• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منزلة الأخلاق في الإسلام
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    التحرير في حديث توسل الضرير (WORD)
    إبراهيم الدميجي
  •  
    فوائد من حديث: «ولم يكمل من النساء إلا...»
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    حديث: دخل رمضان فخفت أن أُصيب امرأتي، فظاهرت منها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المرأة (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الصحابة وآل البيت: علاقة نور وإيمان، ورد على أهل ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    استثمار الوقت في الإجازة (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: ماذا يكره الشباب والفتيات؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    الأصول الثلاثة وأدلتها
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإسلام والبيئة (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    من هم الأنام الذين وضع الله عز وجل لهم الأرض؟
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    خطبة: الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة (النت والاختبارات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ما هي المصادر التي يأخذ منها الأصوليون علم أصول ...
    أبو الحسن هشام المحجوبي و أبو مريم ...
  •  
    إطلالة على أنوار من النبوة
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

فوائد من حديث: «ولم يكمل من النساء إلا...»

فوائد من حديث: «ولم يكمل من النساء إلا...»
محفوظ أحمد السلهتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/7/2025 ميلادي - 1/2/1447 هجري

الزيارات: 420

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فوائد من حديث: «ولم يكمل من النساء إلا...»

تأملات تربوية في نماذج نسائية خالدة


الحديث: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». أخرجه البخاري (3411) ومسلم (2431).

 

ما المراد بالكمال في هذا الحديث؟

المراد من الكمال في هذا الحديث الشريف: بلوغ الغاية الممكنة من التُّقى، والفضائل، والأخلاق، والخصال الحميدة. وهو كمال بشري نسبي، لا الكمال المطلق الذي لا يليق إلا بالله سبحانه وتعالى. قال الإمام النووي رحمه الله: «والمراد هنا التناهي في جميع الفضائل، وخصال البر والتقوى». «شرح صحيح مسلم» (ج15 ص 198).

 

وقال الأمير الصنعاني رحمه الله: «قوله: «كمل من الرجال كثير»: أي في الدين، إذ هو الكمال الحقيقي. ويقال: كمال المرء في سنن العلم والحق، والعدل والصواب، والصدق والأدب، والكمال في هذه الخلال موجود في كثير من الرجال، بفضل العقول وتفاوتها». «التنوير شرح الجامع الصغير» (ج8 ص 239).

 

وقال الإمام القرطبي رحمه الله: «ولا شك أن أكمل نوع الإنسان: الأنبياء، ثم يليهم الأولياء، ويعني بهم: الصديقين، والشهداء، والصالحين». «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (ج6 ص 332).

 

ولا ريب أن هذه المرتبة من الكمال قد بلغها كثير من الرجال، بخلاف النساء. فالرجال كان منهم الأنبياء والرسل، وأعداد لا تُحصى من الشهداء والصديقين والأولياء، وقد بلغ كثير منهم الغاية في الكمال ضمن هذه المراتب. أما النساء، فمع وجود الصديقات والصالحات منهن، إلا أن من بلغ منهن هذه المرتبة من الكمال قليل، كما دلَّ عليه هذا الحديث النبوي الشريف.

 

ليس في الحديث حصر ولا نفي لإمكان الكمال في نساء الأمة:

ومع هذا، فليس في الحديث نفي لإمكان كمال نساء هذه الأمة، بل قد وقع التصريح بعدم الحصر في مواضع أخرى. فقد جاء في «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (ج7 ص440) للقاضي عياض رحمه الله: «وليس يشعر الحديث بأنه لم يكمل ولا يكمل ممن يكون في هذه الأمة غيرهما، أي: مريم وآسية». وكذلك قال الأمير الصنعاني في «التنوير شرح الجامع الصغير» (ج8 ص 239): وليس في الاقتصار عليهما حصرٌ للكمال فيهما؛ فقد ثبت أن فاطمة رضي الله عنها أكمل النساء على الإطلاق».

 

تأمل جديد في حديث مألوف:

غالبًا ما يتناول شُرّاح هذا الحديث الشريف مسألة «الكمال» من زاوية العقيدة، أو النبوة، أو الخصائص الفطرية بين الجنسين، غير أننا نحاول تأمله من زاوية تربوية وإنسانية مختلفة تمامًا:

• لماذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء النسوة تحديدًا؟

• ما الرسالة التي أراد إيصالها من خلال تقديمهن كنماذج؟

• وهل يقتصر الاقتداء بهن على النساء، أم أنهن قدوات صالحة للرجال أيضًا في بعض الجوانب؟

 

ورغم أن الرواية المشهورة اقتصرت على ثلاث نساء، فإن روايات أخرى في كتب الحديث والتفسير أضافت إلى هذه القائمة وفي مناسبات عدة: هاجر زوجة إبراهيم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

 

وهكذا، فإن الحديث بمعناه الأوسع يفتح أمامنا أفقًا غنيًا بنماذج نسائية خالدة، كل واحدة منهن تمثّل جانبًا مضيئًا من جوانب الكمال الإنساني، يستفيد منه الرجل والمرأة على السواء.

 

تنوع الزمان والمكان: القدوة لا يُقيدها عصر ولا بيئة

فلنتأمل كيف أن النساء المذكورات في الحديث الشريف جئن من بيئات متباينة وأزمنة مختلفة: فمريم بنت عمران من بني إسرائيل، نشأت في بيئة يهودية، وآسية زوجة فرعون، في قصر طاغيةٍ وثنيٍّ، وعائشة بنت أبي بكر، في عصر النبوة، وسط مجتمع إسلامي يتشكل. وهذا التنوع يبعث برسالة واضحة أن القدوة ليست حكرًا على عصر معيّن، أو ثقافة معيّنة، أو بيئة مثالية. بل يمكن لكل امرأة – بل وكل إنسان – أن يجد في هؤلاء النسوة أسوة في الثبات والطهر والعلم والتوكل والعطاء.

 

 

مريم بنت عمران: الطهر والثبات في وجه القذف والابتلاء

تمثّل مريم بنت عمران رمزًا خالدًا للعفة، والطهارة، والثقة بالله في أحلك الظروف. فقد حملت بعيسى عليه السلام بمعجزة إلهية خارقة، لكنها وُوجهت مع ذلك بالقذف والاتهام من قومها، في مجتمع لا يرحم ولا يفهم المعجزات. ومع هذا الابتلاء العظيم، لم تنكسر، بل سلّمت أمرها لله، وقالت: ﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ﴾ [مريم: 26]، فاكتفت بالإشارة إلى ابنها، فكان في كلامه وهو في المهد آية تُثبت براءتها وتؤيدها تأييدًا ربانيًّا باهرًا.

 

ورغم أنها كانت أمًّا وحيدة، بلا زوج، في بيئة قاسية، فقد ربّت ابنها تربية نبوية سامية، وكان من أولي العزم من الرسل. لذلك، كل امرأة مطلقة، أو أرملة، أو أُمّ بلا معين، لها في مريم عزاء وأمل؛ فالثبات على الطهر والإيمان هو الشرف الحقيقي، لا مجرد وجود الرجل في حياتها. فمقام المرأة لا يُقاس بالزواج، بل بصدقها مع ربها، وصبرها في البلاء، وثباتها على العفاف والتقوى.

 

وكان العلامة منظور أحمد النعماني رحمه الله يقول لطلبة العلوم الشرعية: لا بد أن تكونوا محررين في طلب العلم وخدمة الإسلام، كما قالت امرأة عمران (أم مريم): ﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ﴾ [آل عمران: 35].

 

آسية بنت مزاحم: الإيمان تحت القهر:

أما آسية، فهي زوجةُ طاغيةٍ جبارٍ لا مثيل لجبروته، لكنها رغم ذلك لم تخضع لإرادته أو قهره، بل كان إيمانها صلبًا لا يلين. فالقرآن الكريم جعلها مثالًا لكل المؤمنين والمؤمنات: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ﴾ [التحريم: 11].

 

إن من تعيش في بيت ظالم أو بيئة خانقة تجد في آسية قدوة في الصبر والثبات، فصبرها لم يكن بدون مخاطرة، بل كان في بيئة يحيط بها الظلم والقهر والخطر على حياتها، ولم تستسلم.

 

وفي زمننا الحالي، قد نشتكي من صعوبة الظروف أو عدم ملاءمة البيئة لتطبيق الأحكام الإسلامية، لكن هل تساءلنا يومًا: هل يمكن أن تكون بيئة أكثر فسادًا وظلمًا من بيت فرعون؟

 

رغم ذلك، حافظت آسية على إيمانها، وتمسكت بقيمها، وساعدت النبي موسى عليه السلام في مواجهة ذلك الطغيان. ولذلك، جعلها الله سبحانه وتعالى نموذجًا لكل مؤمن ومؤمنة يعاني من البيئة المحيطة به، يستلهم منها القوة والعزم على الثبات والإيمان رغم كل الصعوبات.

 

هاجر: مدرسة في التوكل والثقة بالرحمن:

حين تركها إبراهيم عليه السلام في وادٍ غير ذي زرع ولا ماء، نادت بقلق وحيرة: «يا إبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وتَتْرُكُنَا بهذا الوَادِي الَّذي ليسَ فيه إنْسٌ ولَا شَيءٌ؟» فكررت عليه سؤالها مرارًا، وهو لا يلتفت، حتى قالت له: «آللَّهُ الَّذي أَمَرَكَ بهذا؟» قال: «نَعَمْ»، فردّت بثقة: «إذَنْ لا يُضَيِّعُنَا» (صحيح البخاري: 3364).

 

بذلك اليقين في وعد الله، نشأت مدينةُ مكة، وبفضل هذا التوكل تفجّر ماء زمزم.

 

تُعلِّمنا هاجر من خلال قصتها أن التوكل الحقيقي ليس استسلامًا سلبيًا، بل هو حركة إيجابية، وثقة راسخة بالله، وبناء حياة جديدة من رماد الفراغ والضيق.

 

وكل امرأة تواجه القطيعة أو الغربة أو الوحدة تجد في هاجر أنموذجًا راقيًا للتسليم، والتوكل، والصبر، والاعتماد على الله في أحلك الظروف.

 

خديجة بنت خويلد: الثروة والبصيرة وسكينة النفس:

كانت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها سيدة ذات مال وفكر، لكنها استخدمت ثروتها وبصيرتها لخدمة الحق ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

حين نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم لأول مرة، لم يذهب إلى أحد من أصحابه، بل ذهب إلى خديجة، فكانت له السند والملجأ، كما وصف القرآن الكريم الزوجة المثالية: ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ [الروم: 21]. وقالت له كلمتها الخالدة: «كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق»، (صحيح البخاري: 3).

 

ولم تكتفِ بالدعم النفسي، بل أخذت به إلى ورقة بن نوفل، رجل العلم والحكمة، مما يدل على حكمتها وفطنتها في مساعدة زوجها في أصعب المواقف. وتذكّر محاسن زوجها تعكس أيضًا أخلاق النبي الكريم، الذي قال: «خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي» (أخرجه الترمذي في «جامعه» 3895).

 

عائشة الصديقة: العلم والذكاء والحياء:

صارت سيدتنا عائشة، رغم صغر سنها، من أعلام العلم في الأمة، إلى حدّ «لو جمع علم نساء هذه الأمة، فيهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فإن علم عائشة أكثر من علمهن».

 

لم تنجب عائشة أبناء، لكنها أنجبت أجيالًا من العلماء، مما يدل على أن فضل المرأة لا يُقاس فقط بالإنجاب، بل بالعطاء العلمي والأخلاقي.

 

وتجدر هنا الإشارة إلى أن سيدتنا عائشة لم تكن نسوية -معاذ الله- كما يتخيلها بعض النسويين لكونها قد روت أحاديث للرجال. وهذا زعم خاطئ نشأ من عدم الاطلاع على منهجها في التعليم والتدريس. يقول الحافظ الذهبي رحمه الله: «روى عنها عدة من التابعين، وما رأوا لها صورة قط». «سير أعلام النبلاء» (ج7 ص 38). كما أن الثلاثة الذين أكثروا من الرواية عنها اثنان منهم من محارمها، فعن ابن عيينة قال: كان أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد [ابن أخيها]، وعروة بن الزبير [ابن أختها]، وعمرة بنت عبد الرحمن. انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ج1 ص 45. فهذا يقطع الطريق أمام أي محاولة لاستغلال سيرتها في ترويج الاختلاط بلا ضوابط.

 

وكانت كذلك مثالًا في الصبر على الابتلاء، فقد نالها ما يُعرف بحادثة الإفك التي ظُلمت فيها، لكنها ثبتت بقوة إيمانها حتى أنزل الله براءتها في القرآن، وفضح المنافقين، وقال تعالى: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النور: 11].

 

أما قوله صلى الله عليه وسلم: «كفضل الثريد على سائر الطعام» فيقول العلامة فضل الله التوربشتي رحمه الله: «إن الثريد مركب من الخبز واللحم، ولا نظير لهما في الأغذية، ثم إنه جامع بين الغذاء واللذة والقوة، وسهولة تناوله، وقلة المؤنة في المضغ، وسرعة المرور في المرئ من غير ما غصة، فضرب لها المثل به ليعلم أنها أعطيت مع حسن الخلق حسن الخلق، وحسن الحديث، وحلاوة المنطق، وفصاحة اللهجة، وجودة القريحة، ورزانة الرأي، ورصانة العقل، والتحبب إلى البعل، فهي تصلح للتبعل والتحدث والاستئناس بها، والإصغاء إليها، وإلى غير ذلك من المعاني التي اجتمعت فيها، وحسبك من تلك المعاني أنها عقلت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم تعقل غيرها من النساء، ورون عنه ما لم يرو مثله من الرجال». «الميسر في شرح مصابيح السنة»، ج4 ص 1341.

 

فاطمة الزهراء: التواضع في أعلى المقامات:

كانت فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجة علي رضي الله عنه، نموذجًا للتواضع رغم مكانتها العالية. لم تتكبّر على أعمال بيتها، بل كانت تقوم بها بنفسها.

 

وحين طلبت خادمًا من أبيها، قال: « ألا أَدُلُّكم على خيرٍ مما سألتُماه ؟ إذا أخذتُما مضاجعَكما فكبِّرا اللهَ أربعًا و ثلاثين ، و احمدا ثلاثًا و ثلاثين ، و سبِّحا ثلاثًا و ثلاثين ، فإنَّ ذلك خيرٌ لكما من خادم». أخرجه البخاري (5361) ومسلم (2727). ومن هنا جاء ما يُعرف بـ«التسبيح الفاطمي»، وهو درس في الرضا والتواضع والروحانية.

 

كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم عدله وإنصافه في قوله: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» (رواه مسلم 1688)، وهو مبدأ يؤكد أن العدل فوق النسب، والحق فوق العاطفة.

 

المفاضلة بين خديجة وعائشة وفاطمة:

وقد سُئل الحافظ ابن تيمية رحمه الله عن خديجة وعائشة أمي المؤمنين رضي الله عنهما: أيهما أفضل؟ فأجاب بـ «أن سبق خديجة وتأثيرها في أول الإسلام ونصرها وقيامها في الدين لم تشاركها فيه عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين، وتأثير عائشة في آخر الإسلام وحمل الدين وتبليغه إلى الأمة، وإدراكها من العلم ما لم تشاركها فيه خديجة ولا غيرها، مما تميزت به عن غيرها». «مجموع الفتاوى لابن تيمية»، ج4 ص 393.

 

وقال ابن القيم رحمه الله في مبحث التفضيل بين عائشة وفاطمة: «فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم، فإن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله عز وجل: فذلك أمر لا يطلع عليه إلا بالنص؛ لأنه بحسب تفاضل أعمال القلوب لا بمجرد أعمال الجوارح. وكم من عامليْن أحدهما أكثر عملا بجوارحه والآخر أرفع درجة منه في الجنة.

 

وإن أريد بالتفضيل التفضل بالعلم فلا ريب أن عائشة أعلم وأنفع للأمة، وأدت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرها، واحتاج إليها خاص الأمة وعامتها.

 

وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل وجلالة النسب: فلا ريب أن فاطمة أفضل فإنها بضعة من النبي  صلى الله عليه وسلم،  وذلك اختصاص لم يشركها فيه غير أخواتها. وإن أريد السيادة: ففاطمة سيدة نساء الأمة». «بدائع الفوائد»، ج3 ص 682-683.

 

الفروقات لا تعني تفاضلًا مطلقًا: تأملٌ في قوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36].

 

في سياق الحديث عن الكمال البشري وتميّز النماذج النسائية، من المهم أن نستحضر قاعدة قرآنية عظيمة جاءت في قوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36]. هذه الآية تُثبت حقيقة فطرية واضحة، وهي أن الذكر والأنثى مختلفان في التكوين والتكليف، دون أن يعني ذلك تفاضلًا مطلقًا لأحد الجنسين على الآخر.

 

فالاختلاف بينهما هو اختلاف تكامل، لا تصادم، وتنوع، لا تضاد. فالرجال خُلقوا بخصائص تؤهلهم لأدوار معينة، والنساء كذلك، وكلٌّ منهما يُكمّل الآخر في مسيرة الحياة. والكمال الحقيقي لا يتحقق بتشابه الأدوار، بل بحُسن أداء كل طرف لما قدّره الله له من مهام.

 

ومن هذا المنطلق، لا داعي للوقوع في فخ النسوية المتطرفة التي تسعى لمحو الفوارق، ولا في براثن الميسوجينية التي تحتقر النساء وتقلل من شأن أدوارهن. فكلّ من هذين الاتجاهين انحراف عن الفطرة وانفصال عن روح القرآن والسنة.

 

إن الكمال الحقيقي – كما بيّن الحديث الشريف – يُقاس بالإيمان والعمل والصبر والعطاء، لا بالجنس. ومن هذا المنطلق، كرم الله نماذج نسائية عظيمة في القرآن والسنّة، تفوّق كثير منهن على رجال في ميدان الفضائل. فلا حاجة للجدل العقيم حول من الأفضل، بل الحاجة إلى الاقتداء بالأفضل، رجلاً كان أو امرأة.

 

خاتمة: هؤلاء نساء... ولكنهن قدوات للإنسانية:

ما يجمع بين هؤلاء النسوة الفاضلات هو أنهن نماذج إنسانية خالدة، لا مجرد رموز نسائية. ففي مواقفهن الطهر، والإيمان، والعلم، والتوكل، والسخاء، والتواضع، نجد قِيَمًا تصلح للجميع.

 

لقد قدّم النبي صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث خريطةً هاديةً للمرأة المؤمنة، بل لكل إنسان، في طريقه إلى الكمال الإيماني: فالكمال لا يُقاس بالجنس، بل بالقِيَم والمواقف.

 

وهكذا، نستمدُّ من هذه النماذج دروسًا لا تنضب، ونقتدي بها في ثباتها وصبرها وإيمانها، لنرتقي بأنفسنا وأمتنا إلى أعلى مراتب الكمال الإنساني.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فوائد من حديث: إن الحلال بين وإن الحرام بين
  • فوائد من حديث: إنما الأعمال بالنيات
  • فوائد من حديث: لا تغضب
  • فوائد من حديث: رفع الحرج في الإسلام
  • فوائد من حديث: اغتنام الدنيا للفوز بالآخرة وقصر الأمل
  • فوائد من حديث: اتباع شرع الله تعالى عماد الإيمان وهدي المؤمن
  • فوائد من حديث: سعة مغفرة الله عز وجل
  • فوائد من حديث: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة

مختارات من الشبكة

  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • فوائد البنوك: الخطر الذي يهدد العالم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المرأة بين حضارتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ولم يكمل من النساء إلا أربع(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • حقوق المرأة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (4) سورة النساء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعين القصار من أحاديث النبي المختار مع فوائد الحديث وتبيان غريب ألفاظه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النساء شقائق الرجال(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/2/1447هـ - الساعة: 16:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب