• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

تفرد الراوي الصدوق بين القبول والتوقف (4)

د. خالد بن منصور الدريس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/1/2007 ميلادي - 24/12/1427 هجري

الزيارات: 14912

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفرد الراوي الصدوق بين القبول والتوقف (4)


رابعاً: الإمام النسائي.

تكلم-رحمه الله- في بعض تفردات من هم دون مرتبة الثقة عنده، وقد نقلنا أول المطلب كلام الحافظ ابن حجر أن النسائي والإمام أحمد وآخرين يطلقون (المنكر) على مجرد التفرد إذا كان المتفرد ليس في وزن من يحكم لحديثه بالصحة.

 

ووجدت له بعض النصوص المؤكدة لذلك ولكنها قليلة.

 

منها: أنه حكم على حماد بن سلمة بأنه لا بأس به، ثم استنكر[1] حديثه الذي يرويه عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً: (إذا سمع أحدكم الآذان والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه)[2].

 

وظاهر الأمر أنه استنكره لتفرد حماد بن سلمة به، وقد قال أبو حاتم في الحديث نفسه: (ليس بصحيح)[3]، ولم يُبدِ له علة من مخالفة أو غيرها، وحماد كما نقل الإمام مسلم[4] عن أهل الحديث أنه إذا حدث عن غير ثابت البناني يخطئ كثيراً.

 

وقد حكم الشيخ الألباني[5]- رحمه الله- على هذا الحديث بأنه حسن لذاته لكلام في حفظ محمد بن عمرو بن علقمة، وصححه من وجه آخر، وذكر له شواهد أخرى.

 

وحديث آخر: يرويه ضمرة بن ربيعة عن الثوري عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً:(من ملك ذا رحم محرم عتق)[6].

 

قال النسائي: (لا نعلم أن أحداً روى هذا الحديث عن سفيان غير ضمرة، وهو حديث منكر)[7].

 

وضمرة ثقة عند النسائي وغيره[8]، وقد وافق الإمام أحمد وغيره النسائي في إنكار هذا الحديث[9]، وقال البيهقي: (المحفوظ بهذا الإسناد: النهي عن بيع الولاء وعن هبته)[10] يعني المحفوظ عن الثوري.

 

وقد خالف في ذلك عبدالحق الإشبيلي فقال: (ليس انفراد ضمرة علة فيه، لأن ضمرة ثقة، والحديث صحيح إذا أسنده ثقة، ولا يضره إنفراده به)[11].

 

وقال ابن القطان الفاسي: (وهذا هو الصواب..)[12].

 

وقال الألباني- رحمه الله- في ضمرة: (هو ثقة، فلا غرابة أن يروي متنين بل وأكثر بإسناد واحد، فالصواب أن هذا الحديث بهذا الإسناد صحيح)[13].

 

وقال ابن التركماني في رده على البيهقي: (ليس إنفراد ضمرة به دليلاً على أنه غير محفوظ، ولا يوجب ذلك علة فيه، لأنه من الثقات المأمونين... والحديث إذا انفرد به مثل هذا كان صحيحاً، ولا يضره تفرده، فلا أدري من أين وهم في هذا الحديث راويه؟!)[14].

 

وقال ابن حزم: (هذا خبر صحيح، كل رواته ثقات تقوم به الحجة، وقد تعلل فيه الطوائف المذكورة بأن ضمرة انفرد به وأخطأ فيه. فقلنا: فكان ماذا إذا انفرد به؟ ومتى لحقتم بالمعتزلة في أن لا تقبلوا ما رواه الواحد عن الواحد، وكم خبر انفرد به راويه فقبلتموه.. فأما دعوى أنه أخطأ فيه؛ فباطل لأنها دعوى بلا برهان)[15].

 

وكلام هؤلاء الأعلام في وادٍ، وكلام جهابذة النقد وأساطينه كأحمد والنسائي في وادٍ آخر، فمن أنكر الحديث فله دليله الواضح القوي، وهو أن سفيان الثوري له أصحاب حفاظ ملازمون له لم يرووا عنه بهذا السند في العتق إلا حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته الذي تفرد به عبدالله بن دينار عن ابن عمر، فأين كانوا عن هذا الحديث لينفرد به ضمرة وهو فلسطيني لم يلازم الثوري ملازمة طويلة ولم يحدث عنه إلا أحاديث قليلة؟!

ولا شك أن ربيعة لم يخالف مخالفة صريحة، ولكن تلك القرينة تبعث الشك في نفس الناقد.

 

خامساً: أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي (ت322هـ).

 

أكثر العقيلي في كتابه الضعفاء من الطعن في الأحاديث وفي رواتها بسبب عدم المتابعة.

 

وقد قال الحافظ ابن رجب: (وقول العقيلي: لم يتابع عليه، يشبه كلام القطان، وأحمد والبرديجي الذي سبق ذكره في أن الحديث إذا لم يتابع راويه عليه، فإنه يتوقف فيه أو يكون منكراً)[16].

 

وقد شنَّع الذهبي-رحمه الله- على العقيلي لما ذكر إمام العلل علي بن المديني وذكر في رده عليه ما يدل على أن من منهج العقيلي القدح في بعض الرواة العدول وإن كان في ضبطهم بعض القصور بسبب التفرد وعدم المتابعة فقال: (وأنا أشتهي أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه)[17]، ثم قال: (فانظر أول شيء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبار والصغار، ما فيهم أحد إلا وقد انفرد بسُنة، فيقال له: هذا الحديث لا يُتابع عليه؟! وكذلك التابعون، كل واحد عنده ما ليس عند الآخر من العلم)[18].

 

وللوقوف على نموذج واضح عن موقف العقيلي من مسألة تفرد بعض الثقات والصدوقين فليرجع إلى ترجمة عبدالله بن دينار في كتابه الضعفاء[19].

 

ونصوص العقيلي في ذلك كثيرة جداً وظاهرة المعنى، فعلى من أراد أن يُرضي يقينه أن يرجع إلى ضعفائه.

 

أدلة من توقف في تفرد الصدوق غير المحتمل:

1- فرَّق المحدثون بين الثقة والصدوق، فجعلوا الأول أعلى من الثاني مرتبة، وذلك لأن أخطاء الصدوق أكثر من معدل الخطأ المعفو عنه الذي لا يخلو منه ثقة.

 

فمن قال: إن تفرد الصدوق مقبول ما لم يخالف، فقد ساواه بالثقة، وعمل المحدثين على التفريق بينهما، ولا يكون للتفريق حقيقة إلا في التفرد الخالي من الموافقة أو المخالفة، لأنه في حالة الموافقة لا نزاع في قبوله ولا يتطرق الشك في حفظه لوجود العاضد، وفي حالة المخالفة فلا نزاع في أن حديثه يكون مردوداً، وكذلك الثقة إذا خولف ممن هو أولى منه، فالحاصل أن الفارق الحقيقي بين الثقة والصدوق يتمثل في قبول تفرد الأول مطلقاً إلا عند المخالفة، وقبول تفرد الثاني إذا كان تفرده محتملاً، والتوقف في تفرده إذا كان غير محتمل.

 

2- أن هذا مذهب كثير من كبار النقاد الذين نحتج بأقوالهم المجملة في الجرح والتعديل، فالعمل به يؤدي إلى أن الخلاف مع كبار النقاد يصبح نادراً خاصة في أحكامهم النقدية على الأسانيد والأحاديث، لا كما يُشاهد من كثرة التعارض بين المتأخرين والمتقدمين، مما يعني أن العمل به يؤدي إلى اتساق المنهج العلمي وتماسكه بصورة أفضل.

 

ومما يؤكد قدِم هذا المذهب وأصالته أن إمام النقاد وأميرهم الحافظ المتقن الثبت شعبة بن الحجاج لما سمع من عبدالله بن دينار حديث(النهي عن بيع الولاء)[20] قال: (استحلفتُ عبدالله بن دينار هل سمعته من ابن عمر، فحلف لي) وقال أبو حاتم الرازي معلقاً على ذلك: (كان شعبة بصيراً بالحديث جداً، فهماً فيه، كان إنما حَلَّفه لأنه كان يُنكر هذا الحديث، حكمٌ من الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشاركه أحد، لم يروه عن ابن عمر أحد سواه علمنا)[21].

 

تقدم أن شعبة كان يهاب من تفرد إسماعيل بن رجاء بحديث فيه حكم من الأحكام[22]، مما يدل على أنه لم يكن يتعامل مع بعض التفردات بحسن ظن ويقبلها مطلقاً كما يفعل كثير من المتأخرين.

 

3- أليس من الوجاهة إذا رأينا تفرداً لراوٍ (صدوق) عن شيخ له أصحاب كثر وتلامذة ملازمون له؛ أن نتساءل: أين كان الحفاظ عن ذلك الحديث حتى يتفرد به ذاك الرواي؟


وقد لهج بذلك كبار الأئمة في العديد من الأحاديث كقول الإمام مالك منكراً على عبدالرحمن ابن أبي الزناد لما حدث عن أبيه بكتاب (الفقهاء السبعة): (أين كنا نحن من هذا؟!)[23].

 

وكقول شعبة: (لم يجيء بالرخصة في نبيذ الجر: ابنُ عمر وابن عباس اللذان بحثا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن جاء به ابن بريدة من خراسان!!)[24].

 

وكقول ابن معين: (لو كان هذا هكذا؛ لحدَّث به الناس جميعاً عن سفيان ولكنه حديث منكر)[25] وهذا في حق حديث تفرد به يحيى بن آدم وهو من الثقات عن الثوري.

 

وكقول الإمام أحمد: (أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم)[26].

 

وكقول أبي حاتم الرازي: (أين كان الثوري وشعبة عن هذا الحديث؟)[27].

 

وكقوله: (أين أصحاب أيمن بن نابل عن هذا الحديث؟)[28].

 

وكقوله: (وقد روى عن سهيل-بن أبي صالح- جماعة كثيرة، ليس عند أحدٍ منهم هذا الحديث... لا أدري لهذا الحديث أصلاً عن أبي هريرة أعتبر به، وهذا أصل من الأصول لم يُتابع عليه ربيعة)[29].

 

وكقوله: (فلو أن هذا الحديث عن الحُر- بن الصيَّاح- كان أول ما يُسأل عنه، فأين كان هؤلاء الحفاظ عنه؟)[30] أي وإذا سئل عنه انتشر وتعددت رواته.

 

وكقوله: (ولو كان هذا الحديث عند شعبة، كان أول ما يُسأل عنه)[31].

 

وكقول ابن عدي في حديث أنكره: (وأصحاب منصور بن زاذان: صاحبه المختص فيه هُشيم بن بَشير لأنه من أهل بلده، وبعده أبو عوانة، وغيرهما ممن روى عن منصور بن زاذان، وليس عند هُشيم وأبي عوانة هذا الحديث لا موصولاً ولا مرسلاً)[32].

 

وكقول ابن القيم: (والذي يدل على بطلان هذا الحديث أنه لو كان عند عمرو ابن دينار عن ابن عمر؛ لكان معروفاً عند أصحاب عمرو، مثل قتادة وأيوب وشعبة والسفيانين والحمادين ومالك ابن أنس… وأيضاً فعمرو بن دينار حديثه محفوظ مضبوط يُجمع وكان الأئمة يسرعون إلى سماعه منه وحفظه وجمعه..)[33].

 

وكقوله أيضاً: (وقال بعض الحفاظ: بعيدٌ جداً أن يكون الحديث عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً، ثم لا يرويه واحد من أصحابه الملازمين له، المختصين به، الذين يحفظون حديثه حفظاً، وهم أعلم الناس بحديثه)[34].

 

وكقوله أيضاً: (فأين نافع وسالم وأيوب وسعيد بن جبير؟ وأين أهل المدينة وعلماؤهم عن هذه السنة التي مخرجها من عندهم، وهم إليها أحوج الخلق لعزة الماء عندهم، ومن البعيد جداً أن تكون هذه السنة عند ابن عمر، وتخفى على علماء أصحابه وأهل بلدته، لا يذهب إليها أحد منهم، ولا يروونها ويديرونها بينهم!)[35].

 

وكقول ابن رجب: (وأين كان أصحاب عبدالوهاب الثقفي، وأصحاب ابن سيرين عن هذا الحديث حتى ينفرد به نُعيم-بن حماد-)[36].

 

وكقول المعلمي اليماني: (وهذا الحديث في حكم مختلف فيه تعم به البلوى، وعطاء إمام جليل فقيه معمر، وكان بمكة حيث ينتابها أهل العلم من جميع الأقطار، وله أصحاب أئمة حفاظ فقهاء، كانوا أعلم به وألزم له من أيوب بن موسى وعمرو بن شعيب، فلو كان عنده هذا الحديث عن ابن عباس لما فاتهم)[37].

 

وكقوله أيضاً: (وقد كان لابن عباس أصحاب حفاظ فقهاء، كانوا ألزم له وأعلم به من عطاء، ولم يرو أحد منهم عنه في هذا الباب شيئاً)[38].

 

4- من كان له معرفة واسعة وحسنة بمداخل الأوهام على الرواة غير المتقنين وهي كثيرة جداً سيزداد شكه في التفرد غير المحتمل من راوٍ عُلم أنه يخطىء خطأ ليس بالقليل النادر.

 

من ذلك أن كثيراً من الرواة لم يكونوا يكتبون في مجلس التحديث عن شيخهم، كما قال الإمام الترمذي: (وأكثر من مضى من أهل العلم كانوا لا يكتبون، ومن كتب منهم إنما يكتب بعد السماع)[39].

 

ويقول الميموني:(سئل أحمد عن الحكم بن عطية فقال: لا أعلم إلا خيراً. فقال له رجل: حدثني فلان عنه عن ثابت عن أنس قال: (كان مهر أم سلمة متاعاً قيمته عشرة دراهم).

 

فأقبل أبو عبدالله يتعجب، وقال: هؤلاء الشيوخ لم يكونوا يكتبون، وإنما كانوا يحفظون، ونُسِبوا إلى الوهم، أحدهم يسمع الشيء فيتوهم فيه)[40].

 

وقال البيهقي: (وقد يَزِل الصدوق فيما يكتبه، فيدخل له حديث في حديث، فيصير حديث رُوي بإسناد ضعيف مركباً على إسنادٍ صحيح، وقد يزل القلم، ويخطيء السمع، ويخون الحفظ، فيروي الشاذ من الحديث من غير قصد)[41].

 

ولا تكاد تحصى النصوص التي يقول فيها أئمة النقد: فلان دخل له حديث في حديث[42] كأن يكتب إسناد حديث ثم يكتب متناً بإسناد آخر، فيصبح الحديث لا يُعرف[43].

 

كما أن بعض النقاد فسَّر سبب خطأ بعض الرواة بأنه قد(شُبِّه له)[44]، كما قيل لابن معين: (كيف يحدث ثقة بباطل؟ قال: شُبه له)[45]. أي يُخيل له الشيء فيحدث به[46].

 

وفَسَّر بعضهم سبب الخطأ أحياناً بسبق اللسان، كما قال الإمام أحمد في حديث أخطأ فيه شَريك: (لعل شريكاً سبقه لسانه)[47]، وكما قال البزار في حديث أخطأ فيه أحد الثقات: (وإنما كان سبقه لسانه عندنا)[48].

 

ويقع الخطأ أحياناً أن يحدث الراوي الصدوق بحديث ليس من حديثه نسياناً منه، كما قال ابن معين لعلي بن عاصم وهو من أهل الصدق: (ليس هذا من حديثك. فقال علي: فأكذب؟! [فقال يحيى]: فاستحييت منه، وقلتُ: ذوكرتَ به فوقع في قلبك، فظننت أنك سمعته ولم تسمعه، وليس من حديثك)[49].

 

وقال عبدالرحمن بن مهدي لأبي عوانة أحد مشاهير الثقات: (هذا ليس من حديثك؟ فقال: من أين أُتيت؟ فقال ابن مهدي: ذوكرتَ به وأنت شاب، فظننت أنك سمعته)[50].

 

والمذاكرة كانت منتشرة جداً عند المحدثين، وربما تذاكروا على أبواب المحدثين قبل دخولهم للسماع، وكانوا يتذاكرون أبواب الفقه أو مرويات أحد الرواة، أو يسأل أحدهم الآخر: ماذا تحفظ في كذا وكذا... الخ. وعلى هذا فربما يكون سبب بعض التفردات غير المحتملة ما علق في ذاكرة الراوي من إحدى مذاكراته.

 

ويقع الخطأ أحياناً بسبب الكتب إما بسبب الورَّاق[51] كما قال يحيى بن عبدك لما بعث إليه أبو زرعة الرازي برسالة ينبهه فيها على خطأ له فقال: (لا جزى الله الوراق عني خيراً، أدخل لي أحاديث المعلى بن أسد في أحاديث مُسدَّر، ولم أميزها منذ عشرين سنة، حتى ورد كتابك، وأنا أرجع عنه)[52].

 

وإما بسبب عدم إعجام كلمات الكتاب فيقع التصحيف كما وقع من بعضهم تصحيف (السبيعي) إلى (الشعبي)[53].

 

وإما بانتقال النظر كما حدث للإمام علي بن المديني في حديث أنكره عليه شيخه عبدالرحمن بن مهدي، فلما رجع إلى بيته كما يقول: (نظرتُ فإذا قبله حديث في هذه المسألة، وبعده: عبدالمؤمن رأيتُ سعيداً يتكلم في الطواف) وكان وهمه أنه قال: (رأيت سعيداً يشرب في الطواف) والصواب يتكلم[54].

 

وإما أن يحدث من كتب غيره فيخطئ بسبب ذلك[55]، وإما أن يقرأ في كتابٍ لم يسمعه فيعلق بقلبه ما ليس من حديثه[56]، وإما أن تشتبه عليه كتبه وتختلط فلا يميز ما سمعه من ذلك الشيخ عن ما سمعه من آخر، كما وقع لأبي اليمان الحكم بن نافع أحد الثقات؛ فقد روى حديثاً أنكره عليه النقاد، وأبان الإمام أحمد عن كيفية وقوعه في الخطأ حيث قال: (كان كتاب شعيب عن ابن أبي حسين ملصقاً بكتاب الزهري)[57]، وقال أبو اليمان: (الحديث حديث الزهري والذي حدثتكم عن ابن أبي حسين غلطت فيه بورقة قلبتها)[58].

 

وأحياناً يكون الخطأ برفع المتن الموقوف على صحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وأحياناً يكون الخطأ بسبب بُعد الراوي عن مكان الشيخ أثناء السماع، كما حدث ليزيد بن هارون في إسناد أخطأ فيه من حديث شعبة، وقال مبيناً سبب خطئه: (لقد سمعته من شعبة ببغداد، وكنتُ في آخر الناس، وأنا أشك فيه منذ سمعته)[59].

 

ومداخل الوهم كثيرة جداً يصعب حصرها، ويخشى على الصدوق إذا تفرد بما لا يُحتمل أن يكون وقع في شيء من ذلك، لا سيما مع وجود الأخطاء في مروياته، فكيف إذا كان معتمداً على حفظه وليس له كتاب، والحفظ خوَّان كما يقال؟!

والتفرد مشعر باحتمال وجود خطأ، بدليل أن الإمام مالكاً- وهو من كبار المتقنين- لما قيل له في حديث تفرد به: (لا يرويه غيرك. فقال: لو علمتُ هذا ما حدثت به)[60].

 

ومن ذلك قول أحد الرواة بعد أن روى حديثاً قال: (هذا خطأ، ولم أر أحداً تابعني عليه)[61].

 

5- هذا الرأي هو الأحوط، وعلم الحديث قائم على الاحتياط، كما قال أحد كبار أئمة النقد وهو الإمام عبدالرحمن بن مهدي: (خصلتان لا يستقيم فيهما حسن الظن، الحكم والحديث)[62].

 

ويقول ابن القطان الفاسي: (وأهل هذه الصناعة أعني المحدثين بنوها على الاحتياط، حتى صدق ما قيل فيهم: لا يخف على المحدث أن يقبل الضعيف، وخَفَّ عليه أن يترك من الصحيح، وبذلك حفظت الشريعة لما أراد الله عز وجل حفظها)[63].

 

فالقول بالتوقف في تفرد الصدوق غير المحتمل موافق لهذا الأصل العظيم الذي هو عماد علم الحديث، وعماد منهج كبار أئمة النقد، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الأمور بالاحتياط.

 

 


 

[1] التعديل والتجريح (2/524).

[2] أخرجه أحمد (2/423) وأبو داود (2350)، والحاكم (1/426)، والبيهقي (4/218).

[3] العلل لابن أبي حاتم (1/123، 256).

[4] التمييز (ص218).

[5] السلسلة الصحيحة (3/382).

[6] السنن الكبرى للنسائي (3/173) وسنن ابن ماجة (2525)، والمستدرك للحاكم (2/214)، والسنن الكبرى للبيهقي (10/289).

[7] السنن الكبرى للنسائي (3/173).

[8] تهذيب الكمال (13/319).

[9] تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/459-460)، ونصب الراية (3/278).

[10] معرفة السنن (14/407).

[11] بيان الوهم والإيهام (5/437)، ونصب الراية (3/278).

[12] بيان الوهم والإيهام (5/437)، ونصب الراية (3/278).

[13] إرواء الغليل (6/170).

[14] الجوهر النقي (10/290).

[15] المحلى (9/202).

[16] شرح العلل (2/477).

[17] الميزان (3/140).

[18] مصدر سابق (3/140).

[19] الضعفاء للعقيلي (2/247-249).

[20] تقدم الكلام عليه في نصوص أحمد آنفاً (النص الأول).

[21] مقدمة الجرح والتعديل (1/170).

[22] تقدم في نصوص أبي حاتم آنفاً (النص الثاني).

[23] سير أعلام النبلاء (8/169).

[24] مسائل أحمد لأبي داود (ص289). وهو هنا لا ينكر تفرد الصحابي ولكن يُنكر مخرج الحديث كأنه يقول: أين أهل المدينة ومكة عن هذا لينفرد به أهل خراسان!!

[25] التاريخ لابن معين (3/346).

[26] المنتخب من علل الخلال (ق94/أ).

[27] العلل لابن أبي حاتم (1/92).

[28] المرجع السابق (1/296).

[29] المرجع السابق (1/463).

[30] المرجع السابق (1/392).

[31] المرجع السابق (2/400-401).

[32] الكامل (3/1028).

[33] الفروسية (ص78).

[34] الفروسية (ص58).

[35] تهذيب مختصر أبي داود (1/62) وهذا الكلام لا يتبناه ابن القيم إنما ذكره على سبيل المناظرة بين رأيين.

[36] جامع العلوم والحكم (ص339).

[37] التنكيل (2/111).

[38] التنكيل (2/112).

[39] العلل الصغير (5/746).

[40] التهذيب (2/436).

[41] معرفة السنن (1/144).

[42] انظر العلل برواية عبدالله (1/556)، والعلل للرازي (1/41، 77، 84، 91، 96، 118)، (2/132، 147، 284/ 301).

[43] انظر تعليلاً مفسراً للدار قطني عن كيفية دخول حديث في حديث- سؤالات السلمي (ص294-295).

[44] الجرح والتعديل (9/320)، والعلل برواية عبدالله (3/23).

[45] تاريخ بغداد (13/307).

[46] الضعفاء لأبي زرعة (ص442).

[47] طبقات الحنابلة (1/287).

[48] كشف الأستار (2/22).

[49] الضعفاء لأبي زرعة (ص396).

[50] تهذيب الكمال (17/440) ببعض التصرف.

[51] اسم مهنة يعهد للقائم بها ترتيب كتب المحدث، وتطلق أحياناً على من يبيع الكتب وينسخها بالأجرة.

[52] الضعفاء لأبي زرعة (ص580).

[53] تاريخ ابن معين (2/32-33).

[54] المعرفة والتاريخ (1/714-715).

[55] التهذيب (2/354).

[56] شرح علل الترمذي (1/283).

[57] التهذيب (2/442-443).

[58] التهذيب (2/442- 443).

[59] العلل برواية عبدالله (1/527).

[60] التعديل والتجريح (1/300).

[61] طبقات المحدثين بأصبهان (4/235).

[62] الضعفاء للعقيلي (1/9).

[63] النظر في أحكام النظر (ص35).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفرد الراوي الصدوق بين القبول والتوقف (1)
  • تفرد الراوي الصدوق بين القبول والتوقف(3)
  • تفرد الراوي الصدوق بين القبول والتوقف (5)
  • المردود بسبب طعن في الرواي

مختارات من الشبكة

  • تفرد الراوي الصدوق بين القبول والتوقف(2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شعبان والتفرد بالعبادة(مقالة - ملفات خاصة)
  • الحديث الوحيد الذي تفرد الإمام البخاري بروايته في صحيحه دون غيره من العلماء المصنفين فيما نعلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الإيمان على الاتفاق والتفرد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الله.. تفردا وتأدبا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأحاديث الصحيحة التي تفرد بروايتها أبو هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح البيقونية: الحديث الفرد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مصطلح "لا أصل له" عند الإمام أبي جعفر العقيلي (ت: 322 هـ) وعلاقته بالتفرد بالتطبيق على كتابه "الضعفاء الكبير" دراسة نظرية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوصية بقصر الأمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قوام العيش ( خطبة )(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب