• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    بين الدعاء والفرج رحلة الثقة بالله (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    يوم القيامة: نفسي.. نفسي
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    من مائدة السيرة: الدعوة السرية
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: عاشوراء وطلب العلم
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    سلسلة الأسماء الحسنى (2) اسم (الرب)
    نجلاء جبروني
  •  
    نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خصائص الجمع الأول للقرآن ومزاياه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسلام يأمرنا بإقامة العدل وعدم الظلم مع أهل ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    ذكر الله عز وجل (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    عناية الأمة بروايات ونسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وحي الله تعالى للأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    عاشوراء بين مهدي متبع وغوي مبتدع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / المعاملات / في الوقف والوصية
علامة باركود

محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)

محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/5/2025 ميلادي - 17/11/1446 هجري

الزيارات: 3565

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محاسن الإرث في الإسلام


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْأَمِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَخُذُوا بِشَرْعِهِ، وَاسْتَسْلِمُوا لِحُكْمِهِ، ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 50].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَشَرَ وَأَسْكَنَهُمُ الْأَرْضَ؛ مَلَّكَهُمْ مَا عَلَيْهَا، وَمَكَّنَهُمْ فِيهَا، وَسَخَّرَ لَهُمْ أَرْزَاقَهَا، وَبَارَكَ لَهُمْ فِي مَنْتُوجِهَا، فَسَعَوْا فِيهَا، وَحَرَثُوهَا وَزَرَعُوهَا وَعَمَرُوهَا، وَاسْتَخْرَجُوا ثَرَوَاتِهَا؛ ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 10]، وَإِذَا ذَهَبَ جِيلٌ مِنَ الْبَشَرِ خَلَفَهُ جِيلٌ يَرِثُ مَالَهُ وَمُمْتَلَكَاتِهِ، وَيُكْمِلُ وَظِيفَتَهُ فِي عِمَارَةِ الْأَرْضِ. وَلِأَهَمِّيَّةِ الْأَمْوَالِ وَالْمُمْتَلَكَاتِ نَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَوَارِيثَ، وَأَنْزَلَ فِيهَا ثَلَاثَ آيَاتٍ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، فَفَصَّلَهَا أَحْسَنَ تَفْصِيلٍ، وَبَيَّنَ حُقُوقَ الْوَرَثَةِ فِي مَالِ مُورِّثِهِمْ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ حُكْمَهُ فِي الْمَوَارِيثِ فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا عَلَى عِبَادِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ بَعْدَ بَيَانِ مِيرَاثِ الْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ؛ ﴿ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 11].

 

وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِرْثِ فِي الْإِسْلَامِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى قِسْمَتَهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، وَأَعْدَلُ الْعَادِلِينَ، وَجَعَلَ هَذِهِ الْقِسْمَةَ فِي قُرْآنٍ يُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ، فَيَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ قَارِئٍ لِلْقُرْآنِ، وَيَحْفَظُهُ حُفَّاظُ الْقُرْآنِ، فَيَعْرِفُونَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوَارِيثِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَتْلُونَ فِيهَا آيَاتِهَا؛ وَلِذَا خَتَمَ اللَّهُ تَعَالَى آخِرَ آيَةٍ فِي الْمَوَارِيثِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النِّسَاءِ: 176].

 

وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِرْثِ فِي الْإِسْلَامِ: مَا شُرِعَ فِيهَا مِنْ تَطْيِيبِ قُلُوبِ مَنْ حَضَرُوا الْقِسْمَةَ مِنَ الْقَرَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا إِرْثَ لَهُمْ بِقَوْلٍ حَسَنٍ يُرْضِيهِمْ، وَإِعْطَائِهِمْ شَيْئًا مِنَ الْإِرْثِ يَجْبُرُ قُلُوبَهُمْ: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النِّسَاءِ: 8]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ قِسْمَةِ مَوَارِيثِهِمْ أَنْ يَصِلُوا أَرْحَامَهُمْ وَأَيْتَامَهُمْ وَمَسَاكِينَهُمْ مِنَ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ ‌وُصِلَ ‌لَهُمْ ‌مِنَ ‌الْمِيرَاثِ».

 

وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِرْثِ فِي الْإِسْلَامِ: أَنَّ الضُّعَفَاءَ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لَمْ يُحْرَمُوا مِنْهُ، بَلْ هُمْ وَالْكِبَارُ فِيهِ سَوَاءٌ بِحَسَبِ صِلَتِهِمْ بِمُوَرِّثِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴾ [النِّسَاءِ: 7]، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَلَا الْوِلْدَانَ الصِّغَارَ شَيْئًا، يَجْعَلُونَ الْمِيرَاثَ ‌لِذِي ‌الْأَسْنَانِ مِنَ الرِّجَالِ، فَنَزَلَتْ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ»، وَنُقِلَ عَنِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُهُمْ: «لَا يَرِثُنَا إِلَّا مَنْ يَحْمِلُ السَّيْفَ وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ». وَكَذَلِكَ الْيَهُودُ مَا كَانُوا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ إِلَّا فِي حَالَاتٍ قَلِيلَةٍ، وَيَجْعَلُونَ لِلِابْنِ الْأَكْبَرِ ضِعْفَيْ مَا لِلْبَقِيَّةِ مِنَ الذُّكُورِ، وَإِذَا مَاتَتِ الزَّوْجَةُ عِنْدَ الْيَهُودِ لَا يَرِثُهَا إِلَّا زَوْجُهَا فَقَطْ، وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجُ فَلَا شَيْءَ لِزَوْجَتِهِ فِي إِرْثِهِ. وَأَمَّا النَّصَارَى فَلَيْسَ فِي دِينِهِمُ الْمُحَرَّفِ نِظَامٌ يَضْبِطُ الْإِرْثَ، بَلْ يَتَّفِقُ الْوَرَثَةُ عَلَى اقْتِسَامِهِ، أَوْ تُحَكَّمُ فِيهِ الْقَوَانِينُ الْوَضْعِيَّةُ، وَإِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِتَرِكَتِهِ لِأَحَدٍ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا فَتُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ وَيُحْرَمُ أَوْلَادُهُ وَزَوْجَتُهُ، بَلْ قَدْ يُوصِي بِمَالِهِ لِكَلْبٍ أَوْ قَطَّةٍ فَتُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ. وَفِي الْإِسْلَامِ يُحْفَظُ حَقُّ الصِّغَارِ مِنَ الْإِرْثِ إِلَى أَنْ يَرْشُدُوا، فَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ إِرْثُهُمْ؛ ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 6].

 

وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِرْثِ فِي الْإِسْلَامِ: أَنَّهُ أَعْطَى لِلْمُوَرِّثِ الْحَقَّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ؛ فَيَجْعَلُهُ فِي وَقْفٍ عَلَى أَعْمَالِ الْخَيْرِ الَّتِي تَنْفَعُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ ‌وَلَدٍ ‌صَالِحٍ ‌يَدْعُو لَهُ» رَوَاهَ أَحْمَدُ، أَوْ يُوصِي لِعَزِيزٍ عَلَى قَلْبِهِ، بِشَرْطِ أَلَّا يَكُونَ وَارِثًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي ‌حَقٍّ ‌حَقَّهُ، ‌فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيَّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا يَزْرَعُ الضَّغَائِنَ وَالْأَحْقَادَ، وَيُوقِدُ شَرَارَةَ الْعَدَاوَةِ وَالشِّقَاقِ، وَفِي الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ يَتَصَرَّفُ الْمُورِّثُ بِمَا شَاءَ فِي وَصِيَّتِهِ، فَيَحْرِمُ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ، وَيُوصِي لِمَنْ شَاءَ بِكُلِّ مَالِهِ.

 

وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِرْثِ فِي الْإِسْلَامِ: أَنَّهُ رَاعَى قَرَابَةَ الْوَارِثِ مِنَ الْمُوَرِّثِ؛ فَجَعَلَ الْأَقْرَبَ أَحَظَّ بِالْإِرْثِ مِنْ غَيْرِهِ، وَسِتَّةٌ مِنَ الْوَرَثَةِ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ لَا يُحْجَبُ أَبَدًا؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرِثَ، وَهُمُ: الْأَبُ وَالْأُمُّ؛ وَذَلِكَ لِعَظِيمِ حَقِّهِمَا عَلَى وَلَدِهِمَا، وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ؛ لِشِدَّةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالْعِشْرَةِ، وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ؛ لِأَنَّهُمَا الْأَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ، ثُمَّ رَاعَى الْإِسْلَامُ حَاجَةَ الْوَرَثَةِ؛ فَجَعَلَ حَقَّ الْأَوْلَادِ فِي الْمِيرَاثِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ؛ مَعَ عَظِيمِ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ؛ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ كَبِيرَانِ مُدْبِرَانِ عَنِ الدُّنْيَا، فَيَكْفِيهِمُ الْقَلِيلُ مِنْهُ، بَيْنَمَا أَحْفَادُهُمَا شَبَابٌ وَصِغَارٌ مُقْبِلُونَ عَلَى الدُّنْيَا، يَحْتَاجُونَ إِلَى نَفَقَاتٍ بَعْدَ مَوْتِ عَائِلِهِمْ، فَمَعَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا يَكُونُ لِأَبِ الْمَيِّتِ السُّدْسُ، وَكَذَلِكَ لِأُمِّهِ السُّدْسُ، وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَوْلَادِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كُنَّ بِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتًا وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ؛ فَكَانَتِ الْبِنْتُ أَكْثَرَ نَصِيبًا مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ؛ ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ [النِّسَاءِ: 11].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الِالْتِزَامُ بِشَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوَارِيثِ يَقْطَعُ النِّزَاعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَيُزِيلُ الضَّغَائِنَ وَالشَّحْنَاءَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ يَتَعَبَّدُونَ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا قَسَمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنَ الْإِرْثِ، وَيَرْضَوْنَ بِذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ تَحْقِيقِ الرِّضَا بِاللَّهِ تَعَالَى رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، أَنْ يَرْضَى الْمُؤْمِنُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِمَا مَنَعَهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَيَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ.

 

وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِرْثِ فِي الْإِسْلَامِ: الْعَدْلُ فِيهِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَلَيْسَتِ الْمُسَاوَاةُ الَّتِي فُرِضَتْ فِي الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ، وَهِيَ ظُلْمٌ وَبَغْيٌ وَعُدْوَانٌ؛ فَالزَّوْجُ فِي الْإِسْلَامِ يَرِثُ النِّصْفَ أَوِ الرُّبْعَ، بَيْنَمَا تَرِثُ الزَّوْجَةُ الرُّبْعَ أَوِ الثُّمُنَ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْأَبْنَاءُ مَعَ الْبَنَاتِ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ إِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ ﴿ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النِّسَاءِ: 176]؛ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْفَاقَ مَنُوطٌ بِالرِّجَالِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِرِعَايَةِ النِّسَاءِ وَكِفَايَتِهِنَّ وَحِمَايَتِهِنَّ وَفْقَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 34]، وَلَوْ وَرِثَتِ الزَّوْجَةُ مِنْ أَبِيهَا مَالًا كَمَالِ قَارُونَ، وَكَانَ زَوْجُهَا فَقِيرًا، فَإِرْثُهَا لَهَا، لَيْسَ لِزَوْجِهَا شَيْءٌ مِنْهُ، إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا، وَهُوَ مُلْزَمٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا وَهِيَ غَنِيَّةٌ، فَيُنْفِقُ بِحَسَبِ مَا أُعْطِيَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 7]. وَبِهَذَا نَعْلَمُ أَنَّ بِدْعَةَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مُخَالِفَةٌ لِلْإِسْلَامِ، وَضَحِيَّتُهَا الْمَرْأَةُ وَالْأُسْرَةُ؛ لِأَنَّ مُسَاوَاتَهَا بِالرَّجُلِ تَقْتَضِي أَنْ تُنْفِقَ كَمَا يُنْفِقُ الرَّجُلُ، وَأَنْ تَعْمَلَ كَأَعْمَالِهِ، وَأَنْ تَكْفِيَ نَفْسَهَا وَتَحْمِيَهَا مِمَّنْ يَطْمَعُ فِيهَا؛ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ يُنْفِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نَفْسِهِ، وَيَحْمِي نَفْسَهُ، وَالرَّجُلُ لَا مَطْمَعَ فِيهِ كَمَا يُطْمَعُ فِي الْمَرْأَةِ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهَا أَرَاذِلُ النَّاسِ؛ فَوَجَبَ أَنْ نَشْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى شَرِيعَتِهِ الَّتِي هِيَ عَدْلٌ وَرَحْمَةٌ لِلْجَمِيعِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فقه التعامل مع ازدحام السيارات (خطبة)
  • عداوة الكفار للمؤمنين (خطبة)
  • القلب المريض بالهوى (خطبة)
  • النصر بالصبر (خطبة)
  • تقوية القلب على لزوم الحق (خطبة)
  • لماذا كان المؤمنون ضعفاء؟ (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وخالق الناس بخلق حسن (محاسن الأخلاق)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • محاسن الإسلام وفضائله (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة محاسن الإسلام(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • محاسن الإسلام (خطبة)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • محاسن الإسلام والشرائع للزاهد البخاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإرث: مفهومه، أركانه، أسبابه، موانعه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من محاسن الإسلام (2)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • من محاسن الإسلام (1)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • جاء الإسلام فتبدلت المساوئ محاسن والرذائل فضائل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظام المواريث من محاسن دين الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/1/1447هـ - الساعة: 14:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب