• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كيف تكون عبدا ربانيا
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    لقاء حول البنوك (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    خطبة: فضيلة الصف الأول والآثار السيئة لعدم إتمامه
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة: حقوق الجار وأنواعه
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حديث القرآن الكريم عن الماء أو حضارة الماء
    د. محمد أحمد قنديل
  •  
    إجلال الكبير: وقار الأمة وبركتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عليكم بسنتي.. (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    تفسير سورة العصر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    {تحيتهم فيها سلام}
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    التطبيع مع الفواحش والمنكرات وخطره على الأمة ...
    الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
  •  
    من فوائد ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم
    بكر البعداني
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرحمة
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خطبة: الضحك وآدابه
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فساد القلب بين القسوة والسواد
    شعيب ناصري
  •  
    تحريم رفع الصوت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

التطبيع مع الفواحش والمنكرات وخطره على الأمة الإسلامية

التطبيع مع الفواحش والمنكرات وخطره على الأمة الإسلامية
الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/9/2025 ميلادي - 17/3/1447 هجري

الزيارات: 162

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التطبيع مع الفواحش والمنكرات وخطره على الأمة الإسلامية

 

أولاً: تعريف التطبيع والمقصود منه:

التطبيع من حيث اللغة: هو جعل الشيء أو العلاقة أمرًا طبيعيًا مألوفًا، يعني: عاديًا مقبولاً لا غرابة فيه، ولا اعتراض عليه، ولا خجل منه ولا نفور، ويعود أصله إلى: طبّع يطبّع تطبيعًا، فهو مصدر: طبَّعَ: بالتضعييف على معنى الجعل والتصيير، والتطبُّع أيضًا إذا تكلف أمرًا غير طبعه، حتى قيل: الطبع يغلب التطبُّع، وتطبَّع بِطَبْعٍ: أي: تخلق بأخلاقٍ[1].

 

والتطبيع من حيث الاستعمال: يكون بحسب السياق والمعنى المراد منه، ويكون مباحًا، ومكروهًا، وحرامًا بحسب ذلك.

 

وأما التطبيع مع الفواحش والمنكرات: فالمقصود منه:

هو دوام تكرار عرض الفواحش والمنكرات والانحرافات الأخلاقية المحرمة شرعًا، بصورها وألوانها المختلفة في وسائل الإعلام والمجتمع المسلم، حتى تزول الغيرة، ويضعف الاستنكار والرفض لها، وتكون في المجتمع أمرًا مألوفًا عاديًا لا حرمة فيه ولا غرابة، ولا خجل من مشاهدته أو فعله!

 

وذلك: كعرض مشاهد الزنا واللواط والفجور، وعرض مقدماتها من العري والسفور، والخلوة بالمرأة الأجنبية، والخضوع بالكلام، واللمسة، والقبلة، والخيانات الزوجية، وما صاحب ذلك من حفلات الرقص الماجن، والموسيقى الصاخبة، والاختلاط الجماعي المحرم بين الرجاء والنساء، ولعب القمار وشرب الخمور والمسكرات والمخدرات، ونشر الإباحية في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات، وإقامة المسابقات والبرامج لها، وفتح أبواب الفتن وإيقاظ الغرائز والشهوات الكامنة نحو الحرام.

 

بل واستخدام بعض المصطلحات الكاذبة، إمعانًا في ترويجها ونشرها بين أطياف المجتمع المسلم خاصةً فئة الشباب والفتيات، مثل: "الحرية الشخصية، والحب والغزل، وثقافة العصر"، إلى غير ذلك من وسائل الخداع والتمويه ونشر الفاحشة بين الناس، والتساهل معها وقبولها، بل والمجاهرة العلنية بها، بل وابتكار وتشريع بعض القوانين الباطلة للدفاع عنها وحمايتها بأي صورةٍ.

 

ثانيًا: حرمة التطبيع مع الفواحش وخطره على المجتمع المسلم:

والتطبيع مع الفواحش والمحرمات التي حرمها الله ورسوله بهذه الصورة المقيتة والواقع الذي نراه اليوم، هو خطر جسيم وعظيم يهدد كيان المجتمع المسلم وعقيدته وأخلاقه وقيمه، بل ويهدد الأمة كلها، لأنه لا يقتصر فقط على فردٍ بعينه هنا أو هنالك، أو عدة أفرادٍ، بل إن خطره وأثره يمتد وينتشر انتشار النار في الهشيم ليشمل المجتمع والأمة كلها، كما وقع في الأمم السابقة التي أهلكها الله تعالى وعاقبها أشد العقاب من أمثال قوم لوطٍ، وذكرها في كتابه العزيز لتكون عبرةً لغيرهم من الأمم.

 

وقد نهانا الله تعالى وحذرنا في كتابه العزيز من الوقوع في الفواحش والمنكرات والانحرافات الأخلاقية، وكذلك من نشرها وترويجها حتى تكون مألوفةً مقبولة أشد التحذير، وتوعد عليها وعلى المجاهرين بها أشد الوعيد حيث قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33]، وقال تعالى: ﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً" ﴾ [الإسراء: 32]. وقال جل وعلا: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30-31].

 

وقال سبحانه: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [النور: 2]، فجعل الله تعالى للزاني غير المحصن عقوبة الجلد مائة وتغريب سنة، جزاءًا لاقترافه الفاحشة والسيئات، فهذا عقاب الدنيا، وأما عقاب الآخرة فينتظره يوم القيامة.

 

وقال أيضًا سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19].

 

قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله -: "إن الذين يحبون أن يذيع الزنا في الذين صدَّقوا بالله ورسوله، ويظهرَ ذلك فيهم، ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾، يقول: لهم عذابٌ وجيع في الدنيا، بالحدِّ الذي جعله اللهُ حدًّا لرامي المحصَناتِ والمحصنين إذا رمَوْهم بذلك، وفي الآخرة عذابُ جهنم إن مات مصرًّا على ذلك غيرَ تائب".

 

وقال ابن سعدي - رحمه الله -: "﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ ﴾؛ أي: الأمور الشنيعة المستقبَحة المستعظَمة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة ﴿ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي: موجعٌ للقلب والبدن؛ وذلك لغشِّه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد؛ لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك من إظهاره ونقله!، وسواء كانت الفاحشة صادرة أم غير صادرة، وكل هذا من رحمةِ الله بعباده المؤمنين، وصيانة أعراضهم، كما صان دماءَهم وأموالهم، وأمَرَهم بما يقتضي المصافاة، وأن يحبَّ أحدُهم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾؛ فلذلك علَّمكم، وبيَّن لكم ما تجهلونه"؛ انتهى.

 

وأما السنة النبوية؛ فقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجلُ بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله تعالى، فيقول: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يسترُه ربُّه ويصبح يكشف ستر اللهِ عنه)).

 

وفي الحديث أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه» رواه البخاري ومسلم.

 

وفي الحديث أيضًا عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أمة محمد، ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزني، يا أمة محمد، لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا» رواه البخاري.

 

وفي الحديث أيضًا عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: العاق بوالديه، والديوث، ورجلة النساء» رواه الحاكم.

 

وفي الحديث أيضًا عن عقبة بن عامرٍ - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إياكم والدخولَ على النساء))، فقال رجلٌ من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت))؛ متفقٌ عليه، قال النووي: الحمو: قريبُ الزوج؛ كأخيه، وابن أخيه، وابن عمه.

 

وفي الحديث أيضًا عن عبد الله بن عباس، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرمٍ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرمٍ»، فقال له رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: «انطلق فحج مع امرأتك» متفق عليه.

 

وفي الحديث أيضًا عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد» رواه مسلم.

 

وفي الحديث أيضًا عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدركٌ ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه». رواه مسلم.

 

وفي الحديث أيضًا عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان، كان عليه كالظلة، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان» رواه أبو داود.

 

وفي الحديث أيضًا عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: شيخٌ زان، وملكٌ كذاب، وعائلٌ مستكبر» رواه مسلم.

 

وفي الحديث أيضًا عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربعةٌ يبغضهم الله عز وجل: البياع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر» رواه النسائي.

 

وفي الحديث أيضًا عن سمرة بن جندب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثه الطويل، قال: «لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي، فأخرجاني إلى الأرض المقدسة .. ، فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، أعلاه ضيقٌ وأسفله واسعٌ يتوقد تحته نارًا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجالٌ ونساءٌ عراة، فقلت: من هذا؟»، وفي آخره قالا: «وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور: فهم الزناة، والزواني» رواه البخاري.

 

وفي الحديث أيضًا عن عبد الله بن عمر، قال: أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا» رواه ابن ماجه.

 

وفي الحديث أيضًا عن خزيمة بن ثابت، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يستحيي من الحق -ثلاث مرات- لا تأتوا النساء في أدبارهن» رواه ابن ماجه.

 

وفي الحديث أيضًا عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط» رواه أحمد.

 

وعنه رضي الله عنهما، قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء. وفي رواية: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري.

 

فكل هذه النصوص الكريمة من الكتاب والسنة النبوية تبين حرمة الوقوع في الفواحش والمنكرات والانحرافات الأخلاقية من الزنا والشذوذ واللواط، بل وما يتعلق بها من مقدماتٍ، كما تبين الوعيد الشديد لمن قارف الفاحشة أو المحرمات أو جاهر بها في الدنيا والآخرة.

 

وبهذا يتبين لنا حرمة التطبيع الشديدة مع تلك الفواحش والمنكرات وجعلها مشاهد مألوفة لا نكارة فيها، وحرمة التساهل معها أيضًا في عرضها في وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي على حدٍ سواء في القنوات، أو الأفلام والمسلسلات، أو الإعلانات، أو البرامج المشبوهة المدعومة أو غيرها.

 

وكذلك حرمة إنشاء المواقع الالكترونية أو الصفحات أو المجموعات الداعية لها، أو إقامة أماكن مخصصة لها والتساهل معها، كدور الدعارة أو قاعات حفلات العري والمجون المختلطة بين الرجال والنساء، وغير ذلك.

 

كما يتبين لنا وجوب الأخذ بقوةٍ على أيد المفسدين في الأرض، المطبِّعين والمجاهرين بالكبائر من الفواحش والمحرمات، الساعين لنشرها وترويجها بين الناس لإفساد دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم، والتحذير من خطرهم وفسادهم وشرهم، فقد جاء النهي عن الفساد في الأرض في قوله تعالى: ﴿ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا﴾ [الأعراف:56].

 

آثار التطبيع على الفرد والمجتمع:

وهذا التطبيع المحرم لا شك أن ضرره كبيرٌ وعظيم، فعلى المستوى الفردي والشخصي: فإنه يضعف الوازع الديني والإيماني والأخلاقي، حتى يصبح الحرام والمنكر أمرًا عاديًا مألوفًا يعتاده الإنسان بصورٍ وألوانٍ شتى، ولا يشعر بحرجٍ أو إثمٍ في نفسه أو فعله، فيضعف شعوره الإيماني بمسئوليته عن هذا الذنب الكبير أمام الله تعالى يوم القيامة.

 

ومن ثم ينغمس هذا الإنسان ويغرق في الذنوب والمعاصي بلا حسيبٍ ولا رقيب، ولا خوفٍ من الله تعالى، فلا حرج عليه بعد ذلك من المجاهرة أو التفاخر بتلك المعاصي أمام الأسرة أو المجتمع، حتى يصبح ديوثًا لا يغار، ولا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، وإذا ضاعت الغيرة ضاع الحياء والدين، نسأل الله العافية.

 

وأما على المستوى المجتمعي العام: فإن المجتمع والناس إذا اعتادوا على رؤية الفواحش والمنكرات أو فعلها، وعدم إنكارها وتحذير أصحابها، فلا شك أن هذا سيؤدي حتمًا إلى تفكيك الكثير من البيوت والأسرة، بسبب ظهور الانحلال الأخلاقي فيها وانتشار الفاحشة والزنا، والعلاقات المحرمة، وضياع الحقوق الخاصة بين الزوجين، بل وحقوق الأولاد في التربية والرعاية والحفاظ على سلامة دينهم وأخلاقهم.

 

وبالتالي يظهر الفساد والتفكك المجتمعي، ويكثر أولاد الزنا والحرام هنا وهنالك، ويتحول المجتمع المسلم ونعوذ بالله من هذا إلى صورةٍ مماثلةٍ من المجتمعات الغربية الكافرة المنحلة، التي لا دين يحكمها، ولا أخلاق تهذبها.

 

كما سيؤدي هذا التطبيع المحرم إلى انتشار الأمراض الجنسية الفتّاكة التي يذكرها الأطباء، كالإيدز والسيلان المنوي والموت المفاجئ بالسكتة القلبية وغيرها.

 

فضلاً عن خطر فقد الشخصية والهوية الإسلامية المتميزة لأن الجيل الجديد قد تربى على أن الفاحشة جزءٌ من الحياة الطبيعية المعتادة، نسأل الله السلامة، وعندئذٍ سيكون أمام المجتمع أحد خيارين:

الأول: إما التوبة النصوح من الفواحش والمنكرات، والاستقامة على أمر الله ورسوله، وهذا حبل النجاة في الدنيا والآخرة ولا ريب، وسلامة المجتمع والأمة.

 

الثاني: وإما انتظار عذاب الله تعالى وعقابه الأليم في الدنيا والآخرة، بسبب التمادي في الفواحش والمنكرات وعدم خشية الله تعالى، كما فعل تمامًا مع الأمم السابقة الهالكة، التي ذكرها لنا رب العالمين في كتابه، كما قال تعالى: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأعراف 80-84].

 

وفي الحديث الآنف ذكره عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في حديثه الطويل، قال: «لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي، فأخرجاني إلى الأرض المقدسة.. ، فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، أعلاه ضيقٌ وأسفله واسعٌ يتوقد تحته نارًا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجالٌ ونساءٌ عراة، فقلت: من هذا؟»، وفي آخره قالا: «وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور: فهم الزناة، والزواني»؛ رواه البخاري.

 

وفي الحديث أيضًا عن عبد الله بن عمر، قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا» رواه ابن ماجه.

 

ثالثًا: وسائل التطبيع مع الفواحش في الواقع المعاصر:

أما وسائل التطبيع مع الفواحش والمنكرات وتسهيل نشرها وترويجها فكثيرة وللأسف الشديد في واقعنا المعاصر الحديث، منها على سبيل المثال:

1- وسائلُ الإعلام بأنواعها:

المرئي منها والمسموع والمقروء على حدٍّ سواء؛ فلقد ساهم الإعلامُ الهابط في تدني قِيَم الإسلام وآدابه وأخلاقه في قلوب الأجيال والمجتمع المسلم - ولا ينكر هذا عاقل - وذلك من خلال عزفها على وَتَر الجرائم الكبرى الثلاث، وهي:

الأُولى: نشر الجريمة: فما أكثرَ الأفلام والروايات والمسلسلات التي تؤصِّل للجريمة؛ من السرقة والغش والكذب والاحتيال، والقتل والظلم، وكذلك شرب المخدِّرات والمُسْكِرات، وكل ذلك تحت مسمى الحرب على الجريمة، وحسْبُنا أن نسمع عن "يا عزيزي كلنا لصوص"، أو "الشيطان يعظ"!

 

الثانية: هَدْم الأخلاق والمُثُل: فما أكثر الأفلامَ واللقاءاتِ مع أهل الفن الهابط والإسفاف بالقِيَم، وما أكثر ما يُقدَّمون للناس في البرامج بصورٍ وألوان مختلفة على أنهم القدوةُ والكبار، ويُرمَز لأحدهم كذبًا وبهتانًا بـ: "الفنان القدير"، و"الموسيقار الكبير"، و"المغني الأصيل"، إلى غير ذلك من ألفاظ التهويل والتضليل للمجتمع المسلم.

 

وهم في حقيقة الأمر مَن علَّموا أجيالنا عدمَ غضِّ البصر عن محارم المسلمين، وأن يصادق الشابُّ الفتاةَ، وأن يجالسها ويهاتفها، بل ويخرج معها، وربما خلا بها عشَرات المرات الخَلْوة المحرَّمة، وما أدراكم ما الخَلوة المحرمة! وأن لمس يدِ المرأة الأجنبية ليس حرامًا ولا منكَرًا، وأن الفنَّ والعُرْي والتمثيل، إنما هو عين الإبداع والتقدم، وأن التعليمَ مجردُ مهزلة، وحسبنا بـ: "مدرسة المشاغبين" مثالاً وفشلاً!

 

الثالثة: نشْرُ الفاحشة والمنكَر: وذلك من خلال تصوير بعضِ المشاهد والمقاطع المحرَّمة شرعًا وعقلاً في الفيلم أو المسلسل، والتي تتجسد فيها المرأةُ وهي شِبه عارية أمام الكاميرا، وفي حجرة النوم، وتجلس أو تنام بجوار رجلٍ غريبٍ أجنبي عنها، تسميه بـ: "الحبيب"، وإذا تأدبَّت قالت: "يا فلان، أبا فلان"، وما هو بأبيه وكذَبوا، ويفعل معها كل محرمٍ، مما يعف القلمُ عن الإفصاح عنه، مما لا يكون إلا بين الرجُلِ وزوجته في الحلال الطاهر، وتتكرر تلكم المشاهدُ والمقاطع عشَرات المرات، وبصورٍ مختلفة، على أعين الأجيالِ والشباب في جُلِّ وسائل الإعلام، في الليل والنهار، فماذا يعني ذلك للمشاهد؟


يعني أن هذه المَشَاهد ليست محرَّمة، وأن تلك المقاطع ليست جريمةً شرعية، وليست نشرًا للفاحشة، إنما هي: "الفن، والتقدم، والإبداع!".

 

ومن المثير أنها تتكرر بصورٍ مختلفة، وتلبَس أثوابًا متلوِّنة، في جملة من البرامج واللقاءات المشبوهة والمُريبة من القائمين عليها مِن أهل الإثارة ونشر الفتن في المجتمع المسلم، وقد وقفتُ على حوادثَ كثيرةٍ رأيتُها وسمعتها في كثيرٍ من تلك الوسائل الإعلامية المأفونة، أو الأخرى الإخبارية.

 

حيث يستضاف في تلك البرامج شابٌّ أو فتاة، أو جمعٌ مختلط من النساء والرجال، ويدور معه الحوار، حتى إنه لا يزال به في الحديث، وإذا بها أو به يهوي ويصرح بأنه قد مارَسَ الزنا ووقع في الفاحشة مرة أو مرات، دون حياءٍ من دِينٍ أو فطرة باقية، بل نجد أحدَهم يصرِّح أنه يحب ذلك، ويدعو إليه مع أخته وزوجتِه وابنته، ولا يرى حرَجًا أن تمارسَ أختُه الفاحشةَ قبل زواجها أو بعده، عافانا الله وإياكم من تلك الأقذار والأنتان والأنجاس.

 

2- العبث بالمصطلحات الشرعية وجعل "الجنس" بديل "الزنا والفاحشة":

فالإعلام كثيرًا ما يتلاعب بالألفاظ الشرعية المنفِّرة من الفواحش والمنكرات، ومقارفة المعاصي والمحرَّمات، وكثيرًا ما يَعدِل عنها إلى ألفاظٍ تهوِّنُ من شأن المعصية والفاحشة، فلا يقول: إنه فعل الزنا أو الفاحشة، كما في نصوص الكتاب والسنة، إنما يسمُّون ذلك بـ: "ممارسة الجنس"، أو "الخيانة الزوجية"، وهذا عبث ومكْر خطير، على الدِّين والمجتمع والقِيَم والأخلاق، أخذوه عن المجتمع الغربي الكافر، الذي لا يستحيي من الخروج عاريًا في الشوارع والطرقات والسيارات علنًا، ولا يستحيي من فِعْل الفاحشة والمنكر كذلك جهارًا.

 

وهذا عينُ ما رواه أبو سعيد الخُدري - رضي الله عنه – وهو علم من أعلام نبوَّة الرَّسول يبيِّن فيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - حالَ كثيرٍ من هذه الأمَّة في اتِّباعهم سبيلَ غير المؤمنين، ومشابهتهم لأهل الكتاب من اليهود والنَّصارى؛ حيث جاء في روايات الحديث: قلنا: يا رسول الله، اليهود والنَّصارى؟ قال: ((فمن؟))، وهذا التَّشبيه في المتابعة: ((شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراع))، وفي رواية: ((حَذْو القذة بالقذة)) هو: كناية عن شدَّة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي.

 

لأن التعبير بكلمة "الجنس، أو الخيانة أو المثلية" بديلاً عن كلمة "الزنا، والفاحشة، والمعصية، والشذوذ واللواط" - لا يؤدي إلى نفور السامع من فعله واستقذاره طبعًا، بل على النقيضِ من ذلك، فلربما أورث السامعَ لهذه الكلمة إمعانًا خفيًّا بتلك الإيحاءات الشيطانية إلى محبة ذلك، والدعوة إلى فعله، وهذا من أخبث المكر بالقِيَم والفطرة والشخصية السوية، فضلاً عن شخصية المسلم العفيف.

 

ومن هنا ندرك تمامًا خطورة تلك البرامج الإعلامية الماكرة على الشباب والمجتمع المسلم من جانب، وخطورة إظهار هؤلاء المتدنسين بالزنا والفواحش من جانب آخر، وكأنهم قدوة الشباب والفتيات في مجتمعاتنا، وخطورة نشر الفاحشة علنًا أو تضمينًا بتلك الوسائل المشبوهة من جانب ثالث.

 

3- وسائل التواصل الاجتماعي:

ومن تلك الوسائل المطبّعة لنشر الفواحش أيضًا: وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها، والتي تساهم في ذلك من خلال المقاطع القصيرة: (مثل: الفيس، وتيك توك، وإنستغرام، ويوتيوب)، والتي جل تركيزها على الإغراء والابتذال وتسهيل الوصول إلى المحرمات، وانتشار ما يُعرف بـ"المؤثرات" اللواتي يربطن الشهرة بمقاطع العري والتبرج والفجور.

 

4- المناهج التعليمية والثقافة الوافدة:

ومن وسائل التطبيع كذلك الخطيرة مع الفواحش والمحرمات في بعض الدول؛ وجود المناهج التي تقوم بتدريس وتعليم المفاهيم الغريبة المخالفة لقيم الإسلام وأخلاقه، مثل "التربية الجنسية المنحرفة" وتشجع الشذوذ والمجون، وتشجيع الاحتفال بما يسمى "باليوم العالمي" لحقوق المثليين، وأعياد الزناة! والله المستعان.

 

5- تشريع القوانين المبيحة للفواحش أو التطبيع معها:

ومن وسائل التطبيع كذلك الخطيرة مع الفواحش والمحرمات في بعض الدول؛ تشريع القوانين الباطلة المبيحة للفواحش أو التطبيع معها وعدم إنكارها، أو جعلها مخالفةً للآداب العامة والنظام الإسلامي، كإباحة الزنا بالتراضي بين الرجل والمرأة، وإباحة الإجهاض من غير سببٍ شرعي، أو الترخيص لأماكن ودور وقاعات الدعارة والخمور والحفلات المختلطة، أو الترخيص للأفلام والمسلسلات والأغاني والقنوات الفضائية الماجنة بلا حسيبٍ أو رقيب! التي تعزف على وتر الفحش والإجرام.

 

رابعًا: وسائل التصدي والعلاج لظاهرة التطبيع مع الفواحش والمحرمات:

وبعد أن بينا باختصارٍ خطر ظاهرة التطبيع مع الفواحش والمنكرات عل الفرد والمجتمع والأمة، وبيان حرمة ذلك، نشير الآن في ختام كلامنا حول هذا الموضوع المهم إلى بعض وسائل التصدي والعلاج لتلك الظاهرة المريبة والخطيرة والمدمرة، والتي من أهمها ما يلي:

1- قيام الأسرة المسلمة بواجبها في التربية والتوجيه:

وذلك من خلال قيام الأسرة والبيت المسلم بواجبها الشرعي، وتربية الأبناء والبنات على العقيدة السليمة، والأخلاق والقيم الفاضلة، وإعلاء قيمة غض البصر، وحفظ العورات، وفضيلة الحياء، وإلغاء القنوات والمشاهد الهابطة في وسائل الإعلام كلها من خلال جهاز التحكم بالعرض حماية وسدًا لأبواب الشر والفتنة والتقليد الأعمى، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].


وجاء في الحديث أيضًا أنَّ الرجل والمرأة في الأسرة مسؤولان عن تبعة التربية والتنشئة للأولاد، فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألا كلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته، فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيَّته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته))؛ متفق عليه.


وفي الحديث أيضًا: ((مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع))؛ رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني.

 

2- قيام المجتمع المسلم بدوره الشرعي:

ومنها أيضًا: قيام المجتمع المسلم بدوره في الرقابة العامة بإحياء فريضة الأمر بالمعروف بالمعروف، والنهي عن المنكر بغير منكر، بل بالحكمة والموعظة الحسنة، والكلمة الطيبة، والتوجيه الرشيد، والنصيحة الرقراقة البالغة، وعدم السماح بظهور مظاهر التطبيع مع المنكرات والفواحش في المجتمع بأي صورةٍ كانت، وتحت أي مسمى، بل ورفض كل ذلك بشدة ومقاطعته، مع تشجيع القدوات الحسنة والنافعة، وإبرازها للمجتمع للتأسي بها، والسير في دربها، كما قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]، وفي الحديث أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم.


وفي الحديث أيضًا عن النعمان بن بشير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا» رواه البخاري.

 

3- سد الذرائع والطرق الموصلة إلى الفاحشة والمحرمات:

وهذا يعني أن يقوم كل فردٍ وكل مسئولٍ في المجتمع المسلم بدوره المنوط به شرعًا وواقعًا، من خلال سد أبواب الشر والفتنة، وسد الطرق الموصلة إليها.

 

فعدم تربية الفتاة على لبس الحجاب الشرعي والتعود عليه، سيؤدي ربما غالبًا إلى التبرج والعري وانتشار التهتك بين الفتيات والنساء في المظهر والسلوك، فمن باب سد الذرائع لبس الحجاب والاحتشام الشرعي الذي أمر به الله ورسوله على الوجه الصحيح بلا إفراط ولا تفريط.

 

والسماح أيضًا بدخول التلفاز وشبكة المعلومات إلى البيت لمشاهدة القنوات الهابطة، والإعلام المدمر للأخلاق والقيم، وعدم إلغائها من جهاز التحكم وحذفها، حتمًا سيؤدي غالبًا إلى السكوت عن مشاهدة المحرمات، والرضى بها كروتين يوميٍّ للأسرة، وبالتالي تنحرف الأخلاق ويضيع الحياء والعفة، وفريضة غض البصر عن المحرمات، فمن باب سد الذرائع عدم السماح بوجود تلك القنوات الهابطة على الجهاز في البيت، وعدم السماح مطلقًا بمشاهدة هذه المنكرات وإلا تطبعت الأخلاق والأسرة على مشاهدة الحرام، وعدم إنكاره.

 

4- إقامة العقوبات الشرعية على المعتدين والمخالفين:

وإقامة العقوبات الشرعية أو التعذير للمعتدين والمخالفين والمفسدين، الأولى به ولي الأمر الشرعي، الذي من أهم واجباته حفظ دين المجتمع والأمة، وصيانة أخلاقهم عن الانحراف أو الضياع، وإقامة الحدود والعقوبات الشرعية على المخالفين، كرجم الزاني، وقطع يد السارق، وجلد شارب الخمر، ومنع وسائل الإعلام الهابطة من الظهور أو الانتشار، وعدم السماح لها بذلك، وتشريع القوانين الموافقة للكتاب والسنة لحماية المجتمع من السفهاء والمفسدين في الأرض.

 

وما هذا كله إلا لتخويف أهل المعاصي المفسدين في الأرض والمجتمع والأمة، حتى يرتدعوا عن غيهم وإفسادهم وانحرافهم، وحتى يسلم بقية المجتمع والأفراد من التقليد الأعمى، والوقوع فيما حرم الله ورسوله، وإلا صارت حياة الناس فوضى لا دين لهم، وقد جاء في الحديث: ((ألا كلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته، فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيَّته، ..))؛ متفق عليه.

 

5- إيجاد البدائل الشرعية المباحة الهادفة:

وذلك من خلال دعم وإنشاء القنوات الفضائية الهادفة، والمجلات النافعة، والأفلام والبرامج الهادفة، الخالية من مظاهر الفاحشة أو المحرمات التي تزرع الطهر، وتعلي من قيمة العفة والحياء وغض البصر، والبعد عن الحرام، وصيانة كرامة الإنسان والمرأة المسلمة.

 

وتدريب الشباب الواعي على كشف رسائل الإعلام المضلل، وعدم استقبالها ببراءة أو الانخداع بها، بل كشف زيفها، وبيان مكرها، وإظهار عوارها للمجتمع، من خلال الرد عليها، والبرامج والقنوات البديلة، بل إن شئت قلت الأصيلة.

 

كما أنبه أيضًا ودائمًا على أنه لا بد من خَلْق ثقافتين مهمتين في شبابنا المعاصر:

الأُولى: خَلْق ثقافة الحذر من الوقوع في الحرام وأسبابه، وتعدي المناهي الشرعية والحرمات.


الثانية: ثقافة المراقبة والخشية لله تعالى ظاهرًا وباطنًا؛ لأن ترك المحرمات ليس من أجل رؤية الناس لها؛ بل من أجل تحريمِ الله لها، واطِّلاعه على فاعلها.


كما أنه لا بد من وجود المواد الشرعية المتخصصة في تدريس القِيَم والأخلاق في الأبنية التعليمية والجامعية، من مراحل التعليم الأولى، وإلى مراحله النهائية والأكاديمية، هذا لزام على مجتمع الإسلام والمُثُل والأخلاق، وليس نافلةً للمناقشة والحوار، والحمد لله رب العالمين.



[1] انظر: معجم الصواب اللغوي دليل المثقف العربي (ج1/ 503)، للدكتور أحمد مختار عمر، طبعة أولى: عالم الكتب، القاهرة، وانظر أيضًا: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (ج7/ 4065)، لنشوان بن سعيد الحميرى اليمني، طبعة أولى: دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)، وانظر أيضًا: تكملة المعاجم العربية، لرينهارت بيتر آن دُوزِي، (ج7/ 16).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أصحاب العبادة الضائعة
  • وقفة مع اختلاف الناس حول البسملة
  • القراءة في حياتنا
  • توجيهات في فقه الدعوة والداعية

مختارات من الشبكة

  • إسبانيا: اتحاد الجاليات الإسلامية: لا داعي للخوف من الإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حوار مع وزير الشؤون الدينية السابق في جمهورية المالديف الإسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المدرسة الناجحة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اتقوا فتنة التبرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ركيزة الإصلاح المجتمعي ومفتاح النهضة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العودة إلى بدء الوحي: سبيل الأمة للخروج من أزمتها الراهنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأبناء والتعامل مع الهاتف المحمول: توازن بين الفائدة والخطر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إجلال الكبير: وقار الأمة وبركتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/3/1447هـ - الساعة: 17:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب