• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

خطورة الشرك

أبو مريم محمد الجريتلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/10/2010 ميلادي - 23/11/1431 هجري

الزيارات: 52315

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من الكنوز المستفادة من كتاب

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان

خطورة الشرك


إنَّ الحمد لله نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.

 

أما بعد:

لقد حفظ الله - عزَّ وجلَّ - دينه بحفظ كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وحِفْظُهما ليس حفظًا للألفاظ فحسب، بل حفظ الألفاظ والمعاني؛ فلقد لقي الكتاب والسنة من العناية ما لم يلقه كتاب قديمًا أو حديثًا، يعلم ذلك القاصي والداني، بل ويشهد بذلك أعداء الإسلام أنفسهم، فلله الحمد والمِنَّة.

 

ومِن حفظ الله لكتابه ذلك الرصيدُ الضخم لكتب التفاسير من عصر الصحابة إلى يومنا هذا، فالمكتبة الإسلامية عامرة بكتب التفاسير - فضلاً عما هو مخطوط يحتاج لمن يكشف عنه الحجاب - ومن هذه التفاسير تفسير "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" المعروف بين طلبة العلم بـ"تفسير السعدي" - رحمه الله - ذلك التفسير العظيم الذي جمع عقيدة السلف في أسلوب رائق جذَّاب ليس بالطويل المُمِل ولا القصير المُخِل، زيَّنه صاحبه بإخلاص القول فيه - نحسبه كذلك والله حسيبه - وقد أفاد طلبة العلم منه أيما إفادة[1]، ولقد يسَّر الله للعبد الفقير كاتب هذه الأسطر جمع معانٍ مشتركة في مواطن متفرقة؛ فكانت بمثابة السلك للؤلؤات صاحب التفسير، فالفضل لله ثم لصاحب التفسير، رحمه الله وجعل الجنة مثواه.

 

هذه المعاني تدور حول قضية من أخطر القضايا التي تكلَّم عنها القرآن في مئات من الآيات وهي قضية الشرك، وقد اقتصرت على أربع نقاط - مخافة الإطالة - وهي:

أولاً: الشرك لم ينزل الله به سلطانًا.

ثانيًا: الشرك تخرُّص بغير علم.

ثالثًا: الشرك محض افتراء على الله.

رابعًا: الإضلال عقوبة وليس حجة لصاحب الشرك.

 

وإليك تفصيلَ ما أجملته:

أولاً: الشرك لم ينزل الله به سلطانًا[2]

السلطان: الحجة والبرهان[3]:

1- قال تعالى: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 151].

يقول الشيخ ناصر السعدي - رحمه الله -: أي: ذلك بسبب ما اتخذوا من دونه من الأنداد والأصنام التي اتخذوها على حسب أهوائهم وإرادتهم الفاسدة من غير حجة ولا برهان[4].

 

2- وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 144].

يقول - رحمه الله -: أي: حجة واضحة على عقوبتكم، فإنه قد أنذرنا وحذرنا منها، وأخبرنا بما فيها من المفاسد، فسلوكها - بعد هذا - موجب للعقاب[5].

 

3- وقال - سبحانه -: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾؛ أي: حجة، بل أنزل الحجة والبرهان على التوحيد[6].

 

4- وقال سبحانه: ﴿ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴾ [الأعراف: 71].

يقول - رحمه الله -: ﴿ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ﴾ فإنها لو كانت صحيحة لأنزل اللّه بها سلطانًا، فعدم إنزاله له دليل على بطلانها، فإنه ما من مطلوب ومقصود - وخصوصًا الأمورَ الكبار - إلا وقد بيَّن اللّه فيها من الحجج ما يدل عليها، ومن السلطان ما لا تخفى معه[7].

 

5- وقال سبحانه: ﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 68].

يقول - رحمه الله -: أي: هل عندكم من حجة وبرهان يدل على أن لله ولدًا، فلو كان لهم دليل لأبدوه، فلما تحداهم وعجزهم عن إقامة الدليل، علم بطلان ما قالوه وأن ذلك قول بلا علم؛ ولهذا قال: ﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ْ ﴾[8].

 

6- وقال سبحانه: ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف:40].

يقول - رحمه الله -: ﴿ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ﴾؛ بل أنزل الله السلطان بالنهي عن عبادتها وبيان بطلانها، وإذا لم ينزل الله بها سلطانًا، لم يكن طريق ولا وسيلة ولا دليل لها[9].

 

7- وقال سبحانه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا * وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 80، 81].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ﴾؛ أي: حجة ظاهرة، وبرهانًا قاطعًا على جميع ما آتيه وما أذره، وهذا أعلى حالة ينزلها الله العبد، أن تكون أحواله كلها خيرًا ومقربة له إلى ربه، وأن يكون له على كل حالة من أحواله دليلٌ ظاهرٌ، وذلك متضمن للعلم النافع، والعمل الصالح[10].

 

8- وقال سبحانه: ﴿ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الكهف: 15].

يقول - رحمه الله -: ﴿ لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ﴾؛ أي: بحجة وبرهان، على ما هم عليه من الباطل، ولا يستطيعون سبيلاً إلى ذلك، وإنما ذلك افتراء منهم على الله وكذب عليه، وهذا أعظم الظلم[11].

 

9- وقال سبحانه: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [الحج: 71].

يقول - رحمه الله -: يذكر تعالى حالة المشركين به، العادلين به غيره، وأن حالهم أقبح الحالات، وأنه لا مستند لهم على ما فعلوه، فليس لهم به علم، وإنما هو تقليد تلقَّوه عن آبائهم الضالين، وقد يكون الإنسان لا علم عنده بما فعله، وهو - في نفس الأمر- له حجة ما علمها، فأخبر هنا، أن الله لم ينزل في ذلك سلطانًا؛ أي: حجة تدل عليه وتجوِّزه، بل قد أنزل البراهين القاطعة على فساده وبطلانه[12].

 

10- وقال سبحانه: ﴿ أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ﴾ [الروم: 35].

يقول - رحمه الله -: ﴿ أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا ﴾؛ أي: حجة ظاهرة، ﴿ فَهُوَ ﴾ - أي: ذلك السلطان - يَ﴿ تَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ﴾، ويقول لهم: اثبتوا على شرككم واستمروا على شككم، فإن ما أنتم عليه هو الحق، وما دعتكم الرسل إليه باطل، فهل ذلك السلطان موجود عندهم حتى يوجب لهم شدة التمسك بالشرك؟ أم البراهين العقلية والسمعية والكتب السماوية والرسل الكرام وسادات الأنام - قد نهوا أشد النهي عن ذلك، وحذَّروا من سلوك طرقه الموصلة إليه، وحكموا بفساد عقل ودين من ارتكبه؟ فشرك هؤلاء بغير حجة ولا برهان، وإنما هو أهواء النفوس، ونزغات الشيطان[13].

 

11- وقال سبحانه: ﴿ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الصافات: 156، 157].

يقول - رحمه الله -: ﴿ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ ﴾؛ أي: حجة ظاهرة على قولكم، من كتاب أو رسول، وكل هذا غير واقع، ولهذا قال: ﴿ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾، فإن من يقول قولاً لا يقيم عليه حجة شرعية، فإنه كاذب متعمد، أو قائل على اللّه بلا علم[14].

 

12- وقال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35].

يقول - رحمه الله -: ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ ﴾ التي بيَّنت الحق من الباطل، وصارت - من ظهورها - بمنزلة الشمس للبصر، فهم يجادلون فيها على وضوحها، ليدفعوها ويبطلوها، ﴿ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ﴾؛  أي: بغير حجة وبرهان، وهذا وصف لازم لكل من جادل في آيات الله، فإنه من المحال أن يجادل بسلطان؛ لأن الحق لا يعارضه معارض، فلا يمكن أن يعارض بدليل شرعي أو عقلي أصلاً[15].

 

13- وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [غافر: 56].

يقول - رحمه الله -: يخبر تعالى أن من جادل في آياته ليبطلها بالباطل، بغير بيِّنة من أمره ولا حجة، إن هذا صادر من كِبر في صدورهم على الحق وعلى من جاء به، يريدون الاستعلاء عليه بما معهم من الباطل، فهذا قصدهم ومرادهم، ولكن هذا لا يتم لهم وليسوا ببالغيه، فهذا نص صريح، وبِشارة بأن كل من جادل الحق أنه مغلوب، وكل من تكبر عليه فهو في نهايته ذليل[16].

 

14- وقال سبحانه:﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾  [الطور: 38].

يقول - رحمه الله -: ﴿ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ ﴾ المدعي لذلك ﴿ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾، وأنَّى له ذلك؟! والله تعالى عالم الغيب والشهادة، فلا يُظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول يخبره بما أراد من علمه، وإذا كان محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل الرسل وأعلمهم وإمامهم، وهو المخبر بما أخبر به، من توحيد الله، ووعده ووعيده، وغير ذلك من أخباره الصادقة، والمكذبون هم أهل الجهل والضلال والغي والعناد، فأي المخبرين أحق بقبول خبره؟ خصوصًا والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أقام من الأدلة والبراهين على ما أخبر به، ما يوجب أن يكون خبره عين اليقين وأكمل الصدق، وهم لم يقيموا على ما ادعوه شبهة، فضلاً عن إقامة حجة[17].

 

15- وقال سبحانه: ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ [النجم: 23].

يقول - رحمه الله -: ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ﴾؛ أي: من حجة وبرهان على صحة مذهبكم، وكل أمر ما أنزل الله به من سلطان، فهو باطل فاسد، لا يُتخذ دينًا، وهم - في أنفسهم - ليسوا بمتبعين لبرهان، يتيقنون به ما ذهبوا إليه، وإنما دلهم على قولهم الظن الفاسد، والجهل الكاسد، وما تهواه أنفسهم من الشرك، والبدع الموافقة لأهويتهم، والحال أنه لا موجب لهم يقتضي اتباعهم الظن، من فقد العلم والهدى؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ﴾؛ أي: الذي يرشدهم في باب التوحيد والنبوة، وجميع المطالب التي يحتاج إليها العباد، فكلها قد بيَّنها الله أكمل بيان وأوضحه، وأدله على المقصود، وأقام عليه من الأدلة والبراهين ما يوجب لهم ولغيرهم اتباعه، فلم يبقَ لأحد عذر ولا حجة من بعد البيان والبرهان[18].

 

ثانيًا: الشرك تخرُّص بغير علم:

فإن كان الشرك كما بيَّن الله في كتابه أنه لم يُنزل به سلطانًا؛ أي: حجة ولا برهانًا، فهو قول بغير علم وتخرُّص بسوء ظن، والآيات على ذلك كثيرة منها:

1- قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنعام: 100].

يقول - رحمه الله -: أي: ائتفكوا، وافتروا من تلقاء أنفسهم لله بنين وبنات، بغير علم منهم، ومن أظلم ممن قال على الله بلا علم، وافترى عليه أشنع النقص، الذي يجب تنزيه الله عنه؟![19].

 

2- ويقول سبحانه: ﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 119].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ ﴾؛ أي: بمجرد ما تهوى أنفسهم ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ ولا حجة، فليحذر العبد من أمثال هؤلاء، وعلامتهم - كما وصفهم الله لعباده - أن دعوتهم غير مبنية على برهان، ولا لهم حجة شرعية، وإنما يوجد لهم شُبهٌ، بحسب أهوائهم الفاسدة، وآرائهم القاصرة، فهؤلاء معتدون على شرع الله، وعلى عباد الله، والله لا يحب المعتدين، بخلاف الهادين المهتدين، فإنهم يدعون إلى الحق والهدى، ويؤيدون دعوتهم بالحجج العقلية والنقلية، ولا يتبعون في دعوتهم إلا رضا ربهم، والقرب منه[20].

 

3- ويقول سبحانه: ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 143- 144].

يقول - رحمه الله -: ﴿ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ في قولكم ودعواكم، ومن المعلوم أنهم لا يمكنهم أن يقولوا قولاً سائغًا في العقل، إلا واحدًا من هذه الأمور الثلاثة - أي: المذكورة في الآية - وهم لا يقولون بشيء منها؛ إنما يقولون: إن بعض الأنعام التي يصطلحون عليها اصطلاحات من عند أنفسهم، حرام على الإناث دون الذكور، أو محرمة في وقت من الأوقات، أو نحو ذلك من الأقوال، التي يُعلم علمًا لا شك فيه أن مصدرها من الجهل المركب، والعقول المختلة المنحرفة، والآراء الفاسدة، وأن الله ما أنزل بما قالوه من سلطان، ولا لهم عليه حجة ولا برهان[21].

 

4- ويقول سبحانه: ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُون * قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأنعام: 148- 149].

يقول - رحمه الله -:﴿ قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ﴾، فلو كان لهم علم - وهم خصوم ألداء - لأخرجوه، فلمَّا لم يخرجوه عُلِم أنه لا علم عندهم، ﴿ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾، ومَنْ بنى حججه على الخرص والظن، فهو مبطل خاسر، فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشر والفساد؟! ومنها - أي: أوجه الرد على احتجاج المشركين بالقدر - أن الحجة لله البالغة، التي لم تُبْقِ لأحد عذرًا، التي اتفقت عليها الأنبياء والمرسلون، والكتب الإلهية، والآثار النبوية، والعقول الصحيحة، والفطر المستقيمة، والأخلاق القويمة، فعلم بذلك أن كل ما خالف هذه الأدلة القاطعة باطل؛ لأن نقيض الحق لا يكون إلا باطلاً[22].

 

5- ويقول سبحانه: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الحج: 3- 4].

يقول - رحمه الله -: أي: ومن الناس طائفة وفرقة سلكوا طريق الضلال، وجعلوا يجادلون بالباطل الحق، يريدون إحقاق الباطل وإبطال الحق، والحال أنهم في غاية الجهل ما عندهم من العلم شيء، وغاية ما عندهم تقليد أئمة الضلال، من كل شيطان مريد، متمرد على الله وعلى رسله، معاند لهم، قد شاقَّ الله ورسوله، وصار من الأئمة الذين يدعون إلى النار، ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ ﴾؛ أي: قُدِّرَ على هذا الشيطان المريد ﴿ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ ﴾؛ أي: اتبعه ﴿ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ ﴾عن الحق، ويجنِّبه الصراط المستقيم، ﴿ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾، فهذا الذي يجادل في الله قد جمع بين ضلاله بنفسه، وتصديه إلى إضلال الناس، وهو متبع ومقلد لكل شيطان مريد، ظلمات بعضها فوق بعض، ويدخل في هذا جمهور أهل الكفر والبدع؛ فإن أكثرهم مقلدة يجادلون بغير علم[23].

 

6- ويقول سبحانه: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾  [الحج: 8- 9].

يقول - رحمه الله -: المجادلة المتقدمة للمقلِّد، وهذه المجادلة للشيطان المريد، الداعي إلى البدع، فأخبر أنه ﴿ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ ﴾؛ أي: يجادل رسل الله وأتباعهم بالباطل ليدحض به الحق، ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ صحيح ﴿ وَلَا هُدًى ﴾؛ أي: غير متبع في جداله هذا من يهديه، لا عقل مرشد، ولا متبوع مهتدٍ، ﴿ وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾؛ أي: واضح بيِّن؛ أي: فلا له حجة عقلية ولا نقلية، إن هي إلا شبهات، يُوحيها إليه الشيطان، ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ﴾[الأنعام: 121]، ﴿ لِيُضِلَّ ﴾ الناس؛ أي: ليكون من دُعاة الضلال، ويدخل تحت هذا جميع أئمة الكفر والضلال[24].

 

7- ويقول سبحانه: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 8].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾، وليس لأحد علم بصحة الشرك باللّه، وهذا تعظيم لأمر الشرك[25].

 

8- ويقول سبحانه: ﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [الروم: 28 - 29].

يقول - رحمه الله -: ﴿ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ ﴾ بتوضيحها بأمثلتها ﴿ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ الحقائق ويعرفون، وأما من لا يعقل فلو فُصِّلَت له الآيات وبُيِّنت له البيِّنات، لم يكن له عقل يبصر به ما تبين، ولا لُبٌّ يعقل به ما توضح، فأهل العقول والألباب هم الذين يساق إليهم الكلام ويوجه الخطاب، وإذا علم من هذا المثال أن من اتخذ من دون اللّه شريكًا يعبده ويتوكل عليه في أموره، فإنه ليس معه من الحق شيء، فما الذي أوجب له الإقدام على أمر باطل توضح له بطلانه وظهر برهانه؟! لقد أوجب لهم ذلك اتباع الهوى؛ فلهذا قال: ﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾، هويت أنفسهم الناقصة - التي ظهر من نقصانها ما تعلق به هواها - أمرًا يجزم العقل بفساده والفِطَر بِرَدِّه بغير علم دلَّهم عليه ولا برهان قادهم إليه[26].

 

9- ويقول سبحانه:﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾ [لقمان:20].

يقول - رحمه الله -: ﴿ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ ﴾؛ أي: يجادل عن الباطل، ليدحض به الحق؛ ويدفع به ما جاء به الرسول من الأمر بعبادة اللّه وحده، وهذا المجادل على غير بصيرة، فليس جداله عن علم، فيُترك وشأنه، ويسمح له في الكلام، ﴿ وَلاَ هُدًى ﴾ يقتدي به بالمهتدين، ﴿ وَلاَ كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾ غير مبين للحق، فلا معقول ولا منقول، ولا اقتداء بالمهتدين، وإنما جداله في اللّه مبني على تقليد آباء غير مهتدين، بل ضالين مضلين[27].

 

10- ويقول سبحانه: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ﴾ [فاطر: 40].

يقول - رحمه الله -: فإذا لم يخلقوا شيئًا، ولم يشاركوا الخالق في خلقه، فلمَ عبدتموهم ودعوتموهم مع إقراركم بعجزهم؟! فانتفى الدليل العقلي على صحة عبادتهم، ودلَّ على بطلانها، ثم ذكر الدليل السمعي، وأنه أيضًا منتفٍ، فلهذا قال: ﴿ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا ﴾ يتكلم بما كانوا به يشركون، يأمرهم بالشرك وعبادة الأوثان، ﴿ فَهُمْ ﴾ في شركهم ﴿ عَلَى بَيِّنَةٍ ﴾ من ذلك الكتاب الذي نزل عليهم في صحة الشرك؟

 

ليس الأمر كذلك، فإنهم ما نزل عليهم كتاب قبل القرآن، ولا جاءهم نذير قبل رسول اللّه محمد - صلى الله عليه وسلم - ولو قُدِّرَ نزول كتاب إليهم، وإرسال رسول إليهم، وزعموا أنه أمرهم بشركهم، فإنا نجزم بكذبهم؛ لأن اللّه قال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]، فالرسل والكتب، كلها متفقة على الأمر بإخلاص الدين للّه – تعالى - ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5]، فإن قيل: إذا كان الدليل العقلي والنقلي قد دلاَّ على بطلان الشرك، فما الذي حمل المشركين على الشرك، وفيهم ذوو العقول والذكاء والفطنة؟ أجاب تعالى بقوله: ﴿ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ﴾ [فاطر:40]؛ أي: ذلك الذي مشوا عليه، ليس لهم فيه حجة، فإنما ذلك توصية بعضهم لبعض به، وتزيين بعضهم لبعض، واقتداء المتأخر بالمتقدم الضال، وأمانيّ مَنَّاها الشيطان، وزين لهم سوء أعمالهم، فنشأت في قلوبهم، وصارت صفة من صفاتها، فعسر زوالها، وتعسر انفصالها، فحصل ما حصل من الإقامة على الكفر والشرك الباطل المضمحل[28].

 

11- ويقول سبحانه: ﴿ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾ [غافر:41- 42].

يقول - رحمه الله -: ﴿ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ﴾ أنه يستحق أن يُعبد من دون الله، والقول على الله بلا علم من أكبر الذنوب وأقبحها[29].

 

12- ويقول سبحانه: ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: 19-22].

يقول - رحمه الله -: فإن اللّه - تعالى - أبطل الاحتجاج به – أي: القدر - ولم يذكره عن غير المشركين به المكذبين لرسله، فإن اللّه - تعالى - قد أقام الحجة على العباد، فلم يبق لأحد عليه حجة أصلاً؛ ولهذا قال هنا: ﴿ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾؛ أي: يتخرصون تخرصًا لا دليل عليه، ويتخبطون خبط عشواء، ثم قال: ﴿ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ﴾ يخبرهم بصحة أفعالهم، وصدق أقوالهم؟ ليس الأمر كذلك، فإن اللّه أرسل محمدًا نذيرًا إليهم، وهم لم يأتهم نذير غيره؛ أي: فلا عقل ولا نقل، وإذا انتفى الأمران، فلا ثَمَّ إلا الباطل؛ نعم، لهم شبهة من أوهى الشُّبَه، وهي تقليد آبائهم الضالين، الذين ما زال الكفرة يردُّون بتقليدهم دعوة الرسل[30].

 

13- ويقول سبحانه: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأحقاف: 4].

يقول - رحمه الله -: فهذا دليل عقلي قاطع على أن كلَّ من سوى الله فعبادته باطلة، ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي فقال: ﴿ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا ﴾ الكتاب يدعو إلى الشرك ﴿ أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ﴾ موروث عن الرسل يأمر بذلك، من المعلوم أنهم عاجزون أن يأتوا عن أحد من الرسل بدليل يدل على ذلك، بل نجزم ونتيقن أن جميع الرسل دعوا إلى توحيد ربهم ونهوا عن الشرك به، وهي أعظم ما يؤثر عنهم من العلم؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، وكل رسول قال لقومه: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59]، فعلم أن جدال المشركين في شركهم غير مستندين فيه على برهان ولا دليل، وإنما اعتمدوا على ظنون كاذبة وآراء كاسدة وعقول فاسدة[31].

 

ثالثًا: الشرك محض افتراء على الله

وهذا العنصر بمثابة النتيجة للمقدمتين السابقتين، فإن كان الشرك لم يُنزل الله به سلطانًا، وكان تخرصًا بغير علم؛ فهو محض افتراء على الله والآيات في ذلك كثيرة، منها:

1- قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾؛ أي: افترى جرمًا كبيرًا، وأيّ ظلم أعظم ممن سوَّى المخلوق من تراب، الناقص من جميع الوجوه، الفقير بذاته من كلِّ وجه.... بالخالق لكلِّ شيء، الكامل من جميع الوجوه، الغني بذاته عن جميع مخلوقاته،... فهل أعظم من هذا الظلم شيء[32]؟!

 

2- ويقول سبحانه: ﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [المائدة: 103- 104].

يقول - رحمه الله -: فكل هذه مما جعلها المشركون محرمة بغير دليل ولا برهان، وإنما ذلك افتراء على الله، وصادرة من جهلهم وعدم عقلهم؛ ولهذا قال: ﴿ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾، فلا نقل فيها ولا عقل، ومع هذا فقد أعجبوا بآرائهم التي بُنيت على الجهالة والظلم، فإذا دُعوا إِلَى ﴿ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ ﴾ أعرضوا فلم يقبلوا، وقَالُوا ﴿ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا ﴾  من الدين، ولو كان غير سديد، ولا دينًا يُنجي من عذاب الله، ولو كان في آبائهم كفاية ومعرفة ودراية لهان الأمر، ولكن آباءهم لا يعقلون شيئًا؛ أي: ليس عندهم من المعقول شيء، ولا من العلم والهدى شيء، فتبًّا لِمن قلَّد من لا علم عنده صحيح، ولا عقل رجيح، وترك اتباع ما أنزل الله، واتباع رسله الذي يملأ القلوب علمًا وإيمانًا، وهدىً وإيقانًا[33].

 

3- ويقول سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام: 21-24].

يقول - رحمه الله -: أي: لا أعظم ظلمًا وعنادًا ممن كان فيه أحد الوصفين، فكيف لو اجتمعا، افتراء الكذب على الله، أو التكذيب بآياته، التي جاءت بها المرسلون؟! فإن هذا أظلم الناس، والظالم لا يفلح أبدًا، ويدخل في هذا كلُّ من كذب على الله، بادعاء الشريك له والعوين، أو زعم أنه ينبغي أن يُعبد غيره، أو اتخذ له صاحبة أو ولدًا، وكل من ردَّ الحق الذي جاءت به الرسل أو مَنْ قام مقامهم[34].

 

4- ويقول سبحانه: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 136-140].

يقول - رحمه الله -: ﴿ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾؛ أي: دعهم مع كذبهم وافترائهم، ولا تحزن عليهم، فإنهم لن يضروا الله شيئًا، ومن أنواع سفاهتهم أن الأنعام التي أحلَّها الله لهم عمومًا، وجعلها رزقًا ورحمة، يتمتعون بها وينتفعون، قد اخترعوا فيها بِدعًا وأقوالاً من تلقاء أنفسهم، فعندهم اصطلاح في بعض الأنعام [والحرث]...وكل هذا بزعمهم لا مستند لهم ولا حجة إلا أهويتهم، وآراؤهم الفاسدة...﴿ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ﴾؛ أي: كذبًا يكذب به كل معاند كَفَّار، ﴿ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾؛ أي: قد ضلوا ضلالاً بعيدًا، ولم يكونوا مهتدين في شيء من أمورهم[35].

 

5- ويقول سبحانه: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 37].

يقول - رحمه الله -: أي: لا أحد أظلم ﴿ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ بنسبة الشريك له، أو النقص له، أو التقول عليه ما لم يقل[36].

 

6- ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴾ [الأعراف: 152].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴾  فكلُّ مفترٍ على الله كاذبٌ على شرعه، متقوِّل عليه ما لم يقل، فإن له نصيبًا من الغضب من الله، والذُل في الحياة الدنيا[37].

 

7- ويقول سبحانه: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ * وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴾[يونس: 59، 60].

يقول - رحمه الله -: يقول تعالى - منكرًا على المشركين، الذين ابتدعوا تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرمه -: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ ﴾ يعني أنواع الحيوانات المحللة، التي جعلها الله رزقًا لهم ورحمة في حقهم، قل لهم - موبخًا على هذا القول الفاسد -: ﴿ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾، ومن المعلوم أن الله لم يأذن لهم، فعلم أنهم مفترون، ﴿ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ أن يفعل الله بهم من النكال، ويحل بهم من العقاب[38].

 

8- ويقول سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18].

يقول - رحمه الله -: يخبر تعالى أنه لا أحد ﴿ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾، ويدخل في هذا كلُّ من كذب على الله بنسبة الشريك له، أو وصفه بما لا يليق بجلاله، أو الإخبار عنه بما لم يقل، أو ادعاء النبوة أو غير ذلك من الكذب على الله، فهؤلاء أعظم الناس ظلمًا[39].

 

9- ويقول سبحانه: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ﴾ [هود:50].

يقول - رحمه الله -: أي: أمرهم بعبادة الله وحده، ونهاهم عما هم عليه، من عبادة غير الله، وأخبرهم أنهم قد افتروا على الله الكذب في عبادتهم لغيره، وتجويزهم لذلك، ووضح لهم وجوب عبادة الله، وفساد عبادة ما سواه[40].

 

10- ويقول سبحانه: ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ﴾  [النحل: 56].

يقول - رحمه الله -: يخبر تعالى عن جهل المشركين وظلمهم وافترائهم على الله الكذب، وأنهم يجعلون لأصنامهم التي لا تعلم ولا تنفع ولا تضرُّ نصيبًا مما رزقهم الله وأنعم به عليهم، فاستعانوا برزقه على الشرك به،..... ﴿ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ﴾، ويقال:﴿ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ* وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [يونس: 59-60]، فيعاقبهم على ذلك أشد العقوبة[41].

 

11- ويقول سبحانه: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ ﴾؛ أي: لا تحرموا وتحللوا من تلقاء أنفسكم، كذبًا وافتراءً على الله وتقولاً عليه؛ ﴿ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ لا في الدنيا ولا في الآخرة[42].

 

رابعًا: الإضلال عقوبة وليس حجة لصاحب الشرك

إن كان الشرك كما أخبرنا الله - سبحانه - أنه لم ينزل به سلطانًا، وصاحبه لا علم له به وإنما هو محض افتراء على الله، فإن احتجَّ بالاقتداء بالآباء والأجداد والسادة والكبراء، لم يكن ذلك نافعًا له ولا حجة له فيه، والأدلة على ذلك كثيرة، منها:

1- يقول سبحانه: ﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 38، 39].

يقول - رحمه الله -: ﴿ حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا ﴾؛ أي: اجتمع في النار جميع أهلها، من الأولين والآخرين، والقادة والرؤساء والمقلدين الأتباع ﴿ قَالَتْ أُخْرَاهُمْ ﴾؛ أي: متأخروهم، المتبعون للرؤساء ﴿ لِأُولَاهُمْ ﴾؛ أي: لرؤسائهم، شاكين إلى اللّه إضلالهم إياهم:  ﴿ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ ﴾؛ أي: عذبهم عذابًا مضاعفًا لأنهم أضلونا، وزيَّنوا لنا الأعمال الخبيثة، ﴿ وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ ﴾؛ أي: الرؤساء، قالوا لأتباعهم: ﴿ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ﴾؛ أي: قد اشتركنا جميعًا في الغي والضلال، وفي فعل أسباب العذاب، فأيُّ فضل لكم علينا؟ ﴿ قَالَ﴾ الله: ﴿ لِكُلٍّ ﴾ منكم ﴿ ضِعْفٌ ﴾ ونصيب من العذاب، ﴿ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾، فهذه الآيات ونحوها دلَّت على أن سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه، مخلدون في العذاب، مشتركون فيه وفي أصله، وإن كانوا متفاوتين في مقداره، بحسب أعمالهم وعنادهم وظلمهم وافترائهم[43].

 

2- ويقول سبحانه: ﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الشعراء:91-99].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَمَا أَضَلَّنَا ﴾ عن طريق الهُدى والرشد ودعانا إلى طريق الغي والفسق ﴿ إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴾ وهم الأئمة الذين يدعون إلى النار[44].

 

3- ويقول سبحانه: ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ * وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴾ [القصص: 62-64]. يقول - رحمه الله -: ﴿ قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ﴾ الرؤساء والقادة، في الكفر والشر، مقرين بغوايتهم وإغوائهم: ﴿ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ ﴾ التابعون ﴿ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ﴾؛ أي: كلنا قد اشترك في الغواية، وحق عليه كلمة العذاب[45].

 

4- ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الأحزاب 64-68].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا ﴾ وقلدناهم على ضلالهم، ﴿ فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾؛ كقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ﴾ [الفرقان: 27-29] الآية، ولما علموا أنهم هم وكبراءهم مستحقون للعقاب، أرادوا أن يشتفوا ممن أضلوهم، فقالوا: ﴿ رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾[46].

 

5- ويقول سبحانه: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [سبأ: 31-33].

يقول - رحمه الله -: لما ذكر تعالى أن ميعاد المستعجلين بالعذاب، لا بدَّ من وقوعه عند حلول أجله، ذكر هنا حالهم في ذلك اليوم، وأنك لو رأيت حالهم إذا وقفوا عند ربهم، واجتمع الرؤساء والأتباع في الكفر والضلال، لرأيت أمرًا عظيمًا وهَوْلاً جسيمًا، ورأيت كيف يتراجع، ويرجع بعضهم إلى بعض القول، فـ ﴿ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ﴾ وهم الأتباع ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ﴾ وهم القادة: ﴿ لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾، ولكنكم حُلْتُم بيننا وبين الإيمان، وزينتم لنا الكفران، فتبعناكم على ذلك، ومقصودهم بذلك أن يكون العذاب على الرؤساء دونهم.

 

﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ﴾ مستفهمين لهم ومخبرين أن الجميع مشتركون في الجُرم: ﴿ أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ ﴾؛ أي: بقوتنا وقهرنا لكم، ﴿ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ﴾؛ أي: مختارين للإجرام، لستم مقهورين عليه، وإن كنَّا قد زينَّا لكم، فما كان لنا عليكم من سلطان.

 

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ﴾؛ أي: بل الذي دهانا منكم، ووصل إلينا من إضلالكم، ما دبرتموه من المكر في الليل والنهار، إذ تُحَسِّنون لنا الكفر، وتدعوننا إليه، وتقولون: إنه الحق، وتقدحون في الحق وتهجنونه، وتزعمون أنه الباطل، فما زال مكركم بنا، وكيدكم إيانا، حتى أغويتمونا وفتنتمونا.

فلم تُفد تلك المراجعة بينهم شيئًا إلا تبرُّؤ بعضهم من بعض، والندامة العظيمة؛ ولهذا قال: ﴿ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ﴾ [47].

 

6- ويقول سبحانه: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ* مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ* بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ* وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِين ِ* قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ* فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ * فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴾[الصافات: 22-34].

يقول - رحمه الله -: لما جُمِعوا هم وأزواجهم وآلهتهم، وهُدوا إلى صراط الجحيم، ووقفوا، فسُئِلوا، فلم يجيبوا، وأقبلوا فيما بينهم يلوم بعضهم بعضًا على إضلالهم وضلالهم، فقال الأتباع للمتبوعين الرؤساء: ﴿ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ﴾؛ أي: بالقوة والغلبة، فتضلونا، ولولا أنتم لكنَّا مؤمنين، ﴿ قَالُوا ﴾ لهم: ﴿ بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾؛ أي: ما زلتم مشركين، كما نحن مشركون، فأي شيء فضلكم علينا؟! وأي شيء يوجب لومنا؟ ﴿ و ﴾ الحال أنه ﴿ ما كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ﴾ أي: قهر لكم على اختيار الكفر، ﴿ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ ﴾ متجاوزين للحد، ﴿ فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ﴾ نحن وإياكم ﴿ إِنَّا لَذَائِقُونَ ﴾ العذاب؛ أي: حقَّ علينا قدر ربِّنا وقضاؤه، إنَّا وإياكم سنذوق العذاب، ونشترك في العقاب، ﴿ فـ ﴾ لذلك ﴿ أَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ﴾؛ أي: دعوناكم إلى طريقتنا التي نحن عليها، وهي الغواية، فاستجبتم لنا، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم[48].

 

7- ويقول سبحانه: ﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾ [غافر:  47- 48].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ ﴾ يحتجُّ التابعون بإغواء المتبوعين، ويتبرأ المتبوعون من التابعين، ﴿ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ ﴾؛ أي: الأتباع للقادة ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ﴾ على الحقِّ، ودعوهم إلى ما استكبروا لأجله: ﴿ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ﴾ أنتم أغويتمونا وأضللتمونا وزيَّنتم لنا الشرك والشرَّ، ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ ﴾؛ أي: ولو قليلاً، ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ﴾ مبينين لعجزهم ونفوذ الحكم الإلهي في الجميع: ﴿ إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾[49].

 

8- ويقول سبحانه: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [فصلت: 29].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ - أي: الأتباع منهم، بدليل ما بعده - على وجه الحنق على من أضلهم: ﴿ رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾؛ أي: الصنفين اللَّذين قادانا إلى الضلال والعذاب، من شياطين الجن، وشياطين الإنس، الدعاة إلى جهنم، ﴿ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ﴾؛ أي: الأذلين المهانين كما أضلونا، وفتنونا، وصاروا سببًا لنزولنا، ففي هذا بيان حنق بعضهم على بعض، وتبرُّؤ بعضهم من بعض[50].

 

9- ويقول سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾ [الزخرف: 36-39].

يقول - رحمه الله -: ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ﴾؛ أي: الصراط المستقيم والدين القويم، ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ بسبب تزيين الشيطان للباطل وتحسينه له، وإعراضهم عن الحقِّ، فاجتمع هذا وهذا، فإن قيل: فهل لهذا من عذر، من حيث إنه ظن أنه مهتدٍ، وليس كذلك؟ قيل: لا عذر لهذا وأمثاله، الذين مصدر جهلهم الإعراض عن ذكر الله، مع تمكّنهم على الاهتداء، فزهدوا في الهدى مع القدرة عليه، ورغبوا في الباطل، فالذنب ذنبهم، والجُرم جُرمهم، فهذه حالة هذا المعرض عن ذكر الله في الدنيا مع قرينه، وهو الضلال والغيّ، وانقلاب الحقائق، وأما حاله إذا جاء ربه في الآخرة، فهو شرُّ الأحوال[51].

 

﴿ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَة ﴾ [الأنعام: 149]، حيث لم يجعل للمشرك بابًا يحتجُّ به إلا وسدَّه دونه، فلم يجعل - سبحانه - على الشرك حجة ولا برهانًا، ولا سلطانًا ولا علمًا، ولا أثارة من علم؛ بل جعل على التوحيد آياتٍ وبراهينَ وأدلةً، وشواهد عقلية وسمعية وفطرية، في أوضح بيان وأبين حجة وأرسل إليهم: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء:165]، فلا فلاح له؛ ﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 117]، ولا نجاة؛ ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72]، أعاذنا الله وإياكم من الشرك ما نعلمه وما لا نعلمه، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

 


[1] انظر ثناء أهل العلم على الكتاب ومؤلفه في مقدمة نسخة مؤسسة الرسالة.

[2] ذُكِرت كلمة "سلطان" أو مشتقاتها في تسعة وثلاثين موضعًا في كتاب الله ذكرت منها ما يتعلق بالشرك.

[3] يقول ابن فارس (سلط) السين واللام والطاء أصلٌ واحدٌ، وهو القوة والقهر..، ولذلك سمِّي السُّلْطان سلطانًا، والسلطان: الحُجَّة، ويقول الجوهري في "الصحاح": والسلطان أيضًا: الحجة والبرهان، ولا يجمع لأن مجراه مجرى المصدر، يقول الراغب الأصفهاني: السلاطة: التمكن من القهر، يقال: سلطته فتسلط، ومنه سمي السلطان، والسلطان يقال في السلاطة، نحو: ﴿ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ﴾ [الإسراء: 33]، وقد يقال لذي السلاطة، وهو الأكثر، وسمي الحجة سلطانًا؛ وذلك لما يلحق من الهجوم على القلوب، لكن أكثر تسلطه على أهل العلم والحكمة من المؤمنين؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾ [غافر: 23]، وقوله - عز وجل -: ﴿ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ [الحاقة: 29]، يحتمل السلطانيين، وفي "المعجم الوسيط": (السلطان) الملك أو الوالي...، والقوة والقهر والحجة والبرهان.

[4] تفسير السعدي، (ص: 152)، طبعة أولي النهى للإنتاج الإعلامي.

[5] تفسير السعدي، (ص: 211).

[6] تفسير السعدي، (ص: 287).

[7] تفسير السعدي، (ص: 294).

[8] تفسير السعدي، (ص: 369).

[9] تفسير السعدي، (ص: 398).

[10] تفسير السعدي، (ص: 465).

[11] تفسير السعدي، (ص: 472).

[12] تفسير السعدي، (ص: 545).

[13] تفسير السعدي: ص 642.

[14] تفسير السعدي: ص708.

[15] تفسير السعدي: ص738.

[16] تفسير السعدي: ص740.

[17] تفسير السعدي: ص817.

[18] تفسير السعدي: ص820.

[19] تفسير السعدي، (ص: 267).

[20] تفسير السعدي، (ص: 271).

[21] تفسير السعدي، (ص: 277).

[22] تفسير السعدي، (ص: 279،278).

[23] تفسير السعدي، (ص: 533).

[24] تفسير السعدي، (ص: 534).

[25] تفسير السعدي، (ص: 627).

[26] تفسير السعدي، (ص: 640).

[27] تفسير السعدي، (ص: 649-650).

[28] تفسير السعدي، (ص: 691).

[29] تفسير السعدي، (ص: 691).

[30] تفسير السعدي، (ص: 764).

[31] تفسير السعدي، (ص: 779).

[32] تفسير السعدي، (ص: 182).

[33] تفسير السعدي، (ص:  246).

[34] تفسير السعدي، (ص: 253).

[35] تفسير السعدي، (ص: 275- 276).

[36] تفسير السعدي، (ص: 288).

[37] تفسير السعدي، (ص: 304).

[38] تفسير السعدي، (ص: 367).

[39] تفسير السعدي، (ص: 379).

[40] تفسير السعدي، (ص: 383).

[41] تفسير السعدي، (ص: 443،442).

[42] تفسير السعدي، (ص: 451).

[43]تفسير السعدي، (ص: 288).

[44] تفسير السعدي، (ص: 593-594).

[45] تفسير السعدي، (ص: 622).

[46] تفسير السعدي، (ص: 673).

[47] تفسير السعدي، (ص: 681).

[48] تفسير السعدي، (ص: 702).

[49] تفسير السعدي، (ص: 739).

[50] تفسير السعدي، (ص: 748).

[51] تفسير السعدي، (ص: 766).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطورة الشرك
  • التلازم بين الشرك ونسبة الولد إلى الله سبحانه
  • فلا تجعلوا لله الأنداد
  • الشرك بالله وأنواعه
  • شرك أهل هذا الزمان أعظم من شرك الجاهلية الأولى
  • التحذير من الشرك
  • الخوف من الشرك
  • الشرك ضلال وتيه
  • الشرك الأكبر والشرك الأصغر والفرق بينهما
  • الشرك أعظم الذنوب
  • أينا لا يظلم نفسه؟
  • شرح حديث: إن أبي وأباك في النار
  • آيات عن الشرك والكفر
  • الشرك الأصغر وتعريفه
  • خطبة عن خطر الشرك
  • مفاسد الشرك وأضراره

مختارات من الشبكة

  • خطورة الشرك والعصيان على الأمن والأمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 1/3/1432 هـ - خطورة الغيبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطورة الإسراف وكفران النعم (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • القنديل الثاني عشر: في خطورة النوم عن الصلاة الواجبة(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطورة مقولة "انشر تؤجر" على الفرد والمجتمع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الابتداع في الدين: خطورته وأسبابه (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الفساد الأخلاقي المعاصر: أسبابه وخطورته (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطورة السخرية بالدين وبالعلماء(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطورة المخدرات وأضرارها(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطورة الاختلاط(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- بارك الله فيك
أبو مريم محمد الجريتلي - مصر 06-03-2014 11:50 PM

اللهم آمين .
اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون .

1- حماية جناب التوحيد
محمود محمد الزاهد - مصر 01-11-2010 02:52 PM

جزاك الله خيرا
وجعلك دائما ممن يعملون على حماية جناب التوحيد وتحذير الأمة من الوقوع في نواقضه

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب