• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إطلالة على أنوار من النبوة
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    تخريج حديث "إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة"
    أحمد بن محمد قرني
  •  
    حالات صفة صلاة الوتر على المذهب الحنبلي
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من هو السني؟ وهل يخرج المسلم من السنة بوقوعه في ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تفسير: (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    اذكروا الله كثيرا (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    المسلم بين حر الدنيا وحر الآخرة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    وليس من الضروري كذلك!
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    محرومون من خيرات الحرمين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)

عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/5/2025 ميلادي - 23/11/1446 هجري

الزيارات: 5025

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عفة النفس: فضائلها وأنواعها

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:

فَالْعِفَّةُ لُغَةً: الْكَفُّ عَمَّا لَا يَحِلُّ وَلَا يَجْمُلُ؛ يُقَالُ: عَفَّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالْأَطْمَاعِ الدَّنِيَّةِ. وَالِاسْتِعْفَافُ: طَلَبُ الْعَفَافِ[1].

 

وَالْعِفَّةُ اصْطِلَاحًا: ضَبْطُ النَّفْسِ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَقَصْرُهَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَا يُقِيمُ أَوَدَ الْجَسَدِ، وَيَحْفَظُ صِحَّتَهُ فَقَطْ، وَاجْتِنَابُ السَّرَفِ فِي جَمِيعِ الْمَلَذَّاتِ، وَقَصْدُ الِاعْتِدَالِ[2].

 

وَجَاءَ الْأَمْرُ بِالْعِفَّةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النُّورِ: 33]؛ وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 273].

 

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الْعِفَّةِ: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كِخْ كِخْ، ارْمِ بِهَا؛ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمُ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ» حَسَنٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ؛ فَهَذِهِ مِنَ الْأُمُورِ الشَّاقَّةِ الَّتِي تَقْصِمُ ظَهْرَ الْإِنْسَانِ؛ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعِينُهُ عَلَيْهَا لَا يَقُومُ بِهَا، وَأَصْعَبُهَا الْعَفَافُ؛ لِأَنَّهُ قَمْعُ الشَّهْوَةِ الْجِبِلِّيَّةِ الْمَرْكُوزَةِ فِيهِ[3]، قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌لَا ‌يَنْبُلُ ‌الرَّجُلُ ‌حَتَّى تَكُونَ فِيهِ خَصْلَتَانِ: الْعِفَّةُ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَالتَّجَاوُزُ عَمَّا يَكُونُ مِنْهُمْ)[4].

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ فَضَائِلِ عِفَّةِ النَّفْسِ:

1- مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْعِفَّةِ وَالتَّعَفُّفِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ... الْحَيِيَّ ‌الْعَفِيفَ[5] ‌الْمُتَعَفِّفَ[6]» صَحِيحٌ – رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ؛ فَعِفَّتُهُمْ وَزُهْدُهُمْ فِي الدُّنْيَا أَوْرَثَهُمْ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا أَوْرَثَهُمْ تَعَفُّفُهُمْ وَزُهْدُهُمْ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ مَحَبَّةَ النَّاسِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

2- أَهْلُ الْعِفَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ بِفَضْلِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلَا عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ.

 

3- أَهْلُ الْعِفَّةِ هُمْ أَهْلُ الْفَلَاحِ وَالنَّجَاحِ، وَأَهْلُ الْغِنَى الْحَقِيقِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا[7]، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ[8]، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

4- السَّعْيُ لِإِعْفَافِ النَّفْسِ، وَكِفَايَةِ الْأَهْلِ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ مَا ‌أَعْجَبَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كَانَ ‌خَرَجَ ‌يَسْعَى[9] ‌عَلَى ‌وَلَدِهِ ‌صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

 

5- النَّفَقَةُ لِإِعْفَافِ النَّفْسِ وَالْأَهْلِ؛ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌مَنْ ‌أَنْفَقَ ‌عَلَى ‌نَفْسِهِ نَفَقَةً يَسْتَعِفُّ بِهَا؛ فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ؛ فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ» حَسَنٌ – رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ أَنْوَاعِ الْعِفَّةِ:

1- كَفُّ الْفَرْجِ عَنِ الْحَرَامِ: أَعْظَمُ صُورَةٍ لِلْعَفَافِ عَنِ الْحَرَامِ – بَعْدَ تَيَسُّرِ أَسْبَابِهِ، وَزَوَالِ مَوَانِعِهِ – هِيَ قِصَّةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ؛ عِنْدَمَا هَيَّأَتْ لَهُ أَسْبَابَ الْفَاحِشَةِ، وَأَزَالَتِ الْمَوَانِعَ، وَسَهَّلَتْ أَسْبَابَ الْوُصُولِ إِلَيْهَا، إِلَّا أَنَّهَا قُوبِلَتْ بِجَوَابِ الْعَفِيفِ الطَّاهِرِ بِالِامْتِنَاعِ: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يُوسُفَ: 23].

 

وَكُلُّ مَنْ تَحَلَّى بِعِفَّةِ يُوسُفَ، أَمَامَ مُغْرِيَاتِ الْفِتَنِ وَتَيَسُّرِهَا؛ فَهُوَ مُبَشَّرٌ بِأَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ... وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا؛ قَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ...» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَلَا يَكُونُ الْمُتَعَفِّفُ عَنِ الْحَرَامِ عَفِيفًا إِلَّا بِشُرُوطٍ: أَلَّا يَكُونُ تَعَفُّفُهُ عَنِ الشَّيْءِ انْتِظَارًا لِأَكْثَرَ مِنْهُ، أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ، أَوْ لِجُمُودِ شَهْوَتِهِ، أَوْ لِاسْتِشْعَارِ خَوْفٍ مِنْ عَاقِبَتِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَنَاوُلِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِهِ لِقُصُورِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَيْسَ بِعِفَّةٍ[10].

 

2- كَفُّ النَّفْسِ عَنِ التَّشَوُّفِ لِأَمْوَالِ النَّاسِ: فَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ تَمَنِّي مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى بَعْضِ عِبَادِهِ مِنْ أَنْوَاعِ النِّعَمِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [النِّسَاءِ: 32]، وَامْتَدَحَ الْفُقَرَاءَ الْمُتَعَفِّفِينَ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، الَّذِينَ لَا يُظْهِرُونَ حَاجَتَهُمْ لِلنَّاسِ، وَلَا يَسْتَجْدُونَ عَطَاءً مِنْ أَحَدٍ: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا[11] ﴾ [الْبَقَرَةِ: 273]؛ فَالْجَاهِلُ بِأَمْرِهِمْ وَحَالِهِمْ يَحْسَبُهُمْ أَغْنِيَاءَ، مِنْ تَعَفُّفِهِمْ فِي لِبَاسِهِمْ وَحَالِهِمْ وَمَقَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَلِحُّونَ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَا يُكَلِّفُونَ النَّاسَ مَا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَلَا يَعْرِفُهُمْ إِلَّا أَصْحَابُ الْفِرَاسَةِ[12]، فَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمَسَاكِينُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْمَعُونَةِ وَالْإِكْرَامِ، وَلَيْسَ الَّذِينَ يَطْرُقُونَ أَبْوَابَ النَّاسِ، وَيَسْأَلُونَهُمُ الْعَوْنَ، وَيَتَشَوَّفُونَ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ، فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ»، قَالُوا: فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَلَمَّا جَاءَ أُنَاسٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ – مُعَلِّمًا وَمُرْشِدًا: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ الْوَاثِقِ بِفَضْلِ رَبِّهِ، الْمُتَعَفِّفِ عَنْ عَطَاءِ غَيْرِهِ، أَنْ يَشْكُوَ فَاقَتَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ[13] فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ أَوْشَكَ اللَّهُ لَهُ بِالْغِنَى؛ إِمَّا بِمَوْتٍ عَاجِلٍ، أَوْ غِنًى عَاجِلٍ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

3- كَفُّ الْجَوَارِحِ عَنِ الْآثَامِ: فَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْعِفَّةِ، وَلَا تَتِمُّ الْعِفَّةُ لِلْإِنْسَانِ حَتَّى يَكُونَ عَفِيفَ الْيَدِ، وَاللِّسَانِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ؛ فَمَنْ عُدِمَ عِفَّةَ اللِّسَانِ: وَقَعَ فِي جُمْلَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ؛ كَالسُّخْرِيَةِ، وَالْغِيبَةِ، وَالْهَمْزِ، وَالنَّمِيمَةِ، وَالتَّنَابُزِ بِالْأَلْقَابِ! وَمَنْ عُدِمَهَا فِي الْبَصَرِ: مَدَّ عَيْنَهُ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ، وَزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْمُوَلِّدَةِ لِلشَّهَوَاتِ الرَّدِيئَةِ، وَمَنْ عُدِمَهَا فِي السَّمْعِ: أَصْغَى لِسَمَاعِ الْقَبَائِحِ، وَمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

 

وَعِمَادُ عِفَّةِ الْجَوَارِحِ كُلِّهَا: أَلَّا يُطْلِقَهَا صَاحِبُهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يَخْتَصُّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، إِلَّا فِيمَا يُسَوِّغُهُ الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ، دُونَ الشَّهْوَةِ وَالْهَوَى[14].

 

وَقَدْ أَثْنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْصَارِ؛ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ عَفَافٍ وَصَبْرٍ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَنْصَارُ ‌أَعِفَّةٌ[15] ‌صُبُرٌ» صَحِيحٌ - رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ.



[1] انظر: مختار الصحاح، (4/ 1405)؛ لسان العرب، (9/ 253).

[2] انظر: تهذيب الأخلاق، للجاحظ (ص21).

[3] انظر: تحفة الأحوذي، للمباركفوري (5/ 296).

[4] مداراة الناس، لابن أبي الدنيا (ص46).

[5] الْعَفِيف: هو المُنكفُّ عن الحرام، وسؤالِ الناس.

[6] الْمُتَعَفِّف: المُتكلِّف للعِفَّة. انظر: فيض القدير، (9:29).

[7] كَفَافًا: أي: قدر الكفاية بغير زيادة ولا نقص. انظر: فيض القدير، (2/ 55).

[8] الْعَرَض: مَتاعُ ‌الدُّنْيَا ‌وحُطامُها. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (3/ 214).

[9] ‌يَسْعَى: أي: يسعى على ما يُقيم به أودهم.

[10] انظر: الذريعة إلى مكارم الشريعة، (ص225).

[11] إِلْحَافًا: أَلْحَفَ فِي الْمَسْأَلَةِ يُلْحِف إِلْحَافا؛ إِذَا ‌ألَحَّ ‌فيها ‌ولَزِمَهَا. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (4/ 237).

[12] انظر: تفسير ابن كثير، (1/ 704).

[13] فَاقَة: حاجة وفقر. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (3/ 480).

[14] انظر: الذريعة إلى مكارم الشريعة، (ص224).

[15] أعِفَّة: جَمْعُ عَفِيف؛ وهو: الذي يكف عن الحرام، وسؤالِ الناس. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (3/ 264).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عفة النفس
  • قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اذكروا الله كثيرا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين حر الدنيا وحر الآخرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/1/1447هـ - الساعة: 9:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب