• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى (رسالة إلى أمتي)

أيمن بن عبدالعظيم الأصبح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/11/2010 ميلادي - 13/12/1431 هجري

الزيارات: 59377

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى (رسالة إلى أمتي)

 

إنَّ الحمد لله - تعالى - نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله - تعالى - من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

 

أما بعدُ:

فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وأحسن الهدْي هدْي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشر الأمور محدثاتها، وكل مُحدثة بدْعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

الحمد لله على نعمة النِّعَم، ومنَّة المِنَن، الحمد لله على النِّعمة العُظْمى، والمنة الكبرى، الحمد لله على أعظم نعمة أنعم بها علينا، الحمد لله على أَجَلِّ منة امتن بها علينا، الحمدُ لله على لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

 

الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كُنَّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله، الحمد لله الذي أرْسل إلينا رسولاً منَّا يتْلو علينا آياته ويُزكينا، ويُعلمنا الكتاب والحكمة، وإن كنَّا مِن قبلُ لفي ضلال مبين، الحمد لله على كل رسولٍ أرْسله، الحمد لله على كل حقٍّ أحقه، الحمد لله على كل باطلٍ أزهقه، الحمد لله على كل مظلوم نصره، الحمد لله على كل ظالمٍ قهره، الحمد لله على كل جبارٍ قصمه، والله أكبر كبيرًا.

 

الحمدُ لله الذي جمعنا في هذه الساعة الطيبة المبارَكة، في هذا اليوم الأزهر، في بيت مِن بيوت الله - عزَّ وجلَّ - نتدارَس آيةً من كتاب الله - عزَّ وجلَّ - أو حديثًا من سنَّة نبينا محمد رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم - ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

 

وبعدُ:

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك.

 

أيها الإخوة الأحباب:

اليوم يوم عيد، أيها الأحباب، كل عام أنتم بخير، وأعاده الله علينا وقد استرددنا الأقصى وكل أراضي المسلمين، آمين، آمين.

 

أيها الإخوة الأحباب:

إنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - نزل عليه في يوم عرفة قوله - تعالى -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

 

أكمل الله - عزَّ وجلَّ - لنا الدين، وأتَمَّ علينا نعمته - سبحانه وتعالى - ورَضِيَ لنا الإسلام دينًا، فكيف ننظر إلى الشرق والغرب؛ ليحلُّوا لنا مشاكلنا؟!

 

أيها الأحباب:

سمع رجل يهوديٌّ بهذه الآية: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فقال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين، لو نزلت علينا هذه الآية - معشرَ اليهود - لاتخذنا اليوم الذي نزلتْ فيه هذه الآية عيدًا.

 

أيها الأحباب:

نحن محْسُودون على شرْعنا وعلى نبينا، فكيف نصل إلى ما وصلنا إليه؟ احْتُلَّتْ ديارنا، وقُتل أولادنا، وسُبيت نساؤنا، فكيف وصلنا إلى ماوصلْنا إليه؟!

 

أيها الإخوة الأحباب:

كل هذا لا يخفى على أحد، لا يخفى على أحدٍ ما يحدث للمسلمين في كل مكان، إذا نظرت شرقًا وغربًا، لا تجد إلا دماءَ المسلمين، ولا تجد إلا أشلاء المسلمين.

 

حتميَّة وُقُوع البلاء قبل التمكين:

اعلمي - يا أُمتي - أنَّ ما نَحن فيه الآن ما هو إلا بلاء، وهذه سنَّة حتمية قبل التمكين، إن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لما نزل عليه الوحي في الغار، وذهب إلى خديجة - رضي الله عنها - وذهبا إلى ورقة بن نوفل، وحكى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - له ما حدث معه في الغار، فقال له ورقة بن نوفل: هذا الناموس الذي أنزل على موسى - صلَّى الله عليه وسلَّم - يا لَيْتَنِي فيها جَذَعًا، يا ليتني أكون حيًّا حين يخرجك قومُك، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أَوَمُخرجي هم؟!))، قال ورقة: نعم، لم يأتِ رجلٌ قط بما جئت به إلاَّ عُودي، وإن يدركني يومك، أنصرك نصرًا مؤزَّرًا[1].

 

سمعتَ - أيها الحبيب - ماذا قال ورقة بن نوفل للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا ليتني فيها جذعًا، يا ليتني أكون حيًّا حين يخرجك قومك، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أَوَمُخرجي هم؟))، قال ورقة: نعم، لم يأتِ رجلٌ قطُّ بما جئت به إلا عودي؟

 

انظر:

النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يخرج بعدُ إلى ساحة الدعوة والجهاد؛ لكي يعاديه قومه، وإنَّما نزل إليه الوحي؛ ليكلفه بالرسالة، ولكنَّ ورقة بن نوفل يُبَيِّن له سنة الله - تعالى - في الخلْق، يبين له حتمية وقوع البلاء قبل التمكين، وبعد ذلك توالت الأحداث، فقال الله - سبحانه وتعالى - لنبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31]، وقال تعالى: ﴿ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 141].

 

وقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في حديث عياض بن حمار المجاشعي: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذات يوم في خطبته في حديث طويل - قال: ((وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم - عربهم وعجمهم - إلاَّ بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنَّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك))[2].

 

انظر:

هذه سنة ماضية في الأوَّلين والآخرين، إنَّما بعثتك؛ لأبتليك وأبتلي بك، هذا هو الغرَض من بعْثته - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يبتليَه المولى - عزَّ وجلَّ - بصروف من المحن؛ ليختبر صبره وثباته، ويجعله حقيقة ظاهرة للآخرين، وقدوة وأسوة لمن سلك دربه وطريقه من الدُّعاة إلى الله - تعالى - إلى يوم الدين، وأن يبتلي به الآخرين؛ ليتميَّز معسكر الإيمان من معسكر الكفر؛ قال تعالى: ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾ [الأنفال: 42].

لذلك - أيها الأحباب - لَمَّا عَلِم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذلك من رب العالمين - عزَّ وجلَّ - علَّمه صحابته - رضوان الله عليهم أجمعين - وعَلَّم أُمة الإسلام من بعدهم.

 

لما جاء خباب بن الأرت - رضي الله عنه - إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليشتكي له ما وجده هو وأصحابه من العذاب، وما نالهم من استهزاء، فقال: شكونا إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو متوسد بُرْدَةً له في ظِلِّ الكعبة، فقلنا: ألاَ تستنصر لنا؟ ألاَ تدعو لنا؟ فقال: ((قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل، فيمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلاَّ الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون))[3].

 

انظر - أيها الحبيب - ماذا حدث؟ جاء خباب - رضي الله عنه - ليشتكي للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأراد منه أن يدعوَ لهم، وأن يستنصر لهم اللهَ - عزَّ وجلَّ - فما دعا لهم، ولا استنصر لهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإنَّما عَلَّمه ما تعلمه من رب العالمين - عزَّ وجلَّ - وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل، فيمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه)).

بيَّن له أولاً أنَّ البلاء سنةٌ حتمية قبل التمكين، وثانيًا: علمه الأمل في مستقبل الإسلام، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((والله، ليتمن هذا الأمر حتى يسيرَ الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)).

 

الأمَلُ في مستقبل الإسلام - أيها المسلمون الكرام - فاعلمي يا أُمتي أنَّ ما نحن فيه الآن بلاء، ولا يجب عليك إلا الصبر والثبات، والأخذ بأسباب النجاة والنصرة، حتى يرفع الله - تعالى - البلاء، ويُمَكِّن لأهْل الحقِّ والطاعة؛ قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].

 

وتعلمي - يا أُمتي - الأمل في مستقبل الإسلام، واعْلمي أن الله - تعالى - كتب للإسلام النصر لا لسواه، وأنَّ النصْر لأهل الحق، وأنَّ النصر للمؤمنين، كما قال تعالى: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47].

 

وبعد ذلك كله - أيها الأحباب - ما الحل؟

 

أولاً: التوبة إلى الله - تعالى - من الذنوب:

التوبة من الذنوب، بالرجوع إلى ستِّير العُيُوب، وعلاَّم الغيوب، مبدأ طريق السالكين، ورأس مال الفائزين، ومفتاح استقامة المائلين، فالتوبة هي بداية العبد ونهايته، وقد قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

 

وهذه الآية في سورة مدنيَّة خاطَب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم، وصبرهم، وهجرتهم، وجهادهم، ثم علق الفلاح بالتوبة، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون، جعلنا الله منهم، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

فقسم العباد إلى: "تائب" و"ظالم"، وليس ثَمَّ قسم ثالث، وأوقع اسم الظالم على مَن لم يتب، ولا أظلم منه؛ لجهله بربه وبحقه، وبعيب نفسه، وآفات أعماله، وفي الصحيح عنه: أنَّه قال: ((يا أيها الناس، توبوا إلى الله، فوالله، إنِّي أتوبُ إليه في اليوم أكثرَ من سبعين مرة)).

 

اعلموا - أيُّها الإخوة الأحباب - أن الذنوب والمعاصي هي السبب فيما نحن فيه الآن، فإنَّ خرابَ الناس وهلاك الأمم إنَّما يكون بسبب انتشار المعاصي والسيئات والمنكرات، وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله - تعالى -: ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 59]؛ أي: أهلكناهم بسبب كفرهم وعنادهم؛ ولذلك قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16]، ومعنى أَمَرْنا مُترفيها؛ أي: إنَّ المُتْرَفين من أهل الفساد هم الذين يتأمرون على الناس، فيشيعون المنكرات والسيئات بين المسلمين، فإذا شاعت المنكرات، وسكت الناسُ عن تغْييرها، ولم يقوموا بواجِبهم في تغيير المنكرات والأمر بالمعروف، عمَّهم الله - سبحانه وتعالى - بعقابٍ مِنْ عنده، ثم يدعون فلا يستجاب لهم، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]، قال ابن عباس: "إذا رأى الناس المظالِم ولم يغيروها، عمَّهُم الله بعذاب من عنده"؛ ولذلك جاء في الحديث عن أم المؤمنين زينب بنت جحش - رضي الله عنها - أنها قالتْ: دخل عليَّ رسول الله ذات يوم فزعًا، وهو يقول: ((لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بين إصبعيه الإبهام والتي تليها))، فقلتُ - أي: تقول أم المؤمنين زينب رضي الله عنها -: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعَم، إذا كَثُر الخبَث))؛ أخرجه البخاري ومسلم في صحيحَيْهما.

 

ومعنى ((فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه))؛ أي: إن باب الشر والفتنة في عهده يوم أن دخل فزعًا، وهو يقول: ((لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب))، فتح باب الفتنة والشر مثل هذه، فمنذ ذلك اليوم وإلى يومنا هذا، خمسة عشر قرنًا من الزمان، كم توسع ردم الفتنة وباب الشر، الله أعلم، ولكن الشرور في زماننا هذا كثيرة، فإنَّ النَّاس قد بعدوا عن الله - عزَّ وجلَّ - وصارت السيادةُ لأهل المنكرات والسيئات، يعيثون في الأرض فسادًا، أين المصلحون؟ أين الذين يقومون بواجب الأمر بالمعروف، والنَّهْي عن المنكر؟ أين الذين يقفون في صف واحد أمام أعداء الإسلام؛ ليردوا كيدهم في نحورهم؟

 

وبسبب شُؤم هذه المعاصي التي سادتْ وانتشرَتْ بين المسلمين خرب العمران والبلاد، وتعَطَّلَت المصالح، وإذا بالغلاء الفاحش يضرب بأطنابه في كلِّ مكان، والمسلمون في كلِّ بقاع الأرض يشكون من هذه الابتلاءات والمصائب المتتابِعة عليهم، ألَم يعلموا أنَّ الجزاء من جنْس العمل؟ إنَّ الله - سبحانه وتعالى - ما ينزل مُصيبة في الأرض، ولا بلاء من السماء ينزل إلى الأرض إلا بسبب معصية، إلا بسبب فاحشة، إلا بسبب شُيُوع المنكرات والسيئات والمعاصي، فالبدارَ البدارَ عباد الله، العودة إلى الله، التوبة إلى الله، الاستغفار لله، إذا أردنا أن تحسنَ أحوالنا، ويرفع الله - سبحانه وتعالى - عنَّا البلاء والمصائب، فلن يرفع إلا بتوبة صادقة، بعَوْدة صادقة إلى الله، والتمَسُّك بالكتاب والسُّنَّة ظاهرًا وباطنًا، فإذا فعل المسلمون ذلك عمَّهم من الله - سبحانه وتعالى - الرحمة؛﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

 

أخرج الإمام ابن ماجَه في سُننه، والبزار والبيهقي، من حديث عبدالله بن عمر قال: وعَظَنا رسول الله فقال: ((يا معشر المهاجرين، خمس خصال إذا ابتليتم بهن - وأعوذ بالله أن تدركوهن -: لَم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضتْ في أسلافِهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤونة، وجوْر السلْطان عليهم، ولم يُمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم، فيأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم))؛ إسناده حسن.

 

خمس خصال كلها لو تأملناها موجودة فينا، ومنطبقة علينا تمام الانطباق، تعالوا نتأمل: ((لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون))، يقول الدكتور محمد علي البار، في كتاب "الأمراض الجنسية": إن الطاعون اسم لمسمى الفيروسات الفتاكة التي تفتك بالبشرية، إذا شاعت فيها الفاحشة، والفاحشةُ مسماها في أمرين: في الزنا وفي فعل قوم لوط - والعياذ بالله - هذه الفاحشة اليوم منتشرة بين المسلمين، فتحتْ لها دور البغايا في كثير من البلدان والدول، التي قنَّنت وأعطت للباغيات والمومسات صكوكًا كترخيص السيارة، تمارس هذه الدعارة التي وصفها الله بالفاحشة في قوله - تعالى -: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ﴾ [الإسراء: 32]، تُعطَى هذه التراخيص للمومسات؛ ليزْنين تحت حماية القانون، وما من فندق أو كازينو أو كابريه، إلا وتجد طابورًا من الداعرات اللاتي يمارسن هذه الفاحشة على مرأى ومسمع من المسلمين جميعًا، وبحماية القانون، ثم بعد ذلك إذا ظهرت في البشرية الأمراض الفتاكة، كالإيدز، والهربس، والزهري، والسيلان، ومرض الشبك الجنسي، إلى آخر تلك الأمراض، التي تعانيها البشرية الآن.

 

اكتُشف في الآونة الأخيرة مرض جديد، اسمه مرض الشوك الجلدي، فما هو؟

الذين يفعلون الفاحشة، سواء بإتيان الفروج الحرام بالزنا، أم بفعل قوم لوط - يبتليهم الله - سبحانه وتعالى - بعظام تخرج من جلودهم، كالشوك ثم بعد ذلك يموتون، بعد أن يتعذبوا عذابًا شديدًا؛ ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ﴾ [الإسراء: 32].

سيئ السبيل سيئ الطريق؛ ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124 - 126].

((ولم ينقصوا المكْيال والميزان، إلا أُخِذوا بالسنين، والقحْط، والجفاف))، أَمَا نُعاني اليوم مِن القحط والجفاف؟

 

استسقينا فلم نُسْقَ، دعونا فلم يستجبْ لنا؛ لأن للدُّعاء شروطًا، ومن شروط الدعاء العودة والاستجابة لله، الله - سبحانه وتعالى - ضَمَن لنا الإجابةَ إذا دعوناه بشروط، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، مَن ذا الذي يستجيب الله له إذا دعاه؛ ﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

هل استجبنا لله؟ هل آمنَّا بالله؟ حتى الإيمان سلوا أنفسكم: كم من المتحاكمين بالباطل، ونحن نصفق لهم، ونزمجل لهم، ونطبل لهم، ونزمر لهم! وكم من إنسان يريد أن يقيمَ العدالة في الأرض ونحن نسبه ونتهمه بالخيانة! أبَعْد ذلك نريد أن يغيِّر الله - سبحانه وتعالى - من أحوالنا؟!

تَحَكَّمُوا فَاسْتَطَالُوا فِي تَحَكُّمِهِمْ
عَمَّا قَلِيلٍ كَأَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَكُنِ
لَوْ أَنْصَفُوا أُنْصِفُوا لَكِنْ بَغَوْا فَبَغَى
عَلَيْهِمُ الدَّهْرُ بِالأَحْزَانِ وَالْمِحَنِ
وَأَصْبَحُوا وَلِسَانُ الحَالِ يُنْشِدُهُمْ
هَذَا بِذَاكَ وَلاَ عَتْبٌ عَلَى الزَّمَنِ

إنما العتب علينا.

 

أيها المسلمون:

((إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة))؛ أي: الفقر من غير تعليق، وجور السلطان عليهم، والحالُ تُغْني عن المقال.

 

((ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا مُنعوا القطْر من السماء))؛ في عهد عمر بن عبدالعزيز الخليفة الخامس، الذي سماه الإمام الشافعي بخامس الخلفاء الراشدين - حَكَمَ سنتين بل أقلَّ من السنتين، أقل من السنتين ببضعة أشهر، حكم ما يقارب السنتين، فرَدَّ المظالِمَ إلى أهلها، وأقام الحدودَ والقصاص في الأرض، وطبَّق شرعَ الله، وكان يأخذ المال، فبارك الله في المال أموال الزكاة، حتى إنه كان يحثوه حثوًا، فقسمه على الفقراء والمساكين، ففي السنة الثانية لم يجدوا في دولة الإسلام فقيرًا.

أَحْيَاؤُنَا لاَ يُرْزَقُونَ بِدِرْهَمٍ ♦♦♦ وَبِأَلْفِ أَلْفٍ تُرْزَقُ الأَمْوَاتُ

 

((ولولا البهائم لم يمطروا))، لكن رحمة الله - سبحانه وتعالى - أن يرحم البهائم والأطفال الرُّضَّع والشيوخ الركع، فبرحمة الله لهؤلاء المستضعفين قد ينزل المطر، وإذا حبس عنهم، فذلك جزاء من الله - سبحانه وتعالى - بسبب العقوبة التي نستحقها، وإنَّ الله حكيم لا يصدر شيئًا إلا بحكمة، وهو العزيز الحكيم.

 

((إذا تبايَعْتُم بالعِينَة، ورضيتم بالزَّرع، وأخذتم أذنابَ البقر، وتركتم الجهاد، سَلَّط الله عليكم ذلاًّ، لا ينزعه من قلوبكم حتى تراجعوا دينكم)).

((وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم))، نعم بأسنا بيننا على مستوى الأفراد والشعوب، ما من بقعة إلا وينعدم فيها الأمان اليوم، فتسمع من القبيلة الفلانية 16 قتيلاً، وكذلك كذا جريحًا؛ لماذا؟ لأتفه الأسباب، ليتهم قاتلوا في سبيل الله، إنَّما يُقاتلون في سبيل الطاغوت؛ ﴿ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76]

 

ثانيًا: الرجوع إلى كتاب الله - تعالى - تلاوة وتدبرًا وعملاً:

القرآن قائدٌ وسائقٌ؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا * فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 51 - 52].

 

وجاهدهم بماذا؟ بالقرآن، كأن الله - تعالى - يشيرُ في هذه الآية إلى أنَّ هذا القرآن بديل من إرسال الرسل، فقد كفل الله به مهمة جميع الرسل بأن يصنع القرآن رجالاً كالرسل.

يقول ربي - وأحقُّ القول قول ربي -: ﴿ وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ [العنكبوت: 50 - 51]، فهم يطلبون آية، فعرفهم أعظم آية هي القرآن.

 

القرآن كلام الله، كتاب مبارك يربيك على العلم والعمل والدعوة، القرآن طريقك لأَنْ تكون رجلاً، أو تربي ولدك على ذلك؛ لكي يكون رجلاً، نعم القرآن هو الذي يصنع الرجال، وسيظل يصنعهُم إلى أن يرثَ اللهُ الأرض ومَن عليها.

نعم إخوتاه، القرآن مَصْنعُ الرجال، القرآن يُفرِّخ الأبطال في حظيرة العبودية، وأهلُ القرآن هم أهلُ اللهِ وخاصتُه، فهل أنت من أهل الله؟ هل أنت من أهل القرآن؟ هل وهبت حياتك للقرآن؟ وهل وضعته على قمةِ أولوياتِك؟ هل فكَّرت مرةً أن تُذاكره كما تذاكرُ الكتاب الدراسي بجد واجتهاد؟

 

أخي في الله، إذا كُنتَ بعيدًا عن القرآن، فاعلَمْ أنك محرومٌ كلَّ الحرمان، تعالَ إلى الله - عزَّ وجلَّ - واعكُفْ على القرآن لتُصْنَع، وإلا فما أبعدَ الدواءَ عن تلك الأدواءِ! والأحاديث في فضْل تعلُّم القرآن الكريم وتعليمه أكثرُ من أن تحصر، أورد طرفًا منها:

يقولُ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خيرُكم من تعلَّم القرآن وعلمه))؛ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم.

ويقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتقِ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإنَّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها))؛ رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح.

وصاحب القرآن هو العامل به، المتخلق بأخلاقه، الملازم لتلاوته، أعَدَّ الله له هذا الأجر العظيم في الدار الآخرة.

ويقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته))؛ رواه الإمام أحمد في المسند، وصححه الشيخ الألباني.

وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فلأَنْ يَغْدُو أَحَدُكُم إِلَى الْمَسْجِد، فَيَتَعَلَّم آيَتَينِ مِن كِتَابِ اللهِ خَيرٌ لَهُ مِن نَاقَتَينِ، وَثَلاثٌ خَيرٌ مِن ثَلاث، وَأَرْبَع خَيرٌ مِن أَربَع، وَمِن أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ))؛ أخرجه مسلم وأحمد.

وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)).

 

وبعد ذلك - أيها الإخوة الأحباب - نماذج من العاملين بالقرآن:

وهذا مثال في أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن أنس قال: "كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بَيْرُحَاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قال أَنَس: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هذه الآيَةُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾، قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن الله - تبارك وتعالى - يقول: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾، وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذُخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قُلتَ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين))، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه"؛ متفق عليه.

 

وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.



[1] رواه أحمد في مسنده (ج6/ 153، 34252)، والبخاري ( ج1/5، 3)، ومسلم ( ج1 / 142، 160) وغيرهم.

[2] رواه مسلم (ج4/ 2198، 2865).

[3] رواه أحمد في مسنده (ج5 / 109، 21095)، البخاري (ج3/1322، 3416) وغيرهم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431هـ (1)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431هـ (2)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431 (3)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431هـ (4)
  • في عيد الأضحى
  • عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى عام 1434هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1435 هـ - ثبات المؤمن في أعاصير الفتن
  • خطبة عيد الأضحى 1444 هـ

مختارات من الشبكة

  • الأضحى في زمن الابتلاء (خطبة عيد الأضحى 1441هـ)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (الأضحى إرث إبراهيم)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أيام الأضحى والنحر أيام تضحية وفداء وذكر (خطبة عيد الأضحى 1439هـ)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة(مقالة - ملفات خاصة)
  • (هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1443 هـ (العيد وصلة الأرحام)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • (لمن فرحة العيد؟) خطبة عيد الأضحى 1442 هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة يوم عيد الأضحى 1441هـ (هذا عيدنا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (اليوم عيدنا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1440هـ (من مقاصد العيد)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب