• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عن الرياء
    د. رافع العنزي
  •  
    خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: نعمة تترتب عليها قوامة الدين والدنيا
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن الصمت
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    يا محزون القلب، أبشر
    تهاني سليمان
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    لطائف من القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    من صفات الرجولة في القرآن الكريم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    إنسانية النبي صلى الله عليه وسلم
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    الكشف الصوفي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير: ( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الإسراف ذنب وإتلاف (خطبة)

الإسراف ذنب وإتلاف (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/4/2025 ميلادي - 19/10/1446 هجري

الزيارات: 5566

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسراف ذنب وإتلاف

 

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ ثَمَّ صِفَاتٌ اتَّفَقَت نُفُوسُ النَّاسِ عَلَى مَحَبَّتِهَا وَالارتِيَاحِ لَهَا، وَأَجمَعَ العُقَلاءُ عَلَى تَقدِيرِ المُتَحَلِّينَ بِهَا وَمَدحِهِم، بَل وَبَلَغَ مِن حُسنِهَا أَن أَقَرَّهَا الإِسلامُ وَحَثَّ عَلَيهَا، وَجَعَلَ جَزَاءَ أَهلِهَا الأَجرَ في الآخِرَةِ، فَصَارَت مَعَ كَونِهَا مَطلَبًا لِلتَّمَدُّحِ وَالفَخرِ، سَبَبًا في حُسنِ وَالعَاقِبَةِ وَنَيلِ مُضَاعَفِ الأَجرِ، غَيرَ أَنَّهُ مَا مِن صِفَةٍ وَإِن كَانَت حَسَنَةً، إِلاَّ وَلِلشَّيطَانِ فِيهَا مَدخَلٌ عَلَى فِئَتَينِ مِنَ النَّاسِ، مُفْرِطِينَ وَمُفَرِّطِينَ، عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ، وَمِن أَخَصِّ تِلكَ الصِّفَاتِ الَّتي هِيَ مَكرُمَةٌ لِلأَجوَادِ النُّبَلاءِ وَالمُحسِنِينَ الفُضَلاءِ، وَمَنقَصَةٌ يُوصَمُ بِهَا البُخَلاءُ وَالمُمسِكُونَ الأَشِحَّاءُ، صِفَةُ البَذلِ وَالعَطَاءِ، فَثَمَّ فِئَةٌ تُبَالِغُ في جَمعِ المَالِ وَمَنعِهِ، وَهَؤُلاءِ مَذمُومُونَ مِن كُلِّ أَحَدٍ، وَلا يُحِبُّهُم أَحَدٌ وَلا يُثني عَلَى فِعلِهِم أَحَدٌ، وَفِئَةٌ تُبَالِغُ في تَبدِيدِ مَا بِأَيدِيهَا لِكَسبِ الشُّهرَةِ وَالإِعجَابِ وَنَيلِ المَدحِ وَالثَّنَاءِ، فَهُم مُبَذِّرُونَ مُسرِفُونَ، يَتَظَاهَرُونَ بِأَنَّهُم فَوقَ النَّاسِ أَو أَحسَنُ مِنهُم أَو أَغنَى، وَتَدفَعُهُم إِلى المَزِيدِ مِنَ البَذخِ أَحَادِيثُ تُروَى وَمَدَائِحُ تُلقَى، وَمَشَاهِدُ مُصَوَّرَةٌ تَبُثُّ مَا يَفعَلُونَ في المُجتَمَعِ وَتَنشُرُهُ، في ظِلِّ تَوَفُّرِ وَسَائِلِ الاتِّصَالِ وَتَعَدُّدِ بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ، الَّتي يُلبَسُ بِهَا أَبخَلُ النَّاسِ ثَوبَ الكِرَامِ، وَيُظهَرُ بِوَجهٍ غَيرِ وَجهِهِ الحَقِيقِيِّ، وَيُمدَحُ بِفِعلٍ لَيسَ مِن طَبِيعَتِهِ وَلا مِن سَجِيَّتِهِ، فَيَنخَدِعُ النَّاسُ بِهِ وَيَغتَرُّونَ، وَيَجعَلُونَهُ رَمزًا لِلكَرَمِ وَمِثَالًا العَطَاءِ، وَقَد يَكُونُ في الوَاقِعِ لَيسَ في شَيءٍ مِمَّا يُنقَلُ عَنهُ أَو يُصَوَّرُ عَلَيهِ.

 

وَإِذَا كَانَ الإِسرَافُ في سِنِينَ مَضَت مَحدُودًا، وَقَد لا يَتَّصِفُ بِهِ إِلاَّ أَصحَابُ الثَّرَاءِ وَالأَغنِيَاءُ، فَقَد جَعَلَتهُ الدِّعَايَةُ الإِعلامِيَّةُ اليَومَ شَهوَةً لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَمَطلَبًا لِضُعَفَاءِ العُقُولِ وَغَايَةً لِلتَّافِهِينَ، بَل وَمَقصِدًا لِبَعضِ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ، أَجَل أَيُّهَا الإِخوَةُ، لَقَد أَصبَحَ الإِسرَافُ وَالتَّبذِيرُ مَظهَرًا يَكَادُ يَكُونُ عَامًّا، وُجِدَ في الوَلائِمِ وَالمُنَاسَبَاتِ، وَفي المَرَاكِبِ وَالمَلابِسِ، وَفي العُطُورِ وَفي الجَوَّالاتِ، وَفي السَّفَرِ وَالتَّنَزُّهِ، بَل وَفي كَأسٍ مِن عَلقَمٍ يَشرَبُهُ فَتًى أَو تَتَرَشَّفُهُ فَتَاةٌ، لِيُصَوِّرُ أَحَدُهُمَا نَفسَهُ وَيُرِيَ النَّاسَ مَا لَيسَ عَلَيهِ حَالُهُ في الوَاقِعِ.

 

وَلأَنَّ الأَصلَ في الإِسرَافِ وَالتَّبذِيرِ أَن يَكُونَ في المَأكَلِ وَالمَشرَبِ وَالمَلبَسِ، فَقَد جَاءَ النَّهيُ عَن ذَلِكَ خَاصَّةً؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، ‏وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا وَاشرَبُوا وَتَصَدَّقوا وَالبَسُوا في غَيرِ إِسرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ"؛ رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ الإِسرَافَ اليَومَ وَكَمَا لا يَخفَى، صَارَ مُتَعَلِّقًا بِكَثِيرٍ مِن جَوَانِبِ الحَيَاةِ في المَأكَلِ وَالمَشرَبِ، وَفي المَلبَسِ وَالمَركَبِ، وَفي المَسكَنِ وَالمُتَنَزَّهِ، وَفي شِرَاءِ الجَوَّالاتِ وَالأَجهِزَةِ الكَمَالِيَّةِ، وَفي الفُرُشِ وَالنَّمَارِقِ وَالزَّرَابيِّ، وَفي طَرَائِقِ الاستِقبَالِ وَتَقدِيمِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالحَلْوَيَاتِ، وَفِيمَا يَخطُرُ عَلَى البَالِ وَفِيمَا لا يُتَصَوَّرُ، وَهَذَا وَاللهِ مُؤذِنٌ بِعُقُوبَاتٍ قَد تَعُمُّ، وَمُنذِرٌ بِفَقدِ كَثِيرٍ مِنَ العَطَايَا وَزَوَالِ النِّعَمِ؛ لأَنَّ التَّبذِيرَ مُخَالَفَةٌ لِلمَأمُورِ بِهِ مِنَ الشُّكرِ وَالاقتِصَادِ، وَلأَنَّ المُبَذِّرِينَ مِن حِزبِ الشَّيَاطِينِ، وَالشَّيَاطِينُ لا يَأتُونَ الخَيرَ وَلا يَتَّصِفُونَ إِلاَّ بِالشَّرِّ؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 27]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، ‏وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

 

وَالإِسرَافُ بِأَلوَانِهِ وَالتَّبذِيرُ بِأَنوَاعِهِ، لَهُ أَضرَارٌ كَبِيرَةٌ، فَهُوَ مَعصِيَةٌ للهِ وَلِرَسُولِهِ، وَتَضيِيعٌ لِلمَالِ في غَيرِ مَنفَعَةٍ، وَسَبَبٌ لِتَحَمُّلِ الدُّيُونِ بِلا حَاجَةٍ وَلا ضَرُورَةٍ، وَمَدعَاةٌ لِكَسرِ قُلُوبِ الفُقَرَاءِ وَإِدخَالِ الغَمِّ عَلَى المَسَاكِينِ، الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُصَافُّونَ بِهِ غَيرَهُم وَيَفعَلُونَ كَمَا فَعَلُوا.

 

وَإِنَّ لِلتَّصوِيرِ أَثَرًا كَبِيرًا في دَفعِ النَّاسِ لِلإِسرَافِ وَالتَّبذِيرِ، فَهَذَا يُصَوِّرُ وَلائِمَهُ وَيَنشُرُ إِكرَامَهُ المُتَصَنَّعَ لِضُيُوفِهِ، وَذَاكَ يَعرِضُ مَسكَنَهُ وَمَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ في البِنَاءِ وَوَسَائِلِ الرَّفَاهِيَةِ، وَثَالِثٌ يُصَوِّرُ رَحَلاتِهِ وَمَشَاهِدَ سَفَرِهِ، وَرَابِعٌ يُصَوِّرُ كَأسَ قَهوَتِهِ، وَبِهَذَا التَّصوِيرِ الخَادِعِ الفَاتِنِ، فَإِنَّ صِفَاتِ الكَرَمِ وَالعَطَاءِ وَالبَذلِ، بَدَلًا مِن كَونِهَا أَخلاقًا مَحبُوبَةً وَأَعمَالًا صَالِحَةً تُكسِبُ الثَّوَابَ وَالأَجرَ، أَصبَحَت رِيَاءً وَسُمعَةً وَتَحَدِّيًا يَجلِبُ الإِثمَ وَالوِزرَ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَحرِصْ عَلَى امتِثَالِ المَأمُورِ بِهِ، وَلْنَجتَنِبْ كُلَّ مَنهِيٍّ عَنهُ، فَإِنَّنَا مَسؤُولُونَ عَن هَذِهِ النِّعَمِ الَّتي مُنحِنَاهَا وَمُلِّكنَاهَا، وَالمَالُ مَالُ اللهِ، هُوَ الَّذِي وَهَبَهُ وَأَعطَاهُ، وَأَنزَلَ في كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا لَوِ اتَّبَعنَاهُ، لَكَانَ المَالُ خَيرًا لَنَا وَأَجرًا، وَلَسَلِمنَا مِمَّا يَكتَنِفُهُ مِنَ الفِتَنِ وَالشُّرُورِ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37]، وقَالَ تَعَالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 28]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29].

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "نِعمَ المَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ"؛ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّمَا الدُّنيَا لأَربَعَةِ نفرٍ: عَبدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ رَحِمَهُ، وَيَعمَلُ للهِ فِيهِ بِحَقِّهِ، فَهَذَا بِأَفضَلِ المَنَازِلِ، وَعَبدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلمًا وَلم يَرزُقْهُ مَالًا، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ وَيَقُولُ: لَو أَنَّ لي مَالًا لَعَمِلتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَأَجرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَلم يَرزُقْهُ عِلمًا، فَهُوَ يَتَخَبَّطُ في مَالِهِ بِغَيرِ عِلمٍ، لا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلا يَعمَلُ فِيهِ بِحَقٍّ، فَهَذَا بِأَخبَثِ المَنَازِلِ، وَعَبدٍ لم يَرزُقْهُ اللهُ مَالًا وَلا عِلمًا، فَهُوَ يَقُولُ: لَو أَنَّ لي مَالًا لَعَمِلتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ نِيَّتُهُ وَوِزرُهُمَا سَوَاءٌ"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، وَأَغنِنَا بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ الإِسرَافَ كَمَا يَكُونُ في أُمُورٍ كَبِيرَةٍ يُجمِعُ النَّاسُ عَلَى مَقتِهَا وَذَمِّ أَهلِهَا، فَإِنَّهُ قَد يَكُونُ في أُمُورٍ قَد يَستَصغِرُهَا بَعضُنَا وَيَتَهَاوَنُ بِهَا، وَهِيَ مَعَ الاستِمرَارِ عَلَيهَا وَعَدَمِ الانتِبَاهِ لَهَا إِسرَافٌ وَتَبذِيرٌ، فَمِن ذَلِكَ طَبخُ مَا لا يُحتَاجُ إِلَيهِ وَتَنوِيعُ الطَّعَامِ في كُلِّ وَجبَةٍ، ثم رَميُ الزَّائِدِ بَدَلًا مِن حِفظِهِ لأَكلِهِ لاحِقًا، أَوِ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَى مَن يَقبَلُهُ بَعدَ تَرتِيبِهِ وَتَقدِيمِهِ بِطَرِيقَةٍ لَبِقَةٍ.

 

وَمِنَ الإِسرَافِ وَهُوَ كَالَّذِي قَبلَهُ، تَكثِيرُ أَنوَاعِ المَأكُولاتِ عِندَ طَلَبِهَا مِنَ المَطَاعِمِ، ثم تَركُ الزَّائِدِ لِلعُمَّالِ الَّذِينَ يَرمُونَهُ غَالِبًا في أَمَاكِنَ لا يَلِيقُ أَن تُلقَى فِيهَا النِّعَمُ.

 

وَمِمَّا قَد يَجُرُّ النَّاسَ إِلى الإِسرَافِ دُونَ شُعُورٍ، أَن يَجعَلُوا مِن عَادَاتِهِم الذَّهَابَ إِلى الأَسوَاقِ لِلتَّمَشِّي فِيهَا وَالاستِطلاعِ دُونَ حَاجَةٍ، وَمَن تَكُونُ هَذِهِ حَالَهُ، فَإِنَّهُ في الغَالِبِ يَغتَرُّ بِالدِّعَايَاتِ، وَيَجذِبُهُ بَعضُ البَاعَةِ الخَدَّاعِينَ بِأَلسِنَتِهِم، فَيَشتَرِي مَا لا حَاجَةَ لَهُ فِيهِ مِن مَلابِسَ وَعُطُورٍ وَكَمَالِيَّاتٍ، وَقَد يَكُونُ بَعضُها غَاليًا، ثم يَضطَرُّ بَعدَ أَن تَتَكَاثَرَ لَدَيهِ الأَشيَاءُ إِلى رَميِهَا لِلتَّخَلُّصِ مِنهَا.

 

فَمَا أَجمَلَهُ بِالمَرءِ أَن يُرَتِّبَ نَفسَهُ وَيَكُونَ حَازِمًا مَعَ أَهلِ بَيتِهِ، وَأَن يَحرِصَ عَلَى أَن يَكتَفِيَ بِمَا هُوَ في حَاجَةٍ إِلَيهِ، وَأَن يَستَثمِرَ مَا زَادَ مِن مَالِهِ فِيمَا يَنفَعُهُ في دُنيَاهُ أَو أُخرَاهُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ العَبدُ مَالي مَالي، وَإِنَّمَا لَهُ مِن مَالِهِ ثَلاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفنَى، أَو لَبِسَ فَأَبلَى، أَو أَعطَى فَاقتَنَى، وَمَا سِوَى ذَلِك فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاعتدال في الإنفاق والحذر من البخل والإسراف
  • الإسراف والتبذير (خطبة)
  • القناعة وعدم الإسراف
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (4) الإسراف في الفواحش
  • الإسراف في الطعام والشراب
  • من آداب الصيام: عدم الإسراف في تناول الطعام والشراب
  • خطبة: التحذير من الإسراف في الماء والهدر الغذائي
  • الإسراف خطره وصوره (خطبة)
  • خطورة الإسراف وكفران النعم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التحذير من الإسراف والتبذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراف والتبذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من موانع محبة الله للعبد (الإسراف والتقتير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة آفات على الطريق (2): الإسراف في حياتنا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الإسراف والتبذير وصورهما ومظاهرهما وآثارهما وأسبابهما وعلاجهما (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الإسراف والتبذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراف في الطعام وتنافيه مع مقاصد الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • البطر والإسراف والخيلاء(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطر الإسراف والتبذير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من الإسراف والتبذير (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/6/1447هـ - الساعة: 9:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب