• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

حقوق المسنين (1)

حقوق المسنين (1)
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/5/2025 ميلادي - 26/11/1446 هجري

الزيارات: 73

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق المسنين (1)

 

الحمد لله الذي قدّر الأمور وقضاها، وعلى ما سبق علمه بها أمضاها، وكما قدّر مبدأها قدّر منتهاها، أحمده حمدًا يدوم ولا يتناهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أظهر الأدلة على وحدانيته وجلاها، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله أرسله إلى جميع الناس أدناها وأقصاها، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه الذين آتى الله نفوسهم تقواها.

وبعد:

ما زلنا نتحدث مع سلسلة الحقوق في الإسلام.

 

حديثنا اليوم عن حقوق الكبار والمسنين في الإسلام.

 

العالم احتفي في الأول من أكتوبر بـاليوم العالمي للمسنين -.

 

ديننا لم يجعل للمسنين يوما بل جعل لهم حقوقا وواجبات طوال حياتهم؛ فديننا اعتنى بالإنسان طفلا واعتنى به صبيا وكهلا وشيخا فالإسلام مع الانسان في رحلة حياته كلها من المهد الى اللحد، من صرخة الوضع الى أنّة النزع.

 

مرحله الشيخوخة أيها الكرام مرحله طبيعية من مراحل حياه الانسان أشار إليها القران فقال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

 

﴿ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ﴾ هكذا لابد ان يصل الانسان إذا لم يدركه الموت في الصغر الى الشيخوخة.

 

نعيش مع حقوق الكبار والمسنين في الإسلام

إنه الكبير إنه المسن الذي رق عظمه وكبر سنه، وخارت قواه وشاب رأسه، إنه الكبير الذي نظر الله إلى ضعفه وقلة حيلته فرحمه وعفا عنه، قال الله تعالى: ﴿ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا *فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: 99].


اسألوا كبار السن عن حالهم وطبيعتهم وتغير أحوالهم وضعف أبصارهم وتزايد عللهم وصدق الله القائل: ﴿ وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ﴾ [يس: 68] سُئل أحد الشيوخ عن حاله، فقال: « أجدني قد ابيضّ مني ما كنت أحب أن يسودّ، واسودّ مني ما كنت أحب أن يبيضّ، ولان مني ما كنت أحب أن يشتدّ، واشتدّ مني ما كنت أحب أن يلين، و أجدني يسبقني من بين يديّ، ويدركني من خلفي، وأنسى الحديث، وأذكر القديم، وأنعس في الملأ، وأسهر في الخلاء، وإذا قمتُ قربت الأرض مني، وإذا قعدتُ بعدت عني ».

 

تقارب الخطو وضعف البصر
وقلة الطعم إذا الزاد حضر
وكثرة النسيان ما بي مُدّكر
وقلة النوم إذا الليل اعتكر
أوله نومٌ وثلثاه سçر
وسعلة تعتادني مع السحر
وتركي الحسناء في حين الطُçر
وحذرًا أزداده إلى حذر
والناس يبلون كما يبلى الشجر

 

وصدق من قال:

ابن عشرٍ من السنين غُلام
رُفعت عن نظيره الأقلام
وابن عشرين للصبا والتصابي
ليس يثنيه عن هواه ملام
والثلاثون قوةٌ وشباب
وهيام ولوعة وغرام
فإذا زيد بعد ذلك عشرا
فكمالٌ وقوةٌ وتمام
وابن خمسين مر عنه صباه
فيراه كأنه أحلام
وابن ستين صيّرته الليالي
هدفًا للمنون وهي سهام
وابن سبعين عاش ما قد كفاه
واعترته وساوس وسقام
فإذا زيد بعد ذلك عشرا
بلغ الغاية التي لا ترام
وابن تسعين لا تسلني عنه
فابن تسعين ما عليه كلام
فإذا زيد بعد ذلك عشرا
فهو حيٌ كميت والسلام

 

سأل الحجاج رجلًا من بني ليث، قد بلغ سنًا كبيرة، قال: كيف طعمك؟ قال: إذا أكلت ثقلت، وإذا تركت ضعفت.. قال: كيف نومك؟ قال: أنام في المجمع وأسهر في المضجع. قال: كيف قيامك وقعودك؟ قال: إذا أردت الأرض تباعدت منّي، وإذا أردت القيام لزمتني. قال: كيف مشيتك؟ قال: تعقلني الشعرة وأعثر بالبعرة. لا اله إلا الله.

 

لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يُغرّ بطيب العيش إنسان

قال تعالى: ﴿ واللهُ خَلَقَكُم ثمَّ يَتَوَفَّاكُم ومِنكُم مَّن يُرَدُّ إلى أَرذَلِ العُمُرِ لكيلا يَعلَمَ بَعدَ عِلمٍ شَيئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾[النحل: 70]. وأرذل العمر كما ذكر المفسرون هو: أخسّه وأدونه وآخره الذي تضعف فيه القوى، وتفسد فيه الحواس، ويختل فيه النطق والفكر، ويحصل فيه قلة العلم وسوء الحفظ والخرف، وخصّه الله بالرذيلة لأنه حالة لا رجاء بعدها لإصلاح ما فسد.

 

هل هناك دواء يعيد الشيخ شابًا؟ لو كان موجودًا لبُذل له الغالي والرخيص وكان أول من يشتريه الحكام لأنهم يريدون أن يستمروا شبابًا يحكمون إلى ما شاء الله، وسيشتريه الأغنياء ليبقون عند أموالهم وتجاراتهم لكن شاء الله أن كل شيء إلى زوال.. ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾[الرحمن: 27].

 

إلا أن من المفسرين من ذكر أن بعض المؤمنين يُستثنون من حالة الردّ إلى أرذل العمر. قال القرطبي - / -: « إن هذا لا يكون للمؤمن ـ يعني الخرف والرد إلى أرذل العمر ــ، لأن المؤمن لا يُنزع عنه علمه »، وورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله: « ليس هذا في المسلمين لأن المسلم لا يزداد في طول العمر والبقاء إلا كرامة عند الله وعقلًا ومعرفة »، كما نُقل عن عكرمة قوله: « من قرأ القرآن لم يُرَد إلى أرذل العمر حتى لا يعلم بعد علم شيئًا » وقال طاووس: « إن العالم لا يخرف »، وذكر السيوطي عن عبد الملك بن عمير أنه قال: « كان يقال: إن أبقى الناس عقولًا قُرّاء القرآن ». كما ذكر ابن أبي الدنيا عن الشعبي أنه قال: « من قرأ القرآن لم يخرف ».

 

نعرف أُناسا بلغوا الثمانين وربما أكثر وما زالوا بعقولهم وصلاتهم وحياءهم وصبرهم.

 

وهناك من بلغ الخمسين أو تزيد وقد بدا في الخرف والسب واللعن يؤذي أهله بصياحه ويشغلهم بإلحاحه.

 

اللهم أحسن ختامنا ولا تردنا إلى أرذل العمر يارب العالمين.

 

الكبار الذي تعلمنا منهم وعلمونا.

 

ماذا تعلّمنا من المسنين

كبار السنّ عالم آخر وروح عجيبة وقصص وحكايات وأخبار.

 

الكبار والشيوخ لهم ميزات وصفات تعلمناها منهم وشاهدناهم عليها وننصحهم بالاستمرار والثبات علبيها من هذه الصفات:

أولًا: كثرة ذكرهم لله تعالى قائمين قاعدين وعلى جنوبهم، حتى إننا لا نشعر بدخولهم في أيّ مكان إلا من خلال سماعنا لما تعطّرت به أفواههم من ذكر الله تعالى من مثل: ( لا إله إلا الله – لا حول ولا قوة إلا بالله – يا الله سترك – يا الله حُسن الخاتمة – يا الله عونك – سبحان الله – اللهم رحمتك... ) ومن طريف ما سمعته عن أحد الأطفال الصغار قوله: جـاء جدّي من المسجد، قالت أمّه: وكيف عرفت ذلك حبيبي؟ قال الصبي: أسمع صوته الآن يقول (لا إله إلا الله ) وهو لم يره، وهنا لفتة جميلة في التربية وهي تعويد الأطفال الذكر ﴿ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾[الرعد: 28].

 

ثانيًا: صبرهم على المرض - وفي ذلك عبرة وعظة - مع ضعف أجسامهم.

 

ثالثا: حرصهم على صلة الرحم، وقد سمعت شيخًا كبيرًا يقول لأحد أحفاده: يا بني متى نذهب لزيارة عمّك وعمّتك نسلّم عليهم ونعود؟

 

رابعًا: قوة عزيمتهم في العبادة، فمن الطبيعي أن تجد الكبير المسنّ يصلي من الليل – ويطيل الصلاة- واقفًا أو مستندًا على عصا وشاهد ذلك في قيام رمضان، يقول لي احدهم والله ما قمت في ساعة من ساعات الليل إلا وارى أمي قائمة بيد يدي ربها إما قائمة أو راكعة أو ساجدة لله عزو جل.

 

وهذا رجل تركي بلغ الستين يصلي في الحرم المكي صلاة القيام وبعد الصلاة الشباب يستريحون من طول القيام وهو قام يصلي والأعجب من ذلك أننا لمن نكن نعرف انه يصلي برجل واحدة لا يتحرك واقف كأن له رجلين نعم إنها الصلاة يوم يجد العبد لها لذة وحلاوة.

 

وكذلك قوة عزيمتهم في صيام النافلة.. فمن كبار السن من يصوم الشهر والشهرين والثلاثة لا يفتر فأين الشباب ومن يتدفقون حيوية؟

 

ومن صفات كبار السن من أهل الإيمان:

خامسا: الخبرة الواسعة والتجارب والحكمة والمعرفة بالأحوال والأمور لهم منها نصيب الأسد فأين المستشير المستنير؟. ولا أنسى ذلك الشيخ الكبير الذي ركبت مع في سيارة فسألته عن عمره فقال ثمانين عاما فقلت ماشا الله كيف مرّت عليك هذه السنين؟ كأنها عام قال: لا اقل. قلت كأنها شهور. قال: والله اقل. قلت كيف مرّت قال مثل أن تفتح عينيك ثم تغمضها فقلت سبحان ما أسرع مرور الأيام.

 

فقلت نصيحة وموعظة تعلمتها من هذه الأيام؟ فقال: يا بني عليك بحرف الصاد. قلت وما حرف الصاد قال عليك بالصلاة فلا خير في الإسلام لمن ضيع الصلاة.

 

عليك بالصدقة فالصدقة تطفئ غضب الرب وتشفي المريض وترفعك درجات.

 

عليك بالصبر فأحسن حياة وأجمل حياة واسعد حياة تنالها بالصبر وبشر الصابرين.

 

عليك بالصوم فهو جنة ووقاية من العذاب.

 

عليك بصلة الرحم فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله.

 

قلت سبحان الله إنها نصيحة مباركة.

 

صبرًا أيها المسنين

نعيش مع كبير السن نعيش مع حقوقه التي طالما ضُيِّعت، ومشاعره وأحاسيسه التي طالما جُرحت، ومع آلامه وهمومه وغمومه وأحزانه التي كثرت وعظمت.

 

أصبح كبير السن اليوم أحيانا غريبًا حتى بين أهلِه وأولاده، ثقيلًا حتى على أقربائه وأحفاده، من هذا الذي يجالسه؟! ومن هذا الذي يؤانسه؟! بل من هذا الذي يدخل السرور عليه ويباسطه؟!

 

إذا تكلم الكبير قاطعه الصبيان وإذا أبدى رأيه ومشورته سفهه الصغار، فأصبحت حكمته وخبرته في الحياة إلى ضياع وخسران. أما إذا خرج من بيته فقد كان يخرج بالأمس القريب إلى الأصحاب والأحباب وإلى الإخوان والخلان، يزورهم ويزورونه، يقضي حوائجهم ويقضون حوائجه، أما اليوم فإن خرج فإنه يخرج إلى الأشجان والأحزان، يخرج اليوم إلى أحبابه وأصحابه من أقرانه وممن كان يجالسهم، يخرج اليوم يُشيّع موتاهم ويعود مرضاهم، فالله أعلم كيف يعود إلى بيته، يعود بالقلب المجروح المنكسر، وبالعين الدامعة، وبالدمع الغزير المنهمر؛ لأنه ينتظر دوره. يرجع إلى بيته ويرى أن معظم أقرانه وجُلسائه قد فارقوا الحياة، فصار وحيدًا غريبًا ينتظر أمر الله عزوجل.

 

أيها الآباء الكبار، الله وحده يرحم ضعفكم الله يجبر كسركم، في الله عوض عن الفائتين، وفي الله أنس للمستوحشين. إنا لنعلم أنه قد تجعّد جلدك، وثقل سمعك، وضعف بصرك، وبطِئت حركتك، وترهلت عضلاتك، وتغيّر لون شعرك، ومع ذلك ـ فيا معاشر الكبار ـ أنتم كبار في قلوبنا، وكبار في نفوسنا، وكبار في عيوننا، كبار بعظيم حسناتكم وفضلكم بعد الله علينا، أنتم الذين عَلّمتم وربيتم وبنيتم وقدمتم وضحيتم، لئن نسي الكثير فضلكم فإن الله لا ينسى، ولئن طال العهد على ما قدمتموه من خيرات وتضحيات فإن الخير يدوم ويبقى، ثم إلى ربك المنتهى، وعنده الجزاء الأوفى، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾[الكهف: 30].


ولئن جحد الكثير معروفكم فإن المعروف لا يَبْلى، وما أكثر من يجحد المعروف وينسى الإحسان هذه الأيام.

 

أحدهم يدخل إلى البيت ومعه زملاؤه فيدخل عليهم أبوه الشايب رث الثياب. فقالوا من هذا فاستحى أن يقول أبي فقال هذا يعمل عندنا. سمعها أبوه كالصاعقة يستحي من ذكري لهم.

 

وهذا آخر يأخذ أبوه معه في السيارة ليضعه في طريق عام ويتركه هناك ومعه ورقة ووعده بالوعود مرت الساعة الأولى والثانية والثالثة حتى بدأت الشمس تغرب فجاءه رجل قائلًا يا حاج هل تنتظر احد؟ قال نعم ابني وعدني أن يعود ذهب يشتري لي حاجات. وهل تعرف رقم جواله قال لا لكنه ترك معي ورقة. نظر إليها الرجل وإذا فيها من وجد صاحب الورقة فليفعل فيه خير وليدخله دار المسنين.

 

يا معاشر الآباء الكبار، أمّا الآلام والأسقام والأمراض التي تجدونها بسبب كبر السن فالملائكة كتبت حسناتَها، والله عظّم أجورها، وستجدونها بين يدي الله، فالله أعلم كم كان لهذه الأسقام والآلام من حسنات ودرجات، اليوم تُزعجكم وتقلقكم وتُبكيكم وتقض مضاجعكم، ولكنها غدًا بين يدي الله تفرحكُم وتضحككُم، فاصبروا على البلاء، واحتسبوا عند الله جزيل الأجر والثناء، فإن الله لا يمنع عبده المؤمن حسن العطاء، قال - صلى الله وعليه وسلم -: «عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خيرٌ؛ إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له». عظّم الله أجوركم، وأجزل في الآخرة ثوابكم، فأحسنوا الظن بما تجدونه عند ربكم.

 

ثم يا معاشر الأبناء الشباب، توقير الكبير وتقديره أدب من آداب الإسلام وسنة من سنن سيد الأنام عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام.

 

يا معاشر الأبناء الشباب، إجلال الكبير وتوقيره وقضاء حوائجه سنة من سنن الأنبياء وشيمة من شيم الصالحين الأوفياء، ﴿ قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ *فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 23].

 

يا معاشر الشباب، ارحموا كبار السن وقدروهم ووقروهم وأجلُّوهم؛ فإن الله يحب ذلك ويثني عليه خيرًا كثيرًا، قال النبي - صلى الله وعليه وسلم -: «إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم»، وقال: « ما شاب رجل في الإسلام شيبة إلا رفعه الله بها درجة، ومحيت عنه بها سيئة وكتبت له بها حسنة » وقد تقدم حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -أن رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - قال كما في المسند: « ما من مُعمَّر يعمَّر في الإسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلايا، الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ خمسين سنة ليَّن الله عليه الحساب، فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة إليه بما يُحب، فإذا بلغ سبعين سنة أحبه الله وأحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين قبل الله حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ تسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وسُمي أسير الله في أرضه، وشفَّع لأهل بيته »، وقال - صلى الله وعليه وسلم -: «ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا». إذا رأيت الكبير فارحم ضعفه، وأكبر شيبَهُ، وقدِّر منزلته وارفع درجته، وفرج كربته، يَعظُم لك الثواب، ويُجزِل الله لك به الحسنى في المرجع والمآب،، فإنَّ الله سيجعل لك في كبَرك من يعامِلكَ بتلك المعاملةِ الحسنَة، لا يَغرَّنَّك الشبابُ والقوّةُ والمال والجاه،، هذه القوّة التي خدَعَك بها الشباب وغرَّك بها شبابك، فإنّ الأيامَ آتيةٌ، وستعود ضعيفًا بعد قوّتِك وعاجِزًا بعد قدرتِك ووهنًا بعد تحرُّكِك.

 

يا معاشر الشباب، أحسنوا لكبار السن، لا سيما الوالدين من الآباء والأمهات، ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا *وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾، لا سيما إن كان الكبار من الأعمام والعمات والأخوال والخالات. كم تجلسون مع الأصحاب والأحباب من ساعات وساعات، كم تجالسونهم وتباسطونهم وتدخلون السرور عليهم، فإذا جلستم مع الأقرباء الكبار مللتم وضقتم وسئمتم، فالله الله في ضعفهم، الله الله فيما هم فيه من ضيق نفوسهم.

 

يا معاشر الشباب، ما كان للكبار من الحسنات فانشروها واقبلوها واذكروها، وما كان من السيئات والهنات فاغفروها واستروها، فإنه ليس من البر إظهار زلة من أحسن إليك دهرا، وليس من الشيمة إعلان هفوة مَن مَا بِكَ مِن خير فبسببه.

 

أسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقوق المسنين في الشريعة الإسلامية
  • حقوق المسنين (خطبة)
  • حقوق المسنين في الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب