• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الكبائر الشائعة: (9) إيذاء الله تعالى ورسولِه ...
    أبو حاتم سعيد القاضي
  •  
    فصل في معنى قوله تعالى: ﴿وروح منه﴾
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    لبس السلاسل والأساور
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    علة حديث ((الدواب مصيخة يوم الجمعة حين تصبح حتى ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من هم الذين يحبهم الله؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    خطبة (أم الكتاب 2)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    جؤنة العطار في شرح حديث سيد الاستغفار
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    دعوة للمراجعة في التعامل مع التفسير المأثور
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    معارك دعوية!
    د. أحمد عادل العازمي
  •  
    كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    سياسة اختيار الولاة في عهد الخليفة عثمان بن عفان ...
    أحمد محمد القزعل
  •  
    بيع فضل الماء
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    بين هيبة الذنب وهلاك استصغاره
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    ثواب التسبيح خير من الدنيا وما فيها
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    كلام الرب سبحانه وتعالى (1) الأوامر الكونية.. ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    القواعد الأصولية المؤثرة في اللقاحات الطبية (PDF)
    د. إسماعيل السلفي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/9/2010 ميلادي - 2/10/1431 هجري

الزيارات: 27897

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء: 53]

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّكُم في يَومِ عِيدٍ سَعِيدٍ، وَتَعِيشُونَ لَحَظَاتِ فَرَحٍ إِيمَانيٍّ غَامِرَةً، صُمتُم وَقُمتُم، وَزَكَّيتُم وَتَصَدَّقتُم وفَطَّرتُمُ، وَدَعَوتُم وَرَجَوتُم، وَصَلَّيتُم العِيدَ وَلَبِستُم الجَدِيدِ، فَمَا أَحرَى ذَلِكُمُ الفَرَحَ الظَّاهِرَ أَنْ يُقرَنَ بِفَرَحِ القُلُوبِ، بِتَخلِيصِهَا مِن كُلِّ مَا يُمِيتُهَا أَو يُسقِمُهَا! وَمَا أَجمَلَ تَجدِيدَ النُّفُوسِ وَتَنظِيفَ الصُّدُورِ في العِيدِ كَمَا يُجَدَّدُ اللِّبَاسُ وَتُنَظَّفُ الأَجسَادُ!

 

إِنَّ مِمَّا يَقتَرِنُ بِالعِيدِ وَيَكثُرُ فِيهِ وَهُوَ مِمَّا يُحمَدُ وَلا شَكَّ، كَثرَةَ التَّزَاوُرِ بَينَ النَّاسِ وَلا سِيَّمَا الأَقَارِبَ وَالأَرحَامَ، وَغَشَيَانَ المَجَالِسِ وَحُضُورَ المُنتَدَيَاتِ، وَقَد يَكُونُ لِبَعضِ الأُسَرِ حَفَلاتٌ لِلمُعايَدَةِ، يَجتَمِعُونَ فِيهَا لِلسَّلامِ وَتَبَادُلِ التَّهَاني بِإِتمَامِ شَهرِ الصِّيَامِ، وَيَستَقبِلُونَ فِيهَا المُهَنِّئِينَ وَالمُحِبِّينَ، وَقَد تَمتَدُّ أَيَّامًا فَيَطُولُ اللِّقَاءُ بَينَ الحَاضِرِينَ، فَتَطِيبُ لِلنُّفُوسِ الأَحَادِيثُ وَيَحلُو لها السَّمَرُ، وَلا بُدَّ أَن يَكُونَ ثَمَّةَ طَرحٌ لِبَعضِ القَضَايَا، سَوَاءٌ مَا يُهِمُّ الأُسرَةَ أَو يَخرُجُ عَن دَائِرَةِ اهتِمَامِهَا، يَكتَنِفُهُ أَخذٌ وَرَدٌّ وَنِقَاشٌ، وَيَصحَبُهُ حِوَارٌ وَتَفصِيلٌ وَجِدَالٌ، وَقَد تَتَطَوَّرُ بَعضُ تِلكَ المُنَاقَشَاتِ وَالمُحَاوَرَاتِ حَتَّى تَكُونَ مُلاسَنَاتٍ حَادَّةً وَتَرَاشُقًا بَذِيئًا، وَمِن ثَمَّ كَانَ لا بُدَّ مِنَ التَّذكِيرِ بِأَهَمِّيَّةِ الكَلِمَةِ وَقِيمَتِهَا وَوُجُوبِ وَزنِهَا، وَالتَّنبِيهِ إِلى عِظَمِ شَأنِ اللِّسَانِ وَلُزُومِ ضَبطِهِ وَفَدَاحَةِ إِطلاقِهِ.

 

اللِّسَانُ هُوَ مَصدَرُ الكَلِمَةِ، وَالَّتي قَد تَكُونُ طَيِّبَةً فَيُكتَسَبُ بها الأَجرُ وَتُسَبِّبُ صَلاحًا وإِصلاحًا، وَقَد تَكُونُ خَبِيثَةً فَتُسقِطُ هَيبَةَ قَائِلِهَا وَتُحَمِّلُهُ الوِزرَ، أَو تَدعُو لِفَسَادٍ أَو إِفسَادٍ.

 

وَقَد جَعَلَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِدَايَةَ الاستِقَامَةِ كَلِمَةً، فَلَمَّا سَأَلَهُ رَجُلٌ أَن يُوصِيَهُ قَالَ لَهُ: ((قُل آمَنتُ بِاللهِ ثُمَّ استَقِمْ))، وَلَمَّا سَأَلَهُ مَعَاذٌ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَن عَمَلٍ يُدخِلُهُ الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُهُ عَنِ النَّارِ، ذَكَرَ لَهُ أُصُولَ العِبَادَاتِ مِنَ التَّوحِيدِ وَالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، وَالصَّومِ وَالحَجِّ وَالجِهَادِ، ثُمَّ أَكَّدَ لَهُ أَنَّ كَفَّ اللِّسَانِ وَضَبَطَهُ وَحَبَسَهُ هُوَ أَصلُ الخَيرِ كُلِّهِ، وَأَنَّ مَن مَلَكَ لِسَانَهُ فَقَد مَلَكَ أَمرَهُ وَأَحكَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: ((أَلا أُخبِرُكَ بِمَلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟))؛ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: ((كُفَّ عَلَيكَ هَذَا))، وَضَمِنَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - الجَنَّةَ لِمَن أَمسَكَ لِسَانَهُ فَقَالَ: ((مَن يَضمَنْ لي مَا بَينَ لَحيَيهِ وَمَا بَينَ فَخِذَيهِ أَضمَنْ لَهُ الجَنَّةَ))، وَلَمَّا سُئِلَ عَن أَكثَرِ مَا يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ قَالَ: ((الفَمُ وَالفَرجُ)).

 

وَمَن أَلانَ الكَلامَ وَطَيَّبَهُ، كَانَ حَرِيًّا بِسُكنى غُرَفِ الجَنَّةِ، الَّتي قَالَ فِيهَا النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِن بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِن ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَن أَلانَ الكَلامَ وَأَطعَمَ الطَّعَامَ وَتَابَعَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)).

 

وَلَكُم أَن تَتَأَمَّلُوا آيَتَينِ مِن كِتَابِ اللهِ، أُشِيرَ في إِحدَاهُمَا إِلى أَثَرِ الكَلِمَةِ في الإِفسَادِ بَينَ النَّاسِ، وَدَلَّتِ الأُخرَى عَلَى مَكَانَةِ الكَلِمَةِ في إِزَالَةِ العَدَاوَةِ الَّتي بَينَهُم، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53]، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].

 

إِنَّ الكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ تُؤَلِّفُ بَينَ القُلُوبِ وَتَجمَعُ النُّفُوسَ، وَتُذهِبُ الغَيظَ وَتَجلِبُ الرِّضَا، وَتَزِيدُ السُّرُورَ وَتُزِيلُ وَحَرَ الصَّدرِ، وَتَذهَبُ بِالشَّحنَاءِ وَتَمسَحُ آثَارَ البَغضَاءِ، بَل وَتَفتَحُ أَبوَابًا مِنَ الخَيرِ كَبِيرَةً، وَتُغلِقُ نَوَافِذَ شَرٍّ كَثِيرَةً، فَكَيفَ إِذَا جَمَعَ صَاحِبُهَا إِلَيهَا ابتِسَامَةً صَادِقَةً؟ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ((تَبَسُّمُكَ في وَجهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ)).

 

الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ رَقِيقَةٌ لَطِيفَةٌ، لا تُؤذِي الشُّعُور وَلا تُضَيِّقُ الصُّدُورَ، قَلِيلَةُ الحُرُوفِ خَفيفَةُ الظِّلِّ، جَمِيلَةُ المَعنَى بَعِيدَةُ الأَثَرِ، تَطرَبُ لَهَا الأُذُنُ وَيَنشَرِحُ لَهَا الصَّدرُ، الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ تَأسُو آلامَ الفِرَاقِ وَتُضَمِّدُ جِرَاحَ الهَجرِ، وَتَجمَعُ مَا تَنَاثَرَ مِن الوُدِّ بَسَبَبِ القَطِيعَةِ، وَتَجلُو صَدَأَ الأَفئِدَةِ وَتُعِيدُ إِلَيهَا نَقَاءَهَا وَصَفَاءَهَا، فَلا عَجَبَ إِذًا أَن تَكُونَ مِن تَمَامِ الإِيمَانِ وَأَن تَرقَى إِلى مَنزِلَةِ الصَّدَقَةِ حَيثُ يَقُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ((مَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَليَقُلْ خَيرًا أَو لِيَصمُتْ))، وَيَقُولُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ((وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ))، وَيَقُولُ: ((اِتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمرَةٍ، فَمَن لم يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ)).

 

وَأَمَّا الكَلِمَةُ الخَبِيثَةُ عِيَاذًا بِاللهِ، فَهِيَ لَفظٌ خَشِنٌ وَصَوتٌ نَشَازٌ، ثَقِيلَةُ الوَقعِ قَلِيلةُ النَّفعِ، تُصِمُّ الآذَانَ وَتُؤلِمُ الأَسمَاعَ، وَتَجرَحُ الشُّعُورَ وَتُضَيِّقُ الصُّدُورَ، وَتُفسِدُ الوُدَّ وَتَكسِرُ النُّفُوسَ، وَتَجلِبُ الهَمَّ وَتَجمَعُ الغَمَّ، وَتُوقِدُ الشَّحنَاءَ وَتُشعِلُ فَتِيلَ البَغضَاءِ، وَتُوقِظُ الفِتَنَ وَتُجَدِّدُ الإِحَنَ، وَتَبعَثُ جَاهِلِيَّاتٍ نَائِمَةً وَتَفتُقُ جُرُوحًا مَنسِيَّةً، بَل وَتَفتَحُ أَبوَابًا مِنَ الشَّرِّ وَفَسَادِ ذَاتِ البَينِ، وَتُغلِقُ أَبوَابًا مِنَ الصَّلِةَ وَالمَعرُوفِ وَالإِحسَانِ، وَكَم مِن كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ أَو غَيرِ مَوزُونَةٍ، أَلقَاهَا غِرٌّ جَاهِلٌ أَو رَمَى بها أَحمَقُ طَائِشٌ، فَارتَعَدَت لَهَا أَنُوفُ قَومٍ ذَوِي أَحلامٍ فَجَهِلُوا، أَو تَلَقَّفَهَا الشَّيطَانُ في عَجَلَةٍ وَطَارَ بها فَرَحًا، لِيَقطَعَ بها صِلَةً بَينَ أَخَوَينِ أَو قَرِيبَينِ، أَو لِيُفسِدَ وُدًّا بَينَ صَدِيقَينِ أو زَمِيلَينِ، أَو لِيُهَيِّجَ كَوَامِنَ نَفْسَينِ فَيَبعَثَ بَينَهُمَا خِلافًا قَد دُفِنَ، أَو لِيُلقِيَ بَينَهُمَا عَدَاوَةً جَدِيدَةً قَد تَمتَدُّ أَشهُرًا أَو سَنَوَاتٍ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ مِن تَمَامِ الدِّيَانَةِ وَكَمَالِ العَقلِ وَرَجَاحَةِ الرَّأيِ، أَن يَضبِطَ المَرءُ لِسَانَهُ وَخَاصَّةً في الاجتِمَاعَاتِ العَامَّةِ وَالمَحَافِلِ الكَبِيرَةِ، وَأَن يُعَوِّدَهُ الكَلامَ الطَّيِّبَ وَاللَّفظَ الجَمِيلَ، وَأَلاَّ يَستَخِفَّهُ الشَّيطَانُ فَيَعمَدَ إِلى سَيِّئِ الكَلامِ أَو يَتَعَمَّدَ خَشِنَ الحَدِيثِ، فَيُلقِيَهُ غَيرَ عَابِئٍ بِهِ، إِذ إِنَّ ذَلِكَ يُثِيرُ مِنَ المَفَاسِدِ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ، وَيَفتَحُ مَرَاتِعَ خِصبَةً لِلشَّيطَانِ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنَ القُلُوبِ، فَيَجعَلَهَا قَاعًا صَفصَفًا، لا تَرَى فِيهَا مِنَ الإِيمَانِ ذَرَّةً وَلا قِطمِيرًا، وَلا تَجِدُ بِدَاخِلهَا مِنَ الحُبِّ وَالوُدِّ قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - وَلتَكُنِ الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ شِعَارًا لَكُم وَمَادَّةً لأَلسِنَتِكُم، وَاسأَلُوا اللهَ أَن يَهدِيَكُم إِلَيهَا؛ فَإِنَّهَا مِن فَضلِهِ لِمَن وَفَّقَهُ وَأَرَادَ بِهِ خَيرًا، قَالَ تَعَالى في وَصفِ أَهلِ الجَنَّةِ وَمُستَحِقِّيهَا: ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24].

 

وَاحذَرُوُا المِرَاءَ وَالجَدَلَ، فَقَد قَالَ نَبِيُّكُم - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيتٍ في رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَن تَرَكَ المِرَاءَ وَإِن كَانَ مُحِقًّا))، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: ((مَا ضَلَّ قَومٌ بَعدَ هُدًى كَانُوا عَلَيهِ إِلاَّ أُوتُوا الجَدَلَ))، وَقَالَ: ((إِنَّ أَبغَضَ الرِّجَالِ إِلى اللهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ)).

 

وَإِن كَانَ لا بُدَّ مِنَ النِّقَاشِ، فَليَكُنِ الجِدَالُ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ، في إِطَارِ الآدَابِ الإِسلامِيَّةِ لِلحِوَارِ، بِهَدَفِ الوُصُولِ إِلى الحَقِّ وَالصَّوَابِ، بِلا تَحَامُلٍ عَلَى المُخَالِفِ وَلا تَقبِيحٍ لَهُ، وَبَعِيدًا عَن أُسلُوبِ الطَّعنِ وَالتَّجرِيحِ، أَو الاستِهزَاءِ وَالسُّخرِيَةِ، أَو الاحتِقَارِ وَالاستِصغَارِ، أَو البَحثِ عَنِ مُجَرَّدِ الإِثَارَةِ وَمَحَبَّةِ الاستِفَزَازِ، وَبِلا رَفعٍ لِلصَّوتِ أَو نَفخٍ لِلأَودَاجِ، فَإِنَّ رَفَعَ الصَّوتِ لا يُقَوِّي حُجَّةً وَلا يَعضُدُ دَلِيلاً، وَلا يُقِيمُ بُرهَانًا وَلا يَجلِبُ إِثبَاتًا؛ بَل إِنَّ رَفعَ الصَوتِ في الغَالِبِ دَلِيلُ ضَعفِ الحُجَّةِ وَقِلَّةِ البَلاغَةِ، وَإِنَّ هُدُوءَ الصَّوتِ لَعُنوَانٌ على رَجَاحَةِ العَقلِ وَكَمَالِ الاتِّزَانِ.

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 33 - 36].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَتَأَدَّبُوا بِآدَابِ الإِسلامِ وَاحرِصُوا عَلَى طَيِّبِ الكَلامِ: ﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 148].

وَاحذَرُوُا التَّنَاجِيَ فَإِنَّهُ ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 114].

وَإِيَّاكُم وَنَقلَ الحَدِيثِ عَلَى وَجهِ الإِفسَادِ بِالنَّمِيمَةِ فَإِنَّهُ: ((لا يَدخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ)).

 

أَيُّهَا الأَخُ الكَرِيمُ:

صَحَّ عَن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ((لَيسَ المُؤمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا بِاللَّعَّانِ وَلا الفَاحِشِ وَلا البَذِيءِ))، وَقَالَ: ((إِيَّاكُم وَالفُحشَ وَالتَّفَحُّشَ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الفَاحِشَ المُتَفَحِّشَ)).

 

فَمَا أَحرَاكَ - أَخِي المُسلِمَ المُبَارَكَ - وَلا سِيَّمَا في العِيدِ أَن تَجعَلَ الصِّدقَ دِثَارَكَ وَالكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ شِعَارَكَ، تُنَادِي مَن تَدعُوهُ بِأَحَبِّ الأَسمَاءِ إِلَيهِ، وَتَتَجَنَّبُ التَّلقِيبَ وَالتَّعيِيرَ وَالتَّحقِيرَ، تَشكُرُ كُلَّ مَن بَذَلَ مَعرُوفًا أَو أَسدَى جَمِيلاً، تُبَلِّغُ آيَةً أَو تَروِي حَدِيثًا أَو تَنقُلُ فَتوَى، تُحيِي سُنَّةً حَسَنَةً أَو تُمِيتُ بِدعَةً وَضَلالَةً، تَأمُرُ بِمَعرُوفٍ أَو تَنهَى عَن مُنكَرٍ أَو تَدعُو لِخَيرٍ، تُذَكِّرُ بِفَضِيلَةٍ أَو تُحَفِّزُ لِعَمَلٍ صَالحٍ، تُقَدِّمُ نَصِيحَةً خَالِصَةً أَو تَبذُلُ مَشُورَةً صَادِقَةً، تُبدِي رَأيًا نَافِعًا أَو تَقتَرِحُ فِكرَةً صَائِبَةً، تَهدِي ضَالاًّ أَو تُذَكِّرُ غَافِلاً، وَتُرشِدُ تَائِهًا أَو تُعَلِّمُ جَاهِلاً، تَبذُلُ شَفَاعَةً حَسَنَةً أَو تَتَوَسَّطُ في نَفعٍ.

وَتَذَكَّرْ - أَخِي المُبَارَكَ - أَنَّ ((الرِّفقَ لا يَكُونُ في شَيءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلا يُنزَعُ مِن شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ)).

 

اللَّهُمَّ أَلِّفَ بَينَ قُلُوبِنَا، وَأَصلِحْ ذَاتَ بَينِنَا، وَاهدِنَا سُبُلَ السَّلامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارَكَ لَنَا في أَسمَاعِنَا وَأَبصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا، وَتُبْ عَلَينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعمَتِكَ مُثنِينَ بها قَابِلِيهَا وَأَتِّمَّهَا عَلَينَا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الفطر المبارك 1431هـ
  • وقفات مع عيد الفطر
  • ماذا بعد رمضان؟ ومعنى العيد
  • ادفع بالتي هي أحسن
  • وأحسن كما أحسن الله إليك
  • ليبلوكم أيكم أحسن عملا
  • { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن }

مختارات من الشبكة

  • وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • وقفات مع قول الله: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوسيلة والفضيلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل حلق الذكر والاجتماع عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: "أنتم أعلم بأمر دنياكم"‏(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/5/1447هـ - الساعة: 13:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب