• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أصول الاستدلال في تفسير الأحلام (PDF)
    سعيد بن علي بن محمد بواح الصديق
  •  
    خطبة: عيد الأضحى 1446 هـ
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    شموع (110)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    إيذاء موسى عليه السلام: قراءة تفسيرية وتحليلية
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حين يجمع الله ما تفرق بالدعاء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (2)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    من مائدة الفقه: فروض الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حديث: أدركت بضعة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أهمية وثمرات الإيمان باليوم الآخر
    سالم محمد أحمد
  •  
    الفرق بين قوله تعالى في أبواب الجنة: {وفتحت}، ...
    غازي أحمد محمد
  •  
    خطبة: شكوى الآباء من استراحات الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: الحج قصة وذكرى وعبرة
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة: الرشد أعظم مطلب
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه

من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه
محمد حباش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/4/2025 ميلادي - 29/10/1446 هجري

الزيارات: 870

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ، كَفَتَاهُ

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله أجمعين؛ أما بعد:

فقد قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: "وأصول أهل السنة والجماعة تابعة لما جاء به الرسول، وأصل الدين: الإيمان بما جاء به الرسول، كما تقدم بيان ذلك، ولهذا كانت الآيتان من آخر سورة البقرة لمَّا تضمنتا هذا الأصل، لهما شأن عظيم ليس لغيرهما؛ ففي الصحيحين عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ، كَفَتَاهُ))[1].


ما جاء في فضلهما:

عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أُعطيتُ خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش، ولم يُعْطَهُنَّ نبيٌّ قبلي))[2].


وعن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين، ختم بهما سورة البقرة، لا يُقرأان في دار ثلاثَ ليالٍ فيقربها شيطان))[3].


وعن ابن عباس، قال: ((بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمِع نقيضًا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فُتح اليوم لم يُفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملَك، فقال: هذا ملَك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلَّم، وقال: أبشِرْ بنورَين أُوتيتَهما لم يؤتَهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أُعطيتَه))[4].


وعن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ، كَفَتَاهُ))[5].


فقوله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ... في ليلة)): والقراءة في الليل تكون على حالتين:

في الصلاة: ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ بمائة آية في ليلةٍ، كُتب له قنوت ليلة))[6]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فشقَّ ذلك عليهم وقالوا: أيُّنا يُطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: الله الواحد الصمد ثلث القرآن))[7]، وهذه أفضل الحالات وأكملها، وأرجحها في معنى الحديث، ولأن الملَك لما نزل بالبشارة جمع بينهما وبين الفاتحة، فقال: ((أبشر بنورين أوتيتَهما لم يؤتَهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته)).


وقد تكون هذه من السنن المهجورة، فالناس لا يكادون يتركون سورة الإخلاص في قيامهم، ولا يكاد أحد يقوم بهاتين الآيتين مع عِظَمِ أجرهما.


خارج الصلاة: ومنه قوله صلى الله عليه وسل: ((إذا أخذت مضجعك، فاقرأ: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ [الكافرون: 1]، ثم نَمْ على خاتمتها؛ فإنها براءة من الشرك))[8]، ومنه قول الشيطان لأبي هريرة: ((إذا أويتَ إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي، لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تُصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان))[9]، ومنه قول ابن عباس: ((استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شنٍّ معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي))[10].


وقوله صلى الله عليه وسلم: ((كفتاه))[11]: جاء معناه مبيَّنًا ببشارة الملَك في قوله: ((لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته))، والمراد بـ (الحرف) أجزاء الكلمات من حروف التهجي، فقد ورد: "إن لكل حرف من القرآن جزاءً، وعليه ثوابًا".


وقد وردت الكفاية في الحديث بسور أخرى من القرآن الكريم؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((قل: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاثَ مرات، تكفيك من كل شيء))، فقوله: ((تكفيك)) جاء مبيَّنًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا عقبةُ، ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1] و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1] ما تعوَّذ بمثلهن أحدٌ))[12]، فالمعوِّذات تكفي بما اشتملت عليه من عقيدة وتعوُّذ، وكذلك أواخر سورة البقرة تكفيان بما اشتملتا عليه من عقيدة وانقياد ودعاء، وكلاهما مشتق من: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]؛ إذ إن نصفهما دعاء عبادة، ونصفهما الآخر دعاء مسألة.


فالآيتان من آخر سورة البقرة تكفيان فيما يتعلق بالاعتقاد، فالعقيدة موجودة ومتضمنة في هاتين الآيتين؛ لأنهما اشتملتا على أمور الإيمان وأعماله وأصوله؛ وهي الإيمان بالله وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر[13].


وتكفيان بما وعد الله الذين لم يفرقوا بين الرسل بقولهم: ﴿ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285] بالمثوبة والأجر الكريم؛ قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 152].


وتكفيان فيما يتعلق بالاتباع والتسليم والانقياد؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته: ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابَين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير، قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير))[14]، وهذا القول عهدٌ وميثاق، فليحذر القارئ أن ينوي نقضه في الصباح؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [المائدة: 7]، وقد وعد الله الذين يطيعون الله ورسوله بالفلاح والفوز العظيم؛ فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 51، 52].


وتكفيان بإجابة الدعاء الذي في آخر السورة، وهو من الدعاء الذي ينبغي أن يُحفظ وأن يُدعى به كثيرًا، وهو من جوامع الدعاء، ومن سأل الله تعالى به أعطاه؛ ((فإذا قال العبد: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]؛ قال الله: نعم، ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ﴾ [البقرة: 286]، قال: نعم، ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286]، قال: نعم، ﴿ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]، قال: نعم))[15].


﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]: النسيان عكس الحفظ، وهو السهو والغفلة عن الشيء؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾ [الكهف: 24]، أما الخطأ: فالمراد به هنا ما لم يتعمده المسلم؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5]، وعن أبي ذر الغفاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استُكرهوا عليه))[16]، وعن أبي موسى الأشعري: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جِدِّي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي))[17]، فالخطأ غير الخطيئة، والنسيان غير نسيان الترك؛ الذي قال الله عنه: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التوبة: 67].


﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا ﴾ [البقرة: 286]؛ أي: عهدًا وميثاقًا لا نطيقه، ولا نستطيع القيام به.


﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286]؛ أي: ما فوق طاقتنا وقدرتنا من المصائب والبلايا، والمحن والعقوبات في الدنيا والآخرة.


﴿ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ﴾ [البقرة: 286]: العفو هو إزالة الذنب ومحوه بترك العقوبة، والمغفرة ستر الذنب، والرحمة إفاضة الإحسان، فالمغفرة أبلغ من العفو، والرحمة أبلغ من المغفرة؛ قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].


﴿ أَنْتَ مَوْلَانَا ﴾ [البقرة: 286]: أي: الذي يتولى أمورنا بالهداية والتوفيق، والتثبيت والحفظ والنصر.


﴿ فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]، وكلمة قوم مشتقة من (ق و م) الذي يدل على القيام، وهم الجماعة الذي يقومون لأمر معين، سواء أكانوا من الإنس أو من الجن؛ كقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 29]؛ أي: انصرنا على البشر منهم في إقامة الحُجة عليهم، وفي غلبنا إياهم في حربهم وسائر أمرهم، حتى تُظهر ديننا على الدين كله، وما أحوجنا إلى هذه الدعوات في مثل هذه الأيام العصيبة! فقد حدث ما حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منه؛ إذ قال: ((ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم))[18].


وانصرنا على الجن منهم بالإيمان والذكر والعمل الصالح؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن لَيُنضي شياطينه، كما ينضي أحدكم بعيره في السفر))[19]؛ أي: يهزله ويجعله نضوًا، والنضو: دابة هزلتها الأسفار وأذهبت لحمها؛ وعن أنس بن مالك، قال: ((مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقومٍ يصطرعون، فقال: ما هذا؟ فقالوا: يا رسول الله، فلان الصريع، لا ينتدب له أحد إلا صرعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألَا أدلكم على من هو أشد منه؟ رجل ظلمه رجل، فكظم غيظه فغلبه، وغلب شيطانه، وغلب شيطان صاحبه))[20]، وانصرنا عليهم بهاتين الآيتين؛ فعن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين، ختم بهما سورة البقرة، لا يُقرأان في دار ثلاثَ ليالٍ فيقربها شيطان)).


فمن قرأ بهاتين الآيتين في ليلة، إيمانًا وتصديقًا وبتدبر وحضور قلب، أُثيب على العبادة، واستُجيب له في المسألة؛ وإلا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاهٍ))[21].


فتعتبر قراءة هاتين الآيتين تجديدًا أو زيادة للإيمان، فالمسلم في يومه قد يضعف إيمانه بسبب ذنوبه وأخطائه ونسيانه؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الإيمان لَيخلُق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدِّد الإيمان في قلوبكم))[22]؛ قال المناوي في شرحه لهذا الحديث: "شبَّه الإيمان بالشيء الذي لا يستمر على هيئته، والعبد يتكلم بكلمة الإيمان، ثم يدنسها بسوء أفعاله، فإذا عاد واعتذر، فقد جدد ما أخلق، وطهر ما دنس"[23].


والله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، وبسط اليد: استعارة في قبول التوبة؛ قال المازري: "المراد به قبول التوبة، وإنما ورد لفظ بسط اليد؛ لأن العرب إذا رضِيَ أحدهم الشيء بسط يده لقبوله، وإذا كرهه قبضها عنه، فخُوطبوا بأمر حسيٍّ يفهمونه؛ وكذلك لما كانت التوبة كالمبايعة والمعاهدة، حصل ضرب مِثل هذا المَثل لها".


والمسلم وإن كان متصفًا بالعبودية والإيمان والاتباع لا يخلو عن زلَّة ما؛ بمقتضى ما جُبل عليه من الخطأ؛ كما في الحديث: ((كل بني آدم خطَّاء))، فناسب أن يختم يومه بما يفيء به من الزلة والخطأ إلى الاستقامة والصواب، وهو التوبة التي كانت طريق الفيئة والتدارك لأبيه آدم عليه السلام ليكون من خير الخطائين؛ إذ خير الخطائين التوابون، والعِبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات.


وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وسلم تسليمًا كثيرًا.



[1] شرح العقيدة الطحاوية (طبعة الأوقاف السعودية): 278.

[2] صحيح الجامع: 1060.

[3] صحيح الترمذي: 2882.

[4] صحيح مسلم: 254 (806).

[5] صحيح البخاري: 5009.

[6] الصحيحة: 644.

[7] صحيح البخاري: 5015.

[8] صحيح الجامع: 292.

[9] صحيح البخاري: 3275.

[10] صحيح النسائي: 1620.

[11] أما ما يُروى موقوفًا عن أبي مسعود: ((من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة))، فلا يستقيم متنًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين))، فكيف تُجزئ عنه وهما آيتان؟ ولا سندًا: انظر قول المحدثين عن عاصم بن أبي النجود، فإنه وإن كان قمة في القراءة، فإنه غير ذلك في الحديث.

[12] صحيح النسائي: 5430.

[13] ﴿ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]: أي: نحن مقرُّون بالبعث.

[14] صحيح مسلم: 199 (125).

[15] صحيح مسلم: 199 (125).

[16] صحيح ابن ماجه: 2043.

[17] صحيح مسلم: 70 (2719).

[18] صحيح ابن ماجه: 4019.

[19] الصحيحة: 3586.

[20] الصحيحة: 3295.

[21] صحيح الترمذي: 3479.

[22] صحيح الجامع: 1590.

[23] فيض القدير: ج 2/ ص 410.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هدايات سورة البقرة (خطبة)
  • من نماذج سورة البقرة
  • التذكرة في فضائل سورة البقرة
  • تفسير خواتيم سورة البقرة
  • الدرس الثالث: مقاصد سورة البقرة
  • الدرس الأول: فضل خواتيم سورة البقرة

مختارات من الشبكة

  • فوائد من سورة الطلاق (من الآية 1 إلى الآية 5)(محاضرة - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)
  • حديث: ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأمل في قوله تعالى "أفلا تسمعون"، "أفلا تبصرون" في آخر الآيتين 71، 72 من سورة القصص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السور والآيات التي قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلوات (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • حديث من قرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (طسم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترجيحات الإمام القرطبي في التفسير من أول الآية 189 من سورة البقرة إلى آخر الآية 152 من سورة آل عمران جمعا ودراسة وموازنة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سور المفصل 229 - سورة الأعلى ج 18 الآيتين 6 و 7(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصل 228 - سورة الأعلى ج 17 الآيتين 6 و7(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصل 227 - سورة الأعلى ج 16 الآيتان 4 و 5(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/1/1447هـ - الساعة: 9:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب