• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / نوازل فقهية
علامة باركود

أبحاث الهندسة الوراثية الدوائية

د. رياض رمضان العلمي

المصدر: كتاب: "الدواء من فجر التاريخ إلى اليوم"
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/2/2008 ميلادي - 6/2/1429 هجري

الزيارات: 46296

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أبحاث الهندسة الوراثية الدوائية

(Genetic Engineering)

 

تمهيد:

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وغيره من الكائنات الحية حيوانيَّة كانت أو نباتية وخلق معها جميعًا التباين والاختلاف. وهذه معجزة من معجزات الخالق جل جلاله التي لا تُعدُّ ولا تحصى، ففي كل إنسان سمات تميزه عن غيره بعضها ظاهر، وبعضها باطن.

 

هناك اختلاف طول القامة، ولون البشرة، ونوعية الشعر، ولون العينين، وتقاطيع الوجه، والملامح العامة، وحجم الأنف، وغير ذلك من الصفات الظاهرة الخارجيَّة. وفي الوقت نفسه هناك اختلافاتٌ باطنيَّة داخل الجسم، بيولوجية عميقة تميز الفرد عن أقرب المقربين إليه. فالتَّطابُق الكامل بين كائنين حيَّيْنِ نادرٌ لِلْغَايَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُستحيلاً؛ حتَّى إنَّ التَّوائِمَ المتماثلة الناشئة من نفس البويضة المخصبة لا بدَّ من أن يكون بينها اختلافٌ - مَهْمَا صغُر شأْنُه - قد لا يكون واضحًا وكامنًا في الداخل.

ولكن ما السّرّ في هذه الاختلافات الشكليَّة؟ ولماذا يبدو شخصٌ ما طويلاً، وآخَرُ قصيرًا؟ ولماذا يُولَدُ طفل بشعرٍ مُجَعَّد، وآخَرُ بِشَعْر ناعم أملس؟ المعروف أنَّ كُلَّ جسم يتكون من بلايين الخلايا، وكل خلية تحتوي على نواة، وكل نواة فيها أجسام دقيقة هي الكروموسومات، وتمتاز هذه الأجسام بأن الله خلقها بأعداد وترتيب ثابتين بالنسبة لكل حيّ على حدة، وتختلف هذه الأجسام الدقيقة حسب اختلاف نوع الكائن الحي، فهي في الإنسان مثلاً 23 زوجًا ذات ترتيب وأشكال معينة معروفة.

 

ويوجد في الكروموسومات أجسام صغيرة تحدد الصفات الوراثية التي لا حصر لها تسمى الجينات، فهي التي تحدد طول القامة، ولون البشرة، وحمرة الدم، أو حتى ذكاء المرء.

والكروموسومات لها خاصية الانقسام؛ ولكي يدرسها العلماء يعملون على إيقاف انقسامها أولاً، وذلك بحقن الإنسان أو الحيوان بقلويد نباتي معروف هو كولشيسين الذي يحصلون عليه من نبات اللحلاح، والمعروف بفائدتِه لمرضى النقرس. وهكذا نرى كيف يمكن أن نستفيد من الدواء في مجالاتٍ شتَّى ومتنوعة، لا يَرْبِطُها رابطٌ مع بعضها البعض، فأين النقرس من انقسام الكروموسومات؟


وتُوجد الكروموسومات في الخلايا على هيئة زوجية ثابتة العدد لكل من الكائنات الحية. ففي دودة الإسكارس يوجد زوج واحد فقط، بينما يوجد في الإنسان 23 زوجًا. كذلك تتكون الكروموسومات من مادة كروماتين التي يدخل في تركيبها أحماض ومواد أصبحت معروفة بأسمائها الرمزية (رانا RNA ) و (دانا DNA ).


إنَّ الكُروموسومات نوعان أساسيان، النوع الأول: ذاتي يحمل العوامل الوراثيَّة الخاصَّة بِالصّفات الجسمية، والثاني: جنسي يحمل العوامل الوراثية الخاصة بتحديد الصفات الجنسية والتكاثر، والأنْسَال.


تلعب النواة دورًا هامًّا وأساسيًّا في عمليات انقسام الخلايا، كما أنَّ لها دورًا حاسمًا وهامًّا في العمليات البيولوجية للخلية على اختلاف أنواعها، وتكاد تكون النَّواة العنصر الأساسي في حياة الخلية. فالخلية بدون النواة لا شيء، ويستدل على ذلك عندما نجد أنَّ الخلايا الخالية من النوى (ككرات الدم البيضاء) لا تعيش إلا فترة قصيرة تموت بعدها؛ كما وجد أنه عندما تنقسم الأميبا إلى جزأين أحدهما فيه النواة، والآخر لا نواة فيه، فإن الجزء الذي فيه النواة ينمو ويتطور ويعيشُ ويقوم بوظائفه كاملة، ويعيش حياة عادية. بينما ينكمش الجزء الخالي من النواة ويذوي تدريجيًّا، ويَمُوت وهكذا دواليك.

كما يوجد داخل الكروموسومات أشرطةٌ تَحْتَوِي على جزيئات منتظمة. والإخصاب يعني خلط الأشرطة الوراثيَّة لخليَّتَيْنِ جِنسيتينِ واحدة ذكرية، والأخرى أنثوية. ومن هذا الاختلاط والتبادل بين المعلومات الكثيرة الَّتي لا حصر لها، والمسجَّلة على الأشرطة، يكون السّرّ الكامن في عدم إمكانيَّة تشابُه المخلوقات تشابهًا مطلقًا.

هذه الأشرطة تحتوي عادة على عدد هائل من المعلومات المسجلة، ففي البويضة البشرية الملقحة نجد ما بين 6 - 8 آلاف مليون معلومة أو شفرة وراثية مسجلة على أشرطتها الدقيقة. وهذه الأشرطة صغيرة بشكل لا يمكن رؤيتها حتى بالمجهر العادي، ويلزمها المجهر الإلكتروني الذي يكبرها عشرات الآلاف من المرات. ومن المعروف أن المادة الوراثية التي تحتوي عليها أشرطة الإنسان تتكون كيميائيًّا من أربع قواعد أساسية، هي مركبات كيميائية محددة معروفة وهي: سيتوسين، ثايمين، جوانين، أدينين، هذه هي الشفرة الأساسية التي كتب عليها الخالق سبحانه وتعالى كل صفات الكائنات الحية، ولا تختلف في ذلك من الإنسان إلى الباذنجان، أو الثعبان عن الفستق، أو عن دودة القز، أو عن سائر مخلوقاته فسبحان الخلاق العظيم.

من هنا انطلقت تقنية الهندسة الوراثية إلى الأمام بقوة، وتم تطبيقها عمليًّا بحيث تم استخدامها لمصلحة البشرية بما في ذلك إنتاج الأدوية، ومن الأمثلة الطليعية على الأدوية - التي أمكن إنتاجها حتى الآن بواسطة هذه الطريقة المبتكرة، أو التي ينتظرها مستقبل باهر - هي ما يلي - وقد سبق تناول بعضها في مواضيع أخرى من هذا الكتاب -:  ثانماتين، سوماتوستاتين، الأضداد (الأجسام المضادة)، يوروكيناز، الأنسولين البشري، لقاح الأنفلونزا، الإنترفيرون، وأدوية وحيدة النسيلة، ولقاح التهاب الكبد... إلخ.

ثانماتين (Thanmatin):

هو بروتين بسيط يعتقد أنه أحلى من السكر بحوالي 3000 مرة، فحلاوته الزائدة في غاية الأهمية بالنسبة لمرضى البول السكري، ليس فقط لتحلية أطعمتهم وأشربتهم، بل ولكي يستغنوا أيضًا عن السكرين، الذي تدور حوله الشكوك، بالإضافة إلى أن ثانماتين مادة سهلة الهضم.

سوماتوستاتين (Somatostatin):

لقد تمكنت شركة "جينيتك" المختصة بتقنية الهندسة الوراثية من إنتاج هذا الهرمون الموجود طبيعيًّا في مخ الإنسان، حتى قبل إنتاج الأنسولين البشري، ويعتبر هذا الدواء من الهرمونات البسيطة، إذ يتكون من 14 حامضًا أمينيًّا فقط. وهو هرمون تفرزه غدة الهيبوثلاموس (hypothalamus)، وهو يمنع إفراز هرمون النمو، وهرمونات الغدة النخامية، كما أنه يتدخل بتنظيم إفراز هرمونات البنكرياس، والمعدة والأمعاء.

الأضداد (Antibodies):

العديد في شركات الأدوية الصناعية يعمل على رسم خطط المستقبل على أساس جني أرباح طائلة وسريعة من استعمال الهندسة الوراثية في إنتاج بعض المركبات الهامة، التي تصنعها خلايا الجسم بواسطة الجراثيم. مثال ذلك "الأضداد" أو الأجسام المضادة التي هي عبارة عن بروتينات خاصة تحارب الجراثيم، وتحمي الإنسان منها كأهم وسائل الطب الوقائي، كما تشمل هذه إنتاج أجسام مضادة تصلح لتحديد النسل، وذلك باستعمال بروتين مضاد لذيل الحيوان المنوي الذكري، الذي يتحول إلى كسيح عاجز على الضرب بذيله، والسباحة نحو البويضة فلا يتم التلقيح المتوقع. فإذا ما أصيب الذَّيل بالشلل فلا يحدث الإخصاب؟ هذا عقم مؤقت يزول بزوال السبب.

يروكيناز (Urokinase):

تمكنت شركة أبجون الدوائية الأمريكية من تخليق جرثومة جديدة، تحمل برنامجًا وراثيًّا لجينة من جينات الإنسان المتخصصة في صنع أنزيم يروكيناز، التي تذيب الجلطة الدموية. غير أن الكمية المنتجة من هذه المادة محدودة للغاية؛ ولذلك لا بد للعلماء من متابعة الأبحاث؛ لإيجاد طريقة اقتصادية لإنتاج هذه المادة. هذا خلافًا للأدوية الأخرى؛ كالأنسولين البشري، والإنترفيرون، ومضادات وحيدة النسيلة، وغيرها سبق ذكرها في مكان آخر.

لقاحات تصنع بواسطة تكنولوجيا الهندسة الوراثية:

لقاح التهاب الكبد الفيروسي (ب):

طالعتنا الأخبار خلال شهر سبتمبر من عام 1986 بأنباء مثيرة عن موافقة إدارة الأدوية والأغذية الأمريكية على السماح بتداول أول لقاح للاستعمال البشري، يتم صنعه بواسطة تكنولوجيا الهندسة الوراثية.

 

واللقاح الذي نحن بصدده يستعمل للوقاية من التهاب الكبد الفيروسي (ب)، والذي يصاب به سنويًّا ما لا يقل من 200.000 شخص في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، ويعتبر هذا المرض من الأمراض القاتلة التي لا شفاء منها إلا بالنادر.

لقد قامت شركة "ميرك" للأدوية - بمدينة نيوجرسي - بتصنيع هذا اللقاح الجديد بالتعاون مع شركة مختصة بالهندسة الوراثية هي شركة "شيرون" بكاليفورنيا. وقد اتبعت الشركة استعمال طريقة " المضادات وحيدة النسيلة Monoclinal Antibodies، فكان لذلك وقع رائع في الأوساط الطبية والدوائية. وقد أطلقت شركة ميرك على المستحضر الصيدلي الجديد اسم "ريكومبيفاكس (هـ. ب)" Recombivax - HB، وبذلك ينضم هذا الدواء إلى سلسلة الأدوية التي سبق أن صنعتْ بالطريقة نفسها؛ كالأنسولين البشري (1982)، وهرمون النمو البشري (1985)، وألفارانترفيرون (1986)، ويأمل العلماء بأن هذه الخطوة الرائدة ستفتح المجال لمزيد من المستحضرات واللّقاحات مستقبلاً؛ لتصنع بهذه الطريقة المبتكرة.

 

ومن المعروف أنَّ الشَّركات المتخصّصة بالهندسة الوراثيَّة الأخرى عاكفة على أبحاث علمية يقصد منها تَحضير لقاحات وقائية عديدة منها: لقاح الإيدز، ولقاح الهربس، ولقاح التهاب الكبد، ولقاحات لبعض أنواع السرطانات.

ويصنع اللقاح الجديد بأخذ جينة من فيروس التهاب الكبد (ب)، وإضافتها إلى خلايا الخميرة. وعندما تتكاثَرُ هذه الخلايا يَنْتُج عن ذلك مادَّة بُروتينيَّة مشتقَّة من الفيروس، ويعتبر هذا البروتين أساسَ تصنيع اللقاح الجديد، الذي يكسب الإنسان الحصانة. ومن الجدير بالذكر أنَّ عملية تكاثر خلايا الخميرة هذه تتمُّ بِسُرْعة هائلة.

وهذا اللقاح هو ثاني لقاح تُنْتِجُه شركة ميرك في هذا المجال، فقد سبق أن أنتجت لقاحها الأول عام 1982 باستخدام طريقة استخراجه من دم الأشخاص المصابين بالمرض، مما ينطوي على بعض الأخطار، إذ يخشى أن يكون السبب في نقل مرض الإيدز، والتهاب الكبد الفيروسي من المريض إلى السليم، وهو أمر لا يحدث في حالة اللقاح الجديد الذي نحن بصدده الآن. وتأمل الشركة أن تجني ملايين الدّولارات من مبيعات اللقاح الجديد التي أخذت الشركة على عاتقها استعمالها في الصرف على مزيد من الأبحاث والاختراقات الهندسية الوراثية؛ للحصول على المزيد من الأدوية النافعة.

وهناك لقاحات أخرى ما زالت في طور التجربة والبحث؛ مثال ذلك:

لقاح الأنفلونزا:

رأينا كيف أن الهندسة الوراثية هي الطريقة العلمية الصناعية الجديدة المستخدمة في مجال التحكم في جينات الوراثة، ويعكف العلماء على تحضير لقاح للوقاية من مرض الأنفلونزا، الذي يصيب الملايين كل سنة في جميع أنحاء العالم. والدلائل تشير إلى احتمال نجاحهم في مهمتهم هذه.

 

واللقاح المنشود يفترض أن يكون مصنوعًا من جراثيم تكمن في الأمعاء، وقادرة على مقاومة فيروس الأنفلونزا. وتتطلَّب صناعته زراعة جزء من الرسالة الوراثية لفيروس الأنفلونزا في جرثومة غير ضارة.

وينتظر هذا الاكتشاف أهميَّة بالغة في المستقبل، إذ إن الوراثة الهندسية سوف تتيح للإنسان "لقاحًا شاملاً" قادرًا على القضاء على جميع سلالات فيروسات الأنفلونزا؛ بفضل الجزء الخاص من الرسالة الوراثية للفيروس المنقول إلى الجرثومة التي يقع عليها الاختيار، وبذلك يمكنه أن يقضي على الفيروس ناقل المرض أيًّا كان نوعه.

تمكَّنت شركة "سيرل" الدوائيَّة أن تستنبط لقاحًا ضد الأنفلونزا من فيروسات كاملة، تمت زراعتها في المختبر ثم أبطل مفعولها مباشرة، حتى تصبح عاجزة عن نقل المرض، مع الإبقاء على هيكلها محتفظًا بالجزئيات البروتينية، وهي المواد التي يتعرف عليها الجسم المعرض لهجوم الفيروسات عليه، ويتعامل معها كأجسام غريبة، ولذا إذا تم حقن اللقاح لا يصاب الجسم بالعدوى طالما أن مفعول الفيروس كان قد أبطل، ويظل هيكله يحث الجسم الملقح على تكوين الأجسام المضادة، والتي ستعمل على مقاومة فيروس الأنفلونزا الموجودة على سطحه، وفي حالة أي غزو أو هجوم فيروس جديد تنبري الأجسام المضادة المختصة، والتي تكونت نتيجة للتلقيح، وتتصدى للهجوم، وتقضي عليه.

ومن المعروف أن الفيروسات التي تسبب الأنفلونزا عديدة ومتعددة، وليس من المنطقي أن يصنع لقاح لكل نوع منها؛ لأنَّ هذا مرهق ومكلف، ولذلك تسعى الشركة نفسها لإيجاد لقاح "شامل" ضد الأنفلونزا، وقد أصاب علماؤها النجاح بتحديد فيروس يسبب الأنفلونزا على جزيء من حامض الأدونزين، الذي يحتوي على "الكود"، أو الرمز الوراثي، والمتسبب في تكوين البروتينات التي تكون المادة المضادة للفيروسات منها بأسلوب يشبه جراحة الخلية، مستعملين أنزيمات وخمائر محددة للقيام بهذا العمل، وبعد ذلك تمكن فريق العلماء من تحويله إلى جراثيم غير ضارة هي إسكيركيا كولي، والتي توجد بشكل طبيعي في أمعاء الإنسان.

هذه هي المرَّة الأولى التي تمكَّن بِها الإنسان من أن يتوصَّل إلى لقاح صالح للإنسان، عن طريق التَّناول الصناعي لعوامل الوراثة؛ ولذا قد تكفي زراعة هذه الجراثيم بالطرق العادية؛ من أجل الحصول على كميات هائلة من اللقاح النقي.

 

ويأمل العلماء أن يخطُوا خُطوة أخرى في المستقبل بفعل "الكود" الوراثي، الذي يتحكم بالتركيب الوقائي لجمع فيروسات الأنفلونزا المعروفة جميعها في جرثومة واحدة، ومن ثم استنباط لقاح شامل قادر على حماية الإنسان ضِدَّ جميع الفيروسات الموجودة، أو الجديدة منها، والتي يحتمل ظهورها مستقبلاً.

 

فالأنفلونزا أكثر الأمراض انتشارًا في هذا الكون، وأكثرها سببًا في العدوى، وهي المرض الوحيد الذي بقي حتَّى الآنَ لِيُحْدِثَ أوبئة على النطاق العالمي. والأمل في أن يتمكن الإنسان من تحقيق حلمه بالتخلص إلى الأبد من هذا الكابوس المزعج، مثلما تمكن من القضاء على الجدري. ومن الطريف أن بعض الأبحاث العلمية الأخرى قد أسفرت عن أنَّ خطر إصابة المدخنين بالأنفلونزا يزيد بنسبة 25 % عن إصابة غير المدخنين؛ كما تبين أنَّ خطر الإصابة بالمرض وحدته يتزايدان طرديًّا مع ازدياد عدد السجائر التي يدخنها الفرد، وبالذات لمن يدخن أكثر من 20 سيجارة في اليوم.

والخطر كذلك يشمل غير المدخنين الأبرياء الذين فرضت الظروف عليهم أن يعملوا، أو يعيشوا مع أناسٍ آخَرين منَ المُدَخّنين، فيتعرَّضون لاستنشاق الدخان الذي ينفثه زملاؤهم المدخنين. إن التدخين بحدّ ذاته عامل رئيس للإصابة بأمراض عديدة، ومن جملتها ازدياد التعرض للإصابة بالأنفلونزا بالذات.

لقاح الجذام:

يجري العلماء في خمسة بلدان غربية - هي هولندا، وإنجلترا، والنرويج، وأستراليا، والولايات المتحدة الأمريكية أبحاثًا مستفيضة لإنتاج لقاح جديد للجذام، باستعمال تكنولوجيا الهندسة الوراثية.

 

أمَّا اللقاح الحالي فهو يصنع عن طريق الاستفادة من دم حيوان "المدرع" (Armadillo)، وهو الحيوان الوحيد الَّذي تنمو في دِمائه جراثيم الجذام، خلافًا لدماء الإنسان، وبعض أنواع الفئران، وقد أخذت الترتيبات اللازمة لتجربته لمدة أربع سنوات على 100.000 شخص من سكان مالوي، وعدد مماثل من سكان القارة الهندية.

فإذا كانت النتائج ناجحة ومشجعة فمن المتوقع أنه خلال السنين الثماني القادمة، سيعمم استعمال هذا اللقاح على جميع المناطق الموبؤة بهذا المرض؛ ولكن يستحيل الاعتماد على حيوانات "المدرع" فقط للحصول على الكميات اللازمة من هذا اللقاح، فالهند وحدها وضعت خطة للقضاء على الجذام قبل حلول عام 2000، ولذلك عليها أن تحقن ملايين من السكان علمًا أنه يحدث فيها 300.000 إصابة جديدة كل سنة، ولذلك لا بد للعلماء من اللجوء إلى تكنولوجيا الهندسة الوراثية، واستعمال طريقة مضادات وحيدة النسيلة لإنتاج الكميات الكافية من هذا اللقاح. وينتظر أن يتم ذلك بأخذ الجينات اللازمة، وإلصاقها بجراثيم الإيشريكيا القولونية، بحيث أن يكون هناك معين لا ينضب من هذا اللقاح.

لقاح الكوليرا، ولقاح التيفوئيد:

أفادت الأخبار أن هناك جهودًا علمية حثيثة تجرى في أستراليا؛ من أجل تحضير لقاحات ضد الكوليرا وضد التيفوئيد بواسطة تكنولوجيا الهندسة الوراثية، بحيث تضفي على الإنسان الذي يحقن بها مناعة مدى الحياة. والعجيب في الأمر أن اللقاحين المذكورين سيُؤْخَذَان عن طريق الفم، ويعود الفضل في ذلك إلى الدكتور راولي من جامعة أديلاد الأسترالية، والذي بدأ هذه الأبحاث منذ عام 1980، وفي حالة نجاح هذه الأبحاث ستتم تجربة اللقاح في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1987، وفي بنجلاديش عام 1988م.

 

أمَّا مُضادات وحيدة النسيلة فلا تدمر الخلايا؛ بل تضع عليها علامتها؛ من أجل أن يقوم جهاز المناعة بعد ذلك بالإجهاز عليها.

أول لقاح للملاريا في التاريخ:

طالعتنا التقارير الصيدلية في أوائل عام 1985م عن إحراز النجاح في تصنيع لقاح جديد للملاريا، يعتبر أول لقاح من هذا النوع، ويصلح هذا اللقاح بالطبع للوقاية من الملاريا التي يسببها طفيلي بلازموديوم فالكيباروم  المسؤول عن 85 % من حالات الملاريا في العالم.

 

وقدِ استطاع العلماء تحقيق ذلك بالاستفادة من تكنولوجيا الهندسة الوراثية، والاستعانة بمضادات وحيدة النسيلة. ومنَ المدهش حقًّا أن البروتين الذي تتكون منه أجسام طفيليات الملاريا تحتوي على جينات يبلغ طولها 412 حامضًا أمينيًّا.

وقدْ تَمَّ حتَّى الآن إيجاد خمسة أنواع من مضادات وحيدة النسيلة، بإمكانها التعامل مع أسطحة الطفيلي. وقد تمَّ تحضير لقاح للملاريا يستطيع أن يتصدى للطفيليات، ويلغي مفعولها لدى دخولها جسم الضحية بواسطة لدغة البعوضة، فتمنعها من الوصول إلى الكبد، وتحميه منها.

 

ويا حبذا لو يستطيع اللقاح أن يكون قادرًا على قتلها، إذ لو تمكن طفيلي واحد من الإفلات والوصول إلى الكبد، فإن بإمكانه أن يتكاثر هناك، ويسبب العدوى والمرض.

 

ويعتقد أنه ما زال أمام هذا اللقاح خمس سنوات؛ حتى يمكنه الوصول إلى رفوف الصيدليات.

لقاح جديد لمنع الحمل:

وما دمنا نتكلم عن اللقاحات يجدر بنا أن ننوّه عن اختراق علمي جديد ما زال في مهده، فالأبحاث الدوائية تبشرنا بقرب إنجازٍ (ليس قبل عام 1990) لقاح جديد لمنع الحمل، وهذا الاكتشاف أمريكي الأصل، ولكنَّه أثار اهتمام منظمة الصحة العالمية، فأخذتْ على عاتقها تجربته على نساء أستراليا. ويتكون اللقاح المنتظر من جزء من هرمون جونادوتروبين المشيمي الإنساني تحقن به السيدة، فينبري جهاز مناعتها بالتصدي له، وإنتاج أجسام مضادة لهذا الهرمون الدخيل، ومن ثم تقوم الأجسام المضادة بمهاجمة البويضة المخصَّبة وتدمرها، كما يفشل المبيض - في نفس الوقت - في إنتاج هرمون البروجسترون الذي يساعد على الحمل.

وستكتَفِي المرأةُ بِحُقنة واحدة من هذا اللقاح في السنة، بدلاً من تناول قرص واحد كل يوم على مدار السنة. وليس للقاح الجديد آثار جانبية تذكر؛ كالتي تلازم عادة أقراص منع الحمل التقليدية. فلا تجلط للدم يحدث، ولا زيادة بالوزن، ولا غثيان، أو دوخة، أو قيء، كما أنه لا يسبب اضطرابًا بالطمث، وما علينا إلا أن ننتظر عام 1990 حتى نرى مدى فائدة هذا اللقاح الجديد.

الدواء والصيدلية عام (2000م)[1]

الدواء:

لم يبق بيننا وبين نهاية هذا القرن سوى ثلاثةَ عشَرَ عامًا، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تقدمًا مطردًا في مجال صناعة الأدوية والعقاقير في أوضاع غير مستقرة.

 

ويأمل الإنسان بالتوصّل إلى اكتشاف دواء خارق لمرضى السرطان، وأمراض أوعية القلب حيث إنهما يتصدران قائمة قتلة بني البشر، غير أن القضاء على هذه الأمراض سيرفع من متوسط عمر الإنسان ربما إلى 85 عامًا. وهذا من شأنه أن يزيد من المراجعين للمستشفيات، والعيادات، والمستوصفات، والصيدليات. ويعتَبِرُ البعض أنَّ اكتشاف الأدوية الجديدة يشكل نعمة للبشرية؛ لاستيعاب الكهول، والمسنين، والعجائز.

غير أنَّ العِناية الصحية والأدوية ستزيد كلفتها، ويصبح متعذرًا على الشخص العادي تحمُّلُها، ولذا سيلجأ إلى العناية الصحية الذاتية، واستخدام الأدوية دون الرجوع إلى الطبيب، ويكتفي بالاتصال بالصيدلي، خصوصًا وأن الصيدلي هو أكثر محترفي العناية الصحية تواجدًا، وأكثرهم سهولة في الاتصال به، فلا يلزم موعد سابق، ولا وقوف في الدور؛ كي يصل إليه المرضى.

وقد تتمكَّن البحوث الطبية من حل بعض المعضلات الطبية، خصوصًا أنَّ العلماء يتعلَّمون يوميًّا أكثر وأكثر عن نظام جهاز المناعة في جسم الإنسان، مما سيجعل البشر أكثر أهلية للتعامل مع أمراض السرطان، مع إنتاج المزيد من أنواع الأدوية الأخرى المضادَّة لالتهابات الكبد والفيروسات، وتسوّس الأسنان، وأمراض اللثة، وغير ذلك.

 

وستظلّ أبحاث الأدوية والعقاقير وعمليَّات تطويرها باهظة التكاليف، إذ قد تبلغ تكلفة دواء جديد ملايين الدولارات؛ كي يتم طرحه في الأسواق، ويستغرق ذلك ما لا يقل عن عشر سنوات؛ كما سيكون الحاسوب (الحاسب الآلي) مفيدًا للغاية في إنجاز أبحاث الأدوية، ويؤمن فرصًا أكثر للتقدم الواسع في مجال الصناعة الدوائية، كما سيكون الحاسوب ذا فائدة للمستهلك بشكل مباشر. فإن ظهور الحاسوب المنزلي، وهاتف الاستقبال والإرسال، سيزيد من استطاعة المستهلك استخدام برامج الرقابة الصحية، والارتقاء بالحالة الصحية الذاتية دون مغادرة المنزل.

وسيكون عدد أكبر من الأدوية في مُتَناوَل يد المستهلك بصورة مباشرة لأمراض؛ كالربو؛ والقرحة؛ والتهابات المفاصل، التي يمكن للمستهلك معالجتها ذاتيًّا دون اللجوء إلى الطبيب، كما سيتم بيع أشرطة فيديو مع الأدوية؛ لتوضيح كيفية عملها، وتأثيرها وآثارها الجانبية، وعدد الجرعات، وكيفية الاستعمال والمحاذير. وستتنافس الشركات على خدمة الجمهور بهذا الاتجاه؛ ولكن ما هو مستقبل الصناعة الدوائية؟

 

مع أنَّ العديد من الاكتشافات الدوائية قد تحقق وطُوِّرَ في مصانع الأدوية، خلال الخمس والعشرين سنة الماضية، إلا أنه أصبح من الواضح أن روتين الحصول على ترخيص مداولة أي دواء جديد، هو أمر غاية في الصعوبة والتعقيد، بحيث إنه عامل أساسي لتخفيض أعداد الأدوية الجديدة المصرح بها، ذلك لأن الهيئات الصحية في معظم البلدان تتشدد يومًا بعد يوم بالنسبة لشروط السلامة والأمان اللازمة للأدوية.

ولذا فإن أمور السلامة وشروطها بالنسبة للأدوية تدفع البحاثة إلى اتباع أسلوب حذر، بالنسبة للأدوية بصفة خاصة. وحيث إن المجتمع يهدف بالدرجة الأولى إلى السلامة، والأمان فسيتخذ هذا المجتمع أو ذاك جانب الدفاع؛ بل ورفض الدواء الجديد. كما أن السلطات الصحية الرسمية نفسها ليست مستعدة لتحمل مسؤولية أيّ دواء جديد؛ خشية أن يتبيَّن بعد حين أن له أضرارًا لم تكن متوقعة، فتحاول هذه الجهات المماطَلة والتسويف.

 

أمَّا الصناعات الدَّوائيَّة وتقنيتها فقد تقدَّمَتْ في العصور الأخيرة تقدمًا ملموسًا في العلوم على مختلف أنواعها، فإنَّ أساليب التحليل المخبريّ أصبحتْ تُتِيح البحث في موادَّ موجودة بتركيزات غاية في الصغر لم يكن الوصول إليها سابقًا مُمْكنًا.

فعلم الفارماكولوجي يستطيعُ الآنَ أن يبحث في موضوع المستقبلات التي تشكل الأهداف الحقيقية للأدوية. أمَّا الأساليب الكيميائية الجديدة والمتقدمة فسوف تساعد الكيميائيين على صنع وتخليق مواد جديدة، حسب الرغبة بشكل لم يتصوَّرْهُ أيّ عقلٍ مِنْ قبل.

 

والحاسوب سَيَلْعَبُ دوْرًا فعَّالاً في الأبحاث الكيميائية أيضًا، إذ سيمكن من تخليق بعض الكيماويات بسرعة هائلة. أمَّا الهندسة الوراثيَّة فإنَّ فوائدها قد ثبتت قطعًا، وستعمل على نقل المعلومات من الخلايا المتخصّصة إلى الجراثيم البسيطة.

ولكنَّ الأبحاث العلميَّة لن تتمكَّنَ منَ التَّقدّم بدون وجود جهاز إداري منظم. فالمعروف أنَّ الأبحاث تمرّ بطُرُقٍ متعرّجة تملؤها الأشواك. ولذا فإنَّ نوع الإدارة المسؤولة عن الأبحاث الصناعية والصيدلية، يجب أن تتحلَّى بكثير من المزايا والصفات؛ كالنشاط، والاطلاع، والديناميكية العملية الممتازة.

 

كما يجب أن تكون إدارات المستقبل أكثر مرونة وطموحًا من حيث الاستعداد للتعاون بين جميع التخصصات، بحيث يزدادُ وضوحًا وترسيخًا لا يمكن لأي من العلماء إنجاز أي تقدم دون الاستعانة بين الفينة والأخرى بزملائه المختصين بالعلوم الأخرى، فالعالم البحاثة لا يمكنه عمليًّا اتخاذ قرارات تصلح لعشر سنوات قادمة دون استشارة رجال الأعمال والاقتصاد، والتداول معهم.

أما المشكلة السكانية فحدث عنها ولا حرج، إذ من المشكوك فيه أن يتمكن الإنسان أن يحل مشكلة الانفجار السكاني بالشكل المرضي والمعقول. ففي عام 2000 سيكون سكان العالم 6 بلايين؛ منهم بليونان في البلدان الصناعية المنتجة للأدوية وأربعة بلايين في بلدان العالم الثالث. وستقوم الدول الصناعية - وهي الأقلية - بإنتاج المزيد من الأدوية وبيعها إلى الدول النامية - وهي الأكثرية - ولذلك سيرتفع معدل دخل الفرد في البلدان الصناعية ارتفاعًا حادًّا أكثر بكثير من زيادته بالنسبة لسُكَّان البلدان النامية، أو بلدان العالم الثالث. فالغني سيزداد غنى، والفقير سيزاد فقرًا، وتزداد الهوة بين العالمين اتّساعًا، ويزيد العنف والتوتّر بشكل متسارع.

وربَّما ستكون المشكلة خلال مطلع القرن الحادي والعشرين هي علاقة البلدان الصناعية بالبلدان النامية. فيجب إشراك الهيئات الدولية - لتقديم المشورة والمعونة وحل الإشكال - كمنظَّمة الصّحَّة العالميَّة، واليونيسيف، وهيئة الأمم المتحدة.

الصيدلة:

مع أنَّ مِهْنَةَ الصَّيدلة تَعُودُ إلى ما قبل عام 4000 ق. م؛ لكنها كانتْ دائمًا تتطوَّر بشكل مذهل أيضًا، فالصيادلة في أيَّامنا هذه لا شكَّ في أنَّهم يختلفون عن الصيادلة من أجدادنا خلال العشرينيات من هذا القرن، والذين كان اعتمادهم الأساسي على الأدوية من مصادرها الطبيعية، ومن المؤكّد أنَّ مهنة الصيدلة سَتُواجِهُ المزيد من التغييرات الجمَّة لدى وصولها إلى مشارف القرن القادم، وأهم ما في ذلك بعض النقاط التالية:

♦ طرق جديدة مبتكرة وفريدة لإعطاء الدواء.

♦ اختراقات دوائية سيكون لها أبلغ الأثر.

♦ الاستفادة من تقنية الهندسة الوراثية في تحضير الدواء.

♦ تطور وتشعب نظرية المستقبلات الخلوية للأدوية.

♦ الحاسوب (الكمبيوتر) سيلعب دورًا أساسيًّا وكبيرًا في مهنة الصيدلة.

♦ المداواة الذاتية.

♦ مزيد من آفاق العبوات الدوائية.

لقد تعوَّدنا أن نسمع أنَّ الدواء يعطى إما عن طريق الفم، أو الشرج، أو الجلد، أو الحقن بأنواعها وأشكالها؛ ولكن لا بد من ظهور ابتكارات جديدة وأنواع فريدة من الأدوية؛ كي تستعملها الأجيال القادمة. سبق أن بحثنا نخبة من طرق الاستعمال الجديدة، التي أصبحت متوفرة ورخيصة أهمها:

الملصقات الجلدية المجموعية، نقط الأنف المجموعية، الحلقات المهبلية، الأوكيوسيرت العينية، الأوروس الفموية، والمضخات الدوائية، وغير ذلك.

 

ولكن لا بد من ظهور المزيد من طرق الاستعمال الجديدة التي لا تخطر على البال.

ومن المنتظر أن تفيد الفئات الدوائية الجديدة والمبتكرة في استعمال أدوية منع الحمل، ومعالجة أمراض السرطانات طويلة الأمد؛ أما الطموحون من العلماء فيأملون أن ينتجوا أنواعًا جديدة من الهيدروجيل بطيء المفعول للغاية، بحيث يخدم أسابيع وأسابيع، وقد يطبق ذلك على الأدوية الوقائية للملاريا وغيرها من الأمراض.

 

ومن الطرق المبتكرة طريقة الكريات الحمراء، والتي يقصد بها كريات الدم الحمراء الموجودة في دم الإنسان، تفصل هذه الكريات عن البلازما، ويضاف إليها المادة الدوائية في أوعية مخصصة لذلك، ويتسرب إلى داخل الكريات ويستقر هناك مؤقتًا.

بعد ذلك تعطى هذه الكريات للمريض، فتجوب في جميع أنحاء جسمه متناسبة مع الدورة الدموية، وتتوزع المواد الفعالة فيها ببطء وسهولة مدة طويلة، مما يؤدي إلى الإقلال من الجرعات الدوائية المستعملة حسب الطريقة المألوفة.

 

ومن أهم الاختراقات الدوائية اكتشاف أدوية المستقبلات الخلوية، والمستقبلات عبارة عن جزئيات معقدة التركيب، كبيرة الحجم، تتكون من البروتينات، وتقع على سطح الخلية، أو ربما داخلها، ويعتمد عليها مفعول بعض المراسلات الدوائية - كالهرمونات - وتعمل المستقبلات الخلوية على تنظيم ومراقبة عمل الخلية، وتتحكم في صنع البروتينات فيها والبيبتيدات وغيرها من مشتقات الخلية ونواتجها؛ كما تساعد المستقبلات الخلية على إفراز منتجاتها المختلفة والتخلص منها؛ كما أنها تقرر مدى نفوذيَّة الأغشية، وشكل الخلية وحركتها ونموها.

واعتمادًا على المعلومات والصفات الكيميائية للمستقبلات الكامنة على سطح الخلية، يكون بإمكان العلم أن يصمم أدوية جديدة محددة مطابقة للمستقبلات المراد إصابتها، وكذلك إيقاف عمل الخلايا أو محاكاتها سواء بالتصرفات المرغوب فيها، أو غير المرغوب فيها حسب ما تمليه الظروف.

الحاسوب (الكمبيوتر):

الحاسوب هو الكمبيوتر أو الحاسب الآلي، وهذا هو اسمه العلمي الصحيح. لقد أصبح الحاسوب جزءًا لا يتجزأ من جميع أوجه الحياة في الوقت الحاضر. فدخل جميع المرافق من اقتصادية وتجارية وطبية وصيدلية وعلمية وفنية وحربية وغير ذلك. كما أنه دخل مهنة الصيدلة فأصبحت لا تستغني عنه في كثير من الأعمال، ولذلك ينتظر - في خلال عقد أو عقدين من الزمن - أن يصبح الحاسوب أمرًا شائعًا شيوع جِهاز الهاتف، وسهلَ الاستعمال سهولة تحريك مؤشر جهاز المذياع.

إن المعلومات الخاصة بالدواء من مفعول، أو سمية، أو جرع، أو آثار جانبية، أو تنافر، أو توافر حيوي، أو أسعار، أو تغليف، كلها أصبحت معلومات لازمة، وصار ضروريًّا أن تكون جاهزة على أطراف أصابع الصيدلي، وذلك باستعمال الحاسوب، ولا شكَّ في أنَّ الحاسوب سيخفف من الزمن اللازم ليتعلم الصيادلة أمور مهنتهم وتدريبهم عليها، وبذلك سيتوفَّر نشء جديد من الصيادلة بأعداد كبيرة.

أهم المجالات العلاجية:

إن مجال المعلومات الدوائية سيكون مفيدًا للصيدلي؛ من أجل تطوير مهنته، وتوسيع أفقها ودورها الطليعي في المجتمع، والأخذ بيدها إلى الأمام، ومن أبسط الأمور ستكون عملية استبدال الأدوية بسرعة ومهارة. ولذلك يأمل العلماء أن يتمكنوا من إيجاد الأدوية التي بإمكانها إنجاز الأمور التالية الهامة في المجالات العلاجية المذكورة:

1 - بالنسبة للتصلب العصيدي: (تصلب الشرايين). Atherosclerosis، إمكانية منع ترسّب اللويحات على جدران الأوعية الدموية من الداخل.

 

2 - بالنسبة لمرضَى البول السكري: المحافظة على مفعول خلايا بيتا بالبنكرياس، والحد من مضاعفات أمراض الأوعية الدموية.

 

3 - أمراض الرئتين المزمنة: أدوية لِمَنع إفراز المخاط بكثرة.

 

4 - السكتة القلبيَّة: أدوية تمنع تكدس الصفيحات الدموية ومنع حدوث السكتة.

 

5 - القرحة المعدية: إيقاف الإفرازات الحامضية.

 

6 - ضغط الدم المرتفع: التمكن من الوصول إلى أسباب المرض الحقيقية؛ من أجل التوصل إلى كيفية مكافحته.

 

7 - السرطان: اكتشافه مبكرًا ومعالجته فورًا.

 

8 - وهناك مجالات أخرى كثيرة نذكر منها تطور المعالجة الذاتية بشكل آمن، تتوفر فيه السلامة وزيادة متوسط أعمار الناس، وزيادة في إحكام العبوات الدوائية وأمانها وسلامتها.

العبوات وسلامتها:

كان لكارثة كبسولات الثايلينول أثر عميق في نفوس الجماهير، مما أثر على نسب المبيعات بصفة عامة؛ سواء تلك المصروفة بموجب وصفة طبية أو بدونها، كما كان لذلك تأثير نفسي على الأفراد والجماعات، وأصبحت تلفهم الشكوك والمخاوف. تصور أن تدخل إلى صيدلية وتتناول دواء منها، ثم يخطر ببالك أن قد يكون شخص ما قد سبقك، وعبث بعبوته، وأضاف مواد سامة شديدة المفعول؛ كالسيانيد، وغير ذلك مثلما ما حصل مع الثايلينول، ماذا سيكون شعورك. وهل ستأخذ الدواء؟ وإن لم تفعل، ما هو الحل؟ هل تذهب إلى صيدلية أخرى؟ هناك سيواجهك الأمر نفسه، وتعاني من المشاعر نفسها.

 

ومع أن معظم الأدوية في الوقت الحاضر مغلفة تغليفا جيدًا في عبوات مزودة بسدادات محكمة، قد يكون من الصعب العبث والتلاعب بها، إلا أن الصيدلي قد يضطر إلى بيع بضعة أقراص من الزجاجة فيفتحها، بعد ذلك يصبح ما تبقى من ذلك عرضة للشكوك والريبة، فأي عبوة ناقصة تصبح لا فائدة منها. ويتعذر بيع أي من محتوياتها. ولذا سيكون لذلك تأثيرات نفسية واقتصادية عارمة تهدد حسن سير العمل.

رجال الصناعة يفكرون ليل نهار، ويشحذون أدمغتهم بجدية، في كيفية التوصل إلى حل مناسب وفعال لهذه المشكلة، التي طرأت من حيث لا تدري البشرية؛ نتيجة للضغوط النفسية التي يتعرض لها البشر، وتدفع البعض إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم، والأعمال الوحشية، وبعض الأفكار التي لا بد من تطبيقها هي اللجوء إلى نظام الجرعة الموحدة التي تطبق في المستشفيات وبيعها كما هي في أوعية شديدة المقاومة.

 

ولكن هذا سيرفع من تكلفة الأدوية، وأثمانها ستصل إلى مستويات يعجز البعض عن شرائها.

الطب الصيدلي: (Pharmaceutical Medicine)

من التطوّرات الصناعية الدوائية نشوء تخصص علمي جديد أطلق عليه "الطب الصيدلي"، وبالإمكان القول أيضًا بأنه "الصيدلة الطبية". أمَّا الشخص المتخصّص بهذا الفرع فهو الطبيب الصيدلي (Pharmaceutical Physician)، وهو طبيب مؤهل يجمع بين واجبات الصناعة الدوائية والاعتبارات السريرية؛ من أجل إيجاد أدوية جديدة.

 

ولم يمضِ على اختيار هذا التعبير سوى عشر سنوات، حتى احتل مكان التعبير القديم "المستشار الطبي للصناعة الدوائية"، وقد كان أول من اقترح هذه التسمية هو الدكتور سنيل ضمن بحث نشره في إحدى المجلات العلمية عام 1970م.

لم يكن قبل الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) سوى بضعة أدوية مؤثرة ونافعة. ولم تكن الصناعات الدوائية بحاجة لتعيين شخص متفرغ، ولذلك كانت تستشير بعض الأطباء - إذا احتاج الأمر - لدى قيامها بتصنيع دواء جديد، أو شكل جديد - ولم يكن هناك خبير دائم؛ بل لم يكن هناك وظيفة دائمة لذلك.

 

وعندما وضعت الحرب أوزارها وبدأت عجلة تطور الصناعة الصيدلية بالدوران بشكل مذهل - خصوصًا خلال الخمسينيات من هذا القرن - وجدت الشركات الصناعية الدوائية نفسها مضطرة لتعيين أطباء بصفة دائمة؛ للاستفادة من مشورتهم بما يتعلق بمعلوماتهم الطبية السريرية، التي قد تفيد في التغلب على المصاعب التي كانت الأبحاث الصيدلية تواجهها، وبالذات في مجال الأبحاث السريرية، وإجراء التجارب على الأدوية الجديدة، وتفسير نتائجها، مع تدعيم خطة الشركة المصنعة التسويقية، وبالتدريج أصبح عدد الأطباء العاملين بالصناعة الدوائية في إنجلترا وحدها لا يقل عن 500 طبيب في الوقت الحاضر.

وهكذا تطورت مسؤوليات المستشار الطبي للشركة الصناعية خلال الخمس والعشرين سنة الماضية، وتركزت تلك المسؤوليات في برمجة وتصميم وتنفيذ التجارب السريرية الطبية في جميع مراحلها المتتابعة.

 

أصبح المستشار الطبي يسمى "الطبيب الصيدلي"، وقد ازدادت مسؤولياته خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية (1977) بشكل مُلْفِت للنظر، ولذلك وجب أن تتوفر فيه دراية تامة للعلوم الأساسية، والعلوم الطبية، بالإضافة إلى علوم الاقتصاد، وإدارة الأعمال، والتسويق، وبعبارة أخرى نشأ كادر جديد من الأطباء المؤهلين المختصين بالنواحي الصيدلية. ونظرًا لأهمية هذه الفئة المبتكرة تكونت في بريطانيا جمعية جديدة تُدْعى "جمعية المستشارين الطبيين للصناعة الصيدلية" تعرف برمز (AMAPI)؛ كما تم إدخال تخصص جديد في كلية كارديف الطبية مدته سنتان دعي "الطب الصيدلي"، والغرض منه تخريج الأطباء الصيدليين. وفي عام 1976 تمت موافقة كلية الأطباء البريطانية على منح دبلوم جديد في الطب الصيدلي في مدن لندن، وأدنبرة، وجلاسكو، وقد تضاعف أعضاء جمعية المستشارين الطبيين المذكورة بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية مما يدل على تزايد أهمية هذا التخصص.

ومما عزز هذا الاتجاه ظهور مجلة علمية دورية جديدة تدعى "مجلة الطب الصيدلي" عام 1984؛ كما ظهر كتاب قيم يبحث في موضوع الطب الصيدلي، ألفه مجموعة من المختصين على رأسهم الدكتور بيرلي.

 

وينصب اهتمام الطبيب الصيدلي في مساعدة الصناعة الدوائية الصيدلية لإنتاج أدوية جديدة مفيدة وآمنة، كما يشمل البرنامج الدراسي لتخصص الطب الصيدلي مواضيع شتى في مجالات الأقربازين، والبيولوجيا، والكيمياء الصيدلية، والإحصائيات الحيوية، وتنافر الأدوية وتوافرها الحيوي، وفن تسويق الأدوية. وقد اشتهر هذا الفرع واتخذ حجمًا على مستوى بريطانيا، وأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، ومن الجدير بالذكر أن البرنامج الدراسي يشمل أيضًا على مواضيع في الاقتصاد، وإدارة الأعمال، فأصبح ذا أهمية كبرى وحساسة.

وبالطبع إن العوامل التي أدت إلى هذا التطور هي الازدياد المضطرد في إنتاج الأدوية كمًّا ونوعًا، وظهور سيل جارف من الأدوية الجديدة خلال الثلاثين سنة الماضية، ومع أن الطب الصيدلي له علاقة مع الأقربازين السريري، والصناعة الدوائية، وتطوير الأدوية الجديدة، وما ينعكس من ذلك على الحالة الاجتماعية، والأمور القانونية والحكومية والتنظيمية، إلا أن حدود هذا التخصص لا تزال غير واضحة. ويكفي أن نقول إنها المرحلة الحاضرة التي تتخذ موقفًا متوسطًا بين مهنتي الطب والصيدلة الصناعية، مع الأخذ بعين الاعتبار الأمور الحكومية والمهنية والاقتصادية.

 

وفي كل شركة صناعية دوائية كبيرة لا بد من وجود دائرة خاصة بالطب الصيدلي، يرأسها طبيب صيدلي مؤهل ومتخصص.

الدائرة الطبية الصيدلية:

يعتمد التنظيم الأساسي للدائرة الطبية الصيدلية بأي شركة دوائية صناعية على حجم الشركة بالدرجة الأولى، وبالإمكان أن نتصور تلك الدائرة على النحو التالي:

المديرالطبيأوالمستشارالطبي: هو رئيس الدائرة تتبعه أقسام مختلفة، يرأس كلاًّ منها نائب للرئيس. هذا ويجب أن يطلق على المدير لقب: "الطبيب الصيدلي"، ومن هذه الأقسام نذكر دائرة الأبحاث الأقربازينية، ودائرة التجارب السريرية، ودائرة الخدمات الطبية "التسويق والمباعة"، وكذلك قسم التسجيل والإحصاء. ومن أخطر واجبات الطبيب الصيدلي المدير هي متابعة الأبحاث العلاجية من خلال التجارب السريرية؛ للتأكد من جدوى الدواء أو عدمه. فإذا ثبتت فائدته وأهميته ندرس عوامل الموازنة بين فوائده الطبية، وبين آثاره الجانبية من حيث إبقاؤه أو إلغاؤه. ولذلك على المدير مراقبة الأبحاث، والسيطرة على مجراها أينما تجري من الأقسام، وإذا ظهرت مادة جديدة فعَّالة بريئة من السمية، بحيث تكون مرشحة لتصبح دواء مفيدًا وجديدًا، فعلى المدير أن يبدأ باتخاذ الخطوات اللازمة لتجربته على بني البشر الأصحاء منهم والمرضى. ويتطلب ذلك الاستعانة بالعلوم الصيدلية الجديدة ومنها: علم حرائك الدواء، وعلم مبحث تأثير الأدوية، وكذلك عليه أن يقوم بوضع تخطيط لبرامج الأبحاث السريرية بجميع مراحلها المتتابعة، وتقييم التساؤلات الواردة مع إيجاد الإجابات الصحيحة والمناسبة لها.

مسؤوليات الطبيب الصيدلي:

تتلخص مسؤوليَّات وواجبات الطبيب الصيدلي بصفته مديرًا للدائرة بما يلي:

1 - مستشار لدائرة الأبحاث الدوائية.

2 - النظر في الشكاوى الواردة.

3 - توثيق العلاقة مع السلطات الصحية.

4 - تنمية العلاقات العامة.

5 - مستشار للقوى التسويقية.

دوره في الأبحاث الدوائية:

من أخطر مسؤوليات الطبيب الصيدلي - بصفته مستشارًا دوائيًّا للشركة - أن يقرر ما إذا كانت نتائج الأبحاث السريرية التي أجريت على أحد الأدوية تؤهله إلى أن يكون أحد منتجات الشركة؛ نظرًا لفوائده، وتدنّي آثاره الجانبية. وفي تلك الحالة يكون قد قام بموازنة الفوائد مقابل الآثار الجانبية، ووصل إلى قرار حاسمٍ على ضوء المعطيات الإحصائية والعلمية. عند ذلك يقرر تبني الدواء.

من أجل ذلك عليه أن يتعاون مع العلماء البحاثة كل في مجال اختصاصه، والاهتمام بصفة خاصة بسميته على الحيوان والإنسان، ومن ثم الوصول إلى قرار يسمح بطرحه في الأسواق مع القيام بحملة تسويقية دعائية لائقة. ولذلك فإن كل هذا يتطلب إلمامه - بصفة خاصة - إلمامًا جيدًا بعلوم الكيمياء، والصيدلة، والأقربازين، وعلم السموم، والتطبيقات السريرية، وغير ذلك، كما أنه ليس بالضرورة أن تقتصر علاقاته الجيدة على الأطباء والصيادلة فقط؛ بل يجب أن تمتد لبقية أعضاء الفريق من مساعدين، وموظفين، وإداريين.

علاقته مع الأبحاث المركزية:

إن الغرض من الأبحاث الصيدلية هو العثور على أدوية جديدة كيميائية مبتكرة؛ لتحويلها لأشكال صيدلية مناسبة، لها منافع علاجية تدر على الشركة الأرباح المجزية بعد تسويقها. لذلك يجب على الطبيب الصيدلي أن يكون مثالاً لحلقة الوصل الكفأة بين العيادات السريرية، ومختبرات الأبحاث المختلفة، ذلك أن البحاثة يرغبون في أن يتعاملوا مع طبيب صيدلي كفء أو مؤهل، مُلِم بمختلف العلوم الأساسية والتخصصية، وأن يكون متفهمًا مشاكلهم وأعمالهم.

دوره في التسويق:

لدى قرب موعد طرح الدواء الجديد في الأسواق، وبدء الحملة الإعلامية التسويقية اللازمة، يرغب عادة مديرو التسويق في أن يتفاهموا مع الطبيب الصيدلي؛ ليزودهم بالمعلومات العلمية البارزة؛ لكي يركزوا عليها الأضواء وإبراز فوائدها ومزاياها، بمقارنتها بالمستحضرات المنافسة. فلا يمكن لقسم التسويق أن يحصل على هذه المعلومات دون وجود طبيب صيدلي متفهم على رأس دائرته يدرك الأمور جميعًا. ويحيط بها إحاطة كاملة. كما عليه أن يتحلى بالأخلاق الحميدة والسيرة المحمودة، فمن السهل هدم - خلال لحظات - ما بناه رجال التسويق في سنين. ولذلك عليه أن يحسن تصرفاته، بحيث تكون بعيدة عن الشبهات مع استقلالية الرأي والحزم والحياد وعدم التحيز.

النظر في الشكاوى:

لا بد عند ظهور أي دواء جديد أن يرد إلى الشركة المصنعة بعض التساؤلات والانتقادات وربما الشكاوى، وليس أنسب من الطبيب الصيدلي من ينظر في هذه الشكاوى، ويرد عليها بذكاء ومهارة، دون إثارة السائل، أو زيادة حنقه، ودون الإساءة إلى الشركة وسُمعتها، ويجب أن يتم ذلك بسرعة وعناية. وقد تتعلَّق تلك الشكاوى بالمفعول الدوائي أو بآثاره الجانبية، أو بالنسبة لتعبئته وتغليفه، والكتالوجات التسويقية، والتعليمات الموجودة داخل العبوة. فعلى الطبيب الصيدلي أن يتَّصل بصاحب الشكوى خلال مدة قصيرة؛ من أجل إعطاء الشاكي فكرة جيدة عن سياسة الشركة، وإبلاغه أنَّ المسؤولين فيها عاكفون على دراسة شكواه، وأنه سيستلم الإجابة خلال أيام قليلة؛ كما على الطبيب الصيدلي أن يستشير الجهة المختصة بموضوع الشكوى، وبصفة خاصة دائرة الرقابة ودائرة الأبحاث.

علاقته مع السلطات الصحية:

يترتَّب على الطبيب الصيدلي المسؤول أن يقوم بالاتصالات اللازمة والواجبة بين العلماء الذين اكتشفوا الدواء الجديد، وبين الأطبَّاء الذين سيقومون بالتجارب الطبية السريرية على المرضى؛ كما عليه أن يكون حلقة اتصال بين السلطات الصحية التي من شأنها مراقبة عمليات الأبحاث الدوائية، حيث إنها المرجع الأخير الذي سيقدم إليها الطلب؛ من أجل تسجيل الدواء الجديد والسماح بتداوله. ويترتب على ذلك القيام بتجربته قبل قيام الشركة بتسويقه، فعليْه أن يقوم بشرحِ فوائد الدواء الجديد، ومزاياه، والأسباب الموجبة لاستعماله، وتفضيله على غيره من الأدوية الأخرى، بحيث يقنع السلطات الصحيَّة بجدواه على أن يكون ذلك مقرونًا بالوثائق والإثباتات الضروريَّة، وعليه أن يتسلَّح بالمعلومات العلمية، والبحثيَّة المدعمة بالأرقام والشواهد.

 

إن العلاقة الجيدة التي تسود بين الطبيب الصيدلي، وبين المسؤولين في السلطة الصحية تساعد إلى حَدّ بعيد في اتّخاذ القرارات، التي تكون لمصلحة الشركة المصنعة.

العلاقات العامَّة:

كان المستشار الفنّي للشركة الدوائية سابقًا لا يعتبر أنَّ له أي علاقة أو دور يلعبه من حيث إعلاء كلمة الشركة الصناعية، وإظهارها بالمظهر اللائق، والعمل على رفع شأنها وسمعتها. كان سابقًا يصبّ جامَ اهتمامه على الأمور العلمية والسمعة الطيبة لمهنته، فكانت علاقاته تقتصر على زملائه، وأبناء جلدته.

 

أمَّا خلال السنين القليلة الماضية، فقد أصبح الطبيب الصيدلي موضع المسؤولية من حيث التساؤلات الخاصة بالتطوير، والفحص والاختيار، والمراقبة والاستعمال، وسلامة المستحضرات الصيدلية. وقد أصبحت هذه الأمور جميعًا موضع اهتمام الصحافة، وأجهزة الإعلام المختلفة.

وقد يتعرض الواحد منهم للانتقاد اللاذع، والمواقف الحرجة نظرًا لعدم دراية أفراد الجمهور، أو وسائل الإعلام بطبيعة العمل الطبي الصيدلي على حقيقته، وعليه عند ذلك أن يكظم غيظه، وأن يضع أعصابه في ثلاجة، وألا يثور. عليه أن يتحلى بالحلم والصبر؛ وإلا كان هو الخاسر. كما عليه أن يكون مسلحًا بالصبر والأناة وبالعلم والمعلومات، وأن يبذل جهده لشرح ما هو مبهم على الناس، ويعلل القرارات التي تتَّخذها الشركة واتجاهاتها.

دوره نحو أسواق العالم:

على الطبيب الصيدلي المسؤول في الشركة الدوائية أن يكون عالمًا بمشاكل بلدان العالم الأخرى، من النواحي الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسكانية، والوبائية، فهناك بلدان تكون عادة متعطشة لاستلام مختلف أدوية البلدان المتقدمة؛ لمكافحة ما يصيبها من أمراض وأوبئة، قد تكون نادرة، أو من فئة الأمراض اليتيمة؛ بحيث تشكل مركزًا تسويقيًّا هائلاً لتصريف الأدوية التي تنتجها الشركة، وحيث إننا على وشك الوصول إلى نهاية القرن الحالي، فعلى الطبيب الصيدلي أن ينظر إلى الأمور النظرة الخاصة لعام 2000 من حيث نوعيات الأدوية المتوقع الاحتياج إليها وكمياتها. واحتمالات ابتكار أدوية جديدة، كما عليه أن يفعل ذلك من خلال منظمة الصحة العالمية، التي لديها معلومات كافية عن جميع بلدان العالم واحتياجاتها، خصوصًا بالنسبة للأدوية اليتيمة التي ترفض معظم الشركات تبنيها. وعليه أن يلم بقائمة الأدوية الأساسية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية. ويُوَجّه انتباه الصناعيين إلى احتمالات المستقبل بدلاً من أن يقوموا بإنتاج أدوية لا جدوى اقتصادية منها.

ومن الطبيعي أن هناك منافسة شديدة تدور بين الشركات العالمية في مختلف أسواق بلدان العالم، وعلى الطبيب الصيدلي أن يضع نصب عينيه مساعدة شركته على إيجاد موطئ قدم في كل منها، وإلا انخفضت مبيعات الشركة، وبدأت تعاني من المشاكل المالية، التي قد تسبب - في النهاية - فصله من عمله.

 

نظرة للمستقبل:

شهدت العشرون سنة الماضية نموًّا وتطورًا هائلين في النشاطات التنظيمية الحكومية الرسمية والمهنية، على أثر عاصفة الثاليدوميد الهوجاء (1961 - 1962)، وكان الهدف الأساسي لهذه التنظيمات الحد من المخاطر الناجمة عن استعمال الأدوية الضارة، ومنع وصولها إلى الأسواق والصيدليات، أو على الأقل الإقلال من وطأة هذه المخاطر بقدر الإمكان.

وقد كان الاتجاه الذي اتبعته السلطات الصحية المبالغة في الحيطة والاشتراطات والتنظيمات منعًا لأي التباس، أو اختراق للقوانين، على أمل أن تنشط الشركات المصنعة، وتبدي اهتمامًا كاملاً بزيادة معلوماتها الفنية، والتقنية، وبشكل خاص ما يتصل بالاختبارات، والفحوص المخبرية.

 

وقد تبين مؤخرًا أن الاختبارات السمية التي تجرى على الحيوانات ليس بالضرورة أن تنطبق على الإنسان. إذ إن هناك أدوية آمنة بالنسبة للحيوانات، غير أنها تكون ضارة لبني البشر والعكس صحيح. يضاف إلى ذلك أنه ظهرت عدة تجمعات وجمعيات تهتم بالحيوانات، وتعارض استعمالها في مختبرات التجارب والأبحاث، مما يعيق الأبحاث الصيدلية ويؤخرها، وقد تضطر تلك الشركات لإجراء تجاربها الدوائية على المتطوعين من بني البشر بأجر، أو بدون أجر.

ومع ازدياد كميات الأدوية ونوعياتها اهتمت التنظيمات الحكومية، والصحية بصفة خاصة بمفعول الأدوية الأقربازينية، وحالات السلامة والأمان والشفاء، وكذلك التكاليف. فإن موضوع التكاليف بالذات يزداد خطورة يومًا بعد يوم. ومن ناحية سلامة الأدوية وأمانها، فالأمر يتجه نحو مراقبة الأدوية بعد تواجدها في الأسواق، وبعد أن يكون عدد وفير من الناس قد استعملوها، ولاحظوا آثارها الجانبية عن كثب. ولذا لا بد من أن تمر عمليات المراقبة بفترات محددة بحيث يقتصر استعمال بعض الأدوية الجديدة في مستشفيات معينة؛ من أجل إحكام المراقبة عليها حتى تثبت فعاليتها وكفاءتها وآثارها الجانبية، بحيث لا تسبب الضرر إلا لأقل عدد ممكن من الناس، وكذلك من أجل الاستفادة من النظام الآلي - الحاسوب - للقيام بدوره الفعال في هذا الصدد.

ولا بد من الإشارة إلى أنه حصل انكماش في الصناعة الدوائية، وانخفض عدد الأدوية الجديدة المتوقعة، وذلك نتيجة للتكاليف الباهظة التي تواجهها الشركات، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة التي تتصدى لها، فضلاً عن الاشتراطات القاسية - التي تفرضها السلطات الصحية - اللازمة للموافقة على أي دواء جديد.

 

قد تكون الجدوى الاقتصادية جيدة في حالة الأدوية المستعملة لعلاج الأوبئة والالتهابات، وأمراض القلب، وضغط الدم المرتفع. أما بالنسبة للأمراض المحدودة والنادرة والمعروفة باسم الأمراض اليتيمة، فقد لا يكون هناك مبرر اقتصادي كافٍ لإنتاجها؛ لكونها من ضمن الأدوية اليتيمة.

وقد يستغرب القارئ الكريم أن يسمع أنَّ هناك احتمالاً لقيام ثورة دوائية ثانية؛ نتيجة لظهور الهندسة الوراثية، والأدوية الموجهة، الَّتي تتقن إصابة الهدف وغير ذلك من التطورات التقنية المبتكرة. وقد يتمكن الإنسان من الوصول إلى أدوية جديدة تنفع لمكافحة أمراض الفيروسات السرطانية، والأمراض المنيعة للذات (Auto - immune Diseases).


ولهذا السبب ولغيره ينتظر أن يلعب المختصون بالأقربازين، والأقربازين السريري أدوارًا هامة في المستقبل لمواجهة مثل هذه المواقف الجديدة بما لهم من دراية عميقة، ولبراعتهم في استعمال الأجهزة الحديثة التي تعتمد على الكمبيوتر.

وعلى أي حال ينتظر أن تصبح التجارب السريرية التي تجرى على الأدوية الجديدة خلال العقدين القادمين - أي لدى دخول القرن الحادي والعشرين - أكثر كلفة، وأكثر تعقيدًا، ولذلك قد تضطر الشركات الصناعية والجامعات إلى إظهار تعاون أفضل بينها، خصوصًا تلك المعاهد المكرسة للأبحاث، وكل ذلك يوجب وجود طبيب صيدلي متخصص في كل شركة دوائية صناعية ذي كفاءة عالية ودراية؛ من أجل مواكبة التطورات الفنية والتقنية المقبلة. وقد يأتي يوم من الأيام يكون صاحب هذا المنصب، صيدليًّا صناعيًّا متخصصًا ببعض العلوم الطبية والسريرية.

دور الصيدلي السريري في الخدمات الصحية المستقبلية:

لقد أصبحت العناية الصحيَّة في كثير من بلدان العالم أمرًا مكلفًا للغاية، إذ إنها تعتمد على التكنولوجيا المكثفة، واستهلاك المصادر بشكل مريع. وقد يأتي يوم لا تستطيع المستشفيات العناية إلا بالحالات الحادة فقط.

 

ومن الأرجح أن مستقبل مهنة الصيدلة عام 2000 وما بعده سيرتكز بصفة رئيسة على المرضى الخارجيين في المستشفى. وكذلك المرضى الخارجيّين الذين يتردَّدون على المستوصفات والمراكز الصحية المنتشرة هنا وهناك. وسيكون هُنَاك قوتان أساسيتان تؤثران في هذا المجال؛ الأولى اقتصادية؛ والثانية تعتمد على مدى التطوير المستمر، وابتكار خدمات صيدلية وتكنولوجية فعالة يمكن تطبيقها، والاستفادة منها خارج المستشفى.

ويحاول المسؤولون في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً التغلب على هذا الواقع، والقفز من فوقه باستنباط نظام جديد أقل كلفة، خصوصًا بالنسبة للعناية بمرضى المستشفيات، ومن ذلك تطوير البدائل للعناية بالمرضى الداخليين كمطلب عالمي، وليس محصورًا في دولة واحدة أو بضع دول.

 

فالانفجار السكاني والزيادة السكانية الرهيبة، بالإضافة إلى محدودية المصادر الطبيعية المختلفة جعل 20 % من المرضى - أو أكثر - الذين يراجعون المستشفى هم المرضى الخارجيين، فأعيد تنظيم المستشفيات بحيث تحولت عياداتها الخارجية إلى مراكز موسعة مزودة بكل الإمكانات الطبية الشاملة، فنشأ عن ذلك تجمعات طبية خارجية تابعة للمستشفى، بعد أن أضيف إليها مراكز جراحية خارجية.

ولقد صاحب ذلك تطوير لدور الصيدلي السريري في الطب الخارجي، إذ تمكن المسؤولون من تحقيق خطوات واسعة نحو تطوير ومزاولة الصيدلة السريرية بحمل المسؤولية كاملة لاستعمال الأدوية للمرضى الخارجيين. فقد آن الأوان لأن يصبح الصيادلة مسؤولين عن المعالجة الدوائية لتخفيف العبء عن الأطباء.

 

وبناء على ذلك فإن على الصيادلة العاملين في المستشفى عام 2000 أن يركزوا اهتمامهم على خدمة المرضى الخارجيين، الذين سيزداد عددهم بتسارع. أما صيادلة المجتمع فعليهم الاهتمام بكل ما عدا ذلك من الخدمات الصيدلية؛ حيث هناك فرص كبيرة مستقبلية لصيادلة المجتمع، وعليهم انتهاز الفرصة، والعمل على الاستفادة من هذه الفرص.

أمَّا من ناحية اهتمام الصيادلة بالعناية بالمرضى وهم في منازلهم، فإن ذلك يتطلب زيارتهم في منازلهم، وإعطاءهم المحاليل الوريدية، والمحاليل الغذائية، والمعالجات، والمضادات الحيوية، وغير ذلك، وهم في أسرتهم بمنازلهم، وبذلك يتم إرشاد النفقات التي قد يتكبدها المريض لو ذهب وأمضى عدة ليالٍ في المستشفى.

 

طبعًا سيتبع ذلك تغييرات أساسية وجوهرية في البرامج الدراسية في كليات الصيدلة؛ بحيث تتلاءم مع الأوضاع الجديدة، ولذلك فإن مواضيع دراسية؛ كالصحة العامة، السلوك الصحي، الطب الوقائي، وغير ذلك عليها أن تضاف إلى البرامج الدراسية. وفي عام 2000 ستصبح مهنة الصيدلة بوضع أفضل بكثير من حيث علاقة الصيدلي بالمريض، ولذا سيلعب الصيدلي دورًا بارزًا في التثقيف الصحي، وفي الوقاية من الأمراض ومنعها.

ولابد أن تشمل مسؤوليات الصيدلي تقديم المشورة لأفراد الجمهور من حيث العناية بالحوامل، والأطفال الرضع، وتغذيتهم، وتحصينهم ضد الأمراض السارية. وكذلك يمكن للصيدلي أن يلعب دورًا رائدًا في اكتشاف مرضى ضغط الدم المرتفع، ومرضى البول السكري حتى لو تطلب الأمر منهم فحص البراز، أو البول، أو الدم الخفي، وغير ذلك.

الصيدلي والمستقبل:

لا بد من أن يكون صيدلي المستقبل فردًا أساسيًّا في المجتمع مسلحًا تسليحًا كاملاً علميًّا وفنيًّا ومهنيًّا؛ بحيث يستطيع القيام بجميع واجباته الملقاة على عاتقه بدقة متناهية، ومهارة فريدة، وذلك أنه ينتمي إلى فئة من المهنيين مزودين بأعلى الشهادات الأكاديمية، والمؤهلات المهنية.

 

ومع أن المؤهل العلمي للغالبية العظمى من الصيادلة هو شهادات البكالوريوس، إلا أن هناك مؤهلات أعلى قد ظهرت في العقود الأخيرة، وأصبحت تتمتع بأهمية كبرى وهي شهادة "دكتور صيدلي D. Pharm".

ومن يحمل هذه الشهادة يتمتع بمستوى أعلى ومهارة أكبر، ويعتبر خبيرًا في الدواء ومختصًّا فيه، فهو مختص بالأقربازين الدوائي، والصيدلة السريرية في آن واحد؛ بحيث يعمل كالساعد الأيمن للطبيب الذي قد كثرت أشغاله هو الآخر، وأصبح من الصعب عليه اختيار الدواء المناسب من هذا السيل الجارف من الأدوية الجديدة، وليس أمامه إلا أن يعهد إلى المختص بهذا الأمر، وهو الصيدلي السريري المتبحر في علوم الدواء.

والصيدلي الحاصل على شهادة دكتور صيدلي يمكنه أن يقوم بأعمال عديدة مجتمعة ومنفردة وأهمها:

1 - ممارسة صيدلة المستشفيات.

2 - ممارسة الصيدلة السريرية.

3 - التدريس في المعاهد والجامعات.

4 - المشاركة في الأبحاث الدوائية والسريرية.

5 - القيام بالتجارب الدوائية والصناعية.

ونظرًا لما يتحلى به من مؤهلات عليا، ومقدرة علمية؛ فإنه يستطيع أن يقدم للطبيب كل مساعدة ومؤازرة ممكنة فنية كانت أو مهنية، حتى إن مساعدته قد تمتد إلى طبيب الأسنان، والممرضة، وفني المختبر، وبالذات للمرضى أنفسهم. فهو قادر على أن يقوم بـ:

1 - تحضير الأدوية وصرفها، وشرح استعمالها، وتسليمها إلى المريض.

 

2 - تحضير الأمصال الوريدية والمغذيات.

 

3 - نصح المريض بكيفية استعمال الدواء بدقة، وكيف يحافظ عليه.

 

4 - إعداد سجل لتاريخ المريض الدوائي سواء كان مريضًا داخليًّا أو خارجيًّا؛ بحيث يكون مطلعًا على سير مداواته لإعطاء الرأي والمشهورة، والتنبيه إلى مخاطر الأدوية المحتملة وتنافراتها.

5 - وهو مصدر ثقة للمعلومات الدوائية والمشورة.

 

6 - عليه أن يراجع قائمة الأدوية المخصصة للمريض وتأثيرها عليه، واقتراح البدائل المناسبة إذا لزم الأمر.

 

7 - المرور على الأجنحة لمتابعة مسار مداواة المريض، والكشف عن الأدوية في الجناح من حيث صلاحيتها، وتاريخ نفاذها، وحسن حفظها، والعناية بها.

 

8 - تأمين جرعات فردية لبعض الأمراض بناء على معلومات حرائك الدواء، وتوافرها الحيوي وأقربازيناتها.

 

9 - تنوير الجمهور وتثقيفه وتعليمه وإرشاده عن فوائد الأدوية ومفعولها ومضارها.

 

10 - السيطرة على عمليات التخزين واستلام الأدوية وصرفها.

أمَّا الصيدلي السريري بالذات فسيصبح مؤهَّلاً للقيام بأعمال مختلفة تتعلق بالدواء وإعداده من أهمها:

1 - ملاحظة ومتابعة الآثار الجانبية والدوائية خصوصًا السيئة منها.

2 - تنافر الأدوية مع الأدوية الأخرى ومع الأغذية، ومع المشروبات الكحولية، ومع التبغ، وغير ذلك.

3 - اكتشاف الأخطاء الدوائية في المستشفى.

4 - الاهتمام بأمور استعمال الدواء، وسوء استعماله.

ولا شكَّ في أنَّ الهيئات الطبية سترحب بكل هذه التطورات وتنوعها الهائل وكثرتها، وقد أصبح من المتعذر عليها الإلمام بكل ما يتعلق بها بالدقة اللازمة، مما يجعل لا مفرَّ لها إلا الاعتماد على المتخصص من حيث حصولها على المعلومات الدوائيَّة. والصيدلي هو ذلك الشخص المناسب الملائم لكل ذلك؛ بل هو الخبير الوحيد في الدواء.

المراجع العربية:

1 - د. م ويزرول - منبر الصحة العالمي - العقاقير منظمة الصحة العالمية - جنيف (4) -1982.

2 - د. طالب علما - عالم الطب والصيدلة - آزار 1984.

3 - د. حسن خليفة - قاموس خليفة الطبي - النهضة المصرية العامة للكتاب 1977.

4 - نشرة منظمة الصحة العالمية - مارس 1983.

5 - منبر الصحة العالمي - المجلد السادس 1985.

6 - نشرة منظمة الصحة العالمية - أكتوبر 1985.

المراجع الأجنبية:

1 - Shier, T. Pharmacy International. sept. 1981.

2 - Duncan. D. et al - Drugs and the whole Person - John Wiley & Sons. New York. 1984.

3 - Taylor, S. Good General Practice - 1959.

4- Grainger, H. et al - Drugs: Actions, Uses and Dosage - The Pharmaceutical Press, 1966.

5 - Weaver. L. - Al - Saidaly Journal. December 1984.

6 - Talalay. P. drugs in Our Society. Oxford University Press. 1964.

7- Hillier. K. drugs of the future. 1981.

8 - d. towards Better Safety of Drugs and Pharmaceutical Products. F. I. P - Elsevier , North Holland 1979.

9 - Colder, P - the Life Savers - 1961.

10 - Deno, Rowe and Brodie - The Profession of Pharmacy , 2nd. Ed. Lippincot Co.

11 - Stanaszek, W. et al - American Pharmacy No 7 - July 1983.

12 - Layman & Sprowels - Textbook of Pharmaceutical Compounding and Dispensing , 2nd Ed. 1955.

13 - Breimer , D. Roles and Responsibilities of The pharmacist in , Primary Health Care, F. I. P - 24nd International Congress Denmark 1982.

14 - Snell , E. Medical News Tribune , 2: 8 - 1970

15 - Wells. N. The Pharm. J. May 15th 1985 - London.

16 - Schmeck. H. Dialogue. Jan. 1985.

17 - Langone. J. Discover. Sept. 1986.

 


[1] ملحوظة: [نشر الكتاب المقتبس منه المقالة سنة  87 19م، ضمن سلسلة عالم المعرفة].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأبحاث الدوائية
  • تاريخ علم الهندسة عند المسلمين
  • الهندسة الوراثية بين الرفض والقبول
  • المسؤولية عن تجارب الهندسة الوراثية

مختارات من الشبكة

  • حدود وغايات أبحاث الهندسة الوراثية والجينوم البشري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أحكام البحث في الهندسة الوراثية والجينوم البشري(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • أحكام الهندسة الوراثية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الهندسة المالية وأساليب تطوير المنتجات في الاقتصاد الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تحديات البحث التربوي العربي: أبحاث التعليم المختلط نموذجا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مستقبلي ينهار بسبب تخصصي الجامعي(استشارة - الاستشارات)
  • طلاب يستكشفون الهندسة المعمارية الإسلامية داخل المركز الإسلامي في مونتريال(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهندسة الطبية (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • الهندسة المالية الإسلامية (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • تغيير التخصص من الهندسة إلى الاشتغال بالقرآن(استشارة - الاستشارات)

 


تعليقات الزوار
4- Sweeter topic
zahraa - iraq 23-03-2012 07:57 PM

This topic is very beautiful but if added to Altqnyiat modern in the use of genetic engineering in the pharmaceutical industry have
The best
Thank you

3- رائع
جواد مصر - مصر 31-01-2012 08:34 AM

بحث قيم جدا جازكم الله خيرا

2- مشكورين على جهودكم
أحمد - الاردن 13-09-2009 04:47 AM
مشكورين على جهودكم
الي لفت انتباهي العنوان وانا جد مهتم بموضوع الوراثة
و عندي سؤال اذا في حد يقدر يجاوبة جزاكم الله كل الخير
سؤالي هو هل للرضاعة علاقة بالوراثة يعني ممكن الرضاعة تزيد من تعبير جين وتقلل من تعبير جين آخر الي بنسمية بعلم الوراثة(expression)
انا اعتقد هذا الاعتقاد لأن الدين حرم ان يتزوج اخوان الرضاعة فهل من الممكن ان هذا التحريم يعود لسب بالوراثة او ان الرضاعة لها تأثير وراثي
مشكورين
1- جميل........
علوش - السعودية 22-08-2009 05:08 PM

البحث جميل جد وشكرا
إذا استطعت أن ترسل بحث متعلق بتنافر الأدوية أكون شاكرا لك على بريدي الإلكتروني

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب