• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى 1446هـ

خطبة عيد الأضحى 1446هـ
عبدالوهاب محمد المعبأ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/6/2025 ميلادي - 9/12/1446 هجري

الزيارات: 5202

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى 1446هـ

 

الخطبة الاولى

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، الله أكبر عدد ما أزهرَت الأزهار، الله أكبر عدد ما أثمَرَت الأشجار، الله أكبر عدد ما سالَت الأودية بالأمطار، الله أكبر عدد ما غرَّدَت الأطيار، الله أكبر عدد ما لبَّى المُلبُّون من الحُجَّاج والعُمَّار، الله أكبر كم أعتق برحمته عبدًا من النار، الله أكبر كم تجاوز عن الذنوب والأوزار، الله أكبر كم عفا عن عباده وهو الرحيم الغفار.

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

اللهُ أكبرُ كبيرا، والحمدُ للهِ كثيرا، وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلا، لا إلهَ إلا اللهُ وحده، صدقَ وعده، ونصرَ عبده، وأعزَ جنده، وهزمَ الأحزابَ


وحده، لا إله إلا اللهُ مخلصينَ لهُ الدينَ ولو كرهَ الكافرون.

 

﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88].

 

سبحان الله.. سبحان الله.

 

سبحان من قهر بقوته القياصرة، وكسر بعظمته الأكاسرة، الذين طغوا وبغوا، فأرداهم ظلمهم في الحافرة.

 

اللهم صل على نبيك الذي بعثته بالدعوة المحمدية، وهديت به الإنسانية، وأنرت به أفكار البشرية، وزلزلت به كيان الوثنية.

 

اللهم صلّ وسلم على صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والصراط الممدود.

 

اللهم صل وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصيّ، صاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل.

 

اللهم صل على من رفعت له ذكره، وشرحت له صدره، ووضعت عنه وزره.

 

اللهم صل وسلم على من جعلته خاتم الأنبياء، وخير الأولياء وأبر الأصفياء، ومن تركنا على المحجة البيضاء، لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

أيُّها المسلمون، عبادَ الله، الأعياد في الإسلام تبدأ بالتكبير وحياتنا كلها تكبير.

 

فإذا أذنا كبَّرنا الله، وإذا أقَمنا كبَّرنا الله، وإذا دخَلنا في الصلاة كبَّرنا الله، وإذا ذبَحنا كبَّرنا الله، وإذا وُلِد المولود كبَّرنا الله، وإذا خُضنا المعارِك كبَّرنا الله، وإذا جاء العيدُ بالتكبير استَقبَلناه وقلنا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

كان لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قبَّة في منى، فإذا جاء العيد كبَّر عمر فكبَّرت منى، فكبَّرت الأرضُ، وكأنَّك أمامَ أمَّة تُعلِن أنَّ الخنوع والخضوع لا يكونان إلاَّ لله، وأنَّ الذلَّة والانكِسار لا يكونان إلاَّ لذات الله، وأنَّ الاستِمدَاد والاستِلهَام لا يكونان إلاَّ من الله، وأنَّ العَوْن والتوكُّل لا يكونان إلاَّ على الله، وأنَّ الحفظَ والاستِعانة لا يكونان إلاَّ بالله - سبحانه وتعالى.

 

عباد الله العيد في الإسلام كلمةٌ رقيقة عَذبة تملأ النفس أنسًا وبهجةً، وتملأ القلبَ صفاءً ونَشوَة، وتملأ الوَجه نَضارة وفَرحَة، كلمةٌ تُذكِّر الوحيدَ بأسرته، والمريضَ بصحَّته، والفقيرَ بحاجته، والضعيفَ بقوَّته، والبعيدَ ببلده وعَشِيرته، واليتيمَ بأبيه، والمِسكِين بأقدس ضَرُورات الحياة، وتُذكِّر كلَّ هؤلاء بالله، فهو - سبحانه - أقوى من كلِّ قوي؛ ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].

 

وأغنى من كلِّ غني؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].

 

من تعلَّق به كفاه، ومن اعتمد عليه وقاه، ومن لجأ إليه حفِظَه وتولاَّه، الأعياد في الإسلام ليست انطِلاقًا وراءَ الشَّهوات، وليسَتْ سِباقًا إلى النَّزوات، وليست انتِهاكًا للمُحرَّمات، أو سَطْوًا على الحدود أو الحرمات.

 

أيُّها المسلمون، أعيادُنا تكتمل يوم تحرير الأَرض والعِرض، يوم تحرير البلاد والعباد، يوم أنْ تتحرَّر النُّفوس من الشَّهوات والملذَّات، ويوم أنْ تتحرَّر القلوب من الكذب والنِّفاق، ويوم أنْ تتحرَّر الصُّدور من الشَّحناء والبَغضاء، ويوم أنْ تتحرَّر الحقوق من قيود الفَساد والاستِبداد، فيبذل كلُّ ذي واجبٍ واجِبَه غير مُقصِّر، ويأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقَّه لا يزيد.

 

أعيادنا تكتمل يوم يتحرَّر المُحاصِرون من الظُّلم القائم، والحصار الظالم، والعداء المُتَراكِم، من الصَّديق قبل العدوِّ، ومن القَرِيب قبل البعيد، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله تعالى.

 

أعيادُنا تكتمل يوم أنْ يتحرَّر الأقصى المبارك من بَراثِن اليهود، ومن بطْش اليهود، ومن ظُلم اليهود وغير اليهود.

 

تكتمل أعيادنا يوم ينتصر فيه للمستضعفين في غزة تلك الأمة التي تُباد على أيد الصهاينة المجرمين وأعوانهم من الكافرين أمة كاملة تباد تحت مسمع ومرأى العالم بأسره، ولا مجيب ولا ناصر، ولا حول ولا قوة الا بالله.

 

أيها المؤمنون الموحدون، لمن تظنون هذا العيد؟ أهو لمن لبس الحلل القشيبة وهو عارٍ من لباس التقوى ولباس التقوى ذلك خير؟! أهو لمن إذا نظر الله إلى قلبه وجده مليئًا بالحقد والحسد والغيبة والنميمة والظلم والفسق والخيانة والتطاول على الناس وإيذائهم، مليئًا بالمشاحنات وقطيعة الأرحام وعقوق الآباء والأمهات؟! أهو لمن ضيع حظه من الصلوات المكتوبات وعصى رب الأرض والسماوات؟! كلا وألف كلا، ليس العيد السعيد لهذا، العيد السعيد لمن خاف يومًا تقشعر فيه الأبدان، العيد لمن استعد للعرض على الرب سبحانه وتعالى، العيد لمن اتقى الله في السر والعلن، العيد لمن وصل ما بينه وبين الله وما بينه وبين العباد، العيد لمن عمر بيته بالقرآن وأخرج آلات اللهو ومزامير الشيطان، العيد لمن زُحزح عن النار والحر الشديد والقعر البعيد التي طعام أهلها الزقوم وشرابهم الصديد ولباسهم القطران والحديد، وفاز بجنة لا يفنى نعيمها ولا يبيد. ذلكم ـ يا عباد الله ـ هو السعيد في عيده.

 

فاتقوا الله، وطهروا قلوبكم من الرذائل والأدران، وأعمالكم من كل ما يتنافى مع السنة والقرآن، تحظوا بفرحة العيد الحقة والفوز النافع الذي ذكره الله بقوله: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ [آل عمران: 185]، وقوله تعالى: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61].

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

أيّها المسلمون، اعلموا أنكم مستهدفون من أعداء الإسلام من المشرق والمغرب، ومن جميع طوائف الأرض ومللها، من يهود ونصارى ووثنيين وملاحدة، وإنهم ليتكالبون على المسلمين ـ كما وصفهم نبينا ـ كما يتداعى الأكلة إلى قصعتها، وهل رأيتم ـ عباد الله ـ قصعة تكالب عليها الأعداء أكبر من قصعة الإسلام؟! والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. إن هذا الدين عزيز، وإن الله ناصره ومظهره، والعاقبة لأهله.

 

فينبغي على أمة الإسلام أن تتنبه للخطر العظيم القادم.

 

فيا أمة الإسلام، هذا دينكم وشرع ربكم وسنة نبيكم بين أيديكم، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ. فوالله، وبالله، وتالله، لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وإياكم والمحدثات من المناهج والأفكار والأهواء والطرق والآراء، فإن خير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، والعياذ بالله.

 

إنَّ الأمَّة حين تخلَّت عن أمرِ الله صارت مهينةً مستكينَة، يطؤها الأقزام والأصاغر، وينالُها الكافِر الماكر، وثِقت بمَن لا يفي بالعهود، وأسلمَت نفسَها للعدوّ اللدود، وتلَّت جبينَها لذابِحها، ومنحت رباطَها لخانقِها، على حسابِ دينها وأمنِها وحاضرِها ومستقبلِها، في عالَم الكذبِ والخِداع والمكرِ والأطماع، حتّى باءت بالسُّخطتَين وذاقت الأمَرَّين، ولا ينفَع اليومَ بكاءٌ ولا عَويل، وليس الآنَ ثمَّةَ مخرجٌ لهذا الهوان إلا صدقُ اللجَأ إلى الله، فهو العظيم الذي لا أعظمَ منه، والعليّ الذي لا أعلى منه، والكبير الذي لا أكبر منه، والقادرُ الذي لا أقدرَ منه، والقويّ الذي لا أقوى منه، العظيمُ أبدًا حقًّا وصدقًا.

 

أيّها المسلمون، ما أصابنا اليومَ إنّما هو بسبَب ذنوبِنا وإسرافِنا في أمرنا وما فعله السّفهاء منا.

 

يا أمّة محمّد، آن للمنكرَات أن تُنكَر، آنَ لقنَوات الخزيِ أن تُمنَع وتُكسَر، آنَ للرّبا أن يُهجَر، آنَ للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أن يَظهَر، آنَ لبلادِ الإسلام أن تتطهَّر، آن لدين الله أن يُنصَر.

 

آنَ للأمّة أن تتذكَّر قولَ سيِّد البشر محمّد: ((من التمَسَ رضا الله بسخطِ النّاس رضي الله عنه وأرضى عنه الناسَ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَط الله سخِط الله عنه وأسخطَ عليهِ الناس))، وفي لفظٍ: ((من أرضى اللهَ بسخط النّاس كفاه الله، ومن أسخطَ الله برضا النّاس وكله الله إلى النّاس)).

 

وعلى الأمّة أن تحذَر في هذا الوقتِ كلَّ ناعق ومنافقٍ ممَّن لا تؤمَن غوائلهم، ولا تَقِف مكائِدهم، الذين أزكَموا الأنوفَ بنَتَن هذيانِهم وعفَن أباطيلهم وخطراتهم، التي ضرَّت وجرَّت على الأمّة من الويلات والنّكبات ما جرّت، سيماهم التّرامُز وديدنُهم التغامُز، ينادون بالانفِتاح، ويسعَون إلى تغريب الأمّة، وجوهٌ كالحَة، ونواصِي كاذِبة، وأفكارٌ خاطِئة، تُثير البلبلَة، وتخلُق الخَلخَلة، وتزرَع بُذور الفُرقة في وقتٍ نحتاج فيه إلى اجتماعِ الكلمَة ووَحدة الصّفِّ والتّعاضُد والتّساند.

 

أيّها المسلمون، إنَّ ممَّا يُذيب القلبَ كمدًا ويعتصِر له الفؤادُ ألمًا أن ترى بعضَ المسلمين ـ ونحن في هذه الأحداثِ المؤلِمة ـ وهم في غفلةٍ معرِضون، لاهيةً قلوبُهم يلعبون، نرى صوَرًا مريضَة شائِهة ونفوسًا تائهة تلهو في أحلكِ الظّروف، وتمرَح في أخطرِ المواقف، وتهزَل في مواطِن الصّرامة، وتلعَب في زمَن البلاءِ والبأساء والضّرّاء، غفلةٌ عن النّذر، وإعراضٌ عن التّذكِرة.

 

ها هي البيوتُ قد مُلئت بالمنكرات فما دفعناها، ها هي المعاصي كثُرت في المجتمعات فما منعناها، ترخُّصٌ بَغيض، وتساهلٌ مقيت، واستهتار مُميت، فأينَ تعظيمُ شعائر الله يا من تعصون؟!

 

أين الوقوفُ عند حدود الله يا من تعتَدون؟!

أين الذين هم لربِّهم يَرهبون؟!

أين الذين هم من خشيةِ ربِّهم مشفِقون؟!

أين الخوفُ والوجل؟! أين الخشيةُ من سوءِ العمَل؟!

 

لقد قُوِّض بنيانُ العفاف، وطُوِّحت جُدران الفضائِل، جِيلٌ في ريَعان الشّباب قد ارتَكس في وحل السوء، وسقط في مستنقَعٍ موبوء، فمن الذي أوردَه موارد الهلاك؟! من الذي أسقطه في تِلك الأشواك؟! ما أشدَّ المفارقةَ وأبعدَ المشابهة بين الأمسِ واليوم، هُوّة عميقةٌ وبَون واسعٌ وفرق شاسع.

 

أيّها المسلمون، إنَّ أجيالنا اليومَ تتعرَّض لسُعار الفسادِ وطغيان التّغريب وداءِ التّمييع والإهمال، وسيسألنا الله عن تضييع هذه الأجيال، فهل أعدَدنا جوابًا؟! وهل سيكون الجواب صوابًا؟! يقول رسول الهدى: ((كلّكم راع، وكلّكم مسؤول عن رعيّته، فالأمير راع، والرّجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلّكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيّته)) أخرجه البخاري.

 

أيّها المسلمون، إذا فشِلنا في هذا الجِهاد جهادِنا مع أنفسنا وإصلاحِ مجتمعاتنا وأجيالِنا فسنفشل في كلّ ميادين القتال وساحات النزال، إنَّ كلَّ الضّرباتِ الموجِعة والهزائم المتتابعة والنّكسات المُفظِعة التي نتلقّاها يومًا بعد يوم إنّما هي بسببِ إضاعتِنا للعهد الذي استخلفَنا الله لتحقيقه، ومكَّننا في هذه الأرض لتطبيقِه.

 

شباب الإسلام، أنتم أمل الأمة ورجال المستقبل، ولن تبنوا أمجادكم وتؤمّنوا مستقبلكم وتقوموا بحمل الأمانة تجاه دينكم وأمتكم وبلادكم إلا بالاستقامة على دين الله والتحلي بالصبر والمثابرة والأخلاق الكريمة والبعد عن الرذائل والفساد والانحراف، صونوا أنفسكم ـ يا عباد الله ـ عن الملهيات والمغريات، لا تغتروا ـ أيها الشباب ـ بشبابكم وصحتكم، فالموت لا يفرق بين صغير وكبير ولا غني وفقير، تفطنوا لمخططات أعدائكم تجاهكم، وكونوا منها على حذرٍ وحيطة.

 

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يهيئ لهم من أمرهم رشدًا.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله ولي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

أيُّها المسلمون، إننا بحاجة إلى العيد كفرصة لبث الأمل في قلوب أحبطها اليأس وأحاط بها القنوط فالأعياد هي فرص للراحة والتقاط الأنفاس لمواصلة الحياة بحلوها ومرها وعوناً لاستمرار رفع راية النضال فالمحن في طياتها منح والابتلاءات بناء وقوة و مخاض عزة.

 

كان أسلافنا يفرحون بالعيد وهم المجاهدون وربما صادف العيد يوم فتح أو غداة العودة من قتال وبينهم من فقد أخاه، ومن أصيب في المعارك إلا أنهم كانوا يطوون صفحة الحزن ليبدأوا صفحة جديدة عنوانها العيد لتكون عون على ما مضي وبارقة أمل لما هو آت، فالشهداء في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

 

انثروا الفرحة في البيوت وفي الطرقات وعلى رؤوس الأطفال ولعل فرحة العيد تُغير مجري حياتنا.. كبروا وهللوا فالعيد عبادة والبسمة صدقة..

 

عباد الله أنتم مأمورون بالفرحة:

فاجعَلُوا هذه الأيَّام أيامَ العيد فرحًا لا ترحًا، أيَّامَ اتِّفاق لا اختلاف، أيَّامَ سعادةٍ لا شَقاء، أيَّام حب وصَفاء، لا بَغضاء ولا شَحناء، تسامَحُوا وتَصافَحُوا، توادُّوا وتحابُّوا، تَعاوَنُوا على البرِّ والتَّقوى، لا على الإثم والعُدوان، صِلُوا الأرحام، وارحَمُوا الأيتام، تخلَّقوا بأخلاق الإسلام.

 

إذَا التقى المسلمان في يوم العيد وقد باعدت بينهما الخلافاتُ أو او اوقعتهم الحزازات فأعظمُهما أجرًا البادئ أخاه بالسلام.

 

في هذا اليوم ينبغي أن ينسلخَ كلّ إنسان عن كبريائه، وينسلخَ عن تفاخرِه وتباهيه، بحيث لا يفكّر بأنّه أغنى أو أثرى أو أفضل من الآخرين، وبحيث لا يتكبر الغنيّ -مهما كثُر مالُه- وأنّه أفضلُ من الفقير.

 

عباد الله: إن هذا اليوم من أعظم أيامكم، شرع الله لكم فيه قربة تتقربون بها إليه، وهي ذبح أضحية العيد، بشروطها المعروفة، (وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ)، واشكروه على نعمه وآلائه وفضله، وأحسنوا الذبحة، وأريحوا الذبيحة، وكلوا منها، وأطعموا البائس الفقير، وأهدوا منها لمن تحبون من إخوانكم وأهاليكم، تجتمع قلوبكم على الخير والألفة والمحبة والتعاون

 

ومن لم يضحِّ لضيق العيش والحاجة فلا يبتئس ولا يحزن، فقد ضحى عنه وعن غيره من المسلمين رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان.

 

وبروا والديكم، وصلوا أرحامكم، وأحسنوا إلى جيرانكم، وأصلحوا ذات بينكم، وطهروا قلوبكم من الشحناء على إخوانكم، وتذكروا إخوانكم الفقراء والمرضى والأرامل واليتامى والمشردين، فابذلوا لهم ما تستطيعون من العون والدعاء؛ فإن الله يجزي المتصدقين، واحذروا منكرات العيد؛ فإنكم في أيام الشكر والذكر والتكبير، فاذكروا الله على ما هداكم، واشكروه على ما أعطاكم. وجدِّدوا إيمانكم وحسِّنوا أخلاقكم، واحفظوا دماءكم، واجتنبوا الفتن، وحافظوا على صلاتكم وسائر عباداتكم، وأمروا بالمعروف وانهو عن المنكر، وقولوا كلمة الحق، واعملوا على ازدهار أوطانكم وتطوُّر مجتمعاتكم.

 

عباد الله كبروا الله في أيام التشريق، فهي أيام أكل وشرب وذكر لله -سبحانه-، كما صح بذلك الخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز لأحد أن يصومها، ولتكثروا من ذكر الله وتهليله وتكبيره فيها في جميع أوقاتكم، ولا تخصصوا ذلك فقط بدبر الصلوات المفروضة.

 

تقبل الله ضحاياكم، ورضِي عنكم وأرضاكم، وحقَّق في الخير مُناكم، وأسعَدَكم ولا أشقاكم، وعاوَدَتكم السعود ما عاد عيدٌ واخضرَّ عود.

 

أيها الأحبة، اجتمع اليوم عيدان جمعةٌ وعيد ولله الحمد والمنة، روى أبو داود في سننه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مُجَمِّعون). فمن صلى العيد، أجزأته عن الجمعة ويصليها ظهرا في بيته، والإمام يقيم الجمعة بمن حضر لصلاتها ممن صلى العيد وممن لم يصل العيد.

 

واعلموا رحمكم الله، أن من أفضل أعمالكم وأرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم كثرة صلاتكم وسلامكم على سيد الأولين والآخرين، النبي المصطفى والنبي المجتبى، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال عز من قائل سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيب قلوبنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكّس رايات الكفرة والملحدين، اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، أحصهم اللهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا، أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، اللهم اجعل الفرقة في صفوفهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وخالف كلمتهم، واجعل بأسهم بينهم، ورد كيدهم في نحرهم، وأشغلهم بأنفسهم، واجعلهم عبرة للمعتبرين، يا قوي يا عزيز يا متين...

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم اجمع شمل المسلمين، ولمَّ شعثهم، وألِّف بين قلوبهم واحقن دمائهم، اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، واجعل بلدنا هذا آمنًا وسائر بلاد المسلمين، اللهم تقبَّل من حُجاج بيتك أعمالَهم، ورُدَّهم إلى بلادهم سالمينَ غانمينَ، واغفر لنا ولهم أجمعين… وآخِرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ذكرى عيد الأضحى
  • الإمساك عن الأكل في عيد الأضحى حتى يصلي العيد
  • خطبة عيد الأضحى 1436 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ

مختارات من الشبكة

  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأضحى في زمن الابتلاء (خطبة عيد الأضحى 1441هـ)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (الأضحى إرث إبراهيم)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أيام الأضحى والنحر أيام تضحية وفداء وذكر (خطبة عيد الأضحى 1439هـ)(مقالة - ملفات خاصة)
  • (هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1443 هـ (العيد وصلة الأرحام)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • (لمن فرحة العيد؟) خطبة عيد الأضحى 1442 هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1445 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى (1445 هـ)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب