه الأخبار.

(ويُصلي الثانية كذلك)؛ أي: يُصليها كالأولى في القيام والركوع، والسجود والجلوس، وما يُقال فيها، (ما عدا التحريمة)؛ أي: تكبيرة الإحرام، (والاستفتاح)؛ لأن الاستفتاح تُفتتح به الصلاة بعد التحريمة، (والتعوُّذ)؛ لأن قراءة الصلاة واحدة، فإن الصلاة عبادة واحدة، فإذا تعوَّذ لأول مرة كفَى، والأمر في هذا واسعٌ.

(وتجديد النيَّة)؛ لأنَّ لازمَ تجديد النيَّة في الركعة الثانية قطْعُ النيَّة في الركعة الأولى، ولَم تَنعقد الثانية لعدم التحريمة، والصواب: أنَّ القراءة في الركعة الثانية دون القراءة في الركعة الأولى؛ كما هو صريح حديث أبي قتادة.

(ثم يَجلس مُفترشًا)، ومعنى الافتراش: أنْ يجعل رِجْله اليُسرى تحت مقعدته كأنها فراشٌ، ويُخرج اليُمنى من الجانب الأيمن ناصبًا لها.

 

(ويداه على فَخِذيه)، وظاهر كلامه: أنه لا يُقدِّمهما حتى تكونا على الرُّكبة، ولكنَّ السُّنة دلَّت على مشروعيَّة الأمرين؛ أي: أن تضعَ اليدين على الفَخِذين، أو على الرُّكبتين، فاليمنى على حرف الفَخِذ، واليُسرى تُلْقم الرُّكبة.

(يَقبض خِنْصر يدِه اليُمنى وبِنْصرها، ويُحَلِّق إبهامَها مع الوسطى) وتبْقَى السبَّابة مفتوحة لا يضمُّها، وهناك صفة أخرى بأن يضمَّ الخِنصر والبِنصر والوُسطى، ويضمَّ إليها الإبهام، وتبْقَى السبَّابة مفتوحة.

(ويُشير بسبَّابتها)؛ أي: إلى أعلى، (في تشهُّده)، والسُّنة دلَّت على أن يُشير بها عند الدعاء فقط؛ لأنَّ لفظ الحديث: ((يحرِّكها يدعو بها))، (ويَبسط اليُسرى)؛ أي: أصابعه على الفَخِذ الأيسر، (ويقول: التحيَّات لله)، وكلُّ لفظٍ يدلُّ على التعظيم فهو تحيَّة، ولا يستحقُّ التحيَّاتِ على الإطلاق إلاَّ اللهُ - عزَّ وجلَّ.

 

(والصلوات)، وهو شامل لكلِّ ما يُطلق عليه صلاة: شرعًا أو لُغة، فكلُّ الصلوات فرْضُها ونفْلُها وكل الأدعية لله.

(والطيِّبات)؛ أي: إنَّ الله طيِّبٌ في ذاته وصفاته، وأفعاله وأقواله، وأنه لا يَليق به إلاَّ الطيِّب من الأقوال والأفعال الصادرة من الخَلق.

(السلام عليك أيُّها النبي)، معنى التسليم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - أننا ندعو له بالسلامة من كلِّ آفة.

(ورحمة الله)، الرحمة إذا قُرِنت بالمعرفة أو السلام، صارَ المراد: ما يحصل به المطلوب، والمغفرة والسلام: ما يزول به المرهوب، وإذا أُفْرِدت شَمَلت الأمرين جميعًا.

(وبركاته)، والبركة: هي النَّماء والزيادة في كلِّ شيءٍ من الخير، إذًا نحن ندعو للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالبركة، وهذا يستلزم كَثرة أتْباعه، وكثرة عمل أتْباعه؛ لأنَّ كلَّ عملٍ صالح يفعله أتْباعه - صلى الله عليه وسلم - فله مثل أجورهم إلى يوم القيامة.

(السلام علينا) المراد: جميع الأُمَّة المحمديَّة، وهذا القول أصحُّ، فكما دعونا لنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - ندعو أيضًا لأنفسنا بالسلام؛ لأننا أتْباعه.

(وعلى عباد الله الصالحين) هم: كلُّ عبدٍ صالح في السماء والأرض، حي أو ميِّت، من الآدميين والملائكة والجنِّ.

(أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله)، الشهادة: هي الخبر القاطع.

 

(هذا التشهُّد الأول) ظاهر كلام المؤلِّف أنه لا يزيد في التشهُّد الأوَّل على ما ذكر، وعلى هذا فلا يُستحب أن تُصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهُّد الأوَّل، وهذا ظاهر السُّنة، ومع ذلك لو أنَّ أحدًا صلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع ما أنكرْنا عليه، لكنَّ الأحسنَ الاقتصار على التشهُّد فقط.

(ثم يقول)؛ أي: بعد التشهُّد الأوَّل: (اللهم صلِّ على محمدٍ)، وأحسن ما قيل في الصلاة ما ذكَره أبو العالية - رحمه الله - أنَّ صلاة الله على نبيِّه ثناؤه عليه في الملأ الأعلى.

(وعلى آل محمدٍ)، و"آله": هم أتْباعه على دينه، ولكن لو قُرِن "الآل" بغيره، فقيل: على محمد وآله وأتْباعه، صار المراد بالآل: المؤمنين من قرابَته.

(كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، أنَّك حميد مجيد)، الكاف في قوله: "كما صلَّيْتَ" للتعليل؛ من باب التوسُّل بالفعل السابق إلى تحقيق اللاحق، وهذا هو القول الأصح.

(وبارك على محمد)؛ أي: أنْزِل عليه البركة، والبركة: كثرة الخيرات ودوامُها واستمرارُها.

(وعلى آل محمدٍ، كما بارَكْتَ على آل إبراهيم، إنَّك حميد) فعيل بمعنى فاعل، وبمعنى مفعول، فهو حامد ومحمود؛ حامد لعباده وأوليائه الذين قاموا بأمْره، ومحمود يُحمَدُ على ما له من صفات الكمال وجزيل الإنعام، (مجيد)؛ أي: ذو المجد، والمجد هو: العَظَمة وكمال السلطان.

 

(ويَستعيذ من عذاب جهنَّمَ، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجَّال)، ولا شكَّ أنه لا ينبغي الإخلالُ بها (التعوُّذ من هذه الأربعة)، فإنْ أخلَّ بها، فهو على خطرٍ من أمرين:

(1) الإثم.

(2) ألا تصحَّ صلاته.

 

(ويدعو بما ورَد)، ليتَ المؤلِّف قال: "ويدعو بما أحب"؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا ذكَر حديث ابن مسعود في التشهُّد، قال: ((ثم يتخيَّر من الدعاء ما شاء))، فإذا وجَد دعاءً واردًا، فالتزامُه أوْلَى، ثم تدعو بما شِئْت، ومما ورَد في هذا: "اللهمَّ أعنِّي على ذِكْرك وشكرك، وحُسن عبادتك"؛ فإنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمَر معاذَ بن جبل أن يدعو به دُبَر كلِّ صلاة مكتوبة، ومنه ما علَّمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر - رضي الله عنه - حين قال: يا رسول الله، علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهمَّ إني ظلمْتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلاَّ أنت، فاغفرْ لي مغفرةً من عندك وارْحمني؛ إنَّك أنت الغفور الرحيم))، ولكن لو دعا بدعاءٍ غير ذلك، فإنه يجوز.

(ثم يسلِّم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك، وإن كان في ثلاثيَّة أو رباعيَّة نَهَض مُكبِّرًا)، التكبير في حال النهوض؛ لأنَّ جميع تكبيرات الانتقال محلُّها ما بين الرُّكنين.

(بعد التشهُّد الأوَّل)، وظاهر كلام المؤلف: أنه لا يرفع يديه، والصحيح: أن يرفعَ يديه؛ لأنه صحَّ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن لفظَ الحديث: ((وإذا قام من الرَّكعتين رفَع يديه)).

(وصلَّى ما بَقِي كالثانية)؛ أي: كالركعة الثانية، فليس فيه تكبيرة إحرام، ولا استفتاح، ولا تعوُّذ، ولا تجديد نيَّةٍ، وتمتاز هاتان الركعتان عن الأُولَيين، بأنه يقتصر منهما على الحمد، وأنه يُسرُّ فيهما بالقراءة في الصلاة الجهريَّة.

(وبالحمد فقط)؛ لحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين الأُخْرَيين بفاتحة الكتاب فقط، ولكن في حديث أبي سعيد الخُدري ما يدلُّ على أنَّ الركعتين الأُخْرَيين يَقرأ فيهما؛ لأنه ذكَر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين الأُولَيين بسورة، ولا يطوِّل الأولى على الثانية، ويقرأ بالركعتين الأُخْرَيين بنصف ذلك، ولكنَّ الذي يظهر أنَّ إمكان الجمع حاصلٌ بين الحَدِيثين، فيقال: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا يفعل ما يدلُّ عليه حديث أبي سعيد، وأحيانًا يفعل ما يدلُّ عليه حديث أبي قتادة.

 

(ثم يَجلس في تشهُّده الأخير متوَرِّكًا)؛ أي: إنه لا تَوَرُّك إلا في التشهُّد الأخير من صلاة ذات تشهُّدين، وكيفيَّة التَّوَرُّك: أن يُخرج الرِّجل اليُسرى من الجانب الأيمن مفروشةً، ويَجلس على مقعدته على الأرض، وتكون الرِّجل اليُمنى منصوبًة، الصفة الثانية: أن يفرش القَدَمين جميعًا، ويُخرجهما من الجانب الأيمن، الصفة الثالثة: أن يفرش اليُمنى، ويُدخل اليُسرى بين فَخِذ وساق الرِّجل اليمنى، كل هذه ورَدت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة التورُّك، فينبغي أن يفعل الإنسان هذا مرَّة، وهذا مرة.

(والمرأة مثله)؛ أي: مثل الرجل؛ لعدم الدليل على التفريق، والأصل اشتراك المكلَّفين من الرجال والنساء في الأحكام، إلاَّ ما قام الدليل عليه.

(لكن تضمُّ نفسها)؛ أي: تضم نفسها في الحال التي يُشرع للرَّجل التجافي، والقول الراجح: أنَّ المرأة تصنع كما يصنع الرجل في كلِّ شيء.

(وتسدل رِجليها في جانب يمينها)، يعني: أنها تُخالف الرجل في كيفيَّة الجلوس، فلا تَفترش ولا تتورَّك، ولكن تسدل الرِّجلين بجانب اليمين، وهذا ليس عليه دليل، بل الدليل يدلُّ على أنها تفعل كما يفعل الرَّجل، وتكون مساوية له في كيفيَّة الصلاة، وينبغي أن نعرف ماذا يقول الإنسان بعد السلام من الصلاة، فيقول إذا سلَّم: "أستغفر الله" ثلاث مرات، ثم يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تبارَكْتَ يا ذا الجلال والإكرام"، ويَحرص على ما ورَد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب، ومنه: التسبيح والتحميد والتكبير، وقد ورَد على عدَّة أوْجه:

الوجه الأول: "سبحان الله" ثلاثًا وثلاثين، و"الحمد لله" ثلاثًا وثلاثين، و"الله أكبر" ثلاثًا وثلاثين. ويَختم بـ"لا إله إلا الله، وحدة لا شَريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيء قدير"، فتكون مائة.

الوجه الثاني: "سبحان الله" ثلاثًا وثلاثين، و"الحمد لله" ثلاثًا وثلاثين، و"الله أكبر" أربعًا وثلاثين، فيكون الجميع مائة.

الوجه الثالث: "سبحان الله" عشرًا، و"الحمد لله" عشرًا، و"الله أكبر" عشرًا، فيكون الجميع ثلاثين.

الوجه الرابع: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" خمسًا وعشرين مرة، فيكون الجميع مائة.

وهذا الاختلاف من اختلاف التنوُّع، وينبغي أيضًا أن يقرأ آية الكرسي؛ لأنه رُوِي فيها أحاديثُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾.

 

(ويُكره في الصلاة: الْتِفَاتُه)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن الالتفات في الصلاة، فقال: ((هو اختلاس يَختلسه الشيطان من صلاة العبد))، ولكن إذا كان الالتفات لحاجة فلا بأْس؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَر الإنسان إذا أصابَه الوسواس في صلاته أن يَتْفُل عن يساره ثلاث مرات، ويَستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذا التفات لحاجة. (ورفْعُ بصرِه إلى السماء)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لينتهينَّ أقوام عن رفْع أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لتُخطفَنَّ أبصارهم))، والقول الراجح في رفْع البصر إلى السماء في الصلاة أنه حرامٌ.

(وتغميضُ عيْنَيه)، وعُلِّل ذلك: بأنه فعْلُ اليهود في صلاتهم، أمَّا نحن فمنهيُّون عن التشبُّه بالكفار، لكن لو أنَّ بين يديك شيئًا لا تستطيع أن تفتحَ عينيك أمامه؛ لأنه يَشغلك، فحينئذٍ لا حَرَجَ أن تُغمض بقدر الحاجة، وأمَّا بدون حاجة فإنه مَكْرُوه.

(وإقعاؤه)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن إقعاءٍ كإقعاء الكلب، والإقعاء له صور:

الأولى: أن يفرش قَدَميه؛ أي: يجعل ظهورهما نحو الأرض، ثم يَجلس على عَقِبيه.

الثانية: أن ينصب قَدَميه، ويَجلس على عَقِبيه.

الثالثة: أن ينصب فَخِذيه وساقيه، ويجلس على ألْيَتَيْه، ولا سيَّما إن اعتمَد بيديه على الأرض.

الرابعة: أن ينصبَ قَدَميه، ويَجلس على الأرض بينهما.

 

(وافتراشُ ذراعيه ساجدًا)؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اعتدلوا في السجود، ولا يَبسط أحدكم ذراعيه انبساطَ الكلب))، فيجافي ذراعيه ويَرفعهما عن الأرض، وإذا أطال السجود وشقَّ عليه، فله أن يعتمدَ بِمِرْفَقَيْه على رُكبتَيْه.

(وعبثُه)، وهو تشاغُله بما لا تدعو الحاجة إليه؛ وذلك لأنَّ العبَث فيه مفاسدُ.

(وتخصُّرُه)؛ أي: وضع يده على خاصِرته؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهى أن يصلي الرجل متخصِّرًا، وقد جاء تعليل ذلك في حديث عائشة بأنه فعْلُ اليهود.

(وتروُّحُه)؛ أي: أن يروِّح على نفسه بالمروحة؛ لأنه نوع من العبَث، ومُشغِل للإنسان عن صلاته، لكن إن دعَت الحاجة إلى ذلك، فلا بأْس به؛ لأنَّ المكروه يُباح للحاجة.

(وفرقعة أصابعه)؛ لأن ذلك من العبَث، وفيه تشويش على مَن حوله.

(وتشبيكُها)؛ لحديثٍ ورَد فيمَن قصَد المسجد أن لا يُشَبِّكَنَّ بين أصابعه، فإذا كان قاصدُ المسجد للصلاة مَنهيًّا عن التشبيك، فمَن كان في نفس الصلاة، فهو أوْلَى بالنهي.

 

(وأن يكون حاقنًا)، والحاقن: هو المحتاج إلى البول، ومثله الحاقب: وهو الذي حَبَسَ الغائط؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن الصلاة في حضرةِ طعام، ولا وهو يُدافعه الأخبثان. (أو بحضرة طعام يَشتهيه)، فاشترَط المؤلف شرطين، هما:

(1) أن يكون الطعام حاضرًا.

(2) أن تكون نفسه تتوق إليه.

وينبغي أن يُزاد شرطٌ ثالث، وهو: أن يكون قادرًا على تناوله حسًّا وشرعًا، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)).

 

(وتَكْرار الفاتحة)؛ لأنه لَم يُنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن إذا كرَّر الفاتحة لا على سبيل التعبُّد، بل لفوات وصْفٍ مستحبٍّ، فالظاهر الجواز، مثل: أن يكرِّرها ليحضر قلبه.

(لا جمعُ سُوَرٍ في فرْض كنفْلٍ)؛ أي: لا يُكره جمع السور في الفرْض، كما لا يُكره في النَّفْل؛ لحديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أنه صلَّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - سورة البقرة والنساء وآل عمران، وهذا جمْعٌ بين السُّوَر في النَّفْل، وما جاز في النَّفْل جازَ في الفرْض إلاَّ بدليل.

(وله ردُّ المارِّ بين يديه)، ظاهر كلام المؤلف يقتضي أنَّ هذا مباحٍ، مع ورود السُّنة بالأمر به؛ حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلَّى أحدكم إلى شيءٍ يستره من الناس، فأراد أحدٌ أن يَجتاز بين يديه، فليدْفَعه، فإنْ أبى، فليُقاتِلْه؛ فإنما هو شيطان)).

ويُحتمل أن يقال: يُفرَّق بين المارِّ الذي يقطع الصلاةَ مرورُه، والمارِّ الذي لا يقطع مرورُه، فالذي يقطع الصلاةَ مرورُه يجب ردُّه، والذي لا يقطع الصلاة مرورُه لا يجب ردُّه، وهذا قول وسط بين قوْل مَن يقول بالوجوب مطلقًا، ومَن يقول بالاستحباب مطلقًا، وهو قول قويٌّ.

وقوله: "بين يديه" المراد: ما بين رِجليه وموْضع سجوده، وهذا أقرب الأقوال.

 

(وعدُّ الآي)، ولكن لا يعدُّها باللفظ؛ لأن الكلام مُبطل للصلاة، لكن يعدُّها بأصابعه أو بقلْبه، أو بأحجار أو نوًى.

(والفتح على إمامه)؛ أي: تنبيهه إذا أخطأ، وينقسم إلى قسمين:

(1) فتح واجب: وهو الفتح عليه فيما يُبطل الصلاةَ تعمُّدُه.

(2) فتح مستحَب: وهو فيما يفوِّت كمالاً، ودليل هذا الحُكم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّما أنا بشَرٌ مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نَسِيت فذكِّروني))، وصلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة، فقرأ فيها، فَلُبسَ عليه، فلمَّا انصرَف، قال لأُبَيٍّ: ((أصلَّيْتَ معنا؟))، قال: نعم، قال: ((فما منَعك؟))؛ أي: ما منَعك أن تفتحَ عليّ؟

 

(ولُبْس الثوب)؛ أي: إنَّ المصلي له لُبْس الثوب، ولكن لا يفعله إلاَّ لحاجة كأن يبرد في صلاته، والثوب حوله، فإنْ كان يترتَّب على لُبْسه صحةُ الصلاة، فلُبْسه حينئذٍ واجبٌ.

(ولفُّ العمامة)؛ أي: له لفُّ العمامة لو انحلَّتْ، فإن كان انحلالُها يَشغله، فلفُّها حينئذٍ مشروع، وإن كان لا يَشغله فالأمر مُباحٌ؛ لحديث وائل بن حجر: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فرفَع يديه عند تكبيرة الإحرام، ثم الْتَحَف بثوبه، ثم وضَع يده اليُمنى على اليُسرى، فلمَّا أرادَ أن يركع، أخرَج يديه من الثوب، ثم رفعَهما، ثم كبَّر فركَع".

(وقتْلُ حيَّة وعقرب)؛ أي: له قتْل حيَّة وعقرب، بل يُسَنُّ له ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَر به، فقال: ((اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحيَّة والعقرب))، فإنْ هاجَمتْه، وجَب أن يقتُلَها دفاعًا عن نفسه، (وقَمْل)؛ أي: وله قتْل قَمْلٍ في الصلاة، فإنْ أشغلتْه، كان قتلُها مستحبًّا.

 

(فإن أطالَ الفعلَ عُرْفًا من غير ضرورة ولا تفريق)، فشروط بُطلان الصلاة بالحركة ثلاثة:

(1) أن تكون طويلة عرفًا.

(2) ألاَّ تكون لضرورة.

(3) أن تكون متوالية؛ أي: بغير تفريق.

 

(بطَلَت ولو سهوًا)؛ أي: إنَّ الصلاة تَبطُل بهذا الفعل، ولو كان الفعل سهوًا؛ لأن هذا يغيِّر هيئة الصلاة ويُخرجها عن كونها صلاةً، وبعض أهل العلم يقول: لا تبطُل صلاته إذا وقَع هذا سهوًا، وهذا مما أستخير الله فيه؛ أيُّهما أرجح؟

 

والحركات التي ليستْ من جنس الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام:

(1) واجبة: هي التي يتوقَّف عليها صحة الصلاة.

(2) مندوبة: هي التي يتوقَّف عليها كمال الصلاة.

(3) مباحة: هي الحركة اليسيرة لحاجة، أو الكثيرة للضرورة.

(4) مكروهة: هي اليسيرة لغير حاجة.

(5) محرَّمة: هي الكثيرة المتوالية لغير ضرورة.

 

(ويُباح قراءة أواخر السور وأوساطها)؛ أي: إنه ليس بممنوعٍ، وقد يكون سُنة، أمَّا في النَّفْل، فقد ثبَت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ..... ﴾ [البقرة: 136]، وفي الثانية: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ.... ﴾ [آل عمران: 64]، ويقرأ أحيانًا بـ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ [الكافرون: 1] في الأولى، و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1] في الثانية، وفي الفريضة قرأ من أوائل السور وأواخرها، كما فرَّق سورة الأعراف في ركعتين. (وإذا نابَه شيء)؛ أي: إذا عرض للمصلي شيء؛ سواء كان مما يتعلق بالصلاة، أم بأمْرٍ خارج، (سبَّح رجل) المراد به، الذَّكَر، ولا يُشترط البلوغ.

 

(وصفَّقت امرأة)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن رابَه شيءٌ في صلاته، فليسبِّح؛ فإنه إذا سبَّح التُفِتَ إليه، وإنَّما التصفيق للنساء))، وفي لفظ مسلم: ((إنما التصفيح للنساء))، وقال - صلى الله عليه وسلم - للصحابة: ((إذا نابَكم شيءٌ في صلاتكم، فليسبِّح الرجال، ولْتُصَفِّق النساء)).

(ببطن كفِّها على ظهْر الأخرى)؛ سواء كان التصفيق بالظهْر على البطن، أم بالبطن على الظهر، أم بالبطن على البطن، فالأمر واسعٌ.

(ويَبصُق في الصلاة عن يساره) إذا احتاج المصلي للبُصاق، فلا تَبصُق عن اليمين؛ لأن عن يمينك ملكًا، ولا أمام وجْهك؛ لأنَّ الله قِبَل وجْهك، فتَبصُق عن اليسار؛ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك.

(وفي المسجد في ثوبه)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((البُصاق في المسجد خطيئة))، (وتُسَنُّ صلاته إلى سُتْرَة)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلَّى أحدكم فليَسْتتر، ولو بسهمٍ))، وأدلة القائلين بأنَّ السُّترة سُنة أقوى، وهو الأرجح.

(قائمةٍ كمؤخرة الرَّحْل)؛ كما جاء في الحديث، وهي: خشبة توضَع فوق الرَّحْل إذا رَكِب الراكب استندَ عليها، وهي حوالي ثُلُثي ذراع، أو ثلاثة أرباع ذِراع، ورَحْل البعير هو: ما يُشَدُّ على ظهره للركوب عليه.

 

(فإن لَم يجدْ شاخصًا)؛ أي: شيئًا قائمًا يكون له شخصٌ، (فإلى خَطٍّ)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((... فمَن لَم يجدْ، فليَخُطَّ خطًّا)).

(وتَبْطُل بمرور كلبٍ أسودَ بهيمٍ)؛ أي: خالص، ولا يُخالط سوادَه لونٌ آخرُ.

(فقط) فقَّط المؤلِّف المسألة؛ لأمرين:

(1) ليُخرج الكلب الأحمر والأبيض، وما أشبه ذلك، وقد سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي ذَرٍّ: ما بالُ الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: ((الكلب الأسود شيطان)).

(2) ليُخرج المرأة والحمار، والدليل على أنَّ الكلب الأسود يُبطل الصلاة حديث أبي ذَرٍّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا قام أحدُكم يصلِّي، فإنه يستُرُه إذا كان بين يديه مثل آخِرة الرَّحْل، فإذا لَم يكن بين يديه مثل آخِرة الرَّحْل، فإنه يقطع صلاته: الحمار، والمرأة، والكلب الأسود)).

 

وقوله: "يقطع"؛ أي: يُبطل، ولكن الدليل يقتضي أنَّ الذي يقطع الصلاة ثلاثة، وليس الكلب الأسود البهيم فقط، لكنَّهم قالوا: إنَّ هذا مُخصص بأدلة تُخرج الحمار والمرأة، والقول الراجح أنَّ الصلاة تَبطُل بمرور المرأة والحمار والكلب الأسود؛ لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا مقاوم لهذا الحديث يُعارضه.

 

(وله التعوُّذ عند آية وعيدٍ، والسؤال عند آية رحمة)؛ أمَّا المنفرد والإمام، فمسلَّم، وأمَّا المأموم، ففيه تفصيلٌ، وهو: إن أدَّى ذلك إلى عدم الإنصات للإمام، فإنه يُنهى عنه، وإن لَم يؤدِّ إلى عدم الإنصات، فإن له ذلك، (ولو في فرْضٍ)، والصحيح: ما قاله المؤلف أنَّ له ذلك؛ لحديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - "أنه صلَّى مع النبي ذات ليلة، فقرأ بالبقرة والنساء وآل عمران، لا يمرُّ بآية رحمة إلاَّ سأل، ولا بآية وعيدٍ إلاَّ تعوَّذ"، وما ثبَت في النَّفْل ثبَت في الفرْض، والراجح أن نقول: أما في النَّفْل، فإنه يُسَنُّ له ذلك، وأمَّا في الفرض، فليس بسُنة، ولو كان سُنة، لفَعَله - صلى الله عليه وسلم - في الفرض، ولو فعَله، لنُقِل.

 

(أركانها) الأركان: جمع رُكن، وهو في اللغة: جانب الشيء الأقوى، وأمَّا في الاصطلاح: فأركان العبادة: ما تتركَّب منه العبادة؛ أي: ماهيَّة العبادة التي تتركَّب منها.

(القيام)؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لعِمران بن حصين: ((صلِّ قائمًا، فإن لَم تَستطع، فقاعدًا، فإن لَم تستطع، فعلى جنبٍ)).

(والتحريمة)؛ أي: تكبيرة الإحرام؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - للمُسيء في صلاته: ((استقبِل القِبلة وكبِّر))؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((تحريمها التكبير...)).

(والفاتحة)؛ أي: قراءة الفاتحة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا صلاة لِمَن لَم يقرأ بفاتحة الكتاب))؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقرؤوا خلْف إمامكم إلاَّ بأُمِّ القرآن؛ فإنه لا صلاة لِمَن لَم يقرأ بها))، والقول الراجح أنَّ قراءة الفاتحة رُكنٌ في كلِّ ركعة، وعلى كل مُصَلٍّ: الإمام والمأموم والمنفَرد، ولا يُستثنى منها أحدٌ إلاَّ المسبوق إذا وجَد الإمام راكعًا، أو أدْرَك من قيام الإمام ما لَم يتمكَّن معه من قراءة الفاتحة.

(والركوع)، ودليل كونه رُكنًا قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .... ﴾ [الحج: 77]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - للمُسيء في صلاته: ((ثم ارْكَع حتى تطمئنَّ راكعًا))، وأجْمَع العلماء على أنَّ الركوع ركنٌ لا بدَّ منه.

(والاعتدال عنه)، ودليل ذلك حديث أبي هريرة في قصة المسيء في صلاته: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثم ارْفَع حتى تعتدلَ قائمًا)).

 

(والسجود على الأعضاء السبعة)، ودليله قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .... ﴾ [الحج: 77]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - للمُسيء في صلاته: ((ثم اسجُد حتى تطمئنَّ ساجدًا))، ولحديث عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أُمْرِنا أن نسجدَ على سبعة أعضاء: الجبهة وأشار بيده إلى أنفه، والكفَّين، والرُّكبتين، وأطراف القَدَمين)).

(والاعتدال عنه): هذا هو الركن السابع من أركان الصلاة.

(والجلوس بين السجدتين)، ودليله قوله - صلى الله عليه وسلم - للمسيء في صلاته: ((ثم ارْفَع - يعني من السجود - حتى تطمئنَّ جالسًا)).

(والطمأنينة في الكلِّ)؛ أي: في كلِّ ما سبَق من الأركان الفعليَّة، والأصح: أنَّ الطمأنينة بقدر القول الواجب في الركن.

 

(والتشهُّد الأخير)، ودليل ذلك حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "كنَّا نقول قبل أن يُفْرَض علينا التشهد: السلام على الله من عباده، والسلام على جبرائيل وميكائيل، السلام على فلان وفلان"، والشاهد قوله: "قبل أن يُفْرَض علينا التشهُّد".

(وجِلسته)، أضاف الجلسة إلى التشهُّد؛ ليُفْهَم منه أنَّ التشهُّد لا بدَّ أن يكون في نفس الجلسة.

(والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه)؛ أي: في التشهُّد الأخير، ودليل ذلك أنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا رسول الله، علمْنا كيف نسلِّم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: ((قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ))، وأرجح الأقوال أنَّ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - سُنة، وليستْ بواجب ولا رُكنٍ، لأنه لا يُمكن أن نُبطل العبادة ونُفسدها بدليل يحتمل أن يكون المراد به الإيجاب أو الإرشاد، والأصل براءَة الذِّمة.

(والترتيب) يعني: الترتيب بين أركان الصلاة، ودليل ذلك أنَّ هذا هو ظاهر قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا .... ﴾ [الحج: 77].

فبدأ بالركوع، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: حين أقبل على الصفا: ((أبدأ بما بدأ الله به))، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّم المسيء في صلاته الصلاةَ، بقوله: ((ثم...، ثم...، ثم...))، "ثم" تدلُّ على الترتيب.

 

(والتسليم) وهذه العبارة التي عبَّر بها المؤلف هي التي عبَّرت بها عائشة - رضي الله عنها - بقولها: "وكان يختم الصلاة بالتسليم"، والأقرب: أن التسليمتَيْن كلتاهما رُكن؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظَب عليهما، وقال: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلي)).

(واجباتها)؛ أي: واجبات الصلاة، والواجبات تسقط بالسهو، ويَجبرها سجود السهو، بخلاف الأركان.

 

(التكبير غير التحريمة)، ويُستثنى ما يلي:

(1) التكبيرات الزوائد في صلاة العيد والاستسقاء، فإنها سُنة.

(2) تكبيرات الجنازة فإنها أركان.

(3) تكبيرة الركوع لِمَن أدْرَك الإمام راكعًا، فإنها سُنة، والدليل على أن التكبيرات من الواجبات قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كبَّر الإمام فكبِّروا))، والأمر للوجوب. (والتسميع والتحميد)؛ أي: قول الإمام والمنفرد: "سَمِع الله لِمَن حَمِده"، والتحميد: للإمام والمأموم والمنفرد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قال: سَمِعَ الله لِمَن حَمِده، فقولوا: ربَّنا ولك الحمد))، ومحلُّ التكبير والتسميع والتحميد ما بين الرُّكنين في الانتقال.

 

(وتسبيحتا الركوع والسجود)، والدليل أنه لَمَّا نزَل قوله - تعالى -: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74]، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اجعلوها في ركوعكم))، وأمَّا تسبيحة السجود، فهي أيضًا مفسَّرة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((اجعلوها في سجودكم))، حين نزَل قوله - تعالى -: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1].

(وسؤال المغفرة: مرة، مرة)؛ أي: مرة في كلِّ جلسة بين السجدتين، مرَّة في الجلسة الأولى، ومرَّة في الجلسة الثانية، وهكذا، والمراد: سؤال المغفرة بأيِّ صفة، فلو قال: "اللهمَّ اغفرْ لي"، لأجزَأ، وهذا هو الصحيح.

(ويُسَنُّ ثلاثًا)؛ لحديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: حين ذكَر أنه صلَّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا جلَس بين السجدتين، جعل يقول: ((ربِّ اغفر لي، ربِّ اغفرْ لي))، وكان دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - غالبًا التَّكرار ثلاثة.

 

(والتشهد الأول)؛ لحديث ابن مسعود: "كنا نقول قبل أن يُفْرَض علينا التشهد"؛ ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا نَسِي التشهُّد الأوَّل، لَم يَعُد إليه، وجَبَره بسجود السهو، ولو كان رُكنًا، لَم يَنْجَبر بسجود السهو.

(وجلسته)، فلا بدَّ أن يكون التشهد كله في حال الجلوس.

 

(وما عدا الشرائط والأركان والواجبات المذكورة سُنة، فمَن ترَك شرطًا لغير عُذرٍ غير النيَّة، فإنها لا تسقط بحال)؛ أي: مَن ترَك شرطًا بغير عُذْر، بطَلَت صلاته، ولعُذر لَم تَبطُل.

(أو تعمَّد ترْك رُكنٍ أو واجبٍ، بطَلت صلاته، بخلاف الباقي)؛ أي: بعد الشروط والأركان والواجبات، فإنَّ الصلاة لا تَبطُل بترْكه، ولو كان عمدًا.

 

(وما عدا ذلك سُنن أقوال وأفعال لا يُشْرع السجود لترْكه، وإن سجَد فلا بأْس)، وعلى هذا، فكلُّ سُنة يتركها المصلي، فإن السجود لها غير مشروع؛ لا على سبيل الوجوب، ولا على سبيل الاستحباب، وإن سجَد فلا بأْس، إلاَّ أنه غير مشروع، وعندي في ذلك تفصيل، وهو: أنَّ الإنسان إذا ترَك شيئًا من الأقوال أو الأفعال المستحبَّة نسيانًا، وكان من عادته أن يفعلَه، فإنه يُشْرَع أن يسجد جبرًا لهذا النقْص الذي هو نقْصُ كمالٍ، لا نقْص واجب؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: ((لكلِّ سهو سجدتان))، وقوله: ((إذا نَسِيَ أحدُكم، فليسجد سجدتين))، فإنَّ هذا عامٌّ، أما إذا ترَك سُنة - ليس من عادته أن يفعلَها - فهذا لا يُسَنُّ له السجود.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (1)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (2)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (3)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (4)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (5)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (6)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (7)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (8)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (9)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (10)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (11)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (13)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (12)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (15)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (16)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (17)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (18)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (19)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (21)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (23)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (25)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (27)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (28)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (31)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (32)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (33)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (34)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (35)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (36)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (37)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (38)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (39)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (40)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (41)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (42)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (43)

مختارات من الشبكة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (47)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (46)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (45)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (44)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (30)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (29)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (26)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (24)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (22)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع (20) باب صلاة العيدين(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب