• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي المزمن

كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي المزمن
معز محمد حماد عيسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/6/2025 ميلادي - 10/12/1446 هجري

الزيارات: 171

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي المزمن؟

 

﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]

 

﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84].

 

ظلَّ يعقوب عليه السلام مكلومًا يعد الليالي، وعندما أتى إخوة يوسف بخبر فَقْد أخيه الآخر بنيامين انقبض صدرُ يعقوب، وجالَت أطيافُ ذكرى يوسف في قلبه، ولم يملك إلَّا أن يذهب عنهم بعيدًا، ويمتلئ قلبه بالحزن المكتوم الذي لم يبديه لأبنائه، ويتسلل هذا الحزن إلى عينيه، وينطق به لسانه، ﴿ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ ﴾، قال: ﴿ يَاأَسَفَا ﴾، وكأنَّ هذا الحزن من شدَّته تمثَّل له كرجل بعيد يناديه.

 

كلُّنا نعلم تكملة القصَّة، وقد قرأنا السورة كثيرًا وتلونا آياتها، ولكن هنالك أمر جليل وعظيم فَعَلَه يعقوب عليه السلام نجَّاه من مصيدة الضغط النفسي المزمن، ونجَّاه من الهلاك بسبب هذا الفَقْد البليغ، والبلاء الكبير، وهو درس وعبرة وعلاج لنا.

 

ما بين التعريف الغربي والنهج القرآني:

في المجال الأكاديمي الغربي وضع تعريف كان عصيبًا وما زال مبهمًا لديهم ومتشابكًا، ولكن كمضغة بسيطة ومختصرة فإنَّ الضغط النفسي المزمن هو ردُّ فعلٍ مُتعدِّد الأبعاد، وينقسم لنفسي وفيسيولوجي لأحداث لا تستطيع تغييرها أو وقفها، ويكون أيضًا شعور الخروج عن الحيلة والفتور والعجز وعدم القدرة على حل المشكلة التي سببت لك كل ذلك، ويستمر هذا الشعور لفترة طويلة من الزمن.

 

الجسم يكون عالِقًا في حالة انتظار دفع الضرر عنه؛ لأنَّ أصل الضغط النفسي أنَّه وظيفي وصحِّي، لكن عند العجز عن ردِّ الضرر والتصرف الخاطئ اتجاه سبب المشكلة يظل في حالة تهيُّج قد تستمر سنوات.

 

الآن دعنا نفهمه بنظرة عميقة وبمنظور شامل وعملي أكثر. لنتفكَّر في آيات الله عز وجل في كتابه الكريم والآيات المبثوثة في أنفسنا، وهذا هو نهج أولي الألباب. اقرأ هذه الآيات:

 

﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ [الفجر: 15، 16].

 

﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ﴾ [هود: 9].

 

﴿ لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾ [فصلت: 49].

 

﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴾ [الروم: 36].

 

يجب علينا وضع تصوُّر ذهني صائب للضغط النفسي المزمن؛ لأنَّ أول خطوة للتعامل مع أي أمر هو التصوُّر الصحيح له. من أجل فعل ذلك ومعرفة المطلوب منا لإدارة هذا الأمر بشكل جيِّد علينا بدايةً أن نفهم مصطلحات مهمة للغاية ونميِّز فيما بينها؛ وهي: المصيبة، البلاء، العقوبة. أتمنى منك أن تقرأ ما يلي بتدبُّر وهدوء وتركيز؛ لأنَّه سيكون عليه بنيان هذا المقال:

 

الفرق بين المصيبة والبلاء والعقوبة:

المصيبة: هو معنى شمولي لكل ما يصيب الإنسان بشكل عام طفلًا كان أم بالغًا في مجريات حياته، وظروف دنيته، وتقلُّبات بيئته.

 

قيل في لسان العرب: والصابة والمصيبة: ما أصابك من الدهر.

 

البلاء: هو مصيبة خاصَّة تقع على العبد المكلَّف البالِغ، والغرض منها اختبار الصبر والصدق، وتمحيص دواخل العبد واستخراج حقيقة قلبه. وفي البلاء رفعة لدرجات العبد، وزيادة في حسناته، وتعظيم لأجره، وتوفيق في دينه، ورفع لذكره في حال النجاح في البلاء؛ ويكون في السراء والضراء، ولا يكون من أجل ذنب ولكن كما ذكرت للاختبار، (بمعنى حتَّى النِّعَم تكون بلاء).

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ((أعِدُّوا للبلاء صبرًا، فو الله لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة)).

 

وقال الإمام البخاري في شرح الحديث: "البلاء: الابتلاء والتمحيص، من بلوته ومحصته؛ أي: استخرجت ما عنده".

 

وفي فتح القدير للشوكاني، عند تفسير قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 106].

 

قال: البلاء والابتلاء: الاختبار، والمعنى: إن هذا هو الاختبار الظاهر حيث اختبره الله في طاعته بذبح ولده.

 

 

العقوبة: هي مصيبة خاصَّة، قد تكون معنوية (في القلب)، أو حسيَّة (المال والنفس)، تقع على العبد المكلَّف البالغ جزاءً على الذنب وعقابًا عليه.

 

قال البدراني: وأما العقوبة فهي الجزاء على الذنب، وقد تكون معنوية؛ كظلمة القلب وعدم انتفاعه بالمواعظ ونحو ذلك، وقد تكون العقوبة حسية كالأقدار المؤلمة التي تصيب العبد الظالم لنفسه.

 

وهنا تفصيل لطيف بخصوص العقوبة وهو أنَّها تنقسم إلى قسمين:

أولًا: عقوبة مخففة: وتسمى الكَفَّارة، وتكون فقط للعبد الذي يحبُّه الله عز وجل، والغرض منها التنبيه والتذكير والتطهير.

 

﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يصيب المسلم من همٍّ، ولا حزن، ولا وَصَبٍ، ولا نَصَبٍ، ولا أذى حتى الشوكة يشاكها، إلا كَفَّر الله بها من خطاياه)).

 

ثانيًا: عقوبة مغلظة: هي إتلاف ومحق وعذاب دنيوي للعبد المنافق أو الكافر أو المشرك، بسبب غضب الله عز وجل ومقته وبغضه، والغرض منها التعذيب والتنكيل.

 

﴿ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31].

 

﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [آل عمران: 11].

 

﴿ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [الزمر: 24].

 

عُصارة جامِعة:

الآن يا صاحبي بعد فهمنا الجيد لتلك المسميات دعنا نضع تعريفًا جامعًا وجيدًا فيه إيقاد للذهن وتحريك للقلب.

 

الضغط النفسي المزمن هو حالة يأس وقنوط مستمرة لزمن طويل تنشأ في قلب وجسم العبد بسبب مصيبة وقعت عليه، وليست له حيلة، وهو عاجز أمامها، وتكون إمَّا بلاءً من الله تبارك وتعالى؛ لأنَّه يريد أن يختبره أو يستخرج منه عبادة الصبر والإيمان، ويرفع منزلته في الآخرة، وإمَّا عقوبة مخففَّة ككفارة وتذكير وتطهير من الخطايا محبَّةً له، وتنبيهًا له إذا كان مداومًا على ذنب أو كان في غفلة لكي يتوب ويتوجَّه بقلبه إلى الله تبارك وتعالى.

 

وأعراض الضغط النفسي المزمن التي ذكرتها آنفًا ما هي إلَّا شكوى ذاك القلب القانط واليائس. قلبٌ يئنُّ وجعًا وألمًا وحزنًا ويضجُّ قنوطًا.

 

والعلامات الفيسيولوجية والحيوية المعروفة في علم النفس السريري لا تعارض كونه أمرًا قلْبيًّا في المقام الأول؛ بل في الحقيقة العبد المبصر واللبيب يراها كآيات تثبت قهر الله عز وجل على عباده، وأنَّه ربُّ الأسباب ومُقدِّر كل شيء بحساباته وسبله وطرقه، وأنَّ كل شيء مرتبط بعضه ببعض، وبدأ من الله تعالى، وينتهي إلى الله تعالى، ونفذت قدرته سبحانه وبحمده على الروح والمادة وما في السماء والأرض وما بينهما وما شاء من بعد.

 

قاعة الامتحان:

الغاية ليست التخلص من البلاء، فهذا لا يمكن إلَّا أن تخرج من ملكوت الله أو تنسلَّ عن سُنَّته في عباده، وهذا مستحيل وضرب أبعد من الخيال؛ فإنَّ الله هو الواسع العليم، وسع كرسيُّه السماوات والأرض. وما الدنيا يا صاحبي إلَّا دار ابتلاء، وقاعة امتحان كبيرة، وكلٌّ له ورقته بأسئلته الخاصة، والأجوبة تحدد منزلتك في دار لا فناء فيها ولا تبديل ولا تغيير ولا موت، دار قرار وأبدية وخلود سرمدي لا نهاية له.

 

غايتنا هي الخروج عن القنوط واليأس والدخول في بستان الصبر، وحسن الظن واليقين وحسن التخطيط.

 

غايتنا هي النجاح في الاختبار، وتحقيق مقام العبودية، وما أشرفها من منزلة! بل هي لُمعة الشرف، وقمَّة النُّبْل، وأعلى مكانة في معراج السير إلى الله عز وجل.

 

من طرق التعامل مع الضغط النفسي المزمن (اليأس والقنوط):

1. نهل الحكمة من القرآن الكريم وقصصه:

الخبرة الطويلة والمعرفة الواسعة تعني وجود كم كبير من المعلومات، وهذا الكم الكبير يعني حسن التصرُّف مع أحداث الدنيا، ولكن تأتي الإشكالية في أنَّ عمر الإنسان قصير، وأنَّ البلاء ينزل على العبد ما أن يصبح مكلَّفًا، وزِد على ذلك أهمية أخذ المعرفة من مصدر موثوق به، وصائب، وعليم. وهنا يكون كلام الله تبارك تعالى الذي وسع كل شيء علمًا، ويقصُّ علينا سبحانه وتعالى قصص أفضل البشر وأذكاهم وأكثرهم حكمة، فيختصر المرء عمر آلاف السنين، وينهل الحكمة من الحكيم الخبير. وهذا كلُّه يجعل الإنسان يرى الحياة بمنظور سليم وصحي، ويتصرَّف بعلم وإحاطة، ويكون هادئ ورابط الجأش، ومستقر الذهن، مهما طال البلاء فيصبح من ثمَّ بعيدًا عن الضغط النفسي المزمن؛ لأنَّ قلبه لا قنوط فيه ولا يأس.

 

ومن لم يستطع تدبُّر القصص القرآنية بنفسه فقد جعل الله من رحمته علماء وعقولًا نيِّرة تفيض بحرًا من العلم، فيقرأ العبد كتبهم، ويحضر مجالسهم، ويسمع دروسهم، ويطبِّق ما تعلَّمه.

 

2. التجمع والجلوس مع الناس الصالحة:

تحرِّي الأوقات الفاضلة والأحوال الشريفة مع الصحبة الصالحة، تتعبدون فيها الله، وتتدارسون فيها آياته لتزدادوا إيمانًا مع التواصي بالحق والصبر.

 

قال تعالى: ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [التوبة: 124].

 

قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

 

قال الشيخ العالم الربَّاني ابن القيم رحمه الله: "فإنَّ اجتماع الهمم والأنفاس أسباب نصبها الله تعالى مقتضية لحصول الخير ونزول الرحمة".

 

3. ترك التسويف:

إنَّ التسويف ليس أمرًا هيِّنًا، وشيئًا ليس بِحَسَن رؤية مدى التساهل وأخذ الموضوع كنوع من الفكاهة، مثل: "رأيت تغريدة عن التسويف؛ ومن ثمَّ وضعتها في الإشارات المرجعية لكي أقرأها لاحقًا"، أو مثل: "اشتريت كتاب "فن اللامبالاة"؛ ومن ثمَّ وضعته على الطاولة ولم أبالِ بقراءته". أو قد يلاحظ الشخص في نفسه عادة التسويف ويستاء من نفسه؛ ولكن لا يعزم على تركها.

 

اقرأ هذا الكلام للإمام ابن القيِّم رحمه الله الذي قد تتفاجأ وتطير منه فزَعًا:

"إن أكثر أهل النار من المسوِّفين كرجل احتاج إلى قلع شجرة فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة، فقال: أؤخرها سنة ثم أعود إليها، وهو لا يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخها، وهو كلما طال عمره ازداد ضعفه".

 

العلاقة بين التسويف والقنوط علاقة وطيدة؛ فالتسويف وتأخير التوبة يزيد من العقوبة، والتسويف والكسل عن فعل الطاعات يمحق البركة ويزيل التوفيق، والتسويف عن تأدية المهام يؤدي إلى تراكمها وتفاقمها إلى أن تصيبك قارعة بسبب ضخامة المشكلة الناتجة، أو ينزل على ساحتك الشقاء بسبب تضييعك لطاقتك وتبديدها في التوافه.

 

وهذا كلُّه يؤدي إلى القنوط، والذي بدوره يزيد من التسويف؛ لأنَّ العبد أصبح في عقلية: "ما الفائدة من ذلك كله؟ أنا مجرم وعاصٍ، لماذا أتوب؟"، وهكذا.

 

علاج التسويف هو المبادرة ومعرفة العمر القصير في هذه الدنيا، ويتلخَّص في حديث النبي صلى الله عليه وسلَّم: "كُنْ في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل. إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".

 

4. الصبر:

أقوال بديعة ورائعة عن تعريف الصبر:

الجنيد بن محمد: "هو تجرُّع المرارة من غير تعبُّس".

الإمام فريد الأنصاري: "الصبر هو أن تحوِّل وقعة البلاء وشعوره على القلب من جهة الشر إلى جهة الخير".

وقيل: "هو الفناء في البلوى بلا ظهور شكوى".

وقيل: "الصبر هو الاستعانة بالله".

 

وأكثر ما يقع في قلبي هو التعريف الأخير، فمن تبرَّأ من حوله وقوَّته ولجأ إلى حول الله وقوَّته، وتوجَّه بكلِّ ما فيه مفوضًا كل شيء إليه، مستعينًا به، ومجاهدًا وصادقًا في طلبه، فإنَّ الله يصاحبه ويكفيه، ويخرج إلى حالة يصبح لديه التكليف الشاق لذَّةً ومتعةً كما قال أحد السلف: "عالجت قيام الليل سنة فاستمتعت به عشرين سنة"، وقال ابن القيِّم: "إذا كان العبد بالله هان عليه كل شيء، ويتحمل الأثقال ولم يجد لها ثقلًا".

 

5. ماذا فعل يعقوب؟

أولًا: الصبر الجميل:

﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]، نجد الصبر عند يعقوب عليه السلام في غاية كماله وحُسْنه؛ فقد حبس الشكوى عن الخلق، وتأدَّب أمام قدر الله، وانتظر الفرج.

 

ثانيًا: حسن الظن بالله:

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

 

﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 83].

 

﴿ يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ﴾ [يوسف: 87].

 

حسن الظن بربِّنا تبارك وتعالى هو سِرُّ الرضا وعيش الحياة الطيبة في الدنيا، وسوء الظن به سبحانه وتعالى، هو السمُّ الذي يجلب المقت واليأس والقنوط، وربَّما يصل إلى أن يخرج المرء عن دينه.

 

وسوء الظن بالله هو سَدٌّ كبير يعزل العبد عن رحمات الله، كما قال ابن القيِّم: "فإن فضل الله لا يردُّه إلا المانع الذي في العبد. فلو زال ذلك المانع؛ لسارع إليه الفضل من كل صوب".

 

ثالثًا: معرفة الله عز وجل:

﴿ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [يوسف: 6].

 

التأصيل العقدي في معرفة أسماء الله عز وجل والتفقُّه فيها، والتأمُّل في آثار صفاته، هو الفوز العظيم في هذه الدنيا، فمن نال ذلك يكون كمن نال قصورًا وأنهارًا وجبالًا من الذهب إلى أنَّها في القلب. فيعقوب عليه السلام يعلم عن ربِّه أنَّه العليم الحكيم، وربَّى ابنه على هذين الاسمين ودرَّسهما له؛ فلم يزده البلاء إلَّا خشوعًا وحسن ظنٍّ ومحبةً وتلذُّذًا بمناجاته وراحةً لقلبه؛ لأنَّه يعلم أنَّ ربَّه عليم، أحاط بكل شيء علمًا، ويعلم عواقب الأمور وخفايا الظنون، ومقاصد الصُّروف. وسع علمه السماوات والأرض وما بينهما، فيعلم حركة الكواكب وأحوالها، ويمسكها من أن تقع، ويعلم حبَّات الرمل في صحاري الأرض كلها حبةً حبةً، وكلٌّ في كتاب مبين. وهو الحكيم يضع الأمور مكانها وعلى نصابها وأعلى أحسن أحوالها.

 

والحمد لله ربِّ العالمين الذي وفَّقنا لهذا، ونسأل الله أن ينفعنا وإياكم بالآيات والذكر الحكيم.

 

المراجع:

1) القرآن الكريم.

2) تفسير فتح القدير، محمد بن علي الشوكاني.

3) صحيح البخاري.

4) موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق، ياسر عبد الرحمن.

5) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيِّم الجوزية.

6) فقه الابتلاء، أبو فيصل البدراني.

7) Andrew Huberman: tools for managing stress and anxiety

8) Stress facts and theories - literature review





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإرشاد النفسي: خطواته وكيفيته (نموذج إسلامي)
  • أنشطة أوقات الفراغ لدى الشباب الجامعي وعلاقاتها ببعض جوانب الصحة النفسية
  • المرونة النفسية.. كيف السبيل إليها؟
  • الدعايةُ ودورُها في الحرب النفسية
  • نحن والاضطرابات النفسية والعقلية

مختارات من الشبكة

  • المنهج الرباني القويم في التعامل مع القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعامل مع غير المسلم في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراحل التعامل مع القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدر حديثاً (آداب التعامل مع القرآن الكريم) لأحمد عبدالكريم(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (2) أسس حفظ القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (1) مدخل إلى حفظ القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكم وسياسة الأمة في القرآن الكريم (7) الحاكم والمحكوم في القرآن الكريم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التربية في القرآن الكريم: توجيهات تربوية لبعض آيات القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التفسير الموضوعي للقرآن الكريم: نبوة المصطفى عليه السلام في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب