• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مصارع العُشَّاق: تشخيص الداء، ووصف الدواء (WORD)
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    الصدقات سبب في نزول البركة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس الثامن والعشرون: حقوق الزوج على الزوجة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    بناء الإنسان قيمة حضارية (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    أيها الداعي! اعزم مسألتك وعظم رغبتك (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    أفضل الخلق بعد الأنبياء (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    العام الجديد والتغيير المنشود (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    عام تصرم وعام يتقدم (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    فضل صلاة الضحى
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: ﴿ قل يا أهل الكتاب ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    حر الصيف (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    وما خرفة الجنة؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    معنى كلام خديجة رضي الله عنها
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    حياة من الجن وجن من الحيات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    تحريم صرف الخشية لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    شروط الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

العام الجديد والتغيير المنشود (خطبة)

العام الجديد والتغيير المنشود (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/6/2025 ميلادي - 5/1/1447 هجري

الزيارات: 297

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العام الجديد والتغيير المنشود

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام:1]، ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص:70] و﴿ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [غافر:68]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف:9]. وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ وسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، نبيٌ كريم، شرحَ اللهُ لهُ صدرهُ، ورفعَ لهُ ذكرهُ، ووضعَ عنهُ وزرهُ، وأتمَّ لهُ أمرهُ، وأعلى في العالمين قدْرهُ، وجعلَ الذِلةَ والصْغارَ على من خالفَ أمرهُ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ وعلى آله وأصحابهِ البررةِ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، اتقوه حق التقوى، واعلموا أن من تواضعَ لله رفعَهُ، ومن تكبرَ على الله وضعَهُ، ومن كان مع الله، كان اللهُ معَهُ، وإذا أردت أن تعرفَ قدركَ عندَ اللهِ، فانظر في هواكَ، وما تميلُ إليهِ نفسُكَ.. ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُون ﴾ [الجاثية:15].

 

معاشر المؤمنين الكرام: عامٌ هجريٌّ جديدٌ أقبلَ علينا، نسأل الله أن يجعله عام خيرٍ وبركة، وصلاحٍ لأحوالنا وأحوال المسلمين.. وما من عامٍ يقبلُ إلا ويحملُ في طيّاته عبرةً للمتفكرين، وتذكرةً للمؤمنين، ورسالةً للمعتبرين، أنَّ الزمان يمضي ولا يتوقف، وأنَّ العمر يتناقصُ باستمرار، وأنَّ الأجلَ يقترب.. ﴿ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُون ﴾ [النحل:61].. ﴿ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ، كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء:13].. فليت شعري، ماذا كتبنا في صفحات عامنا المنصرم؟.. وما الذي سنكتبهُ في صحائف عامنا الجديد؟.. ﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون ﴾ [الجاثية:29].. وصدق من قال: إذا أنت لم تزرعْ وأبصرتَ حاصدًا.. ندمتَ على التفريطِ في زمنِ البذرِ..

 

أيها الأحبة الكرام: التحولُ من الواقع الراهن، إلى الحالِ المنشود، هو ما يمكنُ أن نطلق عليه إجمالًا بالتغيير الإيجابي.. فالزمانُ وأوقاته، ومواهبُ الأنسانِ وطاقاتِه.. هبةُ من الله الحكيم لعباده، وهي في نفس الوقتِ ابتلاءٌ لهم واختبار؛ كيف يعملون؟ وكيف يستثمرون أوقاتهِم وطاقاتهِم، ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك:2].. ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون ﴾ [يونس:14].

 

وواقع الحال يا عباد الله، أنَّ كثيرًا من الناس يُعاني من الأفكار السلبية، والقناعاتِ المقِعدة، والعاداتِ المثبطة، والخمولِ النفسي، والتبلدِ الحسي، والعزيمةِ الباردة، والكسلِ عن الطاعات، والإسرافِ في المباحات، ومعاودة ذنوب الخلوات، وربما إدمانِ بعض المحرمات.. وليس الشأنُ ألا نذنبَ ونخطئ، فكل ابن آدم خطاء.. وإنما العيبُ أن نرضى بواقعنا السيء ونستسلم له، وفي أيدينا أن نغيره للأفضل..

 

تأمل يا رعاك الله: قول الشاعر الحكيم: ولم أر في عيوب الناس عيبًا.. كعجز القادرين على التمام.. والمعني: أن أكبر عيبٍ لا يليق بالإنسان، هو العجز وضعف الهمة، وأن يكون الانسانُ لديه القدرة والاستطاعة على أن يكون في حال أفضل وأكمل، ولا يحول بينه وبين ذلك إلا ضعفُ الهمة، وبلادة النفس، والعجز والكسل.. في الحديث الصحيح: "نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس، الصحة والفراغ".

 

فالمغبون حقًا من رضي بالدون وهو قادرٌ على المعالي.. من يؤثر شهوةً عابرة على جنةً الخلد وملكٍ لا يبلى.. من يؤجّلُ التوبةَ ويسوفُ بالأعمال الصالحة حتى يحالَ بينه وبينها بالموت.

 

يقول عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "الأيامَ تُطوى، والأعمارَ تفنى، فاعمَلوا قبل أن تُغلق الأبواب، وتطوى الصحف".

 

وقال الامام ابن الجوزي: "ينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه".

 

قد هياؤك لأمر لو فطنت له.. فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل.

 

ثم إنّ التغييرَ المنشود، لا يَشترطُ أن تكون أفضلَ من غيرك، بقدر ما يشترطُ أن تكون أفضلَ مما أنت عليه الآن..

 

ولا شك أنّ ديننا العظيم، ومنهجهُ التربويِّ القويم، قد قرّر قاعدة التغيير، وجعلها مبنيةً على مدى قُدرة الأفرادِ على تغييرهِم لأنفسِهِم، وهو ما يُشيرُ إليه قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد:11].. فتغيير ما بالأنفُس من أفكارٍ ومفاهيم، وميولٍ وقناعات، وعاداتٍ متأصلة، وسلوكيات ثابتة، حَسنةً كانت أو سيئة.. كلُّ ذلك أمرٌ وكلَهُ الله تعالى للبشر ومكنهم منه، تأمل: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس:7]..

 

فالله جلَّ وعلا قد جعل مسألة التغيير للأفضل أو للأسوأ بيد الإنسان، وضمن حدودِ اختيارهِ وقراره، وجزءٌ من ابتلاءه واختباره.. قال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك:2]..

 

ومفتاح التغيير الحقيقي هو: الإرادة الداخلية.. فالتغيير الإيجابي لا يأتي من الخارج، بل يبدأ من الداخل، وهذا ما قرره ربنا في محكم التنزيل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد:11].. في صحيح مسلم: "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ"، فليكن عامك الجديد عام إحسانٍ في كل شيء: في عبادتك، في تعاملك، في نيتك، في كلامك، في كظمك للغيظ، في صدقك مع نفسك، في ابتسامتك، في نصيحتك، في برّك بوالديك..

 

وإذا علمتَ يا عبد الله، أنك محاسَبٌ على أوقاتِك، مُسجلةٌ عليكَ جميعُ أقوالِك وأفعالِك، فاحرص على ما ينفعُك، واترك ما لا يعنيك، ودعْ ما يُريبُك إلى ما لا يُريبُك، ففي الحديث الصحيح: "كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا".. ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون ﴾ [البقرة:281]..

 

وأعلم أنَّك لن تنالَ ما تُحبَّ، إلا بترك ما تشتهي، ولن تُدرك ما تؤمِّل، إلا بالصبر على ما تكره، ولن تنالَ ما عند اللهِ، إلا بطاعته جلَّ في علاه، ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف:96]..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:

﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَار * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب ﴾ [غافر:39]..

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين.. وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: إذا كان كل شيء في هذا الكون يتغير، فإنَّ اللائقَ بالمؤمن أن يتغيرَ نحو الأفضل.. فلنجعل من هذا العام الجديد محطةَ انطلاقٍ صادقةٍ نحو تغييرٍ أفضل لواقعنا، وإصلاحٍ عامٍ لأنفسنا، وتطهيرُ قلوبنا، وتزكيةُ أخلاقنا، وزيادة حسناتنا، وتدارك ما فاتنا.. ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين ﴾ [العنكبوت:69]..

 

ولمن يتساءل عن الخطوات العملية للتغيير الإيجابي المنشود، فإنَّ الخطوة الأولى هي تغييرُ القناعات.. أن نقتنعَ من داخلنا أن بمقدورنا أن نتغيرَ نحو الأفضل، وأن نعي تمامًا أن كل فردٍ منا، مسؤولٌ عن تغيير نفسه، فإن لم يقم به بنفسه، فلن يقوم به أحدٌ نيابةً عنه.. قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد:11]..

 

والخطوة الثانية: أن يُثير الانسانُ في نفسه رغبةً قويةً نحو التغيير.. حيث أنّ في داخل كلٍّ منا هناك قوةٌ كامنةٌ لا يخرجها إلا رغبةٌ جادةٌ، وإرادةٌ قويةٌ.. وبمجرد أن تكون هناك رغبةٌ كافيةٌ، فسترتفع بإذن الله الهمّة، ويسهُل أداء المهمّة، ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين ﴾ [آل عمران:159]..

 

والخطوة الثالثة: أن تؤمن من أعماقك أن الله قد وهبك من المواهب والطاقات والقدرات ما يكفي وزيادة، لكي تحقق التغيير المنشود.. في صحيح مسلم، أن رجلًا أكلَ عند النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشمال، فقال له: "كُل بيمينك".. قال: لا أستطيع، قال: "لا استطعت، ما منعهُ إلا الكبر"، قال: فما رفعها إلى فيه..

 

أما الخطوة الرابعة والأخيرة: فهي المبادرة.. وهي ضدُّ العجز والكسل، وما من فرصةٍ ثمينةٍ تفوتنا غالبًا، إلا بسبب العجز وعدم المبادرة.. ومن يتأمل الآيات والأحاديث سيجدُ أن الانسانَ هو الذي يجبَ أن يُبادر أولًا.. تأمل معي هذا الحديث القدسي الصحيح، قال الله تعالى: (أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإنّ ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة).. وما أكثرُ الآيات والأحاديث التي فيها من فعل كذا فله كذا وكذا.. وكل ذلك يتطلبُ المبادرة..

 

فنحن يا عباد الله في حاجة ماسةٍ للتغيير.. لأنه لا إصلاح إلا بتغيير، فإذا صلحت النفوس، أصلحت واقعها..: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيم ﴾ [الأنفال:53].. ونحن يا عباد الله بحاجة لأن نتغير، لأن الكثير من مواهبنا وطاقاتنا وامكانياتنا مهملةٌ معطلة، وغيرُ مستثمرة، ولأنّ الكثير من أوقاتنا ضائعةُ مهدرة.. كم من الأوقات تضيع بلا فائدة، كم من الفرائض والواجبات والالتزامات نتركها تهاونًا وكسلا.. كم من الكلمات تقال بلا تروي ولا حساب لعواقبها الوخيمة.. كم من الأموال تُصرفُ في الكماليات وغير الضروريات، فضلًا عماَّ يُصرفُ في المكروهات والمحرمات.. كم من الملابس والأدوات، وغيرها من المقتنيات والممتلكات، لا يزال مُكدسًا في بيوتنا لسنواتٍ، بلا حاجةٍ ولا استخدام يُذكر؟.. كم من النصائحِ والمواعظِ سمعناها، واقتنعنا تمامًا بجدواها، ثم لم نستفد منها حتى نسيناها؟.. كم هو الفائض من موائدنا ومطابخنا ومستودعاتنا يُرمى بلا فائدة، ودون أن يستفيد منه أحد، رغم أنه يُكلفُ الكثير؟..

 

أسئلةٌ كثيرةُ، تدل على أنّ هناك فارقًا كبيرًا بين واقعنا الحالي، وبين ما ننشُده من تغييرٍ نحو الأفضلِ.. والأمر سهلٌ ويسيرٌ على من وفقه الله، ولا يتطلب شيئًا كبيرًا، اللهم إلا التعود على بعض السلوكيات الإيجابيةِ البسيطة، ولو بنسبةٍ قليلة، والتقليلَ من بعض السلوكيات السلبيةِ ولو بنسبةٍ قليلة.. فالقليلِ المستمر خُيرٌ من الكثيرِ المنقطع.. وفي الحديث المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم: "أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".. وللصحابي الجليل عبدالله بن مسعود كلمة جميلة: تعودوا الخير فإن الخير عادة.. وشاعر الحكمة يقول: وَعاجِزُ النفسِ مِضياعٌ لِفُرصَتِهِ.. حَتّى إِذا فاتَهُ خيرٌ عاتَبَ القَدَرا..

 

فيا أهل الإيمان، عامكم هذا صفحةٌ بيضاء جديدة، فانظروا ماذا تكتبون فيها، واعلموا أن النوايا الحسنةَ وحدها لا تصنعُ نجاحًا.. وأن البداية التي ليس معها عزيمةٌ جادة، لا تُنتجُ تغييرًا مثمرًا، وأن أعظم النهايات، تبدأ من صادق البدايات.. ﴿ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ﴾ [محمد:21]..

 

فبادر تفز، وركز تنجز، واستعن بالله ولا تعجز، وقم وانطلق إلى حيث تستحق، وهيا لتكون أفضلَ ما يمكنك أن تكون.. ﴿ إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون ﴾ [النحل:128]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفرقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في وداع العام واستقبال العام الجديد
  • العام الجديد والعود الحميد
  • خطبة المسجد الحرام 27/12/1431 هـ - كيف نستقبل العام الجديد؟
  • المنهج الرشيد .. في استقبال العام الجديد
  • خواطر العام الجديد
  • العام الجديد (خطبة)
  • وقفة مع العام الجديد

مختارات من الشبكة

  • في وداع العام واستقبال العام الجديد والحث على العمل وفضل يوم عاشوراء(مقالة - ملفات خاصة)
  • العام الهجري الجديد عام تجديد أم تبديد؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • مسلمو دالتون يخططون لافتتاح مركز إسلامي جديد في بداية العام الجديد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • وقفات مع العام الدراسي الجديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصايا مع إطلالة العام الدراسي الجديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: وقفات مع العام الهجري الجديد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع العام الهجري الجديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وبدأ العام الدراسي الجديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع بدء العام الدراسي الجديد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة العام الدراسي الجديد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/1/1447هـ - الساعة: 14:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب