• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية التوحيد (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    أسماء الله الحسنى بين التفسير والدلالة الإيمانية
    بدر شاشا
  •  
    التعبد بذكر النعم وشكرها (خطبة)
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    حفظ العشرة والوفاء بالجميل (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    ثمار الخلة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الاكتفاء بغلبة الظن في أمور الدنيا والدين عند ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    فضل أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    عبر مع نزول المطر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: عولمة الرذيلة
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    خطبة: القدوة الصالحة
    أحمد عبدالله صالح
  •  
    خطبة: العفو والتسامح شيمة الأتقياء الأنقياء
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الخوف من الله وكف الأذى (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    حديث ضمة القبر
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    اكفل يتيما... تكن رفيق النبي صلى الله عليه وسلم ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الحديث الحادي والعشرون: الحث على إنظار المعسر ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    فضل التبكير لصلاة الجمعة (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / تربية الأولاد
علامة باركود

الذرية الطيبة (خطبة)

الذرية الطيبة (خطبة)
د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/12/2025 ميلادي - 29/6/1447 هجري

الزيارات: 83

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: الذرية الطيبة

 

الحمد لله، له الحمد في الأولى والآخرة، أحمده وأشكره على نعمه الباطنة والظاهرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، هدى - بإذن ربِّه - القلوبَ الحائرة، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه نجومِ الدُّجى والبدور الزاهرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين؛ أما بعد:

أيها المؤمنون:

يتمنى كل أبٍ منا أن يكون أبناؤه الأفضل والأحسن والأعلى شأنًا بين الناس، بل ويتمنى لهم الخير في الدنيا والآخرة، ويتمنى ألَّا يمسهم بلاء ولا مصيبة، ولا همٌّ ولا غمٌّ، بل لا أبالغ حين أقول: إن محبة الآباء لأبنائهم أشد وأقوى وأعظم من محبة الأبناء لآبائهم، كم يتلهف الآباء لسماع أي خبر مفرح عن أبنائهم! ابني تخرج بامتياز، وابني ختم كتاب الله حفظًا، وابني رُزق بوظيفة مرموقة، وكم يتألم القلب ويتفطر ويحزن حين يسمع خبرًا مفزعًا عن أبنائه! وَلَدي لم يوفَّق في دراسته، ولدي عاطل عن العمل، والأشد منهما: ولدي يدخن أو يتعاطى المخدِّرات أو لا يصلي، نسأل الله أن يصلح أبناءنا صلاح الدنيا والدين.

 

واعلموا - عباد الله - أن الأبناء غِراس من صناعة آبائهم وأمهاتهم في الغالب، حين تضمن - أيها الأب - لأبنائك بيئةً وصحبةً صالحة بعد بلوغهم، فالصاحبُ ساحب، وقُل لي من يصاحب ابنك، أقل لك من هو، ولا تلومنَّ إلا نفسك حين يهوي الابن في هاويةٍ بسبب تفريط والديه في التهاون في الأصحاب، فالأصحاب هم المؤثر القوي الخارجي للأبناء بعد بلوغهم.

 

أيها المسلمون:

يتمنى كل أبٍ منا أن يكون أبناؤه في منزلة مرموقة أعلى من منزلة نفسه، فحين بُشِّر إبراهيم عليه السلام بالإمامة للناس، طلب من ربه أن ينال هذه الإمامة ذريته: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 124]، وما أجمل أن يرى الإنسان ثمراتِ فؤاده صالحين مُصلحين، حالُهم مرموق، وفي أعلى المناصب والمقامات في الدنيا قبل الآخرة! فهذا إبراهيم عليه السلام حين قدم إلى مكة مع زوجه وابنه؛ دعا الله لهما بخيري الدنيا والآخرة: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: 37].

 

فإقامة الصلاة مفتاح للسعادة في الآخرة، والرزق مفتاح للسعادة في الدنيا.

 

فاللهَ الله في الاهتمام والعناية بأبنائنا تجاه علاقتهم مع ربهم، والتي مفتاحها الصلاة، فالصلاة تُحيي في القلوب مراقبةَ الله والخوف منه، فتصلح جميع عبادتهم الأخرى، وتصلح أيضًا معاملتهم مع الناس، فمن خاف الله في نفسه هذِّب سلوكه بلا ريب؛ لذا دائمًا ندعو الله عز وجل لأنفسنا ولأبنائنا: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ [إبراهيم: 40]، ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأحقاف: 15].

 

أيها المسلمون:

لا يطغى حبُّنا لأبنائنا فنُدللهم دلالًا مفرطًا، فنرتضي به تجاوز العلاقة مع ربهم، فمن الخطأ الفادح أن يتهاون الآباء في المحافظة على الصلوات في أوقاتها، فليس من الشفقة عليهم أن تتركهم يتكاسلون عن أداء الصلوات في أوقاتها، نعم، قد امتلأت قلوبنا شغفًا لأبنائنا، ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ﴾ [آل عمران: 14]، وهذا لا يمنعنا من نصحهم بالمعروف، والأخذ بأيديهم لبرِّ الأمان، حتى لا يضلوا فيخسروا آخرتهم، لذا الحرص على غرس الإيمان في قلوبهم أمرٌ غاية في الأهمية، الإيمان أولًا، ثم الدنيا تبع، الإيمان أولًا لآخر لحظة تعيشها مع ابنك، فلذات أكبادنا إن لم نأخذ بأيديهم، فالهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وأصحاب السوء يتلقفونهم في أمواج عاتية في ضلالات سوداء، وهذا لقمان الحكيم يضرب لنا مثالًا عمليًّا في نصيحة الأبناء بالمعروف واللين، والرأفة والشفقة والرحمة، فيقول لابنه: يا بني، ليس بالعصبية والصوت العالي، والعنف والقسوة: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13]، ثم يتدرج معه لأهم المهمات بعد رسوخ الإيمان في القلب، وتصحيح العلاقة بالرب سبحانه جل في علاه: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [لقمان: 14، 15]، وهذا أيضًا مصداقُ ما قاله نبينا صلى الله عليه وسلم حين سُئل: من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: ((أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك))، وماذا يرجو الإنسان من خير يحصده إذا كان عاقًّا لوالديه، فلا أعظم حقًّا للمخلوقين بعد حبنا لنبينا صلى الله عليه وسلم واتباعه، من برِّ الوالدين، ثم يعاود مناصحته وتوجيهه ليرسخ في قلبه تصحيح علاقته مع ربه، ومراقبته سبحانه وتعالى في السر والعلن: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: 16]، وكما نتمنى أن يكون أبناؤنا صالحين، نتمناهم أن يكونوا أيضًا مصلحين: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [لقمان: 17]، وما من مصلحٍ إلا ويُبتلى، بل وما من مؤمن إلا والدنيا دار اختبار له؛ لذا وصَّاه بقوله: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: 17]، فالحياة تحتاج إلى صبر ومصابرة، صبر على الطاعة، وصبر عن المعاصي، وصبر على البلاء واللأْوَاء، وكما يُحسن الإنسان علاقته بربه، فلا بد أن يُحسن علاقته بالناس بالأخلاق الحميدة؛ فإن أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربكم منه مجلسًا أحاسنكم أخلاقًا، وها هي وصية لقمان لابنه يختمها بقوله: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان: 18، 19]، فما أروع أن يتحلى الابن بالصلاح والإصلاح، ويتجمل بمحاسن الأخلاق في التعامل مع الناس! وقد يواجه بعض الآباء عنادًا وعصيانًا من أبنائهم، فلا يأسَ ولا قنوط من بذل النصيحة بالحسنى، فهذا نوح عليه السلام لا يزال ناصحًا لابنه إلى آخر اللحظات، لم ييأس منه ولم يقنط، ولعل وعسى أن يظفَر بنجاته من وَحْلِ الظلمات: ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾ [هود: 42، 43]، وأمَلَ في عفوِ ربه عليه حتى بعد غرقه فقال: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [هود: 45، 46]، فليحاول كل أب وأم أن يتبعا الوسائل الشرعية في تغيير أبنائهم؛ فربما يتغير من تظن أنه لا يُرجى له تغيير، فالله يُخرج الحيَّ من الميت، ولنمدَّ وِصال الود مع أبنائنا مهما عصوا، ولندعوهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة؛ فأبناؤنا أولى بذلك من غيرهم.

 

ثم اعلموا - أيها المؤمنون - أن عطاء الإنسان في خدمة إخوانه المسلمين بأيِّ نوع من العطاء الخيري، لن يكون عطاءً مميزًا، إلا إذا استقر حال الإنسان داخل داره، فأي عطاء تنتظره من رجل مكدَّر داخل داره؟ لذا من دعاء عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74]، فمن كان قارَّ العين داخل بيته باستقرار أُسري، وصلاح أبنائه، انطلق لإمامة المتقين في كل باب للهدى والرشاد، فقوة العطاء في سلامة البيوت من الكَدَرِ.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من آيات وحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، من كل ذنب وخطيئة، استغفروه؛ إنه غفور رحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي من اتقاه، من اعتمد عليه كفاه، ومن لاذ به وقاه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله ومصطفاه، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه؛ أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ [الشعراء: 131 - 134].

 

أيها المؤمنون:

لا بد من مجالسة الأبناء والتحاور معهم؛ لترسيخ القناعات في عقولهم، فالحوار بديل عمليٌّ لأي توجيه، فبالحوار ترسخ المبادئ، وبالحوار تنجذب النفوس، وبالحوار تتغير العقول، فهذا إبراهيم عليه السلام يتحاور مع ابنه ليُخفف عليه المُصاب، هذا الابن الذي وُلد بعد أن بلغ إبراهيم عليه السلام من الكبر عتيًّا، فيرى في المنام أنه يذبحه، ورؤيا الأنبياء وحيٌ وحقٌّ، لا بد أن يقع: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: 101، 102]، ﴿فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: 102] ليختبر صبره وجلَدَه وعزمه على طاعة الله تعالى وطاعة أبيه، وكان بإمكانه أن يذبحه بلا حوارٍ؛ استجابةً فوريةً للوحي الإلهي؛ فقال إسماعيل عليه السلام: ﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: 102]؛ لذا حين تتحاور - أيها الأب - مع ابنك تحاوَر معه، ولا تُملِ عليه ما تريده أنت منه، بل حاوِره ليُحلق هو في سماء الأهداف والغايات التي يطمح إليها بنفسه، عاوِنه وساعِده ليخطط لمستقبلٍ مشرق في الدنيا والآخرة، ولا تفرض عليه ما تتمناه أنت كأبٍ ولم تحصده، فلكلِّ واحد منا شخصية تغاير الآخر، وأبواب الخير كثيرة، وأبواب الجنة ثمانية.

 

صلوا على الحبيب المصطفى خير الورى؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، اللهم صلِّ وسلم، وزِد وبارك، وأنعم على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله، وارضَ اللهم عن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا رب العالمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمرنا، واجعلهم ظاهرين للحق والهدى والرشاد، اللهم أصلح أحوال المسلمين، وأصلحنا وأصلح ذرياتنا، واجعلهم قرة عين لنا، اللهم أسعِدنا بصلاحهم، اللهم احفظهم بحفظك، اللهم احفظهم من أي مكروه يُصيبهم ومن كل شرٍّ وضرر، اللهم احفظهم من الأسقام والأمراض، اللهم اجعلهم من صالح عبادك وحفظة كتابك، ومن أحسن الناس دينًا وعبادة وأخلاقًا، ومن أسعدهم حياة وأرغدهم عيشة، اللهم أغنِهم بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، رب ارزقهم صحبة الأخيار، وخِصال الأطهار، والتوكل عليك يا قادر يا جبار، ربِّ أبعِد عنهم أمراض القلوب والأبدان، وبلغنا فيهم غاية آمالنا بحولك وقوتك يا كريمُ يا منَّان، اللهم إنا نستودعك أبناءنا فاحفظهم حفظًا يليق بعظمتك، اللهم بارك لنا في أولادنا ووفِّقهم لطاعتك، وارزقنا برهم، اللهم علِّمهم ما جهلوا، وذكِّرهم ما نسوا، وافتح عليهم من بركات السماء والأرض، إنك سميع مجيب الدعوات، اللهم اجعلنا واجعل أبناءنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مُضلين، اللهم جنِّبنا وجنِّبهم الفواحشَ والمِحن، والزلازل والفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم سلِّمنا وإياهم من العِلل والآفات، ومن شر الأشرار، آناء الليل وأطراف النهار، واهدِنا جميعًا لما تحبه، واغفر لنا ولهم يا غفار، اللهم لا تزغ قلوبنا وقلوبهم بعد الهداية، وهَب لنا ولهم من لدنك رحمة، وهيئ لنا ولهم من أمرنا وأمرهم رشدًا، اللهم أمدِد في أعمارنا وأعمارهم بالصحة والعافية في طاعتك ورضاك، اللهم نزِّه قلوبنا وقلوبهم عن التعلق بمن هم دونك وما هو دونك، واجعلهم ممن تحبهم ويحبونك، اللهم ارزقنا وإياهم حبك وحب نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وحبَّ كلِّ من يحبك، وحب كل عمل يقربنا ويقربهم إلى حبك، اللهم افتح لنا ولهم أبواب رزقك الحلال من واسع فضلك، واكفِنا وإياهم بحلالك عن حرامك، وأغْنِنا وإياهم بفضلك عمن سواك، اللهم جنِّبنا وإياهم رفقاء السوء، اللهم افتح لنا ولهم فتوح العارفين، اللهم ارزقنا وإياهم الحكمةَ والعلم النافع، وزيِّنا جميعًا بالأخلاق الحميدة، وأكرمنا بالتقوى، وجمِّلنا بالعافية، اللهم اجعلنا وإياهم في حفظك وكنفك، وأمانك وجوارك، وعياذك وحزبك، وحِرزك ولطفك وسترك من كل شيطان وإنس وجانٍّ، وباغٍ وحاسد، ومن شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، إنك على كل شيء قدير، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آية الذرية في سورة الحديد ومضامينها التربوية
  • الوسائل المعينة في صلاح الذرية
  • هدايات قرآنية في الآل والذرية

مختارات من الشبكة

  • الحياة الطيبة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المختصر في تربية الأولاد: لمحات تربوية من آيات الذرية في القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • متى تزداد الطيبة في القلوب؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة للحياة الطيبة (ادفع بالتي هي أحسن)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أهمية التوحيد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعبد بذكر النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ العشرة والوفاء بالجميل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبر مع نزول المطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عولمة الرذيلة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/6/1447هـ - الساعة: 12:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب