• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

القواعد الفقهية والأصولية المؤثرة في تحديد حرم المدينة النبوية

د. محمد بن حسين الجيزاني

المصدر: مجلة الدرعية العدد السادس والعشرون أغسطس 2004 م، 1425 هـ.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/3/2011 ميلادي - 2/4/1432 هجري

الزيارات: 39579

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القواعد الفقهية والأصولية المؤثرة في تحديد حرم المدينة النبوية

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

 

أما بعدُ:

فهذه دراسة تطبيقية تتجلى بها أهمية القواعد الفقهية والأصولية، وأن تأثير هذه القواعد ليس قصرًا على مسائل الفقه وفُرُوعه.

 

أهمية الموضوع:

ذلك أن للقواعد الفقهيَّة والأصولية أثرًا في فَهم نُصُوص الوحي وغيره، وفي القدرة على الاستنباط منها، وفي نقْد الأدلة ووجْه الاستدلال بها.

قال الإمام الزنجاني في مُقَدِّمة كتابه الفريد الذي يُعَدُّ أول كتاب في بيان ارتباط المسائل الفقهية بقواعدها الأصولية المسمَّى: "تخريج الفُرُوع على الأُصُول":

لا يخفى عليك أن الفروع إنما تُبنَى على الأصول، وأن من لا يفهم كيفية الاستنباط، ولا يهتدي إلى وجْه الارتباط بين أحكام الفُرُوع وأدلتها التي هي أصول الفقه، لا يتسع له المجال، ولا يمكنه التفريع عليها بحال، فإن المسائل الفرعية على اتِّساعها وبُعد غاياتها لها أصولٌ معلومة، وأوْضاع منظومة، ومَن لَم يعرفْ أُصُولها لَم يحطْ بها علمًا"[1].

إنَّ تطْبيق القواعد الفقهيَّة والأصوليَّة على المسائل الفرعيَّة المبنيَّة على تلك القواعد ومعرفة وجه ابتنائِها عليها، هو الثمرة المبْتغاة مِن دراسة هذه القواعد، وهو الغاية المغَيَّاة.

ويحصل بهذا النَّوْع منَ الدراسة المزاوجة بين التنظير والتطبيق، والممازَجة بين الأثر والمؤثر.

 

وقد وقع اختياري على قضيَّة تاريخية؛ لتكونَ محلاًّ للتطبيق والدراسة، ألا وهي مسألة: حدود حرم المدينة النبوية، وهي مسألة جديرةٌ بالبحث والعناية؛ للأسباب الآتية:

1- أن حرم المدينة النبوية تترتَّب عليه أحكام شرعية، وتنبني عليه آثار عمليَّة، فالندب إلى بيان حدوده، والسعي في تمييز معالِمه - بهذا النظر - مقصدٌ شرعي، ومطلب ديني.

2- أن تحديد حرَم المدينة على سبيل التفصيل لَم يتطرَّق إلى بيانِه وضبْطه السابقون من الفقهاء أو المؤرِّخين، وهذا يرجع إلى أسباب يأتي ذكرُها.

3- ما تميزتْ به هذه المسألة على وجْه الخصوص مِن تعلق قويّ وارتباط متين بوجوه الاستدلال وطرُق الاستنباط، وفي مثل هذا النوع منَ المسائل يظهر بوضوحٍ أثر التخْريج والبناء على القواعد الفقهيَّة والأُصُوليَّة.

 

الدِّراسات السابقة:

وقد مضتْ في الكلام على حدود حرَم المدينة النبوية وأحكامه مَساعٍ مذكورة، وجهود مشكورة، منها - وهي مرتَّبة حسب تاريخها -:

1- ما نشر في مجلة المنهل في جمادى الآخرة من سنة 1383 هـ، بقلم الشيخ محمد الحافظ، تحت عنوان: تحقيق حرَم المدينة المنورة وتحديده.

2- القرار الصادر عن هيئة حدود حرَم المدينة المنورة برئاسة الشيخ عبدالله بن عقيل، والمصادق عليه من مفتي الديار السعودية سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، بتاريخ 1389 هـ.

3- ما نشر في ملحق التراث بجريدة المدينة بتاريخ (22/ 10/ 1411 هـ)، بقلم الدكتور عبدالعزيز القاري، تحت عنوان: حدود حرَم المدينة النبوية.

4- ما نشر في ملحق التراث بجريدة المدينة بتاريخ (25/ 9/ 1413 هـ)، بقلم الدكتور عبدالعزيز القاري، تحت عنوان: تحديد حرَم المدينة النبوية، دراسة للقرار الصادر حوله عام 1389 هـ.

5- أحكام المدينة المنورة في الفقه الإسلامي، وهو بحثٌ تكميلي قدَّمه الباحثُ محمد بن سليمان السعيد؛ لنيْل درجة العالمية (الماجستير) من المعهد العالي للقضاء بالرياض سنة 1416 هـ، (لَم يُطبعْ).

6- كتاب الأحكام الفقهية المتعلِّقة بالمدينة النبوية؛ للشيخ يوسف المحمدي.

7- ما كتبه الدكتور غازي التمام في كتابه رسائل في آثار المدينة النبوية بعنوان حدود حرم المدينة النبوية وحماها.

8- القرار الذي صدر أخيرًا من اللجنة الشرعية لتحديد حرَم المدينة النبوية سنة 1419 هـ.

 

تلك طائفة من الدراسات السابقة التي وقفتُ عليها، وأفدتُ منها في موضوع حدود الحرَم المدني، ويمكن أن يضافَ إلى هذه الدِّراسات سائر كتب تاريخ المدينة وأخبارها وفضائلها قديمًا وحديثًا، فمن ذلك:

1- تاريخ المدينة؛ لابن شبة، المتوفَّى سنة 262 هـ.

2- القرى لقاصد أم القرى؛ للمُحب الطبري، المتوفَّى سنة 694 هـ.

3- التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة؛ للمطري، المتوفَّى سنة 741 هـ.

4- تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة؛ للزين المراغي، المتوفَّى سنة 816 هـ.

5- المغانم المطابة في معالم طابة؛ للفيروز آبادي، المتوفى سنة 817 هـ.

6- وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى؛ للسمهودي، المتوفى سنة 911 هـ.

 

ومن الكُتُب المعاصِرة:

7- تاريخ معالم المدينة قديمًا وحديثًا؛ للأستاذ أحمد ياسين الخياري.

8- آثار المدينة؛ للأستاذ عبدالقدوس الأنصاري.

9- المدينة بين الماضي والحاضر؛ للأستاذ إبراهيم العياشي.

10- فصول من تاريخ المدينة؛ للأستاذ علي حافظ.

11- فضائل المدينة المنورة؛ للدكتور خليل إبراهيم ملا خاطر.

12- الأحاديث الواردة في فضائل المدينة؛ للدكتور/ صالح الرفاعي، وقد أفدتُ من هذا الكتاب - غالبًا - في تخريج الأحاديث.

13- معالِم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، الجزء الأول: المعالم الطبيعية للدكتور عبدالعزيز كعكي.

 

خطة البحث:

وقد قسمتُ هذا البحث إلى أربعة مطالب:

المطلب الأول: متى حرمت المدينة؟

المطلب الثاني: حكم وضع أعلام لحدود حرم المدينة.

المطلب الثالث: المسائل الواضحة التي لا إِشْكال فيها مما يتصل بحدود حرَم المدينة.

المطلب الرابع: المسائل المُشْكلة في حدود حرَم المدينة.

 

وبعدُ:

فهذه رؤوس مسائل، اجتهدتُ في جَمْعِها، وأوجزْتُ في بيانِها، ولستُ في هذا المقام أسعى إلى تفصيل القول في شيء من القواعد الفقهيَّة أو الأصوليَّة، كما أنني لم أقصد إلى تحرير شيء من المسائل الفرعية أو ترجيح رأيٍ فيها، وإنما يَممت وجهي نحو: ربط المسائل الفرعية بأصولها الكلية، وتطبيق القواعد الكليَّة على فروعها الجزئية.

أسأل الله - جل شأنه - أن يوفق الجميع لأرشد الأقوال وأزكى الأعمال، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالَمين.

 

المطلب الأول: متى حرمت المدينة؟

ثبَت أنَّ الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - حرَّم المدينة لَمَّا جاء من غزوة خيبر، وذلك - على الصحيح - في المحرم من السنة السابعة من الهجرة[2]، عندما نظر - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فقال: ((اللهم إنِّي أحرم ما بين لابتيها بمثل ما حرَّم إبراهيمُ مكة))[3].

فمكة هي حرَم الله على لسان نبيه إبراهيم، والمدينة أيضًا حرم الله على لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - كما صحَّ ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم[4].

ومعرفة تاريخ تحريم المدينة أمر في غاية الأهمية؛ إذ يشترط في النسخ أن يتأخر الناسخ عن المنسوخ، فلا بد إذًا - عند الحكم بالنسخ - من معرفة التاريخ[5].

وبالنسبة لمسألة تحريم المدينة، فقد وقع خلاف بين الجمهور والحنفية، وكل منَ الفريقَيْن استند إلى النسْخ؛ حيث ذهب الجمهور إلى أن أحاديث تحريم المدينة متأخرة، فهي ناسخة لما عارضها، وذهب الحنفية إلى أن أحاديث تحريم المدينة متقدِّمة، فهي منسوخة بالأحاديث الدالة على عدم حُرمة المدينة[6].

 

المطلب الثاني: حُكم وضع أعلام لِحُدُود حرَم المدينة النبوية؟

المتأمِّل لِما دوَّنَه المؤرِّخون للمدينة ربما يتوقَّف حيرة في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم الخلفاء من بعده تركوا نصب أعلام لحدود حرَم المدينة؛ إذ لَم ينقل شيء من ذلك عنهم، اللهم إلا ما رواه الطبراني وغيره - وهو خاصٌّ بالحِمى دون الحرم - عن كعب ابن مالك - رضي الله عنه -: بعَثَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم على حدود الحمى[7].

وهذا بِخِلاف الحرم المكي؛ فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء من بعده قد تتابَعوا على تَجْديد أعلامِه، ولا تزال أعلامُه شامخةً شاخصة إلى يومِنا هذا[8].

لقد استدلَّ بعضُ الباحثين من المعاصرين بتَرْكه - صلى الله عليه وسلم - والصحابة من بعده وضْع أعلام لِحَرَم المدينة؛ فقال: الذي وسع هؤلاء جميعًا في عدم وضع علامات واضحة تحدد حرم المدينة ينبغي أن يسعنا الآن، ونترك الأمر على ما كان عليه طيلة القرون الماضية[9].

ومعقد الأمر في ذلك أن ينظرَ في السنَّة التركيَّة، وشرط الاحتجاج بها.

ثم هل يسوغ اعتبار ترْكه - صلى الله عليه وسلم - في هذا المقام - نصب أعلام لحدود الحرم المدني سنة نبوية، يُقْتَدى بالرَّسول - صلى الله عليه وسلم - فيها؛ فيجب أن نتركَ ما تركه؟

 

فهذان أمرانِ مُفتقران إلى البيان:

أولهما: ما المراد بسُنَّة الترْك؟

وثانيهما: هل ترَك النبي - صلى الله عليه وسلم - نصب أعلام لحرَم المدينة يدخل تحت سُنة الترْك؟

 

أما المقصود بالسنَّة التَّركية فهو: أن يتركَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فعل أمر من الأمور[10]، وإنما يعرف ذلك بأحد طريقَيْن[11]:

أحدهما: تصْريح الصحابي بأنَّ الرسولَ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ترك كذا وكذا، ولَم يفعله؛ كقوله: "صلى العيد بلا أذان ولا إقامة"[12].

والثاني: عدم نقْل الصحابة للفعل الذي لو فعَلَه - صلى الله عليه وسلم - لتوَفرتْ هممهم ودواعيهم أو أكثرهم أو واحد منهم على نقْله، فحيثُ لَم ينقله واحد منهم ألبتة، ولا حدَّث به في مجمع أبدًا، عُلم أنه لَم يكن.

وهذا كترْكه التلفُّظ بالنِّية عند دُخُوله في الصلاة، وترْكه الدُّعاء بعد الصلاة مستقبل المأمومين، وهم يؤمنون على دعائِه دائمًا بعد الصُّبح والعصر أو في جميع الصلوات.

والواجب على المؤمنين الاقتداءُ بالرَّسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يفعل وفيما يترُك على حدٍّ سواء.

 

وترْكه - صلى الله عليه وسلم - فعل أمر من الأمور إنما يكون حجة، فيجب ترْك ما ترَك بشرطَيْن:

الشرط الأول: أن يوجد السبب المقتضي لهذا الفعل في عهده - صلى الله عليه وسلم - فإذا ترَك - صلى الله عليه وسلم - فعل أمرٍ منَ الأمور، مع وجود المقتضي لفِعله - بشرط انتفاء المانع - علِمْنا بذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما ترَكه ليسن لأمَّتِه ترْكه.

أمَّا إذا كان المقتضي لهذا الفعل مُنتفيًا، فإن تركه - صلى الله عليه وسلم - لهذا الفعل عندئذ لا يُعَدُّ سُنة، بل إن فعل ما تركه - صلى الله عليه وسلم - يَصير مشروعًا غير مخالف لسنته، متى وجد المقتضي له، ودلتْ عليه الأدلةُ الشرعيَّة، وذلك كقتال أبي بكر - رضي الله عنه - مانعي الزكاة[13]، بل إنَّ هذا العمل يكون مِنْ سُنته؛ لأنه عمل بمقتضى سنته - صلى الله عليه وسلم.

 

الشرط الثاني: انتفاء الموانع؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد يترك فعل أمر منَ الأمور - مع وجود المقتضي له في عهده - بسبب وجود مانع يمنع مِن فعله.

وذلك كتَرْكه - صلى الله عليه وسلم - قيام رمضان مع أصحابه في جماعة - بعد ليال - وعلل ذلك بخشيته أن يفرضَ عليهم، فإذا زال المانعُ بموته - صلى الله عليه وسلم - كان فعل ما تركه - صلى الله عليه وسلم - إذا دلتْ على هذا الفعل الأدلةُ الشرعيَّةُ - مشروعًا غير مخالف لسُنته، وذلك كما فعل عمر - رضي الله عنه - في جَمْعه الناس على إمام واحدٍ في صلاة التراويح[14]، بل إن هذا العمل يكون مِن سُنته - صلى الله عليه وسلم - لأنه عمل بمقتضاها.

 

وإذا تبيَّن أن ترْكه - صلى الله عليه وسلم - إنما يكون حجة يجب اتِّباعها بهذَيْن الشرطَيْن، فهل ترك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نصب أعلام لحرَم المدينة يدخل تحت سنة الترْك التي يجب اتباعها؟

الجواب: أن المقتضي لوضْع أعلام تُميز حدود حرَم المدينة، ويعرف بها ما يدخل في حد الحرم وما لا يدخل، قد كان منتفيًا في عصره - صلى الله عليه وسلم - حيث كانتْ حدود حرم المدينة معلومة العين، بارزة لا تخفى على ذي عين، بل إن دور المدينة كلها واقعة بين اللابتين، وكانتِ اللابتان تحيطان بأطراف المدينة.

 

قال المُحب الطبري: "معنى لابتي المدينة؛ أي: طرفاها"[15].

وقال الهروي: "يُقال ما بين لابتيها أجهل من فلان؛ أي: ما بين طرفي المدينة"[16].

وقال ابنُ نافع: "فما بين هذه الحرار كلها في الدور مُحرّم أن يصادَ فيها"[17].

 

ومن هنا يعلم أن اللابتين كانتا - في عصره - صلى الله عليه وسلم - واضحتي المعالم، ظاهرتين للمعايِن، لا يرد في حدهما إشكال، ولا يتأتّى بشأنهما نِزاع؛ بسبب قلَّة السكان، وضيق مساحة العمران، فانتفى لأجل ذلك المقتضي الموجب نصب أعلام على حدود الحرم[18].

أمَّا في وقتنا هذا فقد وجد هذا المقتضي، وقام السبب الداعي إلى وضع أعلام تُبَيِّن حدود هاتين الحرتين وما بينهما، ونصب علامات تظهر بها حدود الحرم من كل جهة؛ إذ عفت معالم الحرتين في الجملة، وانطمستْ آثارهما؛ بسبب امتداد البُنيان وارتفاعه، وازدياد العمران واتِّساعه، وأصبح السائرُ فوق تلك الأرض لا يمكنه التعرُّف إلى أصلها أو التنبؤ بأساسها؛ أهو وادٍ مرْكوم أم جبل مقضوم؟ أو هو سهول بيضاء أم حرة سوداء؟

وبهذا يظهر جليًّا أن السبب المقتضي لوضْع أعلام تُميز حدود حرم المدينة، إنما وجد في هذا العصر، ولم يكنْ هذا المقتضي موجودًا في عصره - صلى الله عليه وسلم.

وبذلك يعلم أن نصب أعلام على حدود حرم المدينة أمر مشروع، بل هو داخل تحت عموم سنته التي ثبت بها تحريم ما بين لابتي المدينة وما بين جبلَيها؛ حيث أصبحت - في هذا العصر - معرفة حدود هذا الحرم مُتوقِّفة على وضْع هذه الأعلام؛ إذ يمكن بها معرفة ما يدخل في حدِّ الحرم وما لا يدخُل، وبدون وضع هذه الأعلام يصعُب تمييز حُدُود الحرَم أو يتعذَّر.

 

وإذا ثبَت أن وضع هذه الأعلام لحرم المدينة يحقق مقصدًا شرعيًّا، فإن وضع هذه الأعلام لا يدخل تحت معنى البدعة في الدين[19]، بل يكون مِن قبيل المصلحة المرْسلة[20].

ذلك أن المصلحة المرسلة تنفرد عن البدعة[21] بأن عدم وقوعها في عصر النبوة إنما كان لأجل انتفاء المقتضي لفِعْلها، أو أن المقتضي لفعلها قائم، لكن وجد مانع يمنع منه، بخلاف البدعة إنَّ عدم وُقُوعها في عهد النبوة كان مع قيام المقتضي لفعلها، وتوفر الداعي، وانتفاء المانع.

وتعرف البدعة أيضًا بمُناقضتها وهدمها لمقاصد الشريعة، بخلاف المصلحة المرسلة؛ فإنها - لكي تعتبر شرعًا - لا بد أن تندرجَ تحت مقاصد الشريعة، وأن تكون خادمة لها، وإلا لم تعتبرْ.

ثم إن البدعة إنما تكون في الأُمُور التعبدية، وما يلتحق بها من أمور الدين، بخلاف المصلحة المرسلة؛ إذ لا مدخل لها في التعبُّدات، ولا ما جرى مجْراها من الأمور الشرعية، بل عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل معناه، وجرى على المناسبات المعقولة التي إذا عرضتْ على العقول تلقتْها بالقَبول، ومِن ذلك: وضع علامات على حُدُود حرَم المدينة؛ حتى يعرف بها ما يدخل في الحرَم وما لا يدْخل.

وتنفرد البدعة أيضًا بأنها تؤول إلى التشديد على المكلَّفين، وزيادة الحرَج عليهم، بخلاف المصلحة المُرْسلة؛ فإنها تعود بالتخفيف على المكلَّفين، ورفْع الحرَج عنهم، أو إلى حفظ أمر ضروري لهم، كما هو الشأن في نصب علامات بارزة لحرَم المدينة؛ إذ بها يسهل على الناس ضبْط حُدُود هذا الحرَم.

 

المطلب الثالث: المسائل الواضحة التي لا إشكال فيها مما يتَّصل بِحُدُود حرَم المدينة:

وهي خَمْس مسائل:

1- ورد في تحديد حرَم المدينة أحاديث كثيرة؛ من أشهرها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إنِّي أحرم ما بين لابتيها بمثل ما حرَّم إبراهيم مكة))[22]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المدينة حرم ما بين عير إلى ثور))[23].

وهذا الحرَم يُسمَّى حرَم الصَّيد، وقد جاءتْ أحاديث أخرى تقْتضي زيادة التحريم على هذا الحرم، وهذا القدر الزائد يُعرف بحِمى الشجر؛ إذ هو خاصٌّ به[24].

وقد عقد السمهودي في كتابه "وفاء الوفا" فصلاً خاصًّا في أحاديث تقْتضي زيادة الحرَم على ذلك التحديد، وأنه مقَدَّر ببريد[25].

ومن الأدلة على هذه التفرقة ما ثبت في صحيح الإمام مسلم[26] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بين لابتي المدينة، قال أبو هريرة: - رضي الله عنه -: فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها، وجعل اثني عشر ميلاً حول المدينة حمى.

 

2- لم يقع اختلاف معتبَر في تعيين جبل عير؛ بل إن موقعه واضح ومعروف، وهو يبعد عن المسجد النبوي سبعة أكيال تقريبًا، وقد جاء في وصفه وتعيينه أنه جبل كبير في قبلة المدينة، بقُرب ذي الحُلَيْفة، ميقات المدينة[27].

 

3- مما يدخل في حد الحرم يقينًا الموضع الواقع ما بين اللابتين، وهو ذلك الشريط الضيق، الذي يضُم المسجد النبوي وما حوله، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني أحرم ما بين لابتيها))[28].

قال ابن نافع: "اللابتان هما الحرتان، إحداهما التي ينزل بها الحاج إذا رجعوا من مكة، وهي بغربي المدينة، والأخرى مما يليها مِن شرقي المدينة.

قال: فما بين هاتين الحرتين حرام أن يصادَ فيها طير أو صيْد.

قال: وحرة أخرى مما يلي قبلة المدينة، وحرة رابعة من جهة الجوف، فما بين هذه الحرار كلها في الدور محرم أن يصاد فيها"[29].

أما دخول اللابتين - بكاملهما أو بعض أجزائهما - في حد الحرم فمسألة أخرى، سيرد ذكرها لاحقًا في المسألة الثالثة من المسائل المشكلة.

 

4- مما يدخل أيضًا في حد الحرَم يقينًا مساكن بني حارثة؛ للحديث الآتي في المسألة الثالثة من المسائل المشكلة.

5- لا يوجد في الأدلة الواردة في تحريم المدينة وبيان حدود هذا الحرم نصٌّ صريح يفيد أن حرم المدينة مربع متساوي الأضلاع، ولا أنه مستطيل، ولا أنه شكل مختلف الأضلاع والأبعاد، ولا أنه دائرة، وليس في الأدلة أيضًا ما يحتم كون المسجد النبوي نقطة الوسط والارتكاز لهذا الحرَم؛ بل النصوص الواردة في هذا الباب مطلقة، لم تقيد بشيء من ذلك.

هذا هو المتعيَّن في دلالة النصوص مطلقة كانتْ أو مُقيدة؛ إذ يجب حملُ النص المطْلَق على إطلاقه والعمل به من هذا الوجْه، هذا هو الأصْل.

وكذلك النَّص المقيد؛ يجب حملُه على تقْييده والعمل به مِن هذا الوجه، هذا هو الأصْل.

ولا تَجوز مخالَفة هذا الأصل أو ذلك إلا بدليلٍ يوجد تقييد المطْلق أو إطلاق المقيد[30].

 

المطلب الرابع: المسائل المشكلة في حدود حرم المدينة:

وهي تسْع مسائل:

1- ما الموقف من الروايات الثابتة المتعددة الواردة في تسمية حدود حرم المدينة؟

لقد ورد قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها))[31]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المدينة حرم ما بين عير إلى ثور))[32]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أحرِّم ما بين جبليها))[33]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وإنِّي حرمت المدينة حرامًا ما بين مأزميها))[34]، وجميع هذه الرِّوايات ثابتة في الصَّحيحَيْن أو أحدهما.

 

ها هنا ثلاثة مواقف:

الموقف الأول: الجمع، وذلك من وجهَيْن[35]:

الوجه الأول: أن يقال: إن هذه الروايات بمجموعها تدل على تحديد الحرَم من الجهات الأربع، فاللابتان تمثلان حد حرم المدينة من جهتي الشرق والغرب، وجبلا عير وثور يمثلان حده من جهتي الجنوب والشمال.

الوجه الثاني: أن يُقال: إن جميع هذه الروايات تدل على شيء واحد، وبعضها يفسر بعضًا، ويحمل بعضها على البعض الآخر، فتفيد أن الجبلين واقعان في اللابتين أو على طرفيهما، بمعنى أن عند لابة جبلاً، على حد قول حسان - رضي الله عنه -:

لَنَا حَرَّةٌ مَأْطُورَةٌ بِجِبَالِهَا ♦♦♦ بَنَى العِزُّ فِيهَا بَيْتَهُ فَتَأَثَّلا

تنبيه: ربما يترجَّح هذا الوجه من الجمع بقرينة أنه لم يجتمع قط ذكر اللابتين مع ذكر الجبلين في حديث واحد، وهذا إنما يعرف بطريق التتبُّع والاستقراء لكلِّ الرِّوايات والألفاظ الواردة في أحاديث هذا الباب.

 

الموقف الثاني: الترجيح بين هذه الروايات فيقال: إن رواية: ((ما بين لابتيها)) أرجح لتوارُد الرواة عليها، إلا أن الترجيح لا يُصار إليه إلا عند تعذُّر الجمع[36].

وهذه قاعدة مُقَرَّرة عند الأُصُوليين، وهي أن الجمع متى أمكن فهو أولَى من الترجيح، فلا يصار إلى الترجيح إلا بعد تعذُّر الجمع[37].

 

الموقف الثالث: الرد، وهو ما ذهب إليه الحنفية من كون هذه الروايات مضطربة مختلفة، فكان موقفُهم منها الرد؛ بناء على قولهم: إن المدينة ليست كحرم مكة[38].

وهذا الموقف من الحنفية يتمشى مع قواعدهم الأصولية؛ حيث إنهم يقولون: إن هذا مما تعُم به البلوى، فلا يقبل فيه خبر الواحد، وتحريم المدينة إنما ثبت بخبَر الواحد[39].

ومذهب الحنفيَّة أنَّ خبر الواحد لا يقبل فيما تعُم به البلوى[40]؛ لأن الحادثة إذا اشتهرتْ وخفي الحديث كان ذلك دلالة على السَّهْو"[41].

وذَهَب جُمهُور الأصوليين إلى أن خبر الواحد يقبل متى صحَّ سندُه، لا فرق في ذلك بين ما عمَّت به البلوى، وما لَم تعم البلوى به؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب العمل بخبر الواحد؛ حيث إنها لم تفرق بين ما عمَّت به البلوى وما ليس كذلك[42].

 

وبالنسبة لحرَم المدينة فقد ثبت بالسنة الصحيحة الصريحة المحكمة، التي رواها بضعة عشر صحابيًّا، وليس بخبر الواحد[43].

قال ابن تيميَّة: "ومن ذلك: حرم المدينة النبوية؛ فإن الأحاديث قد تواترتْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجْه بإثبات حرمها.

بل صحَّ عنه أيضًا أنه جعل جزاء من عضد بها شجرًا أن سلبه لواجده.

ومذهب أهل المدينة ومَن وافقهم؛ كالشافعي، وأحمد، أنها حرام أيضًا، وإن كان لهم في جزاء الصيد نزاع، ومن خالَف في ذلك من الكوفيين لَم تبْلغه هذه السنن"[44].

 

2 - تحديد موقع اللابتين:

من المعلوم أن للمدينة لابتين هما: الحرة الشرقية، وتسمى حرة واقم، والحرة الغربية وتسمى حرة الوبرة، وإن تكن للمدينة حرة جنوبية وأخرى شمالية فهما راجعتان إليهما لاتِّصالهما بهما[45].

وهذا مبني على قاعدة: أن ما قارب الشيء أعطي حكمه؛ كما إذا لم يكن لهم في البلد قوت معلوم يلزمهم في الفطرة قوت أقرب البلاد إليهم[46].

 

والسؤال الوارد في هذا المقام: ما حدود كل منَ الحرة الشرقية والغربية؟ من أين تبدأ؟ وإلى أين تنتهي؟ وإذا كانت الحرتان الجنوبية والشمالية داخلتين فيهما، وراجعتين إليهما، فهل يمكن ضبط حدود كلٍّ على واقع الطبيعة، ولو بصورة تقريبيَّة؟

ثم هل يصلح أن يجعل ممر وادي العقيق حدًّا مكانيًّا عنده الحرة الغربية (حرة الوبرة) من جهة المغرب؟

وما الحد الذي تنتهي عنده الحرة الشرقية (حرة واقم) من جهة المشرق؟

 

3 - اللابتان هل تدخلان في حدِّ الحرم؟

نقل بعض العلماء أن المدينة ولابتيها من الحرم[47]، إلا أن الحاجة إلى بيان مستند هذا القول قائمة.

ومما يُذكر في هذا المقام ما رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أتى بني حارثة فقال: أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم، ثم التفت فقال: بل أنتم فيه[48]، أفاد هذا الحديث أن جزءًا من الحرة الشرقية داخل يقينًا في حد الحرم، وهذا الجزء هو منازل بني حارثة، فهل يسوغ أن يجعل هذا دليلاً على اعتبار الحرة الشرقية جميعها من الحرَم.

وربما يبنى ذلك على قاعدة: أن ما ثبت للبعض يثبت للكل؛ كمن قال لامرأته: أنت طالق نصف طلقة، أو: بعضك طالق، طلقتْ طلقة[49].

أما بالنسبة للحرة الغربية فيسوغ إدخالها بكاملها في حد الحرم بناء على القول بأن وادي العقيق داخل في الحرم؛ فتكون الحرَّة الغربيَّة على هذا التقدير واقعة بينه وبين المسجد النبوي.

 

وربما يُقال: إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني أحرم ما بين لابتيها)) يدل بظاهره على أن كلتا اللابتين خارجة عن حد الحرَم.

وهذا مبني على دلالة لفظ: (بين) في اللغة؛ فإنها ظرف مبهم لا يتَبَيَّن معناه إلا بإضافته إلى اثنين فصاعدًا أو ما يقوم مقام ذلك[50].

قال الطُّوفي: "لفظه (بين) تدل على مسافة أو مقدار يكتنفه حدان: بداية ونهاية، والحدان لا يدخلان في ذلك المقدار"[51].

أو يُقال: لا يدخل في حد الحرم من اللابتين إلا ما كان واقعًا بين عير وثور دون ما امتد منهما؛ فإن حديث: ((من عير إلى ثور)) يخصص عموم حديث اللابتين.

 

وبذلك فإنَّ حديث: ((من عير إلى ثور)) يكون مبينًا لحديث اللابتين، ومُخَصِّصًا لعمومه، وتخصيص العموم أولى من النسْخ أو الترجيح[52]؛ لأن في التخصيص إعمالاً لكلا النصين معًا، فالخاص يعمل به كله، وذلك في صورة التخصيص، والعام يعمل ببعضه فيما عدا صورة التخصيص[53]، بيان ذلك:

أولاً: أن النَّصَّ الخاص، وهو حديث: ((من عير إلى ثور)) يعمل به كله؛ فإن جميع ما وقع بين عير وثور يدخل في حد الحرم، سواء أكان من اللابتين أم بينهما.

 

ثانيًا: أن النصَّ العام، وهو حديث اللابتين يُعمل به فيما عدا ما يُعارضه من النص الخاص؛ حيث إنَّ حديث اللابتين أفاد بعُمُومه أمرَيْن:

أولهما: أن جميع ما وقع بين اللابتين داخل في حد الحرم، وثانيهما: أن اللابتين لا تدخلان في حدِّ الحرم، فيعمل بهذا الحديث في الأمرِ الأول دون الثاني؛ لأنَّ الأمر الثاني، وهو كون اللابتين لا تدخُلان في حدِّ الحرم يتعارض مع النص الخاص، وهو حديث: (من عير إلى ثور)، وبناء على القول بهذا التخصيص، فإن حدَّ الحرَم يدخل فيه قسمان:

القسم الأول: ما وقع بين اللابتين، ودخول هذا القسم قد تواطأ عليه كلا النَّصيْن، العام والخاص.

القسم الثاني: ما كان منَ اللابتين واقعًا بين عير وثور، ودخول هذا القسم دلَّ عليه النَّصُّ الخاص دون العام.

 

4- مُحيط كل مِن (عير) و(ثور) هل يدخل في الحرَم؟

ذكر بعض الباحثين منَ المعاصرين أن كلاًّ من جبلي عير وثور غير داخلين في حدِّ الحرم[54]، إلا أن الحاجة قائمة إلى الوقوف على مستند الأول بخروج هذين الجبلين من الحرم.

ولعل هذا المستند أن حديث الجبلين قد ورد في بعض الروايات بلفظ: ((ما بين عير إلى ثور))[55]، فيكون هذا اللفظ مفسرًا للفظ المشهور: ((من عير إلى ثور)).

 

وقد يُبنى ذلك أيضًا على قاعدة: هل الحد يدخل في المحدود[56]؟

وقد اتَّفق العلماء على دخول ما بعد الغاية فيما قبلها إذ دلَّت القرينة على ذلك؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ [الإسراء: 1]، واتفقوا على خروجه إذا دلت القرينة على ذلك؛ نحو قوله تعالى: ﴿ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾ [البقرة: 280].

واختلفوا فيما عدا ذلك، قال ابن هشام: فقيل: يدخل إن كان من الجنس، وقيل: يدخل مطلقًا، وقيل: لا يدخل مطلقًا، وهو الصحيح؛ لأن الأكثر مع القرينة عدم الدُّخول؛ فيجب الحملُ عليه عند التردُّد"[57].

 

5- أين تقع منازل بني حارثة؟

سبق ذكر الحديث الدال على أن منازلهم في الحرم، ومما ورد عن بعض مؤرِّخي المدينة في تحديد منازل بني حارثة أنهم كانوا في سند الحرة الشرقية؛ أي: الجانب المرتفع منها مما يلي العريض وما قارب ذلك[58].

والسؤال المطروح ها هنا: هل يمكن تحديد موقع هذا المكان حسب الأوضاع القائمة الآن؟

ومما يزيد هذا الأمر إشكالاً ما أورده بعضُ المؤرِّخين، وهو أن بني حارثة سكنوا في جهات عدة من المدينة[59]!

 

6- وادي العقيق هل هو من الحرَم؟

مما يدلُّ على دُخُوله في الحرَم:

ما رواه الإمام مسلم[60] وهو أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبًدا يقطع شجرًا أو يخبطه، فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم - أو عليهم - ما أخذ من غلامهم، فقال: معاذ الله أن أرد شيئًا نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يرد عليهم.

ومحل الشاهد: أنه ورد في بعض الروايات[61] أن سعدًا سلبه؛ لأنه رآه يصيد في حرَم المدينة الذي حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا بد هنا من النظر في صحة هذه الرواية التي هي محل الشاهد.

 

ومما يدل أيضًا على كون العقيق من الحرَم:

وقوعه بين جبل عير وجبل ثور، وذلك عند من يجعل جبل ثور وراء أُحُد بعيدًا عنه من جهة المغرب.

وربما استدل أيضًا على كون العقيق من الحرم بما ورد في فضل العقيق من أحاديث صحيحة ثابتة[62].

 

ومما يدل على أن العقيق ليس من الحرم:

أن سلمة بن الأكوع قال: كنتُ أصيد الوحش، وأهدي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففقدني فقال: ((يا سلمة، أين كنت؟))، فقلت: يا رسول الله، تباعد الصيد، فأنا أصيد بصدور قناة نحو ثيب، فقال: ((لو كنت تصيد بالعقيق لشيعتك إذا خرجت، وتلقيتك إذا جئت، إني أحب العقيق))[63].

والاستدلال بهذا الحديث متوقّف على صحَّتِه وثُبُوته.

ومما يدل أيضًا على كون العقيق ليس من الحرم: أن العقيق غير واقع بين جبل عير وجبل ثور عند من يجعل ثور تحت أُحُد أو عن يساره من جهة المشرق.

 

ومما يدل أيضًا على كون العقيق ليس من الحرم:

وقوع العقيق في الطرف الغربي من اللابة الغربية على تقدير أن اللابة الغربية تمثل نهاية حد حرَم المدينة من جهة المغرب.

وقد يستدل أيضًا على أن العقيق ليس من الحرم بسكنى بعض السلف فيه، ومجافاتهم لمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل: فعلوا ذلك خوف الفتنة ونزول العذاب على أهل المدينة بسبب ظهور المعاصي بها[64].

ومما يعكر الاستدلال بما مضى كون العقيق ذا أقسام؛ فهناك عقيق أدنى وأقصى، والعقيق الأدنى أكبر وأصغر، وكلّ منها يسمى بالعقيق، إلا أن بعض هذه الأقسام خارج عن حد الحرَم بعيد عنه اتِّفاقًا، كما أن هناك ما يعرف بحرة العقيق[65].

وعلى كلٍّ، فالقضيةُ تحتاج إلى ضبط وتَوْجيه.

 

7- جبل أحد هل هو من الحرم؟

ينبني دخول جبل أُحُد في حد حرَم المدينة أو عدم دخوله على تحديد موقع جبل ثَوْر، فيدخل جبل أُحُد بكامله في حد الحرَم عند مَن يجعل جبل ثور وراء أُحُد بعيدًا عنه من جهة المغرب، إذ إن جبل أحد على هذا الرأي يصير واقعًا بين عير وثور.

وأما على رأي مَن يجعل جبل ثور تحت أُحُد من ورائه، أو يجعل جبل ثور عن يسار أحد من جهة المشرق؛ فعلى كلا الرأيين يحتمل أن يخرجَ جبل أُحُد أو بعضه من الحرَم.

وربما يستدل لهذا الاحتمال بحديث الخلاص، وفيه: ((يجيء الدجال فيصعد أُحُدًا، فينظر إلى المدينة...))[66]، ومعلوم أن الدجال لا يدخل المدينة؛ بل تحرسها الملائكة كما ثبت ذلك في الصحيحين[67]، أما حديث الخلاص فقد رواه الإمام أحمد وغيره، والاستدلال به متوقف على صحَّتِه وثُبُوتِه.

 

ومما يتصل بجبل أحد وكونه من الحرَم أوْ لا:

ما رواه الإمام أحمد[68] عن عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - أنه قال: (ما بين كذا وأحد حرام)، حرّمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كنت لأقطع به شجرة، ولا أقتل به طائرًا)، وفي رواية: (ما بين عير وأحد)[69]، وهذه الروايات لا بد من النظر في حكمها من جهتين: من جهة الصِّحَّة والثبوت، ومن جهة معناها والموقف منها على النحو الذي سبق في الروايات المذكورة في المسألة الأولى من المسائل المُشكلة.

وقد يستدل أيضًا على كوْن أحد من الحرم بما ورد من أحاديث صحيحة ثابتة تدلُّ على فضله[70].

 

8- تحديد موقع جبل ثور:

بعد غض الطرف عن قول مَن ينكر وجود جبل ثور بالمدينة[71]، وقول من يرى أن ثورًا اسم لجبل أحد[72] أقول:

لقد تنوعت عبارات أهل العلم في وصف هذا الجبل وتعيين مكانه، وحيث إن وصف جبل ثور وتعيين مكانه لَم يأت - حسبما أعلم - في شيء منَ الأحاديث النبويَّة أو الآثار المروية عن الصحابة أو التابعين، ساغ التِماس ذلك في كلام مَن يليهم من العلماء، وصح اعتماد قولهم والبناء عليه قدر الطاقة والإمكان؛ إذ لا سبيل لنا إلى معرفته وتعيينه سوى ذلك[73].

 

وجماع كلام أهل العلم حول جبل ثور في هذه الكلمات الأربع[74]:

أ- أنه جبل صغير حذاء أُحُد، عن يساره، جانحًا إلى ورائه.

ب- أنه جبل صغير مدور، خلف أحد من شماليه تحته.

جـ- أن جبل وعيرة يقع شرقيه، وهو أصغر من وعيرة، ووعيرة أصغر من أُحُد.

د- أنه سُمي ثورًا باسم فحل البقر؛ لشبهه به، وهو إلى الحمرة أقرب.

 

ومن هنا يمكن وصف جبل ثور بالآتي:

1- أنه جبل صغير، فهو أصغر من وعيرة، ووعيرة أصغر من أُحُد.

2- أنه قريب جدًّا من جبل أحد؛ إذ وصف بأنه تحته.

3- أنه يحاذي جبل أحد ويوازيه.

4- أنه يقع خلف أُحُد، حالة كونه جانحًا إلى الجانب الأيسر من جبل أحد، وجبل وعيرة يقع شرقيه.

5- أنه مدور، وفيه شبه بالثور فحل البقر.

6- أن لونه يميل إلى الحمرة.

هذه أقرب الأوصاف لهذا الجبل، واعتبارها محل اتِّفاق في الغالب، وإنما وقع النِّزاع في مطابقة هذه الأوصاف وتنْزيلها على جبل بعَيْنه، وهذا ما يعرف بتحقيق المناط، وهو باب يرِد فيه الاجتهاد على العُمُوم والدوام[75].

ومهما يكن من أمر فعلى كل باحث مُنصف يريد تعيين هذا الجبل والتعرف إلى موقعه - من بين تلك الجبال الصغيرة المحيطة بجبل أحد من جهة الخلف - بعد أن يعتبر هذه الأوصاف الستة أن يضمَّ إليها الإجابة المقبولة عما سبقت الإشارة إليه من أسئلة وإشكالات.

 

9- تحديد منزل الدَّجَّال وجيشه حول المدينة:

إن معرفة المكان الذي ينزل فيه الدجال وجيشه مؤثِّر في ضبط حُدُود حرم المدينة، حيث إن هذا المكان واقع يقينًا خارج حد الحرَم؛ فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنَّ الدَّجَّال لا يدخل حرَم المدينة، بل تصده الملائكة عن دُخُولها[76].

 

ومما ورد في تحديد منزل الدَّجَّال[77]:

أنه يأتي المدينة من قبل المشرق، فينزل دبر أُحُد في سبخة الجرف عند مجتمع الأسيال، حيث يضرب رواقه عند الظريب الأحمر، فهل من الممكن حسب الأوضاع الحالية تحديد المكان الذي ينزل فيه الدَّجَّال؟

 

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

أما بعد:

فقد تبين من خلال دراسة مسألة حدود حرم المدينة النبوية دارسة مبنيَّة على علم أصول الفقه وقواعده، أن المؤثر في تحديد حرم المدينة النبوية طائفة من الأصول العلميَّة المتنوعة، فمنها قضايا لُغوية وأخرى حديثية وجغرافيَّة وتاريخية، ومنها قواعد فقهيَّة ومسائل أصوليَّة.

 

وقد خصصت بشيء من البيان تلكم القواعد الفقهية والأصولية التي يمكن أن يبنى عليها ويستند إليها في ضبط حدود هذا الحرَم، وعدد هذه القواعد إحدى عشرة قاعدة، وهي:

أولاً: القواعد الفقهية:

1- ما قارب الشيء أعطي حكمه.

2- ما ثبت للبعض يثبت للكل.

3- هل الحد يدخل في المحدود.

 

ثانيًا: القواعد الأصولية:

1- معرفة التاريخ شرط في النسخ.

2- دلالة سنة الترْك.

3- خبر الواحد فيما تعم به البلوى.

4- الفرق بين المصلحة المرسلة والبدعة.

5- الموقف من النص المطلق ومن النص المقيَّد.

6- تخصيص العموم أولى من النسخ أو التوقف.

7- الجمع بين الأدلة متى أمكن، فهو أولى من الترجيح.

8- تحقيق المناط.

 

وفي نهاية المطاف يحسُن التنبيه على قضية مهمَّة، ألا وهي:

أن مسألة تحديد حرم المدينة النبوية من المسائل التي لا تزال بحاجة إلى مزيد بحث وتحرير، وما هذا الجهد المتواضع إلا محاولة لرسم الضوابط العلمية، ووضع المعايير المنهجية لهذه المسألة المعضِلة.

وإني لأرجو أن يثمرَ هذا الجهد فتحًا لآفاق البحث والإنتاج، ودفعًا للمزيد من الفقه والاستنباط.

هذا ما يسر الله تدوينه، والحمد لله أولاً وآخرًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

ثبت المصادر والمراجع

• الإبداع في مضار الابتداع؛ للشيخ علي محفوظ - بيروت: دار المعرفة.

• الأحاديث الواردة في فضائل المدينة؛ للدكتور صالح الرفاعي - ط1 - المدينة المنورة: مركز خدمة السنة بالجامعة الإسلامية، 1413هـ.

• الإحكام في أصول الأحكام؛ للآمدي؛ تعليق الشيخ عبدالرزاق عفيفي - ط2 - بيروت: المكتب الإسلامي، 1402هـ.

• أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار؛ للإمام أبي الوليد الأزرقي؛ تحقيق رشدي ملحس - ط4 - مكة المكرمة: مطابع دار الثقافة، 1403هـ.

• أخبار مكة؛ للإمام أبي عبدالله الفاكهي؛ تحقيق د/ عبدالملك بن دهيش - ط2 - بيروت: دار خضر، 1414هـ.

• إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري؛ للقسطلاني، المطبعة الأميرية.

• الأشباه والنظائر؛ لتاج الدين السبكي؛ تحقيق عادل عبدالموجود، وعلي معوض - ط1 - بيروت: دار الكتب العلمية، 1411هـ.

• الأشباه والنظائر؛ للسيوطي - ط1 - مكة المكرمة: دار الباز - بيروت: ودار الكتب العلمية، 1399هـ.

• الأشباه والنظائر؛ لابن نجيم الحنفي - بيروت: دار الكتب العلمية، 1400هـ.

• أصول البزدوي المطبوع مع كشف الأسرار؛ لعبد العزيز البخاري.

• الاعتصام؛ للشاطبي - بيروت: دار المعرفة، 1405 هـ.

• إعلام الموقعين؛ لابن القيم؛ تعليق طه سعد - بيروت: دار الجيل، 1973م.

• التمهيد في تخريج الفروع على الأصول؛ للإسنوي؛ تحقيق د/ محمد حسن هيتو - ط3 - بيروت: مؤسسة الرسالة، 1404هـ.

• تاريخ ابن الضياء المسمى: تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف؛ لابن الضياء المكي الحنفي؛ تحقيق علاء الأزهري، وأيمن الأزهري - ط1 - بيروت: دار الكتب العلمية، 1418هـ.

• تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة للمراغي؛ محمد الأصمعي - ط2 - المدينة المنور: المكتبة العلمية، 1401هـ.

• التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة؛ للمطري - المدينة المنورة: المكتبة العلمية، 1402هـ.

• جامع بيان العلم وفضله؛ لابن عبدالبر، تصحيح إدارة الطباعة المنيرية - بيروت: دار الكتب العلمية.

• جريدة المدينة المنورة العدد: 8756 في: 22/ 10/ 1411هـ.

• جريدة الوطن السعودية تاريخ: 11/ 5/ 1424هـ.

• "الرسالة؛ للإمام محمد بن إدريس الشافعي؛ تحقيق الشيخ أحمد شاكر - بيروت: المكتبة العلمية.

• روضة الناظر وجنة المناظر؛ لابن قدامة، المطبوع مع نزهة الخاطر دار الكتب العلمية.

• سنن أبي داود؛ تعليق محمد محيي الدِّين عبدالحميد، دار الكتب العلمية.

• السنن الكبرى؛ للبيهقي، بيروت: دار المعرفة.

• شرح الزرقاني على الموطأ؛ عبدالحميد حنفي - مصر.

• شرح الكوكب المنير؛ للفتوحي، تحقيق د. محمد الزحيلي، ونزيه حماد، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.

• شرح النووي على صحيح مسلم - بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1392 هـ.

• صحيح البخاري المطبوع مع فتح الباري بترقيم محمد فؤاد عبدالباقي - بيروت: دار المعرفة.

• صحيح مسلم المطبوع مع شرح النووي، ط2، بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1392هـ.

• الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية؛ للطوفي؛ تحقيق د/ محمد الفاضل - ط1 - الرياض: مكتبة العبيكان، 1417هـ.

• فتح الباري شرح صحيح البخاري؛ لابن حجر - بيروت: دار المعرفة.

• فضائل المدينة المنورة؛ للدكتور خليل إبراهيم ملا خاطر - جدة: دار القبلة - المدينة المنورة: مكتبة دار التراث - ط1 - دمشق: ومؤسسة علوم القرآن، 1413هـ.

• الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي - ط2 - بيروت: دار الكتب العلمية، 1400.

• القاموس المحيط؛ للفيروزآبادي - بيروت: المؤسسة العربية.

• القرى لقاصد أم القرى؛ للمحب الطبري، تعليق مصطفىالسقا - ط3 - دار الفكر، 1403هـ.

• كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي لعبدالعزيز البخاري - بيروت: دار الكتاب العربي، 1394هـ.

• الكوكب الدُّرِّي فيما يتخرَّج على الأُصُول النحويَّة من الفُرُوع الفقهيَّة؛ للإسنوي؛ تحقيق د/ محمد حسن عواد - ط1 - الأردن: دار عمار، 1405هـ.

• المبسوط للسرخسي - ط3 - بيروت: دار المعرفة، 1398هـ.

• مجمع الزوائد ومنبع الفوائد؛ للهيثمي؛ ط2، بيروت: دار الكتاب العربي، 1402هـ.

• مجموع الفتاوى؛لابن تيمية؛ جمع وترتيب الشيخ عبدالرحمن بن قاسم وابنه - مكة المكرمة: مكتبة النهضة، 1404هـ.

• مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم؛ اختصره الشيخ محمد الموصلي - ط1 - بيروت: دار الكتب العلمية، 1405هـ.

• مذكرة أصول الفقه؛ للشيخ محمد الأمين الشنقيطي - المدينة المنورة المكتبة السلفية.

• المستدرك على الصحيحين للحاكم - بيروت: دار الكتاب العربي.

• المستصفى؛ لأبي حامد الغزالي - مصر: مكتبة الجندي.

• المسند للإمام أحمد - بيروت: دار صارد.

• المصباح؛ المنير للفيومي - بيروت: المكتبة العلمية.

• معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، الجزء الأول: المعالم الطبيعية؛ للدكتور عبدالعزيز كعكي.

• المعجم الأوسط؛ للطبراني؛ تحقيق د/ محمود الطحان - الرياض: مكتبة المعارف، 1405هـ.

• المعجم الكبير للطبراني؛ تحقيق حمدي السلفي - بغداد: الدار العربية ومطبعة الأمة، 1978 - 1983م.

• المعلم بفوائد مسلم؛ للإمام المازري.

• مغني اللبيب عن كتب الأعاريب؛ لابن هشام؛ تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار إحياء التراث العربي.

• المنتقى شرح الموطأ؛ للباجي - ط1 - القاهرة: مطبعة السعادة.

• المنثور في القواعد للزركشي؛ تحقيق د/ تيسير فائق - الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مصورة عن الطبعة الأولى 1402هـ.

• النهاية في غريب الحديث والأثر؛ لابن الأثير؛ تحقيق محمود الطناحي وطاهر الزواوي، أنصار السنة المحمدية باكستان.

• هداية المستفيد من كتاب التمهيد؛ للشيخ عطية محمد سالم.

• وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى؛ للسمهودي؛ تحقيق محمد محيى الدين عبدالحميد -بيروت: دار الكتب العلمية.

 



[1] "تخريج الفروع على الأصول" 34.

[2] انظر: "فتح الباري" 7/ 464.

[3] رواه البخاري: 6/ 86 رقم 2893 ومسلم: 9/ 135.

[4] من ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن إبراهيم حرم مكة، وإنِّي حرَّمتُ المدينة ما بين لابتيها))؛ صحيح مسلم: 9/ 136، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((حرم ما بين لابتي المدينة على لساني))؛ "صحيح البخاري" 4/ 81 1869.

[5] انظر: "المستصفى" 152، و"روضة الناظر" 1/ 234، 235، و"الإحكام"؛ للآمدي 3/ 181، و"شرح الكوكب المنير": 3/ 563 - 566.

[6] من أشهر الأحاديث التي استند إليها الحنفيةُ في عدم حُرمة المدينة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد بناء مسجده أمر بالنخل فقطع؛ رواه البخاري: 4/ 81 رقم 1868، ومسلم: 5/ 6- 7، وحديث: ((يا أبا عمير، ما فعل النغير))؛ رواه البخاري 10/ 526 رقم 6129؛ انظر: "إعلام الموقعين" 2/ 347، و"فضائل المدينة المنورة"؛ للدكتور خليل إبراهيم: 1/ 128 - 143.

[7] رواه الطبراني في "المعجم الكبير" 19/ 98 رقم 194، والحديث ضعيفٌ بهذا الطريق؛ انظر الأحاديث الواردة في "فضائل المدينة"؛ للدكتور/ صالح الرفاعي 114.

[8] انظر: "أخبار مكة"؛ للفاكهي 2/ 273 - 276 و"أخبار مكة"؛ للأزرقي 2/ 128 - 130، وللاستزادة راجع كتاب "الحرم المكي والأعلام المحيطة به"؛ للدكتور عبدالملك بن دهيش.

[9] ذكر ذلك الدكتور/ صالح الرفاعي في مقالة له بعنوان: حدود الحرم النبوي (اشتبهت) على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف بِمَنْ سِواه؟! نشرها في جريدة الوطن السعودية بتاريخ: 11/ 5/ 1424 هـ.

[10] "شرح الكوكب المنير" 2/ 165.

[11] "إعلام الموقعين" 2/ 389 - 391.

[12] أخرجه أبو داود في سننه 1/ 298 برقم 1147 وأصله في الصحيحَيْن.

[13] انظر: صحيح البخاري 12/ 275 برقم 6924، 6925

[14] انظر: صحيح البخاري 4/ 250 برقم 2010.

[15] "القِرى لقاصد أم القُرى" 673.

[16] "المعلِم بفوائد مسلِم" 2/ 78.

[17] "هداية المستفيد" 11/ 128 - 129، وانظر: "المنتقى" 7/ 193، و"إرشاد الساري" 3/ 333.

[18] ربما يكون السبب في ترك وضع أعلام لحدود حرم المدينة في العهود السالفة، أن المدينة النبوية ظلتْ مدَّة طويلة خاضعة لحكم الدولة العثمانية التي كانت تعتمد المذهب الحنفي، الذي يرى أصحابه أن المدينة ليست كمكة في الحريم؛ انظر ما سيأتي في المسألة الأولى من المسائل المشكلة.

[19] البدْعة شرعًا هي: ما أحدث في الدِّين من غير دليلٍ؛ انظر: "فتح الباري" 13/ 254، 5/ 302.

[20] المصْلحة المرسلة في اصطلاح الأصوليين هي: منفعة لم يشهد الشرعُ لاعتبارها ولا لإلغائها بدليل خاص؛ انظر: "روضة الناظر" 1/ 413 و"مذكرة الشنقيطي" 168، 169.

[21] انظر: "الاعتصام 2/ 129 - 135، و"الإبداع"؛ للشيخ علي محفوظ 83 - 92.

[22] رواه البخاري 6/ 86 رقم 2893، ومسلم 9/ 135.

[23] رواه البخاري 12/ 41 رقم 6755، ومسلم 9/ 143.

[24] القول بأن للمدينة حرمًا خاصًّا بالصيد، وآخر بالشجر، ذهب إليه عمر بن عبدالعزيز ومالك؛ انظر: "هداية المستفيد" 11/ 128 و"المنتقى" 7/ 193، و"شرح الزرقاني على الموطأ" 4/ 282.

[25] انظر: 1/ 96.

[26] انظر: 9/ 145.

[27] انظر: "وفاء الوفا": 1/ 92، و"معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ (المعالم الطبيعية)"؛ للدكتور عبدالعزيز كعكي 1/ 351.

[28] رواه البخاري: 6/ 86 رقم 2893، ومسلم: 9/ 135، وقد تقدم.

[29] "هداية المستفيد" 11/ 128 - 129، وانظر: "المنتقى" 7/ 193، و"إرشاد الساري" 3/ 333.

[30] انظر: "الفقيه والمتفقه" 1/ 111.

[31] رواه مسلم: 9/ 136.

[32] رواه البخاري: 12/ 41 رقم 6755، ومسلم: 9/ 143، وقد تقدم.

[33] رواه البخاري: 9/ 554 رقم 5425، ومسلم: 9/ 139.

[34] رواه مسلم 9/ 147.

[35] انظر: "شرح النووي على مسلم" 9/ 143، وفتح الباري: 4/ 83.

[36] انظر: "فتح الباري" 4/ 83.

[37] انظر: "شرح الكوكب المنير" 4 / 609 - 612، و"مذكرة الشنقيطي" 224، 317.

[38] انظر: "المبسوط" 4/ 105، و"فضائل المدينة"؛ للدكتور إبراهيم خليل 1/ 119 - 147.

[39] انظر: "القرى لقاصد أم القرى" 673.

[40] انظر: "كشف الأسرار"؛ للبخاري 3/ 16.

[41] "أصول البزدوي" 3/ 16.

[42] انظر: "الرسالة" 219، و"جامع بيان العلم وفضله" 2/ 148، 190، 191، و"الإحكام"؛ للآمدي 2/ 112، و"مجموع الفتاوى" 13/ 28، 29، و"مختصر الصواعق" 502 - 509.

[43] انظر: "إعلام الموقعين" 2/ 347.

[44] "مجموع الفتاوى" 20/ 376.

[45] انظر: "هداية المستفيد" 11/ 128، و"القِرى لقاصد أم القُرى" 673، و"شرح الزرقاني على الموطأ" 4/ 282، و"إرشاد الساري" 3/ 333.

[46] انظر: "المنثور"؛ للزركشي 3/ 144.

[47] قال ذلك النووي في شرحه لصحيح مسلم 9/ 136، وقد تعقب بأن لفظ (بين) لا يشملهما؛ انظر: "شرح الزرقاني على الموطأ" 4/ 283.

[48] رواه البخاري 4/ 81 رقم 1869.

[49] انظر: "الأشباه والنظائر"؛ للسيوطي: 160، ولابن نُجَيم 162.

[50] انظر: "المصباح المنير" 70.

[51] "الصعقة الغضبية" 626.

[52] ذهب الحنفيَّة إلى أن أحاديث تحريم المدينة فيها اختلاف، وأن منها ما هو منسوخ، ومنها ما هو مرجوح؛ انظر: "المبسوط" 4/ 105، و"فضائل المدينة"؛ للدكتور خليل إبراهيم 1/ 120 - 147.

[53] انظر: "الفقيه والمتفقه" 1/ 107، و"إعلام الموقعين" 343، و"شرح الكوكب المنير" 3/ 382.

[54] ذكر ذلك الدكتور/ عبدالعزيز القاري في بحثه عن حدود حرم المدينة؛ انظر جريدة المدينة العدد: 8756 في: 22/ 10/ 1411 هـ.

[55] رواه بهذا اللفظ البخاري 12/ 41 رقم 6755، ومسلم: 9/ 143، وقد تقدَّم.

[56] انظر: "الصعقة الغضبية" 392 - 396، "الأشباه والنظائر"؛ للسبكي 2/ 204، و"التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" 221، و"الكوكب الدُّرِّي" 320.

[57] "مغني اللبيب" 1/ 74 - 75.

[58] انظر: "فتح الباري" 4/ 85، و"فاء الوفا" 1/ 91، 190 - 192.

[59] انظر: "وفاء الوفا" 4/ 1251 - 1252.

[60] انظر: 9 / 138.

[61] رواها أحمد في "المسند" 1/ 170، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 199.

[62] من ذلك: أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: صل في هذا الوادي المبارك، رواه البخاري: 3/ 392 رقم 1534، وللاستزادة انظر: كتاب "أخبار الوادي المبارك"؛ لمحمد محمد شراب، وكتاب "الأحاديث الواردة في فضائل المدينة" 623 - 630.

[63] رواه الطبراني في "المعجم الكبير" 7/ 6 رقم 6222، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 14): إسناده حسن.

[64] انظر: "تاريخ ابن الضياء" 242 - 243، و"فاء الوفا" 3/ 1046.

[65] انظر: "وفاء الوفا" 3/ 1039 - 1042.

[66] رواه أحمد في "المسند" 4/ 338، والحاكم في "المستدرك" 4/ 543، وقال: صحيح على شرط مسلم ولَم يخرجاه، ووافَقَه الذَّهَبي.

[67] انظر: "صحيح البخاري" 4/ 95 باب: (لا يدخل الدجال المدينة)، وصحيح مسلم: 9/ 153.

[68] رواه أحمد في المسند: 5/ 450 - 451.

[69] رواها الطبراني في القسم المفقود من "المعجم الكبير"؛ انظر: "مجمع الزوائد" 3/ 303.

[70] من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وهذا أحد يحبنا ونحبه))، رواه البخاري 8/ 125 رقم 4422، وللاستزادة انظر: كتاب "أحد"؛ لسعود الصاعدي، ويوسف المحمدي، وكتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة: 559 - 579.

[71] ممن قال بذلك: مصعب الزبيري، وأبو عبيدالقاسم بن سلام، وابن الأثير؛ انظر: "فتح الباري" 4/ 82، و"المغانم المطابة" 80، و"النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 229، و"فاء الوفا" 1/ 92 - 94.

[72] انظر: "شرح النووي على مسلم" 9/ 143، و"فتح الباري" 4/ 82، و"فاء الوفا" 1/ 94.

[73] أقدم وصف لجبل ثور - حسبما أعلم - قصة أبي محمد عبدالسلام بن مزروع البصري، وهي: أنه لما خرج رسولاً من صاحب المدينة إلى العراق كان معه دليلٌ يذكُر له الأماكن والأجبل، فلما وصلا إلى أحد إذا بقربه جبل صغير، فسأله: ما اسم هذا الجبل؟ فقال له: يسمى ثورًا؛ انظر: "القرى لقاصد أم القرى" 674، و"القاموس المحيط" 1/ 398، و"فتح الباري": 4/ 82 - 83، و"فاء الوفا" 1/ 95.

وكم هو نافع لِمَن أراد تحقيق موقع جبل ثور أن يعطيَ هذه القصة حقها من الدراسة والنظر من حيث السند والمتْن.

[74] انظر: "القرى لقاصد أم القرى" 674، و"التعريف"؛ للمطري: 65، و"تحقيق النصرة" 197، 199، و"المغانم المطابة" 80 وفاء الوفا" 1/ 95 - 96.

[75] انظر: "الموافقات" 5/ 12.

[76] انظر: صحيح البخاري: 4/ 95 باب: (لا يدخل الدجال المدينة) وصحيح مسلم: 9/ 153، وللاستزادة انظر: كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة: 119 - 165.

[77] انظر المصادر السابقة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الطلبات العارضة في فقه التقاضي
  • شرح بعض القواعد الفقهية

مختارات من الشبكة

  • الفروق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القواعد الأصولية: تعريفها، الفرق بينها وبين القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القواعد الأصولية في كتاب الرسالة للإمام الشافعي مع بعض القواعد الفقهية وغيرها (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تداخل القواعد الفقهية في القواعد الأصولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجوهرة النقية في القواعد الفقهية ويليها: الأرجوزة السنية في القواعد الفقهية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العلاقة بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المختصر في القواعد الأصولية وتطبيقاتها لعبدالله بن صالح منكابو(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تعريف القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية علم الفروق الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب