• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: الضحك وآدابه
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فساد القلب بين القسوة والسواد
    شعيب ناصري
  •  
    تحريم رفع الصوت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الغفلة في وقت المهلة (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    حقوق كبار السن (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    ألق بذر الكلمة؛ فربما أنبتت!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    إجلال كبار السن (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    الإنابة إلى الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    فضل الأذكار بعد الصلاة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {كل الطعام كان حلا ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    خطبة: مولد أمة وحضارة
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    البركة مع الأكابر (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    فوائد الإجماع مع وجود الكتاب والسنة
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    بين النبع الصافي والمستنقع
    أ. شائع محمد الغبيشي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الغفلة في وقت المهلة (خطبة)

الغفلة في وقت المهلة (خطبة)
د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/9/2025 ميلادي - 16/3/1447 هجري

الزيارات: 209

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغفلة في وقت المهلة


الخطبة الأولى

الحمد لله فاطر السماوات والأرض، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاءً أحوى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله إلى جميع الثقلين الإنس والجن بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أقام الله به الحُجَّة، وأوضَح الطريق، فصلوات الله وسلامة عليه وعلى آله وأصحابه وخلفائه الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر أصحابه الأخيار النجباء الأطهار؛ أما بعد:

فيا أيها المسلمون، اتقوا الله حقَّ التقوى، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

عباد الله، عنوان سعادة المرء ودلائل توفيقه، إنما يكون في إنابته لربه واستقامته على شرع الله ودينه في أيام حياته، وعلى كل حالاته، وإقباله على الله تعالى بنية خالصة وعبودية صادقة، وألا تَشغله الحياة الدنيا والسعي في تحصيل ما يؤمِّل منها عن الاستعداد للحياة الباقية والتزود للدار الآخرة، فذلك سبيل الصالحين، ونهج المتقين ممن وصفهم الله عز وجل في محكم التنزيل بقوله: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37].

 

فإن هؤلاء الصالحين على الرغم من اشتغالهم بالبيع والشراء، وما يحتاجون من عرض الدنيا، إلا أن ذلك لم يكن حائلًا بينهم وبين استحضار عظمة الله جل جلاله، استحضارًا يحمل على تقوى الله عز وجل وخشيته على الدوام، والقيام بعبوديته حقَّ القيام، وهكذا شأن المؤمن حقًّا، يغتنم أيام العمر وأوقات الحياة بجلائل الأعمال الصالحة، ويبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة؛ لعلمه أن هذه الحياة الدنيا ما هي إلا وسيلة للفوز بالحياة الباقية والظفر بالسعادة الدائمة، لا أنها غاية تُبتغى، ولا نهاية تُرتجى، بل إنما هي عرَضٌ زائل، وظلٌّ آفل، يأكُل منها البَر والفاجر، وأنه مهما طال فيها العمر، وفُسِحَ فيها للمرء الأجل، فسَرعان ما تَبلى، وعما قريب تَفنى، وليس لها عند الله شأن ولا اعتبار، وإنما هي قنطرة إلى الجنة أو النار؛ يقول عز وجل: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

 

وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ))؛ أخرجه مسلم في صحيحه.

 

وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ)؛ رواه الترمذي وصححه الألباني.

 

وروى الإمام أحمد وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَيْتَةٍ قَدْ أَلْقَاهَا أَهْلُهَا، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا))؛ صححه الألباني.

 

وإن في هذه النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية - يا عباد الله - لأبلغ بيان وأوضح تصوير لحقيقة هذه الحياة الدنيا، وما يجب أن يكون عليه حالُ المرء فيها من الإقبال على الله جل وعلا، والأخذ بالنفس في دروب الصلاح والتقى، ومجانبة الشهوات والهوى، والحذر من الاغترار بالدنيا، غير أن من عظيم الأسف أن يَظَل الكثيرون منا في غفلة وتعامٍ عن ذلك، حتى غلب عليهم طول الأمل، وران على قلوبهم سوءُ العمل، وكأن لا حياة لهم إلا الحياة الدنيا.


وإذا استولى حبُّ الدنيا على قلب المرء أنساه ذكر ربه، وإذا نَسِيَ المرء ذكرَ ربِّه أنساه تعالى نفسه، حتى يورده موارد العطب والهلاك، وجاء في الأثر: [حب الدنيا رأس كل خطيئة]، وقال بعض السلف: [من أحب الدرهم والدينار، فليتهيَّأ للذل].


ولَما نظر الإمام الحسن البصري رحمه الله إلى بعض أهل زمانه، ورأى تكالُبهم على الدنيا، وغفلتهم عن الآخرة - قال: [أمؤمنون بيوم الحساب هؤلاء؟! كلا، كذَبوا ومالكِ يوم الدين].

 

وإن من مظاهر غلبة حب الدنيا على القلوب، واستيلائها على النفوس لدى البعض - ألا يكون لهم همٌّ إلا البحث عن الجاه العريض، والشهرة الواسعة، وإن كان على حساب الدين والفضيلة، وآخرون ليس لهم همٌّ سوى جمع الأموال، وتضخيم الثروات، حتى سلكوا في تحصيل ذلك مسالكَ مشبوهة، وسبلًا محرَّمة.

 

وكم من المجتمعات المسلمة - يا عباد الله - من طغى عليهم حب الدنيا، فاستجابوا لداعي الهوى، والنفس الأمارة بالسوء والفحشاء؛ حتى أدى بهم ذلك إلى شرب المسكرات، وتعاطي المخدرات، واقتراف الفواحش والمنكرات، يساعد على ذلك ويزيده في نفوسهم واقعُ الإعلام المعاصر، وما تبثه وسائل الاتصال وكثيرٌ من القنوات، مما فيه تزيين للباطل، وإغراء بالفتنة، وخروج على القيم والفضيلة؛ حتى غدا كثير من المسلمين - ولا سيما الناشئة - مُحاكين للأعداء في كثير من أنماط حياتهم وسلوكهم، حتى صدق على كثير منهم قول الحق جل وعلا: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا ﴾ [مريم: 59]، وما أوقعهم في ذلك إلا طغيانُ حبِّ الدنيا على نفوسهم حتى آثروها على الآخرة.

 

وهذا الداء يا عباد الله هو الذي أَوْدى بأمة الإسلام في عصورها المتأخرة إلى ما هي عليه الآن مِن ضَعف وهوانٍ، وتفرُّق ونزاعٍ؛ حتى تحكَّم الأعداء في كثيرٍ من قضاياها، واستحوذوا على كثير من خيراتها، واستولوا على بعض بلادها، وساموا بعضَ الشعوب المسلمة سوء العذاب، وألْحَقوا بهم أصنافًا من النكال.

 

فلتَحذروا عباد الله من التمادي في الغفلة والإعراض عن الله، وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، فلقد ندَّد الحق جل وعلا بالغافلين، وأشاد بالمتقين الذين جانبوا هوى النفس، وعملوا للدار الآخرة، فقال سبحانه مبينًا حالَّ كلِّ فريق وجزاءَه: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].

 

فاعلَم - أيها المسلم - أنك في ميدان سباق، والأوقات تُنْتَهَب، وإياك إياك والخلود إلى الكسل، فما فات ما فات إلا بالكسل، ولا نال من نال إلا بالجد والعزم، وثمرة الأمرين أنَّ تعب المحصل للفضائل راحة في المعنى، وراحة المقصر في طلبها تعبٌ وشَين، إن كان ثَمَّ فَهْمٌ لديك يا رعاك الله.

 

والدنيا كلها إنما تراد لِتُعْبَر لا لِتُعْمَر، وما يناله أهل النقص بسبب فضولها والانشغال بها عما هو خير منها، فإنه يؤذي قلوب معاشريها حتى تنحطَّ، ومِن ثَمَّ يأسف أمثال هؤلاء على فَقْدِ ما وجوده أصلحُ لهم، في حين إن تأسُّفهم ربما يكون شبهَ عقوبة عاجلة على تفريطهم.

 

يقول ابن الجوزي رحمه الله متحدثًا عن زمنه: [لقد اشتد الغلاء ببغداد، فكان كلما جاء الشعير زاد السعر، وتدافَع الناس على اشتراء الطعام، فاغتبَط مَن يستعد كلَّ سنة يزرع ما يقوته، وفرِح مَن بادر في أول الناس إلى اشتراء الطعام قبل أن يُضاعَف ثمنه، وأخرج الفقراء ما في بيوتهم فرَموه في سوق الهوان، وبان ذُلُّ نفوس كانت عزيزة، فقلت: يا نفس، خذي من هذه الحال إشارة، ليُغبَطنَّ مَن له عمل صالح وقت الحاجة إليه، وليَفرَحَنَّ مَن له جواب عند إقبال المسألة]؛ انتهى كلامه رحمه الله.

 

وروى الإمام مالك في الموطأ من حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في بعض دعائه: (فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلَا مُفَرِّطٍ).

 

فاتقوا الله عباد الله، ولا تغرَّنَّكم الحياة الدنيا، ولا يغرَّنَّكم بالله الغرور، ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6].

 

اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير مَن زكَّاها، أنت وليها ومولاها.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على ترادُف آلائه ونَعمائه، والشكر له على سابغ فضله وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه سبحانه، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فيا عباد الله، اتَّقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون، ولا تكونوا ممن استولت عليهم الغفلة، واستحوَذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله والدار الآخرة، وغرَّتهم الأماني الباطلة، والآمال الخادعة، حتى غدَوْا وليس لهم همٌّ إلا في لذَّات الدنيا وشهواتها، فكيف حصلت حصَّلوها، ومن أي وجه لاحت أخذوها، وإذا عرض لهم عاجل من الدنيا، لم يؤثروا عليه ثوابًا من الله ورضوانًا، ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 7].

 

أفلا نتَّعظ يا عباد الله بقوارع التنزيل وآياته؟! ونعتبِر بما حلَّ بالماضين من أهل القرون الخالية، ومن نشيِّع كلَّ يوم إلى الدار الآخرة في رحلات متتالية، يذهب فيها أفرادٌ وجماعات، وآباء وأمهات، ومؤمنون وكفار، وأبرار وفُجَّار، يُودَعون القبور، وينتظرون يوم النفخ في الصور، والبعث والنشور، ﴿ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [المعارج: 43، 44].

 

وإذا كانت الغفلة داءً واقعًا، فدواؤها باليقظة والتذكر، وذلك من علامات التقى، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].

 

وإذا كان نزغ الشيطان واردًا، فالاستعاذة بالله خيرُ عاصم، ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 36].

 

والانتفاع بالذكرى - حين تسيطر الغفلة أو يَغلِب الهوى - من علامات الخشية، ومجافاتها دليلُ الشِّقوة، ﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ﴾ [الأعلى: 9 - 12]، وكذلك ينتفع المؤمنون بالذكرى، ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55].

 

أيها المؤمنون، لئن كانت أسباب الغفلة كثيرة، فإن من بينها طولَ الأمل في هذه الحياة الدنيا، فتلك الآفة التي حذَّرنا القرآن منها، ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16].

 

واتخاذ الدين لهوًا ولعبًا وغرور الدنيا، سببٌ آخر من أسباب الغفلة في الدنيا، ومورد للهلكة في الأخرى، ﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ [الأعراف: 51].

 

فاتقوا الله – عباد الله – وتذكَّروا قربَ الرحيل من هذه الدار إلى دار القرار، ثم إلى جنة أو نار، فأعدُّوا لهذا اليوم عُدته، واحسِبوا له حسابَه، ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

 

ألا وصلُّوا - عباد الله - على رسول الهدَى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاءِ الأربعة الرَّاشدين...

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.

اللهم أجِرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم إنا نسألك القصدَ في الفقر والغنى، ونسألك خشيتك في الغيب والشهادة.

اللهم إنا نسألك عيشَ السُّعداء ونُزل الشهداء، ومرافقة الأنبياء والنصر على الأعداء.

اللهم أصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعَل ولايتنا فيمن خافَك واتَّقاك واتبع رضاك، يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول وعملٍ، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول وعمل.

اللهم اهدِ شباب المسلمين، اللهم أنزلهم منازلَ العزِّ والفضيلة، وجنِّبهم مسالك اللهو والرذيلة.

اللهم اجعلهم لأمتهم فخارًا ولدينهم أنصارًا، اللهم احفَظهم من ألوان العبث والسفه والبلادة، واجعلهم من أهل الْمُروءة والشهامة...

اللهم ارحم موتانا واشفِ مرضانا، وتولَّ أمرنا واهدِ شبابنا.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الغفلة... عندما تصيب الدعاة!!
  • مظاهر الغفلة في حياتنا المعاصرة
  • الغفلة
  • الغفلة المذمومة
  • الغفلة عن الوقت
  • مواعظ في الغفلة عن ذكر الله
  • التحذير من الغفلة
  • آثار الغفلة (خطبة)
  • أسباب الغفلة (خطبة)
  • شبح الغفلة

مختارات من الشبكة

  • إزالة الغفلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الفرق بين الشبهة والشهوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآباء سند في الحياة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من وحي عاشوراء: ثبات الإيمان في مواجهة الطغيان وانتصار التوحيد على الباطل الرعديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الضحك وآدابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق كبار السن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجلال كبار السن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإنابة إلى الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مولد أمة وحضارة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/3/1447هـ - الساعة: 16:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب