• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الفرقان في بيان حكم ذوي الموانع والأعذار من مس آيات القرآن

أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/10/2010 ميلادي - 5/11/1431 هجري

الزيارات: 22199

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفرقان في بيان حكم ذوي الموانع والأعذار

من مس آيات القرآن

 

إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يهْدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾  [الأحزاب: 70 - 71].

 

أما بعد:

فإنَّ أصْدقَ الحديث كتابُ الله، وخيْر الهَدْيِ هديُ محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشر الأمور مُحْدَثاتها، وكل مُحْدَثة بِدْعة، وكل بِدْعة ضلالة.

 

وبعد:

هذه رِسالةٌ لطيفة بعنوان: "الفرقان في بيان حُكم ذوي الموانع والأعذار مِن مسِّ آيات القرآن"، كتبتُها لنفسي ولمَن أراد الاطلاعَ عليها من المسلمين، عمدتُ فيها إلى بيان المذهب الحقِّ في حُكم مسِّ المصحف مِن الحائض والجُنب والنُّفَساء وغير المتوضئ، هذه المسألة الشائكةُ التي طال الخلافُ فيها، معتمدًا في ذلك على نصوصِ الكتاب والسُّنة بفَهْم السَّلَف الصالح مِن علماء الأمَّة الأبرار.

 

واللهَ أسأل التوفيقَ إلى بيان الحق، وأن يجعلَها في ميزان حَسَناتي، يومَ لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاَّ مَن أتى الله بقلْب سليم.


خطة البحث

1- المقدِّمات:

• المقدِّمة الأولى: في بيان مَن هم ذوو الموانع والأعذار المشار إليهم في البحْث.

• المقدِّمة الثانية: المشترَك.

• المقدِّمة الثالثة: الأصْل في فَهْم الألفاظ الواردة في الشَّرْع.

• المقدِّمة الرابعة: جواز تقوية الأحاديث الضعيفة بِكَثْرة الطرق وشروطها.

2- البحْث.

3- ملخَّص البَحْث.

4- الفهارس.

 

المقدمات

المقدمة الأولى

بيان المعنى المراد مِن ذوي الأعذار في هذه المسألة

المقصود بذوي الموانع والأعذار في هذه المسألة: الكافِر، والجُنُب، والحائض، والنُّفَساء، وغير المتوضِّئ، وأُطلق عليهم هذا المسمَّى في هذا الموضِع؛ نظرًا لورودِ النصِّ مِن الكتاب والسنَّة والإجماع لمنْعِهم مِن أداء بعضِ العبادات كالصَّلاة، والصِّيام ونحو ذلك؛ لوقوع ما فات مِن الموانعِ والأعذار لهم.

 

لكن الخلاف وَقَع: هل هذه الموانعُ والأعذار المانعة مِن الصلاة وغيرها تَمنَع مِن مسِّ المصحف أم لا؟ وهو محلُّ البحْثِ في هذه الرِّسالة، وسيأتي بيانُ الصواب في ذلك - إنْ شاء الله.

 

تعريف المانع:

المانع في اللُّغة هو: الحاجز.

فيقال: مَنَع السَّدُّ النهرَ مِن التدفق؛ يعني: حجَز ماءَه من السير.

 

وفي الاصطلاح: ما يَلْزَم مِن وجوده العدم، ولا يلزم مِن عدمه وجودٌ ولا عدم لذاته.

كالحيْض: مانعٌ للمرأة مِن الصلاة، إذا وُجِد مُنِعتِ المرأة من الصلاة، أما إذا تَخلَّف وعُدِم، لا يلزم من ذلك وجودُ الحُكم - يعني: الصلاة.

 

تعريف العذر:

العذر في اللُّغة: رفع اللوم.

أما في الشَّرْع فله مَعانٍ متعدِّدةٌ، تختلف باختلاف الموضِع المستخدَم، وهو هنا:

أمرٌ - منصوص عليه - يطرأ فيَمْنَع الحُكم أو يُخفِّفه، ويزول المنعُ أو التخفيف بزواله، ويتحتَّمُ المنع أو التخفيف بوجوده.

 

تعريف الكافر:

هو كلُّ إنسان على غيْر مِلَّة الإسلام.

ويُطلَق لفظ الكفر على كلِّ عابد لغير الله، أو مِن يُشرِك معه غيرَه، سواء كان وثنيًّا أو كتابيًّا على حدٍّ سواء، وينصرف إلى الأوَّل فقط عندَ التقييد والاقتران.

 

تعريف المُحْدِث:

هو الذي انتقضتْ طهارته بناقضٍ مِن نواقضِ الطهارة.

 

والحَدَث حَدَثان:

أ- الحدث الأصغر: وهو انتقاضُ الطهارة بناقضٍ من نواقضِ الوضوء.

وهي:

• ما خرَج من السبيلين من بوْل، أو غائط، أو رِيح.

• مسُّ الذَّكَر.

• النوم المستغرق.

• زوال العَقْل.

 

ب- الحَدَث الأكْبر: وهو انتقاض الطهارة بناقض ٍيُوجِب الغُسل، كالجنابة، والحيض، ونزول دمِ النفاس عَقِبَ الولادة، والرِّدَّة.

 

تعريف الجُنُب:

في اللغة: البعيد؛ قال - تعالى -: ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 11].

وفي الشَّرْع: هو وَصْفٌ يَلْحَق كلَّ مَن أنزل ماءَ الشَّهْوة، سواء كان ذلك بقَصْد كالجِماع أو نحوه، أو بغيْر قَصْد كالاحتلام.

ويُطلَق هذا الاسمُ على الرجل والمرأة على السواء، وعلى الواحِد، وعلى جمْع النِّساء، وجمْع الرجال، وعلى الجمْع المختلط منهما[1].

فيُقال: رجل جُنُب، وامرأة جُنُب، ونِساء جُنُب، ورِجال جُنُب، وقوم جُنُب.

 

تعريف الحائض:

المقصود به: المرأةُ التي ينـزل مِن فرْجِها دمُ عادتها الشهريَّة.

وقد يُلحِق بعضُ أهل اللُّغة النُّفساءَ بالحائض؛ تشبيهًا لنـزول الدمِ مِن نفس الموضع، إلا أنَّ الشَّرْع قد فرَّق بينهما، فيجوز أن يُقال للحائض نفساء، كما قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعائشةَ لَمَّا حاضتْ وهو يُجامعها: ((أنفسْتِ؟))، والعكس لم يَرِد، والله أعلم.

والأصْل أن يُقال: امرأةٌ حائضة، كما يُقال: جالِسة، وقائمة، وساجدة، وحُذِفت تاء التأنيث من آخرِه؛ لأنَّه صفة مؤنث لا يُشارِكها فيها الرجل، فلا تحتاج إلى علامةِ التأنيث - التاء - خلاف: جالسة، وقائمة، وساجدة، لو حُذِفتْ منها التاء لصارتْ: جالس، وقائم، وساجِد، فينصرف إلى الرجل.

 

تعريف النفساء:

هي المرأة التي يَنزِل من فَرْجِها دمٌ يعقُب الولادة.

وسُمِّيتْ نفساء من النَّفْس، والنَّفْس الدم.

وليس للنِّفاس زمنٌ معيَّن يتوقَّف عندَه الدم؛ بل لكلِّ امرأة مُدَّة نفاس، كما أنَّ لكلِّ امرأة مدةَ حيض.

 

المقدمة الثانية

المشترك

المشترك: هو اللَّفْظ المستعمَل في معنيَيْن أو أكثر بأوْضاع متعدِّدة.

مثل لفظ "القرء" فهو مُشْتَرك بين الطُّهْر والحيْض، ويُطلَق على كلٍّ منهما.

وكذا لفظ "المولى" فهو مُشْتَرك بين العَبْد والسيِّد.

ولفظ "العين" لفظ مشترك بيْن: الباصِرة، والجاسوس، والسِّلعة، وحقيقة الشيء، وعيْن الماء.

وقد وقَع اختلافٌ كبير بين الأصوليِّين في حُكم "المشترك".

 

والمشهور أنَّ مذهب الحنفية، والحنابلة، وبعض الأصوليِّين من الشافعية أنَّ اللفظ المُشترَكَ يمتنع أن يُراد به معنًى واحدٌ من تلك المعاني حيث يُستعمل، ولا بدَّ مِن دليل يدلُّ على تعيينه خارجٍ عن نفس اللفظ، فإنْ تعذَّر تعيينُ معناه، فحُكمه التوقُّفُ فيه، ويكون عندئذٍ من قبيل (المُجْمَل).

 

وخالَف الشافعيُّ وجمهور أصحابه، والمالكية، فقالوا بعمومِ (المشترك) في جميعِ معانيه إذا لم يَمنعْ من ذلك مانِع.

وهذا الأخير رجَّحه شيخُ الإسلام ابن تيمية؛ بل وقال: إنَّه مذهبُ الأئمَّة الأربعة.

قال العلاَّمة الشنقيطي - رحمه الله - في "أضواء البيان" (2/15): "مع أن التحقيق جواز حمْل المُشْتَرك على معنييه، كما حقَّقه الشيخ تقيُّ الدِّين أبو العباس ابن تيميَّة - رحمه الله - في رسالته في علومِ القرآن[2]، وحرَّر أنَّه هو الصحيح في مذاهب الأئمَّة الأربعة - رحمهم الله"؛ ا.هـ.

 

قال شيْخ الإسلام - رحمه الله - حالَ كلامه على أسباب تنازُع الناس في الموضِع المشار إليه في "مجموع الفتاوى" (13/ 341): "ومِن التنازع الموجود عنهم: ما يكون اللفظُ فيه محتملاً للأمرين؛ إمَّا لكونه مشتركًا في اللُّغة، كلفظ "قسورة" الذي يُراد به الرامي، ويُراد به الأسد، ولفظ "عسعس" الذي يُراد به إقبالُ الليل وإدبارُه.

 

وإما لكونه متواطئًا في الأصْل، لكن المراد به أحدُ النوعين، أو أحدُ الشيئين كالضمائر في قوله: ﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ [النجم: 8 - 9]، وكلفظ: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر ﴾ [الفجر: 1 - 3]، وما أشبه ذلك.

 

فمِثل هذا قد يجوز أنْ يُرادَ به كلُّ المعاني التي قالها السَّلَف، وقد لا يجوز ذلك، فالأول إمَّا لكون الآية نزلَتْ مرَّتَيْن، فأريد بها هذا تارة، وهذا تارة، وإما لكون اللفْظ المُشترَك يجوز أن يُرادَ به معنياه؛ إذ قد جوَّز ذلك أكثرُ الفقهاء المالكية، والشافعية، والحنبلية، وكثيرٌ من أهل الكلام، وإمَّا لكون اللفظ متواطئًا، فيكون عامًّا إذا لم يكن لتخصيصِه مُوجِب، فهذا النَّوْع إذا صحَّ فيه القولان كان مِن الصِّنف الثاني"؛ ا.هـ.

 

وقال العلاَّمة محمَّد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في شرْحه لـ"مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير" (ص: 35): "ثم إنَّه تعرَّض - المؤلِّف رحمه الله - إلى أنَّ المشترك هل يجوز به أن يُراد المعنيان؟ والصواب: أنه يجوز إذا لم يتنافيَا، مثل ما مرَّ في "قسورة"، يجوز أن يُراد به المعنيان، ويكون كلُّ معنًى كالمثال، يكون المراد بقوله: ﴿ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾ [المدثر: 51]؛ أي: مِن الرامي، فهُم كالحُمُر الوحشية إذا رأتِ الرامي، أو المراد به: الأسد، فَهُم كالحُمُر الأهلية إذا رأتِ الأسد فرَّتْ؛ لأنَّه ما عندنا قرينةٌ تؤيِّد أحدَ المعنيين، واللفظ صالِح لهما، ولا مناقضةَ بينهما.

 

أمَّا لو كان بينهما مناقضةٌ، فإنَّه لا يمكن أن يُراد المعنيان، مثل: "القُرْء" بمعنى الطُّهر، وبمعنى الحيض، هل يمكن أن نقول: صالح للمعنيين جميعًا؟ لا، لماذا؟ لأنه يختلف الحُكم، ما يمكن أن يجتمعَا"؛ ا.هـ.

 

قلت: وهذا هو الصوابُ في المسألة، لا الرد المطلَق ولا القبول المطلق؛ وإنما يحمل على معنيين أو أكثر - كما قال العلاَّمة ابن العثيمين - عندَ عدم وجود قرينة تدلُّ على المعنى المراد، وأن يكون اللفظُ صالحًا لهما، ولا مناقضةَ بينهما.

 

المقدمة الثالثة

الأصل في فهم الألفاظ الواردة في الشرع

القرآن نزَلَ بلسانٍ عربي مُبِين معجِز، وجاء به نبيٌّ عربي أُوتي جوامعَ الكَلِم؛ بل هو أفصحُ مَن نطق بالضاد، ومع ذلك نقَل الكتابُ والسنَّة ألفاظًا كثيرة عن معناها اللُّغوي، فصار لها معنًى لغوي، ومعنًى شرعي.

واللفظ الشرعي قد يكون مساويًا لأصْل الوضْعِ في اللغة - وهو الغالب - مثل لفظ: الرجس.

حيث إنَّ الأصْلَ في الخِطاب الشرعي أن يكون مساويًا للوضع اللُّغوي، حتى يكون مفهومًا لدَى المخاطَبين به.

قال الله - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾  [إبراهيم: 4].

وقد يكون زائدًا عن معناه في اللُّغة، مثل لفظ: "الصلاة"، فإنَّها في أصل الوضع اللغوي تعني: مُطْلَق الدعاء؛ قال - تعالى -: ﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 103]؛ يعني: دعاءك، ولا بدَّ مِن دليل على ذلك.

 

عن أبي هُرَيرَة: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أتدْرون ما المُفْلِس؟)) قالوا: المُفْلِس فينا مَن لا درهمَ له ولا متاع، فقال: ((إنَّ المفلس مِن أمَّتي يأتي يومَ القِيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شَتَم هذا، وقَذَف هذا، وأَكَل مالَ هذا، وسَفَك دَمَ هذا، وضَرَب هذا، فيُعْطَى هذا مِن حسناته، وهذا مِن حسناته، فإنْ فَنِيتْ حسناتُه قبلَ أن يُقضَى ما عليه، أُخِذ مِن خطاياهم فطُرِحتْ عليه، ثم طُرِح في النار))؛ أخرجه مسلم[3].

 

وقد يقلُّ اللفْظُ الشرعي عن المعنى الموضوع له في اللغة، كلفظ "الصيام"، فهو في اللُّغة: مُطلَق الإمساك؛ قال - تعالى -: ﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾ [مريم: 26].

ويُقال للفَرَس الممسك عن الجَرْي: فَرَس صيام.

أمَّا في الشَّرْع، فهو: إمساك مخصوص عنِ الأكل، والشُّرْب، والجِماع، وكافة المفطِّرات، من الفجْر إلى المغرِب.

والأصْل هو حمْل اللفظ على معناه الشرعي، فمَتَى ثبت للفظ معنى زائد أو أقل في الشَّرْع، وجَبَ الأخذُ به دون غيره.

 

قال شيْخُ الإسلامِ ابنُ تيمية - رحمه الله - في "مجموع الفتاوى" (19/ 236): "والاسم إذا بيَّن النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حدَّ مسمَّاه، لم يلزمْ أن يكون قد نقَلَه عن اللُّغة أو زاد فيه؛ بل المقصود أنَّه عرف مراده بتعريفه هو - صلَّى الله عليه وسلَّم - كيفما كان الأمر، فإنَّ هذا هو المقصود.

 

وهذا كاسمِ الخمْر، فإنَّه بيَّن أنَّ كلَّ مُسكِر خمر، فعُرِف المراد بالقرآن، وسواء كانتِ العرب قبل ذلك تُطلق لفظ الخمْر على كلِّ مسكر، أو تخصُّ به عصيرَ العنب، لا يحتاج إلى ذلك؛ إذ المطلوب معرِفةُ ما أراد الله ورسوله بهذا الاسم، وهذا قد عُرِف ببيان الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم". ا.هـ.

 

وقال في "مجموع الفتاوى" (7/286): "وممَّا يَنبغي أن يُعلم أنَّ الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عُرِف تفسيرها، وما أُريد بها من جِهة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يُحتجْ في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللُّغة ولا غيرهم"؛ ا.هـ.

 

وقال العلاَّمة ابن قَيِّم الجوزية في "إعلام الموقعين" (1/266): "ومعلومٌ أنَّ الله - سبحانه - حدَّ لعباده حدودَ الحلال والحرام بكلامه، وذمَّ مَن لم يعلم حدودَ ما أنزل الله على رسوله، والذي أنزله هو كلامُه، فحدود ما أنزل الله هو الوقوفُ عن حدِّ الاسم الذي علَّق عليه الحِلَّ والحُرْمة"؛ ا.هـ.

 

المقدمة الرابعة

جواز تقوية الأحاديث الضعيفة

بكثرة الطرق وشروطها

قال شيْخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - في "مجموع الفتاوى" (18/26): "إنَّ تعدُّدَ الطُّرق وكثرتها يُقوِّي بعضُها بعضًا، حتى قد يحصُل العلمُ بها، ولو كان الناقلون فجَّارًا فسَّاقًا، فكيف إذا كانوا عدولاً، ولكن كثُر في حديثهم الغَلَط؟!"؛ ا.هـ.

 

قال الحافظُ ابن رجب - رحمه الله - في "شرْح علل الترمذي" (2/606):  "الحديث الذي يَرويه الثِّقة العَدْل، ومن كثُر غلطه، ومَن يغلب على حديثه الوَهم، إذا لم يكن أحدٌ منهم متهمًا - كلُّه حَسنٌ، بشرْط ألاَّ يكون شاذًّا، مخالفًا للأحاديث الصحيحة، وبشرْط أن يكون معناه قد رُوِي من وجوه متعدِّدة"؛ ا.هـ.

 

وقال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" (ص: 89): "في روايةِ هذا الحديث مَن لا يُعرفْ حاله، إلا أنَّ كثرةَ الطرق إذا اختلفت المخارِج تَزيد المتنَ قُوَّة، والله أعلم"؛ ا.هـ.

 

وقال السخاوي - رحمه الله - في "فتح المغيث" (1/81): "كلَّما كثُر المتابِع قُوِي الظن، كما في أفراد المتواتر، فإنَّ أولها من رواية الأفراد، ثم لا يزال يكثُر إلى أن يقطع بصِدق المروي، ولا يستطيع سامعُه أن يدفع ذلك عن نفْسه"؛ ا.هـ.

 

وقال في (1/167): "القوة إنما حصلتْ مِن هيئة الاجتماع؛ إذ بانضمامِ أحدهما إلى الآخَرِ قَوِيَ الظنُّ بأنَّ له أصلاً، كما تقدَّم في تقرير الحَسَن لغيره: أنَّ الضعيف الذي ضعْفُه مِن جهة قلَّة حفظ راويه، أو كثرة غلطه، لا مِن جهة اتِّهامه بالكذب، إذا رُوِي بسند آخَر نظيره في الرواية، ارْتقَى إلى درجة الحَسَن؛ لأنَّه يزول عنه حينئذٍ ما يُخاف من سوء حِفْظ الراوي، ويعتضد كلٌّ منهما بالآخَر"؛ اهـ.

 

إذًا: الصُّورة الجماعيَّة تزيل الضعف، بشروط:

• كثرة الطُّرق.

• أن يكون الضعف يسيرًا.

 

ومثال الضعْف اليسير: الإرْسال، سوء الحفظ، ونحو ذلك.

• تغيُّر المخرَج.

• ألاَّ يكون شاذًّا.

 

البحث

اختلف العُلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

• منهم مَن قال بالمنْع مطلقًا.

• ومنهم من قال بالجواز مطلقًا.

• ومنهم مَن فصَّل المسألة.

 

وسأبدأ في استعراضِ أقوال كلِّ مذهب حسبَ الترتيب الفائت:

القول الأول: وهو قوْل مَن قال بمنْع مسِّ آيات القرآن لغيْر الطاهر مطلقًا:

واستدلَّ أصحابُ هذا المذهب على قولهم بعدَّة أدلَّة، منها:

1- قول الله - تعالى -: ﴿ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79].

2- عن عبدالله بن أبي بكْر بن حزْم أنَّ في الكتاب الذي كتَبَه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعمرو بن حزْم: ((ألاَّ يمسَّ القرآنَ إلا طاهِرٌ)).

3- عن ابن عمرَ قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يمسَّ القرآن إلا طاهر)).

4- عن حكيم بن حِزام، قال: لَمَّا بعثَني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى اليمن، قال: ((لا تمسَّ القرآن إلاَّ وأنت طاهر)).

5- مِن حديث عثمانَ بن أبي العاص.

6- ومِن حديث ثوبان.

7- ومِن حديث سلمان موقوفًا عليه.

8- وكذا قاسوه على الطواف بالكعبة، فهو يُشترط له الطهارةُ؛ لكون الكعبة أشرفَ بناء، وكذلك المصحَف، فهو أشرفُ كلام، فلا يَنبغي أن يقرأه إلا متطهِّر.

 

رَدَّ المبيحون على أدلَّة المانعين من وجهين:

1- منع الاستدلال بالآية: ﴿ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]؛ لأنَّ الصحيح في الآية أنَّ المراد بها: الصُّحُف التي بأيدي الملائكة؛ لوجوهٍ عديدة، منها:

• أنَّه وصفَه بأنه "مكنون"، والمكنون: المستور عن العيون، وهذا إنَّما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة، لا الظاهر المعاين بيْن الناس.

• ومنها: أنَّه قال: ﴿ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]، وهم: الملائكة، ولو أراد المتوضِّئين، لقال: "لا يمسه إلا المُتَطهِّرون"، كما قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].

فالملائكةُ مطهَّرون لكون النجاسةِ والأحداث لا تطرأ عليهم بحال، والمؤمنون متطهِّرون؛ لأنَّهم يكتسبون صفةَ الطهارة بالغسل ونحْوه[4].

• ومنها: أنَّ هذا إخبار، ولو كان نهيًا لقال: لا يمسسْه بالجزم، والأصْل في الخبر: أن يكون خبرًا صورةً ومعنًى، فلو كان الخبر بأنَّ الكتاب الذي بيْن أيدينا لا يمسه إلا المطهرون، ما جاز أن يَقَعَ ولو لمرَّةٍ مسُّه من غير مطهَّر؛ لأنَّ المخبِر بذلك هو الله، ومَن أصدق مِن الله قيلاً؟!

ولو قيل: إنَّه خبر يُراد به الإنشاءُ، لقلنا: أيْنَ الدليل على ذلك؟ فكلُّ خبَر الأصلُ فيه أنَّه يُراد به الإخبار، فإنْ أريد به الإنشاء لا بدَّ لذلك من قرائن، فإذا انعدمتِ القرائن انتفتِ الدعوة.

 

• ومنها: أنَّ هذه الآيةَ نزلتْ ردًّا على مَن قال: إنَّ الشيطان جاء بهذا القرآن، فأخْبَر - تعالى -: أنه في كتاب مكنون، لا تَناله الشياطين، ولا وصولَ لها إليه كما قال - تعالى - في آية الشعراء: ﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [الشعراء: 210 - 211]، وإنَّما تَطَّلِع عليه الأرواح المطهَّرة، وهم الملائكة.

 

• ومنها: أنَّ هذه الآية نظيرُ الآية التي في سورة عبس: ﴿ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 12 - 16].

قال مالك في موطَّئِه: أحسنُ ما سمعت في تفسير قوله: ﴿ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]، أنَّها مثلُ هذه الآية التي في سورة عبس.

 

• ومنها: أنَّ الآية مكيَّة مِن سورةٍ مكيَّة تتضمَّن تقريرَ التوحيد والنبوَّة والمعاد، وإثبات الصانع، والردَّ على الكفَّار، وهذا المعنى ألْيَق بالمقصود مِن فرْع عملي، وهو حُكْم مسِّ المُحدِث المصحف.

 

• ومنها: أنَّه لو أُريد بها الكتاب الذي بأيدي الناس: لم يكن في الإقْسام على ذلك بهذا القَسَم العظيم كثيرُ فائدة؛ إذ مِن المعلوم: أنَّ كلَّ كلام فهو قابلٌ لأنْ يكونَ في كتاب حقًّا أو باطلاً، بخلافِ ما إذا وقَع القَسَم على أنَّه في كتاب مصون مستور عن العيون عندَ الله لا يَصِلُ إليه شيطان، ولا ينال منه ولا يمسُّه إلا الأرواح الطاهِرة الزكية، فهذا المعنى ألْيقُ وأجلُّ، وأخلقُ بالآية، وأولى بلا شكٍّ.

 

2- منع الاستدلال بالأحاديث الواردة في الباب:

قال المبيحون: إنَّ أحاديثَ الباب كلَّها لا تخلو من ضعْف.

فردَّ عليهم المانعون بأنَّ آحادها ضعيف؛ ولكنَّها ترتقي جميعًا إلى الحسن على أقلِّ تقدير أو الصحَّة، بل بعضُها يصحُّ لذاته، وإليك تخريجَ الأحاديث المشار إليها، وبيانَ قوتها، والله المستعان.

 

1- حديث عبدالله بن أبي بكر بن حَزْم:

اختُلِف فيه على وجوه، قيل: إنَّ أقواها المرسَل الذي أخْرَجه مالكٌ في "الموطأ" (1/177).

ووصَله النسائيُّ وغيرُه، كما في "المجتبى" (8/60).

قال الحافظُ في "بلوغ المرام" (ص: 24)، ح 77: "رواه مالك مرسلاً، ووصَله النسائي وابنُ حبَّان، وهو معلول"؛ ا.هـ.

 

قلت: وسبب عِلَّته عندَ مَن أعلَّه: أنَّ المتصل منها ضعيف، فيه: سليمان بن أرْقمَ، وهو ضعيف جدًّا، وقد أخطأ بعضُ الرواة فسمَّاه سليمان بن داود، يعني: الخولاني، وهو ثقة، وبناء عليه توهَّم بعضُ العلماء صحَّتَه! وإنَّما هو ضعيف؛ مِن أجل ابن أرقم.

قلت: بل هو سليمان بن داود، والحديثُ صحيح.

قال العلامة الألباني - رحمه الله - في "إرواء الغليل 1/158: "وجدتُ حديث عمرو بن حزْم في كتاب "فوائد أبي شعيب" مِن رواية أبي الحسن محمَّد بن أحمد الزعفراني، وهو مِن رِواية سليمان بن داود الذي سبَق ذِكْرُه؛ ثم روَى عن البغوي أنَّه قال: "سمعتُ أحمد بن حنبل وسُئِل عن هذا الحديث فقال: أرجو أن يكون صحيحًا"؛ ا.هـ.

 

2- حديث حكيم بن حِزام:

أخرَجه الطبرانيُّ في "المعجم الكبير" (3/229) ح 2135، وفي "المعجم الأوسط" (4/10) ح 3305، والدارقطني في "السنن" (1/122)، والحاكم في "المستدرك" (3/485).

في إسْناده مطر بن طَهْمانَ الوراق، وسُوَيد - وهو ابن إبراهيم الجَحْدري - أبو حاتم الحنَّاط، وكلاهما ضعيف.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/276): "فيه سُوَيد أبو حاتم: ضعفه النسائي وابن معين في رواية، ووثَّقه في رواية، وقال أبو زُرْعة: ليس بالقوي، حديثُه حديثُ الصدق"؛ ا.هـ.

قلت: وفاتَه مطر الورَّاق، وحالُه قريبٌ من سويد؛ قال الصنعاني في "سبل السلام" (1/279): "في إسناده مقال"؛ ا.هـ.

 

3- حديث ابن عمر:

أخرَجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/313) ح 13217، وفي "المعجم الصغير" (2/408) ح 1133.

في إسناده سعيدُ بن محمَّد بن ثواب: مجهول، وابن جُرَيج مدلِّس، وقد عَنْعَنه.

 

4- حديث عثمان بن أبي العاص:

قال العلاَّمة الألباني في "إرواء الغليل" (1/160): "وأمَّا حديث عثمانَ بن أبي العاص، فرواه الطبرانيُّ في "الكبير" (3/5/2)، وابن أبي داود في "المصاحف" (ج5/12/2) من طريق إسماعيل بن رافِع.

قال الأوَّل: عن مُحمَّد بن سعيد بن عبدالملِك، عن المغيرةِ بن شُعْبة، وقال الآخَرُ: عنِ القاسم بن أبي بَزَّة؛ ثم اتَّفَقا - عن عثمانَ بن أبي العاص به.

وقال الحافظُ: "في إسنادِ ابن أبي داود انقطاعٌ، وفي روايةِ الطبراني مَن لا يُعرَف"؛ ا.هـ.

قلت: بل في كلاَ الإسنادَيْن إسماعيل بن رافع، وهو ضعيفُ الحِفْظ، كما قال الحافظُ نفسُه في "التقريب"، فهو علَّة هذا الإسناد، وإنْ كان اختُلِف عليه فيه كما رأيت، وبه أعلَّه الهيثميُّ، فقال: "وفيه إسماعيل بن رافِع؛ ضَعَّفه ابنُ معين والنَّسائي، وقال البخاريُّ: ثِقَة، مقارب الحديث"؛ ا.هـ.

قلتُ: ومجموع هذه الأحاديث يرْتَقِي في أقلِّ أحواله إلى الحُسْن؛ بل ورقَّاها العلامة الألباني - رحمه الله - إلى مرتبة الصحة[5].

 

قال المبيحون: وعلى قوْل مَن قال: إنها ترتقي إلى مرتبة الصحَّة أو الحُسْن، يبقَى أنَّ المشكلة ليستْ في قوَّتها أو ضعْفها فحسْبُ، وإنَّما الأمر فيها متوقِّف أيضًا على دلالة ألفاظها، والمراد من لفظ "طاهر" الوارد فيها.

 

قال الشوكاني - رحمه الله - في "نيل الأوطار" (1/259): "والحديث يدلُّ على أنَّه لا يجوز مسُّ المصحف إلا لمن كان طاهرًا، ولكن الطاهِر يُطلَق بالاشتراك على المؤمِن، والطاهر من الحَدَث الأكبر والأصغر، ومَن ليس على بدنه نجاسة، ويدلُّ لإطلاقه على الأول قوْلُ الله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة: 28]، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأبي هُرَيرة: ((المُؤمِن لا يَنجُس)).

وعلى الثاني: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6].

وعلى الثالث: قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - في المسح على الخفين: ((دَعْهما؛ فإنِّي أدخلتهما طاهرتين))[6].

وعلى الرابع: الإجماعُ على أنَّ الشيءَ الذي ليس عليه نجاسةٌ حِسيَّة ولا حُكْمية، يُسمَّى طاهرًا"؛ ا.هـ.

 

قال المبيحون: معنا دليلٌ مُرجِّح يقصر لفظ الطاهِر على المؤمن:

عن أبي هُرَيرةَ: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَقِيه في بعضِ طريق المدينة وهو جُنُب، فانخَنَس منه، فذهَب فاغْتَسل، ثم جاء، فقال: ((أيْن كنتَ يا أبا هُرَيرة؟)) قال: كنت جُنُبًا، فكرهتُ أن أجالسَك وأنا على غيْر طهارة، فقال: ((سبحان الله! إنَّ المؤمِنَ لا يَنجُس))[7].

 

وعن حُذَيفة أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لقِيَه وهو جُنُب، فحادَ عنه، فاغْتسل ثم جاء، فقال: كنتُ جنبًا، قال: ((إنَّ المسلِم لا ينجُس))[8].

 

وبالمفهومِ يكون طاهرًا أبدًا مع ما يعرِض له من حَدَث أكبر وأصغر، فلا يبقَى إلا الطهارة المعنويَّة؛ لقوله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة: 28]، فهُم أنجاسٌ نجاسةً لا يرفعها الماء ولا الغسل ولا الوضوء، ألاَ وهي نجاسةُ الاعتقاد.

 

قلت: وهذا يُردُّ عليه بما يلي:

قال الزيلعي "نصب الراية" 1/190:

"والطهارة إذا أُطْلِقت إنما يُراد بها الطهارةُ الكاملة"؛ ا.هـ.

 

قلت: يعني طهارة الاعتقاد، وطهارة البَدَن، وإنْ أريد غير ذلك لا بدَّ مِن وجود قرائن وحُجج على ذلك، وإلاَّ فلا.

قال العلاَّمة ابنُ عثيمين - رحمه الله - في "الشرح الممتع" (1/221): "وكنتُ في هذه المسألة أميل إلى قوْل الظاهرية، لكن لما تأمَّلتُ قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يمس القرآن إلا طاهر))، والطاهر يُطلَق على الطاهر من الحَدَث الأصغر والأكبر؛ لقوله - تعالى -: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ﴾ [المائدة: 6]، ولم يكن من عادةِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يُعبِّر عن المؤمن بالطاهِر؛ لأنَّ وصفَه بالإيمان أبلغ، تبيَّن لي أنه لا يجوز أن يمسَّ القرآنَ مَن كان مُحْدِثًا حدثًا أصغر، أو أكبر، والذي أرْكنُ إليه حديث عمرو بن حزْم، والقياس الذي استدلَّ به على رأي الجمهور فيه ضعْف، ولا يقوَى للاستدلال به، وإنما العُمدة على حديث عمرو بن حزْم.

 

وقد يقول قائل: إنَّ كتاب عمرو بن حزم كُتِب إلى أهل اليمن، ولم يكونوا مسلمين في ذلك الوقت، فكونه لغيرِ المسلمين يكون قرينةً أنَّ المراد بالطاهِر هو المؤمن.

وجوابه: أنَّ التعبيرَ الكثير من قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يُعلِّق الشيء بالإيمان، وما الذي يَمْنَعه من أنْ يقول: لا يمس القرآن إلا مؤمِن، مع أنَّ هذا واضِح بيِّن.

فالذي تقرَّر عندي أخيرًا: أنه لا يجوز مسُّ المصحف إلا بوضوء"؛ ا.هـ[9].

 

ويقال للمُبيح: ما هو ردُّكم على قوله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6].

وقوله - تعالى -: ﴿ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].

وكذا في ما جاءَ في طلاقِ الحائض: عن عبدِالله بن عمر أنَّه قال: طلقتُ امرأتي وهي حائض، فذَكَر ذلك عمرُ للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتغيَّظ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم قال: ((مُرْه فليراجعها، حتى تحيض حيضةً أخرى مستقبلة سوى حيضتها التي طلَّقها فيها، فإنْ بدَا له أن يُطلِّقها فليطلقها طاهِرًا من حيضتها قبلَ أن يمسَّها، فذلك الطلاق للعِدَّة كما أمر الله))[10].

وما قولُكم في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - للمغيرة بن شُعْبة لما أراد نزْع الخفِّ من قدميه لما قام بصبِّ الوضوء عليه: ((دعْهما؛ فإنِّي أدخلتهما طاهرتيْن))؟[11]

 

إذًا: لفظ الطهارة يُطلَق على رفْع الحدَث الأكبر والأصغر.

وقد ردَّ داود الظاهري على هذا الأخير بقوله: إذا لم يكن على رِجْليه نجاسة عندَ اللبس جاز له المَسْح.

قلت: وقد دُفِع ذلك.

 

قال الحافظ في "فتح الباري" (1/370): "ومحصله: أنَّ الشافعي والجمهور حَمَلوا الطهارةَ على الشرعيَّة في الوضوء، فخالَفَهم داودُ، فقال: إذا لم يكن على رِجْليه نجاسةٌ عند اللبس جاز له المسْح، ولو تيمَّم ثم لبسها لم يُبحْ له عندهم؛ لأنَّ التيمم مبيحٌ لا رافع.

والحديث حُجَّة عليه؛ لأنَّه جعَل الطهارة قبل لبس الخفِّ شرْطًا لجواز المسْح، والمعلَّق بشَرْط لا يصحُّ إلا بوجودِ ذلك الشَّرْط"؛ ا.هـ.

 

قال العظيم آبادي في "عون المعبود" (1/384): "وأمَّا قراءة المُحْدِث في المصحف ومسُّه، فلا يجوز إلا بطهارةٍ؛ لحديثٍ رواه الأثرم والدارقطني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزْم، عن أبيه، عن جَدِّه أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كتَب إلى أهل اليمن كتابًا، وكان فيه: ((لا يمس القرآنَ إلا طاهِر))، وأخرَجه مالك في الموطَّأ مرسلاً عن عبدِالله بن محمَّد بن عمرو بن حزْم: أنَّ في الكتاب الذي كتبه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعمرو بن حزْم: ((ألا يمس القرآنَ إلا طاهِر)).

 

وأخْرَج الدارقطنيُّ والحاكم، والبيهقي في "الخلافيات"، والطبراني من حديثِ حكيم بن حزام قال: "لَمَّا بعَثَني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى اليمن قال: ((لا تمسَّ القرآنَ إلاَّ وأنت طاهِر)).

وفي إسناده سويد أبو حاتم، وهو ضعيف.

وذكَر الطبرانيُّ في الأوسط أنه تفرَّد به، وحسَّن الحازميُّ إسنادَه.

وقد ضعَّف النوويُّ وابن كثير في إرْشاده وابنُ حزْم حديثَ حكيم بن حِزام، وحديثَ عمرو بن حزْم جميعًا.

وفي الباب عن ابن عمرَ: عند الدارقطني والطبراني؛ قال الحافظ: إسنادُه لا بأسَ به، لكن فيه سليمان الأشدق، وهو مختلَف فيه؛ رواه عن سالِم عن أبيه عن ابن عمر.

 

قال صاحبُ المنتقى وابنُ حجر: ذكَر الأثرم أنَّ أحمد بن حنبل احتجَّ بحديث ابن عمر، وأخرَج نحوَه الطبرانيُّ عن عثمان بن العاص، وفيه مَن لا يُعْرَف، وأخرَج ابن أبي داود في المصاحِف، وفي سنده انقطاع.

وفي الباب عن ثوبانَ، أوْرَده عليُّ بن عبدالعزيز في منتخَب مسنده، وفي سنده حُصَيب بن جَحْدر، وهو متروك.

وروى الدارقطني في قصَّة إسلام عمر أنَّ أخته قالت له قبل أن يُسلِم: إنَّه رجس، ولا يمسه إلا المطهَّرون، وفي إسناده مقال.

وفيه عن سلمانَ موقوفًا؛ أخرجَه الدارقطنيُّ والحاكم.

 

وكتاب عمرو بن حزْم تلقاه الناس بالقَبول؛ قال ابن عبدالبر: إنه أشبه المتواتر؛ لتلقي الناس له بالقبول. وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم كتابًا أصحَّ من هذا الكتاب، فإنَّ أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتابعين يَرْجعون إليه، ويَدَعون رأيَهم.

 

وقال الحاكم: قد شَهِد عمر بن عبدالعزيز والزُّهْري لهذا الكتاب بالصحَّة.

كذا في التلخيص والنَّيْل.

 

وهذه كلها تدلُّ على أنَّه لا يجوز مسُّ المصحف إلا لمن كان طاهرًا، والمُحْدث بحدث أصغرَ أيضًا غير طاهر مِن وجه، كما يدلُّ عليه قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فإنِّي أدخلتهما طاهرتين))، فعَلَى المحدث بالحَدَث الأصغر ألا يمسَّ القرآن إلا بالوضوء.

 

قال الشوكانيُّ: وأمَّا المحدِث حدثًا أصغر فذَهَب ابنُ عباس والشعبي، والضحَّاك وزيد بن علي، وداود الظاهري، إلى أنَّه يجوز له مسُّ المصحف، وقال أكثرُ الفقهاء: لا يجوز؛ انتهى، والله تعالى أعلم"؛ ا.هـ.

 

وقال المباركفوريُّ في "تحفة الأحوذي" (1/387) بعد أن ذَكَر كلامَ الشوكاني برُمَّته في "نيل الأوطار"، والذي تعرَّض فيه لأحاديث الباب: "قلتُ: القول الراجح عندي قولُ أكثرِ الفقهاء، وهو الذي يقتضيه تعظيمُ القرآن وإكرامه، والمتبادر مِن لفْظِ الطاهر في هذا الحديث هو المتوضِّئ، وهو الفَرْد الكامل للطهارة، والله تعالى أعلم.

 

وقال القاري في شرح قوله: ((لا يمس القرآنَ إلا طاهِر))، ما لفظه: بخلاف غيرِه كالجُنُب والمُحْدِث، فإنَّه ليس له أن يمسَّه إلا بغلاف متجاف، وكُرِه بالْكُمِّ.

 

قال الطِّيبي: بيانٌ لقوله - تعالى -: ﴿ لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]؛ فإنَّ الضمير إمَّا للقرآن، والمراد نهيُ الناس عن مسِّه إلا على الطهارة، وإما للَّوح و(لا) نافية، ومعنى المطهَّرون الملائكة؛ فإنَّ الحديث كشَفَ أنَّ المراد هو الأوَّل، ويعضده مدحُ القرآن بالكرم، وبكونه ثابتًا في اللَّوْح المحفوظ، فيكون الحُكم بكونه لا يمسُّه مرتبًا على الوصفين المتناسبين للقرآن؛ انتهى ما في المرقاة"؛ ا.هـ.

 

وقال العلاَّمة ابنُ القيِّم - رحمه الله - في "التفسير القيم" (ص: 482): "سمعتُ شيخَ الإسلام ابن تيمية - قدَّس الله رُوحَه - يقول: لكن تدلُّ الآية - يعني: ﴿ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79] - بإشارتها على أنَّه لا يمس المصحفَ إلا طاهر؛ لأنَّه إذا كانتْ تلك الصحف لا يمسُّها إلا المطهَّرون لكرامتِها على الله، فهذه الصُّحُف أوْلى ألا يمسَّها إلا طاهر.

 

وسمعتُه يقول في قول النبيِّ: ((لا تدخُل الملائكة بيتًا فيه كَلْبٌ ولا صُورة)): إذا كانتِ الملائكة المخلوقون يَمْنَعها الكلبُ والصورة عن دخولِ البيت، فكيف تلج معرفة الله – عزَّ وجلَّ - ومحبَّته وحلاوة ذِكْره، والأنس بقُرْبه في قلْبٍ ممتلئ بكِلابِ الشهوات وصورها؟! فهذا مِن إشارة اللفظ الصحيحة.

 

ومن هذا: أنَّ طهارة الثوْب الطاهر والبدن إذا كانت شرطًا في صحَّةِ الصلاة والاعتداد بها، فإذا أخلَّ بها كانتْ فاسدةً، فكيف إذا كان القلبُ نَجِسًا، ولم يطهِّرْه صاحبُه؟ فكيف يعتدُّ له بصلاته، وإن أسقطتِ القضاء؟ وهل طهارة الظاهِرِ إلا تكميلٌ لطهارة الباطن؟

 

ومِن هذا: أنَّ استقبال القِبْلة في الصلاة شرْطٌ لصحَّتها، وهي بيْت الربِّ، فتوجُّهُ المصلِّي إليها ببدنه وقالبِه شرْط، فكيف تصحُّ صلاة من لم يتوجَّه بقلْبِه إلى ربِّ القِبلة والبَدَن، بل وجَّه بدنه إلى البيْت، ووجَّه قلْبه إلى غير ربِّ البيت.

وأمثال ذلك مِنَ الإشاراتِ الصحيحة التي لا تنال إلا بصفاءِ الباطِن، وصحَّة البصيرة، وحُسْن التأمُّل، والله أعلم"؛ ا.هـ.

 

أمَّا القول الثاني في هذه المسألة: فهو قوْل مَن قال بالجواز، وقد استدلَّ لذلك بعدَّة أدلَّة:

1- عدم ثبوت دليل للمخالِف.

2- وجود بعضِ الأدلَّة المبينة للفظ "طاهِر"، والمثبِتة للجواز.

3- أنَّ الأصل في الأشياء الإباحةُ ما لم يأتِ دليلٌ بالمنع.

 

وقد دفَع المانعون عدمَ ثبوت دليل للمنْع كما تقرَّر؛ حيث صحَّ حديث: ((لا يمس القرآنَ إلا طاهِر))، مِن جهة السَّنَد بمجموع طُرُقه، ومِن جهة الدَّلالة حيث ثبَت - كما مرَّ آنفًا - أنَّ لفظ "طاهِر" يشتمل على الطهارة الحِسيَّة، والطهارة المعنويَّة، فيكون معنى الحديث: لا يمس القرآن مشركٌ ولا مُحْدِث.

 

وعن سؤال المبيحين عن الأدلَّة التي بحوزتهم، وتصلح برهانًا للقوْل بالجواز، قالوا:

• حديث: ((إنَّ المؤمن لا ينجس)).

• وحديث الرسالة التي أرْسلها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى هِرَقل عظيم الرُّوم، وفيها بعضٌ من آيات القرآن الكريم: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64][12].

أمَّا وجهُ الاستدلال بالحديث الأوَّل: ((إنَّ المؤمن لا ينجس))، فهو أنَّ المؤمن طاهِرٌ في كلِّ أحواله؛ فيجوز له أن يمسَّ القرآن على كلِّ حال.

 

وقد ردَّ المانعون هذا القول، فقالوا: سبق الردُّ على هذا الحديث، وملخَّص الردِّ من وجهين:

• أنَّ هذا الحديث لا يَمنع التطهُّرَ حال مسِّ المصحَف ولا يعارضه، خاصَّة مع ثبوت أدلَّة وجوب الطهارة لمسِّ المصحف، حيث إنَّ إثبات الطهارة فيه للمؤمِن لم يمنعْ مِن اشتراط الطهارة للصَّلاة، والطواف بالبَيْت.

• أنَّ أدلَّة المنع هي التي تقضي على هذا الحديثِ في هذا الموضِع لا العكس.

واستدلُّوا من حديثِ هِرَقل بأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أرْسل ببعض القرآن إلى كافِر لا يهتمُّ بالطهارة البدنيَّة، فضلاً على أنَّه إذا فعَلها لم تُقْبل منه لمانع الكُفْر.

 

وقد ردَّ المانعون الاستدلال بحديث "هرقل" بأنَّ ما وصَل إليه ليس مصحفًا؛ بل آية وسط كلامٍ كثير، فصارتْ أقربَ إلى التفسير منها إلى المصحَف، وغاية ما يستدلُّ به هنا جوازُ إرْسال بعض الآيات لدعوةِ مَن يُرجَى إسلامه لا أكثر.

 

والأصل في المسألة:

عن عبدالله بن عمر عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه كان يَنهى أن يُسافر بالقرآنِ إلى أرْض العدوِّ؛ مخافةَ أن ينالَه العدوُّ[13].

فلمَّا كانت هناك مصلحةٌ مرجوَّة؛ نظرًا لكونهم أهلَ كتاب، أو يظنُّ فيهم الخير، أرْسل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بآية فيها الدعْوة، ورجاء الاتفاق على كلمةٍ سواءٍ.

وهذا الجمْع لا يَدْفعُه إلا مغالٍ، أو متعصِّب؛ نظرًا لأنَّ أدلَّة المنع أقوى، وأنَّ هذا الدليل محتمل، كما أنَّه قد تمَّ الجمْع، والجمْعُ أوْلى من الترجيح، وإعمال الأدلَّة أولى مِن إعمال البعض وإهمال البعض الآخَر.

 

أمَّا قولهم: إنَّ الأصلَ في الأشياء الإباحةُ ما لم يرد دليلٌ بالمنع، فهو مردودٌ بأنَّ هذه القاعدةَ تعمل عند عدم التكافؤ، أما وقد تكافأتِ الأدلة، أو تَرجَّح بعضُها على بعضٍ - كما هو الحال في مسألتنا هذه - فلا.

 

وثَمَّ وجهٌ آخر يجب أن ينظرَ إليه بعَيْن الاعتبار، وهو أنَّ الشرع الذي قرَّر أنَّ كلمة التوحيد تُكسب الإنسانَ الطهارةَ المعنويَّة، هو نفسه الذي قرَّر أنَّ الوضوءَ يُكسِب المسلمَ صفةً حُكمية يستطيع معها القيامَ بعبادات مخصوصة، وجعله شرْطَ صحة فيها، فلا تصحُّ هذه العبادات إلا بالْتزامه، إلا أنَّ المتأمل يجد أنَّ إطلاقَ لفظ الطهارة على مَن قال كلمةَ التوحيد هو أقربُ للمعنى اللُّغوي؛ حيثُ إنَّ قائلها قد تطهَّر مِن أدران الشِّرْك وأوساخه، أمَّا إطلاق لفْظ "الطاهر" على رافِع الحَدَث، ففيه بيانٌ لمعنى جديد أكثرَ شمولاً لم يكن متقررًا في المعنى اللُّغوي ابتداءً، وقد تَقرَّر في المقدمة الثالثة من مقدِّمات هذا البحْث أنَّ الشرع في باب "المشترك" يبيّن المراد منه في كلِّ موضع بحسب القرائن، والسياقات المختلفة التي يَرِد فيها، ولمَّا كان معنى "الطاهِر" مشتركًا بين عدَّة معانٍ كان الأخْذُ بالمعنى المبيّن - وهو الخلو من الحَدَث - هو الواجِب، خاصَّة وأنَّه فيه زيادةٌ على المعنى اللغوي؛ لذا وجَب التزام ما بيَّنه الشرع، وحمْل المعنى الآخر - المعنوي - على المعنى اللُّغوي.

 

وثَمَّ وجهٌ آخر معتبَر، وهو إمكانية الجمْع؛ حيث سبَق تحريرُ أنَّ اللفْظ المشترَك قد يُحْمَل على المعنيين بشروط، هي:

• عدم وجود قرينة تقْضِي لأحدِ المعنيَيْن على الآخَر.

• أن يكون اللفظُ صالحًا لهما، ولا مناقضة بينهما.

 

ولا مانعَ أنَّ اشتراط الطهارة الحسيَّة - الوضوء والغُسل - يدخُل فيه الطهارةُ المعنوية، حيث إنَّ الطهارة المعنوية شرْطُ صحَّة في الطهارة الحِسيَّة، وحيث إنَّ لفظ "طاهِر" يدخُل فيه رافع الحدثين الأصغر والأكبر، كما دلَّتِ الأدلَّة التي أوردناها آنفًا، جاز أن يُحمل لفظُ "طاهر" على اشتراطِ كِلا الطهارتين؛ حيث لا منافاةَ ولا تعارض، وحيث إنَّ التمسك بكونه مقتصرًا على الطهارة المعنويَّة يُخرِج المعنى الآخَر بغَيْر دليل مرجِّح، أو بلا مسوِّغ، أما حمْله على الطهارة الحِسيَّة فيشتمل على الطهارة المعنوية، وقد قرَّر أئمَّة الدِّين قاعدة جليلة، وهي: أنَّ العمل بأكثرِ عددٍ من الأدلَّة أوْلى مِن إعمال البعض وإهمال البعض.

 

أما إذا قَرَّر المخالِفُ الترجيحَ، فإنَّ ترجيح إطلاق لفْظ الطاهر على رافِع الحدَثَيْن الأصغر والأكبر، هو المعتبَر، وذلك مِن وجوه:

• أنَّ إطلاقَ لفْظ الطاهر على "المؤمن" هو المبقِي على الأصْل، أمَّا إطلاقه على المتوضِّئ فهو الناقِل؛ لأنَّ الأصل في الإنسان المسلِم والكافر، هو الطهارة الحِسيَّة كما نُقِل ذلك عن أغلب المذاهِب والعلماء، ولم يخالفْ في ذلك إلا أهلُ الظاهر، وقد أخْرَج النصُّ الكفَّارَ مِن الطهارة المعنويَّة - طهارة الاعتقاد - في قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة: 28]، ولا نِزاعَ في الطهارة الحِسيَّة بدليل إباحةِ نِكاح الكتابيات، وهُنَّ يلامسْنَ أزواجهنَّ مِن المسلمين، فلو كنَّ نجسات ما جازتْ ملامستهن، وبدليل أكْل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ممَّا صنَعَه له اليهود، ومِن جُبن النصارى الذي كان يأتي من الشام، وممَّا لا شك فيه أنَّ هذا الطعام كان يلامس أيدي الكثيرين مِن أهل الكتاب، فلو كانوا أنجاسًا نجاسةً حسيَّة ما جاز الأكْل ممَّا لامسوه، وما جاز نكاحهنَّ أصلاً.

أمَّا إطلاق لفْظ الطاهر على "رافع الحدَث" فهو الناقِل؛ لأنَّه بيَّن المراد مِن الطاهر، خلافًا للأول الذي يغلب عليه الإجمال، فأخْرَجه المعنى الثاني إلى حيِّز البيان.

 

• أنَّ قصر لفظ الطاهِر على رافِع الحدَث هو الحاظِر، وبقاءه على المؤمِن هو المبيح، والحاظِر يُقدَّم على المبيح.

 

أمَّا المذهب الثالِث - والذي يقول بالتفصيل - فلَهُم قولان:

فمِنهم من فرَّق بيْن الحائض والنفساء، وبيْن الجُنُب وغير المتوضِّئ، واستدلُّوا لذلك بأنَّ الجُنُب وغيْر المتوضئ يستطيعان إزالةَ الحَدَث بالوضوء والغُسْل، أمَّا الحائض والنفساء فالأمرُ صعْب، بل وعسير؛ لأنَّ أمرهما ليس بيدهما، كما أنَّ أمرهما قد يطول بما يَمْنَع المصلحة الراجِحة، وقد ينبني عليه حدوثُ مفسدة راجِحة، وخاصَّة لغيْر حَفَظة القرآن.

 

قلت: الحائض والنفساء يدخُلانِ في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يمس القرآنَ إلا طاهِر))، ولا يخرجان إلا بنصٍّ آخَرَ، فقد سبَق أن بينتُ أنَّ لفظ طاهِر أوسعُ في الشرع منه في اللُّغة، وأنه لا يشمل الحائض ولا الجنب، ولا النفساء، ولا غيْر المتوضئ، ولا غيْر المسلِم.

 

ومِنهم مَن قال بجواز مسِّ آيات القرآن إذا كان مشتملاً على تفسيرٍ مع آيات المصحف، أو كانتِ الآيات ضمنَ غيرها من الكلمات والجُمل البشريَّة: كالرسائل، والكتب العلميَّة.

قلت: وهو جائِز، وقد سبَق الإشارةُ إلى ذلك آنفًا لَمَّا تكلمْنا على حديث هِرَقل، فراجعْه.

ومنهم مَنِ اشترط حمْلَ المصحف بحائل.

قلت: والجلدة التي يُجلَّد بها المصحَفُ تُعدُّ حائلاً ما لم يُكْتب عليها آياتٌ مِنَ القرآن.

 

قال ابن العربي المالكي - رحمه الله - في "أحكام القرآن" (4/176): "واختلفت الرِّواية عن أبي حنيفة، فرُوي عنه أنه يمسه المُحْدِث، ورُوي عنه أنه يمس ظاهِرَه وحواشيَه وما لا مكتوب فيه"؛ ا.هـ.

 

وخلاصةُ القول: أنَّ لفظ طاهِر يشمل الطهارتَيْن: الحسية والمعنوية، فلا يجوز مسُّ آياتِ القرآن للمسلِم المُحْدِث؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يمس القرآنَ إلا طاهِر)).

 

وقد تَمَّ الفراغ من كتابة هذه الرِّسالة في يوم 10 رمضان سنة 1428هـ، الموافِق 21سبتمبر، سنة 2007م، يسَّر الله طبعَها، والنَّفْع بها، إنَّه نِعْمَ المولى، ونِعْمَ النصير.

 

الخلاصة:

لا يجوزُ مسُّ أوراق المصحَف بغيْر حائل - جلدة أو غِلاف ليس عليه آياتٌ قرآنية - لغير المتوضئ، ويجوز الإمساكُ بالمصحف المجلَّد - يعني: المعزول بيْن أوراقه وبشرةِ المُحْدِث بجلدة أو غِلاف - لأنَّ النهي عن مسِّ القرآن لا غيره، فإنْ قيل المراد: بالقرآن المصحَف، قلنا: وما المصحف؟ هو الوَرَق المشتمل على آيات القرآن؛ يعني: غير المشتمل لا يُعدُّ مِن المصحف، فإنْ قالوا: يأخذ الحُكم بالمجاورة، قلت: طالَما لم يُكْتَب عليه - يعني: الغِلاف - شيءٌ من القرآن أصبحَ حُكْمه حُكم الحائل، الذي أقرَّتْ أغلبُ المذاهب بجواز استعماله عندَ حمْل المصحف، والله أعلم.



[1] راجع: "النهاية في غريب الحديث"؛ ابن الأثير (1/ 302).

[2] يقصد الرسالة المسماة: "مقدمة في أصول التفسير"، وقد قمتُ بتحقيقها- يسَّر الله طبعها.

[3] في صحيحه: )كتاب البر والصلة/ باب: تحريم الظلم، ح: 59).

[4] قال الصنعاني في "سبل السلام" (1/ 278): "وأما قوله: ﴿ لاَ يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [سورة الواقعة: 79]، فالأوْضَح أنَّ الضمير للكتاب المكنون الذي سَبَق ذكرُه في صدْر الآية، وأنَّ "المطهرون" هم الملائكة"؛ ا.هـ.

وقال الشوكاني في: "فتح القدير" 5(/ 228): "قال الواحدي: أكثرُ المفسِّرين على أنَّ الضمير عائد إلى الكتاب المكنون؛ أي: لا يمس الكتاب المكنون إلا المطهَّرون، وهم الملائكة"؛ ا.هـ.

[5] قال العلامة الألباني - رحمه الله - كما في "إرواء الغليل" (1/ 158): "وجملة القول: أنَّ الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعْف، ولكنه ضعف يسير؛ إذ ليس في شيء منها مَن اتُّهِم بكذب، وإنما العلة الإرسال أو سوء الحِفْظ، ومن المقرَّر في "علم المصطلح": أنَّ الطرق يقوي بعضها بعضًا إذا لم يكن فيها متَّهم كما قرَّره: النووي في تقريبه، ثم السيوطي في شرْحه.

وعليه فالنفس تطمئنُّ لصحة هذا الحديث، لا سيَّما وقد احتجَّ به إمامُ السنة أحمد بن حنبل كما سبق، وصحَّحه أيضًا صاحبه الإمام إسحاق بن راهويه، فقد قال إسحاق المروزيُّ في "مسائل الإمام أحمد" (ص: 5): "قلت (يعني: لأحمد): هل يقرأ الرجل على غير وضوء؟ قال: نعم، ولكن لا يقرأ في المصاحِف ما لم يتوضَّأ.

قال إسحاق: كما قال؛ لِمَا صحَّ من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يمسّ القرآن إلا طاهر))، وكذلك فعَل أصحابُ النبي - عليه السلام - والتابعون".

قلت: وممَّا صحَّ في ذلك عن الصحابة ما رواه مصعبُ بن سعد بن أبي وقَّاص: أنه قال: كنتُ أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككتُ، فقال سعد: لعلَّك مسستَ ذَكرَك؟ قال: فقلت: نعم، فقال: قم فتوضَّأ، فقمتُ فتوضأت، ثم رجعتُ؛ رواه مالك (1/ 42) رقم (59)، وعنه البيهقي، سنده صحيح.

وبعدَ كتابة ما تقدَّم بزمن بعيد وجدتُ حديث عمرو بن حزم في كتاب "فوائد أبي شُعَيب" من رواية أبي الحسن محمد بن أحمد الزعفراني، وهو من رواية سليمان بن داود الذي سبق ذِكْرُه، ثم روى عن البغوي أنَّه قال: "سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن هذا الحديث فقال: أرجو أن يكون صحيحًا"؛ ا.هـ.

[6] متفق عليه، مِن حديث المغيرة بن شعبة.

أخرجَه البخاري في صحيحه: (كتاب الوضوء/ باب: إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان، ح206).

وفي: (كتاب اللباس/ باب: جبَّة الصوف في الغزو/ ح: 5799).

ومسلم في صحيحه: (كتاب الطهارة/ باب: المسح على الخفين/ ح79، 80).

[7] متفق عليه من حديث أبي هريرة.

أخرجَه البخاريُّ في صحيحه: (كتاب الغسل/ باب: عرق الجنب، وأن المسلم لا ينجس/ ح283).

وفي (كتاب الغسل/ باب: الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره/ ح284).

ومسلم في صحيحه: (كتاب الحيض/ باب: الدليل على أن المسلم لا ينجس/ ح115 مكرَّر).

[8] أخرجه مسلم في صحيحه: (كتاب الحيض/ باب: الدليل على أن المسلم لا ينجس/ ح116).

[9] وأنا كنت أعتقد مثل هذا، وكان كلام الشيخ هو أول ما حرَّك في قلبي إعادة البحث بتجرد في هذه المسألة - ولم أقصد بكلام الشيخ فتواه المجردة؛ ولكن قوة ما استدل به - والله الموفق إلى سواء السبيل.

[10] متفق عليه من حديث عبدالله بن عمر.

أخرجه البخاري في غير موضع من صحيحه، منها (كتاب تفسير القرآن/ باب: سورة الطلاق/ ح4908).

وفي: (كتاب الطلاق/ باب: قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1]/ ح5251).

ومسلم في صحيحه: (كتاب الطلاق/ باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها/ ح1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 14).

[11] سبق تخريجه.

[12] هذا جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه: (كتاب بدء الوحي/ باب: 6/ ح7).

من حديث أبي سفيان بن حرب - رضي الله عنه.

[13] متَّفق عليه، من حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما.

أخرجه البخاري في صحيحه: (كتاب الجهاد والسير/ باب: السفر بالمصاحف إلى أرض العدو/ ح2990).

ومسلم في صحيحه: (كتاب الإمارة/ باب: النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار/ 92، 93، 94).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صلاة أهل الأعذار

مختارات من الشبكة

  • من الكتب المؤلفة في سورة الفرقان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من وحي البيان تفسير لبعض سور القرآن التبيان في سورة الفرقان (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفرقان في بيان منزلة القرآن (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • برنامج آيات ( التوبة - الفرقان 36 -70 )(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الفرقان في بيان حقيقة التقارب والتعايش بين الفرق والأديان (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الفرقان في بيان حقيقة التقارب والتعايش بين الفرق والأديان (WORD)(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • آية الذرية في سورة الفرقان ومضامينها التربوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الآيات التي تشمل الأركان الستة في سورة الفرقان(استشارة - الاستشارات)
  • تفسير سورة الفرقان للناشئين ( الآيات 47 - 77 )(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تفسير سورة الفرقان للناشئين (الآيات 12 - 43)(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب