• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أصول الاستدلال في تفسير الأحلام (PDF)
    سعيد بن علي بن محمد بواح الصديق
  •  
    خطبة: عيد الأضحى 1446 هـ
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    شموع (110)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    إيذاء موسى عليه السلام: قراءة تفسيرية وتحليلية
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حين يجمع الله ما تفرق بالدعاء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (2)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    من مائدة الفقه: فروض الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حديث: أدركت بضعة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أهمية وثمرات الإيمان باليوم الآخر
    سالم محمد أحمد
  •  
    الفرق بين قوله تعالى في أبواب الجنة: {وفتحت}، ...
    غازي أحمد محمد
  •  
    خطبة: شكوى الآباء من استراحات الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: الحج قصة وذكرى وعبرة
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة: الرشد أعظم مطلب
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

رب الشهور واحد (خطبة)

رب الشهور واحد (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/4/2025 ميلادي - 8/10/1446 هجري

الزيارات: 3770

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ربُّ الشهور واحد

 

إن الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران: 102].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾ [الحشر: 18].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ في النار.

 

معاشر المؤمنين الكرام: الشهورُ والأعوام، واللياليَ والأيام، إنما هيَ مقاديرُ آجال، وخزائنُ أعمال، تنقضي سريعًا، وتمضي جميعًا، والموعدُ يومُ القيامة: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران:30]، وفي الحديث القدسي الصحيح: "يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجدَ خيرًا فليحمد الله، ومن وجدَ غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه".

 

ألا وإنّ مِنَ المعلوم شَرعًا وَعَقلًا، وما تواترَ من تجارب الصَّالحين، أَنَّ لِلعِبَادَةِ الصحيحةِ آثارٌ حَمِيدةٌ عَلَى أخلاق صَاحِبِهَا، وعلى تَعَامُلِهِ مع الآخرين، فما من مُسلمٍ يُؤدي عِباداتهِ على الوجه الصحيح، إِلاَّ وَتجدهُ صَادِقٌ في قَولِهِ، وَافٍ بِوَعدِهِ، محافظٌ عَلَى عَهدِهِ، بَارٌّ بوَالِدَيهِ، وَاصِلٌ لِرَحِمِهِ، حسنُ الخلق، جميلُ الطباع، رائعُ في تعَامُلِه، هَيِّنٌ ليُّنٌ في أخذه وعطائه، سَمحٌ في بَيعِهِ وَشِرَائِهِ، قريبٌ خيرهُ، بعيدٌ شرّهُ.

 

أما وقد قدمنا في رمضان ما قدمنا من الطاعات بفضل الله، وَهجرنا ما هجرنَا من السيئات والمخالفات بتوفيق، وطاعةً لله، وطلبًا لمرضاته، فَلْيَكُنْ هَذَا هُوَ ديدننا في سَائِرِ الأوقات، وطوالَ أيامِ الحياة.. وَلْنَعلَمْ أَنَّ رقابةَ اللهِ لنا رقابةٌ دائمةٌ مُستمرة، وَأنَّ الكِرَامَ الكَاتِبينَ يسجلونَ كلَّ صغيرةٍ وكبيرة، وَأنّ الحَيَاةَ رِحلَةٌ قَصِيرَةٌ، ونحن عمَّا قليلٍ عنها رَاحِلُونَ، وإلى اللهِ راجعونَ، وَبَينَ يَدَيهِ تعالى مَوقُوفُونَ، وَعَلَى كلِّ مَا عَمِلنَاهُ مُحَاسَبُونَ، ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء:227].

 

ثم اعلموا أَيُّهَا المباركونَ: إِنَّ جميعَ الفرائض والعِبَادَاتِ، وسائرَ التكاليفِ والواجبات، مِن صِيَامٍ أو صَلاةٍ، أو حَجٍّ أو زَكَاةٍ، أو غيرهَا من فرائض وواجبات، فإنّهُ لم يُشرَعْ شيءٌ منها لِيَكُونَ إرهاقًا للأبدان، وَلا جِبَايَةً للأِمَوالِ، وَلا تعذيبًا ولا حرمان، وإنما شُرعَ تزكيةً للنفس، وارتقاءً بالأخلاق، وتهذيبًا للسلوك، ففي محكم التنزيل: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ ﴾ [العنكبوت:45]، وَيقول جَلَّ وَعَلا عن الزكاة: ﴿ خُذْ مِن أَموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتَزكِيهِم بِهَا ﴾ [التوبة:103]، وقال تعالى عن الصوم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة:183]، وفي صحيح البُخَارِيِّ، قال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَن لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهلَ فَلَيسَ للهِ حَاجَةٌ في أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".

 

ومن المعلوم الذي لا يخفى: أنَّ الدِّينَ مَنهَجٌ شَامِلٌ متكامل، وأنَّ المسلمَ محكومٌ بالدين في كل أحوالهِ وأحيانه، لا فرق بَينَ رَمَضَانَ، وبقيةَ أَيَّامِ العَامِ.. فالـمُسلِمُ هُوَ المسلِمُ في أيِّ مَكَانٍ يذهبُ إليه، وَفي كُلِّ وقتٍ يمرُّ عليه، ومهما تغيرت الظروف وملابسات الحياة، فإنه لا يزال يَعبدُ رَبًّا وَاحِدًا لا شريك له، ويَسِيرُ إِلى هَدَفٍ وَاحِدٍ لا يحيدُ عنه، ويحتكمُ إلى دستورٍ معصومٍ لا يرضى به بديلًا، وَمِن ثَمَّ فَهُوَ مُستَسلِمٌ للهِ، مُنقَادٌ لِمَولاهُ، مخلصٌ لَهُ يطلبُ رضاه، مُستقيمٌ لا يروغ، صادقٌ لا يتلون، لا يغترُ بشبهةٍ؛ ولا ينجرُ لشهوة، فهو بفضل الله ثابتٌ لا يَتَغَيَّرُ، تأمَّل: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم:27].

 

معاشر المؤمنين الكرام: لقد كانَ للجدِّ في رمضان أثرٌ جميل، فقد استطعمت القلوبُ حلاوةَ القرآن، وتلذذت النفوسُ بروحانية القيام، وانشرحت الصدورُ بصنوف الذكر والطاعات.. ألا فاعلموا يا عباد الله: أن ذلك ليس مقصورًا على مواسم مُعينة، ولا أزمنةٍ محدّدة.. بل هو عامٌ في جميع الأحيان والأحوال، ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ ﴾ [الحجر:99].. وَقَالَ سُبحَانَهُ عَن عِيسَى عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿ وَأَوصَاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيًّا ﴾ [مريم:31].. وإنما خُصت بعضُ المواسمِ بمزيد فضلٍ، رحمةً من الله ومِنحة.. ليستكثرَ العبدُ من الخيرات، وليتدارك بعضَ ما فاته أيامَ الغفلات.. فغَدًا تُوَفَّى النُّفُوسُ مَا كَسَبَت.. وَيَحصُدُ الزَّارِعُونَ مَا زَرَعُوا.. إِنْ أَحسَنُوا، أَحسَنُوا لأَنفُسِهِم.. وَإِنْ أَسَاؤُوا، فَبَئِسَ مَا صَنَعُوا.

 

ويحِقُّ للعاقل أن يتساءل: أين أثرُ رمضان، إذا هُجرَ القرآن.. وأينَ أثرُ الطاعةِ، إذا تُركت صلاةُ الجماعة.. وأينَ أثرُ الصدقاتِ والقُرباتِ إذا انتُهِكت المحرمات.

 

ولنتأمل كلامًا قيمًا للإمام ابن القيم رحمه الله إذ يقول: "بين العملِ والقلبِ مسافة، وفي تلك المسافةِ قطاعٌ يمنعون وصولَ العملِ إلى القلب، فيكونُ الرجلُ كثيرَ العملِ، وما وصلَ منهُ إلى قلبه محبّةٌ ولا خوفٌ ولا رجاءٌ ولا زهدٌ في الدنيا ولا رغبةٌ في الآخرة".. (ثم يقول:) "فلو وصلَ أثرُ الأعمالِ إلى قلبه لاستنارَ وأشرقَ، ورأى الحقَّ والباطل"..

 

فيا أهل الطاعات، اعلموا أنَّ الله لا يريدُ من عباداتنا مجردَ الأفعالِ والحركات، وإنما يريدُ ما وراءَ ذلك من الهُدى والتقوى والإخبات، قال تعالى: ﴿ يٰأَ يُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة:183].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ﴾ [النحل:97]..

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده اللذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18].

 

معاشر المؤمنين الكرام: لا شك أنّ في استدامة الطاعةِ وامتدادِ زمانها نعيمٌ للصالحين، وقرةُ عينٍ للمؤمنين، يستثمرون بها أوقاتهم، ويثقِّلونَ بها ميزان حسناتهم، ويُرضون بها خالقهم ومولاهم، في الحديث الصحيح: "خيرُ النَّاسِ مَن طالَ عُمرُه وحَسُنَ عملُه".. ورمضانُ إنما هو مدرسة، صقلَ القلوبَ، وأيقظَ الضمائرَ، وطهّرَ النفوسَ، وزكى الأخلاق.. ومن ثمَّ فإنّ ما اكتسبناه في رمضان، ينبغي أن يكونَ حافزًا للاستمرار وزيادةِ العمل، لا أن يكونَ مدعاةً للتقاعس والكسل.. وأن يكون حالُنا بعد رمضان، أفضلَ منه قبلَ رمضان.. ومن ذاقَ حلاوةَ الصيامِ في رمضان، فليعلم أنَّ البابَ مفتوحٌ للمواصلة بعد رمضان، كصيام ستٍ من شوال، وصيامِ الأيامِ البيض من كل شهرٍ، وصيامِ الاثنينِ والخميس من كل أسبوعٍ.. وهكذا فمن استشعرَ حلاوةَ المناجاةِ في صلاته وسجودهِ في رمضان، وأبصرَ الأثرَ الجميلَ للدعاء والمناجاة، فليعلم أنَّ له ربًا عظيمًا قريبًا، يجيبُ دعوة الداعي إذا دعاه، وينزلُ في الثلث الأخيرِ من كلِّ ليلةٍ نزولًا يليقُ بجلاله، فينادي عبادهُ: هل من داعٍ فأستجيبَ له، هل من سائلٍ فأعطيه، هل من مستغفرٍ فأغفر له.. بل وينادي عبادهُ على الدوام: ﴿ ادعوني أستجب لكم ﴾ [غافر:60]، وفي الحديث الصحيح: "ما على الأرضِ مسلمٌ يدعو اللهَ بدعوةٍ إلا آتاهُ اللهُ إياها، أو صرفَ عنهُ من السوءِ مثلها، ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ"، فقال رجلٌ من القوم: إذا نكثر؟ قال: "اللهُ أكثر"..

 

وكذلك يا عباد الله: فمن تعطرَ فمهُ بتلاوة كلامِ ربه وأمضى معه الساعاتِ الطويلةِ خلالَ رمضانَ.. فليكن له وردٌ يومي من القرآن الكريم، فقد كان هذا هو هدي السلف رحمهم الله.. وهكذا من حافظَ على صلاة التراويحِ والقيامِ طوالَ رمضان، فليواصل ولو بثلاث ركعات، فالحقُّ تبارك وتعالى يقول: ﴿ وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴾ [الإسراء:79]، والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: "أقربُ ما يكونُ الربُّ من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أنَّ تكونَ ممن يذكرُ اللهَ في تلك الساعة فكن"..

 

وفي بذل المال أجرٌ وطهرٌ وسعةٌ في الرزق، ووعدٌ من الكريم سبحانه بعوضٍ مُضاعفٍ، فلنستمر في هذا العمل الجليل ولو بأقل القليل، ﴿ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [التغابن:17]، ويقول جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ [الحديد:18].

 

فيا أحبتي الكرام: لنجعل من نسمات رمضانَ المشرقة، مفتاحَ خيرٍ لسائر العام، ومنهجَ حياةٍ على الدوام، ففي الحديث الصحيح: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز"، وفي حديث آخر صحيح: "أكلفوا مِنَ الأعمالِ ما تُطيقون؛ فإن اللهَ لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأعمالِ إلى اللهِ أدومُها وَإِنْ قَلَّ".. والحّوا في طلب العونَ والهداية من الله، فتلك وصيةُ المحبوب صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "يا مُعاذُ: وَاللهِ إني لأُحِبُّكَ، فلا تَدَعَنَّ دُبَرَ كُلِّ صلاةٍ أن تقولَ: اللهم أَعِنِّي على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عِبادَتِكَ"، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران:200]..

 

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود:114]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يفنى رمضان ويبقى رب الشهور والأزمان

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهر رمضان شهر مبارك وشهر عظيم(مقالة - ملفات خاصة)
  • هل لشهر رجب فضيلة على غيره من الشهور؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهر الصيام سيد الشهور(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • إيه يا شهر الشهور!(مقالة - ملفات خاصة)
  • في رحاب شهر الخيرات(مقالة - ملفات خاصة)
  • من روائع الماضي بمجلة الأزهر .. شهر الله المحرم(مقالة - ملفات خاصة)
  • صفة رسول رب الأرباب عند أهل الكتاب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/1/1447هـ - الساعة: 9:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب