• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغِيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تحويل القبلة تميز وتجرد، تأدب واستقلال

خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/7/2010 ميلادي - 10/8/1431 هجري

الزيارات: 28322

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحويل القبلة تميز وتجرد، تأدب واستقلال

 

المؤمِنُ يتقلَّب في طاعةِ الله، جعَل اللهُ له محطَّات يَستزيد منها الإيمان، ويستوضح فيها الأمر، ويدرس مِن خلالها الآيات، ويَستكمل مِن بيْن ثناياها اليقين للقاءِ الله ربِّ العالمين، ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ [الرعد: 2]، فمِن الإسراء والمِعْراج، إلى تحويل القِبلة، إلى شهْر رمضان، إلى مَوْسم الحج.

 

يُريد الله للمؤمِن أنْ يرفع قدرَه، ويتولَّى أمرَه، ويُعلي شأنَه، ويهديه إلى صِراطه المستقيم، ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153]، فيعود المؤمِنُ من هذه المحطَّات أقوى إيمانًا، وأثْبَت يقينًا، وأَصلَبَ عودًا، وأرْحب صدرًا، وأوْسع صبرًا، يُمكنه مِن الصمود في وجْه العوادي والنكبات، لا تَلين له قناة، ولا يُفتُّ له عزم، ولا تضعُف له هِمَّة، لكن مَن يتزوَّد؟ ومَن يسارع؟ ومَن يباشر هذه المحطَّات؟!

 

هذه الدَّوحة التي نحن فيها، وهذه المحطَّة التي نُباشرها الآن، هي تحويلُ القِبلة، إنَّها ليستْ شيئًا عاديًّا، ولا أمرًا ثانويًّا، كلاَّ، إنَّها اصطفاء واجتباء، إنَّها تميُّز وتجرُّد، إنَّها استقلال ووسطية، إنَّها طاعةٌ وتلبية، إنَّها تأدُّب رفيع مع وحْي السماء، وأدب جمٌّ مع خالِق الأرض والسماء؛ ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ [البقرة: 144].

 

شهْر تُرَفع فيه الأعْمال:

نحن في شهْر شعبان، شهْر يَغفُل عنه الناس بيْن رجب ورمضان، شهْر تُرفَع فيه الأعمالُ إلى الله ربِّ العالمين؛ عن أسامةَ بن زيد رضي الله عنهما، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، لم أرَكَ تصوم من شهْر من الشهور ما تصوم مِن شعبان؟ قال: ((ذاك شهْر يغفُل الناس عنه بيْن رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، وأحبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائِم))؛ حسَن، رواه النسائي.

 

إعداد وتدريب:

شهْر فيه تدريبٌ وتهذيب؛ استعدادًا لمَوْسم الطاعات، وسُوق الحسنات، ومُلْتقى الخير مع المؤمنين والمؤمنات، إنَّه انطلاقةٌ بعيدة عن ثقلة الأرْض، وعوادم الأرْض، وجواذب الأرْض، يسيرُ الإنسان ببدنه إلى خالقِه بعدَ الإسراء، ويعرُج المرء برُوحه إلى رازقِه بعدَ المعراج، يَسمو برُوحه فيفرح للقاءِ ربِّه، عن عائشةَ؛ أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((مَن أحبَّ لقاءَ الله أحبَّ اللهُ لقاءَه، ومَن كرِه لقاء الله كَرِهَ اللهُ لقاءَه))، فقيل له: يا رسولَ الله، كراهية لقاء الله في كراهية لقاء الموْت، فكلُّنا يكْرَه الموت؟ قال: ((لا، إنَّما ذاك عندَ موته إذا بُشِّر برحمة الله ومغفرته، أحبَّ لقاء الله، فأحبَّ اللهُ لقاءَه، وإذا بُشِّر بعذابِ الله، كرِه لقاءَ الله، وكره اللهُ لقاءَه)).

 

وُيتقن عمله فيفرح برؤيته ربَّه؛ ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 105].

 

قِيمة القِبْلة، ومكانة المتوجِّهين إليها:

محطَّة أخرى من محطَّات الدِّين، ودَوْحة أخرى مِن دوْحات الإسلام، ذِكرَى تحويل القِبْلة، تطهيرٌ للنفوس المؤمنة، وتجرُّد للقلوب المخلِصة، وتميُّز للأمَّة الخيِّرة، وإسْكات للألْسنة المتطاولة، وإظْهار للنفوس المريضة، وفضْح لسُفهاء اليوم، وكل يوم؛ ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: 142].

 

القِبلة ليستْ شيئًا بسيطًا، ولا أمرًا تافهًا، كلاَّ، إنَّها بُؤرة الأرْض، وسرَّة الدنيا، مهْد الأنبياء، ومهبط وحْي السماء، مسقط رأس المرسَلين، وإشعاع يُضيء للعالَمين، إنها وِجهة لأمَّة الخيرية، ومجْمع للنفوس الزكية، ومأوى للقلوب السليمة، ومجبًى للثمرات الطيِّبة، ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [القصص: 57]، ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: 37].

 

إنها مُلتقَى المؤمنين مِن شتَّى بِقاع الدنيا، على مختلف ألْوانهم ولُغاتهم وبلدانهم، الذين اختارَهم الله لهذا الدِّين، واختار هذا الدِّينَ لهم، يجب أن نَعيش لحظاتٍ مع هذا التغيُّر، لماذا؟ ومع هذا التحوُّل سبُبه وكيفيته ونتائجه؛ علَّنا نُفيق مِن غفْلتنا، علَّنا نعود إلى ربِّنا، علَّنا نعتزُّ بدِيننا، علَّنا نتحوَّل مِن عبيدٍ إلى سادة، مِن مَقودِين إلى قادة، مِن تابعين إلى متبوعين، نحن عبيدٌ لله فقط، لكنَّنا سادة الدنيا، وقادَة الأرْض، كما أراد الله لنا.

 

كيف لا ومعَنا الإسلام؟! كيف لا ومعنا المنهجُ القويم، والدستور الحكيم؟! كيف لا ومعنا الحَبْل المتين، والنور المبين؛ ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103]، ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: 174]، ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: 15]؟!

 

كيف لا ومَعَنا القُدوة المُثلَى، والأُسوة الحَسنة، والقائِد العظيم بسُنَّته وسيرته، ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران: 164]، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]؟!

 

عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((تركتُ فيكم شيئَيْن لن تضلُّوا بعدَهما: كتاب الله وسُنَّتي، ولن يتفرَّقا حتى يردَا علَى الحوْض))؛ صحيح الجامع.

 

هل نُقدِّر ما نحن فيه مِن مكانةٍ أعدَّها الله لنا؟ هل نستشعِرُ ما نحن فيه مِن منْزلة هيَّأها الله لنا؟! هل نكون كما أراد الله لنا؟ ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 23]، هذه نتيجةُ المفروض - طبيعية لهذا العطاء، وهذه المِنح، رُشْد وعزَّة، وعزوة.

 

قال الفاروقُ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يوما: (لقد كنَّا أذلَّة - أي: قبل الإسلام - فأعزَّنا الله بالإسلام، ولو ابتغَيْنا العِزَّة في غيْر الإسلام أذلَّنا الله)، قالها وهو في طريقه لفتح القدس أُولى القِبلتين وثالث الحرمين، ليس معه طائراتٌ عملاقة، ولا سيَّارات فارهة، ولا علامات لامِعة، ولا جُند مدرَّبة، ولا ملابس فاخِرة، كلا، فالفاتحونَ الحقيقيُّون لا يهتمُّون بهذه الأمور كثيرًا، أو قليلاً، فهم لا يحبُّونها، ولا يدرونها، ولا يقفون كثيرًا عندها، وإنَّما يفرحون بإسلامهم ويعتزُّون بإيمانهم، لم يكن معه إلَّا أبو عبيدة بن الجرَّاح، أمين الأمَّة.

 

رحِم الله سلمانَ الذي قال:

أَبِي الإِسْلاَمُ لاُ أَبَ لِي سِوَاهُ ♦♦♦ إِنِ افْتَخَرُوا بِقَيْسٍ أَوْ تَمِيمِ

 

ورحِم الله رِبعيًّا، الذي دخل على ملِك الروم في سلطانه وصولجانه، رِبْعِيّ بن عامر رضي الله عنه كان رُمْحه قصيرًا، وترسه قصيرًا، وحصانه قصيرًا، لكنه كان قويًّا بإيمانه، عزيزًا بإسلامه، دخَل على رُستم يقول له: جِئنا لنُخرجَ الناس مِن عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، ومِن جور الأديان إلى عدْل الإسلام، ومِن ضيق الدنيا إلى سَعة الدنيا والآخِرة.

 

القِبلة مشعلُ النور، ومكان الخشوع، ومسكب العَبَرات:

القبلة؛ الكعبة، وما أدراكم ما الكعبة؟! مكان الأمن والأمان، مشعل النور والإيمان، مهوَى القلوب، ومطهر الذنوب، ومسكب العَبَرات، وومنْبت الرِّسالات مكان وُلِد فيه المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم، درَجت عليه قدماه، وبدأ فيه مسعاه، واستقبل فيه وحي الله، اختار الله لأوليائه وأصفيائه خيرَ مكان، واصطفى لهم خيرَ قِبلة، وأنزل عليهم خيرَ كتاب، وأرسل إليهم خيرَ رسول، فكانوا خيرَ أمَّة أُخرِجت للناس؛ ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: 110].

 

الوطنيَّة في الإسلام:

النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يخرج من مكَّةَ مهاجرًا إلى المدينة، فيلتفِتُ إلى الكعبة، ويُلقِّن الأمَّة درسًا في الحبِّ والوطنية؛ الوطنيَّة المجمِّعة لا المفرِّقة، الوطنية الموحِّدة لا المشتِّتة، الوطنية المحبِّبة لا المبغِّضة، الوطنية البنَّاءة لا الهدَّامة!

 

أخْبر أبو سَلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أنَّ عبدَ الله بن عديِّ بن الحمراء، قال له: رأيتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو على ناقتِه، واقف بالحزورة يقول: ((واللهِ إنَّكِ لخير أرْض الله، وأحبُّ أرْض الله إليَّ، واللهِ لولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ ما خَرجْتُ))؛ قال الشيخ الألباني: صحيح.

 

أعزَّ جندَه، وصدَق وعدَه:

ولمَّا وصل إلى الغار، لحِق به الأعداء، أراد الله أن يُطمْئن قلْبه، ويشرح صدْره، فأنزل عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [القصص: 85]، ووعْد الله حقٌّ، وقول الله هو الصِّدق، وصَل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، وهناك توجَّه في الصلاة إلى بيْت المقدِس ستةَ عشر أو سَبعة عشر شهرًا بعْد أنْ كانت قِبلتُه إلى الكَعْبة، لكن حُوِّلت القِبلة، وتحقَّق وعْد الله لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم، وعاد إلى مكة فاتحًا، يوم الفتح الأكبر على رأس عشرة آلاف مسلِم، وقد دخَل الناسُ في دِين الله أفواجًا؛ دخَل مكة على دابَّتِه يَحني ظهره، ويدعو ربَّه، ويستغفر مِن ذنبه.

 

كان يُكثِر في آخِر أمْره مِن قول: سبحانَ الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه؛ قالت عائشة رضي الله عنها: فقلتُ: يا رسولَ الله، ما لي أراك تُكثِر مِن قول: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال: ((إنَّ ربي كان أخْبرني أني سأرَى علامةً في أمَّتي، وأمرني - إذا رأيتُ تلك العلامة - أن أُسبِّح بحمده وأستغفره، فقد رأيتها: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر: 1 - 3]))؛ السلسلة الصحيحة، وقال تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح: 1].

 

سفهاء سفهاء، ينضح بما فيه الإناء:

ولمَّا تحوَّلَت القبلة، تحرَّكت القلوب المريضة، وانطلقَت الألْسنة المتسلِّطة، وانتشرَتِ الإشاعات الهدَّامة، وما أكثرَ الألْسنةَ المتسلِّطة والمتطاولة في كلِّ زمان، وفي كلِّ مكان!

 

• قالت اليهود: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ [البقرة: 142]، قالوا: خالَف قِبلة الأنبياء قبلَه، ولو كان نبيًّا، لكان يُصلِّي إلى قِبلة الأنبياء.

• قال المشركون: كما رجَع إلى قِبلتنا، يُوشك أن يرجعَ إلى دِيننا، وما رجَع إليها إلا أنَّه الحق.

• قال المنافقون: ما يَدري محمد أين يتوجَّه؛ إن كانتِ الأولى حقًّا فقد ترَكها، وإنْ كانت الثانية هي الحقَّ، فقد كان على باطِل.

• وكثرُت أقوالُ السفهاء من كلِّ هؤلاء؛ ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: 142]، وكلُّ مَن يتعرَّض للإسلام، أو لِكتابه أو لرسولِه أو لأهله بالسُّوء، سواء مِن قريب أو مِن بعيد، فهو سفيهٌ بنصِّ القرآن الكريم.

 

الله يُكذِّب الادِّعاءات التي حاكَها السفهاء، ويفنِّد هذه الإشاعات، التي أطلقها المرْضى البُلهاء، في مطلع الجزء الثاني؛ ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: 142].

 

سفهاء مِن الناس، السَّفيه لا قيمةَ له؛ لأنَّه قد يضيع ماله، وقد يضيع نفسه؛ لذلك قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5]، مَن الذي سمَّاهم سفهاء؟ إنَّه الله خالقهم ورازقهم، وهو الأعلم بهم، و(سيقول) للاستمرارية، نتصالح أو نَتَخاصَم، نُوالي أو نُعادي، نُقاطع أو لا نُقاطع، نُطبِّع أو لا نطبِّع، هم سيقولون إلى يومِ الدِّين، وهم أعداء الإسلام إلى يومِ الدِّين، وهم سفهاء إلى يوم الدِّين ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ [البقرة: 142].

 

المؤمِن ما موقفه؟

ردٌّ قاطِع، لا مِراءَ فيه، وبيان ساطِع لا لبْسَ معه، ولا جدالَ فيه: ﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ [البقرة: 142]، له كلُّ الأمكِنة، وله كلُّ الاتجاهات، هو الذي يقرِّر، وهو الذي يوجِّه، وهو الذي يَهدي، والخيرُ في طاعِته، والفلاح في هدايته؛ ﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: 142].

 

المؤمِن يعلم أن المُلْك كله لله، يعلم أنَّ المال يَفنى، والمُلك لا يَبقى، السلطان يزول، والعِزُّ لا يدوم؛ ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 27]؛ لذلك يؤمِن ويلبِّي، ويُطيع ويرضى: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 7].

 

إنَّهم يلبُّون نداء الله؛ ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾ [آل عمران: 193]، إنَّهم يَرْضَوْن بحُكم الله؛ ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور: 51].

 

﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 115]؛ الشَّرْق لله والغَرْب لله، والجِهات كلها لله، والأمْر بيد الله، ونحن نتعبَّد في الجِهة التي أرادَها الله، وعندما يُوفِّق الله عبدًا، فإنَّما يَهديه إلى الطاعة، ويُرْشده إلى العِبادة، يَهديه إلى الامتثال لأمْره، لكن الذين عاندوا وأعْرضوا، رفَضُوا هذه الأوامر؛ ظلمًا بغير حقٍّ، وسفَهًا بغير عِلم؛ ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [النمل: 14].

 

أمَّا المؤمِن إذا أُمِر أنْ يتجَّه إلى الشرق يُشرِّق، أو إلى الغرْب يُغرِّب؛ لأنَّ أمر الله فيه الهدايةُ والكفاية، فيه النَّجاح والفَلاح.

 

الوسَطيَّة والتميُّز:

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]؛ وسطًا في سرَّة الدنيا، وسَطًا في التصوُّر والاعتقاد، وسطًا في الدِّين والعبادة، وسطًا في المكانة والرِّيادة، وسطًا في الشَّعائر والمشاعر، وسطًا في الشرائِع والمناهج، وسطًا في كلِّ شيء، لا يميلون إلى المغالاة والتطرُّف، ولا يذهبون للرَّهْبانية المقيتة، يأخْذون بالجِدِّ إذا كان الأمْر جدًّا، والدِّين كلُّه جِدٌّ، أمَّة تتلقَّى أوامِرَ الله فتنفذها بالحِكمة والموعظة الحَسَنة، لا اتِّكالًا ولا استهزاءً، ولا تطرُّفًا، ولا تشدُّدًا، وإنَّما: ((إنَّ الدِّين يُسْر، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبَه، فسدِّدوا وقارِبوا وأبْشِروا، واستعينوا بالغدوة والرَّوْحة، وشيءٌ من الدُّلْجة))؛ صحيح الجامع، ((إنَّ هذا الدِّين متين، فأوْغِلوا فيه برِفْق))؛ صحيح.

 

يَعْبدون ربًّا واحدًا، ويتَّبعون نبيًّا واحدًا، ويقرؤُون كتابًا واحدًا، ويتَّجهون إلى قِبلة واحدة، ويتعبَّدون بأعمال واحدة! هل هناك تميُّز أفْضل مِن هذا؟ هل هناك وَحْدة أجمل مِن هذه؟! الله يجمَعُهم وهم يتفرَّقون، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].

تَأَبَى الرِّمَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا ♦♦♦ وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرَتْ آحَادَا

 

الله يُوحِّدهم وهم يختلفون، ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92]، الله يَهديهم وهم يضلون، ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران: 101]، الله يُعزُّهم وهم يستذلُّون، ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء: 139]، الله يُعلِّمهم وهم يَجهَلون، ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 282]، إلَّا مَن رحِم ربي وعصَم.

 

إذا سُرِق منك المال، تَقلِب الدنيا ولا تُقعدها، أمَّا إذا سُرِق منك الإيمان، أو القرآن، أو العقيدة، أو المقدَّسات، تنام قريرَ العين، هادئَ البال كأنَّ شيئًا لم يكن! لماذا؟!

 

ساكن، غافِل، سلْبي، كيف؟! تتخلَّف عن صلاة الفجْر، هذه سَرِقة لإيمانك، كيف لا تؤدِّي زكاةَ أموالك؟! كيف لا تُدافع عن دِينك أو مقدَّساتك؟!

لماذا لا تقول الحقَّ ولو كان مُرًّا، ولا تأمر بالمعروف ولو كان سرًّا؟!

قِبلتك الأولى بيْن براثن اليهود، ماذا صنعتَ لتحريرها؟ هل جاهدتَ بمالك، أو بقَوْلك، أو بوقتك؟ هل قاطعتَ أعداءَك، وأعداء الدِّين، وأعداء الله؟ هل دعوتَ الله بعدَ الفجر وفي أوقاتِ السَّحَر؟


دعوة مِن الله لك؛ لتكونَ شاهدًا على الناس يومَ القيامة؛ هل تُلبِّي؟!

﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: 143] في الدنيا والآخِرة، كيف؟

• في الدنيا: عن أنس رضي الله عنه قال: مرَّ بجنازة، فأُثني عليها خيرًا، فقال نبيُّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((وجبَتْ، وجَبتْ، وجَبتْ))، ومرَّ بجنازة، فأُثْنِي عليها شرًّا، فقال نبيُّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((وجَبَت، وجَبَت، وجَبَت))، فقال عمر: فداك أبي وأمِّي، مُرَّ بجنازة، فأُثني عليها خيرًا، فقلتَ: ((وجبَتْ، وجَبتْ، وجَبتْ))، ومُرَّ بجنازة، فأُثِنيَ عليها شرًّا، فقلتَ: ((وجَبَت، وجَبَت، وجَبَت))؟ فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن أثنيتُم عليه خيرًا وجَبَتْ له الجَنَّة، ومَن أثنيتم عليه شرًّا وجَبَتْ له النار؛ أنتم شهداءُ الله في الأرْض))؛ رواه البخاري، ومسلم واللفظ له، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

 

• في الآخرة: ((يجيء النبيُّ يومَ القيامة ومعه الرجُل، والنبيُّ ومعه الرجُلان، والنبيُّ ومعه الثلاثة، وأكثر مِن ذلك، فيُقال له: هل بلغتَ قومك؟ فيقول: نعم، فيُدْعَى قومُه، فيقال لهم: هل بلَّغكم هذا؟ فيقولون: لا، فيُقال له: مَن يشهد لك؟ فيقول: محمَّد وأمَّته، فيُدْعى محمَّد وأمَّته، فيقال لهم: هل بلَّغ هذا قومَه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما عِلمُكم بذلك؟ فيقولون: جاءنا نبيُّنا فأخبَرَنا أنَّ الرسل قد بلَّغوا فصدقْناه، فذلك قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]))؛ صحيح الجامع.

 

﴿ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143]، كيف؟

عن عبدِ الله بن مسعود قال: (قال لي رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو على المِنْبَر: ((اقرأ عليَّ))، قلتُ: أقرأُ عليك وعليك أنزل؟! قال: ((إنِّي أُحبُّ أن أسمعَه مِن غيري))، فقرأتُ سورةَ النِّساء، حتى أتيتُ إلى هذه الآية: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: 41]، قال: ((حسْبُك الآن))، فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرِفان)؛ صحيح.

 

هل أنتَ أهلٌ لهذه الشهادة؟ هل أنتَ أهلٌ لهذه المكانة؟ هل أنتَ خليقٌ لهذه المنزلة؟

أنتَ ونفسك، أسألْها تُجِبك!

 

من أسباب تحويل القبلة:

أمَّا سبب الموقِف، وعلَّة التحوُّل، فهو تجرُّد القلوب، واصْطِفاء النفوس، واجتباء الأرْواح، واستقلال التوجُّهات؛ لِيُبيِّن اللهُ الناسيَ مِن الذاكِر، والجاحِدَ مِن الشاكر، والمؤمِنَ مِن الكافر، والمُصلِحَ مِن المفسِد، والكاذِبَ مِن الصادق، والمتردِّدَ الخوارَ مِن الثابت المغوار؛ ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ﴾ [البقرة: 143]، أراد اللهُ أن يُجرِّد القلوبَ مِن العوالق إلَّا لله، وأن يُصفِّيَها من الجواذبِ إلَّا لدِين الله.

 

صَفْعة أخرَى للمنافقين والمشكِّكين، واليهود الملاعين، وفي الوقت نفسه طمأنةٌ للمؤمنين الصادقين، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ [البقرة: 143]؛ (صلاتكم)، لماذا؟ ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 143]، رأفتُه بالمؤمنين ما أعظمَها! ورحمتُه بالمخلِصين ما أجملَها!

 

الأدب مع الله طريق الأنبياء:

انظر كيف يتأدَّب المخلوقُ مع خالقِه، والمرزوق مع رازقِه، والعبد مع سيِّده، والحبيب مع حبيبه، إنَّه درْسٌ عظيم في التأدُّب مع الله؛ ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: 144]، بدون طلَب، بدون اقتراح، بدون إلْحاح، أيقترح على ربِّه؟! أيُغيِّر في الدِّين؟! كلاَّ؛ لذلك كانت الإجابةُ على وجه السُّرعة له ولأمَّته، هل أنتَ منهم؟!

 

﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144]، فما بالُ الذين يُغيِّرون الشرائع، ويحرِّفون الشعائر، ويتحايلون على الدين؛ يُعطِّلون الحدود، ويَنقُضون العهود؟! كيف بهم إذا وقَفوا أمامَ الله؟!

 

طريق موصول بيْن الأنبياء والمرسَلين والدعاة؛ الأدب مع الله ربِّ العالمين:

• أيُّوب عليه السلام: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: 83]، النتيجة: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ [الأنبياء: 84].

• موسَى عليه السلام: مُطارَد ومجهَد ومهدَّد، ومع ذلك لربِّه يتودَّد؛ ﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 24]، النتيجة: ﴿أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: 39].

• يوسف عليه السلام: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101]، النتيجة: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21].

• سليمان عليه السلام: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ [النمل: 19]، النتيجة مع مزيدٍ من التواضع لله، والأدب معه: ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: 40].

 

كانتْ في حياته آيات: الطير تخدمه، والرِّيح تحمله، والجِن تغوص له في الأرْض؛ تستخرج له من الكنوز ما يشاء، وتبني له مِن الصروح ما يُريد، وكان مماته أيضًا آية؛ ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ [سبأ: 14].

 

• عيسى عليه السلام: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [المائدة: 116]، النتيجة: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾ [مريم: 57].

• إبراهيم عليه السلام: في الأثر يُوضَع في النار، فيأتيه آتٍ: هل لك حاجةٌ؟ فيرد: (كيف أحتاج إليك، وأنسَى الذي أرْسلك إليَّ؟! عِلْمُه بحالي يُغني عن سؤالي)، الرد والنتيجة: ﴿قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: 69]، ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [البقرة: 130].

• محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: 144]، النتيجة: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144].

 

هذا طريقُ الأنبياء والمرسَلين، وهذا سبيلُ المؤمنين، وهذا مسلَكُ الصالحين إلى يومِ الدين، الأدب مع الله ربِّ العالمين، التودُّد إليه، والتوجُّه إليه، وإرْجاع الأمْر له، لا الإصْرار على الإعْراض والعِناد.

 

أمَّا الآخرون، فيعلمون الصِّدق ويكذبون، يعلمون العدلَ ويظلمون، يعلمون الإيمان ويَكْفرون، يعلمون الإخلاصَ ويُشرِكون، يعرفون الحقَّ ويُنكرون، لكن هل يغفُل الله عنهم؟!

﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 144]، ويُصرُّون على الكفر والعِناد، وعلى الصدِّ والإعْراض، فاحذْرهم، ولا تتبِّع أهواءَهم؛ ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 145].

 

هذا لمحمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم أحبِّ خلْق الله إلى الله، فما بالك بالذين اتَّبعوا أهواءَهم، أو طُبِعوا معهم، أو سارُوا في رِكابهم؟! ماذا تكون النتيجة عندهم؟ إنَّها جليَّة واضِحة وضوحَ الشمس في كبدِ السماء، والحال أبلغُ مِن المقال.

 

إسراء إلى ربْط بين المسجدين، وتوجُّه إلى القِبلتين لماذا؟

الرَّبْط بيْن المسجدَيْن في الإسراء، وفي تحويل القِبْلة، لأهميَّة الأمْر، ولمكانةِ المسجدين عندَ المسلمين، ولمنزلةِ الحرَمَيْن عندَ المؤمنين.

 

في الإسراء: ربْط عظيم ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].

وفي تحويل القبلة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (بينما الناس - بنو عمرو بن عوف - في صلاة الصُّبح بقباءٍ، إذ جاءَهم آتٍ، فقال: إنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد أُنزِل عليه الليلة، وقد أُمِرَ أن يَستقبلَ الكعبة، فاستقْبِلوها، وكانتْ وجوههم إلى الشامِ، فاستداروا إلى الكعْبة)؛ رواه البخاري، ومسلم.

 

قِمَّة الطَّاعة لله، طالَمَا أنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم فعَل، فإنَّ الله تعالى أمَر، ولا بدَّ أنْ نأْتَمِر بأمْر الله، ونسير على منْهج الله، ونتبع خُطَى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

وأتمَّ نِعمتَه عليهم مع القِبلة بأنْ شرَع لهم الأذان في اليوم والليلة خمسَ مرَّات، وزادهم في الظهر والعصر والعِشاء ركعتَين أُخريين، بعدَ أن كانت ثُنائية، فكل هذا كان بعد مَقْدمِه المدينة.

 

القِبلة مجدُ الإسلام والمسلمين، عزُّ الإسلام والمسلمين، فاسترِدُّوا الأقصى، وحافِظوا على الكعْبة.

 

اللهمَّ تقبَّل منَّا رجب وشعبان، وبلغْنا رمضان، اللهمَّ ارزقْنا الإخلاص في القول والعمل، ولا تجعل الدُّنيا أكْبر همِّنا، ولا مبلغَ عِلْمنا.

 

وصلِّ اللهمَّ على سيِّدنا محمَّد، وعلى أهله وصحْبه وسلِّم، والحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحويل القبلة تأصيل للشخصية الإسلامية
  • معالم التمايز في تحويل القبلة
  • تحويل القبلة .. دروس وعبر
  • لكل مجتهد نصيب
  • الحكمة من تحويل القبلة
  • تحويل القبلة.. إظهار الأوراق وكشف الأبواق
  • خطبة عن تحويل القبلة
  • تحويل القبلة دروس وعبر (خطبة)
  • دروس ووقفات للأمة من تحويل القبلة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تحويل القبلة وتميز الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحويل القبلة وتميز الأمة وبيان خيريتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث البراء بن عازب في تحويل القبلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس من تحويل القبلة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • دروس من تحويل القبلة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تحويل القبلة: تأملات وعبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحويل القبلة والاستجابة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتحويل القبلة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • تحويل القبلة: نظرات بين الواقع والتاريخ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحويل القبلة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- دعاء
د محمد أبوزيد - مصر 12-07-2011 01:30 PM

بارك الله فيكم ولكم وجزاكم الله خيرا على هذا الأسلوب الأدبي الرائع .

1- ثناء ودعاء
عبد اللطيف سيد حسانين - مصر 11-07-2011 01:38 PM

من أجمل نعم الله علي العبد أن يستعمله في عبادته ومدارسته لكتابه وسنة رسوله وسيرته العطرة وهذا الموضوع (تحويل القبلة)من أصح ما قرأت في هذا الباب ،فالله أسأل أن يثيب كل من ساهم في كتابته خيرا وأن يجعله في ميزان حسناته انه على كل شيئ قدير

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب