• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أخوة الإسلام الجامعة

الشيخ حسين شعبان وهدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/5/2011 ميلادي - 30/5/1432 هجري

الزيارات: 29184

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أخوة الإسلام الجامعة


الحمد لله الذي جعل المؤمنين بنعمته إخواناً وعلى الخير أنصاراً وأعواناً، طريقهم رسمه الإسلام العظيم ونهجهم خطَهُ القرآن الكريم، فعاشوا أماجد الدنيا وطلاَّبَ الآخرةِ على بصيرةٍ وتُقَى، وتذوَّقوا طعمَ الأُخوَّة الصادقة في كل زمانٍ ومكانٍ ومَصْعَدٍ ومُرْتَقَى، وحدث التاريخ عن أطهر أجيال البشر وكانت سيرتهم أعطر السِّيَر.

 

يا أخا الإسلام:

وَكُلُّ مَوَدَّةٍ للِهِ تَصْفُو
وَلاَ يَصْفُو مَعَ الفِسْقِ الإِخَاءُ
و كلُّ جراحةٍ فلها دواءٌ
وَسُوْءُ الخُلْقِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءُ
ولَيْسَ بِدَائِمٍ أَبَداً نعِيْمٌ
كَذَاكَ البُؤْسُ لَيْسَ لهُ بَقَاءُ
إذَا مَا رَأْسُ أَهْلِ البَيْتِ وَلَّى
بَدَا لَهُمُ مِنَ النَّاسِ الجَفَاءُ

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، عظيم الرحاب وواسع الجناب ورب الأرباب ومسبب الأسباب وخالق الناس من تراب.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، داعم عهود الإخاء بين المؤمنين، بل كان رحمة الله لكل العالمين.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد:

فقد كان الإخاء بين المؤمنين هو الأساس الثاني من أُسس المجتمع الجديد بعد أن استقر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية المباركة، وعليه حرص الأصحاب وبه عاشوا في دين الله إخوةً تجمعهم آمالٌ واحدةٌ وهمومٌ واحدةٌ ويحدوهم في الله حادي الهدى والسير على صراطٍ مستقيم، وهي نعمةٌ كبرى من الله تعالى على المؤمنين فقد أكرمهم بهذا التآلف بين القلوب قال الله تعالى: ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ (الأنفال:63).

وبالإخاء الطيب بين المؤمنين يعيش المجتمع كله في أمانٍ نفسيٍّ شاملٍ من أطراف معانيه، وبغيره تتفرق القلوب ويتبعثر الجهد وتتفرق الخطى ويسير كل فردٍ على مقتضى مآربه حسب ظروف وقته ومصلحته، ولهذا ؛ فنحن في أمس الحاجة إلى التمسك بهذه الفضيلة باسم الإسلام الجامع لكل خيرٍ ونعمةٍ.

ولننظر إلى خطورة وضع الأمة وضعفها بسبب عدم التمسك بزمام الأخوة الصادقة والتأخر العام الذي نعانيه في كثيرٍ من المجالات مع التدبر أيضاً في أحوال أهل الغواية والصَّدِّ عن سبيل الله تعالى قد جمعتهم أهدافهم وإن تغايرت منهم اللغة والعرق والدين لكنهم يَظْهَرون في المجامع والمحافل الدولية كأنهم أبناءُ أبٍ واحد وأمٍّ واحدة ! .. وجمعتهم عملةٌ واحدةٌ وجيشٌ واحدٌ وقرارٌ واحدٌ ملزمٌ على مصلحةٍ واحدةٍ إذا راموها نفذوها ..فلماذا فرقتنا الأيام ؟!.

 

أيها المسلمون:

بماذا نفسر الواقع الذي يترجم العلاقة بين الإخوة المسلمين من الناحية النفسيَّة والإجتماعية ؟، واقعٌ فيه صور الوئام والإخاء شاحبة الألوان ولا تنبض في جُلِّ معانيها بالصدق المنشود حتى يتذوق المؤمنون طعمَ إيمانهم الذي يتصفون به على الدوام.

وكيف تزكو النفوس بمعنى الإخاء والمجتمع كشجرةٍ كل غصنٍ منها في وادٍ سحيقٍ عن شبيهه وأخيه ؟!.

أنسابٌ لا يجد أهلوها شذى المحبة والإخلاص ولا فخر الإتحاد .. بل في بعض جنبات الصورة كيدٌ سافرٌ ظاهرٌ بين من جمَّعَهُم الله تعالى بهذا الدين على معنى الإخاء لا تستطيع الشياطين الإتيان بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً.


الإسلام يرسي دعائم الأخوة الإيمانية

وللعقلاء أن يوازنوا بالمشابهة بين الإخوة من حيث نسبتهم إلى ولدي آدم عليه السلام قابيل وهابيل ؟ أم إلى ذلك الجيل الرائع في إخلاصه وحبه وإيمانه وأخوته وتماسكه، جيلِ المدينة الأول والذي وضع النبي صلى الله عليه وسلم أسسه الثلاثة والتي كان ثانيها هو الإخاء.


إن القرآن الكريم هو الذي صاغ هذه النفوس على معنىً صادقٍ لم تكن العرب تقف – بعد – على اكتناه حقيقته ألا وهو الإخاء الديني، تلك الرابطة المعقودة حقاً على معنى الإيمان، هكذا صورها القرآن الكريم آمراً: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ (آلـ عمران:103)، ذلك المعنى الذي يستدعى من أولى النهى الاستغراق في فهمه وإدراك مرماه العام في كلِّ جنبات الدنيا متى ما وُجِدَ المؤمنون، لقد قال الله تعالى:" وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً" وإيحاء هذا اللفظ"جميعاً" إيحاءٌ واضح يُقصد به مجموع الأمة كلها، وحينما يقصر المسلم وحدته وإخاءه لجماعته أو عائلته أو قريته أو قطره أو طائفته فقد خفر عهود الأخوة في الله تعالى، لأن الله عز وجل لم يقل "واعتصموا بحبل الله جماعةً" أو عائلةً أو بلداً أو طائفةً !! فمهما تعمق المسلم في التوحد جماعته أو عائلته وأهمل بقية الجموع المؤمنة فإنه يسير إلى مظنة الهلاك، قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((... فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية)) ( الألباني في صحيح أبي داود 547 بسندٍ حسن عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه )، وقال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ (المؤمنون:52)، وعلى هذا فنحن المؤمنين جميعاً إخوة:

يؤلف إيلام الحوادث بيننا ♦♦♦ ويجمعنا في الله دينٌ ومذهبُ

 

والفُرقَةُ المضروبة من البعض على المسلمين هي دليل سوء فهمٍ وعدم تطبيقٍ لأوامر الشرع الحنيف، وليعلم كل من كان سبباً في تفرق أيٍّ من المسلمين عن أخيه أنه يحمل كفلاً من قتامة الصورة القائمة بين المسلمين بمقدار أثره السئ في نفوس الناس.

وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الميثاق العام لجميع المؤمنين أساساً ومعلماً حتى يجمعهم رابط الأخوة بمزيد المحبة فقال صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)) ( صحيح البخاري 6951بسندٍ صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه)، فهذا مذاقٌ جديدٌ في معنى الأخُوَّةِ لم يكن للناس في شأنه نصيبٌ حتى جاء الإسلام الخاتم وأفاض عليهم من طُهرِ معناه بتلك الأخوة العظيمة التي أرسى دعائمها على مر الزمان سيد الأنام صلى الله عليه وسلم بإخائه الكريم للصديق أبي بكر رضي الله عنه عنه حين قال: ((لو كنت متخذاً من أمتي خليلا، لاتخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي)) ( صحيح البخاري 3656 بسندٍ صحيح عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنه).

وذلك لأن الخليل يرضي عن كل ما يصدر من خليله دون أن يلاحظ العوج في مسالكه عند وقوعه، وحتى لو كان مقتنعاً بخطئه فإنه لا يبخعه بالخذلان في ظنه بل يداوي جراحه بالتأييد والدفاع، والحال كما قال القائل:

وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ ♦♦♦ ولكن عين السخط تبدي المساويا

 

فلهذا كانت أخوة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أفضل من الخُلَّةِ التي قد يترتب عليها عند بعض الناس التماس الأعذار عند الخطأ مع عدم الإقرار به، وهذا يفسر حالات المدافعين عن أشخاصٍ بعينهم كأنهم معصومون على الدوام !.

ويفرح الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيراً بجمال معنى الأخوة في الله التي يبديها له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يستأذنه عمر في العمرة فأذن له وقال: "يا أخي لا تنسنا من دعائك، وقال بعد في المدينة: يا أخي أشركنا في دعائك . فقال عمر: ما أحب أن لي بها ما طلعت عليه الشمس لقوله: يا أخي" ( على بن المديني في مسند الفاروق 1/ 326 عن عمر رضي الله عنه).

 

وحتى بين الأنبياء نجد أعلام الأخوة في الله تعالى خفَّاقَةً بكل خيرٍ وبِرٍ محفوظةَ العهدِ موفورةَ التقدير - رغم اختلاف الأزمان - فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن عفريتاً من الجن تفلَّتَ البارحة ليقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه فأخذته، فأردت أن أربطه على ساريةٍ من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلُّكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ (ص: من الآية35)، فرددته خاسئاً)) ( صحيح البخاري 3433 بسندٍ صحيحٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه عنه )، فهاهي معالم الأخوة بين الأنبياء ظاهرة باهرة تستجلب العبر واستلهام القدوة.


هذا، ولم تقف العوائق في سبيل الأخوة في الله حتى لو تباعدت الديار فها هو صلى الله عليه وسلم يصلى على النجاشي صلاة الجنازة ويأمر أصحابه بالاستغفار له كما ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة، اليوم الذي مات فيه، فقال: ((استغفروا لأخيكم . وعنه رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صفَّ بهم بالمصلى، فكبر عليه أربعاً)) ( صحيح البخاري 1337 بسندٍ صحيح ).

ولا ينصرم عهد الأخوة حتى مع الذنب وإن كان من الكبائر، فها هو رجلٌ يعاقر الخمر ولا يقدر على فِراقِهَا ومع هذا فقد ضمَّهُ النبيُّ الكريم صلى الله عليه وسلم إلى إخوته من المؤمنين والحديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: ((أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسكران، فأمر بضربه، فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه، فلما انصرف قال رجل: ما له أخزاه الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم)) ( صحيح البخاري 6781 بسندٍ صحيح ).

هو في الحقيقة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أخٌ كامل الأخوة مع أنه مدمنُ خمرٍ فما بال من ينتقص ويقع في أعراض من خالفه الرأي في مسألةٍ ولو كان رأيه مرجوحاً ؟ وخصوصاً إذا كان من العلماء تجد من يَلَغُ في سيرته ويُشَنِّعُ عليه كأنه من اليهود أو الزنادقة، متناسياً حقوق الأخوة باسم الإسلام التي تفرض على هذا المتجاوز أن يتقي الله في عرض أخيه بعدم الوقوع فيه.

فليتق الله أصحاب أشكال التدين الذين أمن منهم اليهود والمعتدون ومن لا دين لهم ولم ينج من لسانهم إخوةٌ لهم في الله رب العالمين.

 

صورٌ من الإخاء النبيل

ومن أكرم عهود الوفاء لمعنى الأخوة في الله تعالى نقف على عمق معناها وجميل مبناها تلك التي فرضت التوارث بين أهليها بادئ الأمر فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: ((كان المهاجرون لما قدموا إلى المدينة، يرث المهاجر الأنصاريَّ دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فلما نزلت: ﴿ ولكل جعلنا موالي ﴾ نسخت، ثم قال: ﴿ والذين عاقدت أيمانكم ﴾ إلا النصر والرفادة والنصيحة، وقد ذهب الميراث، ويوصي له)) ( صحيح البخاري 2292 بسندٍ صحيح ).

وهذه صورةٌ أخرى تبين كيف كانت الأخوة بين أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وكيف كان أثرها وذلك ممن عايش الأمر وكان أحد أبطاله، فها هو عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه يقول: ((لما قدمنا إلى المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالاً، فأقسم لك نصف مالي، وانظر أيَّ زوجتيَّ هويت نزلت لك عنها، فإذا حلت تزوجتها، قال: فقال عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك، هل من سوق فيه تجارة ؟ . قال: سوق قينقاع، قال: فغدا إليه عبد الرحمن، فأتى بأقطٍ وسمنٍ، قال: ثم تابع الغدو، فما لبث أن جاء عبد الرحمن عليه أثر صفرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تزوجت ؟ قال: نعم، قال: ومن؟ قال: امرأة من الأنصار، قال: كم سقت ؟ قال: زنة نواة من ذهب، أو نواة من ذهب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة)) ( صحيح البخاري 2048بسندٍ صحيح عن عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه ).


وهذا خبرٌ آخر من الود الجميل والإخاء المنشود بين المؤمنين تجلى فيها أثر الأخ في الله وحكمته ونصحه لأخيه وشعوره بما ينفعه وانشغاله بما يفيده، فعن أبي جحيفة السوائي رضي الله عنه أنه قال: ((آخى النبي رضي الله عنه بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مُتَبَذِّلَةً، فقال لها: ما شأنك ؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاماً، فقال: كُلْ فإني صائم، قال: ما أنا بآكلٍ حتى تأكل، فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال: نَمْ، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَمْ، فلما كان آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، قال: فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان)) ( صحيح البخاري 6139 ) بسندٍ صحيح عن أبي جحيفة السوائي "صاحب النبي صلى الله عليه وسلم واسمه وهب بن عبد الله ويقال له وهب الخير) .

إن المجتمع الإيماني الذي صاغه الإسلام على يد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان مجتمع برٍ عامٍّ ومحبةٍ بين القلوب وأُخوةٍ في الله صارت مضرب الأمثال على طول المدى وحادية النفوس إلى تذوق معنى الأخُوَّةِ في الدين والتي أفرزت مجتمعاً تشابه مع بعض تفاصيله بالملائك الأطهار، أما الصورة العامة في حياتنا فنبأُها عجبٌ عجاب يصدم أولي الألباب.


معكرات صفو وداد الأخُوَّةِ

ليس كل الإخْوَةِ على شكلٍ واحدٍ من التقدير لبعضهم فقد كانت أول جرائم القتل بين أخويْن في البشرية، وكان إخوة يوسف مثلاً واضحاً في خفر العهود بعد توكيدها فقد حقدوا على أخيهم الصغير يوسف ومكروا له وأبعدوه عن أبيه وألقوه في البئر وكذبوا على والدهم النبي الكريم يعقوب عليه السلام، ولأجل ذلك يجب أن نحذر معكرات صفو الوداد بين الإِخْوَةِ في هذه الدنيا التي غيرت مفاهيم الناس بالطمع والحقد وإرادة علو النفس وخفض الغير، وعلينا أن نتأمل هذه البيانات النبوية الهادية:

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) ( صحيح البخاري 13 بسندٍ صحيح )، ففي هذا الحديث نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم ينفي تمام الإيمان عن العبد إلا إذا أحب لأخيه ما يحب لنفسه، فإذا بدت أعلام الأنانية وظهرت أماراتها فهي من معكرات صفو الأخوة في النفوس.

• ومن أسباب تكدير القلوب وميلها عن صفو المحبة في الأخوة ما جاء من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب)) ( صحيح البخاري 5142 بسندٍ صحيح ).

• ومن معكرات صفو المودة في الإخاء بين المؤمنين تكفير بعضهم لجهلٍ أو هوى، وفي ذلك ورد قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء به أحدهما)) ( صحيح البخاري 6103 بسندٍ صحيحٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه )، بل إن دعاوى التكفير المُعَيَّنَةِ للأشخاص من سخائم الأقوال و موجبات السخط واستدعاء الفتن، فليحذر المسلمون هذا المسلك فإنه من أبواب الضنك في الدنيا والعذاب في الآخرة.

• وقد حرص الإسلام العظيم على إغلاق أبواب الشقاق من التباغض والتحاسد والتدابر والهجران بين الإخوة في الله تعالى، فعن انس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال)) ( صحيح البخاري 6076 بسندٍ صحيح ).


حتى عند الخصومة

ومن حرص الدين على الحفاظ على عهد الأخوة في الله تعالى فقد كره للمسلم أن يسكت ويرضى من نفسه أن يظلم عباد الله تعالى وحثه على ضرورة رد المظالم بطريقةٍ أخاذةٍ مُذكِّرَةٍ بالعلاقة الكريمة بين الإخوة المسلمين، وذلك واردٌ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)) ( صحيح البخاري 6534 بسندٍ صحيح ).

وكره النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن يجور على حق أخيه المسلم بأخذ شئٍ ليس له الحق فيه قد أمكنه منه قوة منطقه، لأنه إن فعل ذلك فإنه على الحقيقة لا يستحوذ إلا على ضمانٍ مؤكدٍ بولوج النار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قطعت له من حق أخيه قطعة، فإنما أقطع له قطعة من النار)) ( الوادعي في الصحيح المسند 1332 بسندٍ حسن والشافعي في الأم 8/ 185 )، وغير معقولٍ أن تكون العلاقة بين الإخوة نهباً لأَعْراف الشيطان وحزبه من تهوين الروح وعدم مهابتها بالقتل أو حتى بالإشارة بآلة تهديدٍ كسلاحٍ أو حديدٍ أو ما يماثله، قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري، لعل الشيطان ينزغ في يده، فيقع في حفرةٍ من النار)) ( صحيح البخاري 7073 بسندٍ صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ).

 

وعند القتل يستحيل الحب ويستحكم البغض في القلوب بكل سماته، ولكن القرآن الكريم مع ذلك يصف القاتل عند قبول الدية بالأخوة، قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾ (البقرة: من الآية178).


وأخيراً:

فما أجمل الأخوة التي تجمعنا بعمق معناها، تلك التي تفئ على المؤمنين عطر المعاني الحسان حتى تذيق أهلها طيب المشاعر العذبة والتي عناها أحد المتآخين بقوله لأخيه:

أبلغ أخاً قد تولى الله صحبته
أني وإن كنت لا ألقاه ألقاه
وأن طرفي موصولٌ برؤيته
وإن غاب عن سكناي سكناه
ليته يدري أني لست أذكره
وكيف أذكره إذ لست أنساه

 

ونسأل الله تعالى أن يديم علينا نعمة الأخوة في الله وأن يفئ علينا بها جزيل الأجر وطيب الذكر.

والحمد لله في بدءٍ وفي ختمٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أين أخوة الأنصار يا أمة المليار؟
  • تعشيق الجامعة بالمجتمع
  • في طريق الجامعة (قصة قصيرة)
  • حديث أخوة الإسلام وحقوق المسلم

مختارات من الشبكة

  • التراحم والأخوة بين المؤمنين (إنما المؤمنون إخوة)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الأخوة الحقيقية هي أخوة الدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث أخوة الإيمان والإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استعمالات الأخوة في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الأخوة في الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخوة الدين أقوى روابط المسلمين (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • إنما المؤمنون إخوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقيم وحدي مع إخوة زوجي المسافر(استشارة - الاستشارات)
  • إخوة زوجي أصحاب سوابق، فهل أنجب؟(استشارة - الاستشارات)
  • أخوة المؤمن ونخوته(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 


تعليقات الزوار
1- فعلا الإخاء والمودة هي كل شي
رضا ابوزينة - مصر 15-01-2012 12:14 AM

ياه على الكلام مقال قوي الأخوة ممكن يبتعدوا عن بعض لسبب سخيف وممكن يكون صديق أخ نبيل

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب