• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (2 / 6)

أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/10/2010 ميلادي - 12/11/1431 هجري

الزيارات: 13968

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة

(2 / 6)


المبحث الخامس

بيان مساحة الاختلاف والاتفاق

بين الأشاعرة وأهل السنة

يَحسُن بنا أن نقسِّم هذا الفصلَ إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ويشتمل على أصول الاستنباط التي يعتمد عليها الأشاعرةُ في معرفة الأحكام عامة.

والقسم الثاني: ويشتمل على معرفة أصول الاعتقاد التي وقع فيها الخلاف بينهم وبين أهل السُّنة.

والقسم الثالث: الأصول التي وقع فيه الاتفاق بينهم وبين أهل السُّنة.

 

القسم الأول: أصول الاستنباط عند الأشاعرة

أولاً: مصدر التلقِّي عند الأشاعرة:

الكتاب والسنة على مقتضى قواعد علم الكلام؛ ولذلك فإنهم يقدِّمون العقل على النقل عند التعارُض، صرَّح بذلك الرازي في القانون الكلي للمذهب، والآمدي وابن فورك والجويني والغزالي والإيجي والبغدادي وغيرهم.

 

قال الرازي في "أساس التقديس" الذي يعد القانون الكلي للمذهب: "الفصل الثاني والثلاثون: في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقليَّة، فكيف يكون الحال فيها؟


اعلم أن الدلائل القطعيةَ العقلية إذا قامتْ على ثبوت شيء، ثم وجدنا أدلةً نقليَّة يُشعر ظاهرُها بخلاف ذلك، فهناك لا يخلو الحال مِن أحد أمور أربعة:

1- إما أن يَصدُق مقتضى العقل والنقل، فيلزم تصديق النقيضين، وهو محال.

2- وإما أن يبطل، فيلزم تكذيب النقيضين، وهو محال.

3- وإما أن يصدق الظواهر النقلية ويكذب الظواهر العقلية، وذلك باطل؛ لأنه لا يمكننا أن نعرِف صحة الظواهر النقلية، إلا إذا عرَفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع، وصفاته، وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وظهور المعجزات على محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

ولو جوَّزنا القدحَ في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متَّهمًا غير مقبول القول، ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول، وإذا لم تثبت هذه الأصولُ خرجتْ الدلائل النقليَّة عن كونها مفيدةً، فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يُفضي إلى القدح في العقل والنقل معًا، وأنه باطل.

 

ولما بطَلت الأقسام الأربعة لم يبقَ إلا أن يُقطع بمقتضى الدلائل العقلية، القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال: إنها غير صحيحة[1]، أو يقال: إنها صحيحة، إلا أن المراد منها غير ظواهرها. ثم إن جوَّزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع[2] بذِكر تلك التأويلات على التفصيل، وإن لم يَجز التأويل، فوَّضنا العلم بها إلى الله تعالى، فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات، وبالله التوفيق" ا هـ[3].

 

كما قال السنوسي (ت 885) في "شرح الكبرى":

"وأما من زعم أن الطريق بدأ إلى معرفة الحقِّ بالكتاب والسنة ويحرم ما سواهما، فالرَّد عليه أن حُجتهما لا تُعرَف إلا بالنظر العقلي، وأيضًا فقد وقعتْ فيهما ظواهرُ، مَن اعتقدها على ظاهرها كَفَر عند جماعة وابتدع.

 

ويقول: "أصول الكفر ستة... ذكر خمسة، ثم قال: سادسًا: التمسُّك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب السنة، من غير عرضها على البراهين العقلية، والقواطع الشرعية" اهـ[4].

 

قال محمد أمان الجامي - رحمه الله - في كتابه "الصفات الإلهية" ص 58:

"وتقريرُنا بأن النقل مقدَّم على العقل، لا ينبغي أن يُفهَم منه أن السلف يُنكرون العقل والتوصُّل به إلى المعارف، والتفكير به في خلق السموات والأرض وفي الآيات الكونية الكثيرة، لا؛ ولكنهم لا يسلكون في استعمال العقل الطريقةَ التي سلكها علماءُ الكلام في الاستدلال بالعقل وحده، ومحاولة الاكتفاء به أحيانًا - لو استطاعوا - أو تقديسه، بحيث يقدِّمونه على كلام الله خالق العقل والعقلاء، وعلى سنة رسوله التي هي وحي الله؛ بل إن السلف من منهجهم لا يدعون التعارُض بين الدليلين؛ بل ينفُون هذا التعارض الذي يصطنعه علماء الكلام المتأثِّرون بفلسفة اليونان، علمًا بأن المسلك الذي سلكه علماء الكلام هو في الواقع مسلكُ الفلاسفة غير الإسلاميين الأصل، الذين لا يُثبتون النبوَّات، ولا يرون أن إرسال الرسل، وما جاؤوا به من نصوص الصفات ونصوص المعاد أنها حقائق ثابتة، فكان أقوى شيء عندهم في الاستدلال على إثبات الأمور "العقل"؛ ما أثبته العقلُ فهو الثابت، وما نفاه العقل فهو المنفي، فورَّثوا التركة لعلماء الكلام، أما المؤمنون الذين يؤمنون بالأنبياء، وبالكتب المنزلة عليهم وبما جاء فيها، ويؤمنون أن الرسل كُلِّفوا أن يبيِّنوا للناس ما أُنزل إليهم من ربِّهم: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾الآية [المائدة: 67]، المؤمنون الذين يؤمنون هذا الإيمان، فلا يجوز لهم أن يُعرضوا عما جاءهم من ربِّهم من الكتاب والحِكمة، وعن بيان رسولهم ليلتمسوا الهدى في غيره، ويعتمدوا في إثبات الصفات على عقول الفلاسفة، أو عقولِ تلامذتهم المتأثِّرين بهم، ولو وصَفوها أنها أدلة عقلية قطعية، وبراهين يقينية، وهي في حقيقتها بضاعة غير "إسلامية"، وهم يعلمون من أين جاءت، ومتى جاءت، ومَن جاء بها، كما أشرنا آنفًا، ثم إنهم نصبوا العداء بينها وبين "الوحي"، فقد أغنى الله المؤمنين بكتابه المبين، وسنة نبيِّه الأمين، عن تكلُّف المتكلِّفين، ومن الوقوع في العنت معهم"[5].

 

وبالاختصار: إن السلف إنما يقدِّمون الأدلة العقلية؛ إيمانًا منهم بأن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب من عنده، وكلَّفهم ببيان ما يحتاج إلى البيان (لأمرٍ له شأن)، وهو أن ما جاء في هذه الكتب، وبلَّغتْه الرسل يُغني عن كل شيء، وأما غيره فلا يغني عنه، هذه النقطة هي "سر المسألة"، فلا يسع الخلفَ إلا اتِّباعُ السلف؛ على أساس أنهم أعلم، وطريقتهم أحكم وأسلم.

وَكُلُّ خَيْرٍ فِي اتِّبَاعِ مَنْ سَلَفْ
وَكُلُّ شَرٍّ فِي ابْتِدَاعِ مَنْ خَلَفْ

 

ما أصدقَ مضمونَ هذا البيتِ! علمًا أن قائله خلفي، وكأنَّ الناظم يشير بهذا البيت إلى الحديث الشريف الذي يقول فيه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كل محدثه بدعة، وإن كل بدعة ضلالة))[6].

 

وأما ما يسوقه بعض علماء الكلام من مصطلحاتهم الكلامية، فيُطلِق عليها أدلة قاطعة، فلا ينبغي أن تسلَّم هذه الدعوى، ولا سيما إذا عارضوا بها آياتٍ قرآنيةً أو سُنَّة نبوية صحيحة - وهو الغالب عليهم - للأسباب الآتية:

السبب الأول: أن كبار أئمتهم قد أدركوا خطورة هذا الموقف على إيمانهم، فرجعوا في آخر حياتهم عن هذا المسلك إلى منهج السلف، وفي مقدمتهم الإمام أبو الحسن الأشعري.

 

السبب الثاني: لا يجوز شرعًا، ولا يستساغ عقلاً أن يعارَض كلامُ الخالق العليم بالمصطلحات التي وضعها المخلوق الجاهل الضعيف، وخاصة إذا تصوَّرنا أن واضعي هذه المصطلحات من غير المسلمين في الغالب الكثير، كما أشرنا آنفًا.

 

السبب الثالث: أن موافقتهم فيما ذهبوا إليه تؤدِّي إلى الاستخفاف بأدلَّة الكتاب والسنة، وأنها لا قيمة لها؛ حيث لا يُستدل بها على وجه الاستقلال، وإنما تُعرَض عرضًا شكليًّا، كما هو الواقع- وللأسف- لدى كثير من الكلاميين، على الرغم من إيمانهم في الظاهر.

فلا بد من العمل بهذه النصوص بالاستدلال بها؛ ليصدق الإيمان بها، هذا ما يعنيه الإيمان بالكتاب والسنة.

 

ومما يوضِّح ما ذهبنا إليه من أن القاعدة الأساسية عند السلف في باب الأسماء والصفات "تقديم النقل على العقل": موقف عبدالعزيز المكي في حواره مع بشر المريسي بين يدي المأمون؛ حيث حرَص عبدالعزيز على بيان منهج السلف وتحديده، قبل الشروع في الحوار؛ ليكون هو الأساس والمرجع عندما يختلف هو وبِشْر أثناء الحوار، ولما طالبه المأمون أن يوضح أصل ذلك المنهج، أبان بإيجاز؛ حيث تلا قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 59].

 

ثم بيَّن أن هذه طريقة اختارها الله لعباده المؤمنين، وأدَّبهم بها، وعلَّمهم أنه لا يسعهم عند التنازع في أي شيء إلا الرجوع إلى كتابه وإلى رسوله في حياته - عليه الصلاة والسلام - وإلى أخباره وسُنته بعد وفاته لحل النزاع، وكلُّ ما خالفهما يجب رفضُه وعدم الالتفات إليه، ثم قال: فقد تنازعنا أنا وبشر وبيننا كتاب الله وسنة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فمن الإيمان بالكتاب نفسه وجوب الرجوع إليهما، مكتفين بهما حكمًا لحلِّ نزاعنا، فأقرَّ المأمون هذا المنهجَ الذي عرضه المكي، وحقيقته: تقديم النقل على العقل، واعتبار النقل مرجعًا أساسيًّا في باب الأسماء والصفات؛ بل وفي كل باب.

 

والذي يدلُّنا على أن هذا هو منهج السلف ومذهبهم، أن الصحابة نقلوا إلينا القرآن وأخبار الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - نقلَ مصدِّقٍ غير مرتاب في صِدق قائله وصدق ما يقوله وينقله، ثم لم يؤوِّلوا ما يتعلَّق منه بالصفات من الآيات والأحاديث؛ بل ينكرون بعنف على من يتبع الغوامض من نصوص هذا الباب، وربما ضربوه؛ لئلا يفتن الناسَ بالتأويل، فدلَّ ذلك على أن منهجهم هو اتباع النقل فقط مع عدم تأويله[7].

 

فخلاصة قواعدهم:

1- تقديم النقل.

2- عدم التأويل.

3- عدم التفريق بين الكتاب والسنة" اهـ.

 

ثانيًا: عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة:

ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات، أو فيما لا يعارِض القانون العقليَّ، والمتواترُ منها يجب تأويله.

 

قال البغدادي في "أصول الدين" ص 12:

"وأخبار الآحاد متى صحَّ إسنادُها، وكانت متونها غيرَ مستحيلة في العقل، كانت موجبةً للعمل بها دون العلم، وكانت بمنزلة شهادة العدول عند الحاكم؛ يلزمه الحكمُ بها في الظاهر، وإن لم يعلم صدقهم" اهـ.

 

ولا يخفى مخالفة هذا لما كان عليه السلفُ الصالح من أصحاب القرون المفضَّلة ومن سار على نهجهم، من عدة وجوه، منها:

• أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يرسل الرُّسلَ فرادى لتبليغ الإسلام، كما أرسل معاذًا إلى أهل اليمن، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فحفظها ووعاها، وأدَّاها كما سمعها)) الحديث، وحديث تحويل القبلة بخبر الواحد، وغير ذلك من الأدلة.

 

قال السفاريني في "لوامع الأنوار" 1/19:

"يُعمَل بخبر الآحاد في أصول الدين، وحكى الإمام ابن عبدالبر الإجماعَ على ذلك، قال الإمام أحمد - رضي الله عنه-: لا نتعدَّى القرآن والحديث.

وقال القاضي أبو يعلى: يعمل به في الديانات إذا تلقَّتْه الأمَّة بالقَبول؛ ولهذا قال الإمام أحمد - رضي الله عنه -: قد تلقتْها العلماء بالقبول.

قال العلامة ابن قاضي الجبل: مذهب الحنابلة أن أخبار الآحاد المتلقَّاة بالقبول، تصلح لإثبات أصول الديانات، وذكره القاضي أبو يعلى في مقدمة "المجرد"، والشيخ تقي الدين في عقيدته" اهـ.

 

راجع لذلك: مبحث السنة في كتاب: "الرسالة" للإمام الشافعي - رحمه الله - ومبحث السنة من كتاب: "الإحكام في أصول الأحكام" للإمام ابن حزم - رحمه الله - وكذا كتاب: "مختصر الصواعق المرسلة" للعلامة ابن قيِّم الجَوْزية، وكتاب: "وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والرد على شبه المخالفين" للعلامة الألباني - رحمه الله.

وفي الباب كتب وأجزاء كثيرة، يضيق المقام عن حصرها.

 

قال د. سفر بن عبدالرحمن الحوالي في "منهج الأشاعرة في العقيدة" ص31:

"يقسم الأشاعرة أصولَ العقيدة بحسب مصدر التلقِّي إلى ثلاثة أقسام:

1- قسم مصدرُه العقل وحده، وهو معظم الأبواب، ومنه باب الصفات؛ ولهذا يسمُّون الصفاتِ السبعَ "عقلية"، وهذا القسم هو: "ما يحكم العقل بوجوبه"، دون توقُّف على الوحي عندهم.

2- قسم مصدره العقل والنقل معًا كالرؤية - على خلاف بينهم فيها - وهذا القسم هو: "ما يحكم العقل بجوازه استقلالاً، أو بمعاضدة الوحي".

3- قسم مصدره النقل وحده، وهو السمعيات؛ أي: المغيبات من أمور الآخرة؛ كعذاب القبر، والصراط، والميزان، وهو عندهم: "ما لا يحكم العقل باستحالته، لكن لو لم يرد به الوحي لم يستطع العقل إدراكَه منفردًا"، ويُدخِلون فيه التحسين والتقبيح، والتحليل والتحريم.

 

والحاصل أنهم في صفات الله جعلوا العقل حاكمًا، وفي إثبات الآخرة جعلوا العقل عاطلاً، وفي الرؤية جعلوه مساويًا، فهذه الأمور الغيبية نتَّفق معهم على إثباتها؛ لكننا نخالفهم في المأخذ والمصدر، فهم يقولون عند ذِكر أي أمرٍ منها: نؤمن به؛ لأن العقل لا يحكم باستحالته، ولأن الشرع جاء به، ويكرِّرون ذلك دائمًا، أما في مذهب أهل السُّنة والجماعة فلا منافاة بين العقل والنقل أصلاً، ولا تضخيم للعقل في جانب وإهداره في جانب، وليس هناك أصل من أصول العقيدة يستقل العقل بإثباته أبدًا، كما أنه ليس هناك أصل منها لا يستطيع العقل إثباتَه أبدًا.

 

فالإيمان بالآخرة - وهو أصل كلِّ السمعيات - ليس هو في مذهب أهل السُّنة والجماعة سمعيًّا فقط؛ بل إنَّ الأدلة عليه من القرآن هي في نفسها عقلية، كما أن الفِطَرَ السليمة تشهد به، فهو حقيقة مركوزةٌ في أذهان البشر ما لم يَحرِفْهم عنها حارف، لكن لو أن العقل حكم باستحالة شيء من تفصيلاته - فرضًا وجدلاً - فحكمُه مردود، وليس إيماننا به متوقفًا على حكم العقل، وغاية الأمر أن العقل قد يَعجِز عن تصوُّره، أما أن يحكم باستحالته، فغير وارد ولله الحمد"[8].

 

• أما موضوع التأويل نفسه، فإن الأشاعرة - وغيرهم من أهل الأهواء - يفسِّرونه على غير المراد منه، ولا يجوز للذين يأخذون ببعضه أن ينكروا على الذين يأخذون به كلِّه، أو يأخذون منه ما لا يأخذه غيرهم؛ إذ لا قاعدة يسلم لها الآخذون بالتأويل في الحد الذي يتوقَّف عنده عن الأخذ بالتأويل.

 

قال د.سفر بن عبدالرحمن الحوالي - حفظه الله - في "منهج الأشاعرة في العقيدة" ص 28:

"ومعناه المبتدَع صرفُ اللفظ عن ظاهره الراجح، إلى احتمالٍ مرجوح لقرينة؛ فهو بهذا المعنى تحريفٌ للكلام عن مواضعه - كما قرَّر ذلك شيخ الإسلام.

وهو أصل منهجي من أصول الأشاعرة، وليس هو خاصًّا بمبحث الصفات؛ بل يشمل أكثرَ نصوص الإيمان، خاصةً ما يتعلَّق بإثبات زيادته ونقصانه، وتسمية بعض شُعبه إيمانًا ونحوها، وكذا بعض نصوص الوعد والوعيد، وقصص الأنبياء، خصوصًا موضوع العصمة، وبعض الأوامر التكليفية أيضًا.

وضرورته لمنهج عقيدتهم أصلُها أنه لما تعارضتْ عندهم الأصول العقلية التي قرَّروها بعيدًا عن الشرع، مع النصوص الشرعية، وقعوا في مأزِقِ ردِّ الكل، أو أخْذ الكل، فوجدوا في التأويل مهربًا عقليًّا من التعارُض الذي اختلقتْه أوهامهم؛ ولهذا قالوا: إننا مضطرون للتأويل، وإلاَّ أوقعنا القرآن في التناقض، وإن الخلف لم يؤولوا عن هوًى ومكابرةٍ؛ وإنما عن حاجة واضطرار، فأي تناقُض في كتاب الله - يا مسلمين - نضطرُّ معه إلى ردِّ بعضه، أو الاعتراف للأعداء بتناقضه؟!

وقد اعترف الصابوني[9] بأن في مذهب الأشاعرة "تأويلات غريبة"، فما المعيار الذي عرف به الغريب من غير الغريب؟


وهنا لا بد من زيادة التأكيد على أن مذهب السلف لا تأويل فيه لنصٍّ من النصوص الشرعية إطلاقًا، ولا يوجد نص واحد - لا في الصفات ولا غيرها - اضطرَّ السلفُ إلى تأويله ولله الحمد، وكلُّ الآيات والأحاديث التي ذكرها الصابوني وغيره تَحمِل في نفسها ما يدل على المعنى الصحيح الذي فهمه السلف منها، والذي يدلُّ على تنزيه الله - تعالى - دون أدنى حاجة إلى التأويل.

 

أما التأويل في كلام السلف، فله معنيان:

1- التفسير: كما تجد في تفسير الطبري ونحوه: "القول في تأويل هذه الآية"؛ أي: تفسيرها.

2- الحقيقة التي يصير إليها الشيء: كما في قوله - تعالى -: ﴿ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ ﴾ [يوسف: 100]؛ أي: تحقيقها، وقوله: ﴿ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ [الأعراف: 53]؛ أي: تحقيقه ووقوعه.

أما التأوُّل، فله مفهوم آخر: راجع الحاشية.

 

وإن تعجبْ فاعجبْ لهذه اللفظةِ النابية التي يستعملها الأشاعرة مع النصوص، وهي أنها "توهم" التشبيه؛ ولهذا وجب تأويلها، فهل في كتاب الله إيهام، أم أن العقول الكاسدة تتوهَّم، والعقيدة ليست مجال توهم؟!

 

فالعيب ليس في ظاهر النصوص - عياذًا بالله - ولكنه في الأفهام؛ بل الأوهام السقيمة، أما دعوى أن الإمام أحمدَ استثنى ثلاثة أحاديث وقال: لا بد من تأويلها، فهي فرية عليه، افتراها الغزالي في "الإحياء" وفي "التفرقة"، ونفاها شيخ الإسلام سندًا ومتنًا[10].

 

وحسبُ الأشاعرة في باب التأويل ما فتحوه على الإسلام من شرور بسببه؛ فإنهم لما أوَّلوا ما أولوا تبعتهم الباطنيةُ، واحتجتْ عليهم في تأويل الحلال والحرام، والصلاة والصوم والحج، والحشر والحساب، وما من حجةٍ يحتج بها الأشاعرةُ عليهم في الأحكام والآخرة، إلا احتج الباطنية عليهم بمثلها أو أقوى منها من واقع تأويلهم للصفات، وإلا فلماذا يكون تأويل الأشاعرة لعلو الله - الذي تقطع به العقولُ والفطر والشرائع - تنزيهًا وتوحيدًا، وتأويل الباطنية للبعث والحشر كفرًا وردَّة؟![11]

 

أليس كل منهما ردًّا لظواهر النصوص، مع أن نصوص العلو أكثرُ وأشهر من نصوص الحشر الجسماني؟ ولماذا يكفِّر الأشاعرةُ الباطنيةَ، ثم يشاركونهم في أصل من أعظم أصولهم؟!" اهـ.

 

ثالثًا: التحسين والتقبيح العقلي:

ينكر الأشاعرة أن يكون للعقل والفطرة أيُّ دور في الحكم على الأشياء بالحسن والقبح، ويقولون: مرد ذلك إلى الشرع وحده[12]، وهذا رد فعل مغالٍ لقول البراهمة والمعتزلة أن العقل يوجب حسْن الحسن وقبْح القبيح، وهو مع منافاته للنصوص مكابرةٌ للعقول، ومما يترتب عليه من الأصول الفاسدة قولهم: إن الشرع قد يأتي بما هو قبيح في العقل، فإلغاء دور العقل بالمرة أسلم من نسبة القبح إلى الشرع مثلاً، ومثَّلوا لذلك بذبح الحيوان، فإنه إيلام له بلا ذنب، وهو قبيح في العقل، ومع ذلك أباحه الشرع، وهذا في الحقيقة قول البراهمة، الذين يحرِّمون أكْل الحيوان، فلما عجز هؤلاء عن ردِّ شبهتهم ووافقوهم عليها، أنكروا حُكم العقل من أصله، وتوهَّموا أنهم بهذا يدافعون عن الإسلام، كما أن من أسباب ذلك مناقضةَ أصل من قال بوجوب الثواب والعقاب على الله بحكم العقل ومقتضاه[13].

 

أما أهل السُّنة، فإنهم وسَط بين طرفين: الطرف الأول من جعل العقل أصلاً كليًّا أوليًّا، يستغني بنفسه عن الشرع.

أما الطرف الثاني، فهو من أعرض عن العقل، وذمَّه وعابه، وخالف صريحه، وقدَح في الدلائل العقلية مطلقًا.

 

والوسط في ذلك:

1- أن العقل شرط في معرفة العلوم، وكمال وصلاح الأعمال؛ لذلك كان سلامة العقل شرطًا في التكليف؛ فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة، والأقوال المخالفة للعقل باطلة، وقد أمَرَ الله باستماع القرآن وتدبُّره بالعقول: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [النساء: 82، ومحمد: 24]، ﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ﴾ [المؤمنون: 68]، فالعقل هو المدرك لحُجة الله على خلْقه.

 

2- أن العقل لا يستقل بنفسه؛ بل هو محتاج إلى نور الشرع، الذي عرفنا ما لم يكن لعقولنا سبيلٌ إلى استقلالها بإدراكه أبدًا؛ إذ العقل غريزة في النفس، وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين، فإن اتصل به نورُ الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار، وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يَعجِز وحده عن دركها.

 

3- أن العقل مصدِّق للشرع في كل ما أخبر به، دالٌّ على صدق الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - دلالة عامة مطلقة، فالعقل مع الشرع كالعامي مع المفتي؛ فإن العامي إذا علِم عين المفتي ودلَّ عليه غيره، وبين له أنه عالم مفتٍ، ثم اختلف العامي الدال والمفتي، وجب على المستفتي أن يقدم قول المفتي، فإذا قال له العامي: أنا الأصل في عِلمك بأنه مفتٍ، فإذا قدمتَ قوله على قولي عند التعارض قدحتَ في الأصل الذي به علِمت أنه مفتٍ، قال له المستفتي: أنت لمَّا شهدتَ بأنه مفتٍ ودللت على ذلك، شهدتَ بوجوب تقليده دون تقليدك، وموافقتي لك في قولك: إنه مفتٍ، لا يستلزم أن أوافقك في جميع أقوالك، وخطؤك فيما خالفتَ فيه المفتي - الذي هو أعلم منك - لا يستلزم خطأك في علمك بأنه مفتٍ، هذا مع أن المفتي يجوز عليه الخطأ، أما الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنه معصوم في خبره عن الله - تعالى - لا يجوز عليه الخطأ، فتقديم قول المعصوم على ما يخالفه من استدلال عقلي، أولى من تقديم قول المفتي على قول الذي يخالفه.

 

وإذا كان الأمر كذلك، فإذا علم الإنسان بالعقل أن هذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلم أنه أخبر بشيء، ووجد في عقله ما ينازعه في خبره، كان عقلُه يوجب عليه أن يسلم موارد النزاع إلى من هو أعلمُ به منه.

 

4- أن الشرع دلَّ على الأدلة العقلية وبيَّنها ونبَّه عليها.

وذلك كالأمثال المضروبة التي يذكُرها الله في كتابه التي قال فيها: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴾ [الروم: 58]، فإن الأمثال المضروبة هي الأقيسة العقلية، فمِن ذلك إثبات التوحيد بقوله - تعالى -: ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾ [لقمان: 11]، وإثبات النبوة بقوله - تعالى -: ﴿ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [يونس: 16]، وإثبات البعث بقوله - تعالى -: ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [يس: 79].

 

والناس في الأدلة العقلية التي بيَّنها القرآن، وأرشَد إليها الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على طرفين:

• فمنهم من يذهل عن هذه الأدلة، ويقدح في الأدلة العقلية مطلقًا؛ لأنه قد صار في ذهنه أنها هي الكلام المبتدَع الذي أحدثه المتكلِّمون.

• ومنهم من يُعرِض عن تدبُّر القرآن وطلب الدلائل اليقينية العقلية منه؛ لأنه قد صار في ذهنه أن القرآن إنما يدل بطريق الخبر فقط.

والذي عليه أهل العلم والإيمان: أن الأدلة العقلية التي بيَّنها الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجلُّ الأدلة العقلية وأكملُها وأفضلُها.

 

5- أن العقل لا يمكن أن يعارض الكتاب والسنة؛ فالعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح أبدًا، فلا يصح أن يقال: إن العقل يخالف النقل، ومن ادَّعى ذلك، فلا يخلو من أمور:

أولها: أن ما ظنه معقولاً ليس معقولاً؛ بل هو شبهات توهم أنه عقل صريح، وليس كذلك.

ثانيها: أن ما ظنه سمعًا ليس سمعًا صحيحًا مقبولاً؛ إما لعدم صحة نسبته، أو لعدم فهم المراد منه على الوجه الصحيح.

ثالثها: أنه لم يفرِّق بين ما يُحيله العقل وما لا يدركه، فإن الشرع يأتي بما يَعجِز العقلُ عن إدراكه؛ لكنه لا يأتي بما يعلم العقل امتناعه[14].

 

• ومذهب طائفة منهم - وهم صوفيتهم؛ كالغزالي والجامي - في مصدر التلقي، تقديمُ الكشف والذوق على النص، وتأويل النص ليوافقه، ويسمون هذا "العلمَ اللدني"؛ جريًا على قاعدة الصوفية: "حدثني قلبي عن ربي"[15].

• • •


ثانيًا: المسائل الأصول المختلف فيها

بين أهل السُّنة والأشاعرة


1- التوحيد عند الأشاعرة:

فسَّروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع، وبذلك جعلوا التوحيد هو إثبات ربوبية الله - جل وعلا - دون ألوهيته، مع تأويل أكثر صفاته - جل وعلا.

 

وهكذا خالف الأشاعرةُ أهل السُّنة والجماعة في معنى التوحيد؛ حيث يعتقد أهل السُّنة والجماعة أن التوحيد أول واجبٍ على العبيد هو إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، على نحو ما أثبته - تعالى - لنفسه أو أثبته له رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ونفْي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من غير تحريفٍ أو تعطيل، أو تكييف أو تمثيل.

كما يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية؛ كالوجه، واليدين، والعين، والقدم، والأصابع، وكذلك صفتي العلو والاستواء.

 

وقد ذهب المتأخِّرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله - تعالى - على أن ذلك واجبٌ يقتضيه التنْزيه، ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات؛ بل توسَّعوا في باب التأويل؛ حيث أوَّلوا أكثر نصوص الإيمان.

قلت: وقد تناقضوا في هذا الباب أيما تناقض؛ ففرَّقوا بين صفات الذات - كالعلم والقدرة - وبين الصفات الخبرية، فأثبتوا الأولى، ونفوا الثانية، من غير مبرر قوي.

 

قال محمد أمان بن علي الجامي في "الصفات الإلهية" ص 220:

"وعلى الرغم مما نقوله ويقوله غيرنا من أن الأشاعرة يعَدُّون من المُثْبتة، أو من الصفاتية؛ لإثباتهم كثيرًا من الصفات الذاتية التي يسمونها - في اصطلاحهم - صفات المعاني وغيرها، على الرغم من هذا النوع من الإثبات، فإنهم وافقوا المعتزلة في تأويل الصفات الخبرية[16]ذاتية أو فعلية، فبذلكوقعوا في تناقُض لم يقع فيه أحدٌ لا من المُثْبتة ولا من النُّفاة؛ لأنهم بين ما جمع الله في كتابه، وفيما أوحاه إلى رسوله - عليه الصلاة والسلام - فتراهم يثبتون هذه - السمع والبصر مثلاً - ولا يخطر ببالهم شيء من لوازم سمع وبصر المخلوقين؛ بل يزعمون أنهم يثبتون هذه الصفات على ما يليق بالله، فما هو المانع العقلي إذًا من إثبات الوجه، واليدين، وغيرهما مما أوجبوا التأويل فيه من الصفات على ما يليق بالله؟! فما المانع أن نثبت لله وجهًا يليق به، واستواءً يليق به، دون التفات إلى لوازم وجه المخلوق، ومجيء المخلوق، واستوائه؟! وما الذي يمنعهم أن يثبتوا جميع الصفات الثابتة بالأدلة النقلية دون أن يفرِّقوا بينها؟! في ضوء قوله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، والآية جمعت بين التنزيه والإثبات كما ترى، ومعها آيات أخرى كثيرة في هذا المعنى... إلى إن قال: "والذي يقتضيه المنطق السليم: إما أن يُثبتوا جميع الصفات الثابتة بالكتاب والسنة، دون تفريق بين صفة وصفة، وهو المنهج السلفي الذي عليه علماءُ الحديث والسنة قديمًا وحديثًا، وهو الذي يساير العقلَ والنقل كما عملنا مما تقدم، وفيه السلامة والعافية من القول على الله بغير علمٍ، وهو موقف خطير جدًّا - كما لا يخفى.

 

وإما أن ينفوا جميع الصفات دون تفريق بين الذاتية والفعلية، فيقفوا مع المعتزلة صفًّا واحدًا؛ ليتَّجه المصلحون السلفيون اتجاهًا واحدًا، ويواجهوا جبهةً واحدة تنفي جميع الصفات، ولا تؤمن إلا بالوجود الذهني، هذا هو المفترض، ولكن الواقع خلاف هذا المفترض - كما رأيت" ا هـ.

 

وقال سفر بن عبدالرحمن الحوالي ملخصًا حالهم في "منهج الأشاعرة في العقيدة" ص 33:

"وكل مذهبهم مركَّب من بدع سابقة، وأضافوا إليه بدعًا أحْدثوها، فأصبح غاية في التلفيق المتنافر" اهـ[17].

 

قال السفاريني - رحمه الله - في "الدرة البهية في عقيدة الفرقة المرضية" مبينًا عقيدة أهل السُّنة في مبحث الأسماء والصفات:

فَأَثْبَتُوا النُّصُوصَ بِالتَّنْزِيهِ
مِنْ غَيْرِ تَعْطِيلٍ وَلاَ تَشْبِيهِ
فَكُلُّ مَا جَاءَ مِنَ الآيَاتِ
أَوْ صَحَّ فِي الأَخْبَارِ عَنْ ثِقَاتِ
مِنَ الأَحَادِيثِ نُمِرُّهُ كَمَا
قَدْ جَاءَ فَاسْمَعْ مِنْ نِظَامِي وَاعْلَمَا
وَلاَ نَرُدُّ ذَاكَ بِالعُقُولِ
لِقَوْلِ مُفْتَرٍ بِهِ جَهُولِ
فَعَقْدُنَا الإِثْبَاتُ يَا خَلِيلِي
مِنْ غَيْرِ تَعْطِيلٍ وَلاَ تَمْثِيلِ

 

ويجب أن يحمل قوله: "نمره"، يعني: من جهة اللفظ والمعنى، حيث تفويض اللفظ دون المعنى من التفويض المذموم الذي ردَّه أهل السُّنة والجماعة، فالزم هذا.

 

2- الإيمان عند الأشاعرة:

الأشاعرة في الإيمان بين المرجئة التي تقول: يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان، وبين الجهمية التي تقول: يكفي التصديق القلبي.

 

قال صاحب "جوهرة التوحيد":

وَفُسِّرَ الإِيمَانُ بِالتَّصْدِيقِ
وَالنُّطْقُ فِيهِ الخُلْفُ بِالتَّحْقِيقِ

 

وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السُّنة والجماعة، الذين يقولون: إن الإيمان قول وعمل واعتقاد، وإن القول قولان: قول القلب وقول اللسان، والعمل عملان: عمل القلب وعمل الجوارح، كما أن فيه مخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة، والتي منها: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية: 21]، وعلى قولهم يكون إبليس من الناجين من النار؛ لأنه من المصدِّقين بقلوبهم، وكذلك فرعون وقومُه؛ قال - تعالى -: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ﴾ [النمل: 14]، وكذلك أبو طالب عم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وغيرهم كثير.

كما أنهم أوَّلوا كلَّ آية أو حديث ورَد في زيادة الإيمان ونقصانه، أو وصف بعض شُعب الإيمان بأنها إيمان أو من الإيمان.

 

3- موقف الأشاعرة من قضايا التكفير:

الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير، فتارة يقولون: لا نكفِّر أحدًا، وتارة يقولون: لا نكفِّر إلا من كفَّرنا، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق والتبديع، أو بأمور لا توجب التفسيق، فمثلاً يكفِّرون من يثبت علوَّ الذات، أو من يأخذ بظواهر النصوص، حيث يقولون: إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر.

 

أما أهل السُّنة والجماعة، فيرون أن التكفير حق لله - تعالى - لا يطلق إلا على من يستحقه شرعًا، ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفره بإثبات شروط وانتفاء موانع.

 

قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" 3/230:

"والتحقيق في هذا أن القول قد يكون كفرًا، كمقالات الجهمية الذين قالوا: إن الله لا يتكلم ولا يُرى في الآخرة، ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر... فيطلق القول بتكفير القائل كما قال السلف: من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر، ومن قال: إن الله لا يُرى في الآخرة، فهو كافر، ولا يُكفَّر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة، كما تقدم، كمن جحد وجوب الصلاة، والزكاة... ثم ساق قصة الرجل الذي أمر أولاده أن يحرقوه ليفرَّ من عذاب الله" اهـ.

 

4- مسألة خلق القرآن:

قالوا بأن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة، ولكنه كلام الله النفسي، وأن نسبة الكلام إلى الله من باب المجاز، وأن الكتب المنزلة - بما فيها القرآن - مخلوقة.

 

أما مذهب أهل السُّنة والجماعة، فهو: أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأنه - تعالى - يتكلم بكلامٍ مسموع، تسمعه الملائكة، وسمعه جبريل، وسمعه موسى - عليه السلام - ويسمعه الخلائق يوم القيامة؛ يقوله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 6].

وقول الأشاعرة ومَن شابههم باطلٌ لا محل له من العقل أو الشرع؛ بل ومخالف لقول السلف الصالح؛ فإنه لا يُعقَل أن يسمَّى متكلمًا إلا من قام به الكلامُ حقيقة.

فكيف يقال: قال الله، والقائل غيره؟! وكيف يقال:كلام الله، وهو كلام غيره؟!


5- النبوات:

حصر الأشاعرة دلائلَ النبوة بالمعجزات، التي هي الخوارق؛ موافقةً للمعتزلة، وإن اختلفوا معهم في كيفية دلالتها على صدْق النبي، بينما يرى جمهور أهل السُّنة أن دلائل ثبوت النبوة للأنبياء كثيرة، ومنها المعجزات.

 

6- الحكمة الغائية:

قالوا بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقًا.

 

قال د.سفر بن عبدالرحمن الحوالي في "منهج الأشاعرة في العقيدة" ص 26:

"ينفي الأشاعرة قطعًا أن يكون لشيء من أفعال الله - تعالى - علةٌ مشتملة على حكمة تقتضي إيجاد الفعل أو عدمه، وهذا نصُّ كلامهم تقريبًا، وهو ردُّ فعلٍ لقول المعتزلة بالوجوب على الله، حتى أنكر الأشاعرة كلَّ لام تعليلٍ في القرآن، وقالوا: إن كونه يفعل شيئًا لعلَّة، ينافي كونه مختارًا مريدًا، وهذا الأصل تسميه بعض كتبهم: "نفي الغرض عن الله"، ويعتبرونه من لوازم التنزيه، وجعلوا أفعاله - تعالى - كلَّها راجعةً إلى محض المشيئة، ولا تعلُّق لصفة أخرى - كالحكمة مثلاً - بها، ورتَّبوا على هذا أصولاً فاسدة؛ كقولهم بجواز أن يخلِّد الله في النار أخلص أوليائه، ويخلد في الجنة أفجر الكفار، وجواز التكليف بما لا يطاق، ونحوها.

 

وسبب هذا التأصيل الباطل: عدم فهمهم أنْ لا تعارض بين المشيئة والحكمة، أو المشيئة والرحمة، ولهذا لم يثبت الأشاعرة الحكمةَ مع الصفات السبع، واكتفوا بإثبات الإرادة، مع أن الحكمة تقتضي الإرادة والعلم وزيادة" اهـ.

 

7- القدر:

لما كان مذهب الأشاعرة قائمًا على التلفيق بين المذاهب بحجة التوفيق؛ أرادوا أن يجمعوا بين قول الجبرية والقَدَرية في مسألة أفعال العباد؛ فقالوا بنظرية "الكسب"، والتي خلاصتها أن الله فاعل فعل العبد، وأن عمل العبد ليس فعلاً للعبد؛ بل كسبًا له، ومع إثبات الكسب قالوا: لا تأثير لقدرة العبد.

 

قال د. سفر بن عبدالرحمن الحوالي "في منهج الأشاعرة في العقيدة" ص 24:

"أراد الأشاعرة هنا أن يوفِّقوا بين الجبرية والقدرية، فجاؤوا بنظرية الكسب، وهي في مآلها جبرية خالصة؛ لأنها تنفي أيَّ قدرة للعبد أو تأثير، أما حقيقتها النظرية الفلسفية فقد عجز الأشاعرة أنفسُهم عن فهمها، فضلاً عن إفهامها لغيرهم، ولهذا قيل:

مِمَّا يُقَالُ وَلاَ حَقِيقَةَ تَحْتَهُ
مَعْقُولَةٌ تَدْنُو إِلَى الأَفْهَامِ
الكَسْبُ عِنْدَ الأَشْعَرِي، وَالحَالُ عِنْ
دَ الْبَهْشَمِيِّ، وَطَفْرَةُ النَّظَّامِ

 

ولهذا قال الرازي - الذي عجز هو الآخر عن فهمها -: "إن الإنسان مجبور في صورة مختار".

أما البغدادي فأراد أن يوضحها، فذكر مثالاً لأحد أصحابه في تفسيرها، شبَّه فيه اقتران قدرة الله بقدرة العبد مع نسبة الكسب إلى العبد: بالحجر الكبير، قد يعجز عن حمله رجلٌ، ويقدر آخر على حمله منفردًا به، فإذا اجتمعا جميعًا على حمله كان حصول الحمل بأقواهما، ولا خرج أضعفهما بذلك عن كونه حاملاً"!

 

وعلى مِثل هذا المثالِ الفاسد يعتمد الجبرية، وبه يتجرَّأ القدرية المنكرون؛ لأنه لو أن الأقوى من الرجلين عذَّب الضعيف وعاقبه على حمل الحجر، فإنه يكون ظالمًا باتفاق العقلاء؛ لأن الضعيف لا دور له في الحمل، وهذه المشاركة الصورية لا تجعله مسؤولاً عن حمْل الحجر.

 

والإرادة عند الأشاعرة معناها: المحبة والرضا، وأوَّلوا قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ﴾ [الزمر: 7] بأنه لا يرضاه لعباده المؤمنين! فبقي السؤال واردًا عليهم: وهل رضيه للكفار، أم فعلوه وهو لم يُرِدْه؟

وفعلوا بسائر الآيات مثل ذلك.

ومن هذا القبيل كلامهم في الاستطاعة، والحاصل أنهم في هذا الباب خرجوا عن المنقول والمعقول، ولم يعربوا عن مذهبهم، فضلاً عن البرهنة عليه!" اهـ[18].

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

"الأعمال والأقوال، والطاعات والمعاصي هي من العبد، بمعنى أنها قائمة به، وحاصلة بمشيئته وقدرته، وهو المتَّصف بها، والمتحرِّك بها، الذي يعود حكمها عليه، وهي من الله، بمعنى أن الله خَلَقها قائمة بالعبد، وجعلها عملاً له وكسبًا، كما يخلق المسببات بأسبابها، كما إذا قلنا: هذه الثمرة من هذه الشجرة، وهذا الزرع من هذه الأرض، بمعنى أنه حدث منها، ومن الله بمعنى أنه خلقه منها، ولم يكن بينهما تناقض، فالحوادث تضاف إلى خالقها باعتبار، وإلى أسبابها باعتبار، كما قال الله - تعالى -: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾ [القصص: 15]، ﴿ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾ [الكهف: 63]، مع قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 78]" اهـ.

 

أهم أصول المسائل التي وافق فيها

الأشاعرة أهل السُّنَّة

• وافق الأشاعرة أهلَ السُّنَّة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ، وأمور الآخرة من: الحشر والنشر، والميزان، والصراط، والشفاعة، والجنة والنار؛ لأنها من الأمور الممكنة التي أقرَّ بها الصادق - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأيَّدتْها نصوص الكتاب والسُّنة، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية.

 

• كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم، وأن ما وقع بينهم كان خطأً وعن اجتهاد منهم؛ ولذا يجب الكفُّ عن الطعن فيهم؛ لأن الطعن فيهم إما كفر، أو بدعة، أو فسق، كما يرون الخلافة في قريش، وتَجوز الصلاة خلف كل برٍّ وفاجر، ولا يجوز الخروج على أئمة الجَوْر، بالإضافة إلى موافقة أهل السُّنَّة في أمور العبادات والمعاملات.

 

• الأشعري في كتاب "الإبانة عن أصول الديانة" - الذي هو آخر ما ألَّف من الكتب على أصح الأقوال - رجع عن كثيرٍ من آرائه الكلامية إلى طريق السلف في الإثبات وعدم التأويل.

 

يقول - رحمه الله -:

"وقولنا الذي نقول به، وديانتُنا التي ندين بها: التمسُّكُ بكتاب ربِّنا - عزَّ وجلَّ - وما بيَّنه نبيُّنا - عليه الصلاة والسلام - وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحقّ، ورفع به ضلال الشاكِّين، فرحمة الله عليه من إمام مقدَّم، وجليل معظَّم، وكبير مفخَّم" اهـ.

 

• تصدَّى الإمام ابن تيمية لجميع المذاهب الإسلامية التي اعتقد أنها انحرفتْ عن الكتاب والسنة - ومنهم الأشاعرة، وبخاصة المتأخرة منهم - في كتابه القيم: "درء تعارض العقل والنقل"، وفند آراءهم الكلامية، وبيَّن أخطاءهم، وأكَّد أن أسلوب القرآن والسنة هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد.



[1] يلاحَظ أن الدلائل النقلية تشمل نصوص الكتاب والسنة معًا، فكيف يقال: إنها غير صحيحة، دون تفريق بينهما، مع أن مجرد إطلاقها على السنة وحدها في غاية الخطورة؟!

[2] هل وصلتْ قيمة نصوص الوحي إلى حدِّ أن الاشتغال بتأويلها - الذي هو تحريف لها - يعتبر تبرُّعًا وإحسانًا؟!

[3] نقلاً عن كتاب: "منهج الأشاعرة في العقيدة"، ص 18 - 19.

[4] نقلاً عن المصدر السابق ص19.

[5] راجع: "صون المنطق والكلام، عن فني المنطق والكلام"؛ للسيوطي 1/223، تحقيق د. سامي النشار، وسعاد علي عبدالرازق، مجمع البحوث الإسلامية.

[6] صحيح:

أخرجه أبو داود في سننه: (كتاب السنة/ باب: باب في لزوم السنة/ ح 4607).

والترمذي في سننه: (كتاب العلم/ باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع/ ح 2676).

وابن ماجه في سننه: (المقدمة/ باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين/ ح 43).

وصححه العلامة الألباني - رحمه الله - في: "صحيح الجامع"، برقم: 2549.

[7] راجع: "منهج علماء الحديث والسنة"؛ للدكتور/ مصطفى حلمي، ص 122، ط/ دار الدعوة الإسكندرية.

[8] انظر: "الإرشاد": 358، 340، "الإنصاف": 55، "المواقف، شرح الأصفهانية": 49، "النبوات": 48، وانظر الجزء الثاني من "مجموع الفتاوى" 7/27.

[9] يعني: محمد علي الصابوني، صاحب "مختصر تفسير ابن كثير" و"مختصر تفسير الطبري" و"صفوة التفاسير"، وكلها محشوة بتأويلات الأشاعرة، وقد ردَّ عليها غير واحد من أهل العلم؛ راجع لذلك: "تنبيهات مهمة على كتاب صفوة التفاسير"؛ إعداد محمد جميل زينو، وكتاب: "التحذير من مختصرات محمد علي الصابوني"؛ تأليف العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد، مقدمة المجلد الرابع من "سلسلة الأحاديث الصحيحة"؛ للعلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله.

[10] وشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أعلمُ بمذهب أحمد من الغزالي وغيره.

[11] عن التأويل جملة انظر: كتاب ابن فورك كاملاً، و"الإنصاف": 56، 165، وغيرها، و"الإرشاد": فصل كامل له، "أساس التقديس": فصل كامل أيضًا، وعن الثلاثة الأحاديث انظر: "إحياء علوم الدين"، طبعة الشعب: 1/179، والرد في "مجموع الفتاوى" 5/398، وانظر كذلك: 6/397، 580.

تنبيه حول التأويل: التأوُّل الذي يذكره الفقهاء في باب البغاة، وقد يَرِد في بعض كتب العقيدة، لا سيما في موضوع التكفير والاستحلال - هو غير التأويل المذكور هنا، إن كانت أكثر الكتب تسميه تأويلاً، وهو في الحقيقة تأوُّلٌ؛ لأن الفعل الماضي منه "تأوَّلَ".

فالتأول هو: وضعُ الدليل في غير موضعه باجتهاد أو شُبَه تنشأ من عدم فهم دلالة النص، وقد يكون المتأوِّل مجتهدًا مخطئًا فيعذر، وقد يكون متعسفًا متوهمًا فلا يعذر، وعلى كل حال يجب الكشف عن حاله، وتصحيح فهمه قبل الحكم عليه؛ ولهذا كان من مذهب السلف عدم تكفير المتأول حتى تقام عليه الحجة، مثلما حصل مع بعض الصحابة الذين شربوا الخمر في عهد عمر متأولين قوله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ﴾ [المائدة: 93]، ومثل هذا مَن أوَّل بعض الصفات عن حسن نية متأولاً قوله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء ﴾ [الشورى: 11]، فهو مؤول متأول ولا يكفر؛ ولهذا لم يُطلِق السلف تكفير المخالفين في الصفات أو غيرها؛ لأن بعضهم أو كثيرًا منهم متأوِّلون، أما الباطنية فلا شكَّ في كفرهم؛ لأن تأويلهم ليس له أي شُبه؛ بل أرادوا هدم الإسلام عمدًا؛ بدليل أنهم لم يكتفوا بتأويل الأمور الاعتقادية، بل أولوا الأحكام العملية؛ كالصلاة والصوم والحج... إلخ.

[12] قال المتولي النيسابوري - الأشعري - في "الغُنية في أصول الدين" ص135:

"الحَسَن عند أهل الحق ما ورد الشرع بالثناء على فاعله، والقبيح ما ورد الشرع بالذم على فاعله، وليس الحسن والقبيح صفة زائدة على ورود الشرع، فأما العقل فلا يحسِّن ولا يقبِّح" اهـ.

[13] "منهج الأشاعرة في العقيدة"؛ للدكتور/ سفر بن عبدالرحمن الحوالي، ص 28.

[14] "معالم أصول الفقه"؛ محمد بن حسين الجيزاني، ص 99.

[15] ولا يخفي ما في هذا من البطلان والمخالفة لمنهج أهل السُّنة والجماعة، وإلا فما الفائدة من إرسال الرسل، وإنزال الكتب؟!

[16] تأويلاً يفضي إلى نفْي الصفة؛ بحيث لا يثبت إلا لازم الصفة؛ كقولهم: المراد بالرحمة الإنعام مثلاً، والإنعام ليس هو الصفة؛ وإنما هو لازم الصفة، وهكذا في جميع الصفات الخبرية والفعلية.

[17] ومن ذلك تأثُّر متأخري الأشاعرة بفكْر المعتزلة، وآراء الفلاسفة، كما يلاحَظ ذلك لدى الرازي والآمدي وأمثالهما ممن وقعوا في التفريق بين الصفات دون مبرر.

[18] "الإنصاف": 45-46، بهوامش الكوثري، "الإرشاد": 187-203، "أصول الدين": 133، "نهاية الإقدام": 77، "المواقف": 311، "شفاء العليل" 259-261 وغيرها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (1 / 6)
  • البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (3 / 6)
  • البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (4 / 6)
  • كتاب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني (ت 852هـ / 1361م)
  • الرد على الذين يكفرون الأشاعرة
  • نشأة الأشاعرة وتأثرها بالفرق الأخرى: معلومات ووقفات

مختارات من الشبكة

  • البدور السافرة في نفي انتساب ابن حجر إلى الأشاعرة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ترجمة البدر السابع من البدور السبعة ( علي الكسائي ) وراوييه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة البدور السافرة في أحوال الآخرة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة البدور السافرة في علوم الآخرة (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة البدور السافرة في أمور الآخرة (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة البدور السافرة في أمور الآخرة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • وصف البدر وأحواله في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة شرح ابن بدرون(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • البدور المنيرة في ثلاثيات مسند أبي هريرة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أرجوزة ضوء البدر في نظم أسماء الصحابة من أهل بدر رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب