• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

العلم والتعليم (4)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

المصدر: ألقيت بتاريخ: 13/10/1430هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/4/2010 ميلادي - 22/4/1431 هجري

الزيارات: 20032

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلم والتعليم (4)

الانتصار لعلماء الشريعة

 

الحمدُ لله العليم القدير؛ رَفَع شأنَ العِلم والعلماء، فجعلهم أهلَ خشيته؛ ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، وأنكر - سبحانه - التسوية بينهم وبين الجَهَلة بشريعته؛ ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزُّمر: 9]، نحمده على وافرِ نِعمه، ونشكره على جزيل عطائِه؛ فهو خالقُنا ورازقنا وهادِينا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له؛ ربُّ كلِّ شيء ومليكُه، خَلَق الخَلْق فأحصاهم عددًا، وكلُّهم آتِيه يوم القيامة فردًا، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ إمام الأنبياء والمرسلين، وسيِّد العلماء الربَّانيِّين، وقدوة الأئمَّة المحتسبين، أوذي في الله - تعالى - فصَبَر صبرًا جميلاً ليس فيه شكوى، فلمَّا أظهره الله - تعالى - صفَح صفحًا جميلاً ليس فيه انتقام، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه إلى يوم الدِّين.

 

أما بعد:

فاتَّقوا الله - تعالى - وأطيعوه، واستمسكوا بدِينكم، وسَلُوا الله - تعالى - الثباتَ عليه، فمَن رأى كثرةَ المخذِّلين والمنتكسين بانَ له عِظمُ الابتلاء في الدِّين، وأهميَّة الثبات على الصراط المستقيم، ولا يأتي على الناس زمانٌ إلا والذي بعده شرٌّ منه؛ كما أخبر بذلك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - والسعيدُ مَن وافى على الحق، والشقي مَن استبدل الضلالَ بالهدى؛ ﴿ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾ [الكهف: 17].

 

أيها الناس:

للعِلم والعلماء في الإسلام مقامٌ رفيع، ومنزلة كبيرة؛ فهم وَرَثة خيرِ خَلْق الله - تعالى - وهم الأنبياء - عليهم السلام - في خير ما وَرِثوا، وهو دِين الله - تعالى - فورِثوا خيرَ ميراث من أفضل مُوَرثين، ويَكفيهم شرفًا أنَّ الله - تعالى - أثنَى على عقولهم: ﴿ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، وأخبر عن نقْص عقول مَن لم يأخذوا عنهم: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10]، وكان الحَسن البصريُّ - رحمه الله تعالى - يقول: "لولا العلماءُ لصار الناس مثلَ البهائم".

 

ولولا العلماءُ من عهْد الصحابة - رضي الله عنهم - إلى يومِنا هذا لضاع الدِّين؛ فهم حملتُه ومبلِّغوه، يقول ابن حزم - رحمه الله تعالى -: "واعلموا أنَّه لولا العلماءُ الذين ينقُلون العلمَ ويُعلِّمونه الناس جيلاً بعدَ جيل، لهلَك الإسلام جُملة، فتدبَّروا هذا، وقِفوا عنده، وتفكَّروا فيه".

 

ولأجْل أنَّ العلماء حَملةُ الدِّين ومبلِّغوه عن الله - تعالى - كان انتقاصُهم والطعن فيهم، والتنفير منهم، والتأليب عليهم - نوعًا من الصدِّ عن دِين الله - سبحانه - وسببًا لطمْس الهُدى ونشْر الضلال، وطريقًا لإخفاء الحقِّ وإظهار الباطل؛ لأنَّ مَنْ فَعَل ذلك فهو يريد الحيلولةَ بين الناس وبين مَن يُبلِّغون الهُدَى؛ ليصرفَهم عنهم فيَضِلُّوا، ومَن صدَّ عن دين الله - تعالى - بأي طريق كان، وأراد أن يكون الناس على عِوجٍ فهو ملعونٌ بنصِّ القرآن: ﴿ أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [هود: 18 - 19].

 

والعلماء هم مِن أولياءِ الله - تعالى - حتى قال الإمامان أبو حنيفة والشافعي - رحمة الله تعالى عليهما -: "إنْ لم يكن العلماءُ أولياءَ الله، فليس لله ولي"، ومَن حارب أولياء الله - تعالى - فقد استحلَّ محاربةَ الجبَّار - جلَّ وعلا - كما قال - سبحانه - في الحديث القدسي: ((مَن عَادَى لي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ))؛ رواه البخاري.

 

ومِن أعظم آثار ذلك العاجلة موتُ القلْب؛ لأنَّ مَن انتقص نقلةَ الدِّين، هان الدِّين في قلبه، وسهُل عليه أن يتوجَّه بالطعْن المباشِر في أحكام الله - تعالى - وحدودِه، ومَن سَبَر أحوال كثيرٍ ممَّن يرفضون أحكامَ الله - تعالى - ويطعنون في شريعتِه، أو يستميتون في تأويلها وتحريفها، يجدْ أنَّ بدايات انحرافاتِهم كانتْ بالطَّعْن في العلماء، فعُوقبوا بالجرأة على الدِّين كلِّه تأويلاً وتحريفًا، وردًّا وانتقاصًا، نعوذ بالله - تعالى - من الضلال والهوى، وفي هذا يقول الحافظ ابن عساكر - رحمه الله تعالى -: "كلُّ مَن أطلق لسانَه في العلماء بالثلبْ بلاه الله - عزَّ وجلَّ - قبل موته بموتِ القلْب"، وذَكَر رجلٌ عالمًا بسوء عند الحسن بن ذكوان - رحمه الله تعالى - فقال: "مهْ، لا تذكرِ العلماء بشيء فيُمِيتَ الله - تعالى - قلبَك".

 

والأصلُ أنَّه لا يَطعن في علماء الشريعة، ولا يَرضى بالطَّعْن فيهم إلاَّ أهلُ الأهواء والنِّفاق؛ لأنَّ العلماء يحولون بينهم وبين نشْر النِّفاق والفساد، والابتداع في الدِّين؛ إذ ببيان العلماء يَظهر العِلم، ويُرفع الجهل، وتُزال الشُّبهة، وتُصان الشريعة، ويكون الناس على طريق مستقيمة، ومحجَّة واضحة، لا غموضَ فيها ولا الْتباس؛ ولذا كان أئمَّة من السَّلَف الصالح إذا رأَوْا مَن يَطعن في عالِم ربَّانيٍّ اتهموه في دِينه، وجعلوا ذلك قاعدةً عند الناس، حتى لا يغترُّوا بطعنه، قال يحيى بن معين - رحمه الله تعالى -: "إذا رأيتَ الرجل يتكلَّم في حماد بن سلمة، وعِكرمة مولى ابن عباس، فاتهمِه على الإسلام"، وجاء مِثلُ ذلك عن عدد من علماء السَّلف - رحمهم الله تعالى.

 

بل إنَّ مجرَّد الاستخفاف بعالِم الشريعة - ولو لم يطعن فيه - سببٌ للضلال والإضلال؛ لأنَّ مَن استخفَّ بالعلماء لم يأخذْ عنهم، واتَّبع هواه في دِينه فَضَلَّ، وأَضَلَّ مَن تبعه، وفي هذا يقول ابن المبارك - رحمه الله تعالى -: "مَن استخفَّ بالعلماء ذهبتْ آخرتُه، ومن استخفَّ بالأمراء ذهبتْ دنياه، ومن استخفَّ بالإخوة ذهبتْ مروءتُه".

 

ومَن فَرِح بمصاب العلماء أو موتهم، أو أرادَ من الناس العزوفَ عنهم، أو دعا إلى عدم اعتبار أقوالهم، أو رغَّب في الإقلال من دروسهم ومحاضراتهم، أو طالَب بتقليص المناهج الشرعيَّة في مراحل التعليم - فإنَّما يبتغي بذلك تجهيلَ الناس بدِينهم، وإبطالَ شريعة الله - تعالى - فيهم، وإطفاء نورِه الذي استضاؤوا به، ونَقْلَهم من الهُدى والنور إلى الضلال والظلام، سواء قَصَد ذلك أم لم يَقصدْه، قال أيوب السَّخْتِيَاني - رحمه الله تعالى -: "إنَّ الذين يتمنَّوْن موتَ أهل السُّنَّة يريدون أن يُطفئوا نورَ الله بأفواههم، والله مُتمُّ نورِه ولو كره الكافرون".

 

إنَّ من أعظم أسباب الاتِّباع والهُدى، ومجانبة البِدع والهوى، والنجاة من سُبل أهل الردَّى: محبَّةَ علماء الشريعة الربانيِّين، ومعرفةَ قدرِهم، وحفظَ مكانتهم، والذَّبَّ عن أعراضهم، والانتصارَ لهم ممَّن بغى عليهم، حتى إنَّ السلف الصالح جعلوا محبةَ العالِم الربانيِّ دليلَ الهدى والاتباع، والسلامة من الهوى والانحراف، وفي هذا يقول أبو حاتم الرازي - رحمه الله تعالى -: "إذا رأيتَ الرجل يحبُّ أحمد بن حنبل، فاعلمْ أنَّه صاحِب سُنة".

 

ويحسُّ الواحد منهم إذا مات عالِم أنَّه قد أصيب هو في جسده؛ كما قال أيوب السَّخْتياني - رحمه الله تعالى -: "إني أُخبَر بموت الرجل من أهل السُّنَّة، وكأنِّي أفقِد بعضَ أعضائي".

 

وربَّما تمنَّى بعضهم أن يتنازلَ عن شيء من عمره؛ ليَزيدَ في عمر عالِم من أجْل نشْر دِين الله - تعالى - ونفْع الناس بالعِلم؛ كما قال يحيى البِيكَنديُّ - رحمه الله تعالى -: "لو قدرتُ أن أَزيد في عُمر البخاريِّ من عمري لفعلتُ، فإنَّ موتي يكون موتَ رجل واحد، وموتَه ذهابُ العِلم".

 

ومِن شدَّة محبَّة أهل الإيمان للعلماء:

أنَّهم يخصُّونهم بالدعاء لهم؛ اعترافًا بفضلهم، ومكافئةً لهم على معروفهم بنشْر العِلم، ورفْع الجهل، قال الحسن بن أحمد بن الليث: "سمعتُ أحمد بن حنبل، وسأله رجلٌ فقال: بالريِّ شابٌّ يقال له: أبو زُرْعَة، فغضب أحمدُ، وقال: تقول: شابٌّ؟! كالمنكِر عليه، ثم رَفَع يديه، وجعل يدعو الله - عزَّ وجلَّ - لأبي زرعة، ويقول: اللهمَّ انصرْه على مَن بغَى عليه، اللهم عافِه، اللهمَّ ادفعْ عنه البلاء، اللهمَّ اللهمَّ في دعاء كثير، قال الحسن: فلما قدمتُ حكيت ذلك لأبي زرعة، وحملتُ إليه دعاءَ أحمد بن حنبل له، وكنتُ كتبتُه عنه، فكتبه أبو زرعة، وقال لي أبو زرعة: ما وقعتُ في بليَّة، فذكرتُ دعاءَ أحمد إلاَّ ظننت أنَّ الله تعالى يُفرِّج بدعائه عنِّي".

 

وكان حمَّاد بن أبي سليمان شيخًا لأبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - فعَرَف له أبو حنيفة فضلَه، وحَفِظ مكانتَه، حتى قال: "ما صليتُ صلاةً منذ مات حمَّاد إلاَّ استغفرتُ له مع والدي، وإني لأستغفر لِمَن تعلمتُ منه علمًا، أو علمتُه علمًا".

 

تلك كانتْ منزلةَ العلماء عندَ أسلافنا، وواجبٌ علينا أن نقتديَ بهم في توقير العِلم والعلماء؛ فإنَّ ذلك من إجلال الله - تعالى - وتعظيمِ شريعته، وامتثال أمرِه، وقد روي في الحديث: ((إِنَّ من إجْلالِ الله إِكْرامَ ذي الشَّيْبَةِ المُسْلِم، وحامِلِ القُرآنِ غَيْرِ الغالِي فيه وَالْجَافِي عنه، وإِكْرامَ ذي السُّلْطانِ الْمُقْسِط))؛ رواه أبو داود، قال الشعبي - رحمه الله تعالى -: "أَمسَكَ ابنُ عبَّاس برِكاب زيدِ بن ثابتٍ، وقال: هكذا يُفعل بالعلماء".

 

فمَن رفعهم الله - تعالى - وجَبَ رفعُهم، وقد قال - سبحانه -: ﴿ يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11].

 

حَفِظ الله - تعالى - علماءَ الأمَّة الربانيِّين، وأعلى ذِكرَهم، وزادهم من فضلِه، ونفع بهم خلقَه، وردَّ عنهم قالةَ السوء، إنَّه سميع قريب.

 

وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداهم إلى يوم الدِّين.

 

أمَّا بعد:

فاتقوا الله - تعالى – وأطيعوه؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أيها المسلمون:

مِن حقِّ المسلِم على أخيه المسلِم أن ينصرَه ظالمًا، بأن يردَعه عن ظلمه، وأن ينصرَه مظلومًا، بأن يرفَع الظلمَ عنه.

 

والظلم قد يكون قولاً، وقد يكون فِعلاً، ومِن ظُلْم القول: غِيبة المؤمن، وبهتُه وذَمُّه، والطعن فيه، ومِن انتصار المؤمن لأخيه المؤمن ردُّ ذلك، وقد جاء في حديث أبي الدَّرْداءِ - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن رَدَّ عن عِرْضِ أخيه المُسلِمِ كان حَقًّا على الله - عزَّ وجلَّ - أن يَرُدَّ عنه نارَ جَهَنَّمَ يومَ القِيامَة))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وفي حديث آخَرَ: ((مَن حَمَى مُؤْمنًا من مُنافِقٍ - أُرَاه قال: - بَعَثَ الله مَلَكًا يَحمِي لَحْمَه يومَ القِيامةِ من نارِ جَهَنَّمَ...))؛ رواه أبو داود.

 

فإذا كان ذلك في ردِّ المسلِم عن عِرْض أخيه المسلِم، والانتصار له في مظلمتِه، فكيف إذًا بالردِّ عن أعراض العلماء الربانيِّين، والانتصار لهم من طَعْن الطاعنين، ولا سيَّما إذا علمنا أنَّ طعون كثيرٍ منهم في أهل العِلم ليستْ لذات العالِم، وإنَّما هي لأجْل تبليغهم العِلم، وبيانهم للحق، واحتسابهم على الناس بأمرِهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر؟! فالواجبُ والحال هذه أعظم؛ لأنَّ في الذبِّ عن العلماء ذَبًّا عن الشريعة، وفي الانتصار لهم انتصارًا للمِلَّة.

 

إنَّ ظاهرةَ الطعْن في العلماء الناصحين، والتقليل مِن شأنهم، ودعوة الناس للعُزوف عنهم، والمطالبة بإسكاتهم، أو إبدال غيرِهم بهم من أهل السُّوء والضلال الذين يُحرِّفون الكَلِم عن مواضعه - كل ذلك كان - ولا يزال - دأبَ المنافقين من عهْد الرِّسالة، حين سَخِروا بقُرَّاء الصحابة - رضي الله عنهم - في غزوة تبوك إلى يومِنا هذا، فأنزل الله - تعالى – فيهم: ﴿ قُلْ أَبِالله وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65 - 66] ذلك أنَّ خفافيشَ الظلام من أهل الأهواء والبِدعة، والتغريب والفساد، لا يستطيعون القيامَ بوظائفهم في إضلالِ الناس وغوايتهم إلاَّ حين يسودُ الجهلُ بالشريعة، ويَضمحِلُّ العلم بموت العلماء، أو بسكوتهم عن بيان الحقّ، والنُّصح للخلق.

 

وما الحملةُ الشعواء القَذِرة التي يقودها أذنابُ الغرْب، ودعاة التغريب في بلاد المسلمين ضدَّ العلم والعلماء إلاَّ حلقة من حلقات تجهيل الأمَّة، وصَرْفها عن دِين الله - تعالى - إلى مناهجهم المنحرِفة، يقومون بهذه المهمَّة الخسيسة؛ امتثالاً لإملاءاتِ الغرْب في تقاريرهم الإستراتيجيَّة بقصْد اختراق بلادِ المسلمين وإفسادها، ولا يتورَّعون في سبيل تحقيق مرادِهم عن الكَذِب والبهتان، والتزوير والتأليب؛ ذلك أنَّه لا يردَعُهم عن بَغْيهم دِينٌ، ولا أخلاق، ولا مُروءة، فَهُم وُصوليُّون ذرائعيُّون، الغاية عندَهم في إفساد الناس تُسوِّغ كلَّ وسيلة مهما كانت حقارتُها وصفاقتها.

 

وواجبٌ على أهل الإيمان عدمُ تصديقِ هؤلاء المفسدِين في أكاذيبهم، ولا الانسياق خَلْف أراجيفهم؛ فإنَّهم دُعاةٌ على أبواب جهنَّم مَن أجابهم قذفوه فيها، كما يجب على أهل الإيمان الذَّبُّ عن العِلم والعلماء، ومعرفة قدرِهم، وحِفْظ مكانتهم، والصدور عن أقوالهم؛ فإنَّهم أقربُ الناس إلى الحقّ، وأنصحُهم للخلق؛ لأنَّهم ورثة الأنبياء - عليهم السلام - ولا أحدَ في البَشر أعلمُ من الأنبياء، ولا أكثر نُصحًا منهم، وقد قال الله - تعالى - فيهم: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ [الأنبياء: 73] كما قال في العلماء: ﴿ بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 49].

 

وصلُّوا وسلِّموا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلم والتعليم (1)
  • العلم والتعليم
  • العلم والتعليم (2)
  • العلم والتعليم (3)
  • وصايا للشباب لفضيلة الشيخ: عبدالكريم الخضير
  • علامات العلم النافع
  • رؤية في تطوير التعليم السعودي
  • حديث عن التعليم والمعلم
  • العلم والتعليم في خدمة المجتمع
  • العلم والتعليم (1) فضل العلم والعلماء

مختارات من الشبكة

  • لماذا نكرر العلم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • طبيعة العلم(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • نصائح مهمة للمبتدئين في طلب العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في أهمية السؤال وآدابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرف العلم وفضيلته في القرآن الكريم ودلالته الدينية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حث الطلاب على الجمع بين علم التفسير والحديث والفقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العلم بالله تعالى (10) من آثار العلم بربوبية الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الثاني: العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انطلاق دورة (العلم قوة العلم نجاح) للطلاب المسلمين في زينيتسا(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب