• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

شفاء القرآن.. للشيخ د. محمد أديب الصالح

أحمد بن محمود الداهن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/5/2008 ميلادي - 1/5/1429 هجري

الزيارات: 16931

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شفاء القرآن.. وجيل البناء

ملامح المجتمع القدوة


يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة (معالم قرآنية في البناء) للأستاذ الدكتور محمَّد أديب الصَّالح، في 452 صفحة من القطع المتوسط.

الناشر: مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى، 1428هـ=2007م.


للمعالم القرآنية على ساح البناء عطاءٌ وافرٌ لما تتَّسم به من الدِّقة المتناهية والحكمة البالغة، وعطاؤها هذا لا يستثني ساحةً من ساحات البناء، ذلك البناء الذي لا ينأى عن العبودية لله والحفاظ على إنسانية الإنسان، ونصرة الحق، وتوفير ما يثمر الحضارة المثلى، لما أن هذه الحضارة من نور القرآن الذي هو المعجزة الحقَّة الباقية إلى يوم الدِّين، وسداها ولحمتها هديه الرَّباني وبناؤه الحقُّ المكين.


وجماع ذلك على صعيد الهداية والبناء الشَّامل المتكامل للفرد والجماعة والأمة ناهيك عن البناء الحضاري القويم قولُه تعالى في سورة الإسراء: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]، فهذا الكتاب المبين يهدي ويرشد العباد على خير منهجٍ في دينهم ودنياهم وآخرتهم جميعاً، لأقوم الطُّرق وأسدِّها، وأفضل الحالات وأعدلها، وأوضح السُّبل وأصوبها، فالهداية به قائمة أبداً للحالة التي هي أسدُّ وأعدل وأصوب، فيشمل الهدى أقواماً وأجيالاً بلا حدودٍ من زمانٍ أو مكان، ويشمل ما يهديهم إليه كلَّ منهج وكلَّ طريق، وكلَّ خير يهتدي إليه البشر في كلِّ زمان ومكان.

 

وقد استفتح الكاتبُ مقالاتِه بصحبة هذا المعلم القرآني النيِّر داعياً المسلم وقد علم ما علم من أمر القرآن والهداية- إلى الاستمساك بهدي الكتاب العزيز، وأخذ النَّفس بنهجه القويم، وسلوك سبيل الانتفاع بخيره العميم.


ثمَّ يخلُص الكاتبُ إلى القاعدة الأصيلة في العمل والجزاء: فعلى الإيمان والعمل الصَّالح يقيم القرآنُ بناءَه. فلا إيمان بلا عمل، ولا عمل بلا إيمان. الأول مبتورٌ لم يبلغ تمامه، والثَّاني مقطوعٌ لا ركيزة له. وبهما معاً تسير الحياةُ على التي هي أقوم.. وبهما معاً تتحقَّق الهدايةُ بهذا القرآن.


ويصحبنا الكاتب في دعوةٍ للمسلم إلى أن يكون على مستوى التَّناسق بين العقيدة والتَّسليم، وبين الأخذ بالأسباب الأمر الذي يصلح معه أمر دينه ودنياه وآخرته؛ بمعيَّة قضيةٍ كبرى تجلَّت في واحدٍ من المعالم القرآنية، نُثرت خيوطُه المضيئة في مواطنَ عدَّةٍ من آي الكتاب العزيز، تلك القضية هي شعور المسلم بالمسؤولية، وأن تصرُّفاتِه مهما كان شأنُها تترك ما تترك من آثار، وأن لكلِّ شيءٍ وزنَه عند الله تعالى؛ إن خيراً فخير وإن شرًّا فشر، وما يكون من مصيبةٍ مهما عظمت فبما كسبت الأيدي، والصَّبرُ عليها صبر الرِّضا عن الله، وعلى تحمُّل مسؤولية التَّغيير إلى الأفضل.


وفي قضيةٍ موصولةٍ بما سبق يبيِّن الكاتبُ أنَّ من رحمة الله بهذه الأمة التَّسديد إلى الصَّواب إنْ وقع الخطأ، وتربيتها على ألفة النَّقد الذَّاتي البنَّاء، والشَّجاعة في الانقياد للحقِّ، وبمقدار المسؤولية الملقاة على العواتق تكون المؤاخذةُ، كيما يَسْلمَ للبناء إحكامُه واستمرارُه قوياً معافىً، وكي تسلم له قدرتُه على النَّماء، وكيما تظلَّ الأمةُ كفاء رسالةٍ تبني حضارة الإنسان المثلى، وتأخذ بيده إلى ما فيه تحقيقُ إنسانيته وكرامته وسعادته في الدنيا و الآخرة.


وفي نقلةٍ إلى قضيةٍ رئيسةٍ أخرى يتحدَّث الكاتبُ عن ذلك الجيل الفريد الذي كان الصَّحابة عليهم الرَّحمة والرُِّضوان لبناته المباركة.. الجيل الذي حمل دينَ الإسلام وإرث النُّبوة إلى أمَّة الإسلام قاصيها ودانيها بأمانةٍ ومعرفةٍ وإخلاص.


وفي صحبةٍ معلمٍ قرآنيٍّ آخر يرسُم الخطوطَ العامة والسِّمات الأصيلة للمنهج الذي على هديه خاض أولئك الأعلام النُّبلاء معارك الحقِّ في مواجهة الباطل وأهله، يمضي الكاتب مبيناً ترابط الحقائق الإسلامية في البناء، وصفات ذلك الجيل الفريد.


ثمَّ يبيَّن آثار الإعداد وسمة البناء الذي أنتجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من رجاله الذين امتدَّت إليهم يده الصَّنَاعُ بالتَّزكية والتَّعليم و التَّربية، فراحوا يعطون بلا حساب عطاءً يتوافر له العلمُ والإخلاص والحبُّ جميعاً، حتى إنَّك لتراهم وقد بلغوا ذلك المبلغ من الحركة على أساسٍ نورانيٍّ سليمٍ، كأن الواحد منهم: إمامُه وحبيبُه رسولُ الله عليه الصَّلاة والسَّلام.


وقبل أن يمضي الكاتبُ في رحلته مع معالم الكتاب العزيز ليصل إلى قضيةٍ كبرى وحقيقة يقينية، يستوقفُه معلمٌ قرآنيٌّ مكيُّ العهد وهو يؤذن بالأهمية الكبرى لأنْ تتابعَ الدَّعوةُ طريقها، طريق البناء القويم الذي يخرج الإنسان من الوهدة، ويكشف طاقاته المخبوءة، ويوجه تلك الإمكانات وجهتها الصحيحة، كلُّ ذلك بانسجام مع الأهمية المعطاة لخلق الإنسان في أحسن تقويم، والتَّوجيه إلى الارتقاء به إلى مستوى الشُّعور المدرك بأنه لم يُخلق عبثاً، وأنه مُؤهَّل لحمل ما أراد الله له من أعباءٍ في ظلِّ الرَّسالة الخاتمة.


أما القضية الكبرى والحقيقة اليقينية في حياة بني الإنسان ووجودهم على هذا الكوكب، فهي التي آذن بها المعلم القرآني في سورة الذَّاريات: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، هذه الحقيقة كما يعبِّر الكاتب أخذت بأيدينا إلى أنَّ حقيقة العبادة والعبودية في مجال الاعتقاد والتَّصديق الجازم في القلب: أنَّ في الوجود إلهاً يُعبد هو ربُّ العالمين، لا ندَّ له ولا شبيه، أما في مجال الانقياد والعمل وتحقيق ذلك بالعبادة من خلال حركة الإنسان: فهي صدق التَّوجه إلى الله وحده، وتطويع كلِّ حركةٍ من حركات الجوارح لتتَّفق مع صدق الوجهة إليه سبحانه.


ويتحدَّث الكاتبُ بعد ذلك عن أثر الإيمان بوعد الله بين الأمس واليوم، فيسوق أمثلةً لنماذج بانيةٍ كانت على خطِّ التَّأثر والانفعال الصَّادق بما تدعو إليه الرِّسالة التي آمنوا بها، ويقرِّر أنَّ هذا التَّفاعل مع مقتضيات الدَّعوة والانقياد لها كان السَّبب في تعاظم البناء وإشراق حضارة الإسلام على الدُّنيا.


ويقرِّر الكاتبُ أيضاً أن المعالم التي قدَرت على البناء وتنمية الحوافز الذَّاتية النَّابعة من أعماق النُّفوس المؤمنة، قادرةٌ على أن تكون لدنيا الواقع اليوم، منطلقَ التَّحول المنشود، والتَّغيير الجذري إلى ما هو أفضل، مما يجعل الأمَّة على كفايةٍ رفيعةٍ في مواجهة التَّحديات التي لا تقتصر على ميدان دون ميدان.


وينتقل الكاتبُ بعد ذلك ليتحدَّث عن البناء الثَّقافي ومرتكزاته الأساسية، بصحبة واحدٍ من المعالم القرآنية في سورة القمر، وهو قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، يبيِّن الكاتبُ أنَّ النَّصَّ على تيسير القرآن للتَّذكُّر، والأمر الجازم بهذا التَّذكر والدَّعوة إليه في آي الكتاب الحكيم، والدَّعوة الجازمة أيضاً إلى التدبُّر، كلُّ ذلك يجب أن يوسَّع له في إعداد الجيل المسلم ذكورِه وإناثِه، كيما يكونوا على النَّبع الأصيل في الصِّلة بهداية الكتاب، وكيما يسلمَ للبنية الثقافية مرتكزُها الأصيل، ولذلك انعكاساتٍ طيِّبة في استنارة العقل وسلامة التَّفكير والسُّلوك، وفي القدرة على مواجهة التَّحديات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، وردِّ العاديات التي تلْبَس أكثر من لبوس.


ويقود الحديثُ عن التَّذكر والتَّدبر إلى الحديث عن العناية باللُّغة العربية، فهي ضرورةٌ يُمليها الحرصُ على فهم الكتاب الكريم تذكُّراً وتدبُّراً، كما يخلص الكاتب.


ويتحدَّث الكاتب بعد ذلك عن تقوية الرَّوابط بين الفرد وأمته، وعلى هدى معلمٍ قرآنيٍّ جديدٍ من سورة البقرة، يسير بنا المؤلف مقرِّراً أنَّ ممَّا ينمِّي تلك الرَّوابط ويزيد من فاعليتها: أن يصحبَ الفردَ ويسودَ المجتمعَ شعورُ الانتماء إلى أمَّة لها خصائصُها ومميزاتها؛ وكان من خصائص هذه الأمة أن أكرمها الله حين جعلها أمَّة وسطاً خياراً عدولاً، وارتفع بها إلى مستوى الشَّهادة على النَّاس يوم القيامة، والشُّعور الصَّادق بهذه الخاصية يمكن أن يصنع بالنُّفوس تحولاً، وينشئ فيها حوافزَ ذاتيةً تدفع بصاحبها إلى ساحة البناء كفاء متطلبات المجتمع و المتغيِّرات التي تلد مع الزَّمن.


وفي حديثه عن دعائم الاستقرار في المجتمع، يتناول الكاتب قضية الأخوَّة الإيمانية على ضوء معلمٍ قرآنيٍّ من سورة الحجرات، هذه الأخوَّة التي يلتقي عليها أفرادُ الأمَّة، فتعمل على أن تجعل منهم طاقةً فاعلةً تغذِّي عملية البناء الحضاري السَّليم، وتنمِّي في الجماعة رُوح التَّعاون على الخير والوقوف صفًّا واحداً في مواجهة التَّحديات والأزمات.


ويقفُ الكاتبُ قليلاً عند قضية الاعتصام بالله وأثرها في تكوين شخصية المسلم رجلاً كان أو امرأة وتنمية حافز الإقدام والمثابرة لديه، الأمر الذي يطرد الاعتماد على غير الله سبحانه، أو الرُّكون إلى العافية واليأس، فتراه فارس الميدان الذي اؤتمن على العمل فيه، لا تثنيه العقبات، ولا يُضعف من عزيمته ما يعترضُه من رغَب أو رهَب.


وفي عودٍ على قضيةٍ سبقت، يكشفُ الكاتب أن المكرُمة التي وهبها الله لهذه الأمة -في خيريتها وشهادتها على الناس وشهادة الرَّسول عليها- تضع الأمة على رأس المسؤولية في حدود ذاتيتها، وعلى الصَّعيد الإنساني أيضاً، لما تقتضيه طبيعةُ الرِّسالة الخاتمة، وما يُفترض أن تصنعه في النُّفوس من حوافز إلى العمل الخالص لله، والدائب المستمر، الذي يشارك بتوازن في عملية البناء الكبرى.


وفي شأن مرتبط بالخيرية وعلى نور معلمٍ قرآنيٍّ من سورة آل عمران يكشف عمَّا بين الخيرية وبين الواجب القائم على الإيمان من وثيق الارتباط، وما ينبغي أن يكون بينهما من توازن؛ يمضي الكاتبُ يبين دلالة ذلك مستشهداً بموقف الفاروق -رضي الله عنه- وخوفه على الأمَّة من الرُّكون إلى الدَّعة، فشرط الخيرية يتمثَّل في الدَّعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، فذلكم طريق الفلاح، والذين يقومون به هم المفلحون.


وفي عودة ٍإلى قضية الأخوَّة الإيمانية ولكن بمنظور آخر ومع معلمٍ قرآنيٍّ أخر، يأتي الكاتبُ بصورٍ مشرقةٍ من حياة الصَّحابة الكرام -رضوان الله عليهم- تنمُّ عن مدى سموِّ الصِّلة القلبية فيما بينهم؛ إذ كان مبتغاهم جميعاً حسن العاقبة يوم الدين، ويؤكِّد الكاتبُ أن تُعطى تلك الوقائع حجمها الطَّبيعي في معركة التَّحويل والبناء، لما لائتلاف القلوب على التَّآخي الإيماني من أهميةٍ بالغةٍ في تحقيق البناء الذَّاتي للأمَّة، ووضع الطَّاقات المنتجة بشريَّة كانت أو غيرها موضعَها المناسب، ولأنَّ ذلك هو السَّبيل المؤدية -بعون الله- إلى التَّعاون المثمر تخطيطاً وتنفيذاً في إطار مصلحة الأمَّة والجماعة. والتَّعاون على البرِّ والتَّقوى عاملٌ من أهم عوامل تماسك الأمَّة، وضمان قدرتها على أداء رسالتها في البناء، وعلى الانتصار على أعدائها، مع التَّمكين في الأرض.


ثم يدعو الكاتبُ إلى ما يطرحه المعلم القرآني ويبيِّنه الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام من أن تكون أخوَّة العقيدة مدعاة التزامٍ واعٍ بأخلاق الإسلام وآدابه، في توازنٍ لا تطغى فيه العاطفة على الدِّين وأحكامه، وأن تكون حافز مودةٍ وتعاونٍ على الخير، ومسؤولية تتحقَّق من خلالها قيم الإسلام بشكلٍ عمليٍّ على صعيد المجتمع والأمَّة، وتُقصَى عندها عواملُ التَّفكك وعدم الاستقرار.


وقبل أن يغادر الكاتبُ القولَ في قضية التَّعاون ألمح إلى أن هذا التَّعاون يبدأ من الجزئيات على مستوى التَّعامل اليومي بين المسلمين ويمتدُّ رواؤه حتى يصل إلى القضايا الكبرى.


وفي رحلةٍ مع معلم ٍ قرآنيٍّ من سورة التَّوبة، وتحت عنوان: وضوح الرؤية.. والطَّاقة الفاعلة في التّوائم.. البناة والهدَّامون؛ يشير الكاتب إلى العلاقة بين البناء على العقيدة الصَّحيحة وتهذيب النُّفوس، وبين الثمرة من إقبالٍ على الخير وإسهامٍ في كلِّ ما يعود على الأمَّة بالنَّفع ويصعد بها إلى مدارج التَّقدم والرُّقي، وهو ما تجلَّى في سلوك المؤمنين الذين صدقوا ما أعطوا الله ورسوله من موثق.. ومن علاقةٍ بين فراغ القلب من عقيدة التَّوحيد ودخَل من داخل النَّفس، وبين التَّهالك في التَّحويم حول الذَّات والفرار من ساحات البذل والعطاء، بل والتَّخذيل عن العمل والجهاد، وهو ما تجلَّى في سلوك المنافقين والذين في قلوبهم مرض.


ويقفنا الكاتب على حقيقة أنَّ من القرآن ما يكون شفاءً ورحمةً للمؤمنين، وفي الوقت نفسه لا يزيد الظَّالمين إلا خساراً، معللاً ذلك بأنَّ المؤمنين تقبَّلوه مفتَّحة عقولهم وقلوبهم للهداية، وأولئك بقلوبٍ مغلقةٍ وعقولٍ مثقلةٍ بأفكارٍ منحازةٍ وعنادٍ مستحكمٍ في النُّفوس، وتتجلَّى هذه الحقيقة في العهد المدني، إذ نرى في المنافقين والذين في قلوبهم مرض الإعراضَ المتعمَّد عن الهداية، وإقامة الحواجز دونها ودون أن تصل إلى القلوب والعقول. وعلى العكس من ذلك حال المؤمنين الذين كان إيمانهم يزداد بكل آية تتنزَّل على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.


ثم يتحفنا الكاتبُ بدرسٍ من القرآن عبر معلم ٍ قرآنيٍّ من سورة المائدة، وما يوحي به في شأن أولئك القوم الذين كانوا أهل كتاب، ثم دخلوا حظيرة الإسلام على نورٍ من ربهم، وجمعوا إلى الإيمان الصادق، سلوكاً يتَّسم بنوعٍ من التَّكامل له انعكاساته الطَّيبة النَّافعة على المجتمع، وسلامة بنيته، وتسييره في طريق القدرة على الحركة وجميل العطاء.


وعلى طريق البناء الثَّقافي وفي وقفةٍ مع معلمٍ قرآنيٍّ من سورة الأعراف، يقدِّم لنا الكاتبُ بعضاً من خصائص المنهج القرآني، ذلك أنَّه يقدِّم الحقيقة بدليلها، ويفسح لها طريق القلب والعقل والفطرة، بجانب التَّحضير لقبولها، بالتَّوجيه إلى العبرة من وقائع الماضي والحاضر وكل ما يخدم الهدف، هذا هو الوجه الأول، والوجه الثَّاني هو عرض الحقيقة على طريق الهداية والإرشاد بالأسلوب الحكيم المعجز الذي يحقِّق لمن يملك الأهلية فائدةً عظيمةً جداً، وهي تفتيح الذِّهن، وإطلاق العقل من إساره، وتنمية الملكة القادرة على المقايسة والاعتبار، ووزن الأمور بالدَّقيق من المعايير النيِّرة، ووضع الدَّليل الملائم مصحوباً بالحكمة في الخطاب، ثم ربط النَّتائج بالمقدِّمات والمسبِّبات بالأسباب.


وفي قضيةٍ موصولةٍ بقضية البناء الثَّقافي للمسلم، وفي وقفةٍ مع الآيات التي خُتمت بها قصَّة نوح عليه السَّلام في سورة هود، يؤكِّد الكاتبُ أهمية وضوح الرؤية عند المسلم بشأن مصادر العلم والمعرفة، لما أن هذا الوضوح يساعد على أن يتبيَّن المسلمُ طريقَه في شأن الحقائق التي يسلِّم بها، والقيم التي يحتكم إليها، والمعايير التي يزن بها الأمور.


ويشير الكاتبُ بعد ذلك إلى الارتباط بين الإيمان والسُّلوك في المجتمع، وبصحبةٍ بعضٍ من آي سورة الحجرات التي كان من عطائها: الدَّعوة إلى إبعاد الشَّوائب عن التَّعامل بين المسلمين، وإحاطة المجتمع بسورٍ من الأخلاق، وسلامة السُّلوك، في إطار التَّذكير بالإيمان ومراقبة الله عز وجلَّ، وبالأخوَّة الإيمانية المنبثقة من عقيدة التَّوحيد التي اجتمعت عليها القلوب.


وفي فصولٍ متلاحقة تالية يركِّز الكاتب على قضية التَّفاعل مع المعنى القرآني، والانفعال بهداية القرآن، هذا المعنى الذي هدى إليه الرَّسول صلوات الله وسلامه عليه وهو يزاول العملية العظيمة في بناء الفرد وإنشاء الواقع الإسلامي على صعيد المجتمع والدَّولة.


ويعرض الكاتب في قضية أسلوب التَّعامل مع الآخرين وموقف المسلمين إلى نقطة مهمَّة وهي شمول الرِّسالة الإسلامية، واتِّساعها للدُّنيا والآخرة جميعاً، والشُّمول واضحٌ كلَّ الوضوح في كتاب الله وسنَّة رسوله حيث التَّكامل في المنهج الرَّباني، كما هو واضح في السُّنة المطهَّرة التي هي التَّرجمان العملي لمبادئ الإسلام، وهو واضحٌ أيضاً في الواقع العملي الذي يجده المرء في تاريخ هذه الأمَّة وما كان من مهمَّتها الحضارية عبر الزَّمان والمكان.


ومن الصُّور الواضحة المعالم لتكامل المنهج الرَّباني في البناء وشمول الرِّسالة؛ آية المداينة والآية التي تلتها، وهما في مقدِّمة الآيات التي تنظِّم شؤون الحياة بشتَّى وجوهها في منهج لا يستعصي عليه إنشاء الواقع الذي تتحقَّق فيه مصلحة الأمَّة مهما تطوَّر الزَّمان، خاصَّة وأنها جاءت ملاصقة للآيات التي أحلَّت البيع وحرَّمت الرِّبا، ودعت إلى الإنفاق وإنظار المعسر، ولذلك دلالته في التَّكامل الذي ينمِّي ثروة الأمَّة ويدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام ويعمل على صيانة الحقوق، وضمان أن تعمل الطَّاقةُ المالية عملَها في بناء الحياة كما أرادها الإسلام.


وفي كلماتٍ أخيرة تتصل بعنوان الكتاب يبيِّن الكاتبُ أنَّ ملامح المجتمع القدوة الذي تولَّى الرِّسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من البررة الصَّادقين بناءَه: تظهر فيما وجَّهت إليه آياتُ الكتاب الكريم وما بينه الرَّسول صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وإقراره، وهو يزاول عملية البناء بكل فروعها وشعبها وميادينها، ويسهر على مراحل تلك العملية العظيمة، واحدة بعد الأخرى؛ كيما تكون على المنهج الرباني، ويفوز المسلمون من خلالها وتحقِّق ما كانت من أجله، من التَّمكين في الدُّنيا، على الوجه الذي يصون إنسانيةَ الإنسان، ويحمي الحقَّ وأهله في كل زمان ومكان، ويضمن الفوز بحسن العاقبة يوم الدِّين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عظمة القرآن (خطبة)
  • العلاج بالقرآن الكريم

مختارات من الشبكة

  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آيات الشفاء في القرآن(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • القرآن شفاء وراحة للقلوب وللعقول لمن يتدبره بحق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تفسير النقاش (شفاء الصدور من تفسير القرآن)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • القرآن شفاء ورحمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسماء القرآن (8) الشفاء(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • تفسير: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القرآن الكريم ( يطرد الشيطان، ويرفع منزلة أصحابه، وشفاء للأمراض )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالله الهذلول في محاضرة بعنوان ( مسيرة جمعية تحفيظ القرآن في تحفيظ القرآن الكريم )(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)

 


تعليقات الزوار
4- مشكور
NANA47 - الجزائر 29-12-2010 05:34 PM

شكرا

3- بالتوفيق
العربي - مصر 06-02-2009 04:38 PM
نعم القرآن دواء القلوب وشفاؤها
2- الى اللدين يهتمون بالقران
mohammed alhassan - Sudan 19-05-2008 03:32 PM
و فقهم الله وجزاهم خيرا
1- ممبئي
محمود علي - الهند 12-05-2008 10:38 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


أشكركم على قيام هذه الجهود المباركة جعلها الله في ميزان حسناتكم
محبكم
محمود علي
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب