• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تجارة العلماء (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خيار الناس وأفضلهم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    صيغ العموم وتطبيقاتها عند المناوي من خلال فيض ...
    عبدالقادر محمد شري
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    ياسر بن صالح العضيبي
  •  
    حسن الخلق
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطبة: الشتاء موسم العبادة والصدقة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    أمنيات في يوم الحسرات (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة الفقه: التيمم
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صفة العزة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    فضل الإيمان (خطبة)
    عبدالله أحمد علي الزهراني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد

خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/6/2025 ميلادي - 8/12/1446 هجري

الزيارات: 9646

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك

لزوم الإيمان في الشدائد

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَالْكَمَالِ؛ اخْتَصَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ بِفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ؛ لِيُكَفِّرَ بِهَا سَيِّئَاتِ الْعِبَادِ، وَيَرْفَعَ دَرَجَاتِهِمْ، وَيُبَارِكَ حَسَنَاتِهِمْ، وَيُعْتِقَهُمْ مِنَ النَّارِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَمَرَ الْعِبَادَ بِتَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، وَالْإِخْلَاصِ فِي عِبَادَتِهِ، وَالذَّبْحِ لَهُ، وَالْحَجِّ لِبَيْتِهِ، وَتَعْظِيمِ شَعَائِرِهِ وَحُرُمَاتِهِ؛ فَهُوَ الرَّبُّ الْمَعْبُودُ، وَمَا سِوَاهُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَمُلَتْ بِهِ الْمِلَّةُ، وَتَمَّتْ بِهِ النِّعْمَةُ، وَعَزَّتْ بِدِينِهِ الْأُمَّةُ؛ فَلَا عِزَّ لَهَا إِلَّا بِالْإِسْلَامِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ مَا أَهَلَّ الْحُجَّاجُ بِالْمَنَاسِكِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مَا عَظَّمُوا الشَّعَائِرَ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مَا تَنَقَّلُوا بَيْنَ الْمَشَاعِرِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مَا اجْتَهَدَ الْمُسْلِمُونَ بِالْأَمْسِ فِي الدُّعَاءِ، وَمَا يُرِيقُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنَ الدِّمَاءِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ مَا عَزَّ الْإِسْلَامُ وَارْتَفَعَ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مَا ذَلَّ الْكُفْرُ وَانْخَفَضَ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مَا زَهِقَ الْبَاطِلُ وَظَهَرَ الْحَقُّ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَاحْمَدُوهُ عَلَى مَا حَبَاكُمْ، وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ تَتَقَرَّبُونَ بِأَضَاحِيكُمْ، وَهِيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَيْهِ، ثُمَّ تَعُودُ إِلَيْكُمْ، وَيُكْتَبُ فِيهَا أَجْرُكُمْ؛ ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْحَجِّ: 36-37].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: صَبَّحَكُمُ الْيَوْمَ عِيدُكُمُ الْكَبِيرُ، تَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ بِذَبْحِ أَضَاحِيكُمْ، وَإِخْوَانُكُمُ الْحُجَّاجُ يَسِيرُونَ فِي جُمُوعٍ غَفِيرَةٍ إِلَى الْجَمَرَاتِ، مُلَبِّينَ وَمُكَبِّرِينَ؛ لِيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَيَتَقَرَّبُوا لِلَّهِ تَعَالَى بِهَدْيِهِمْ، ثُمَّ حَلْقِ رُؤُوسِهِمْ، ثُمَّ حِلِّهِمْ مِنْ إِحْرَامِهِمْ، ثُمَّ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ، طَوَافَ الزِّيَارَةِ، يَزُورُونَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، بَعْدَ أَنْ وَقَفُوا بِالْأَمْسِ فِي عَرَفَاتٍ، وَتَجَلَّى لَهُمُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ، يَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ وَابْتِهَالَهُمْ وَهُمْ إِلَيْهِ يَجْأَرُونَ، وَيَرَى خُشُوعَهُمْ وَهُمْ يَضْرَعُونَ وَيَبْكُونَ، فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ، وَيُعْطِيهِمْ مَا يَسْأَلُونَ، فَسُبْحَانَ مَنْ وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ مَنْ دَعَاهُ بِالْأَمْسِ فِي عَرَفَاتٍ وَفِي كُلِّ أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَسُبْحَانَ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ، وَعَلِمَ مَكْنُونَ صُدُورِهِمْ، وَأَحْصَى مَسَائِلَهُمْ عَلَى كَثْرَتِهِمْ، وَاخْتِلَافِ لُغَاتِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ، سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ، رَبُّنَا الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ، الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ، الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا اقْبِلْ مِنَّا وَمِنَ الْحُجَّاجِ، وَأَعْتِقْنَا جَمِيعًا مِنَ النَّارِ، وَأَوْجِبْ لَنَا الْجِنَانَ؛ فَإِنَّ إِجَابَتَكَ لِدُعَائِنَا تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، وَإِنَّ رَدَّكَ لِدُعَائِنَا يَضُرُّنَا وَلَا يَنْفَعُكَ، وَأَنْتَ الرَّبُّ الْكَرِيمُ، الَّذِي لَا يَتَعَاظَمُ شَيْئًا أَعْطَاهُ، اللَّهُمَّ فَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَزِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَأَرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: الْإِيمَانُ مَلَاذُ الْمُؤْمِنِ فِي الشَّدَائِدِ، وَالصَّلَاةُ مَفْزَعُهُ فِي الْعَظَائِمِ، وَالتَّوَكُّلُ سِلَاحُهُ فِيمَا يَخَافُ مِنْهُ، وَالْغَيْبُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمُؤْمِنُ يَسْتَنِيرُ بِنُورِ الْوَحْيِ، وَيَضَعُ سُنَنَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَيَعْتَبِرُ بِمَا حَلَّ بِالسَّابِقِينَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ.

 

وَالْبَشَرِيَّةُ -فِي زَمَنِنَا هَذَا- قَدْ بَلَغَتِ الْغَايَةَ فِي الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ وَالتَّعَدِّي؛ وَذَلِكَ بِالتَّعَدِّي عَلَى مَقَامِ الرُّبُوبِيَّةِ بِاسْمِ حُرِّيَّةِ الرَّأْيِ، وَرَدِّ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ بِحُجَّةِ كِفَايَةِ الْقُرْآنِ عَنْهَا، وَالطَّعْنِ فِي ثَوَابِتِ الدِّينِ، وَالتَّهْوِينِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَحْلِيلِهَا، وَالتَّزْهِيدِ فِي الْوَاجِبَاتِ وَإِسْقَاطِهَا، وَتَسَلُّطِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ. نَاهِيكُمْ عَنِ الِانْغِمَاسِ فِي الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا، وَتَمَكُّنِ الْمَادِّيَّةِ الْفَرْدِيَّةِ فِي عَالَمٍ مُتَوَحِّشٍ يَأْكُلُ قَوِيُّهُ ضَعِيفَهُ، وَيَنْهَبُ قَادِرُهُ عَاجِزَهُ. كُلُّ ذَلِكَ مُؤْذِنٌ بِالْعُقُوبَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ الَّتِي مِنْهَا تَسْلِيطُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ؛ ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 65]، وَنَرَى بَوَادِرَ ذَلِكَ فِي كَسَادٍ اقْتِصَادِيٍّ يُطِلُّ بِرَأْسِهِ عَلَى الدُّوَلِ الْكُبْرَى، وَلَا يَعْلَمُ مَدَى ارْتِدَادِهِ وَأَثَرِهِ عَلَى النَّاسِ فِي أَرْزَاقِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَحَرْبٍ غَيْرِ مُعْلَنَةٍ بَيْنَ أَقْطَابِ الْعَالَمِ قَدْ تَقُودُ إِلَى دَمَارٍ هَائِلٍ، وَاسْتِهَانَةٍ بِقَتْلِ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ وَالضُّعَفَاءِ فِي حُرُوبٍ عَبَثِيَّةٍ يُسَعِّرُهَا الْمُتَعَطِّشُونَ لِلدِّمَاءِ لِبَسْطِ نُفُوذِهِمْ وَسَيْطَرَتِهِمْ، كُلُّ ذَلِكَ وَغَيْرُهُ كَثِيرٌ، يُنْذِرُ بِتَحَوُّلَاتٍ كُبْرَى، يَنْتُجُ عَنْهَا أَحْدَاثٌ لَا يَعْلَمُ عَاقِبَتَهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَنَرْجُو أَنْ تَكُونَ خَيْرًا لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ. وَإِزَاءَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْتَنِيرُ بِنُورِ الْوَحْيِ فِيمَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ أَحْدَاثٍ:

فَلَا بُدَّ أَنْ يُوقِنَ: أَنَّ الْأَمْرَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْقَدَرَ قَدَرُهُ، وَأَنَّ الْخَلْقَ تَحْتَ مَشِيئَتِهِ، وَأَنَّ مَا شَاءَهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْهُ لَمْ يَكُنْ؛ ﴿ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 154]، ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ﴾ [الرُّومِ: 25]، ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 38]، فَيُعَلِّقُ قَلْبَهُ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا بِالْخَلْقِ، وَيَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى أَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْكَوْنِ دُونَ الْخَلْقِ.

 

وَأَنْ يَكُونَ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى غَايَتَهُ، وَالْجَنَّةُ مُبْتَغَاهُ، وَأَنْ تَكُونَ أَعْمَالُهُ عَلَى وَفْقِ هَذِهِ الْغَايَةِ، وَلَا يَأْسَى عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَيُقَابِلُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ مَصَائِبَ بِالرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ؛ فَفِي ذَلِكَ رِضَا الرَّحْمَنِ، وَرَاحَةُ الْبَالِ، وَعَظِيمُ الْأَجْرِ؛ ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التَّغَابُنِ: 11]، «إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ ‌لَمْ ‌يَكُنْ ‌لِيُصِيبَكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَأَنْ يَكُونَ وَلَاؤُهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَلِدِينِهِ وَلِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 55-56].

 

وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَةِ فِي حَالِ الشَّدَائِدِ وَالْفِتَنِ وَالْمِحَنِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌الْعِبَادَةُ ‌فِي ‌الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ»، وَالْهَرْجُ هُوَ تَفَاقُمُ الْفِتَنِ وَاخْتِلَاطُ الْأَمْرِ، فَتُسْتَحَبُّ حِينَهَا الْعُزْلَةُ، وَالْخَلْوَةُ بِاللَّهِ تَعَالَى تَعَبُّدًا وَذِكْرًا؛ لِاشْتِغَالِ النَّاسِ بِالْفِتْنَةِ، وَغَفْلَتِهِمْ عَنِ الْعِبَادَةِ.

 

أَنَارَ اللَّهُ تَعَالَى بَصَائِرَنَا بِالْإِيمَانِ، وَجَنَّبَنَا حَبَائِلَ الشَّيْطَانِ، وَكَفَانَا وَالْمُسْلِمِينَ كَيْدَ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ، وَثَبَّتَنَا عَلَى الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِدِينِنَا، وَشَرَعَ لَنَا مَنَاسِكَنَا، وَرَزَقَنَا أَضَاحِيَنَا، لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا شَعَائِرَهُ؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ: 32].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ: قُوَّةُ الْإِيمَانِ وَالتَّعَلُّقُ بِاللَّهِ تَعَالَى، إِنْ كَانَ ضَرُورَةً فِطْرِيَّةً فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَهُوَ فِي أَوْقَاتِ الْخَوْفِ أَكْثَرُ ضَرُورَةً وَإِلْحَاحًا، وَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ تَعَالَى فِي الرَّخَاءِ عَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الشِّدَّةِ، وَمَنْ أَكْثَرَ مِنَ الدُّعَاءِ فِي الرَّخَاءِ وَالسَّرَّاءِ اسْتُجِيبَ لَهُ فِي الشَّدَائِدِ وَالضَّرَّاءِ، وَلَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَلْتَزِمَ بِإِيمَانِهَا، وَتَتَمَسَّكَ بِشَرِيعَةِ رَبِّهَا، وَلَا تَتَخَلَّى عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا مَهْمَا كَانَتِ الْمُغْرِيَاتُ الصَّارِفَةُ عَنْهَا، فَلَا قِيمَةَ لِلْبَشَرِ بِلَا إِيمَانٍ. وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُرَبِّيَ أَوْلَادَهَا مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الثَّبَاتَ فِي الشَّدَائِدِ وَالِابْتِلَاءَاتِ وَالْمَصَائِبِ مُرْتَهَنٌ بِالْتِزَامِ الدِّينِ فِي حَالِ الرَّخَاءِ وَالْعَافِيَةِ، وَمَا أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَى رَبِّهِمْ، وَمَا أَغْنَاهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [فَاطِرٍ: 15-17].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْيَوْمُ يَوْمُ عِيدِكُمْ، وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَضَاحِيكُمْ، وَيَحْرُمُ صِيَامُهُ وَصِيَامُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ ذَبْحِ الْأَضَاحِيِّ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَيَجُوزُ الذَّبْحُ نَهَارًا وَلَيْلًا، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَتِهِ وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ. وَالصَّدَقَةُ بِشَيْءٍ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَاجِبٌ عِنْدَ جَمْعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الْحَجِّ: 28].

 

وَفِي الْعِيدِ طَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ مِنَ الضَّغَائِنِ وَالْإِحَنِ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ الْمَقْطُوعَةَ، وَابْدَؤُوا بِالسَّلَامِ نُفُوسًا هَاجِرَةً غَاضِبَةً، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ، وَأَفْرِحُوا فِي الْعِيدِ أَهْلَكُمْ وَأَوْلَادَكُمْ، وَبَرُّوا فِيهِ وَالِدِيكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى جِيرَانِكُمْ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا.

 

وَقَدْ وَافَقَ عِيدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَمَنْ حَضَرَ الْعِيدَ فَلَهُ رُخْصَةٌ أَنْ يَتْرُكَ الْجُمُعَةَ، وَلَكِنْ يُصَلِّيهَا ظُهْرًا، وَإِنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَهُوَ أَفْضَلُ.

 

أَعَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 56].





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى المبارك ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1445هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك (الإخلاص طريق الخلاص)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ (من وضع ثقته في الله، فلن يضيعه الله أبدا)

مختارات من الشبكة

  • أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (33) «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلزوم الاستغفار والدعاء يدوم الخير والرخاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تجارة العلماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الشتاء موسم العبادة والصدقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمنيات في يوم الحسرات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجتنا إلى الصلاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/7/1447هـ - الساعة: 9:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب