• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغِيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

فتاوى تجديدية تحررية جريئة في آخر الزمان، ما أنزل الله بها من سلطان!!

أ. د. محمد رفعت زنجير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2010 ميلادي - 29/7/1431 هجري

الزيارات: 17491

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فتاوى تجديدية تحررية جريئة في آخر الزمان، ما أنزل الله بها من سلطان!!


الحمدُ لله العزيز الغفَّار، مُكَوِّر النهار على الليل ومُكَوِّر الليل على النهار، والصلاة والسلام على النبيِّ المختار، الذي حذَّر من أفكارِ السوء، وفتاوى الفُجَّار، فقال فيما رواه مسلم: ((يكونُ في آخر الزمان دجَّالون كذَّابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا؛ أنتم ولا آباؤكم، فإيَّاكم وإيَّاهم، لا يضلُّونكم ولا يفتنونكم))؛ "مشكاة المصابيح"؛ تحقيق الألباني، (1/ 55).

 

والصلاة والسلام على آله الأطْهار، وصحابته الأبْرَار، ما طَلَعَ ليلٌ وأشْرَقَ نهارٌ، اللهم احْشُرْنا معهم يا عزيز يا غفَّار.

 

أما بعد:

يا عبد الله، نحن في زمنٍ عجيبٍ، يحارُ فيه اللبيبُ، وتَفْسدُ فيه القلوبُ، ويعلو فيه الوضيعُ، ويُوْضَعُ فيه الرفيعُ، انقلابٌ في القِيَم والموازين، واختلافٌ في الشكل والعناوين، وصَدَقَ قولُ القاضي الأرجاني في مِثْل هذا الزمانِ:

 

هَذَا الزَّمَانُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ كَدَرٍ
يَحْكِي انْقِلَابُ لَيَالِيهِ بِأَهْلِيهِ
غَدَيْرَ مَاءٍ تَرَاءَى فِي أَسَافِلِهِ
خَيَالَ قَوْمٍ تَمَشَّوْا فِي نَوَاحِيهِ
فَالرِّجْلُ تَنْظُرُ مَرْفُوعًا أَسَافِلُهَا
وَالرَّأْسُ يُنْظُرُ مَنْكُوسًا أَعَالِيهِ

 

 

في كلِّ يومٍ تَظْهر فَتْوَى وليدة، تحلِّلُ ما كانتْ تحرِّمه بالأمس العقيدةُ، أو تحرِّم قضايا جديدة؛ حتى فَسَدَ حالُ دينِنا ودُنْيانا، فَصِرْنَا كما قال إبراهيم بن أدْهم:

 

نُرَقِّعُ دُنْيَانَا بِتَمْزِيقِ دِينِنِا
فَلَا دِينُنَا يَبْقَى وَلَا مَا نُرَقِّعُ

 

وتُقْذَفُ هذه الفتاوى في وسائل الإعلام، ويُعَلِّقُ عليها الخواص والعَوَام، ويظهر في التعليقات العَجَبُ؛ مِن رَجَاحة العقول، أو قِلَّة الأدبِ؛ وذلك أنَّ الفتاوى صَارتْ حسبَ الطلب، وننشغلُ فيها عن القضايا الأساسيَّة، فيا لها مِن أُمَّة تعيشُ في شرِّ البليَّة!

 

وإلا قُلْ لي يا عبد الله: هل حرَّرنا فلسطين والجُولان، ونشرْنا العدْلَ والميزان، ووفَّرنا الحليبَ للأطفال والوِلْدَان؛ حتى تأْتِينا فتوى إرضاع الكبير، ولو كانَ كالثورِ يَغُطُّ في الشخير؟! ولو أرضعْنا الكِبارَ، فهلْ سيرضَعُ الصغارُ إلا حليبَ الأبقار؟! فهل من  الحِكْمة أنْ يكونَ الحليبُ لمن قال الله تعالى فيه: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [لقمان: 14]، أو نسقيه أبا كرش وأبا كرشين؟!

 

ولو كانَ إرضاعُ الكبارِ مما يستساغُ، لفَعَلَه مَهَرةُ الصياغ؛ وأعنِي بهم سَلفَ الأمَّة والصحابة والأئمَّة.

 

وهل مِن مقاصدِ الشريعة نَسْفُ الحواجز بين الرجال والنسوان؛ حتى يصبحوا كلُّهم إخوانًا؟! ما هذا الهُرَاء في هذا الزمانِ؟! أفي كلِّ يومٍ تهبُّ فتوى تَفُوحُ منها رائحةُ البَلْوَى، اللهمَّ إليك الشكوى!

 

يُرِيدُونَ إِرْضَاعَ الْكَبِيرِ بِزَعْمِهِمْ
فَلَمْ تَبْقَ أَلْبَانٌ لِكَي يَرْضَعَ الطِّفْلُ

 

ومِن أسوأ الفتاوى رَزِيَّةً تلك التي تخلطُ الجهاد بالعمليَّات الإرهابيَّة، فلا تميِّزُ بين الدِّفاعِ المشروع والمقاومة الوطنيَّة، والعمليَّات العُدْوانيَّة والقتْل على الهُويَّة، فالكلُّ عندها سواءٌ  بسواء؛ حتى صارَ الناسُ يخافون مِن قراءة سورة التوبة؛ لأنَّ قارئها قد يذهبُ إلى غيابة الجُبِّ بلا أَوْبَةٍ، وصِرْنَا نتحدَّثُ عن أنَّ الإسلامَ دِينُ المحبَّةِ والسلام، وهي كلمة حقٍّ أُرِيدَ بها باطلٌ.

 

أيُّها الضِّرغام، إيَّاك أنْ تُردِّدَ قَوْلَ أحمد محرَّم:


هَلِ الدِّينُ إِلَّا مَعْقِلٌ نَحْتَمِي بِهِ
إِذَا دَلَفَ الْعَادِي إِلَيْنَا فَأَسْرَعَا

 

إذْ لو ضَرَبَكَ أخوكَ على خَدِّك الأَيْمن، فَأدِرْ له الأَيْسَرَ، وإذا ضَرَبَك على الأَيْسَرِ، فتبسَّم وقُلْ له: شُكْرًا يا عنترة، وإذا جَلَدَك على ظَهْرِك، فاكْشِفْ له صَدْرَك، وقُلْ في نفسِك ما قالَه أهْلُ السلوك: إني امرؤ صعْلوك، لو لم أكن عاصيًا ومِن الأوغاد، لما سَلَّطَكَ اللهُ عليَّ أيُّها الجَلَّاد، أنا العبدُ الخسيسُ الحقود، وأنتَ لِلَّه مِن خِيْرة الجنود!

 

وإيَّاك أنْ تَقْرأَ يومًا قوْلَ المتنبي:

 

كُلُّ عَفْوٍ أَتَى بِغَيْرِ اقْتِدَارٍ
حُجَّةٌ لَاجِئٌ إِلَيْهَا اللِّئَامُ

 

فأيُّ عَفْوٍ، وأيُّ سماحٍ وعُقْرُ الإسلام مُسْتَباح؟! وهل ذَهَبَ المسلمون فاحتلُّوا بَلدًا في أوروبا أو الصين؟! أو جاء المحتلون وأخذوا دُرَّة البلاد فلسطين؟! وهل نحن مَن أغَارَ على قافلة الحريَّة، وسَفَك الدماءَ الزكيَّة فوْقَ البحرِ المتوسط؟! أو المحتل المتخبِّطُ؟! أفَمَن يدافعُ عن حقِّه سَفَّاحٌ؟! ومَن يغزو الآخرين بدهاء التمساح، ويسلبهم البرتقالَ والموزَ والتفاحَ، ويقتلُ الراكبَ والملَّاحَ، تُرفع له الأعلام، ويُقال له: أحسنتَ يا سلام، أنتَ البطلُ الضِّرْغام؟!

 

فما أضلَّ هذه الرُّؤى يا مجانين! وما أبخْسَ تلك الموازين! تداركْنَا بعفْوِك يا ربَّ العالمين!


قَتْلُ امْرِئٍ فِي غَابَةٍ
جَرِيمَةٌ لَا تُغْتَفَرْ
وَقَتْلُ شَعْبٍ آمِنٍ
مَسْأَلَةٌ فِيهَا نَظَرْ

 

ومن الفتاوى المُرْبِكة المُهْلِكة: الفتاوى الجنسيَّة، التي تبيحُ لقاءَ الذكر والأنثى في ساعة ليليَّة نَديَّة، حيث الستائرُ مرخيَّة، والأضواء الحمراء شبه مَطْفيَّة، وهناك يكون الافتراسُ في عُشِّ الزوجيَّة، وهو زواج سرِّيٌّ كالعادة السريَّة، بلا نشْرٍ ولا عَلانية، ولا نَسْل ولا ذُريَّة، ولا أيِّ حقوقٍ وواجبات اجتماعيَّة، اللهم إلا إرضاء النزوات، وكَشْف العَوْرات، والغَرَق في الشهوات تحت ستار مِن الشرعيَّة والمكيافيليَّة الزئبقيَّة، وكأنَّ أصحابَ هذه الفتاوى لم يقرؤوا قولَه تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ [النحل: 72].

 

وصارَ هؤلاء المتزوِّجون بالسِّرِّيَّة يذهبون إلى زوجاتهم الجديدات كالحرامية، ويكذبون على القديمات، فيقولون: نحن منتدَبون إلى بلدِ كذا بمهمَّة رسميَّة، فأيُّ مجتمعٍ صالح يفشو فيه الكذبُ بلا حساب، وتعمُّ فيه الخزايا خَلْف الأبواب؟!

 

ولماذا لا يتزوَّجون بالحلال، وقد رزَقَهم اللهُ وأفاضَ بالمال؟! فلتُفْتَح خزائنُ الرشيد والمنصور، أحلَّهما الله دارَ المقامة والحبور، ولْتَرخص هذه المهور، ولتُضْرب الدُّفوف وتتلألأ القصورُ، وليتزوَّجوا بمباركة مولانا أمير المؤمنين، ومشاركة أهل الدُّثور، وإلَّا ما فائدة المال إذا عنستْ بنات الحلال، أو تزوجْنَ خِلْسَة، وطُلِّقْنَ برفْسة؟! أليس بعضُ الرجال كالبغال الأشاوس، وبعضهنَّ لا تردُّ يَدَ لامسٍ؟! فإذا حلَّ الظلامُ الدامس، جَرَحَها بالكلام القاسي، فعانت منه شرَّ المآسي! وربما تشاجروا بالأكفِّ ورَمْي الكَرَاسي، وقد يتهيَّج منها القَوْلون، وتحتاج إلى نصير وعون، فالحلُّ لهذا أنْ يكونَ الزواج بالقانون، وليس على ورقِ الكربون، وعند القاضي، وليس تحت الأراضي، وعلانية في النهار، وليس في الظلمةِ خَلْف الأسْوَار، وأنْ يُوَثَّقَ العَقْدُ بالمحْكَمَة، وأنْ تكونَ الصياغة القانونيَّة مُلْزمة.

 

ومِن أشدِّ الفتاوى التي يحرصُ عليها بعضُ خُدَّام  أهل البلاط، الذين فقدوا وَرَعَ الحَسَن، وذَبَحوا حِكْمة سُقراط: تلك التي تبيحُ الاختلاطَ، وهذا انحرافٌ عن سواء الصراط، فهي تُبِيحُ لقاءَ الذكر بالأنثى، وتبادلَ الحديث ولو كَانَ همسًا، وقد جاءت على يدِ زمْرة مِن العلماء الأكفاءِ، يروون الظمأَ بالعسلِ والماء! ولكنَّه عسلٌ كَدرٌ لا سدر، وماء أُجَاج ليس بثجَّاج، فقالوا: إنَّ دينَنا كلَّه قائمٌ على الاختلاط، ومِن دونه سوف يفشو الشذوذُ واللواط! وقد صفَّ الرسول للصلاة الرجالَ ثم الصبيان ثم النسوان، فاعملوا الاختلاطَ على طريقة السلف أو العُرْبان، مِن غير مكياج ولا فلتان، ولا عِشْق ولا هيمان، اختلاط مُقَنَّن وَفْق الشريعة الإسلاميَّة، والأعراف العربيَّة، وليس على الطريقة الأوروبيَّة؛ حيث يمشي الشابُّ فيها مع الصَّبيَّة بكامل الحرِّيَّة، ويفعلان ما يفعلان بكامل العَفَويَّة؛ سواء في السرِّ أو في الملأ أو في البريَّة، ويُقَال لهؤلاء المتسرِّعين - هدانا الله وإيَّاكم أجمعين -: أتريدون اختلاطًا يُرْضِي مَوْلانا، أو على طريقة روتانا؟! وهل دخلتْ في دارِ الأرقم امرأةٌ قطُّ؟! فما هذا القفزُ فوقَ النصوصِ والنطُّ؟! ولماذا جَعَلَ الرسولُ عليه السلام يومًا للنساء يُعَلِّمُهنً فيه فقط؟! وهل جَعَلَ رسولُ  اللهِ منهنَّ أميرة للحرب؟! أو أَمَرَهُنَّ بالسَّترِ خوفًا مِن غضبِ الربِّ؟! وهل بَنَى لهنَّ المسارح، وأتْبَعَها بالمسابح؛ لينظرَ إليهنَّ الغادي والرائحُ؟! حاشاه مِن هذه الفضائح!

 

نَعم، وقت الضرورة الاختلاطُ مُبَاحٌ مِن دون مكياج وعِطْر فوَّاح، ولذلك شاركتِ المرأة بالجِهاد وحَمَلتِ السلاح، وفي غير ذلك كان قائمًا عند الضرورات، والضرورات تبيحُ المحظورات، وكَانَ لِبَاسهُنَّ الحِشْمة كالفلاحات، فلا تكَشُّف ولا عَوْرَات، ولا كاسيات عاريات، تدافع إحداهنَّ عن شَرَفِها، ولو أدَّى هذا إلى قَتْلِها، فلا تجميل ولا مَسَاحِيق، ولا تحدُّث مع الرجال عَبْرَ الطريق! وعليه فلا حُجَّة لِمَن أباحَ الاختلاطَ على مصْرَاعيه؛ فقدْ جَرَّبَتْه أوروبا وعانتْ مِن مَسَاويه، نعوذُ بالله مِن بَلاوِيه!

 

كما أنَّه لا حجَّةَ أيضًا لِمَن يُريد هَدْمَ الحرمِ لِمَنْعِ الاختلاط، وذلك بأنْ يَبنيه على سواءِ الصراط، فلسْنا غَيَارَى أكْثر مِن رسولِ الله على الدِّين وهو إمامُ  المتَّقين، بَلَّغَ ما أراده الملِكُ؛ فلا تَكُنْ مَلَكيًّا أكثرَ مِن الملِك!

 

أما والله لو بنيتَ بين الرجال والنساء سورَ الصين، لتَواصَلوا عَبْر الأنْفَاق ومِن تحتَ الطين؛ يقول ابن أبي ربيعة:

 

أَوْمَتْ بِعَيْنَيْهَا مِنَ الهَوْدَجِ
لَوْلَاكَ فِي ذَا الْعَامِ لَمْ أَحْجُجِ

 

فكيف ونحنُ في عصرِ الجوَّال والنِّتّ، ونار الهوى أحرقتِ الصبيَّ والبنتَ؟! ومَهْمَا يُكُنْ في هذا التواصل مِن شقاءٍ، فإنَّه أيضًا عِلَّة البقاء، إذ لولا هذه الغريزةُ لانْقَرَضَ الإنسانُ، ولذلك رَكَّبَها الباري في الإنسان والحيوان على ما وراءها مِن تَبِعات، ومِن مَسرَّات ومِن آهات، ولله درُّ المتنبِّي القائل:

 

هَلِ الْوَلَدُ الْمَحْبُوبُ إِلَّا تَعِلَّةٌ
وَهَلْ خَلْوَةُ الَّحَسْنَاءِ إِلَّا أَذَى الْبَعْلِ

 

فالحذرُ مِن علماء السوء وخاصة مَن يخالط السلطانَ مخالطةً كثيرة، فاعْلَمْ أنَّه لصٌّ؛ حديثٌ جاءَ في "الجامع الصغير"، (1/ 354)، وفيه مِن المعنى كثيرٌ، وذَكَرَ في شرح الحديث العلَّامة المُنَاوي، كلامًا فيه البَلاوي، فقال: (رَفَعَ بعضُ العلماء حوائجه إلى المنصور فقضاها، فقال: يا أمير المؤمنين، بَقِيَتِ الحاجة العُظْمَى، قال: وما هي؟ قال: شفاعتُك يوم القيامة، فقال له بعضُ مَن حَضَرَ: إيَّاك وهؤلاء؛ فإنَّهم قُطَّاعُ الطريق في المآمِنِ، وأصْلُ ذلك كلِّه الطَّمَع).

 

فانظر إلى هذا العالم المِهْذَار، الذي يُشْبِهُ حمارًا يحملُ الأسفار، كيف نَسِي الشفاعة المحمديَّة، وطَلَبَ الشفاعة المنصوريَّة؟! إنَّ هذا لهو شرُّ البليَّة! فعلماء الدنيا في كلِّ زمنٍ، يبيعون الدِّين ويقبضون الثمنَ، وأخشى أن يبيحوا اقتناءَ الأوثان، بحُجَّة أنَّ فيها مِن الفنون ألوانًا، حسبنا الله مِن هذا البهتان!

 

ومن الفتاوى المضْحِكَة المُهْلِكة: تلك الفتاوى المربِكَة التي تسمح للمرأة بالأذان، وخُطْبة الجمعة وإمامة الرجال والصبيان، فهل وَرَدَ عن عمر وعلي وابن عوف أنَّهم صَلَّوا وراءَ امرأة صلاة الجمعة، أو صلاة الخوف، فيا أيُّها المسلمون في أوروبا وأمريكا وكندا، خُذوا فتاوى دينِكم مِن الأزهر والحَرَمين، وأهل بَرَدى، وحَذَارِ مِن الميُوعَة في الدِّين باسم التجديد، فهذا يَعْنِي أنَّكم على دِين جديدٍ!

 

فاتقوا الله يا مَن تعيشون بعيدًا ولو على ضفاف المسيسِّبي، فهنالك قضايا لا اجتهادَ فيها، إي وربِّي!

 

ومِن أشدِّ الفتاوى بلاءً: تلك التي تبيحُ الموسيقا والغناء، أولم يَعلمْ سعادةُ المفتي ما قالته العربُ: الغناء رُقْية الزنا؟! وما سمعنا لهؤلاء بفتوى في نُصْرة مَظْلوم، أو مساعدة مَأْزوم، أو بكشْفِ الحصارِ عن شعبٍ مَكْلوم، فما لواحدهم هذا المحترم يصبُّ الزيتَ على النار، ويريد لشبابنا أنْ يَغْرقَ بين الخنا والأوتار، ألم يقرأ ما قاله الإمامُ ابن تيميَّة رحمه الله في "مجموع الفتاوى": (والرجلُ المتشبِّه بالنساء يكتسبُ مِن أخلاقِهنَّ بحسب تشبُّهِه؛ حتى يُفْضِي الأمرُ به إلى التخنُّثِ المحْضِ، والتمكين مِن نفسه كأنَّه امرأةٌ‏، ولَمَّا كَانَ الغناء مُقَدِّمة ذلك وكَانَ مِن عملِ النساء، كانوا يسمُّون الرجالَ المغنِّين مخانيثَ،‏ والمرأة المتشبِّهة بالرجال تكتسبُ مِن أخلاقهم، حتى يصيرَ فيها مِن التبرُّج والبروز ومشاركة الرجال ما قد يُفْضِي ببعضهنَّ إلى أنْ تُظْهِرَ بَدَنَها كما يظهره الرجلُ، وتطلب أنْ تعلوَ على الرجالِ، كما تعلو الرجالُ على النساء، وتَفْعلَ مِن الأفعال ما ينافي الحياءَ والخفرَ المشروع للنساءِ، وهذا القَدْرُ قد يحصلُ بمجرَّد المشابهة).‏

 

ويحشر مَن يبيح الغناءَ مع المغنِّين، والطيور على أشكالها تقعُ؛ يقول ابن تيميَّة: (ومَن رَضِيَ عملَ قومٍ حُشِرَ معهم، كما حُشِرَت امرأةُ لوط معهم، ولم تكنْ تعملُ فاحشة اللِّواط، فإنَّ ذلك لا يقع مِن المرأة؛ لكنَّها لما رَضِيَتْ فِعْلَهم عمَّها العذابُ معهم‏‏، فمِن هذا البابِ قيلَ:‏ مَن أعَانَ على الفاحشةِ وإشاعتها، مِثْل: القَوَّاد الذي يقودُ النساءَ والصبيان إلى الفاحشة؛ لأجلِ ما يحصلُ له مِن رياسة أو سُحْتٍ يأكله، وكذلك أهلُ الصناعات التي تنفقُ بذلك، مثلُ المغنِّين، وشَرَبَة الخَمْر)؛ انتهى كلامُه رحمه الله تعالى.

 

آخر الكلام: ما أكثرَ هذه الفتاوى التي تفُوقُ بكثرتِها الرشاوى! ولو تَتَبَّعنا هذه الفتاوى الجليلة، لما كفانا ألفُ ليلة وليلة، ولكن قدَّمْنا منها نُتْفَة لِمَن بَقِيَ له مِن عَقْله وَطْفَة، وهناك فتاوى الزنادقة التي تحلِّلُ العُرْي بين الأرحام، وشُرْبَ الدُّخَان في الصيام، والصلاة مِن غيرِ سجود ولا قِيام، وتحويل العبادة إلى تأمُّل، والدِّيانة إلى تَقَوُّلٍ، أعرضنا عنها لفساد قائليها ومُنْتِجِيها، ومروِّجيها ومستهلكِيها، ونتركُ لله شأنَهم، وعليه حسابُهم؛ فإنَّنا في عصرٍ تزلُّ فيه الأقدامُ، ويبيع المرءُ دينَه كبيع الأغنامِ؛ يقول سيدنا علي رضي الله عنه: (اللهم إليك أشكو ضَعفَ الأمينِ، وخيانة القوي).

 

ويقول أحمد محرَّم رحمه الله:

 

أَرَى عُلَمَاءَ الدِّينِ لَا يَحْفَظُونَهُ
وَلَا يَعْرِفُونَ الْيَوْمَ رُتْبَتَهُ الْعُلْيَا
هُمُ اتَّخَذُوا مَا أَدْرَكُوا مِنْ عُلُومِهِ
سَبِيلًا إِلَى مَا يَشْتَهُونَ مِنَ الدُّنْيَا
فَضَاعُوا وَضَاعَ الدِّينُ مَا بَيْنَ أُمَّةٍ
وَهُمْ شَرَعُوا فِيهَا الضَّلَالَةَ وَالْغَيَّا
إِذَا الْمُفْسِدُ اسْتَفَتَا يُرِيدُ تَمَادِيًا
أَتَوْهُ بِأَعْلَامِ الْهُدَى تَحْمِلُ الفُتْيِا

 

اللهمَّ ارحمنا، وتوفَّنا غيرَ مفتونين، ولا ضالين، ولا مُضِلِّين، يا ربَّ العالمين!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نقص الخبرة الاقتصادية سبب في تضارب الفتاوى المالية
  • فتاوى نشاز.. ومشايخ الانحياز!
  • العلم والعقل في الموقف من شذوذات العلماء
  • تعظيم قدر الفتوى
  • التصدي للفتاوى الشاذة
  • مخاطر دعوات تحديث الإسلام
  • خصائص قدرية لفتن آخر الزمان

مختارات من الشبكة

  • منهج الإمام الشاطبي في الفتوى من خلال كتاب: (فتاوى الإمام الشاطبي) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • العقد النفيس فيما يحتاج إليه للفتوى والتدريس (فتاوى ابن عبدالعال)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تقريب فتاوى ورسائل شيخ الإسلام ابن تيمية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فتاوى الحج والعمرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فتاوى في الصيام(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • من فتاوى بن عثيمين في التجويد والقراءات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتاوى منار الإسلام لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فتاوى الاعتكاف بين التعصب والانفلات(مقالة - ملفات خاصة)
  • فتاوى الصيام (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • صفة العمرة: فتاوى وأحكام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
6- ما هكذا يا رفعت تورد الإبل
محمد أبو الهدى - سورية 06-11-2010 07:44 AM

قرأت مقالة الصديق محمد رفعت وعجبت من خوضه في قضايا لا يحسنها
وخلطه بين الأمور بالسجع وهزئه وسخريته بأقوال علمية لها وزنها واعتبارها
واحترام التخصص مطلوب وأخونا رفت مختص بجانب يسير في علم البلاغة
ولم يعرف عن أخينا دراسة الفقه ولا صناعة الفتوى ولا الدراية بمنهج المفتن 
واختصر الكثير من قضايا العلم بمثل يضربه وبيت من الشعر يسوقه
ومن تكلم بغير فنه أتى بالعجائب

5- ولكن ما العلاج
د. أحمد الطائي - العراق 29-08-2010 12:24 AM

موضوع ضبط آلية الإفتاء في غاية الأهمية
ولكن علاجه لا يكون بالعبارات الإنشائية التي ربما تكون جارحة أحيانا، بل ببيان الحق والحرص على نشره بين الخاصة والعامة.
فهي ظاهرة قديمة حديثة أسبابها مختلفة منها المشروع ومنها غير المشروع.
فربما كان سبب تلك الفتاوى خلاف فقهي ومرد تلك تلك الآراء أقوال مبثوثة في كتب العلماء
وربما كان مردها والدافع إليها أسباب شخصية ورغبات خاصة وأهواء دفينة ربما غلفت بدعاوى دينية عريضة.
وأيا كان السبب وراء تلك الفتاوى فعلاجها ينبغي أن يكون على أساس علمي متين تقابل فيه الحجة بالحجة والدليل بالدليل، على وفق قواعد البحث والمناظرة وقواعد الاجتهاد وضوابط الاستنباط وأصول دفع التعارض بين الأدلة والأمارات.
وهذا لا يعني أن هذه الظاهرة ستزول تماما ولكن العلاج ينبغي أن لا يخرج عن أصوله وضوابطه، وبعض الشر أهون.
أما الإنفعالات وردود الأفعال فهي تزيد الطين بلة وتظهر الفقه الإسلامي ومن ثم الشريعة الإسلامية وكأنها أوهام صنعتها عقول الرجال وليست من الله تعالى، فمن شاء حرم ومن شاء أباح، وهو مرتع لذوي الأغراض عريض وواجب على علماء الشريعة وطلابها إغلاقه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
وذلك من الأسباب الخفية وراء ظهور مثل هذه الفتاوى وبثها بين الناس.
جزى الله الكاتب كل خير ووفقه لنشر الخير
أخوكم د. أحمد عليوي الطائي

4- ضيقت واسعا
محمد زهير الخطيب - كندا 14-07-2010 08:41 PM

اولا اشكر لصديق الدكتور رفعت فتحه للموضوع واقول:
في رحاب ثورة المعلومات والاتصالات من العبث محاولة الحجر على حرية الكلام والتعبير والفتوى
وكاتبنا نقد المفتين ثم أعقب نقدهم بفتاوى أقل ما يقال فيها انها يؤخذ منها ويترك، ولكنه أوردها وكأنها القول الفصل فنهى عن شيء ونسي نفسه
لن يتحقق لنا ترشيد الفتوى بالحجر والمنع بل قد يتحقق بالإكثار من الفقهاء الفاهمين لعصرهم والذين يتبعهم الناس لثقتهم بهم.

3- بوركت وبورك قلمك
د. علي زهدي شقور - فلسطين 14-07-2010 03:58 PM

الأخ والزميل والصديق د. محمد رفعت
بوركت وبورك قلمك
أدامكما الله نبراسا في زمن التيه والضياع.

2- أكثر من رائع
أشرف صالح - مصر 14-07-2010 11:12 AM

بارك الله فيك، وفي قلمك، وفي صحتك وعافيتك، وبحق نحمد الله على وجود أشخاص ذو فكر في الأمة مثل فضيلتكم.

1- رائع
الذريبي - اليمن 11-07-2010 12:58 PM

جزاك الله خيرا.
وأفصح لسانك، وسدد رأيك، وسهل قلمك..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب