• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قد أفلح من تزكى (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير: (يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تجارة العلماء (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خيار الناس وأفضلهم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    صيغ العموم وتطبيقاتها عند المناوي من خلال فيض ...
    عبدالقادر محمد شري
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    ياسر بن صالح العضيبي
  •  
    حسن الخلق
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطبة: الشتاء موسم العبادة والصدقة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    أمنيات في يوم الحسرات (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

تجارة العلماء (خطبة)

تجارة العلماء (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/12/2025 ميلادي - 9/7/1447 هجري

الزيارات: 43

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تجارة العلماء

 

إنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ..

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران:102]..

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾ [الحشر:18]..

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:70]..

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ في النار.

 

معاشر المؤمنين الكرام: القلب هو محلَّ نظر الرب جلّ وعلا.. والقلبُ هو ملِكُ الجوارح، إذا صلُحَ القلبُ، صلُحت الجوارحُ كلها، وإذا فسدَ القلبُ، فسدت الجوارحُ كلها.

 

وصلاحُ القلبِ بصدقِ النية وتمحيص الإخلاص.. والنية هي ذلك السرّ الخفي الذي لا يراه إلا من يعلم السّرَ وأخفى.

 

وموضوعُ الإخلاصِ ومعالجةُ النيةِ، موضوعٌ خطيرٌ ودقيق، فهو أساسُ القبولِ والردِّ.. وسبيلُ الفوزِ والخسارة..

 

النية هي قصد الباطن وتوجه القلب.

 

وهي الميزانُ الذي توزن به الأعمال فترجحُ أو تطيش.. النيَّةُ والإخلاصُ، إذا غُفِلَ عنها تحولت العبادات إلى عادات، وأصبحت صورةً لا روحَ فيها.. وأشكالاً لا مضمون لها.. وبالتالي فلا قيمة للعمل ولا قبول: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾ [الفرقان:23].

 

النيَّةُ والإخلاص: رُوحُ العملِ وأساسهُ، قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة:5]..

 

النية والإخلاصُ: أهمُّ وآكدُ وأعظمُ أعمالِ القلوب.. وهي أهمُّ من أعمالِ الجوارح.. لأن أعمالُ القلوبِ أصلٌ، وأعمالُ الجوارحِ تبعٌ..

 

والنية والإخلاصَ يدخلُان في جميعِ الطاعات والعباداتِ، وكل عملٍ يَتقربُ به العبدُ إلى ربه جلَّ وعلا، فلن يُقبلُ منهُ ما لم تكن نيتهُ في ذلك العملِ خالصةً لوجه اللهِ تعالى، سليمةً من الرياء والسمعة، خاليةً من حظوظِ النفسِ وأهوائها.

 

ففي صحيح البخاري: يقول صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى".. قال الإمام الشافعي: هذا الحديث يدخل في سبعين بابًا من الفقه.. وقال الإمام أحمد: هذا أصلٌ من أصول الإسلام.

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات".. أي لا اعتبارَ ولا قيمةَ للعمل إلا بوجود نيةٍ صحيحة.

 

ومن هنا نفهم سِرًّا عجيبًا من أسرار التوفيق: فقد يقفُ رجلانِ في الصف نفسه، يصليانِ الصلاةَ نفسها، يركعانِ ويسجدانِ معًا.. إلا أن ما بينهما كما بين السماء والأرض.

 

ولذلك كان خوفُ السلفِ من فساد النيات.. أعظمَ من خوفهم من التقصير في الأعمال.. لأنهم علموا أن العمل إذا فسدت نيته، حبِط كلُّه وإن كثر..

 

فالنيةُ هي التي: تحوّلُ العادةَ إلى عبادة.. وهي التي ترفعُ العملَ الصغيرَ فتجعلهُ عظيمَ القدرِ عند الله.. وهي التي تُسقطُ العملَ الكبيرَ فتجعلهُ هباءً منثورا لا قيمة له.. بل إنّ أعظمَ الأعمالِ، تتحولُ بسوء النية إلى وبال، وما حديثُ أولُ من تُسعّرُ بهم النارَ يوم القيامة عنا ببعيد..

 

فالمجاهدُ الذي خاطرَ بروحه في المعارك، والمجوّدُ المتقنُ لكتاب اللِه الذي يُعلمُ الناسَ ويُقرئهم، والمنفقُ الكريمُ الذي بذلَ الكثيرَ من أمواله في أوجهِ الخير، حين ساءت نياتهم، كانوا هم أولَ من تُسعّرُ بهم النارَ يوم القيامة عياذاً بالله..

 

والأمر في غاية الخطورةِ يا عباد الله: فالنيةُ قد تُنقِصُ العمل، وقد تُحبِطهُ بالكلية.. والإنسانُ لو صَدَقَ مع نفسه، وتأملّ حالهُ جيداً، فسيجدُ أنّ هناك خللاً كبيراً في الاهتمام بالنية.

 

لأنّ النيةَ تحتاجُ باستمرار إلى تعاهد، وتحتاجُ إلى مراقبة، وتحتاج إلى إصلاحٍ، وتحتاج إلى تجديدٍ دائم.. وإلى تحسين مستمر.

 

يقولُ يحيى بن أبي كثير: "تعلَّموا النيةَ فإنها أبلغُ من العمل".. ويقول أويسُ القرني: "إذا قمت فادعُ الله أن يُصلحَ لك قلبك ونيتك، فلن تُعالج شيئًا أشدَّ عليك منهما".. ويقول سفيانُ الثوري رحمه الله: "ما عالجتُ شيئًا أشدَّ عليَّ من نيتي، فإنها تتقلبُ علي".. وقال الحسن البصري: إنما يتفاضلُ الناسُ عند اللهِ بالنيات، لا بكثرة الأعمال.. ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [الملك:2].. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» والحديث في مسلم.. فالقلب أولًا.. ثم العمل.

 

في الصحيحين أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثم بَيَّنَ ذَلِكَ في كِتَابِهِ، فَمَن هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَم يَعمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِن هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ عَشرَ حَسَنَاتٍ إِلى سَبعِ مِئَةِ ضَعفٍ إِلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ".. وفي صحيح البخاري، أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال وهو عائدٌ من غزوة تبوك: "إن بالمدينة أقواماً، ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم.. حبسهم العذر".. وفي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه".. وفي حديثٍ صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "من أتى فراشهُ وهو ينوي أن يقومَ يصلي من الليل فغلبتهُ عينهُ حتى يُصبح، كُتبَ له ما نوى، وكان نومهُ صدقةً عليه من ربه".. وقال صلى الله عليه وسلم: (الصدقةُ على المِسْكِينِ صدقةٌ، وعلى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صدقةٌ وصِلَةٌ) صححه الألباني.. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "الدنيا لأربعة نفر: عبدٌ رزقهُ الله مالاً وعلماً، فهو يتقي فيه ربه، ويصلُ فيه رحمه، ويعملُ لله فيه حقه، فهذا بأفضل المنازل.. وعبدٌ رزقه الله عِلماً ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية، يقول لو أنّ لي مالاً لعملتً بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء".

 

هنا يا عباد الله تظهرُ عظمةُ النية، وأنها قد تسبقُ العمل، بل وتتفوقُ عليه.. تعدُّدُ النياتِ يا عباد الله: فقهٌ عظيم، وبابٌ خيرٍ كبير، والموفقُ من اجتهدَ ليجمع أكبر قدرٍ ممكنٍ من الحسنات بالنوايا الصالحة.. وهذا ما يُسمى بتجارة العلماء، لأنّ العلماءَ هم الذين يعلمون كيف ينوون في الطاعة الواحدة نياتٍ كثيرة.. فتتدَاخل العبادات، وتتضاعف الأجور والحسنات.. يقول الامام ابن المبارك: "رب عملٍ صغيرٍ تعظّمهُ النية، وربّ عملٍ كبيرٍ تصغّره النية".. وقال أبو حامد الغزالي: "ما من طاعةٍ إلا وتحتملُ نياتٍ كثيرة، وإنما تحضرُ في قلب العبدِ المؤمنِ بقدر اجتهادهِ في طلب الخير".. وقال بعض السلف: (إني لأستحب أن يكون لي في كل شيءٍ نية).. ومن هنا يعظمُ الثواب، وتتضاعفُ الفضائل والأجور.. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم..

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين.. وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..

 

معاشر المؤمنين الكرام: ما رأيكم أن نخرجَ بالنية من الكلام إلى التطبيق.. من التنظير إلى واقعِ الحياةِ التي نعيشها كل يوم.. تعالوا لنرى كيف تتحوّلُ العادات إلى عبادات.. وكيف يُصبحُ اليوم كلّهُ بإذن الله، خالصاً لله.. وما التوفيقُ إلا من عند الله...

 

على سبيل المثال: إماطةُ الأذى عن الطريق.. فكلنا يسيرُ في الطريق، وربما وجداً حجرًا حاداً، أو غُصنَ شوكٍ بارز، أو شيئاً آخرَ قد يؤذي المارة.. فينحيهِ جانباً.. عملٌ صغير.. لكنهُ لأصحاب القلوبِ الحيةِ ذو شأنٍ كبير.. ففي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيتُ رجلًا يتقلّبُ في الجنة في شجرةٍ قطعها من ظهر الطريقِ كانت تؤذي الناس»..

 

أرأيتم يا عباد الله.. فالجنةُ قد تُفتحُ لك أبوابها بحجرٍ أزلته، أو غصنٍ نحيته، لا لأنّ الحجرَ عظيم، بل لأنّ النيةَ عظيمة..

 

والأمرُ واسعٌ وميسرٌ بفضل الله.. فمع كل عبادةٍ وإن صغرت، هناك نياتٌ عامةٌ كثيرة، يمكنُ للمسلم أن يجني من خلالها أجوراً وفضائل كثيرة..

 

فلو تيسرَ للعبد مع أيّ عبادةٍ أن يقول بقلبه دون لسانه: نويتُ أن أؤدي عبادتي هذه أبتغي بها وجه الله وحده.. فالله تعالى يقول: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي ﴾ [الزمر:4].. وأن امتثلَ أمرَ الله تعالى وأُطيعه: فالله تعالى يقول: ﴿ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ﴾ [آل عمران:132].. وأن اتقربَ بهذا العمل لأفوزَ بمحبة الله ورضاه: ففي الحديث القدسي الصحيح: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ». وأن اقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم وأحي سنته: فالله تعالى يقول: ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب:21].. وأن اتقوى بهذا العمل على طاعة الله ومرضاته: فالله تعالى يقول: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين ﴾ [الفاتحة:5}.. وأن أنال به البركة من الله تعالى: فالله تعالى يقول: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف:96].. وأن يكون هذا العمل كفارةً لذنوبي وخطاياي: فالله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين ﴾ [هود:114].. وأن أغنم الأجور والفضائل المترتبة على هذا العمل: فالله تعالى يقول: ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور ﴾ [فاطر:30].. وأن يكون هذا العمل شكراً لله على نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى: فالله تعالى يقول: ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم:7].. وأن يكون هذا العمل حجاباً ونجاةً من النار: ففي الصحيحين، قال صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، فمَن لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".. وأن يكونَ تعظيماً ومحبةً لما يحبهُ الله من الأعمال والأقوال، فالله تعالى يقول: ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج:32].. وأن أسلم من عقاب الله وغضبهِ لمن ترك أمرهُ وخالفه: فالله تعالى يقول: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم ﴾ [النور:63].. أكثر من عشر نياتٍ، يقولُ منها ما تيسر، ودون ذكر الأحاديث والآيات فإنما ذكرتها كدليل صحة.. ثم إنّ لكل عملٍ نياتٌ خاصةٌ به، فمثلاً قارئُ القرآن، يمكنه أن ينوي بقراءته، مناجاة الله بكلامه، وأن يعتصم بالقرآن، وأن يهديه الله بالقرآن، وأن ينال شفاعة القرآن، وبركة القرآن، والارتقاء في درجات الجنة بالقرآن، وأن يكون القرآن شفاء له من كل داء، وأن يؤتيه الله من حكمة وأنوار القرآن، وأن يثبته الله بالقرآن، وأن يكون من أهل القرآن، وأن يرفعه القرآن حتى يكون مع السفرة الكرام البررة.. وأن يفوز بذكر الله له في الملأ الأعلى، وأن يُلبسه الله تاج الكرامة وحُلة الكرامة..

 

كلُّ هذا في عملٍ واحد.. وكلُّ عملٍ له نياتهُ الخاصة.. فكم من الناس من يخرجُ للعمل يكدح ساعاتٍ طويلةِ ثم يرجعُ بلا نية.. يأكلُ ويشربُ بلا نية.. يزورُ ويُزارُ بلا نية، ينامُ ويستيقظُ بلا نية، يلبسُ ويتعطرُ بلا نية، يتنزه ويشتري حاجاته بلا نية، يمارسُ الرياضةَ بلا نية، يُساعدُ الآخرين، ويُعين المصابين بلا نية.. وغيرها من الأنشطة اليومية الكثيرة كلها تفعل بلا نية.. فأيُّ حرمان هذا.

 

ألا تعلمُ أيها المبــارك: أنك إذا خرجت إلى عملك بنيةِ إعفافِ نفسك، وإعالةِ أهلك، ونفعِ المسلمين بتخصصك.. وإتقانِك لعملك.. فأنت في عبادةٍ وأي عبادة..

 

وأنك حين تأكل بنية التقوّي على طاعة الله.. وتنام بنية الاستعانة على قيام الليل وصلاة الفجر.. وتتكلم بنية الدِلالة على الخير.. أو تسكت بنية عدم الخوض فيما لا يرضي الله.. كل ذلك عبادة..

 

قال صلى الله عليه وسلم: «وفي بضع أحدكم صدقة» قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر؟ قال: «نعم» والحديث في مسلم..

 

فإذا كانت الشهوة يُثابُ عليها بالنية.. فكيف بسائر المباحات؟.. فلا تستهِن بأي عملٍ وإن صغر..

 

وجدّد نيتك باستمرار: جددها قبل كل عمل: جددها قبل أن تخرج.. وقبل أن تعمل.. وقبل أن تتكلم.. وقبل أن تأكل.. وقبل أن تعمل أي عمل..

 

ثم راقب قلبك جيداً فهناك ثمرةٌ كبرى تنتظرك..

 

نعم أيها الكرام: فمن ربَّى نفسهُ على تعدُّد النيّات فهو موعودٌ بثمرةٍ كبرى إضافةً لما يجنيهِ من الفضائل ومضاعفة الحسنات، وهذه الثمرة الكبرى: هي دوامُ الاتصال بالله تعالى.. في كلِّ لحظةٍ، وفي كلِّ حركةٍ، حتى في أبسط أمور الحياة.. وهذا المعنى هو ما أشارَ إليه الصحابي الجليل: معاذُ بن جبيل رضي الله عنه بقوله: "إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي"..

 

فهو يحتسبُ الأجرَ في نومه كما يحتسبهُ في قيام الليل.. عملاً بالتوجيه الرباني الكريم: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام:162]..

 

فمن يأكلُ طعامهُ وهو يقولُ بقلبه: "اللهم اجعلهُ تقوِّيَةً لطاعتك، وشكرًا لنعمتك".. فإنه لا يتذوقُ الطعامَ فقط، بل يتذوقُ حلاوة المِنَّة، ويشعرُ بأنّ قلبهُ موصولٌ بالمنعِم سبحانه.. قال سفيان الثوري: "ما رأيتُ شيئًا يربطُ القلبَ بالله مثل النيَّةِ الصالحة؛ لأنها تُذكِّرك به قبل الفعلِ، وأثناءه، وبعده". فالنيةُ الصالحةُ جسرٌ دائمُ بين العبدِ وربه.. ومن أجتهد في الاهتمام بنيته وتحسينها فسيجدُ فيها حضورَ القلبِ الدائمِ مع الله، ومن ثمّ يتحولُ اليومَ كلهُ إلى سلسلةٍ من العبادات المتصلة.

 

وما أجملَ وأكملَ أن يكونَ المسلمُ في كلِّ لحظةٍ من لحظاته عبدًا لله، قاصدًا وجهه الكريم، متذكرًا لإحسانه العظيم، طالباً لتوفيقه ورضاه.. فهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام:162]..

 

مع التأكيدِ على أن هذا الأمرَ ينمو بالتدرج والصبر، فلا ييأسِ المجتهدُ إذا لم يجده من أول الطريق، بل يواصل فالله تعالى يقول: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين ﴾ [العنكبوت:69].

 

نسأل الله أن يرزقنا صدق النيات، وإخلاص الأعمال، ودوام الاتصال به سبحانه، إنه ولي ذلك والقادر عليه..

 

يا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفرقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تجارة العلماء
  • تجارة العلماء

مختارات من الشبكة

  • التربية القرآنية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التجارة مع الله (تجارة لن تبور)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحج عبادة وتجارة، دنيا وآخرة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أنقذته جارية فأنقذ الله بسببه أمة من الناس (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • إجارة ما منفعته بذهاب أجزاءه مع بقاء أصله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجارة المنافع بالمنافع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجارة الحمام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجارة المشاع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التجارة بين التقليدي والإلكتروني وفن التسويق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطر التبرج: رسالة للأولياء والتجار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/7/1447هـ - الساعة: 9:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب