• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل التواضع
    رمزي صالح محمد
  •  
    كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    (دروس وفوائد كثيرة من آية عجيبة في سورة الأحقاف) ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    فوائد الابتلاء بالمرض (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    بدعة الاحتفال بالمولد النبوي (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    يا أهل الجنة لا موت... لكم الحسنى وزيادة
    د. نبيل جلهوم
  •  
    خطبة: ففيهما فجاهد
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    قصص رويت في السيرة ولا تصح (4)
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة الفقه: نواقض الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    العودة إلى بدء الوحي: سبيل الأمة للخروج من أزمتها ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الرضا كنز المحبين
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    المسائل المجمع عليها في مواد أهلية المتعاقدين في ...
    عبدالله بن صالح بن محمد المحمود
  •  
    المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    الإلهام والكشف والرؤيا لدى ابن تيمية رحمه الله ...
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)

وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)
ميسون عبدالرحمن النحلاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/9/2025 ميلادي - 10/3/1447 هجري

الزيارات: 123

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)

وقفات في قلب سورة آل عمران


معالم في سياق السورة

نتوقف في قلب السورة مع عدد من المحاور الأساسية التي تفصِّل ما أوجزته المقدمة:

1- قصة آل عمران بما تحمله من دلالات ودروس واقعية على آيات الله ومعجزاته في الخلق والرزق.

 

2- مباهلة النصارى: دروس في الثبات العقائدي.

 

3- بسط في عقائد وسلوكيات أهل الكتاب وموقفهم الأزلي من المسلمين.

 

4- ميثاق الأنبياء ورسالة التوحيد "الإسلام".

 

5- الردة.

 

6- مسائل في مغالطات اليهود ومحاججتهم.

 

7- الثبات العقائدي الداخلي: توجيهات إلهية في الثبات العقائدي الداخلي.

 

8- خيرية الأمة وموقف أهل الكتاب من الإيمان بشريعتها ورسولها.

 

9- الولاء والبراء.

 

10- غزوة أحد: الثبات الداخلي فكرًا وسلوكًا. دور المنافقين.

 

11- مفهوم الموت في ساحة المعركة.

 

12- غزوة حمراء الأسد.

 

13- ملخص دروس غزوة أُحُد.

 

وتبدأ وقفاتنا مع قصة آل عمران من حيث انتهت المقدمة في كلام الله عن المصطفين من رُسُله الذين أرسلهم هدًى للعالمين: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [آل عمران: 33 - 35].

 

الوقفة الأولى: قصة آل عمران:

واسمها يدل عليها؛ أي: إنها تحكي لنا عن عدد من الشخصيات التي تنتمي إلى هذا البيت الكريم، تحكي قصص أربع شخصيات من "آل عمران" تنطوي على عناصر المعجزة الإلهية في الخلق، والموت، والرزق، وكثير مما يخرج عن نواميس وقوانين الحياة البشرية:

• امرأة عمران والدة مريم عليهما السلام.

 

• مريم عليها السلام.

 

• زكريا عليه السلام.

 

• عيسى عليه السلام.

 

أولًا: قصة امرأة عمران، المعجزة الإلهية في الخلق والقبول والاصطفاء:

النذر لله:وتبدأ قصة امرأة عمران بنذرها ما في بطنها لله الذي وهبها ما تمنت: ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [آل عمران: 35].

 

وامرأة عمران هذه هي أم مريم "بنت عمران" عليها السلام، وهي كما ورد في التفاسير حنة بنت فاقوذ، قال محمد بن إسحاق: "وكانت امرأة لا تحمل، فرأت يومًا طائرًا يزق فرخه، فاشتهت الولد، فدعت الله عز وجل أن يهبها ولدًا، فاستجاب الله دعاءها، فلما تحققت الحمل نذرته أن يكون ﴿ مُحَرَّرًا ﴾؛ أي: خالصًا مفرغًا للعبادة، ولخدمة بيت المقدس، فقالت: ﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾؛ أي: السميع لدعائي، العليم بنيَّتي، ولم تكن تعلم ما في بطنها أذكر أم أنثى؟"؛ تفسير ابن كثير.

 

المولود أنثى! ميزان الأرض وميزان السماء: ﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36].

 

أرادته امرأة عمران ذكرًا لتوفي نذرها فيكون خادمًا في بيت الله، وأرادها الله أنثى لتكون أكثر من قائم على خدمة بيت الله.. لتكون أم رسول.. أم عيسى عليه السلام!

 

"قال ابن عباس: إنما قالت هذا (أي: امرأة عمران)؛ لأنه لم يكن يقبل في النذر إلا الذكور، فقبل الله مريم. فقيل: إنها ربتها حتى ترعرعت، وحينئذٍ أرسلتها؛ رواه أشهب عن مالك، وقيل: لفتها في خرقتها، وأرسلت بها إلى المسجد، فوفت بنذرها وتبرأت منها"؛ تفسير القرطبي.

 

التسليم لأمر الله: واستمرت امرأة عمران في إمضاء نذرها:

﴿ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 36].


"﴿ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ﴾؛ يعني: خادم الرب في لغتهم، ﴿ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ ﴾؛ يعني: مريم ﴿ وَذُرِّيَّتَهَا ﴾؛ يعني: عيسى. وهذا يدل على أن الذرية قد تقع على الولد خاصة. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مولود يُولَد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخًا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه))، ثم قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: ﴿ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 36]، قال علماؤنا: فأفاد هذا الحديث أن الله تعالى استجاب دعاء أم مريم، فإن الشيطان ينخس جميع ولد آدم حتى الأنبياء والأولياء إلا مريم وابنها"؛ تفسير القرطبي.

 

تقبل الله للنذر وإمضاء حكمته في إنبات مريم عليها السلام:

﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37].

 

"تقبل الله عز وجل نذر امرأة عمران وتكَفَّل بإنبات مريم نباتًا حسنًا، وهيَّأ لها زكريا النبي الصالح ليكفلها، وقوله تعالى: ﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ ﴾؛ أي: سلك بها طريق السعداء، قاله ابن عباس. وقال قوم: معنى التقبُّل التكفل في التربية والقيام بشأنها"؛ القرطبي.

 

وقد ورد عن ابن إسحاق في قوله تعالى: ﴿ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ﴾ قال: "وما ذاك إلا أنها كانت يتيمة. وذكر غيره أن بني إسرائيل أصابتهم سنة جدب، فكفل زكريا مريم لذلك. ولا منافاة بين القولين. والله أعلم.


يقول ابن كثير: "وإنما قدر الله كون زكريا كافلها لسعادتها، لتقتبس منه علمًا جمًّا نافعًا وعملًا صالحًا، ولأنه كان زوج خالتها، على ما ذكره ابن إسحاق وابن جرير وغيرهما، وقيل: زوج أختها، كما ورد في الصحيح: "فإذا بيحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة".

 

معجزة الرزق في محراب مريم عليها السلام:

ثم إن زكريا عليه السلام كان يدخل على مريم يتفقد أحوالها؛ ليلبي طلباتها واحتياجاتها، فكان كلما دخل وجد ما يدهشه ويثير عجبه، كان يجد عندها رزقًا وفيرًا، وقيل: كان يجد فاكهة الصيف عندها في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، وذلك في كل مرة يدخل فيها عليها، ليس مرة أو مرتين أو بعض المرات، وإنما في كل مرة: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا... وَجَدَ ﴾. سبحان منزل الأرزاق مالك الملك!

 

﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37].

 

قال القرطبي: "وكان زكريا إذا دخل عليها يجد عندها فاكهة الشتاء في القيظ، وفاكهة القيظ في الشتاء، فقال: يا مريم، أنَّى لك هذا؟! فقالت: هو من عند الله. فعند ذلك طمع زكريا في الولد وقال: إن الذي يأتيها بهذا قادر أن يرزقني ولدًا".

 

وهنا ينتقل بنا السياق إلى قصة سيدنا زكريا.

 

ثانيًا: قصة زكريا عليه السلام:

وتبدأ قصة زكريا عليه السلام من جزئية "معجزة الرزق" التي عرضتها السورة في مسار إنبات الله عز وجل لمريم عليها السلام: ﴿ قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران:37- 38].

 

طلب الولد رغم انتفاء أسباب الحدوث:

"لما رأى زكريا عليه السلام أن الله تعالى يرزق مريم عليها السلام، فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء؛ طمع حينئذٍ في الولد، وإن كان شيخًا كبيرًا قد ضعف ووهن منه العظم، واشتعل رأسُه شيبًا، وإن كانت امرأته مع ذلك كبيرة وعاقرًا، لكنه مع هذا كله سأل ربَّه وناداه نداءً خفيًّا، وقال: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ﴾ [آل عمران: 38]؛ أي: من عندك ﴿ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ﴾ [آل عمران: 38]؛ أي: ولدًا صالحًا، ﴿ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].

 

الاستجابة السريعة والبشرى المعجزة: الحال والمقام عند استجابة الدعاء:

﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39].

 

فكان المكان المحراب، مكان العبادة، وكان الحال حال العبادة: ﴿ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ﴾، ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ﴾؛ أي: خاطبته الملائكة شفاهًا خطابًا أسمعته، وهو قائم يصلي في محراب عبادته، ومحل خلوته، ومجلس مناجاته وصلاته. وفي ذاك الحال نادته الملائكة بالبُشْرى: ﴿ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ﴾؛ أي: بولد يوجد لك من صلبك اسمه يحيى. كان الله عز وجل قد قضاه غلامًا، واختار له اسمًا، سبحانه وتعالى.

 

قال ابن كثير: "وقوله: ﴿ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ ﴾؛ أي: مصدقًا بعيسى ابن مريم، قال الربيع بن أنس: هو أول مَنْ صَدَّق بعيسى ابن مريم، وقال قتادة: وعلى سننه ومنهاجه. وقال ابن جريج: قال ابن عباس في قوله: ﴿ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ ﴾، قال: كان يحيى وعيسى ابني خالة، وكانت أم يحيى تقول لمريم: إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك؛ فذلك تصديقه بعيسى؛ تصديقه له في بطن أُمِّه، وهو أول مَنْ صَدَّق عيسى، وكلمة الله عيسى، وهو أكبر من عيسى عليه السلام، وهكذا قال السدي أيضًا.

 

قال قتادة: سيدًا في العلم والعبادة. وقال ابن عباس، والثوري، والضحاك: السيد الحكيم المتقي، وقال سعيد بن المسيب: هو الفقيه العالم. وقال عطية: السيد في خلقه ودينه. وقال عكرمة: هو الذي لا يغلبه الغضب. وقال ابن زيد: هو الشريف. وقال مجاهد وغيره: هو الكريم على الله عز وجل.

 

وقوله: ﴿ وَحَصُورًا ﴾ روي عن ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة وغيرهم أنهم قالوا: هو الذي لا يأتي النساء. وعن أبي العالية والربيع بن أنس: هو الذي لا يولد له. وقال الضحاك: هو الذي لا ولد له ولا ماء له.

 

والمقصود- والقول لابن كثير-: أنه مدح يحيى بأنه حصور ليس أنه لا يأتي النساء؛ بل معناه كما قاله هو وغيره: أنه معصوم عن الفواحش والقاذورات، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال؛ بل قد يفهم وجود النسل له من دعاء زكريا المتقدم؛ حيث قال: ﴿ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ﴾ [آل عمران: 38] كأنه قال: ولدًا له ذرية ونسل وعقب، والله سبحانه وتعالى أعلم. ﴿ وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39] هذه بشارة ثانية بنبوَّة يحيى بعد البشارة بولادته"؛ انتهى من تفسير ابن كثير.

 

ميزان الأرض وميزان السماء من جديد. رزق الولد مع كبر السن والعقم!

﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [آل عمران: 40].

 

وتعجب زكريا من وجود الولد منه بعد الكبر ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ﴾ ﴿ قَالَ ﴾؛ أي: الملك: ﴿ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾؛ أي: هكذا أمر الله عظيم، لا يعجزه شيء ولا يتعاظمه أمر.

 

كذلك الله يفعل ما يشاء!

 

طلب زكريا لعلامة على هذا الحدث المعجز، نظرًا إلى عظم الأمر واستحالته في ميزان البشر!

﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [آل عمران: 41].

 

"﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ﴾؛ أي: علامة أستدلُّ بها على وجود الولد مني ﴿ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ﴾؛ أي: إنك لا تستطيع النطق، مع أنك سوِيٌّ صحيح، ثم أمر بكثرة الذكر والشكر والتسبيح في هذه الحال"؛ قاله ابن كثير، والنعمة تستوجب الكثير من الذكر والتسبيح. فقال جلَّ في علاه: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾.

 

ثالثًا: قصة مريم عليها السلام:

بُشْرى الاصطفاء:

وبعد أن تمت فترة الإنبات الإلهي لمريم عليها السلام وأصبحت جاهزة عليها السلام لحمل المهمة الإلهية التي اصطفاها الله لها دونًا عن كل نساء العالمين، جاءتها الملائكة ببُشْرى الاصطفاء: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 42]، وهذا إخبار من الله تعالى بأن الملائكة خاطبت مريم عليها السلام، وأخبرتها باصطفاء الله لها على نساء العالمين، وقد كان اصطفاء مريم عليها السلام منذ أن نذرتها أُمُّها وقَبِل اللهُ عز وجل نذرَها، ثم إنه جلَّ في علاه اصطفاها على نساء العالمين، فكانت من أكمل النساء كما جاء في الحديث: "وروى مسلم عن أبي موسى قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ((كمل من الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)).

 

شكر نعمة الاصطفاء: ثم أخبرتها الملائكة بأمر الله لها:

"﴿ يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: 43]؛ أي: أطيلي القيام في الصلاة، عن مجاهد وقتادة: أديمي الطاعة"؛ قاله القرطبي في تفسيره.

 

وقال ابن كثير: "أما القنوت فهو الطاعة في خشوع كما قال تعالى: ﴿ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾ [البقرة: 116]، وقال مجاهد: كانت مريم عليها السلام، تقوم حتى يتورَّم كعباها، والقنوت هو: طول الركوع في الصلاة، يعني امتثالًا لقوله تعالى: ﴿ يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ ﴾ [آل عمران: 43]، قال الحسن: يعني: اعبدي ربك ﴿ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: 43]؛ أي: كوني منهم"؛ انتهى من تفسير ابن كثير.

 

قصة مريم من معجزات علم الغيب التي اختصَّ الله عز وجل بها رسوله بإخباره بها:

﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [آل عمران: 44]، فمحمد صلى الله عليه وسلم لم يكن حاضرًا تلك الأحداث، ولم يصله علمها من أحد، بل أطلعه الله عليها كأنه كان حاضرًا وشاهدًا لما كان من أمرهم حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها، وذلك لرغبتهم في الأجر.

 

قال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن القاسم بن أبي بزة، أنه أخبره عن عكرمة - وأبي بكر، عن عكرمة - قال: ثم خرجت بها - يعني أم مريم بمريم - تحملها في خرقها إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى، عليهما السلام - قال: وهم يومئذٍ يلون في بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة - فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة، فإني حررتها وهي ابنتي، ولا تدخل الكنيسة حائض، وأنا لا أردها إلى بيتي؟ فقالوا: هذه ابنة إمامنا- وكان عمران يؤمهم في الصلاة- وصاحب قرباننا، فقال زكريا: ادفعوها إليَّ؛ فإن خالتها تحتي. فقالوا: لا تطيب أنفسنا، هي ابنة إمامنا، فذلك حين اقترعوا بأقلامهم عليها التي يكتبون بها التوراة، فقرعهم زكريا، فكفلها.

 

وقد ذكر عكرمة أيضًا، والسدي، وقتادة، والربيع بن أنس، وغير واحد- دخل حديث بعضهم في بعض- أنهم دخلوا إلى نهر الأردن واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم [فيه]، فأيهم ثبت في جرية الماء فهو كافلها، فألقوا أقلامهم فاحتملها الماء إلا قلم زكريا ثبت"؛ تفسير ابن كثير.

 

معجزة البشارة بالولد:

﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [آل عمران: 45].

 

"هذه بشارة من الملائكة لمريم عليها السلام، بأن سيوجد منها ولد عظيم، له شأن كبير، قال الله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ﴾ [آل عمران: 45]؛ أي: بولد يكون وجوده بكلمة من الله؛ أي: بقوله له "كن" فيكون، وهذا تفسير قوله تعالى - في سياق الكلام عن يحيى عليه السلام - ﴿ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 39].

 

وقوله: ﴿ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﴾؛ أي: يكون مشهورًا بهذا في الدنيا، يعرفه المؤمنون بذلك.

 

قال بعض السلف وسمي المسيح: لكثرة سياحته. وقيل: لأنه كان مسيح القدمين؛ أي: لا أخمص لهما. وقيل: لأنه كان إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات برئ بإذن الله تعالى.

 

وقوله: ﴿ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﴾؛ نسبة له إلى أُمِّه؛ حيث لا أب له، ﴿ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [آل عمران: 45]؛ أي: له وجاهة ومكانة عند الله في الدنيا، بما يوحيه الله إليه من الشريعة، وينزل عليه من الكتاب، وغير ذلك مما منحه به، وفي الدار الآخرة يشفع عند الله فيمن يأذن له فيه، فيقبل منه، أسوة بإخوانه من أولي العزم، صلوات الله عليهم"؛ تفسير ابن كثير.

 

رابعًا: سيدنا عيسى عليه السلام:

معجزة تكلُّم الرضيع في المهد:

﴿ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 46].

 

وكلامه في المهد عليه من المعجزات الإلهية، وكان هذا عندما برَّأ أمه عليها السلام: ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 29 - 31].

 

فحتى كلامه في المهد كان إقرارًا أو تبليغًا برسالته، وبأنه أمر بالصلاة والزكاة طوال حياته ﴿ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾.

 

﴿ وَكَهْلًا ﴾ [آل عمران: 46]، قال البغوي في تفسيره: "قال مجاهد: ﴿ وَكَهْلًا ﴾؛ أي: حليمًا. والعرب تمدح الكهولة؛ لأنها الحالة الوسطى في احتناك السن، واستحكام العقل، وجودة الرأي والتجربة ﴿ وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 46]؛ أي: هو من العباد الصالحين"؛ انتهى.

 

وقال الطبري في تفسيره: "حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، سمعته - يعني ابن زيد - يقول في قوله: ﴿ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ﴾ [آل عمران: 46]، قال: قد كلمهم عيسى في المهد، وسيكلمهم إذا قتل الدجَّال، وهو يومئذٍ كهلٌ"؛ انتهى.

 

عيسى عليه السلام معجزة الولد بلا أب:

أمر الله كن فيكون، لا يخضع لقوانين، ولا لأُطُر، ولا لحسابات بشرية.

 

﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 47].

 

ثم بعد أن أخبر الله عز وجل مريم عليها السلام بما سيهبه لها من ولد بكلمة منه ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾، أعلمها ما سيكون عليه من أمر الله، وأنه سيعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، ثم سيبعثه رسولًا إلى بني إسرائيل بآيات تدل على نبوَّتِه، فقال جلَّ من قائل: ﴿ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [آل عمران: 48 - 50].

 

فكانت آيات نبوته ورسالته:

• يخلق من الطين طيرًا فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله.

 

• ويبرئ الأكمه والأبرص.

 

"قال ابن عباس وقتادة: الأكمه: هو الذي وُلِد أعمى، وقال الحسن والسدي: هو الأعمى، وقال عكرمة: هو الأعمش، وقال مجاهد: هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل، "والأبرص" الذي به وضح، وإنما خصَّ هذين لأنهما داءان عَياءان، وكان الغالب في زمن عيسى عليه السلام الطب، فأراهم المعجزة من جنس ذلك"؛ تفسير البغوي.

 

• ويحيي الموتى بإذن الله:

"قال ابن عباس رضي الله عنهما: قد أحيا أربعة أنفس: عازر، وابن العجوز، وابنة العاشر، وسام بن نوح، فأما عازر فكان صديقًا له، فأرسلت أخته إلى عيسى عليه السلام: أنَّ أخاك عازر يموت وكان بينه وبينه مسيرة ثلاثة أيام، فأتاه هو وأصحابه، فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام، فقال لأخته: انطلقي بنا إلى قبره، فانطلقت معهم إلى قبره، فدعا الله تعالى، فقام عازر وودكه يقطر، فخرج من قبره، وبقي وولد له. وأما ابن العجوز مَرَّ به ميتًا على عيسى عليه السلام على سرير يحمل، فدعا الله عيسى فجلس على سريره، ونزل عن أعناق الرجال، ولبس ثيابه، وحمل السرير على عنقه، ورجع إلى أهله فبقي وولد له. وأما ابنة العاشر كان أبوها رجلًا يأخذ العشور ماتت له بنت بالأمس، فدعا الله عز وجل باسمه الأعظم فأحياها الله تعالى وبقيت بعد ذلك زمنًا وولد لها. وأما سام بن نوح عليه السلام فإن عيسى عليه السلام جاء إلى قبره فدعا باسم الله الأعظم، فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه خوفًا من قيام الساعة، ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزمان، فقال: قد قامت القيامة؟ قال: لا؛ ولكن دعوتك باسم الله الأعظم، ثم قال له: مت، قال: بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت، فدعا الله ففعل"؛ تفسير البغوي. والله أعلم.

 

• وينبئ الناس بما يأكلون وما يدَّخرون في بيوتهم:

"وقوله تعالى: ﴿ وَأُنَبِّئُكُمْ ﴾ [آل عمران: 49] وأخبركم بما تأكلون مما لم أعاينه، وما تدخرون ترفعونه في بيوتكم حتى تأكلوه، وقيل: كان يخبر الرجل بما أكل البارحة، وبما يأكل اليوم، وبما ادَّخَره للعشاء،


وقال السدي: كان عيسى عليه السلام في الكتاب يحدث الغلمان بما يصنع آباؤهم ويقول للغلام: انطلق فقد أكل أهلك كذا وكذا، ورفعوا لك كذا وكذا، فينطلق الصبي إلى أهله ويبكي عليهم حتى يعطوه ذلك الشيء فيقولون: من أخبرك بهذا؟ فيقول: عيسى فحبسوا صبيانهم عنه وقالوا: لا تلعبوا مع هذا الساحر، فجمعوهم في بيت، فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم، فقالوا: ليسوا ها هنا، فقال: فما في هذا البيت؟ قالوا: خنازير، قال عيسى: كذلك يكونون، ففتحوا عليهم فإذا هم خنازير"؛ تفسير البغوي.

 

• ومصدقًا لما جاء به موسى من التوراة:

قال الطبري في تفسيره: "وإنما قيل: ﴿ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾ [آل عمران: 50]؛ لأن عيسى صلوات الله عليه، كان مؤمنًا بالتوراة، مقرًّا بها، وأنها من عند الله. وكذلك الأنبياء كلهم، يُصدِّقون بكل ما كان قبلهم من كتب الله ورُسُله، وإن اختلفت بعضُ شرائع أحكامهم؛ لمخالفة الله بينهم في ذلك. مع أنَّ عيسى كان - فيما بلغنا - عاملًا بالتوراة لم يخالف شيئًا من أحكامها، إلا ما خفَّف الله عن أهلها في الإنجيل، مما كان مشددًا عليهم فيها"؛ انتهى الطبري.

 

وقال ابن كثير: "﴿ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾؛ أي: مقررًا لهم ومثبتًا ﴿ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ [آل عمران: 50] فيه دلالة على أن عيسى عليه السلام، نسخ بعض شريعة التوراة، وهو الصحيح من القولين، ومن العلماء من قال: لم ينسخ منها شيئًا، وإنما أحلَّ لهم بعض ما كانوا يتنازعون فيه فأخطئوا، فكشف لهم عن المغطى في ذلك، كما قال في سورة الزخرف: ﴿ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيه ﴾ [الزخرف: 63]، والله أعلم. ثم قال: ﴿ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [آل عمران: 50]؛ أي: بحجة ودلالة على صدقي فيما أقوله لكم ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [آل عمران: 50]"؛ انتهى.

 

• ويحل بعض ما حرم على بني إسرائيل:

"إنما أحل لهم عيسى عليه السلام ما حرم عليهم بذنوبهم ولم يكن في التوراة؛ نحو: أكل الشحوم وكل ذي ظفر. وقيل: إنما أحل لهم أشياء حرمتها عليهم الأحبار ولم تكن في التوراة محرمة عليهم"؛ القرطبي.

 

وفي قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [آل عمران: 51] إثبات لعبودية عيسى عليه السلام، فهو يساوي بالعبودية لربِّ الأرباب بينه وبين بني إسرائيل، وفي هذا إشارة لما سيكون من أمر مباهلة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد نجران".

 

معجزة رفع عيسى عليه السلام: الحواريون، ومكر بني إسرائيل:

﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 52- 53].

 

فلما أحسَّ عيسى من بني إسرائيل الكفر بالله، وبما جاء به من رسالة، وقيل: إنه سمع منهم كلمة الكفر، وعلم أنهم أرادوا قتله، حينها طلب النصرة من أصحابه فقال: ﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾؟

 

جاء في تفسير القرطبي: "المعنى: من أنصاري في السبيل إلى الله؟ لأنه دعاهم إلى الله عز وجل؛ قاله الحسن".

 

فأجابه الحواريون: ﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ﴾؛ أي: أنصار نبيِّه ودينه. والحواريُّون أصحاب عيسى عليه السلام، وكانوا اثني عشر رجلًا؛ قاله الكلبي.

 

واختلف في تسميتهم بذلك، فقال ابن عباس: سموا بذلك؛ لبياض ثيابهم، وكانوا صيادين. والحواري أيضًا الناصر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لكل نبي حواري، وحواريي الزبير)).

 

وقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ ﴾ [آل عمران: 53]؛ أي: يقولون: ربنا آمنا ﴿ بِمَا أَنْزَلْتَ ﴾؛ يعني: في كتابك، وما أظهرته من حكمك. ﴿ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ ﴾ [آل عمران: 53]؛ يعني: عيسى، ﴿ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53]؛ يعني: أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ عن ابن عباس. والمعنى: أثبت أسماءنا مع أسمائهم، واجعلنا من جملتهم. وقيل: المعنى: فاكتبنا مع الذين شهدوا لأنبيائك بالصدق"؛ تفسير القرطبي.

 

وقال ابن كثير: "والظاهر أنه أراد مَنْ أنصاري في الدعوة إلى الله؟ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مواسم الحج، قبل أن يهاجر: ((من رجل يؤويني على أن أبلغ كلام ربي، فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي)) حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فآسوه ومنعوه من الأسود والأحمر. وهكذا عيسى ابن مريم، انتدب له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به وآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه؛ ولهذا قال تعالى مخبرًا عنهم: ﴿ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 52- 53]؛ انتهى من تفسير ابن كثير.

 

مكر بني إسرائيل برسول الله عيسى عليه السلام:

﴿ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 54] قال القرطبي: "﴿ وَمَكَرُوا ﴾؛ يعني: كفار بني إسرائيل الذين أحسَّ منهم الكفر؛ أي: قتله. وذلك أن عيسى عليه السلام لما أخرجه قومه وأمه من بين أظهرهم عاد إليهم مع الحواريين، وصاح فيهم بالدعوة، فهمُّوا بقتله، وتواطئوا على الفتك به، فذلك مكرهم. أما مكر الله فقيل: ﴿ وَمَكَرَ اللَّهُ ﴾ إلقاء شَبَه عيسى على غيره، ورفع عيسى إليه، وذلك أن اليهود لما اجتمعوا على قتل عيسى دخل البيت هاربًا منهم، فرفعه جبريل من الكوَّة إلى السماء، فقال ملكهم لرجل منهم خبيث يقال له يهوذا: ادخل عليه فاقتله، فدخل الخوخة فلم يجد هناك عيسى، وألقى الله عليه شَبَه عيسى، فلما خرج رأوه على شبه عيسى فأخذوه وقتلوه وصلبوه، ثم قالوا: وجهه يشبه وجه عيسى، وبدنه يشبه بدن صاحبنا؛ فإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ وإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ فوقع بينهم قتال؛ فقتل بعضُهم بعضًا؛ فذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ﴾"؛ انتهى تفسير القرطبي.

 

معجزة رفع سيدنا عيسى عليه السلام:

﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [آل عمران: 55].

 

وفيها أربع مسائل:

- الوفاة.

- الرفع.

- التطهير.

- بقاء أتباع عيسى على رسالة الإسلام فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.

 

الوفاة: "ومعنى متوفيك قابضك ورافعك إلى السماء من غير موت؛ مثل: توفيت مالي من فلان؛ أي: قبضته. وقال ابن زيد: متوفيك: قابضك، ومتوفيك ورافعك واحد ولم يمت بعد.


وقال الربيع بن أنس: وهي وفاة نوم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ﴾ [الأنعام: 60]؛ أي: ينيمكم؛ لأن النوم أخو الموت؛ كما قال صلى الله عليه وسلم لما سئل: أفي الجنة نوم؟ قال: ((لا، النوم أخو الموت، والجنة لا موت فيها))؛ أخرجه الدارقطني.

 

الرفع: "والصحيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة ولا نوم كما قال الحسن وابن زيد، وهو اختيار الطبري، وهو الصحيح عن ابن عباس، وقاله الضحاك"؛ تفسير القرطبي.

 

التطهير: وقوله تعالى: ﴿ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [آل عمران: 55]؛ أي: برفعي إياك إلى السماء، وقيل: إن المعنى: "مخرجك من بينهم ومنجيك منهم".

 

﴿ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 55]:

لما رفع الله المسيح إلى السماء تفرَّقت أصحابه شيعًا بعده، فمنهم من آمن بما بعثه الله به على أنه عبد الله ورسوله وابن أمته، ومنهم من غلا فيه فجعله ابن الله، وآخرون قالوا: هو الله. وآخرون قالوا: هو ثالث ثلاثة. وقد حكى الله مقالاتهم في القرآن، ورد على كل فريق، فاستمروا كذلك قريبًا من ثلاثمائة سنة، ثم نبغ لهم ملك من ملوك اليونان، يقال له: قسطنطين، فدخل في دين النصرانية، قيل: حيلة ليفسده، فإنه كان وثنيًّا، وقيل: كان فيلسوفًا، فبدَّل لهم دين المسيح وحرَّفه، وزاد فيه ونقص منه، ووضعت له القوانين والأمانة الكبيرة - التي هي الخيانة الحقيرة - وأحلَّ في زمانه لحم الخنزير، وصلوا له إلى المشرق، وصوَّروا له الكنائس، وزادوا في صيامهم عشرة أيام من أجل ذنب ارتكبه، فيما يزعمون. وصار دين المسيح دين قسطنطين إلا أنه بنى لهم من الكنائس والمعابد والصوامع والديارات ما يزيد على اثني عشر ألف معبد، وبنى المدينة المنسوبة إليه، واتَّبعه الطائفة الملكية منهم.

 

فلما بعث اللهُ محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكان من آمن به يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله على الوجه الحق - كانوا هم أتباع كل نبي على وجه الأرض - إذ قد صدقوا الرسول النبي الأُمِّي، خاتم الرسل، وسيد ولد آدم، الذي دعاهم إلى التصديق بجميع الحق، فكانوا أولى بكل نبي من أُمَّتِه، الذين يزعمون أنهم على مِلَّته وطريقته، مع ما قد حرَّفوا وبدَّلوا.

 

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والله لينزلن ابن مريم حكمًا عادلًا فليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، ولتتركن القلاص، فلا يسعى عليها، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد)). وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجًّا أو معتمرًا أو ليثنينهما))، ولا ينزل بشرع مبتدأ فينسخ به شريعتنا؛ بل ينزل مجددًا لما درس منها متبعًا"؛ تفسير القرطبي.

 

﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [آل عمران: 56]؛ "يعني: بالقتل والصلب والسبي والجزية، وفي الآخرة بالنار"؛ قاله القرطبي.

 

﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 57]، وأما الذين آمنوا بك يا عيسى - يقول: صدَّقوك - فأقروا بنبوَّتك وبما جئتهم به من الحقِّ من عندي، ودانوا بالإسلام الذي بعثتك به، وعملوا بما فرضتُ من فرائضي على لسانك، وشرعتُ من شرائعي، وسننتُ من سنني؛ فيعطيهم الله جزاءَ أعمالهم الصالحة كاملًا، لا يُبخسون منه شيئًا ولا يُنقصونه"؛ تفسير الطبري.

 

﴿ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 58] ما تقدم من خبر عيسى ومريم والحواريين ﴿ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ ﴾ نخبرك به بتلاوة جبريل عليك ﴿ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ﴾؛ يعني: القرآن والذكر ذا الحكمة.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (1)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (2)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)

مختارات من الشبكة

  • وقفات تربوية مع سورة الهمزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات إيمانية وتربوية حول اسم الله العفو جل جلاله(كتاب - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع شهر الله المحرم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله العليم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: وقفات مع اسم الله العدل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مهمة لتعظيم الله جل جلاله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وقفات مع الذكاء الاصطناعي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع سورة آل عمران(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/3/1447هـ - الساعة: 15:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب