• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بيع وشراء رباع مكة ودورها
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    كيف يرضى الله عنك؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    لطائف من القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    تفسير قوله تعالى: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    من أخطاء المصلين (4)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    بركة التحصين النبوي عند الجماع
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: تجرده صلى الله ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    التلاعب بالمواريث (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    صفة المحبة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وكفايته
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عندما تصاب بخيبة الأمل
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

التذكير بالنعم المألوفة (7) الطعام والشراب

التذكير بالنعم المألوفة (7) الطعام والشراب
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/10/2025 ميلادي - 16/4/1447 هجري

الزيارات: 5796

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التذكير بالنعم المألوفة (7)

الطعام والشراب


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْغَنِيِّ الْكَرِيمِ؛ وَاهِبِ الْخَيْرَاتِ وَمُتَابِعِهَا، وَمُسْدِي النِّعَمِ وَمُتَمِّمِهَا، وَمُجْزِلِ الْعَطَايَا وَمُكَمِّلِهَا، لَا تَنْفَدُ خَزَائِنُهُ، وَلَا يَنْقَطِعُ عَطَاؤُهُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَفَرَّدَ بِالْخَلْقِ وَالْمُلْكِ وَالتَّدْبِيرِ؛ فَكُلُّ الْخَلْقِ خَلْقُهُ، وَهُوَ مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُدَبِّرُهُ، وَلَا خُرُوجَ لِأَحَدٍ عَنْ أَمْرِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ كَثِيرَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، فَإِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» صَلَى اللَّهِ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاذْكُرُوهُ إِذْ هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ؛ ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: نِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، مُنْذُ خَلَقَهُمْ وَهُوَ يُتَابِعُ نِعَمَهُ عَلَيْهِمْ، وَالنَّاسُ -بِطَبْعِهِمْ- يَأْلَفُونَ النِّعَمَ الدَّائِمَةَ فَيَنْسَوْنَهَا، وَيُقَصِّرُونَ فِي شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا، وَلَا يَتَذَكَّرُهَا الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِلَّا إِذَا فَقَدَهَا؛ وَلِذَا فَإِنَّ فِي الْقُرْآنِ تَذْكِيرًا كَثِيرًا بِالنِّعَمِ الدَّائِمَةِ الْمَأْلُوفَةِ؛ لِئَلَّا يَنْسَى الْعِبَادُ فَضْلَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِهَا، وَمِنْ تِلْكُمُ النِّعَمِ نِعْمَةُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ فَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ ذِكْرٌ كَثِيرٌ لِهَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ، وَامْتِنَانٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ بِهِمَا، فِي سِيَاقَاتٍ مُنَوَّعَةٍ، وَسُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ؛ لِئَلَّا يَأْلَفَهَا الْعِبَادُ فَيَنْسَوْنَهَا، وَلَا يَجْتَهِدُونَ فِي شُكْرِهَا.

 

وَفِي خِطَابٍ عَامٍّ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ؛ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِبَادَتِهِ، وَذَكَّرَهُمْ سُبْحَانَهُ بِمَا رَزَقَهُمْ مِنْ نِعْمَتَيِ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 21-22].

 

وَالْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ حَاجَّ الْمُشْرِكِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ ذَكَرَ أَنَّهُ يُفْرِدُ اللَّهَ تَعَالَى بِالْعِبَادَةِ؛ مُذَكِّرًا بِنِعْمَتَيِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَقَالَ عَنْ مَعْبُودَاتِهِمْ: ﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 77-79]، وَعِبَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ مِنْ شُكْرِ نِعْمَتِهِ، وَيُبَيِّنُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ مَا خَلَقَ الْعِبَادَ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِنِعْمَتَيِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَّا لِيُوَحِّدُوهُ؛ ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 56-58].

 

وَفِي سِيَاقَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ أُخْرَى يُذَكِّرُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِهَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ بِالتَّفْصِيلِ فِيهِمَا، وَكَيْفَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُخْرِجُ لَهُمُ اللَّبَنَ الصَّافِيَ مِنْ ضُرُوعِ الْبَهَائِمِ لِيَشْرَبُوهُ، وَيُخْرِجُ ثِمَارَ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ لِيَأْكُلُوهَا؛ ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ * وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 66-67]، وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى يَذْكُرُ اللَّهُ تَعَالَى نِعَمَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، بِتَفْصِيلِ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى إِنْزَالِ الْغَيْثِ، وَإِنْبَاتِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ بِهِ؛ لِيُثْمِرَ ثَمَرًا طَيِّبًا، يَكُونُ لِخَلْقِهِ رِزْقًا؛ ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ ﴾ [ق: 9-11]، وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى يُفَصِّلُ عَمَلِيَّةَ إِنْزَالِ الْمَاءِ، وَإِنْبَاتِ الْحَبِّ وَالشَّجَرِ؛ لِيَتَمَتَّعَ النَّاسُ بِهِ، وَيَتَغَذَّوْا عَلَيْهِ؛ فَضْلًا مِنْهُ سُبْحَانَهُ؛ ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عَبَسَ: 24-32].

 

وَفِي سِيَاقَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ أُخْرَى يُذَكِّرُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِنِعْمَتَيِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِشُكْرِهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمَا؛ إِذْ مَا أَحَلَّهُ لَهُمْ مِنْهَا أَكْثَرُ مِمَّا حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 172-173]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 114].

 

وَفِي سِيَاقَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ أُخْرَى يُذَكِّرُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِنِعْمَتَيِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّ عَمَلِيَّةَ حُصُولِهَا بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ بِالْغَيْثِ الْمُبَارَكِ، وَإِنْبَاتِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ آيَةٌ دَالَّةٌ عَلَى قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَاسْتِحْقَاقِهِ الشُّكْرَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ؛ ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 33-35].

 

وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى يُذَكِّرُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِنِعْمَتَيِ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ، مُبَيِّنًا أَنَّهُ لَوْ شَاءَ سُبْحَانَهُ لَحَرَمَ الْبَشَرَ مِنْهُمَا بِمَوْتِ الْأَشْجَارِ وَالزُّرُوعِ، وَجَعْلِ الْمَاءِ أُجَاجًا لَا يُطَاقُ شُرْبُهُ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ؛ مِمَّا يَسْتَوْجِبُ شُكْرَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ؛ ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 63-70].

 

وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ تَقْصِيرَ الْعِبَادِ فِي الشُّكْرِ فَقَالَ: ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 10]، وَنَوَّهَ سُبْحَانَهُ بِنِعَمِ الْأَنْعَامِ وَمَا يَأْكُلُونَ مِنْ لُحُومِهَا، وَمَا يَشْرَبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا، مَعَ التَّذْكِيرِ بِشُكْرِهِ سُبْحَانَهُ؛ ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 71-73].

 

وَثَمَّةَ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ فِيهَا تَذْكِيرٌ بِنِعْمَتَيِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَطُولُ الْمَقَامُ بِذِكْرِهَا.

 

وَهَذَا التَّذْكِيرُ الْمُكَرَّرُ فِي الْقُرْآنِ بِنِعْمَتَيِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يُحَتِّمُ عَلَى الْمُؤْمِنِ تَذَكُّرَهُمَا عَلَى الدَّوَامِ؛ لِيَجْتَهِدَ فِي شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمَا، وَعَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى.

 

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ؛ ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 34].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِلْفُ النِّعَمِ يُؤَدِّي إِلَى نِسْيَانِهَا، وَالتَّقْصِيرِ فِي شُكْرِهَا، وَالنَّاسُ قَدْ أَلِفُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، وَلَوْ حُرِمُوهُمَا لَعَلِمُوا قَدْرَ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ. وَمِنْ دَلَائِلِ تَذَكُّرِ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ، وَعَدَمِ نِسْيَانِهِمَا:

حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ ‌فَيَحْمَدَهُ ‌عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ ‌فَيَحْمَدَهُ ‌عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَنِسْبَةُ هَذِهِ النِّعَمِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاسْتِحْضَارُ ذَلِكَ بِالْقَلْبِ، وَقَوْلُهُ بِاللِّسَانِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَنْسُبُونَهَا لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَعَابَ اللَّهُ تَعَالَى صَنِيعَهُمْ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 82]، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَوْ حَرَمَهُمْ رِزْقَهُ مَا رَزَقَهُمْ أَحَدٌ؛ ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ﴾ [الْمُلْكِ: 21].

 

مَعَ الْتِزَامِ شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَبَاحَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ فَلَا يُحَرِّمُ الْعِبَادُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يُجَاوِزُونَ الْحَلَالَ إِلَى الْحَرَامِ فِي الْمَطْعُومِ وَالْمَشْرُوبِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 87-88].

 

وَاجْتِنَابُ الْإِسْرَافِ فِي هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 31]، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُسْرِفُونَ فِي صَبِّ الْمِيَاهِ وَإِهْدَارِهَا. وَفَائِضُ الْأَطْعِمَةِ الَّتِي تُرْمَى، وَلَا سِيَّمَا فِي الْحَفَلَاتِ وَالْأَعْرَاسِ شَيْءٌ يَعِزُّ عَلَى الْوَصْفِ مِنْ كَثْرَتِهِ، وَهَذَا مِنْ عَدَمِ شُكْرِ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ.

 

وَتَسْخِيرُ هَذِهِ النِّعَمِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي؛ لِأَنَّهَا إِفْسَادٌ فِي الْأَرْضِ يُنَافِي الشُّكْرَ، وَيُزِيلُ النِّعَمَ، وَيُحِلُّ النِّقَمَ؛ فَيُسْتَعَانُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَلَا يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ؛ ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 60].

 

وَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَلَّا يَغْفُلَ عَنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَأْلُوفَةِ وَالْمُسْتَمِرَّةِ، بَلْ يَسْتَحْضِرُهَا، وَيَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا؛ لِتَزِيدَ وَتَنْمُوَ بِالشُّكْرِ؛ ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التذكير بالنعم المألوفة (3) الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار
  • التذكير بالنعم المألوفة (4) تذليل الأرض
  • التذكير بالنعم المألوفة (5) {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}
  • التذكير بالنعم المألوفة (6) الهداية للإيمان واليقين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التذكير بأيام الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أعظم النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكر النعم سبيل الأمن والاجتماع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شكر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في الحسبلة "حسبي الله ونعم الوكيل"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شناعة جحود النعم وقوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • وقفات تربوية مع سورة قريش (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/5/1447هـ - الساعة: 20:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب