• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك (الإخلاص طريق الخلاص)

خطبة عيد الأضحى المبارك (الإخلاص طريق الخلاص)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/6/2025 ميلادي - 8/12/1446 هجري

الزيارات: 5712

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك

(الإخلاص طريق الخلاص)

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا يليق بجلال ذاته، ويرتقي إلى كمال صفاته، ويشيد بعظيم مننه ولطفه ونعمائه.

الحمد لله كم فينا لخالقنا
مواهب ليس يحصي شكرها أحدُ

وأشهد أن لا إله إلا الله الملك القدُّوس السلام، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله خير مَنْ صلَّى وصام، وحج البيت الحرام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ صلاة دائمة سابغة البركات معطرة النفحات.

 

الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر

الله أكبر بُكرةً وعشيَّةً
الله أكبرُ سامعُ الأصواتِ
الله أكبر عالمًا ومُهيمِنًا
مُحصِي الحَجيج وجامع الأشتاتِ
الله أكبر أنت أرحمُ راحمٍ
فاقبَلْ كريمًا صالحَ الدعواتِ


الله أكبر كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، أما بعد:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

الإخلاص عباد الله: هو حقيقة الدين، ومفتاح دعوة الرسل عليهم السلام؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، وقال تعالى: ﴿ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 3].

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها الإخوة الأحباب، الإخلاص طريق الخلاص، كان معروف الكرخي رحمه الله يقول: يا نفس أخلصي تتخلصي.

 

أتعرفون ما هو الإخلاص؟

الإخلاص هو لُبُّ العبادة وروحها، قال ابن حزم: «النية سِر العبودية، وهي من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد، ومُحال أن يكون في العبودية عمل لا روح فيه، فهو جسد خراب».

 

أتعرفون ما هو الإخلاص؟

الإخلاص أن يكون العمل لله، لا نصيب لغير الله فيه.

 

أتعرفون ما هو الإخلاص؟

الإخلاص إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة.

 

أتعرفون ما هو الإخلاص؟

الإخلاص هو تصفية العمل من كل شائبة.

 

قال أبو هريرة رضي الله عنه: "مكتوب في التوراة: ما أُريد به وجهي فقليلُه كثيرٌ، وما أُريد به غيري فكثيرُه قليلٌ".

 

أتعرفون مَنْ هو المخلص؟

المخلص عباد الله: هو الذي لا يُبالي لو خرج كل قدْر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله تعالى، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذَّر من عمله.

 

والمخلص عباد الله: هو من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.

ما دامَ رائِدَنا الإِخلاصُ في العَمَلِ
لا بُدَّ نَبلغُ يَومًا غايَةَ الأَمَلِ

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


الإخلاص في الحج: أمة الإسلام فريضة الحج دورة تأهيلية للوصول إلى أعلى مراتب الإخلاص لله تعالى، قال جلا جلاله: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196].

 

وقال (عز وجل) في ثنايا آيات الحج: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ.. ﴾ [الحج: 30، 31].

 

وفي التلبية إعلان وإقرار بأن الله هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ملكه ولا سند، وفي التلبية: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، كما أن الحج يرتكز على توحيد المتابعة للرسول وعدم الوقوع في شرك الطاعة؛ إذ لا مجال للتنسك في الشعيرة بالأهواء والعوائد، بل لا بد من التأسي به والأخذ عنه.

 

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَحْلٍ وَقَطِيفَةٍ تَسْوى، أَوْ قَالَ: لا تَسْوى إِلَّا أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ حَجَّة لا رِيَاءَ فِيهَا، وَلا سُمْعَةَ"[1].

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


الإخلاص هو طريق الخلاص من الذل والهوان الذي أصاب الأمة، فلا نصر لنا على عدوِّنا إلا إذا أخلصنا إلى ربِّنا فتُنصَر الأُمة ويُمكَّن لها بإخلاص رجالها، وقد بَشَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم المُخلِصين بالرِّفعة والتمكين في الأرض، فقال: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ والدِّينِ، وَالرِّفْعَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ»؛ صحيح، رواه أحمد وابن حبان[2]؛ أي: مَنْ جعل عملَه الأُخروي وسيلةً إلى تحصيل الدنيا؛ لم يكن له في الآخرة من نصيب؛ لأنه لم يعمل لها.

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


معاشر الموحِّدين، تأملوا جيدًا في ذلك المشهد الرائع الذي يفيض إخلاصًا وخلاصًا لأحد أبطال الإسلام الذين تربوا في مدرسة الإخلاص "لما حاصر المسلمون حصنًا في إحدى غزواتهم، فاستعصى عليهم، وكثر الأذى فيهم بسبب رمي النصارى لهم، حتى قال مسلمة بن عبدالملك: من يدخل النقب- وهو فتحة ضيقة تحت الحصن تجري فيه المياه- فإن كتبت له الشهادة فاز بالجنة، وإن كتبت له النجاة ذهب لباب الحصن ففتحه؟ فخرج رجل ملثم قال: أنا من سيدخل النقب، فدخل وكبَّر وقاتل وفتح باب الحصن، وهجم المسلمون بعد ذلك على الحصن، وانتصر المسلمون على يد ذلك الرجل الذي لم يُعرَف، فأراد مسلمة أن يعرفه ليكافئه، فنادى في جيش المسلمين بعد المعركة أين صاحب النقب؟ فلم يجبه أحد، فعاد الكرة فلم يجبه أحد، فقال في النهاية: إني أمرت حاجبي بإدخاله عليَّ حين يأتي، فعزمت عليه بما لي عليه من الحق- أي: الطاعة في الإمرة- فجاء رجل ذات ليلة إلى حاجب مسلمة، فقال: استأذن لي على الأمير، قال: أنت صاحب النقب؟ قال: أنا أخبركم عنه، فلما صار بين يدي مسلمة قال: إن صاحب النقب يشترط عليكم ثلاثًا: ألا تبعثوا أحدًا وراءه، وألا تسألوه عن اسمه، وألا تأمروا له بشيء، قال مسلمة: فذلك له، فقال الرجل باستحياء: أنا صاحب النقب أيها القائد، ثم انطلق مسرعًا فلم يدر من هو، فكان- مسلمة- لا يصلي بعدها صلاة إلا دعا فيها: اللهم احشرني مع صاحب النقب يوم القيامة.

 

والنصر للأمة قد يأتي عن طريق الضعفاء والفقراء والمحتاجين أيضًا، فليست القضية قضية أموال ووجاهات ومناظر ومناصب خاصة إذا لم تكن في سبيل الله وحسب؛ بل هناك سلاح الإخلاص والدعاء ولا يجيده إلا قليل من الناس عن سعد رضي الله تعالى عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم".

 

ها هو الإخلاص يتجسَّد في شخصية محمد بن واسع رضي الله عنه "لما حاصر قتيبة بن مسلم كابل كان في جيشه العالم العابد محمد بن واسع، فأرسل يبحث عنه، فلقيه بجفن دامع، وكف ضارع، يشير بسبابته إلى السماء، ويقول: "يا سميع الدعاء، عظم فيك الرجاء، اللهم ثبت أقدامنا، وسدد سهامنا، وارفع أعلامنا"، فلما أخبروا قتيبة بما شاهدوا، وأطلعوه على ما وجدوا، قال قتيبة: والله، لإصبع محمد بن واسع خيرٌ عندي من مائة ألف شاب طرير، ومن مائة ألف سيف شهير. ثم بدأ القتال، فنصرهم ذو الجلال، وانهزم الكفار، وولوا الأدبار.

 

وها هو البطل المغوار، والصارم البتار، عبدالله بن المبارك يضرب أروع الأمثلة في إخلاصه لله تعالى، ذكر الذهبي في السيَر عن أبي حاتم الرازي قال: حدثنا عبدة بن سليمان المروزي قال: كنا سريَّة مع ابن المبارك في بلاد الروم، فصادَفَنا العدو، فلما التقى الصفَّان، خرج رجل من العدوِّ فدعا إلى البِراز، فخرج إليه رجل من المسلمين فقتله، ثم آخر فقتله، ثم آخر فقتله، ثم دعا إلى البِراز، فخرج إليه رجل من المسلمين فطارده ساعةً فطعنه المسلم فقتله، فازدحم إليه الناس، فنظرتُ فإذا هو عبدالله بن المبارك، وإذا هو يكتم وجهه بكمِّه، فأخذتُ بطرف كمِّه فمددته، فإذا هو هو.

 

فقال: وأنتَ يا أبا عمرو ممن يشنِّع علينا![3].

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.


أيها الأحباب بِالْإِخْلَاصِ تُقْبَلُ الْأَعْمَالُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ"؛ (حَسَنٌ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ)[4].

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.


وبالإخلاص يكون الخلاص من نارٍ حرُّها شديدٌ، وقعرُها بعيدٌ، ومقامِعُها من حديد قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، فَأَخْبَرَنِي -أَوْ قَالَ: بَشَّرَنِي- أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ"؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)[5].

 

واعلموا أن الْمُخْلِص لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ: عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم: قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ دَنَا مِنِّي شِبْرًا دَنَوْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَإِنْ دَنَا مِنِّي ذِرَاعًا دَنَوْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَإِنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً"[6].

 

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: "‌فَمَنْ ‌جَاءَ ‌مَعَ ‌التَّوْحِيدِ بِقُرَابِ الْأَرْضِ- وَهُوَ مِلْؤُهَا، أَوْ مَا يُقَارِبُ مِلْأَهَا- خَطَايَا؛ لَقِيَهُ اللَّهُ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً، لَكِنَّ هَذَا مَعَ مَشِيئَةِ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ-، فَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِذُنُوبِهِ، ثُمَّ كَانَ عَاقِبَتُهُ أَلَّا يُخَلَّدَ فِي النَّارِ، بَلْ يُخْرَجُ مِنْهَا، ثُمَّ يُدْخَلُ الْجَنَّةَ".

 

ومنها: مَنْ حَقَّقَ الْإِخْلَاصَ انْتَفَى عَنْهُ الرِّيَاءُ وَالنِّفَاقُ: عَنْ سَهْلِ ‌بْنِ ‌عَبْدِ‌اللَّهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- قَالَ: "‌لَا ‌يَعْرِفُ ‌الرِّيَاءَ إِلَّا مُخْلِصٌ، وَلَا يَعْرِفُ النِّفَاقَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يَعْرِفُ الْجَهْلَ إِلَّا عَالِمٌ، وَلَا يَعْرِفُ الْمَعْصِيَةَ إِلَّا مُطِيعٌ"؛ (صَحِيحٌ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ).

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

وبالْإِخْلَاص يَعْصِمُ الْعَبْدَ مِنَ الْفِتَنِ وَالشَّيْطَانِ: قَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24]، وَفِي قِرَاءَةٍ أُخْرَى: (الْمُخْلِصِينَ) بِكَسْرِ اللَّامِ، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَيُوسُفُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- ‌هَمَّ ‌هَمًّا ‌تَرَكَهُ لِلَّهِ؛ وَلِذَلِكَ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ لِإِخْلَاصِهِ".

 

وبالإخلاص يكون الخلاص من الذنوب والمعاصي تغفر الخطايا وتمحى الرزايا: قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: "فَإِنَّ اللَّهَ- تَعَالَى- يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَغْفِرُ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ، ‌لَا ‌يَتَعَاظَمُ ‌عَلَيْهِ ‌ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، وَلَا يَغْفِرُ شِرْكًا".

 

الْإِخْلَاصُ يُضَاعِفُ الْحَسَنَاتِ، وَيُعْظِمُ الْأُجُورَ: قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا؛ كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ"؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَضْعِيفَ ‌حَسَنَةِ ‌الْعَمَلِ إِلَى عَشَرَةٍ مَجْزُومٌ بِهِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا جَائِزٌ وُقُوعُهُ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْإِخْلَاصِ، وَصِدْقِ الْعَزْمِ، وَحُضُورِ الْقَلْبِ، وَتَعَدِّي النَّفْعِ كَالصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ، وَالْعِلْمِ النَّافِعِ"، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: "رُبَّ عَمَلٍ صَغِيرٍ ‌تُعَظِّمُهُ ‌النِّيَّةُ، وَرُبَّ عَمَلٍ كَبِيرٍ تُصَغِّرُهُ النِّيَّةُ".

 

الْإِخْلَاصُ سَبَبٌ لِلْفَوْزِ بِظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ"، وَمِنْهُمْ: "رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ) [7].

 

فَكُلُّهُمْ عَمِلُوا بِإِخْلَاصٍ؛ فَاسْتَحَقُّوا الظِّلَّ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: "فِيهِ فَضِيلَةُ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، ‌وَفَضْلُ ‌طَاعَةِ ‌السِّرِّ؛ لِكَمَالِ الْإِخْلَاصِ فِيهَا".

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.


وبالإخلاص يكون الخلاص من الكروب والهموم والغموم: كما في قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار سأل كل واحد منهم ربه بعمل أخلص لله.

 

تأملوا في إخلاص نبي الله يونس بن متى عليه السلام، وكيف نجاه الإخلاص من الكروب ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].

 

وبالإخلاص يكون الخلاص من أهوال وشدائد يوم القيامة: فالمخلص هو أسعد الناس بشفاعة النبي- صلى الله عليه وسلم- قَالَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ"؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) [8].

 

قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ-: "فَكُلَّمَا كَانَ الرَّجُلُ أَتَمَّ إِخْلَاصًا لِلَّهِ؛ ‌كَانَ ‌أَحَقَّ ‌بِالشَّفَاعَةِ".

 

قال عبيد بن عمير- رحمه الله-: "يُحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط، وأعطش ما كانوا قط، وأعرى ما كانوا قط، فمَن أطعم لله- عز وجل- أشبعه الله، ومَن سقى لله - عز وجل- سقاه الله، ومَن كسا لله- عز وجل- كساه الله".

 

قام الفضيل ليلةً وهو يقرأ سورة "محمد" ويبكي، ويردد هذه الآية: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31]، وجعل يقول: ﴿ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾، ويرددها، ويقول: "وتبلو أخبارنا؟! إن بلوت أخبارنا فضحتنا، وهتكت أستارنا، إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا".

 

"الله الله في إصلاح النيات... قال مالك بن دينار: قولوا لمن لم يكن صادقًا لا يتعنى، وليعلم المرائي أن الذي يقصده يفوته؛ وهو التفات القلوب إليه، فإنه متى لم يخلص حُرِم محبة القلوب، ولم يلتفت إليه أحد، والمخلص محبوب، فلو علِم المرائي أن قلوب الذين يرائيهم بيد من يعصيه لَما فعل".

 

"إذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فأقبل على الطمع أولًا فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زُهْدَ عُشَّاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح، سهُل عليك الإخلاص، وذبح الطمع يسهله عليك علمك يقينًا أنه ليس من شيء يُطمع فيه إلا وبيد الله وحده خزائنه، لا يملكها غيره، ولا يُؤتي العبد منها شيئًا سواه، والزهد في الثناء والمدح يسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين، ويضر ذمه ويشين إلا الله وحده".

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


كل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم خالص الأعمال.



[1] المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة (3/ 485)، (جة) 2890 صحيح لغيره (صحيح الجامع: 1313).

[2] صحيح الجامع: 2825، صحيح الترغيب والترهيب: 23.

[3] سير أعلام النبلاء (8/394)، تاريخ بغداد (10 /167).

[4] أخرجه النسائي (3140).

[5] وأخرجه البخاري (1237)، والبزار في "مسنده" (3998).

[6] أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء-4/ 2068، رقم 22).

[7] أخرجه البخاري 6806 في الحدود: باب فضل من ترك الفواحش، والنسائي 8 /222-223 في آداب القضاة: الإمام العادل.

[8] أخرجه البخاري (6570)، والنسائي في "الكبرى" (5842)، وابن خزيمة في "التوحيد" 2 /699، والآجري في "الشريعة" ص 340.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى المبارك
  • "دين الفطرة" خطبة عيد الأضحى المبارك 1444هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك ذو الحجة 1444هـ (الابتلاء في حياة إبراهيم عليه السلام)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1445هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد

مختارات من الشبكة

  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأضحى في زمن الابتلاء (خطبة عيد الأضحى 1441هـ)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (الأضحى إرث إبراهيم)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أيام الأضحى والنحر أيام تضحية وفداء وذكر (خطبة عيد الأضحى 1439هـ)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة بعنوان " الإخلاص "(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1438 (الفرحة بالعيد لا تنسينا يوم الوعيد)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإخلاص سبيل الخلاص (خطبة)(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1445هجرية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب