• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / المرأة
علامة باركود

إنها الأم

الشيخ إبراهيم بن صالح العجلان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/5/2008 ميلادي - 14/5/1429 هجري

الزيارات: 69224

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنها الأم

 

معاشر المسلمين:

يسير في الفلاة، يقطع الفيافي والقفار، قد اغبرَّ وجهه، وشعث شعره، وتتابعت أنفاسه، وبلغ به الجهد مبلغه.

 

إذا سار مفازةً وقف وألقى الحمل عن ظهره، وجعل يلتقط أنفاسه مليًّا، حتى إذا ما استردَّ إليه نَفَسُه، وهدأت نَفْسُه - حمل حمله على ظهره، وسار ميمِّمًا بيت الله الحرام.

لعله يزداد عجبك يا عبد الله إذا عرفت أن هذا الحمل ليس زادًا ولا طعامًا، ولا مالاً ولا متاعًا، وإنما كان هذا المحمول هي أمه التي ربَّته فأحسنت تربيته، حتى غدا رجلاً، بلغ من برِّه ما ترى! وقليل ما هم!!

سار الرجل البارُّ تمتطيه أمه نحو البيت الحرام، فطاف بالبيت سبعًا وهو يقول:

إِنِّي لَهَا مَطِيَّةٌ لا تَذْعِرُ
إِذَا الرِّكَابُ نَفَرَتْ لا تَنْفِرُ
مَا حَمَلَتْ وَأَرْضَعَتْنِي أَكْثَرُ
اللَّهُ رَبِّي ذُو الجَلالِ الأَكْبَرُ

 

وبينما هو يطوف؛ إذ رأى الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضى الله عنهما فقال: "أتراني جازيتها؟"، قال: "لا، ولا زفرة واحدة!".


إنها الأم... وما أدراك ما الأم؟!

عطرٌ يفوح شذاه، وعبير يسمو في علاه، العيش في كنفها حياة، وعين لا تكتحل برؤيتها حسرة وأسى.

الأم: هي قسيمة الحياة، وموطن الشكوى، وعتاد البيت، ومصدر الأنس، وأساس الهناء، يطيب الحديث بذكراها، ويرقص القلب طربًا بلقياها.

 

حنانها فيضٌ لا ينضب، ونبعها زلال لا ينضب، فنعم الجليس الأم، وخير الأنيس والنديم الأم.

 

لطيفة المعشر، طيبة المخبر، تعطي بسخاء، ولا تمل العطاء.

الأم: لا توفيها الكلمات، ولا ترفعها العبارات، وإنما محلها سويداء القلب، وكفى به مستقرًّا.

لأُمِّكَ حَقٌّ لَوْ عَلِمْتَ كَثِيرُ ♦♦♦ كَثِيرُكَ يَا هَذَا  لَدَيْهِ  يَسِيرُ

 

إنها الأم التي وصى بها المولى جل جلاله، وجعل حقها فوق كل حق: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14].

أمك، ثم أمك، ثم أمك؛ قالها المصطفى صلى الله عليه وسلم ثلاثاً لمن سأله: مَنْ أحق الناس بحسن صحبتي؟

إنها الأم...  يا مَنْ تريد مغفرة الذنوب وستر العيوب، يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فيقول: أذنبتُ ذنبًا كبيرًا؛ فهل لي من توبة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل لك من أمٍّ؟))، قال: لا، قال: ((فهل له من خالةٍ؟))، قال: نعم، قال: ((فبرَّها))؛ رواه الإمام أحمد وغيره، وصحَّحه ابن حبَّان.

يا مَنْ تريد رضى رب البريَّات، وتطلب جنة عرضها الأرض والسموات: دونك مفاتيحها؛ بإحسانك لأمك ورضاها عنك.

رجلٌ من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يحدوه شوقه إلى جنات ونَهَر، وتتعالى همَّته لاسترضاء مليكٍ مقتدر؛ فيمشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله، ائذن لي بالجهاد؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل لك من أم؟))، قال: نعم؛ فقال: ((الزم رِجْلَها؛ فثمَّ الجنة)).



الإحسان إلى الأم سببٌ لقبول الأعمال؛ قال سبحانه عن عبده الشاكر لنعمته، البارِّ بوالديه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [الأحقاف: 16].

الإحسان إلى الأم سببٌ للبركة في الرزق وطول العمر؛ ففي الحديث المتَّفَق على صحَّته يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أحبَّ أن يُبْسَط له في رزقه، ويُنسَأ له في أَثَرِه؛ فليَصِل رَحِمَه)).

وأعظم الصِّلة صِلَة الوالدَيْن، وأتمُّ الإحسان الإحسانُ إلى الأم.

عباد الله:

تُفتح أبواب السماوات، وتُجاب الدعوات، لمن كان بارًّا بوالدته، حانيًا عليها، محسنًا إليها.

أطبقت الصخرة على ثلاثة نفر؛ فدعا كل منهم وتوسَّل إلى الله بأرجى عملٍ عمله، ومنهم رجل كان بارًّا بوالدته، ففرج الله عنهم الصخرة، ونجوا من الهلاك!

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أويس القرني رجل من أهل اليمن أنه كان مجاب الدعاء، وكان من أبرِّ الناس بوالدته.



قف يا عبد الله، تأمل معي عظم قدر الأم وجميل إحسانها إليك:

حملتك في أحشائها تسعة أشهر، ذاقت فيها المر، وتغيرت عليها دنياها، فما المذاق هو المذاق، ولا المعاشرة هي المعاشرة! فكم من أنَّةٍ خالجتها، وزفرة دافعتها من ثقلك بين جنبيها، لا يزداد جسمك نموًّا إلا وتزداد معه ضعفًا!!

 

تُسَرُّ إذا أحسَّت بِحركتك داخل جوفها، ولا يزيدها تعاقب الأيام وكرُّ الليالي إلا شوقًا لرؤيتك واشتياقًا لطلَّتك!

ثم تأتي ساعة خروجك؛ فتعاني ما تعاني من خروجك!!

فلا تَسَلْ عن طَلْقِها الذي يُعتصر له الفؤاد، وآلامها التي تُعجزها عن البكاء!

حتى إذا ما خرجت من أحشائِها، وشمَّت عبق رائحتك؛ نسيت آلامها، وتناستْ أوجاعها، وعلقت فيك جميع آمالها، فكنت أنت المخدوم في ليلها ونهارها، كنت أنت رهين قلبها، ونديم فكرها، تغذيك بصحتها، وتدثرك بحنانها، وتُميط عنك الأذى بيمينها، تخاف عليك من اللمسة، وتشفق عليك من الهمسة.

إذا صرخت فزَّ قلبها إليك، وإذا جعت تلهفت من أجل سد جوعتك، سرورها أن ترى ابتسامتك، راحتها أن تضمك إلى صدرها، إذا مسَّك ضرٌّ لم يرقأ لها دمع، ولم تكتحل بنوم، تفديك بروحها وعافيتها!!

فكم ليلة سهرتها من أجل راحتك، وكم دمعات رقرقتها من أجل صحتك، ولسان حالها:

فَنَمْ وَلَدِي بِمَهْدِكَ فِي هَنَاءٍ
وَدَاعِبْ طَيْفَ أَحْلامِ الرُّقَادِ
وَإِنْ حَلَّ الظَّلامُ بِجَانِحَيْهِ
وَأَرْخَى ظِلَّهُ فِي كُلِّ وَادِ
وَنَامَ الْخَلْقُ فِي أَمْنٍ جَمِيعًا
فَقَلْبِي سَاهِرٌ عِنْدَ الْمِهَادِ

 

ويا ليت عناءها ينتهي عند هذا؛ بل ما تزيدها الأيام إلا لك حبًّا، وعليك حرصًا؛ فما إن يتم فصالك عامين، وتبدأ خطواتك الصغيرة بالثبات - إلا وترمقك بنظراتها، وتحيطك بعنايتها.

أوامرك مطاعة، وطلباتك مُجابة، تغتمُّ لحزنك، وتضيق لغضبك، تشقى لك أنت، تسعد وتتعب حتى تهنأ أنت!

فكم من دموع عنك أزالتها، وهموم عن صدرك أزاحتها، حتى إذا صلب عودك، وزهر شبابك - كنت أنت عنوان فخرها، ورمز مباهاتها، تسر بسماع أخبارك، وتسعد برؤية آثارك، إذا غبت عن عينها رافقتك دعواتها، فكم من دعوات لك تلجلجت وأنت لا تدري، وكم من ابتهالات سالَتْ معها الدموع على المآقي من أجلك وأنت لا تشعر! مناها أن يرفرف السرور في سمائك، غايتها أن توفَّق في حياتك وبناء أسرتك.

تعطيك كل شيء ولا تطلب منك أجرًا، وتبذل لك كل وسعها ولا تنتظر منك شكرًا! أحسنت إليك إحسانًا لا تَراه، وقدَّمت إليك معروفًا لن تُجازاه.

أَطِعِ الإلَهَ كَمَا أَمَرْ
وَامْلأْ فُؤادَكَ بِالحَذَرْ
وَأَطِعْ أَبَاكَ فَإِنَّهُ
رَبَّاكَ فِي عَهْدِ الصِّغَرْ
وَاخْضَعْ لأُمِّكَ وَارْضِهَا
فَعُقُوقُهَا إِحْدَى الكُبَرْ

 

البر بالأم عباد الله مفخرة الرجال وشيمة الشرفاء، وقبل ذلك كله: هو خُلُقٌ من خُلُق الأنبياء؛ قال تعالى عن يحيى عليه السلام: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾ [مريم: 14]، وقال عيسى عليه السلام: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32].

البرُّ بالام إخوة الإيمان برهانٌ على صدق الإيمان وحسن الإسلام، وعملٌ بالتقوى.

البرُّ بالام يتأكَّد يوم يتأكد إذا تقضَّى شبابها، وعلا مشيبها، ورقَّ عظمها، واحدودب ظهرها، وارتعشت أطرافها، وزارتها أسقامها، في هذه الحال من   العمر لا تنتظر صاحبة المعروف والجميل من ولدها إلا قلبًا رحيمًا، ولسانًا رقيقًا، ويدًا حانيةً.

فطوبى لمَنْ أحسن إلى أمِّه في كبرها، طوبى لمن شمَّر عن ساعد الجدِّ في رضاها؛ فلم تخرج من الدنيا إلا وهي عنه راضية مرضية.


يا أيها البارُّ بأمه - وكلنا نطمع أن نكون ذاك الرجل -:

تمثَّل قول المولى جل جلاله: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24]، تخلَّق بالذل بين يديها بقولك وفعلك، لا تَدْعُها باسمها؛ بل نادها بلفظ الأم؛ فهو أحبُّ إلى قلبها، لا تجلس قبلها، ولا تمشِ أمامها، قابلها بوجه طلق وابتسامة وبشاشة، تشرف بخدمتها، وتحسس حاجاتها، إن طلبت فبادر أمرها، وإن سقمت فقُمْ عند رأسها، أَبْهِجْ خاطرها بكثرة الدعاء لها، لا تفتأ أن تدخل السرور على قلبها؛ قدم لها الهدية، وزفَّ إليها البشائر، واستشعر وأنت تقبل وتعطف على أبنائك عطف أمك وحنانها بك، وردِّد في صبحٍ ومساءٍ: ﴿ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24].

أيها البارُّ بأمه:

إن كانت غاليتك ممن قضَتْ نَحْبَها ومضت إلى ربها؛ فأكثر من الدعاء والاستغفار لها، وجدِّد برَّك بها بكثرة الصدقة عنها، وصلة أقاربك من جهتها.

جاء رجلٌ إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبرُّهُما به بعد موتِهما؟ قال: ((نعم؛ الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدِهِما من بعدهما، وصلة الرَّحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما)).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14].

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.



الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أنَّ سيدنا مُحمَّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه وإخوانه، وسلِّم تسليمًا كثيرًا، أمَّا بعد..

فيا إخوة الإيمان:

وأشقى الناس في دنيا الناس: مَنْ لم يَصِل للأم برًّا، ولم يعرف لها حقًّا!

إن العين لتدمع، وإن القلب ليعتصر ألمًا من صور العقوق بالأمهات، تقشعر لها الأبدان، وتكره سماعها الآذان.

 

تأنُّف في وجه الأمهات، وألسنة حداد على صاحبة الفضل والجود!! أساء وما أحسن مَنْ علا صوتُه صوتَ أمِّه، ما برَّ وايم الله مَنْ أذاق الأم غَصَصَ الهمِّ والهموم، وكان سببًا في استعبارها وبكائها، وما برَّ أيضًا مَنْ أشغلته دنياه، وأسكره طنين المال؛ فلم يعرف أمه إلا غبًّا.

عقوق الأمهات عباد الله من المعاصي المحرمات والكبائر المهلكات؛ ففي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات))، وفي الحديث الحسن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، ومدمن الخمر، والمنَّان))؛ رواه النسائي وغيره.

عقوق الأمهات سببٌ للعقوبة في الحياة قبل الممات؛ يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((ما من ذنب أجدر أن يعجِّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة - من البغي وقطيعة الرحم))؛ رواه الإمام أحمد وغيره، وهو حديثٌ صحيح.

فيا من عقَّ أمه، ويا من أتعبها وأبكاها:

استدرك الحال، واستشعر قباحة الفعال، تذكَّر - يا مَنْ قصَّرت مع أمك - أن وجود الأم في حياتك نعمة عظيمة، وأمنية تاقت لها صدور مكلومة، وبها تنال رضى الله تعالى؛ فرضى الله في رضى الوالدين، ومن طريقها تَنال كنوز الأجور وبحار الحسنات التي لا تنالها إلا من طريقها.

تذكَّر أخي المقصِّر مع أمِّه ليلة تصبحها بلا أمٍّ مشفقة، لك داعية، وعنك سائلة، تذكر يومًا تحثو فيه التراب على صاحبة القلب الرهيف والجسم الضعيف.

 

تذكر ساعةً تدخل فيها المنزل، فلا تسمع صوتها ولا تبصر رسمها!!

فاستغفر ربك أخي المقصِّر، وعاهد نفسك من هذا المكان على استدراك ما فات بالبر والإحسان فيما هو آت، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!

اللهم صلِّ على محمد، وعلى آله وصحبه في العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأمومة
  • وداعًا صديقة عمري
  • شمعة الحياة
  • وبرا بوالدتي
  • قلب أم
  • أحب أمي (قصيدة للأطفال)
  • هذه هي الأم
  • عجبا يا أمي
  • الأم
  • رسائل الحب
  • فضل الأم (قصيدة)
  • الأم الداعية
  • من حقوق الأم على أولادها
  • الأم بين الشجرة والشمعة
  • إنها أمك
  • يا أم البطن! (قصة للأطفال)
  • الأم بين برها في الإسلام .. وعيدها في الغرب
  • الوجوه والنظائر في القرآن الكريم ( أم - أب )
  • الأم .. حب وبناء وتقدير
  • اللؤلؤة البيضاء
  • جريمة الأم
  • الأم المثالية في الإسلام
  • الأم مدرسة وأحيانا سيرك!
  • إنها الأم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • شرح جامع الترمذي في السنن (باب ما جاء في الصلاة الوسطى أنها العصر وقيل إنها الظهر)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • تخريج حديث: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منى وأمها (قصة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عيد الأم بين الوهم والحقيقة: حكم الاحتفال بعيد الأم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إهداء الأم في ما يسمى بعيد الأم(مقالة - ملفات خاصة)
  • أمي إنها شجرة سانتا...(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أم أنها فرصة جديدة سنحت للهجوم على الإسلام؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إبطال دعوى اتهام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها تروي أحاديث مخلة بالآداب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنها الجنة يا أمي (قصة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • إنها أم المؤمنين عائشة(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
1- لا رأفة فوق رأفة الأم إلا رأفة الله عز وجل !
الحسين أشقرا - المغرب 21-05-2008 10:01 PM
السلام عليكم ورحمة الله / في زمن العقوق الذي لايفلت المتصف به من عواقبه العاجلة... في زمن شكوى ممن قضى الخالق الرحيم بالإحسان إاليهما بعد عبادته ... في زمن نجد العاق واقفا أمام المحاكم يقاضي والديه أو يرمي بهما خارج دائرة صلة الأرحام أو يرمي بهما في دور العجزة ... في زمن تخلت دروس التربية والتعليم من قيم االتعامل مع الولدين بالحسنى بمبرر الحقوق الفردية في التمرد على القيم القديمة حيث كانت الأم...ولازالت الأم...وسوف تبقى الأم ...المثل في الرأفة والمحبة ...إنها الأم التي لا نستطيع أن نكافئها ولو عن زفرة من زفراتها...لكن منا من ينسى أنها كذلك فيؤذيها بكلام جارح أو سلوك مشين ...
{ لنقرأ قصة ابن عاق ... ورأفة أم }
كان لأمي عين واحدة... وقد كرهتها... لأنها كانت تسبب لي الإحراج. وكانت تعمل طاهية في المدرسة التي أتعلم فيها لتعيل العائلة.ذات يوم...في المرحلة الابتدائية جاءت لتطمئن عَلي.أحسست بالإحراج فعلاً ... كيف فعلت هذا بي؟!تجاهلتها, ورميتها بنظرة مليئة بالكره .

وفي اليوم التالي قال أحد التلامذة ... أمك بعين واحده ... أووووه.وحينها تمنيت أن أدفن نفسي

وأن تختفي امي من حياتي .

في اليوم التالي واجهتها :

لقد جعلتِ مني أضحوكة, لِم لا تموتين ؟ !!

ولكنها لم تُجب !!!

لم أكن متردداً فيما قلت ولم أفكر بكلامي لأني كنت غاضباً جداً .ولم أبالي لمشاعرها ... وأردت مغادرة المكان ..

درست بجد وحصلتُ على منحة للدراسة في سنغافورة.وفعلاً.. ذهبت .. ودرست .. ثم تزوجت .. واشتريت بيتاً .. وأنجبت أولاداً وكنت سعيداً ومرتاحاً في حياتي .

وفي يوم من الأيام ..أتت أمي لزيارتي ولم تكن قد رأتني منذ سنوات ولم تر أحفادها أبداً! وقفت على الباب وأخذ أولادي يضحكون...صرخت: كيف تجرأتِ وأتيت لتخيفي اطفالي؟.. اخرجي حالاً !!!

أجابت بهدوء: (آسفة .. أخطأتٌ العنوان على ما يبدو).. واختفت ....

وذات يوم وصلتني رسالة من المدرسة تدعوني لجمع الشمل العائلي .

فكذبت على زوجتي وأخبرتها أنني سأذهب في رحلة عمل ...

بعد الاجتماع ذهبت الى البيت القديم الذي كنا نعيش فيه, للفضول فقط !!!.

أخبرني الجيران أن أمي.... توفيت .

لم أذرف ولو دمعة واحدة !!

قاموا بتسليمي رسالة من أمي ....

" ابني الحبيب.. لطالما فكرت بك..آسفة لمجيئي إلى سنغافورة وإخافة أولادك.كنت سعيدة جداً عندما سمعتُ أنك سوف تأتي للاجتماع.ولكني قد لا أستطيع مغادرة السرير لرؤيتك.آسفة لأنني سببت لك الإحراج مراتٍ ومرات في حياتك .

هل تعلم... لقد تعرضتَ لحادثٍ عندما كنت صغيراً وقد فقدتَ عينك.وكأي أم, لم استطع أن أتركك تكبر بعينٍ واحدةٍ...ولِذا... أعطيتكَ عيني .....وكنتُ سعيدة وفخورة جداً لأن ابني يستطيع رؤية العالم بعيني .

...... مع حبي .....

...... أمــــــــــــك ........"

ولنتذكر :الله...الله...الله.أرأف من الأم بولدها
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب