• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر الأدلة الشرعية في تحقيق مقصد حفظ الدين (دليل ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: العدل ضمان والخير أمان
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الصلاة دواء الروح
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    فضل ذكر الله تعالى
    أحمد عز الدين سلقيني
  •  
    قواعد قرآنية في تربية الأبناء
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    مائدة التفسير: سورة الماعون
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

حقوق اليتيم (1)

حقوق اليتيم (1)
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/7/2025 ميلادي - 20/1/1447 هجري

الزيارات: 103

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق اليتيم (1)

 

الحمد لله رب العالمين، أعزنا بالإسلام، وجعلنا به خير أمة أُخرجت للناس، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو رب الناس، وملكهم، وإلههم، وأشهد أن محمداً عبدُ الله ورسوله، أرسله إلى جميع الناس، وجعل شريعته باقية وعامة لجميع الأجناس، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به واتبعوه، ونشروا دينه وبلغوه، وسلم تسليماً كثيراً.

 

و بعد: نحن اليوم بحول الله ومدده على موعد مع لقاء من لقاءات هذه السلسلة المنهجية المباركة. سلسلة الحقوق، وحديثنا اليوم بإذن الله تعالى عن حقٍّ جليلٍ كبير عظيم ألا وهو حق اليتيم.

 

أولاً: من هو اليتيم؟: قال ابن منظور في لسان العرب: اليتيم في الناس: من فقد أباه ولم يبلغ الحلم، واليتم في الحيوانات والطيور من فقد أمه، وأصل اليتم في اللغة الغفلة، وبه سُمّى اليتيم يتيماً، لأنه يُتغافل عن الإحسان إليه وبِرّه بعد موت أبيه.

 

اليتيم وإن فقد أباه الذي يكفله، وفقد حنان الأب وعواطفه، لكنه لم يفقد الرحمة الإلهية من الرحمن الرحيم الذي وصى عبادة باليتامى إحسانا وإطعاما وإيواءً وكفالة. قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [النساء: 36].

 

ألا فتأملوا كيف ربط الله بين الأمر بتوحيده والأمر بالإحسان إلى اليتامى وقال تعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8].، هذا هو الإسلام دين الرحمة دين العطف دين السماحة دين السلام.

 

وقال تعالى: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴾ [البلد: 11].. تريد اقتحام العقبة.. تريد إرضاء رب الأرض والسماوات: اسمع ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾ [البلد: 11 - 16].

 

وقال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾ [البقرة: 220].

 

ورعاية اليتيم والمحافظة عليه لا تقتصر على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بل كانت في الشرائع السابقة لشرعنا, فمن جملة بنود الميثاق الذي أخذه الله على بني إسرائيل: الإحسان إلى اليتامى قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83].

 

لقد أطل الإسلام بنوره على العرب وهم غارقون في ظلمات الظلم والقهر وسلب الحقوق. مجتمع يسطو فيه الغني على الفقير والقوي على الضعيف فما بالكم باليتيم. فجاء الإسلام دين العدل، والمساواة، ودين الرحمة، والعطف جاء ليأخذ بيد الضعفاء فيرفع بهم إلى المستوى الذي يجدون فيه حقوقهم كاملة غير منقوصة مهما كلف الثمن، فالقوي في الإسلام ضعيف حتى يؤخذ منه الحق، والضعيف في الإسلام قوي حتى يؤخذ له حقه.

 

حث الإسلام على رعاية اليتيم ومعاملته بالحسنى، ليعيش حياة كريمة، ويكون له دوره الفاعل في المجتمع، ونهى عن احتقاره أو إهانته كما قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴾ [الضحى: 9]. قال ابن كثير في تفسيره: «فلا تقهر اليتيمأي: لا تذله وتنهره وتهنه، ولكن أحسن إليه بلطف وكن له كالأب الرحيم». وقال تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴾ [الفجر: 17].

 

ويُفهم من هذا أنه لابد من إكرام اليتيم، وهذا الإكرام يشمل كل صور حفظ اليتيم من ناحية حقوقه الاجتماعية سواءً فيها الإيواء، أو الإنفاق، أو التربية.

 

فمن إكرامه عدم تركه بلا تربية وتعليم، ومن إكرامه تهذيبه كما يهذب الشخص أولاده، فليس المراد بإكرامه إذًا هو الإنفاق عليه فقط بل المقصود كل ما يحقق إكرامه. بل جمع الله في كتابه بين من يُكذّب بالدين وبمن يدُعُّ اليتيم ويؤذيه ولا يحث على إطعامه، فقال تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 1 - 3].


روي البخاري رحمه الله أنه حصلت خصومة بين يتيم وصحابي على نخلة والناس على الدنيا تجد النزاع بينهم عظيما ولم يخل منه حتى عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم كان هناك بستان لهذا الصحابي وبستان آخر لهذا اليتيم وبينهما نخلة وهذا اليتيم ما زال لم يدرك حق الإدراك فقال هذا الصحابي هذه النخلة لي وقال هذا اليتيم الصغير هذه النخلة لي تشاجرا فذهب اليتيم فاشتكي هذا الصحابي إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فأحضر هذا الصحابي وقال هذا الطفل أو هذا اليتيم يشكوك أو كما قال صلى الله عليه وسلم في نخلة أخذتها له قال والله ما كان ذلك لي يا رسول الله وما كنت لآخذ نخلته قال النبي صلى الله عليه وسلم إذًا نخرج ونُعاين خرج النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمد على كلام هذا ولا هذا وإنما خرج ليُعاين البستانين ويُعاين النخلة تواضعًا منه صلى الله عليه وسلم وعدلٌ في الحكم؛ لأنه يأخذ عن العدل سبحانه وتعالى خرج وذهب وعندما وصل إلى ذاك المكان فإذا بالنخلة في بستان الصحابي واضحة جلية، فهل يعطف على هذا اليتيم فيحكم بغير حكم الله؟ لا ما كان ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فحكم بالنخلة للصحابي فذرفت دموع اليتيم على خديه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجبر كسر قلب هذا اليتيم لأنه لم يدرك الحق فقال لهذا الصحابي: «أتعطيه هذه النخلة ولك بها عذقٌ في الجنة »عذق نخل في الجنة مقابل هذه النخلة، لكن الصحابي كان في وقت غضب إذ كيف يشكوه والحق له ويشكوه إلى من إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فيذهب وكان في الجلسة رجل يتمنى مثل هذه الفرصة اسمه [أبو الدحداح] رضي الله عنه وأرضاه قال يا رسول الله: « إن اشتريت هذه النخلة وأعطيتها هذا اليتيم ألي العذق في الجنة» قال: «لك ذلك »فيلحق بهذا الصحابي ويقول:

«أتبيعني هذه النخلة ببستاني كله خذ بستاني كله وأعطني هذه النخلة».


قال: «أبيعكها لا خير في نخلة شُكيت فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فباعه النخلة بالبستان كله وذهب إلى أهله ونادى فيهم: «يا [أم الدحداح] ويا أبناء [أبى الدحداح] قد بعناها من الله فاخرجوا منها»، خرجوا ومعهم بعض الرطب فقام يأخذه ويرميه فيها ويقول:

«قد بعناها من الله جل وعلا بعذقٍ في الجنة» خرج هو وأهله وقد باع كل شيء واشترى عذق من نخلة عند الله جل وعلا.

 

هل قال: خلاص انتهينا لنا نخلة في الجنة يكفي لا نصلي لا نصوم لا نعمل أي شيء؟ لا الذي بذل هذه سيبذل أعظم منها. بذل المال وبذل الأولاد وبذل كل نعيم في هذه الحياة ثم في الأخير يُقدّم نفسه لله جل وعلا. يخرج في معركة أُحد معركة أُحد الصادقة للصادقين والذي اُبتلي فيها المؤمنون ابتلاءً شديداً وربي فيها المؤمنون تربية عظيمة وكُسرت فيها رباعية المصطفى صلى الله عليه وسلم وشُج وجهه.

 

يوم انتهت المعركة ذهب يفتش صلى الله عليه وسلم وهو في تلك الحالة عن أصحابه يتفقدهم ويأتي إلى صاحب العذق إلى [أبي الدحداح] وإذ به مدرج بدمائه فيرفعه ويمسح الدم عن وجهه ويقول: «رحمك الله أبا الدحداح كم من عذقٍ مذلل الآن لأبي الدحداح في الجنة» لا إله إلا الله ماذا خسر أبي الدحداح خسر تراب خسر شجيرات خسر نخيلات لكنه فاز بجنة عرضها كعرض الأرض والسماوات فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول من يأكل من ثمرة الجنة أبو الدحداح». [أخرجه الديلمي (1/34، رقم 57)].

 

أيها الأحباب:

اليتيم إذا لم يجد من يؤويه ويرعاه هناك صنفٌ من الناس ضعفاء النفوس يستغلون فقر اليتيم وحاجة اليتيم فيُستخدم في السرقة والفواحش والعياذ بالله.

 

أيها الأخوة:

من تتبع كتاب الله عز وجل وما ورد فيه من الآيات الدالة على رعاية اليتيم وحفظ حقه في الحياة وجد أن كلمة (يتيم)وردت في كتاب الله في (22) آية كلها تحث على حفظ اليتيم ورعاية شؤونه وحفظ ماله.

 

ولقد شاءت الحكمة الإلهية أن يذوق المنقذ الأول للإنسانية مرارة اليتم، فيفقد الحنان الأبوي فبشرى لليتامى لا تحزنوا لفقد الأب أو الأم فإن خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم كان يتيما.

 

وليس هذا من قبيل المصادفة العمياء، فلا يوجد شيء في كون الله إلا بقدر ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49] شاء الله أن ينشأ المصطفى يتيماً ليتولاه الله وحده بالعناية والرعاية حتى لا ينشأ المصطفى يقول: أبي أبي وإنما يقول: ربي ربي.

 

نشأ المصطفى صلى الله عليه وسلم يتيما ليتولاه ربه وحده بالرعاية- انتبه- ومن تولاه الله برعايته أحسن بدايته وأكرم نهايته، فوالله ثم والله ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا هي أكرم عليه من نفس محمد وإنه لمكتوب عند الله خاتم النبيين، وإن آدم لمجندل في طينته- وآدم في طينته- ورسول الله مكتوب عند الله خاتم النبيين، فوالله ما أحب الله مخلوقا كما أحب رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم فلقد خلق الله الخلق واصطفى من الخلق الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل. واصطفى من الرسل أولى العزم الخمسة: نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً، واصطفى من أولى العزم الخمسة: الخليلين الحبيبين إبراهيم، ومحمداً، ثم اصطفى محمداً فكرمه على جميع خلقه فرفع ذكره، وشرح صدره، وأعلى قدره، ووضع وزره وزكاه في كل شيء.

 

تدبر معي قوله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴾ [الضحى: 6 - 8].... ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴾. لقد ولدت يتيماً فأواك الله جل وعلا وأحاطك بعنايته ورعايته ) ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴾ووجدك تائها تبحث عن الحق والحقيقة في بيئة جاحدة بين نفوس شاردة في هاجرة قاحلة فهدى الله قلبك للإيمان: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]، ﴿ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴾ كنت فقيراً فأغنى الله نفسك بالقناعة والرضا ثم من عليك بالرزق الحلال الطيب الواسع.

 

وقد جاء في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله «خير بيتٍ من المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسن إليه، وشر بيتٍ من المسلمين بيتٌ فيه يتيم يساء إليه» [ أخرجه: البخاري في الأدب المفرد بسند فيه ضعف]. ولذلك كان ا لصحابة والتابعين والصالحين على مر الأزمان يتنافسون على كفالة اليتامى وإسعادهم، فعن جابر رضي الله عنه أنه كان يقول: «لأن أتصدق بدرهم على يتيم أو مسكين أحب إلى من أن أحج حجة بعد حجة الإسلام».

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «من ضمّ يتيماً فكان في نفقته وكفاه مؤونته كان له حجاباً من النار يوم القيامة، ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة».


وجاء في بعض الآثار: «إنَّ اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن، فيقول الله تعالى: يا ملائكتي؛ مَن أبكى هذا اليتيم الذي غيبتُ أباه في التراب؟ فتقول الملائكة: ربنا أنت أعلم، فيقول الله تعالى: يا ملائكتي فإني أُشهدكم أنَّ لمن أسكته وأرضاه أنْ أُرضيه يوم القيامة».


ومن هذا المنطلق يأمر الله جل وعلا أولياء اليتامى أن يتقوا الله في أموال اليتامى وألا يقربوا أموالهم إلا بالتي هي أحسن، وحذرهم من تبديدهم وتبديدها بالخبيث أو المتاجرة بها في الحرام فقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34].

 

وقال سبحانه: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 2].

 

بل وأوجب الله في آية واحدة جامعة أوجب على ولي اليتامى:

أولا: ألا يسرف في الإنفاق من أموالهم حتى يبلغ اليتامى الرشد وسن النكاح وصاروا قادرين على تدبير شؤونهم والمحافظة على أموالهم.

 

ثانياً: أن يردوا أموالهم إليهم كاملة غير منقوصة.

 

ثالثاً: إن كان غنيا ألا يأكل من مال اليتيم فإن كان فقيراً أكل بالمعروف من غير إسراف ولا تبذير.

 

رابعاً: ألا يسارع بأكل أموال اليتامى قبل أن يكبر أصحابها ليأخذوا حقهم.

 

خامساً: أن يرد إليهم أموالهم وأن يشهد على ذلك إبراءاً لذمته ودرءاً للشبهة عنه.

 

فتدبروا كل هذه المعاني التي ذكرت في آية واحدة في آية فذة جامعة بأوجز لفظ وأعجز أسلوب يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6]، ومن ثم يأتي هذا التحذير الرهيب والوعيد الشديد لمن يأكلون أموال اليتامى، تدبر معي قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10].

 

مشهد مرعب مشهد النار وهى تتأجج في البطون، لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب المصطفى كانوا وقافين عند كلام الله كان القرآن يتنزل على رسول الله فيتلوا الرسول القرآن عليهم فترتجف القلوب شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

 

انتبه معي أيها الفاضل فانطلق كل ولي لليتامى فعزل طعامه عن طعام اليتامى وعزل شرابه عن شراب اليتامى فكان الطعام يُقدّم لليتيم حتى يشبع فإن تبقى شيء من طعام اليتيم لا تمتد إليه حتى يأكله اليتيم مرة أخرى أو يفسد فشق ذلك على أصحاب المصطفى فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فرفع الله الحرج والعنت وأنزل على حبيبه قوله تعالى: ﴿ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220]، ﴿ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ﴾ في الطعام والشراب لا حرج في ذلك بغير ظلم.

 

ولقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر رضي الله عنه بقوله: «يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم» [رواه مسلم برقم 6281].

 

هذه بعض آيات القرآن التي تبين مكانة اليتيم ويأتي اليتيم الذي كان يتمه تشريفا لكل يتيم ليكرم اليتامى، ففي السنة الشريفة المطهرة هل تدبرتم هذا الحديث ماذا لو أخبرتك أخي الحبيب بأنك ستكون في منزلة عليا في الجنة؟ ثم ماذا لو أخبرتك أخي الحبيب بأنك ستكون في منزلة عمر في الجنة؟ ماذا لو أخبرتك أخي الحبيب بأنك ستكون في منزلة عثمان في الجنة؟ ثم ماذا لو علمت يا أخي الحبيب بأن منزلتك ستكون في منزلة صديق الأمة في الجنة؟ ثم ماذا لو أخبرتك أخي الحبيب بأنك ستكون في الجنة مع الحبيب المصطفى هل فكرت فيها؟ في الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» وأشار بالسبابة والوسطى..

 

انظروا إلى تقارب السبابة والوسطى هذه منزلة كافل اليتيم في الجنة مع المصطفى صلى الله عليه وسلم وفى لفظ مسلم: «كافل اليتيم له أو لغيره»... يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: « أنا أول من يفتح باب الجنة فأرى امرأة تبادرني...» يرى الحبيب امرأة تسابقه لتدخل معه الجنة في منزلته العالية يقول المصطفى: «فأقول لها: ما لك من أنت؟.. فتقول هذه المرأة: أنا امرأة قعدت على أيتام لي».. أنا امرأة قعدت على أيتام لي.. امرأة ربّت يتامى مات زوجها وهى في ريعان الصبا والشباب فأبت إلا أن تُفرّغ نفسها لتربية أولادها تربية ترضى الرب سبحانه هذه هي منزلها تركت كل لذة واستعلت على كل شهوة ورفضت الخُطّاب وتفرّغت لتربية أولادها اليتامى هذه هي منزلتها مع الحبيب صلى الله عليه وسلم.

 

الإمام أحمد بن مسكين من علماء القرن الثالث الهجري في البصرة، يقول عن نفسه: "إني امتحِنت بالفقر سنة تسع عشرة ومائتين، وانحسَمت مادتي وقحط منزلي، فلم يكن عندنا شيء، ولي امرأة وطفلها، وقد طوينا على جوع يخسف بالجوف خسفا، فجمعت نيتي على بيع الدار والتحوّل عنها، فخرجت أتسبب لبيعها فلقيني أبو نصر، فأخبرته بنيتي لبيع الدار فدفع إلى رقاقتين من الخبز بينهما حلوى، وقال أطعمها أهلك. ومضيت إلى داري فلما كنت في الطريق لقيتني امرأة معها صبي، فنظَرَت إلى الرقاقتين وقالت: يا سيدي، هذا طفل يتيم جائع، ولا صبر له على الجوع، فأطعمه شيئًا يرحمك الله، ونظر إليّ الطفل نظرة لا أنساها، وخيّل إليّ حينئذٍ أن الجنة نزلت إلى الأرض تعرض نفسها على من يشبِع هذا الطفل وأمه، فدفعت ما في يدي للمرأة، وقلت لها: خذي وأطعمي ابنك. والله ما أملك بيضاء ولا صفراء، وإن في داري لمن هو أحوج إلى هذا الطعام، فدمعت عيناها، وأشرق وجه الصبي، ومشيت وأنا مهموم، وجلست إلى حائط أفكر في بيع الدار وإذ أنا كذلك إذ مرّ أبو نصر وكأنه مستطار فرحًا، فقال: يا أبا محمد، ما يجلسك ها هنا وفي دارك الخير والغنى؟!

 

قلت: سبحان الله! ومن أين يا أبا نصر؟!

 

قال: جاء رجل من خراسان يسأل الناس عن أبيك أو أحد من أهله، ومعه أثقال وأحمال من الخير والأموال، فقلت: ما خبره؟

 

قال: إنه تاجر من البصرة، وقد كان أبوك أودَعه مالاً من ثلاثين سنة، فأفلس وانكسر المال، ثم ترك البصرة إلى خراسان، فصلح أمره على التجارة هناك، وأيسَر بعد المحنة، وأقبل بالثراء والغنى، فعاد إلى البصرة وأراد أن يتحلّل، فجاءك بالمال وعليه ما كان يربحه في ثلاثين سنة.

 

قال أحمد بن مسكين: حمدت الله وشكرته، وبحثت عن المرأة المحتاجة وابنها، فكفيتهما وأجرَيت عليهما رزقا، ثم اتجرت في المال، وجعلت أربه بالمعروف والصنيعة والإحسان وهو مقبل يزداد ولا ينقص، وكأني قد أعجبني نفسي وسرني أني قد ملأت سجلات الملائكة بحسناتي، ورجوت أن أكون قد كتبت عند الله في الصالحين، فنمت ليلة فرأيتُني في يوم القيامة، والخلق يموج بعضهم في بعض، ورأيت الناس وقد وسعت أبدانهم، فهم يحملون أوزارهم على ظهورهم مخلوقة مجسمة، حتى لكأن الفاسق على ظهره مدينة كلها مخزيات، ثم وضعت الموازين، جيء بي لوزن أعمالي، فجعلت سيئاتي في كفة وألقيت سجلات حسناتي في الأخرى، فطاشت السجلات، ورجحت السيئات، كأنما وزنوا الجبل العظيم بلفافة من القطن، ثم جعلوا يلقون الحسنة بعد الحسنة مما كنت أصنعه، فإذا تحت كل حسنه شهوة خفية من شهوات النفس، كالرياء والغرور وحب المحمدة عند الناس، فلم يسلم لي شيء، وهلكت عن حجتي وسمعت صوتًا: ألم يبق له شيء؟ فقيل: بقي هذا، وأنظر لأرى ما هذا الذي بقي، فإذا الرقاقتان اللتان أحسنت بهما على المرأة وابنها، فأيقنت أني هالك، فلقد كنت أحسن بمائة دينار ضربة واحدة فما أغنَت عني، فانخذلت انخذالاً شديدًا فوضِعَت الرقاقتان في الميزان، فإذا بكفة الحسنات تنزل قليلاً ورجحت بعضَ الرجحان، ثم وضعت دموع المرأة المسكينة، حيث بكت من أثر المعروف في نفسها، ومن إيثاري إياها وابنها على أهلي، وإذا بالكفة ترجح، ولا تزال ترجح حتى سمعت صوتًا يقول: قد نجا، فلا تحقرنّ من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق، واتقوا النار ولو بشق تمرة.

 

أسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته،، إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقوق المسلم: النصيحة
  • حقوق المسنين (1)
  • حقوق الأم (2)
  • حقوق الانسان (1)
  • حقوق المظلوم
  • حقوق الطفل (1)
  • حقوق الطفل (2)
  • حقوق البنات
  • حقوق الزوجة على زوجها (1)
  • حقوق الزوجة على زوجها (2)
  • حقوق الزوج على زوجته

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة: حقوق اليتامى في الشريعة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتِّفاقيات حقوق الإنسان(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • حقوق الوالدين (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليتيم بين الكفالة والكفاية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث سهل: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/1/1447هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب