• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: حسن الظن بالله
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    حكم عمليات التجميل
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    بيع الكلاب
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    ما يلقاه الإنسان بعد موته
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    مفهوم الشرك في القرآن الكريم: قراءة تفسيرية ...
    سائد بن جمال دياربكرلي
  •  
    النخوة خلق عربي زكاه الإسلام
    حمدي بن حسن الربيعي
  •  
    الطلاق غير الطبيعي: حين تفشل البداية، لا تستقيم ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    نعم أجر العاملين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سورة آل عمران (5) الثبات والتثبيت
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الوقف على الضيف
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    موجبات الغسل
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    غزوة الأحزاب وتحزب الأعداء على الإسلام في حربهم ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    من وحي عاشوراء: ثبات الإيمان في مواجهة الطغيان ...
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    حقوق العلماء (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

مفهوم الشرك في القرآن الكريم: قراءة تفسيرية موضوعية

مفهوم الشرك في القرآن الكريم: قراءة تفسيرية موضوعية
سائد بن جمال دياربكرلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/8/2025 ميلادي - 19/2/1447 هجري

الزيارات: 93

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مفهوم الشرك في القرآن الكريم: قراءة تفسيرية موضوعية


الحمد لله الذي لم يتَّخذ ولدًا، ولم يكن له شريكٌ في الملك، ولم يكن له وليٌّ من الذلِّ وكبِّره تكبيرًا. والصلاة والسلام على من أرسله للعالمين بشيرًا ونذيرًا، نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد،
فقد بعث الله سبحانه وتعالى الأنبياء والمرسلين بعقيدة التوحيد رغم تعدُّد شرائعهم، فما من نبيٍّ ولا رسولٍ إلا وقد بُعث مقرِّرًا لمبدأ الوحدانية لله سبحانه وإفراده بالعبودية، ونبذِ جميع ظواهر الشرك وبواطنه، ليحرِّر الناس من شِراك التبعيَّة لغير الله، والخضوع لما سواه، فيؤمنوا بوحدانيَّته خالقًا ومدبِّرًا للكون كافَّةً.


وباعتباره نقيض التوحيد وناقضه، فقد كان لمفهوم الشرك الحظ الأوفر من التفصيل والبيان في صفحات الذكر الحكيم، بخطابٍ قرآنيٍّ بليغٍ يتجاوز صورته النمطية المقتصرة على عبادة الأصنام، ليشمل كل صور التعلُّق بغير الله وإشراك ما سواه، والتحذير من مغبَّةِ ذلك وسوء عقباه.

 

وقد سار سلفنا الصالح – رضوان الله عليهم – من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، على نهج معلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير مواضع الذكر الحكيم المشتملة على مفهوم الشرك، فتركوا لنا إرثًا عقائديًّا ثمينًا، ونهجًا توحيديًّا راسخًا، يصف هويَّة المسلم الموحِّد لربِّه، الحنيف عن ما سواه.

 

أقوم في هذه القراءة التفسيرية بالوقوف على تعريف الشرك لغةً واصطلاحًا، ومن ثم استعراض أساليب الذكر الحكيم في تناول مفهوم الشرك، وسرد بعضٍ من مرويات السلف الصالح في تفسير مواضعه، سائلًا المولى التوفيق والسداد.

 

تعريف الشرك:

أصله من "الشِّرْكة"، وهو أن يكون الشيءُ بين اثنين لا ينفردُ به أحدهما. ويقال: "شاركتُ فلانًا في الشيء"، إذا صِرْتَ شريكه. و"أشركْتُ فلانًا"، إذا جعلتَه شريكًا لك. قال اللّه جلَّ ثناؤُه في قِصَّة موسى: ﴿ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾. ويقال فى الدُّعاء: "اللهم أشرِكْنا في دعاء المؤمنين"، أي اجعلنا لهم شركاءَ في ذلك. و"شَرِكتُ الرَّجُلَ فى الأمرِ" أشْرَكُه[1].

 

والشِّرْكَةُ والْمُشَارَكَةُ: خلط الملكين، وقيل: هو أن يوجد شيء لاثنين فصاعدًا، عينًا كان ذلك الشيء أو معنى، كمُشاركة الإنسان والفرس في الحيوانيَّة، ومُشاركة فرس وفرس في الكُمتة والدُهمة[2]، يقال: شَرَكْتُهُ، وشَارَكْتُهُ، وتَشَارَكُوا، واشْتَرَكُوا، وأَشْرَكْتُهُ في كذا.

 

وشِرْكُ الإنسان في الدِّين ضربان:

أحدهما: الشِّرْكُ العظيم، وهو إثبات شريك لله تعالى. يقال: أَشْرَكَ فلانٌ بالله، وذلك أعظم كفر. قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدِ افتَرى إِثمًا عَظيمًا ﴾ [النساء: 48].

 

والثاني: الشِّرْكُ الصَّغير، وهو مراعاة غير الله معه في بعض الأمور، وهو الرِّياء والنِّفاق المشار إليه بقوله تعالى: ﴿ وَما يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللَّهِ إِلّا وَهُم مُشرِكونَ ﴾ [يوسف: 106].

 

ولفظ الشِّرْكِ من الألفاظ المشتركة، وقوله تعالى: ﴿ قُل إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثلُكُم يوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، محمول على الشِّركين[3].

 

وهو يجتمع مع لفظ الكُفر في المعنى، إلا أن الكفر أعم، لدلاته إجمالًا على جحد الحق وستره، فكل مشركٍ كافرٌ بالضرورة، لأنه جاحدٌ لحق التوحيد بعبادته غير الله معه، وليس كل كافرٍ مشركٌ، إذا كان لا يعبد مع الله غيره. قال الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله: "كل شركٍ يسمى كفرًا، وكل كفرٍ أكبرٍ يسمى شركًا".

 

وقد تناول الذكر الحكيم مفهوم الشرك بخمسة أساليب، مفصَّلة على النحو التالي:

 

بيان سوء عاقبته:
فبيَّن أنه الكفر الذي لا يغفره الله لمن مات عليه، وهو الإثم العظيم، والضلال البعيد، قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدِ افتَرى إِثمًا عَظيمًا ﴾ [النساء: 48]، وفي موضع آخر من نفس السورة: ﴿ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا بَعيدًا ﴾ [النساء: 116]، والخطاب في مُجمل الموضعين شمل أصناف المتلقِّين كافَّةً ممن قامت عليهم حجة التوحيد، فهو في الموضع الأول موجَّه لأهل الكتاب ممن وجدوا مصداق نبوَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته في كتبهم[4]، فكان شركهم افتراءً لإثمٍ عظيم، وهو في الموضع الآخر موجَّه لمشركي العرب – ومن بعدهم – ممن بُعث فيهم هذا الرسول الكريم يدعوهم لتوحيد الله، فآثروا أصنامهم وما وجدوا عليه آباءهم، فضلوا بذلك ضلالًا بعيدًا. كما بيَّن أن المشركين هم شرار الخلق وأن شركهم هو سبب خلودهم في النار، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَالمُشرِكينَ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدينَ فيها أُولئِكَ هُم شَرُّ البَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 6].

 

وبيَّن أن الشرك هو سبب الذمِّ والخذلان، قال جل جلاله: ﴿ لا تَجعَل مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَتَقعُدَ مَذمومًا مَخذولًا ﴾ [الإسراء: 22]، وأن المشركين هم أشد الناس ظلمًا، وأنهم أهل الخذلان عند قبض الروح، قال عز ذكره: ﴿ فَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَو كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُم نَصيبُهُم مِنَ الكِتابِ حَتّى إِذا جاءَتهُم رُسُلُنا يَتَوَفَّونَهُم قالوا أَينَ ما كُنتُم تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ قالوا ضَلّوا عَنّا وَشَهِدوا عَلى أَنفُسِهِم أَنَّهُم كانوا كافِرينَ ﴾ [الأعراف: 37]، ووصف خذلانهم وفتنتهم عند الحشر، قال تعالى شأنه: ﴿ وَيَومَ نَحشُرُهُم جَميعًا ثُمَّ نَقولُ لِلَّذينَ أَشرَكوا أَينَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذينَ كُنتُم تَزعُمونَ * ثُمَّ لَم تَكُن فِتنَتُهُم إِلّا أَن قالوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشرِكينَ * انظُر كَيفَ كَذَبوا عَلى أَنفُسِهِم وَضَلَّ عَنهُم ما كانوا يَفتَرونَ ﴾ [الأنعام: 22-24]. وقد تعددت تفسيرات السلف في تأويل فتنة المشركين في المحشر، فقال ابن عباس وقتادة: "معذرتهم، والفتنة التجربة، فلما كان سؤالهم تجربة لإظهار ما في قلوبهم قيل فتنة." وقال الزجَّاج: "في قوله: ﴿ ثم لم تكن فتنتهم ﴾ معنى لطيف، وذلك مثل الرجل يفتتن بمحبوب ثم يصيبه فيه محنة، فيتبرأ من محبوبه، فيقال: لم تكن فتنت إلا هذا، كذلك الكفار فتنوا بمحبة الأصنام ولما رأوا العذاب تبرأوا منها"[5].

 

ومنه أيضًا قوله جل جلاله: ﴿ وَيَومَ نَحشُرُهُم جَميعًا ثُمَّ نَقولُ لِلَّذينَ أَشرَكوا مَكانَكُم أَنتُم وَشُرَكاؤُكُم فَزَيَّلنا بَينَهُم وَقالَ شُرَكاؤُهُم ما كُنتُم إِيّانا تَعبُدونَ ﴾ [يونس: 28]، فبيَّن فرقتهم قلبًا وبدنًا، وتقطُّع ما كان بينهم من المحبة والصلة، فتبرَّأ شركاؤهم منهم، حتى نزَّهوا الله سبحانه – يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم – أن يكون له شريك.

 

بل بيَّن أن الشيطان يتبرأ من شركهم، بعد أن فتنهم في الدنيا وأضلَّ بعضهم ببعض، قال تعالى شأنه: ﴿ وَقالَ الشَّيطانُ لَمّا قُضِيَ الأَمرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُم فَأَخلَفتُكُم وَما كانَ لِيَ عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لي فَلا تَلوموني وَلوموا أَنفُسَكُم ما أَنا بِمُصرِخِكُم وَما أَنتُم بِمُصرِخِيَّ إِنّي كَفَرتُ بِما أَشرَكتُمونِ مِن قَبلُ إِنَّ الظّالِمينَ لَهُم عَذابٌ أَليمٌ ﴾ [إبراهيم: 22]، وتبرؤ الشيطان منهم هو أشد صور الخذلان وأفظعها، فهو يخبرهم بأن وعده إنما هو وعد إخلاف، وهو ليس بذي سلطان[6]، وفتنته ما هي إلا "دعوة"، دعاهم بها فاستجابوا! وإن كان هذا حالهم في الآخرة، فحال من قرأ هذه الآيات في الدنيا ولم يتعظ فيُكذِّب وعد الشيطان أشدُّ خذلانًا.

 

وقد بيَّن الذكر الحكيم في مواضع أخرى التسلسل المنطقي الذي يغوي به الشياطين أولياءهم من البشر ليصلوا بهم إلى هاوية الشرك، قال تعالى شأنه: ﴿ وَلا تَأكُلوا مِمّا لَم يُذكَرِ اسمُ اللَّهِ عَلَيهِ وَإِنَّهُ لَفِسقٌ وَإِنَّ الشَّياطينَ لَيوحونَ إِلى أَولِيائِهِم لِيُجادِلوكُم وَإِن أَطَعتُموهُم إِنَّكُم لَمُشرِكونَ ﴾ [الأنعام: 121]، فبعد أن نهى سبحانه عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه – من ميتة أو ما أهل به لغير الله – حذَّر من إغواء الشياطين الذين يوحون إلى أوليائهم من المشركين لجدال المؤمنين، ومن ذلك ما رُوي في سبب نزول هذه الآية من قول المشركين: "يا محمد أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟" فقال: "الله قتلها"، قالوا: "أفتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتله الكلب والصقر حلال، وما قتله الله حرام؟" فكانت طاعتهم في قولهم هذا سببًا للشرك. قال الزجَّاج في تعميم هذه القاعدة القرآنية: "وفيه دليل على أن من أحل شيئًا مما حرم الله أو حرم ما أحل الله فهو مشرك"[7].

 

وهذا يدل على أن الحُجَّة وإن كانت منطقية، إلا أن مخالفتها لأمر الله كفيلٌ بجعل اتِّباعها شركًا مخرجًا من الملة، وأن صاحبها إنما هو وليٌّ للشيطان ناطقٌ بمنطقه.

 

ومن ذلك أيضًا قوله سبحانه تعالى مخبرًا عن وعد الشيطان ومحذِّرًا من تسلسله في إغواء أوليائه: ﴿ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 119]، فالبداية من الإضلال وهو تزيين الغواية. ثم ما يجعل في نفوس أوليائه من الأماني، قيل: "أمنينهم ركوب الأهواء"، وقيل: "أمنينهم أن لا جنة ولا نار ولا بعث"، وقيل: "أمنينهم إدراك الآخرة مع ركوب المعاصي"، ثم ما يأمرهم به من عقائد[8] تخالف شرع الله، ثم ما يأمرهم به من تغيير خلق الله، وهو كما قال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن ومجاهد وسعيد بن المسيب والضحاك: "يعني دين الله"[9].

 

ودلَّل النص القرآني في مواضع عدة على أن الشرك هو سبب حبوط العمل، هذا إن فُرض وقُدِّر في حق الأنبياء – وحاشاهم أن يكون منهم رضوان الله عليهم – وهو في حق من دونهم آكد. قال تعالى في سياق ذكره عددًا من أنبيائه ورسله: ﴿ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهدي بِهِ مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَلَو أَشرَكوا لَحَبِطَ عَنهُم ما كانوا يَعمَلونَ ﴾ [الأنعام: 88]، ومثله قوله تعالى خطابًا لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَقَد أوحِيَ إِلَيكَ وَإِلَى الَّذينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ ﴾ [الزمر: 65]، فبيَّن أنه متقرر في نبوَّة كل نبيٍّ، ورسالة كل رسولٍ، أن الشرك محبط لجميع العمل.

 

أما عن سوء عاقبته الدنيوية فقد ساقت صفحات الذكر الحكيم كثيرًا من الشواهد الدالَّة عليها، فبيَّنت أن المشركين هم أهل الرعب في الدنيا عند مواجهة أهل الحق، قال تعالى شأنه: ﴿ سَنُلقي في قُلوبِ الَّذينَ كَفَرُوا الرُّعبَ بِما أَشرَكوا بِاللَّهِ ما لَم يُنَزِّل بِهِ سُلطانًا وَمَأواهُمُ النّارُ وَبِئسَ مَثوَى الظّالِمينَ ﴾ [آل عمران: 151][10].

 

وبيَّنت أن الشرك هو سبب الجوع والخوف بعد الأمن والاطمئنان، قال جل جلاله واصفًا حال مكة حين جحد أهلها نعمة ربهم وأشركوا به: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَريَةً كانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتيها رِزقُها رَغَدًا مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ ﴾ [النحل: 112].

 

كما دلَّلَت على سفاهة المشركين وطاعتهم العمياء لشركائهم في كل ما يزينوه لهم، مهما بلغت فظاعته وغرابته، قال جل جلاله: ﴿ وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثيرٍ مِنَ المُشرِكينَ قَتلَ أَولادِهِم شُرَكاؤُهُم لِيُردوهُم وَلِيَلبِسوا عَلَيهِم دينَهُم وَلَو شاءَ اللَّهُ ما فَعَلوهُ فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ ﴾ [الأنعام: 137]، قال مجاهد: "شركاؤهم، أي: شياطينهم، زينوا وحسنوا لهم وأد البنات خيفة العيلة، فسميت الشياطين شركاء لأنهم أطاعوهم في معصية الله، وأضيف الشركاء إليهم لأنهم اتخذوها". وقال الكلبي: "شركاؤهم: سدنة آلهتهم الذين كانوا يزينون للكفار قتل الأولاد، فكان الرجل منهم يحلف لئن ولد له كذا غلاما لينحرن أحدهم كما حلف عبد المطلب على ابنه عبد الله"[11].


ولعلَّ من أحكم الصور القرآنية وأبلغها وصفًا للشرك وما يلحق صاحبه من سوء العاقبة في الدارين، قوله سبحانه وتعالى في سياق نهيه عن الشرك:
﴿ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيرَ مُشرِكينَ بِهِ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ أَو تَهوي بِهِ الرّيحُ في مَكانٍ سَحيقٍ ﴾ [الحج: 31]، فشبَّه بُعد من أشرك عن الحق كبُعد من سقط من السماء فذهبت به الطير، أو هَوَت به الريح، فلا يصل إليه بحال. وقيل: "شبَّه حال المشرك بحال الهاوي من السماء في أنه لا يملك لنفسه حيلة حتى يقع بحيث تسقطه الريح، فهو هالك لا محالة، إما باستلاب الطير لحمه، وإما بسقوطه إلى المكان السحيق"، وقال الحسن: "شبه أعمال الكفار بهذه الحال في أنها تذهب وتبطل، فلا يقدرون على شيء منها"[12]، وقال قتادة: "هذا مثل ضربه الله لمن أشرك بالله في بُعده من الهدى وهلاكه"[13].

 

تحريمه والدعوة إلى البراءة منه:
حيث أورد الذكر الحكيم في مواضع عديدة تحريم الشرك، قال جل جلاله:
﴿ وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذوا إِلهَينِ اثنَينِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيّايَ فَارهَبونِ ﴾ [النحل: 51]، فنسب الأمر فيه لذاته سبحانه وتعالى، ناهيًا عن اتخاذ شريكٍ له، وآمرًا بتوحيده ورهبته وحده لا شريك له، فهذا عماد دينه منذ خلق السموات والأرض.

 

وأورد ذلك أمرًا وحكايةً على لسان نبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم، قال سبحانه تعالى: ﴿ قُل يا أَهلَ الكِتابِ تَعالَوا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَينَنا وَبَينَكُم أَلّا نَعبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشرِكَ بِهِ شَيئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعضُنا بَعضًا أَربابًا مِن دونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوا فَقولُوا اشهَدوا بِأَنّا مُسلِمونَ ﴾ [آل عمران: 64]، فدلَّ على أن تحريمه يعُمُّ كل المبلَّغين من أهل الكتاب والمشركين، وأن إظهار البراءة منه واجبٌ على كل مسلم.

 

بل دلَّل على تمام البراءة منه على لسان نبيِّه فجعلها براءتان، الأولى براءة من الشهادة على أن مع الله آلهة أخرى، والثانية براءة مما أشرك المشركون، قال عز شأنه: ﴿ قُل أَيُّ شَيءٍ أَكبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهيدٌ بَيني وَبَينَكُم وَأوحِيَ إِلَيَّ هذَا القُرآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُم لَتَشهَدونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخرى قُل لا أَشهَدُ قُل إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّني بَريءٌ مِمّا تُشرِكونَ ﴾ [الأنعام: 19]، كما دلَّل على تمام البراءة من معبوداتهم ومن دينهم كما في سورة [الكافرون]. ونهى نبيَّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن الاستغفار لهم، قال جل جلاله: ﴿ ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولي قُربى مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحابُ الجَحيمِ ﴾ [التوبة: 113][14].

 

كما أورد البراءة منهم على لسان خليله إبراهيم عليه السلام من قبل، لما تبيَّن له الحق وعرفه، شهد شهادة الحق، وأظهر خلاف قومه أهل الباطل وأهل الشرك بالله، ولم يأخذه في الله لومة لائم، وأخبر أن توجيهه وجهه لعبادته، بإخلاص العبادة له، والاستقامة في ذلك لربه على ما يحب من التوحيد[15]، قال جل جلاله: ﴿ إِنّي وَجَّهتُ وَجهِيَ لِلَّذي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأَرضَ حَنيفًا وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ ﴾ [الأنعام: 79]. ثم أخذ عليه العهد بعدم الشرك – وهو الحنيف المبعوث بالحنيفية – حين أمره بعمارة بيته الحرام: ﴿ وَإِذ بَوَّأنا لِإِبراهيمَ مَكانَ البَيتِ أَن لا تُشرِك بي شَيئًا وَطَهِّر بَيتِيَ لِلطّائِفينَ وَالقائِمينَ وَالرُّكَّعِ السُّجودِ ﴾ [الحج: 26].

 

كما أوردها على لسان كلمته عيسى ابن مريم – عليهما السلام – ردًّا على دعوى النصارى، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذ قالَ اللَّهُ يا عيسَى ابنَ مَريَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتَّخِذوني وَأُمِّيَ إِلهَينِ مِن دونِ اللَّهِ قالَ سُبحانَكَ ما يَكونُ لي أَن أَقولَ ما لَيسَ لي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ ما في نَفسي وَلا أَعلَمُ ما في نَفسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلّامُ الغُيوبِ ﴾ [المائدة: 116]، فبيَّن تنزيهه لربه وبراءته من هذه الدعوى بأتم عبارة وأكمل أدب في خطابه مع الله.

 

وأوردها كذلك على لسان نبيِّه هود عليه السلام، حيث قال عز وجل مخبرًا عن حواره مع قومه: ﴿ إِن نَقولُ إِلَّا اعتَراكَ بَعضُ آلِهَتِنا بِسوءٍ قالَ إِنّي أُشهِدُ اللَّهَ وَاشهَدوا أَنّي بَريءٌ مِمّا تُشرِكونَ ﴾ [هود: 54]، فأشهد الله ثم أشهدهم على براءته من شركهم.

 

وعلى لسان نبيِّه يوسف عليه السلام في حواره مع صاحبي السجن، قال جل شأنه: ﴿ قالَ لا يَأتيكُما طَعامٌ تُرزَقانِهِ إِلّا نَبَّأتُكُما بِتَأويلِهِ قَبلَ أَن يَأتِيَكُما ذلِكُما مِمّا عَلَّمَني رَبّي إِنّي تَرَكتُ مِلَّةَ قَومٍ لا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُم كافِرونَ * وَاتَّبَعتُ مِلَّةَ آبائي إِبراهيمَ وَإِسحاقَ وَيَعقوبَ ما كانَ لَنا أَن نُشرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيءٍ ذلِكَ مِن فَضلِ اللَّهِ عَلَينا وَعَلَى النّاسِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرونَ ﴾ [يوسف: 37-38]، فأوضح أن الهداية لاتباع الملَّة الحنيفية ونبذ الشرك، إنما هي فضل من الله على أنبيائه وعباده، قلَّ من اهتدى لشكر الله عليه.

 

كما أوردها في سورة الكهف في سياق حوار الرجل المؤمن الموحد لربه الشاكر لأنعمه، حين قال: ﴿ لكِنّا هُوَ اللَّهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا ﴾ [الكهف: 38]، ردًّا على صاحب الجنتين المتمرِّد، المختال بما عنده الكافر بنعمة ربه ولقائه، فبيَّن سوء عاقبته وشدَّة ندمه على ما أشرك بالله، قال جل جلاله: ﴿ وَأُحيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيهِ عَلى ما أَنفَقَ فيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُروشِها وَيَقولُ يا لَيتَني لَم أُشرِك بِرَبّي أَحَدًا ﴾ [الكهف: 42]، قال قتادة: "أي يصفق متلهفًا على ما فاته، فيتمنى هذا الكافر بعد ما أصيب بجنته أنه لم يكن كان أشرك بربه أحدًا، يعني بذلك: هذا الكافر إذا هلك وزالت عنه دنياه وانفرد بعمله، ودَّ أنه لم يكن كفر بالله ولا أشرك به شيئًا"[16]. مع أن سياق الآيات يوضح اعترافه بربوبية ربه، وعدم اتخاذه شريكًا له من صنم أو وثن، ولكنه أشرك به نفسه، واغتر بما عنده على من هو دونه، وظن أن ما عنده لن يزول أبدًا، فكانت عاقبته الحسرة والخسران.

 

وأوردها أيضًا حكاية عن الجن، الذين ما فتئوا أن سمعوا قرآن ربهم حتى آمنوا به وأعلنوا براءتهم من الشرك، قال عز شأنه: ﴿ قُل أوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ فَقالوا إِنّا سَمِعنا قُرآنًا عَجَبًا * يَهدي إِلَى الرُّشدِ فَآمَنّا بِهِ وَلَن نُشرِكَ بِرَبِّنا أَحَدًا ﴾ [الجن: 1-2][17].

 

وحكى تحريم الشرك والنهي عنه على لسان لقمان الحكيم في سياق وعظه لابنه، قال جل ذكره: ﴿ وَإِذ قالَ لُقمانُ لِابنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشرِك بِاللَّهِ إِنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عَظيمٌ ﴾ [لقمان: 13][18].

 

كما أورد الذكر الحكيم تحريم الشرك في سياق ذكره عددًا من المحرمات، كما في قوله تعالى: ﴿ قُل إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَالإِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقِّ وَأَن تُشرِكوا بِاللَّهِ ما لَم يُنَزِّل بِهِ سُلطانًا وَأَن تَقولوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ ﴾ [الأعراف: 33]، وقوله جل شأنه: ﴿ قُل تَعالَوا أَتلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلّا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ ﴾ [الأنعام: 151].

نفيه عن أهل التوحيد:
حيث أورد الذكر الحكيم نفي الشرك عن أهل التوحيد كافَّةً، من الأنبياء والمرسلين ومن سار على نهجهم الحنيف إلى يوم الدين، قال عز شأنه ردًّا على أهل الكتاب ممن ادَّعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد منهم أن يعبدوه:
﴿ ما كانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤتِيَهُ اللَّهُ الكِتابَ وَالحُكمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقولَ لِلنّاسِ كونوا عِبادًا لي مِن دونِ اللَّهِ وَلكِن كونوا رَبّانِيّينَ بِما كُنتُم تُعَلِّمونَ الكِتابَ وَبِما كُنتُم تَدرُسونَ ﴾ [آل عمران: 79]، فنفى بذلك شبهة الشرك عن أنبيائه ورسوله رضوان الله عليهم جميعًا.

 

وكان أمره لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة [الإخلاص] جامعًا لمعانِ التوحيد لله سبحانه وتعالى، نافيًا لأسباب الشرك به. وقال جل جلاله مخاطبًا نبيَّه: ﴿ قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ * لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ ﴾ [الأنعام: 162-163]. وقال نافيًا شبهة الشرك عن نبيِّه ومُعلِّمًا إياه منطق الحوار مع المشركين: ﴿ قُل إِنّي أُمِرتُ أَن أَعبُدَ اللَّهَ مُخلِصًا لَهُ الدّينَ * وَأُمِرتُ لِأَن أَكونَ أَوَّلَ المُسلِمينَ * قُل إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعبُدُ مُخلِصًا لَهُ ديني * فَاعبُدوا ما شِئتُم مِن دونِهِ قُل إِنَّ الخاسِرينَ الَّذينَ خَسِروا أَنفُسَهُم وَأَهليهِم يَومَ القِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبينُ ﴾ [الزمر: 11-15].

 

وقال عز وجل في سياق الرد على دعوى اليهود والنصارى واصفًا خليله إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَقالوا كونوا هودًا أَو نَصارى تَهتَدوا قُل بَل مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ ﴾ [البقرة: 135]، وقال تعالى شأنه: ﴿ ما كانَ إِبراهيمُ يَهودِيًّا وَلا نَصرانِيًّا وَلكِن كانَ حَنيفًا مُسلِمًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ ﴾ [آل عمران: 67]، وقال سبحانه وتعالى في موضع آخر من نفس السورة آمرًا نبيَّه: ﴿ قُل صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعوا مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ ﴾ [آل عمران: 95]. فبرَّأ خليله من اليهود والنصارى الذين ادَّعوا أنه على دينهم، مع كونه مبعوثًا قبلهم، ومن المشركين الذي اتخذوا مع الله آلهةً، فجعله "حنيفًا" متَّبعًا أمر الله وطاعته، مستقيمًا على محجَّة الهدى التي أمر بلزومها، و"مسلمًا" خاشعًا لله بقلبه، متذللًا له بجوارحه، مذعنًا لما فَرَض عليه وألزمه من أحكامه[19].

 

كما دلَّل الذكر الحكيم على نفي الشرك عن المؤمنين عامَّةً، قال عز وجل: ﴿ وَالَّذينَ هُم بِرَبِّهِم لا يُشرِكونَ ﴾ [المؤمنون: 59]، فكان ذلك سمةً مميزةً وملازمةً لهم حال إيمانهم، وكانوا بذلك أهلًا للأمن والهداية في الدنيا والآخرة ما لم يخالط إيمانهم شرك، قال عز شأنه: ﴿ الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ ﴾ [الأنعام: 82]، والظلم في هذه الآية هو الشرك، كما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "لما نزلت هذه الآية: ﴿ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ﴾، شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس كما تظنون؛ إنما هو كما قال لقمان لابنه: ﴿ يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ﴾"[20].

 

وقال سبحانه وتعالى في سياق تعداده لصفات عباده المؤمنين الموحِّدين: ﴿ وَالَّذينَ لا يَدعونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ وَلا يَقتُلونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ وَلا يَزنونَ وَمَن يَفعَل ذلِكَ يَلقَ أَثامًا ﴾ [الفرقان: 68]، فهم يعبدونه وحده لا شريك له، مقبلين عليه حنفاء عن ما سواه، ملتزمين ما أمرهم به، منتهين عن ما نهاهم عنه.

 

كما وعد أهل الإيمان بالاستخلاف والتمكين، والأمن بعد الخوف، ووصفهم بأنهم عابدون له وحده لا يشركون به شيئًا، قال جل جلاله: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ ﴾ [النور: 55].

البرهان على بطلانه:
حيث برهنت صفحات الذكر الحكيم على بُطلان الشرك وخواء دعواه، بأسلوبٍ حواريٍّ بليغ، ينقض منطق المشركين من أساسه، فبيَّنت فساد احتجاجهم بالقضاء والقدر على ما هم فيه من الشرك وتحريم ما أحل الله، قال تعالى شأنه:
﴿ سَيَقولُ الَّذينَ أَشرَكوا لَو شاءَ اللَّهُ ما أَشرَكنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمنا مِن شَيءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم حَتّى ذاقوا بَأسَنا قُل هَل عِندَكُم مِن عِلمٍ فَتُخرِجوهُ لَنا إِن تَتَّبِعونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِن أَنتُم إِلّا تَخرُصونَ ﴾ [الأنعام: 148]، ودعواهم هذه باطلة لا زالت تتواصى بها قرون المكذوبين إلى يوم الدين، ولو كانت صحيحة لما كانوا أهلًا للعذاب، إنَّما هي دعوى الظن والخرص[21]. ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿ أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي السَّماواتِ وَمَن فِي الأَرضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذينَ يَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِن يَتَّبِعونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِن هُم إِلّا يَخرُصونَ ﴾ [يونس: 66].

 

وحَكَت في مواضع عديدة دَيْدَن المشركين عند البلاء، من رجوعهم إلى توحيد ربهم ودعائه وحده لا شريك له، وأنه ما إن ينكشف البلاء حتى يعودوا إلى ما كانوا عليه من الشرك والضلال، قال عز وجل: ﴿ فَإِذا رَكِبوا فِي الفُلكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ فَلَمّا نَجّاهُم إِلَى البَرِّ إِذا هُم يُشرِكونَ ﴾ [العنكبوت: 65]، فالمشرك ليس منكرًا لربوبية ربه بالكلية، بل هو عارفٌ لها مقرٌّ بها في قرارة نفسه. قال عكرمة: "كان أهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام، فإذا اشتدت بهم الريح ألقوها في البحر وقالوا يا رب يا رب."[22] ، وقال قتادة: "فالخلق كلهم يقرون لله أنه ربهم، ثم يشركون بعد ذلك"[23] [24].

 

كما بيَّنت أن ذلك حادثٌ عند النعمة أيضًا، قال جل ذكره: ﴿ هُوَ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنها زَوجَها لِيَسكُنَ إِلَيها فَلَمّا تَغَشّاها حَمَلَت حَملًا خَفيفًا فَمَرَّت بِهِ فَلَمّا أَثقَلَت دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِن آتَيتَنا صالِحًا لَنَكونَنَّ مِنَ الشّاكِرينَ * فَلَمّا آتاهُما صالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمّا يُشرِكونَ ﴾ [الأعراف: 189-190].

 

وقد حاور النص القرآني المشركين ببيان فساد منطق تعدد الآلهة، قال عز وجل: ﴿ لَو كانَ فيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبحانَ اللَّهِ رَبِّ العَرشِ عَمّا يَصِفونَ ﴾ [الأنبياء: 22]، وقال جل شأنه: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِن إِلهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعضُهُم عَلى بَعضٍ سُبحانَ اللَّهِ عَمّا يَصِفونَ ﴾ [المؤمنون: 91]، فبيَّن أن انتظام السماوات والأرض وما بينهما لا يتم بوجود أربابٍ متفرقين يخلق كل منهم ما يشاء، ويعلو بعضهم على بعض. فدلَّ ذلك على انفراد الله سبحانه وتعالى بالألوهية، وتفرُّده بالخلق والأمر.

 

كما حاورهم في مواضع عديدة ببيان ذلَّة شركائهم وانعدام نفعهم، قال سبحانه وتعالى: ﴿ أَلَهُم أَرجُلٌ يَمشونَ بِها أَم لَهُم أَيدٍ يَبطِشونَ بِها أَم لَهُم أَعيُنٌ يُبصِرونَ بِها أَم لَهُم آذانٌ يَسمَعونَ بِها قُلِ ادعوا شُرَكاءَكُم ثُمَّ كيدونِ فَلا تُنظِرونِ ﴾ [الأعراف: 195]، وقال عز ذكره: ﴿ قُل هَل مِن شُرَكائِكُم مَن يَبدَأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبدَأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعيدُهُ فَأَنّى تُؤفَكونَ * قُل هَل مِن شُرَكائِكُم مَن يَهدي إِلَى الحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهدي لِلحَقِّ أَفَمَن يَهدي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لا يَهِدّي إِلّا أَن يُهدى فَما لَكُم كَيفَ تَحكُمونَ ﴾ [يونس: 34-35]، فبيَّن أن هذه الآلهة لا تحمل من الأوصاف الموجبة لعبادتها شيئًا، بل هي متصفة بكل ما يوجب تسفيهها وتحقيرها، كما أنها عاجزة عن نصر شركائها تمامًا كعجزها عن نصر نفسها! قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَالَّذينَ تَدعونَ مِن دونِهِ لا يَستَطيعونَ نَصرَكُم وَلا أَنفُسَهُم يَنصُرونَ ﴾ [الأعراف: 197].

ودلَّل على استحالة نفعها واستجابتها لهم بتشبيه عربيٍّ بليغ، قال جل ذكره:
﴿ لَهُ دَعوَةُ الحَقِّ وَالَّذينَ يَدعونَ مِن دونِهِ لا يَستَجيبونَ لَهُم بِشَيءٍ إِلّا كَباسِطِ كَفَّيهِ إِلَى الماءِ لِيَبلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الكافِرينَ إِلّا في ضَلالٍ ﴾ [الرعد: 14]، والعرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلًا بالقابض على الماء[25]، وقال بعضهم:

فإنِّي وإيَّاكُمْ وَشَوْقًا إلَيْكُمُ
كَقَابِضِ مَاءٍ لَمْ تَسِقْهُ أَنَامِلُه[26]

 

قال مجاهد: "معناه كالرجل العطشان الذي يرى الماء من بعيد، فهو يشير بكفه إلى الماء، ويدعوه بلسانه، فلا يأتيه أبدًا". وقال علي وعطاء: "كالعطشان الجالس على شفير البئر، يمد يده إلى البئر فلا يبلغ قعر البئر إلى الماء، ولا يرتفع إليه الماء، فلا ينفعه بسط الكف إلى الماء ودعاؤه له، ولا هو يبلغ فاه، كذلك الذين يدعون الأصنام لا ينفعهم دعاؤها، وهي لا تقدر على شيء". وقال ابن عباس: "كالعطشان إذا بسط كفيه في الماء لا ينفعه ذلك ما لم يغرف بهما الماء، ولا يبلغ الماء فاه ما دام باسطًا كفيه. وهو مثل ضربه لخيبة الكفار". وقال الضحاك عن ابن عباس: "وما دعاء الكافرين ربهم إلا في ضلال، لأن أصواتهم محجوبة عن الله تعالى"[27].

 

وبيَّن شدَّة وهن حالهم مع أوليائهم، قال سبحانه وتعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذينَ اتَّخَذوا مِن دونِ اللَّهِ أَولِياءَ كَمَثَلِ العَنكَبوتِ اتَّخَذَت بَيتًا وَإِنَّ أَوهَنَ البُيوتِ لَبَيتُ العَنكَبوتِ لَو كانوا يَعلَمونَ ﴾ [العنكبوت: 41]، فشبه اتخاذ المشركين أولياء من دون الله، بالعنكبوت في ضعفها، اتخذت بيتًا لا يغني عنها شيئًا، وهو أضعف البيوت وأوهنها.

كما ضرب للمشركين مثلًا بديهيًّا من أنفسهم يبرهن على سفاهة دعواهم، قال جل جلاله: ﴿ ضَرَبَ لَكُم مَثَلًا مِن أَنفُسِكُم هَل لَكُم مِن ما مَلَكَت أَيمانُكُم مِن شُرَكاءَ في ما رَزَقناكُم فَأَنتُم فيهِ سَواءٌ تَخافونَهُم كَخيفَتِكُم أَنفُسَكُم كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعقِلونَ ﴾ [الروم: 28]، فأنكر عليهم بمنطقهم الذي لا يرضوه لأنفسهم من مشاركة مماليكهم لهم في ما رزقهم، وخوفهم أن يرثوهم بعد موتهم، وهذا وإن كان لا يُقبل وهم ليسوا لهم بخالقين ولا رازقين، بل هم عبيد مثلهم، فكيف يرضون لله شريكًا وهو خالق كل شيء وحده لا شريك له! ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَل يَستَوِيانِ مَثَلًا الحَمدُ لِلَّهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمونَ ﴾ [الزمر: 29]، فشبَّه المشرك بالعبد المملوك لأسيادٍ كُثر، فلا هم يتفقون بينهم على مطلب، ولا هو يرتاح بتلبية مطالبهم، وأنه لا يستوي ومن عرف مطلب سيده الواحد فأدَّاه واطمأن.

 

وقد دلَّل النص القرآني الكريم على انفراد الله بالخلق، وعجز من سواه التام عن ذلك، فدعا الناس كافة للاستماع لحال ما جُعل له نِدًّا، ليكون هذا النداء بصيرةً للمؤمنين، وحجَّةً على الكافرين، قال جل شأنه: ﴿ يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعوا لَهُ إِنَّ الَّذينَ تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ لَن يَخلُقوا ذُبابًا وَلَوِ اجتَمَعوا لَهُ وَإِن يَسلُبهُمُ الذُّبابُ شَيئًا لا يَستَنقِذوهُ مِنهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَالمَطلوبُ ﴾ [الحج: 73]، فبيَّن عجز من يدعون من دونه على خلق أحقر مخلوق وأقله وهو الذباب[28]، بل وعجزهم عن استرداد ما أخذه منهم، قال ابن عباس: "كانوا يطلون الأصنام بالزعفران، فإذا جف جاء الذباب فاستلب منه". وقال السدي: "كانوا يضعون الطعام بين يدي الأصنام فتقع الذباب عليه فيأكلن منه". وقال ابن زيد: "كانوا يحلون الأصنام باليواقيت واللآلئ وأنواع الجواهر، ويطيبونها بألوان الطيب، فربما تسقط منها واحدة فيأخذها طائر أو ذباب فلا تقدر الآلهة على استردادها"[29].

 

كما دلَّل على انفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق والرزق، والإحياء بعد الموت، وقرَّع المشركين بعجز شركائهم عن فعل أيٍّ من ذلك، أو حتى ما دون ذلك من ضرٍ أو نفع، قال جل جلاله: ﴿ اللَّهُ الَّذي خَلَقَكُم ثُمَّ رَزَقَكُم ثُمَّ يُميتُكُم ثُمَّ يُحييكُم هَل مِن شُرَكائِكُم مَن يَفعَلُ مِن ذلِكُم مِن شَيءٍ سُبحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ ﴾ [الروم: 40][30].

 

وصف المشركين ومعاملتهم:

حيث عدَّد الذكر الحكيم صفات المشركين في سياق مناقشته لمفهوم الشرك، ليعرفها المؤمن فيَحذر، ويذكر نعمة ربه أن هداه للإيمان الخالص، ويعرفها المشرك فينزجر، ويعود إلى توحيد ربه وحده لا شريك له.

 

فوصف إعراضهم عن آيات الله الكونية رغم إيمانهم بربوبيته، قال جل ذكره: ﴿ وَكَأَيِّن مِن آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ يَمُرّونَ عَلَيها وَهُم عَنها مُعرِضونَ * وَما يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللَّهِ إِلّا وَهُم مُشرِكونَ ﴾ [يوسف: 105-106]، فهم يشركون في ألوهيته سبحانه وتعالى. قال مجاهد: "إيمانهم قولهم: الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا.، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره". وقال قتادة: "لا تسأل أحدًا من المشركين: من ربك؟ إلا قال: ربي الله! وهو يشرك في ذلك". وقال ابن زيد: "ليس أحد يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله، ويعرف أن الله ربه، وأن الله خالقه ورازقه، وهو يشرك به. ألا ترى كيف قال إبراهيم: ﴿ أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ﴾؟ قد عرف أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون. قال: فليس أحد يشرك به إلا وهو مؤمن به. ألا ترى كيف كانت العرب تلبي، تقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك"؟ المشركون كانوا يقولون هذا"[31].

 

ووصف كل مشرك رغب عن ملَّة التوحيد – ملَّة إبراهيم الحنيف – بسفاهة النفس، قال عز وجل: ﴿ وَمَن يَرغَبُ عَن مِلَّةِ إِبراهيمَ إِلّا مَن سَفِهَ نَفسَهُ وَلَقَدِ اصطَفَيناهُ فِي الدُّنيا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحينَ ﴾ [البقرة: 130]، قال ابن عباس: "﴿ إلا من سفه نفسه ﴾ من خسر نفسه"، وقال الكلبي: "ضلَّ من قبل نفسه"، وقال أبو عبيدة: "أهلك نفسه"، وقال ابن كيسان والزجاج: "معناه جهل نفسه، والسفاهة: الجهل وضعف الرأي، وكل سفيه جاهل، وذلك أن من عبد غير الله فقد جهل نفسه، لأنه لم يعرف أن الله خلقها"[32].

 

ووصف فساد عقول المشركين وسقم آرائهم باختيارهم الشرك، وتركِهم الدين الخالص، قال سبحانه وتعالى: ﴿ أَلا لِلَّهِ الدّينُ الخالِصُ وَالَّذينَ اتَّخَذوا مِن دونِهِ أَولِياءَ ما نَعبُدُهُم إِلّا لِيُقَرِّبونا إِلَى اللَّهِ زُلفى إِنَّ اللَّهَ يَحكُمُ بَينَهُم في ما هُم فيهِ يَختَلِفونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهدي مَن هُوَ كاذِبٌ كَفّارٌ ﴾ [الزمر: 3]، فهو سبحانه لا يقبل من الدين إلا ما كان خالصًا له لا تشوبه شائبة من شرك أو رياء، ولكن المشركين اتخذوا من دونه أوثانًا أولياءً مظنَّة شفاعتهم لهم عند الله، مع علمهم بأنها لا تملك من الأمر شيئًا، فاستحقوا الضلالة بكذبهم وكفرهم وكانوا أضلَّ الناس، كما وصفهم عز ذكره: ﴿ وَمَن أَضَلُّ مِمَّن يَدعو مِن دونِ اللَّهِ مَن لا يَستَجيبُ لَهُ إِلى يَومِ القِيامَةِ وَهُم عَن دُعائِهِم غافِلونَ ﴾ [الأحقاف: 5]، وهم يحسبون أنهم على الهداية، قال جل جلاله: ﴿ فَريقًا هَدى وَفَريقًا حَقَّ عَلَيهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطينَ أَولِياءَ مِن دونِ اللَّهِ وَيَحسَبونَ أَنَّهُم مُهتَدونَ ﴾ [الأعراف: 30].

 

كما عيَّرَهم باتخاذهم الهوى إلهً من دون الله، قال عز وجل مخاطبًا نبيَّه: ﴿ أَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنتَ تَكونُ عَلَيهِ وَكيلًا ﴾ [الفرقان: 43]، فكان الرجل من المشركين يعبد الحجر، فإذا رأى حجرًا آخر أحسن منه رمى به، وأخذ الآخر يعبده، فكان معبوده وإلهه هو ما يتخيَّره لنفسه.


وعاب عليهم مشابهتهم لليهود في شدَّة حرصهم على الحياة وتشبُّثهم بها، قال سبحانه وتعالى:
﴿ وَلَتَجِدَنَّهُم أَحرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا يَوَدُّ أَحَدُهُم لَو يُعَمَّرُ أَلفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحزِحِهِ مِنَ العَذابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصيرٌ بِما يَعمَلونَ ﴾ [البقرة: 96]، قال ابن عباس: "وذلك أن المشرك لا يرجو بعثًا بعد الموت، فهو يحب طول الحياة؛ وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي، بما ضيَّع مما عنده من العلم"[33].

 

وقد حذَّرت آيات الذكر الحكيم في مواضع عدَّة من شدَّة كرههم للمؤمنين، فوصفت حسدهم وضيق صدورهم بكل خير ينزل بأهل الإيمان، مشابهين بذلك كَفَرَة أهل الكتاب، قال جل جلاله: ﴿ ما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَلَا المُشرِكينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيكُم مِن خَيرٍ مِن رَبِّكُم وَاللَّهُ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ ﴾ [البقرة: 105]، فالله سبحانه وتعالى يختص برحمته من يشاء من عباده، فيهدي من يشاء، ويرزق من يشاء، ويعز من يشاء، وما من خير نازل بعباده إلا وهو فضل منه أنزله بغير استحقاق منهم.

 

ودلَّلت على كثرة إيذائهم – ومن سبقهم من أهل الكتاب – للمؤمنين في دينهم، قال سبحانه وتعالى واصفًا سخريتهم من المؤمنين: ﴿ وَإِذا مَرّوا بِهِم يَتَغامَزونَ ﴾ [المطففين: 30]، وقال عز شأنه محذِّرًا عباده المؤمنين من أذاهم: ﴿ لَتُبلَوُنَّ في أَموالِكُم وَأَنفُسِكُم وَلَتَسمَعُنَّ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا أَذًى كَثيرًا وَإِن تَصبِروا وَتَتَّقوا فَإِنَّ ذلِكَ مِن عَزمِ الأُمورِ ﴾ [آل عمران: 186]، وأرشدهم في مقابل ذلك للصبر والتقوى فجعلها دعائم القوة التي عزم الله عليها وأمر بها[34]،كما أخبر بأن المشركين – ومن وافقهم من اليهود – هم أشد الناس عداءً للمؤمنين، قال جل جلاله مخاطبًا نبيَّه: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النّاسِ عَداوَةً لِلَّذينَ آمَنُوا اليَهودَ وَالَّذينَ أَشرَكوا وَلَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَوَدَّةً لِلَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ قالوا إِنّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنهُم قِسّيسينَ وَرُهبانًا وَأَنَّهُم لا يَستَكبِرونَ ﴾ [المائدة: 82][35].

 

وبيَّن مباعدته بين أهل الإيمان وأهل الشرك بتحريم التناكح بينهم، فهو موطن الخلطة والانجرار إلى النار، رغم ما قد يكون فيه من مصالح وإعجابٍ بحُسنٍ أو عُلو نسب، قال جل جلاله: ﴿ وَلا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حَتّى يُؤمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤمِنَةٌ خَيرٌ مِن مُشرِكَةٍ وَلَو أَعجَبَتكُم وَلا تُنكِحُوا المُشرِكينَ حَتّى يُؤمِنوا وَلَعَبدٌ مُؤمِنٌ خَيرٌ مِن مُشرِكٍ وَلَو أَعجَبَكُم أُولئِكَ يَدعونَ إِلَى النّارِ وَاللَّهُ يَدعو إِلَى الجَنَّةِ وَالمَغفِرَةِ بِإِذنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرونَ ﴾ [البقرة: 221][36] ، وجعل التناكح بينهم وبين الزناة، وحرَّمه على المؤمنين، قال سبحانه وتعالى: ﴿ الزّاني لا يَنكِحُ إِلّا زانِيَةً أَو مُشرِكَةً وَالزّانِيَةُ لا يَنكِحُها إِلّا زانٍ أَو مُشرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى المُؤمِنينَ ﴾ [النور: 3].

 

كما حذَّرت آيات الذكر الحكيم من حُرمة عمارتهم لبيوت الله، قال سبحانه تعالى: ﴿ ما كانَ لِلمُشرِكينَ أَن يَعمُروا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدينَ عَلى أَنفُسِهِم بِالكُفرِ أُولئِكَ حَبِطَت أَعمالُهُم وَفِي النّارِ هُم خالِدونَ ﴾ [التوبة: 17]، وعمارتها لا تقتصر على تشييدها بناءً، بل تمتد لتشمل التعبد فيها طاعة لله، وهو ما لا ينبغي للمشركين بعد أن أضاعوا الإيمان – الذي هو أصل قبول العمل – وشهدوا على أنفسهم بالكفر. قال ابن عباس: "شهادتهم على أنفسهم بالكفر سجودهم للأصنام، وذلك أن كفار قريش كانوا نصبوا أصنامهم خارج البيت الحرام عند القواعد، وكانوا يطوفون بالبيت عراةً، كلما طافوا شوطًا سجدوا لأصنامهم، ولم يزدادوا بذلك من الله تعالى إلا بعدًا"، وقال السدي: "شهادتهم على أنفسهم بالكفر، هو أن النصراني يُسأل من أنت؟ فيقول: أنا نصراني، واليهودي يقول: أنا يهودي، ويقال للمشرك: ما دينك؟ فيقول: مشرك"[37].

 

وحذَّرت من نَجَسهم وحُرمة اقترابهم من بيت الله الحرام، قال جل جلاله: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا المُشرِكونَ نَجَسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرامَ بَعدَ عامِهِم هذا وَإِن خِفتُم عَيلَةً فَسَوفَ يُغنيكُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ إِن شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ حَكيمٌ ﴾ [التوبة: 28]، على اختلافٍ بين أهل التأويل في معنى النَجَس المراد بالآية، مع أن المشركين قد جمعوا بين النجاستين، الحسيَّة والمعنويَّة.


كما دلَّلت على اشمئزازهم القلبي من إفراد الله جل جلاله بالذكر، واستبشارهم بذكر ما دونه مما يعبدون، وذلك لموافقته لأهوائهم. قال جل شأنه:
﴿ وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحدَهُ اشمَأَزَّت قُلوبُ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذينَ مِن دونِهِ إِذا هُم يَستَبشِرونَ ﴾ [الزمر: 45]، قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل: "﴿ وإذا ذكر الله وحده اشمأزت ﴾ انقبضت عن التوحيد". وقال قتادة: "استكبرت. وأصل الاشمئزاز النفور والاستكبار"[38].

 

وبيَّن الذكر الحكيم المنهج القويم في معاملة المشركين، فأمر بقتال من قاتل المسلمين منهم، قال جل جلاله: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم وَقاتِلُوا المُشرِكينَ كافَّةً كَما يُقاتِلونَكُم كافَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقينَ ﴾ [التوبة: 36]، مع نهيه عن الاعتداء، كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَقاتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقاتِلونَكُم وَلا تَعتَدوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ ﴾ [البقرة: 190]، وحضِّه على البر والقسط في حق من لم يقاتل المسلمين منهم، قال عز وجل: ﴿ لا يَنهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذينَ لَم يُقاتِلوكُم فِي الدّينِ وَلَم يُخرِجوكُم مِن دِيارِكُم أَن تَبَرّوهُم وَتُقسِطوا إِلَيهِم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ ﴾ [الممتحنة: 8]، بل وأمر بإجارة من استجار المسلمين منهم لسماع كلام الله، قال جل شأنه: ﴿ وَإِن أَحَدٌ مِنَ المُشرِكينَ استَجارَكَ فَأَجِرهُ حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعلَمونَ ﴾ [التوبة: 6].

 

كما أورد النهي عن سبِّ آلهة المشركين – بعد أن كان مباحًا – منعًا لسبِّهم رب العالمين سبحانه وتعالى، لجهالتهم وعدم معرفتهم بالله، قال تعالى ذكره: ﴿ وَلا تَسُبُّوا الَّذينَ يَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدوًا بِغَيرِ عِلمٍ كَذلِكَ زَيَّنّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُم ثُمَّ إِلى رَبِّهِم مَرجِعُهُم فَيُنَبِّئُهُم بِما كانوا يَعمَلونَ ﴾ [الأنعام: 108]، قال قتادة: "كان المسلمون يسبُّون أصنام الكفار، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك، لئلا يسبوا الله فإنهم قوم جهلة". فظاهر الآية وإن كان نهيًا عن سبِّ الأصنام، فحقيقته النهي عن سبِّ الله لأنه سببٌ لذلك[39].



"اللهم إنا نعوذُ بك من أن نُشرِكَ بك شيئًا نعلَمُه، ونستغفرُك لما لا نعلمُه".



[1] معجم مقاييس اللغة، ابن فارس – أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، دار الجيل، 1420هـ / 1999م، ج3، ص265.

[2] الكُمْتَةُ: السواد يخالطه حُمرة، والدُهْمَة: السواد.

[3] المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني – أبو القاسم الحسين بن محمد، دار القلم، 1412هـ، ص451.

[4] قال جل ذكره: ﴿ لَقَد كَفَرَ الَّذينَ قالوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسيحُ ابنُ مَريَمَ وَقالَ المَسيحُ يا بَني إِسرائيلَ اعبُدُوا اللَّهَ رَبّي وَرَبَّكُم إِنَّهُ مَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأواهُ النّارُ وَما لِلظّالِمينَ مِن أَنصارٍ ﴾ [المائدة: 72].

[5] معالم التنزيل في تفسير القرآن، محيي السنة – أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1417هـ / 1997م، ج3، ص135.

[6] يقول العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيره: "واعلم أن الله ذكر في هذه الآية أنه ليس له سلطان، وقال في آية أخرى ﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [النحل: 100] فالسلطان الذي نفاه عنه هو سلطان الحجة والدليل، فليس له حجة أصلا على ما يدعو إليه، وإنما نهاية ذلك أن يقيم لهم من الشبه والتزيينات ما به يتجرؤون على المعاصي.

وأما السلطان الذي أثبته فهو التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه يؤزهم إلى المعاصي أزا، وهم الذين سلطوه على أنفسهم بموالاته والالتحاق بحزبه، ولهذا ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون".

[7] انظر [5] ج3، ص184.

[8] وهو في هذا الموضع "البتك": وهو قطع أذن البحيرة ليُعلم أنها بحيرة.

و"البحيرة" من الأنعام، من عقائد أهل الجاهلية، أبطلها الإسلام، وذلك أن الشاة أو الناقة تشق أذنها، ثم تترك فلا يمسها أحد.

[9] نظيره قوله تعالى في سورة الروم: ﴿ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 30]، أي: لدين الله. وانظر [5] ج2، ص289.

وانظر للفائدة: مراحل الإضلال الشيطاني (https://www.alukah.net/sharia/0/170528)

[10] يقول العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيره عن السبب الموجب لإلقاء الرعب في قلوبهم: "ذلك بسبب ما اتخذوا من دونه من الأنداد والأصنام، التي اتخذوها على حسب أهوائهم وإرادتهم الفاسدة، من غير حجة ولا برهان، وانقطعوا من ولاية الواحد الرحمن، فمن ثم كان المشرك مرعوبًا من المؤمنين، لا يعتمد على ركن وثيق، وليس له ملجأ عند كل شدَّة وضيق، هذا حاله في الدنيا، وأما في الآخرة فأشد وأعظم".

[11] انظر [5] ج3، ص192-193.

[12] انظر [5] ج5، ص384.

[13] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، أبو جعفر – محمد بن جرير الطبري، دار التربية والتراث، ج18، ص620.

[14] ومن ذلك قوله سبحانه تعالى: ﴿ قُل أَغَيرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَهُوَ يُطعِمُ وَلا يُطعَمُ قُل إِنّي أُمِرتُ أَن أَكونَ أَوَّلَ مَن أَسلَمَ وَلا تَكونَنَّ مِنَ المُشرِكينَ ﴾ [الأنعام: 14]

وقوله تعالى شأنه: ﴿ قُل إِنَّني هَداني رَبّي إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ دينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ ﴾ [الأنعام: 161]

وقوله جل جلاله: ﴿ قُل يا أَيُّهَا النّاسُ إِن كُنتُم في شَكٍّ مِن ديني فَلا أَعبُدُ الَّذينَ تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ وَلكِن أَعبُدُ اللَّهَ الَّذي يَتَوَفّاكُم وَأُمِرتُ أَن أَكونَ مِنَ المُؤمِنينَ * وَأَن أَقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنيفًا وَلا تَكونَنَّ مِنَ المُشرِكينَ * وَلا تَدعُ مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَنفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظّالِمينَ ﴾ [يونس: 104-106]

وقوله تعالى ذكره: ﴿ قُل هذِهِ سَبيلي أَدعو إِلَى اللَّهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنا وَمَنِ اتَّبَعَني وَسُبحانَ اللَّهِ وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ ﴾ [يوسف: 108]

وقوله عز وجل: ﴿ قُل إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثلُكُم يوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

[15] انظر [13] ج11، ص487.

[16] انظر [13] ج18، ص27.

[17] روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: "انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حِيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأُرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حِيل بيننا وبين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم، وقالوا: يا قومنا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ [الجن: 1-2]، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ﴾ [الجن: 1]، وإنما أوحي إليه قول الجن". أخرجه البخاري (773). وفي زيادة لمسلم (449) في أوله: "ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم".

[18] يقول العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيره: "ووجه كونه عظيما، أنه لا أفظع وأبشع ممن سوى المخلوق من تراب، بمالك الرقاب، وسوى الذي لا يملك من الأمر شيئا، بمن له الأمر كله، وسوى الناقص الفقير من جميع الوجوه، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه، وسوى من لم ينعم بمثقال ذرة من النعم، بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم، ودنياهم وأخراهم، وقلوبهم، وأبدانهم، إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟؟!

وهل أعظم ظلما ممن خلقه الله لعبادته وتوحيده، فذهب بنفسه الشريفة، فجعلها في أخس المراتب، جعلها عابدة لمن لا يسوى شيئا، فظلم نفسه ظلمًا كبيرا".

[19] انظر [13] ج6، ص494.

[20] رواه البخاري (6937).

[21] يقول العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيره: "فعُلِم أنها حجة فاسدة، وشبهة كاسدة، من عدة أوجه:

منها: ما ذكر الله من أنها لو كانت صحيحةً، لم تحل بهم العقوبة.

ومنها: أن الحجة، لا بد أن تكون حجة مستندة إلى العلم والبرهان، فأما إذا كانت مستندة إلى مجرد الظن والخرص، الذي لا يغني من الحق شيئًا، فإنها باطلة، ولهذا قال: ﴿ قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ﴾ [الأنعام: 148] فلو كان لهم علم – وهم خصوم ألداء – لأخرجوه، فلما لم يخرجوه عُلم أنه لا عِلم عندهم.

ومنها: أن الحجة لله البالغة، التي لم تبق لأحد عذرًا، التي اتفقت عليها الأنبياء والمرسلون، والكتب الإلهية، والآثار النبوية، والعقول الصحيحة، والفطر المستقيمة، والأخلاق القويمة، فعُلم بذلك أن كل ما خالف هذه الأدلة القاطعة باطل، لأن نقيض الحق، لا يكون إلا باطلًا.

ومنها: أن الله تعالى أعطى كل مخلوق قدرةً، وإرادةً، يتمكن بها من فعل ما كُلف به، فلا أوجب الله على أحد ما لا يقدر على فعله، ولا حرم على أحد ما لا يتمكن من تركه، فالاحتجاج بعد هذا بالقضاء والقدر، ظلم محض وعناد صرف.

ومنها: أن الله تعالى لم يجبر العباد على أفعالهم، بل جعل أفعالهم تبعًا لاختيارهم، فإن شاءوا فعلوا، وإن شاءوا كفوا. وهذا أمر مشاهد لا ينكره إلا من كابر، وأنكر المحسوسات، فإن كل أحد يفرق بين الحركة الاختيارية والحركة القسرية، وإن كان الجميع داخلًا في مشيئة الله، ومندرجًا تحت إرادته.

ومنها: أن المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر يتناقضون في ذلك. فإنهم لا يمكنهم أن يطردوا ذلك، بل لو أساء إليهم مسيء بضرب أو أخذ مال أو نحو ذلك، واحتج بالقضاء والقدر لما قبلوا منه هذا الاحتجاج، ولغضبوا من ذلك أشد الغضب. فيا عجبًا كيف يحتجون به على معاصي الله ومساخطه. ولا يرضون من أحد أن يحتج به في مقابلة مساخطهم؟

ومنها: أن احتجاجهم بالقضاء والقدر ليس مقصودًا، ويعلمون أنه ليس بحجة، وإنما المقصود منه دفع الحق، ويرون أن الحق بمنزلة الصائل، فهم يدفعونه بكل ما يخطر ببالهم من الكلام وإن كانوا يعتقدونه خطأً".

[22] انظر [5] ج6، ص255.

[23] انظر [13] ج20، ص60.

[24] ومنه قوله جل جلاله: ﴿ قُل أَرَأَيتَكُم إِن أَتاكُم عَذابُ اللَّهِ أَو أَتَتكُمُ السّاعَةُ أَغَيرَ اللَّهِ تَدعونَ إِن كُنتُم صادِقينَ * بَل إِيّاهُ تَدعونَ فَيَكشِفُ ما تَدعونَ إِلَيهِ إِن شاءَ وَتَنسَونَ ما تُشرِكونَ ﴾ [الأنعام: 40-41].
وقوله تعالى ذكره:
﴿ قُل مَن يُنَجّيكُم مِن ظُلُماتِ البَرِّ وَالبَحرِ تَدعونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفيَةً لَئِن أَنجانا مِن هذِهِ لَنَكونَنَّ مِنَ الشّاكِرينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجّيكُم مِنها وَمِن كُلِّ كَربٍ ثُمَّ أَنتُم تُشرِكونَ ﴾ [الأنعام: 63-64].

وقوله عز شأنه:﴿ وَما بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيهِ تَجأَرونَ * ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُم إِذا فَريقٌ مِنكُم بِرَبِّهِم يُشرِكونَ * لِيَكفُروا بِما آتَيناهُم فَتَمَتَّعوا فَسَوفَ تَعلَمونَ ﴾ [النحل: 53-55]
وقوله سبحانه وتعالى:
﴿ وَإِذا مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ دَعَوا رَبَّهُم مُنيبينَ إِلَيهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُم مِنهُ رَحمَةً إِذا فَريقٌ مِنهُم بِرَبِّهِم يُشرِكونَ ﴾ [الروم: 33].

[25] وقالوا في المثل: "كالقابض على الماء"، انظر أمثال الميداني 2 / 80، وجمهرة الأمثال: 164.

[26] من قصيدة ضابئ بن الحارث البرجمي التي قالها في السجن، وكان أعدَّ حديدة يريد أن يغتال بها عثمان بن عفان رضي الله عنه (انظر طبقات فحول الشعراء: 145)، وقوله:" لم تسقه"، من "وسقت الشيء أسقه وسقًا"، إذا حملته.

[27] انظر [5] ج4، ص306.

[28] والذُبَاب: واحد، وجمعه القليل: أَذِبَّةٌ، والكثير: ذِبَّانٌ.

[29] انظر [5] ج5، ص400.

[30] ومنه قوله سبحانه وتعالى: ﴿ قُل أَتَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَملِكُ لَكُم ضَرًّا وَلا نَفعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ ﴾ [المائدة: 76].

وقوله تعالى شأنه: ﴿ أَيُشرِكونَ ما لا يَخلُقُ شَيئًا وَهُم يُخلَقونَ ﴾ [الأعراف: 191].

وقوله عز وجل: ﴿ وَيَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُم وَلا يَنفَعُهُم وَيَقولونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِندَ اللَّهِ قُل أَتُنَبِّئونَ اللَّهَ بِما لا يَعلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الأَرضِ سُبحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ ﴾ [يونس: 18].

وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ أَفَمَن يَخلُقُ كَمَن لا يَخلُقُ أَفَلا تَذَكَّرونَ ﴾ [النحل: 17].

وقوله جل ذكره: ﴿ وَالَّذينَ يَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ لا يَخلُقونَ شَيئًا وَهُم يُخلَقونَ ﴾ [النحل: 20].

وقوله تعالى شأنه: ﴿ وَيَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَملِكُ لَهُم رِزقًا مِنَ السَّماواتِ وَالأَرضِ شَيئًا وَلا يَستَطيعونَ ﴾ [النحل: 73].

وقوله عز وجل: ﴿ وَاتَّخَذوا مِن دونِهِ آلِهَةً لا يَخلُقونَ شَيئًا وَهُم يُخلَقونَ وَلا يَملِكونَ لِأَنفُسِهِم ضَرًّا وَلا نَفعًا وَلا يَملِكونَ مَوتًا وَلا حَياةً وَلا نُشورًا ﴾ [الفرقان: 3].

وقوله جل جلاله: ﴿ قُل أَرَأَيتُم ما تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ أَروني ماذا خَلَقوا مِنَ الأَرضِ أَم لَهُم شِركٌ فِي السَّماواتِ ائتوني بِكِتابٍ مِن قَبلِ هذا أَو أَثارَةٍ مِن عِلمٍ إِن كُنتُم صادِقينَ ﴾ [الأحقاف: 4].

وقوله عز ذكره: ﴿ فَلَولا نَصَرَهُمُ الَّذينَ اتَّخَذوا مِن دونِ اللَّهِ قُربانًا آلِهَةً بَل ضَلّوا عَنهُم وَذلِكَ إِفكُهُم وَما كانوا يَفتَرونَ ﴾ [الأحقاف: 28].

[31] انظر [13] ج16، ص287-289.

[32] انظر [5] ج1، ص152-153.

[33] انظر [13] ج2، ص371.

[34] يقول العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيره: "وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك، عدة فوائد:

منها: أن حكمته تعالى تقتضي ذلك، ليتميز المؤمن الصادق من غيره.

ومنها: أنه تعالى يقدر عليهم هذه الأمور، لما يريده بهم من الخير ليعلي درجاتهم، ويكفر من سيئاتهم، وليزداد بذلك إيمانهم، ويتم به إيقانهم، فإنه إذا أخبرهم بذلك ووقع كما أخبر ﴿قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 22].

ومنها: أنه أخبرهم بذلك لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك، والصبر عليه إذا وقع؛ لأنهم قد استعدوا لوقوعه، فيهون عليهم حمله، وتخف عليهم مؤونته، ويلجؤون إلى الصبر والتقوى، ولهذا قال: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا ﴾ [آل عمران: 120] أي: إن تصبروا على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم، من الابتلاء والامتحان وعلى أذية الظالمين، وتتقوا الله في ذلك الصبر بأن تنووا به وجه الله والتقرب إليه، ولم تتعدوا في صبركم الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال، بل وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله. ﴿ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186] أي: من الأمور التي يعزم عليها، وينافس فيها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية كما قال تعالى: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]".

[35] في قوله تعالى: ﴿ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ﴾ [المائدة: 82] قيل يعني: "وفد النجاشي الذين قدموا مع جعفر وهم السبعون، وكانوا أصحاب الصوامع".

وقال قتادة: "نزلت في ناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى عليه السلام، فلما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم صدقوه وآمنوا به فأثنى الله عز وجل بذلك عليهم. ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ ﴾ [المائدة: 82] أي علماء، قال قطرب: القس والقسيس العالم بلغة الروم، ﴿وَرُهْبَانًا﴾ [المائدة: 82] الرهبان العباد أصحاب الصوامع، واحدهم راهب، مثل فارس وفرسان، وراكب وركبان، وقد يكون واحدا وجمعه رهابين، مثل قربان وقرابين، ﴿ وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82] لا يتعظمون عن الإيمان والإذعان للحق". وانظر [5] ج3، ص87.

[36] والآية منسوخة في حق الكتابيات بقوله تعالى: ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ [المائدة: 5]، قال قتادة وسعيد بن جبير: "أراد بالمشركات الوثنيات، فإن عثمان رضي الله عنه تزوج نائلة بنت فرافصة، وكانت نصرانية فأسلمت تحته، وتزوج طلحة بن عبد الله نصرانية، وتزوج حذيفة يهودية، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: خل سبيلها. فكتب إليه: أتزعم أنها حرام؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن". وانظر [5] ج1، ص255.

[37] انظر [5] ج4، ص20.

[38] انظر [5] ج7، ص123.

[39] انظر [5] ج3، ص176.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة الشرك الأصغر
  • تحريم الشرك بالله تبارك وتعالى
  • بيان خطر الشرك
  • زكاة المصانع والشركات والأسهم
  • منهج شياطين الإنس في الشرك
  • عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
  • الدرس الثامن عشر: الشرك
  • الدرس التاسع عشر: الشرك (2)

مختارات من الشبكة

  • غنى النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مفهوم الرذيلة عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المفهوم السياسي للأيديولوجيا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • ما معنى الفكر ؟(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • مفهوم القرآن الكريم بين الوحي وعلماء القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسالة: فقه الجهاد ومفهومه الخاطئ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أصول الفقه مفهومه وفوائده وأهميته في الدين والحياة(كتاب - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الحرية في الإسلام ومفهومها في الفكر الغربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العالم الإسلامي: مفهوم واحد أم مفاهيم متعددة؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • مختصر بحث: بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي "مفهوم الأمن الفكري أنموذجا"(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/2/1447هـ - الساعة: 11:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب