• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

المذاكرة عند المحدثين (3 / 5)

محمد بن عبدالله السريِّع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/10/2010 ميلادي - 15/11/1431 هجري

الزيارات: 12714

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المذاكرة عند المحدثين

(مفهومها، أساليبها، أثرها في النقد الحديثي)

(3 / 5)


المسألة الرابعة: أنواع المذاكرة (بالنظر إلى المُذاكَرِ مَعَه):

للمذاكرة بالنظر إلى أطرافها نوعان:

1- المذاكرة مع الشيوخ:

قال يحيى بن معين: "كان داود بن قيس يجلس إلى محمد بن عجلان؛ يتحفَّظ عنه"، قال يحيى: "كأنه يتذكر حديثَ نفسه، لا أنه يأخذ عنه ما لم يسمع"[1].

 

وروي عن علي بن الحسن بن شقيق، قال: "كنت مع عبدالله بن المبارك في المسجد في ليلة شتوية باردة، فقمنا لنخرج، فلما كان عند باب المسجد ذاكرني بحديث، أو ذاكرته بحديث، فما زال يذاكرني وأذاكره حتى جاء المؤذن، فأذن لصلاة الصبح"[2].

 

وقال أبو داود الطيالسي: "كنا ببغداد، وكان شعبة وابن إدريس يجتمعون بعد العصر يتذاكرون، فذكروا باب المجذوم، فذكر شعبة ما عنده، فقلت: حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، قال: "كان معيقيب يَحضُر طعام عمر، فقال له عمر: يا معيقيب، كُلْ مما يليك... الحديث"، فقال لي شعبة: "يا أبا داود، لم تجئ بشيءٍ أحسن مما جئتَ به"". قال ابن أبي حاتم: "يدلُّ أن أبا داود كان محلُّه أن يذاكر شعبة"[3].

 

وجاء عن علي بن المديني، قال: "قدمت الكوفة فعُنيت بحديث الأعمش، فجمعته، فلما قدمت البصرة لقيت عبدالرحمن -يعني: ابن مهدي-، فسلمت عليه، فقال: "هاتِ يا علي ما عندك"..."، فذكر ما جرى بينهما[4].

 

2- المذاكرة مع الأقران:

وهي أكثر النوعين وأشهرهما، وقد مرَّ في ثنايا هذه المسائل عدةُ نماذج منها.

قال أبو معاوية الضرير: "كان سفيان يأتيني هاهنا، فيذاكرني حديث الأعمش..."[5].

وقال يحيى بن آدم: "كان أبو معاوية يجلس إلى هذين؛ يتحفَّظ حديث الأعمش"، يعني: يزيد بن عبدالعزيز، وقطبة بن عبدالعزيز[6].

وروي عن علي بن المديني، قال: "ستةٌ كادت تذهب عقولهم عند المذاكرة: يحيى، وعبدالرحمن، ووكيع، وابن عيينة، وأبو داود، وعبدالرزاق"، قال علي: "من شدة شهوتهم له".

قال علي: "تذاكر وكيع وعبدالرحمن ليلةً في مسجد الحرام، فلم يزالا حتى أذن المؤذن أذان الصبح"[7].

 

وقال وهب بن جرير بن حازم: "كان شعبة يجيء إلى أبي وهو على حمار، فيقول: "كيف سمعتَ الأعمش يحدث بحديث كذا وكذا؟"، فيقول أبي: "كذا وكذا"، فيقول شعبة: "هكذا والله سمعتُ الأعمش يحدث به"، فيسأله عن أحاديث من أحاديث الأعمش، فإذا حدثه أبي؛ يقول: "هكذا سمعتُ الأعمش يحدث به"، ثم يضرب حماره ويذهب"[8].

 

وقال محمود بن آدم المروزي: "رأيت وكيعًا وبشر بن السري يتذاكران ليلةً من العشاء إلى أن نودي بالفجر، فلما أصبحنا قلنا لبشر: كيف رأيت وكيعًا؟ قال: "ما رأيت أحفظ منه""[9].

 

وقال العباس بن محمد الدوري: "رأيت أحمد بن حنبل في مجلس روح بن عبادة - سنة خمس ومائتين - يسأل يحيى بنَ معين عن أشياء؛ يقول له: "يا أبا زكريا، كيف حديث كذا؟ وكيف حديث كذا؟"، يريد أحمد أن يستثبته في أحاديث قد سمعوها، فكلما قال يحيى؛ كتبه أحمد"[10].

 

المسألة الخامسة: أداء الحديث في المذاكرة:

كان من عادتهم في أداء الحديث في المذاكرة أمور:

1-التساهل في الأداء:

كانوا يتسمَّحون في الأداء حال المذاكرة ما لا يتسمَّحون حال التحديث، حتى كانوا يصفون المذاكرة بأنها "على غير وجه الحديث"[11].

قال عبدالرحمن بن مهدي -في كلامٍ له-: "...إذا ذاكرتُ تساهلتُ في الحديث"[12].

وقال الذهبي: "... إذ المذاكرة يُتَسمَّح فيها"[13].

 

ومن صور تساهلهم في الأداء:

أ- اختصار المتن:

بروايته بمعناه، أو بذكر طرفٍ منه يدلُّ على تمامه.

 

قال البرذعي: قلت لأبي زرعة: إذا سمعتك تُذاكر بالشيء عن بعض المشيخة، قد سمعتُه من غيرك؛ فأقول: "حدثنا أبو زرعة وفلان"، وإنما ذاكرتني أنت بالمعنى والإسناد؟ فقال: "أرجو". قلت: فإن كان حديثًا طويلاً؟ قال: "فهذا أضيق". قلت: فإن قلت: "حدثنا فلان، وأبو زرعة نحوه"؟ فسكت[14].

 

وقال ابن حبان: "الحفاظ الذين رأيناهم؛ أكثرهم كانوا يحفظون الطرق والأسانيد دون المتون، ولقد كنا نجالسهم برهةً من دهرنا على المذاكرة، ولا أراهم يذكرون من متن الخبر إلا كلمةً واحدة يشيرون إليها"[15].

 

ب- اختصار الإسناد:

بالإرسال والتعليق، ونحوها.

قال الخطيب: "ومنهم من يكتبها مُسندةً، ويرويها مرسلةً على معنى المذاكرة والتنبيه؛ ليُطلب إسنادُها المتصل، ويُسأل عنه، وربما أرسلوها اقتصارًا وتقريبًا على المتعلم؛ لمعرفة أحكامها -كما يفعل الفقهاء الآن في تدريسهم-، فإذا أُريد الاستعمال؛ احتيج إلى بيان الإسناد.

 

ألا ترى إلى عروة بن الزبير لما أنكر على عمر بن عبد العزيز تأخيرَ الصلاة، وأرسل له خبر أبي مسعود الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة جبريل؛ استثبته عمر بن عبدالعزيز؛ لحاجته إلى استعمال الخبر، وقال: "له اعلم ما تقول يا عروة"، فأبان له إسنادَه؛ ليقطع بذلك عذرَه، وكان ابتداء عروة عمر بالخبر على سبيل المذاكرة والتنبيه؛ ليسأل عمرُ عنه، فلما احتيج إلى استعماله استثبته عمرُ فيه، فأسنده له"[16].

 

وقال ابن عبدالبر -في ذكر ما يبعثُ على إرسال الحديث-: "أو تكون مذاكرة، فربما ثَقُل معها الإسناد، وخَفَّ الإرسال؛ إما لمعرفة المخاطبين بذلك الحديث، واشتهاره عندهم..."[17]، واستفاده العلائي، وزاد: "أو للإشارة إلى مخرجه الأعلى؛ لأنه المقصود حينئذٍ دون ذكر شيخه، أو غير ذلك"[18].

 

وقال العلائي -أيضًا- في كلامٍ له: "... إرسال الراوي لا ينحصر في كون شيخه ضعيفًا، بل يحتمل أنه سمعه مرسلاً، أو آثر الاختصار، أو كان في المذاكرة..."[19].

 

وقال ابن حجر -فيما يَحمِل مَنْ لا يرسل إلا عن ثقةٍ على الإرسال-: "ومنها: ألا يقصد التحديث؛ بأن يذكر الحديث على وجه المذاكرة، أو على جهة الفتوى، فيذكر المتن؛ لأنه المقصود في تلك الحالة دون السند، ولا سيما إن كان السامع عارفًا بمن طَوَى ذِكرَه؛ لشهرته..."[20].

 

وقد حُكي عن عبدالرحمن بن مهدي، أنه قدم عليهم عمرُ بن هارون البصرةَ وهو شاب، فذاكره عبدالرحمن، فكتب عنه ثلاثة أحاديث...، منها: عبدالملك، عن عطاء، في الحفار ينسى الفأس في القبر بعدما يفرغ منه...، فلما كان بعد زمان؛ قدم عليهم البصرة، فأتى رجلٌ عبدَالرحمن، فقال: "إنك كتبتَ عن هذا شيئًا؟"، فأعطاه الرقعة، فذهب بها إليه...، وسأله عن حديث عبدالملك، فقال: "لم أسمع من عبدالملك، إنما حدثنيه فلان عن عبدالملك..."[21].

 

وقال البرذعي: قلت لأبي زرعة: إن أحمد بن جعفر الزنجاني حدثنا عن يحيى بن معين، عن رفدة بن قضاعة؛ بحديث الأوزاعي في الرفع. فقال: "إن هذا يَحتاج إلى أن يُحبس في السجن!". قلت: إنه يقول: حدثنا يحيى، عن رفدة. فقال: "لم يسمع يحيى من رفدة شيئًا، ولم يسمع من هشام بن عمار شيئًا". فكتبت إلى ابن جعفر بذلك، فقال لي: "إنما رأيت يحيى يُذاكر به، ويقول: "رواه رفدة"، ولا أدري ممن سَمِعَه"[22].

 

وقال بكر بن خلف: "قدمت مكة وبها شابٌّ حافظٌ واسعُ الحفظ، فكان يذاكرني في المسند بطرقه، فقلت له: من أين لك هذا؟ قال: أخبرك، طلبت إلى عليٍّ أيام سفيان أن يحدثني بالمسند، فقال: "قد عرفت أنك إنما تريد بما تطلب المذاكرة، فإن ضمنتَ لي أنك تذاكر ولا تسميني؛ فعلتُ". فضمنت له، واختلفت إليه، فجعل يحدثني بهذا الذي أذاكرك به حفظًا"[23]، فمذاكرته بالأحاديث مع عدم تسمية شيخه اختصارٌ للإسناد.

 

وقال الحافظ الحسن بن محمد بن صالح السبيعي[24]: "قرأ علينا عبدالله بن محمد بن ناجية مسند فاطمة بنت قيس سنة ثلاثمائة، فدخلت على أبي بكر الباغندي عند منصرفي من مجلس ابن ناجية، فسألني: "من أين جئت؟"، قلت: من مجلس ابن ناجية. قال: "وأيش قرأ عليكم اليوم؟"، قلت: أحاديث الشعبي عن فاطمة بن قيس. فقال: "مرَّ لكم: عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن الشعبي؟"، فنظرت في الجزء، فلم أجد، فقال: "اكتُب: ذَكَر أبو بكر ابن أبي شيبة"، فقلت: عمَّن؟ فمنعته من التدليس، وطالبته بالسماع، فقال: "حدثني محمد بن عبيدة الحافظ، قال: حدثني محمد بن المعلى الأثرم، قال: حدثني أبو بكر ابن أبي شيبة...""[25].

 

وقال عبدالغني بن سعيد الأزدي -في علي بن زريق الأدمي-: "امتنع من الحديث مدةً طويلة، وإنما حدَّث لطائفةٍ معدودة، وكنت أُكثِر مجالستَه، ولم أدوِّن عنه حديثًا كما أريد، وإنما كان يذكر حكايةً أو طرفًا من إسنادِ حديث؛ فأحفظه على المذاكرة"[26].

 

ج- الرواية عمَّن لا يرضون الرواية عنه في التحديث:

قال سفيان الثوري: "إذا جاءت المذاكرة؛ جئنا بكُلٍّ، وإذا جاء التحصيل؛ جئنا بمنصور بن المعتمر"[27].

وقال المروذي: قلت -يعني لأحمد بن حنبل-: يحيى القطان، أيش كان يقول في شريك؟ قال: "كان لا يرضاه، وما ذكر عنه إلا شيئًا على المذاكرة؛ حديثين"[28].

وقال أبو زرعة الرازي: "ذكرت لأبي جعفر النفيلي أن أحمد حدثنا عن أبي قتادة[29]، فاغتمّ، وقال: "قد كتبتُ إليه ألاّ يحدث عنه"". قال أبو زرعة: "وإنما كان أحمد حدثنا عنه في المذاكرة؛ ذكرنا ما رُوي عن عكرمة، عن الهرماس، وكان عبدالله بن عمران الأصبهاني حاضرًا، فذكر حديثَ يحيى بن ضريس، فكتب أحمد عنه، قال أحمد: "وحدثنا عبدالله بن واقد، عن عكرمة، فذكر حديث الهرماس، فعلقته حفظًا"[30].

 

وقال أحمد -في عبدالعزيز بن أبان-: "لم أخرج عنه في المسند شيئًا، وقد أخرجت عنه على غير وجه الحديث"[31].

وقال عبدالله بن أحمد: "سمعت أبي ذكر حديثًا عن عبدالرحمن بن مالك بن مغول عن أبي حصين في المذاكرة؛ على غير وجه الحديث...، وكان سيئ الرأي فيه جدًّا"[32].

وقال أبو حاتم الرازي -في عمرو بن شعيب-: "ليس بقوي، يُكتب حديثه، وما روى عنه الثقات فيُذاكر به"[33].

وقال -في يوسف بن مهران-: "لا أعلم روى عنه غير علي بن زيد بن جدعان، يُكتب حديثه ويُذاكر به"[34].

وكل هذا فيمن لم يبلغ بِه الضعفُ درجةَ التَّركِ حتى في المذاكرة.

قال ابن أبي مريم: "وقال لي غيرُ يحيى بن معين: اجتمع الناس على طرح هؤلاء النفر، ليس يُذاكر بحديثهم، ولا يُعتدُّ بهم"، ذكر منهم: داود بن الزبرقان، ومحمد بن زياد الطحان، ومحمد بن الحسن، وإسحاق بن نجيح الملطي، وحماد بن عمرو النصيبي[35].

 

وقال البرذعي لأبي زرعة: داود بن الزبرقان؟ قال: "متروك الحديث". قال: ترى أن يُذاكر عنه أو يُكتب حديثه؟ قال: "لا"[36].

 

د- ذكر الأحاديث المنكرة:

قال أبو زرعة الرازي: "... ذاكرهم سفيان -يعني: الثوري-، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن المطلب بن أبي وداعة؛ مرسلاً، ولعل الثوري إنما ذكره تعجبًا من الكلبي حين حدث بهذا الحديث؛ مستنكرًا على الكلبي"[37].

 

وذاكر أحمدُ بنُ حنبل أحمدَ بنَ صالح بحديث عبدالرحمن بن إسحاق، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبدالرحمن بن عوف، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما يسرني أن لي حمر النعم وأن لي حلف المطيبين"[38]، والحديث عنده منكر، قال المروذي: "قلت لأبي عبدالله: فعبدالرحمن بن إسحاق، كيف هو؟ قال: "أما ما كتبنا من حديثه، فقد حدث عن الزهري بأحاديث"، كأنه أراد: تفرد بها، ثم ذكر حديث محمد بن جبير في الحلف؛ حلف المطيبين، فأنكره أبو عبدالله. وقال: "ما رواه غيره""[39].

 

وقال أبو الحسين ابن المنادي -في كلامٍ له على حديثٍ منكر-: "وقد رواه عن يحيى بن أبي بكير: يحيى بنُ معين، إلا أنه لم يروِه على أنه صحيح، وإنما رواه على المذاكرة..."[40].

 

هـ- ذكر ما لم يتوثقوا منه:

رُوي عن معن بن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، عن عبدالرحمن، قال: "حدَّث عكرمة بحديث، فقال: "سمعت ابن عباس يقول: كذا وكذا"، فقلت: يا غلام، هاتِ الدواة والقرطاس. فقال: "أعجبك؟!"، قلت: نعم. قال: "تريد أن تكتبه؟". قلت: نعم. قال: "إنما قلته برأيي""[41]، قال ابن حجر -في هذه القصة-: "... فيها دلالةٌ على تحرِّيه -يعني: عكرمة-؛ فإنه حدَّثَه في المذاكرة بشيء، فلما رآه يريد أن يكتبه عنه؛ شَكَّ فيه، فأخبره أنه إنما قاله برأيه..."[42].

 

وقال ابن نمير: "كان وكيع إذا كان في كتابه حديثٌ يُنكره؛ أمسك عنه، لم يحدِّث به، فإذا جاء إليه بنو أبي شيبة والحفاظ؛ ذاكرهم بشيءٍ منه، فإن ذكروه، وقالوا: "حُدِّثنا به عن فلان"[43]؛ ذَكَرَه، وإن شَكُّوا فيه؛ أمسك عنه"[44].

 

وقال أبو موسى محمد بن المثنى: "سألت عبدالرحمن -يعني: ابن مهدي- عن حديث، وعنده قوم، فَسَاقَه، فذهبت أكتبه، فقال: "أيَّ شيءٍ تصنع؟"، فقلت: أكتبه. فقال: "دَعه؛ فإن في نفسي منه شيئًا"، فقلت: قد جئتَ به. فقال: "لو كنتَ وَحدك لحدَّثتك به، فكيف أصنع بهؤلاء؟"".


قال الخطيب -معقِّبًا-: "كان أبو موسى من الملازمين لعبدالرحمن، فقوله: "لو كنت وحدك لحدثتك به"؛ أراد: أنه متى بَانَ له أن الحديث على غير ما حدثه به؛ أمكنه استدراكه لإصلاح غلطه، ولا يمكنه ذلك مع الغرباء الذين حضروا عنده، والله أعلم"[45].

 

و- التحديث مع أسبقية الامتناع عنه:

أخرج البخاري من طريق ابن جريج، قال: وقال عطاء، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-...، فذكر أثرًا في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ﴾.

 

وذكر ابن حجر خلافًا في تعيين عطاء في هذا الأثر؛ بين الخراساني وابن أبي رباح، وأن ابن جريج طلب التفسيرَ من عطاء بن أبي رباح، فقال: "أعفني من هذا"، فيكون عطاء هو الخراساني، ورواية ابن جريج عن الخراساني ضعيفة.

 

ثم أجاب عن ذلك ابن حجر بقوله: "لكن الذي قَوِيَ عندي: أن هذا الحديث بخصوصه عند ابن جريج عن عطاء الخراساني، وعن عطاء بن أبي رباح؛ جميعًا، ولا يلزم من امتناع عطاء بن أبي رباح من التحديث بالتفسير ألاّ يحدِّث بهذا الحديث في بابٍ آخر من الأبواب، أو في المذاكرة..."[46].

 

يتلوه -إن شاء الله- تتمَّة عادات المحدثين في المذاكرة.


[1] تاريخه، برواية الدوري (3/195). وداود من الرواة عن ابن عجلان، فلعل يحيى أراد: أنه كان يجلس إلى ابن عجلان، فيذاكره بما كان أخذه عنه من الحديث؛ ليتحفَّظه ويثبِّته، لا أنه كان يأخذ عنه أحاديث جديدةً لم يسمعها منه قبلُ، والله أعلم.

[2] الجامع (2/276).

[3] الجرح والتعديل (4/112).

[4] المحدث الفاصل (ص251).

[5] الجرح والتعديل (1/64)، وانظر: الجعديات (1881)، شرح علل الترمذي، لابن رجب (2/715).

[6] العلل ومعرفة الرجال، برواية عبدالله (2/473). والاثنان من الرواة عن الأعمش.

[7] الجامع (2/274).

[8] الجعديات (795)، الكفاية (ص216).

[9] الجرح والتعديل (1/221).

[10] الكفاية (ص217)، تاريخ بغداد (14/180).

[11] فسَّر هذا بالمذاكرة عبدُالله بن أحمد بن حنبل، وقد جاء عن أحمد -في رواية عبدالله- أنه كتب "عن يحيى بن سعيد عن شريك على غير وجه الحديث"، وجاء -في رواية المروذي- أن يحيى "ما ذكر عنه إلا شيئًا على المذاكرة"، وسيأتي سياق هذا فيما يلي، وهو دالٌّ على ذلك التفسير.

[12] الجامع (2/37).

[13] الموقظة (ص64).

[14] سؤالات البرذعي (2/769).

[15] المجروحين (1/93).

[16] الكفاية (ص396).

[17] التمهيد (1/17).

[18] جامع التحصيل في أحكام المراسيل (ص88).

[19] جامع التحصيل (ص95، 96).

[20] النكت على ابن الصلاح (2/555).

[21] العلل ومعرفة الرجال، عن أحمد بن حنبل، برواية المروذي (ص54-56).

[22] سؤالات البرذعي (2/578، 579).

[23] المعرفة والتاريخ (2/136)، تاريخ بغداد (11/462).

[24] ترجمته في تاريخ بغداد (7/272)، وسير أعلام النبلاء (16/296)، وغيرها.

[25] معرفة علوم الحديث (ص428، 429).

[26] المؤتلف والمختلف (1/369).

[27] تهذيب الكمال (28/553).

[28] العلل ومعرفة الرجال، بروايته (ص124)، وانظر: رواية عبدالله (3/298).

[29] هو عبدالله بن واقد الحراني.

[30] سؤالات البرذعي (2/348، 349).

[31] العلل ومعرفة الرجال، برواية عبدالله (3/298)، وفيه: "عن غير وجه الحديث"، والصواب كما أثبت.

[32] العلل ومعرفة الرجال (3/454).

[33] الجرح والتعديل (6/238).

[34] الجرح والتعديل (9/229).

[35] الكامل (3/95، 6/129، 175)، تاريخ بغداد (8/154).

[36] سؤالات البرذعي (2/429).

[37] علل الحديث، لابن أبي حاتم (2/25).

[38] الكامل (1/181)، تاريخ بغداد (4/197).

[39] العلل ومعرفة الرجال (ص64).

[40] تاريخ بغداد (1/36).

[41] تاريخ دمشق (41/107).

[42] هدي الساري (ص428).

[43] أي: أن الحفاظ يخبرون وكيعًا بأنه متابَعٌ على حديثه.

[44] الجامع (2/45).

[45] الجامع (2/36، 37).

[46] فتح الباري (8/667، 668).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المذاكرة عند المحدثين (1 / 5)
  • المذاكرة عند المحدثين (2 / 5)
  • المذاكرة عند المحدثين (4 / 5)
  • المذاكرة عند المحدثين (5/5)
  • من اشتهر بالحفظ وقوة الذاكرة

مختارات من الشبكة

  • احرص أخي على المذاكرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهمية مراجعة الدروس ومذاكرة المحفوظات أولا بأول(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مخطوطة تحفة المسامرة وعقود المحاضرة وسحر المذاكرة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المذاكرة في ألقاب الشعراء للنشابي الإربلي (657هـ)(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • أدعية المذاكرة والامتحانات على ميزان التحقيق(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • مهارات في فن المذاكرة لتحقق النجاح(مقالة - موقع د. ناجي بن إبراهيم العرفج)
  • نصائح هامة أثناء المذاكرة(مقالة - موقع د. ناجي بن إبراهيم العرفج)
  • إذاعة مدرسية عن المذاكرة والدراسة وأهميتها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الكسل عند المذاكرة(استشارة - الاستشارات)
  • مشكلة أثناء المذاكرة !!(استشارة - الاستشارات)

 


تعليقات الزوار
1- بوركت ...
أبو المهند .. - السعودية 23-10-2010 11:03 PM

جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله على مثل هذه المواضيع المفيدة الماتعة ...

ننتظر البقية ..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب