• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

حق الدين والدفاع عنه والدعوة إليه

حق الدين والدفاع عنه والدعوة إليه
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/2/2025 ميلادي - 26/8/1446 هجري

الزيارات: 582

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حق الدين والدفاع عنه والدعوة إليه


الحمد لله الذي خلَقنا من عدمٍ، وكبَّرنا مِن صغرٍ، وقوَّانا مِن ضعف، وأسمعنا من صَممٍ، وأغنانا من فقرٍ، وعلَّمنا من جهلٍ، وأمَّننا من خوفٍ، وهدانا من ضلالة، أحمَده سبحانه وأشكُره، وبالشكر تُنال الزيادة، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ [يونس: 25]، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ أما بعد:

فما زلنا وإياكم في ظلال سلسلة الحقوق في الإسلام، واليوم نعيش وإياكم مع حقٍّ كبير جليل، قد فرَّط فيه كثيرٌ من المسلمين، ألا وهو حقُّ التعريف بالإسلام، حق الدفاع عن الدين، حق الدعوة لهذا الدين.

 

لقد كلَّف الله تعالى عبادَه بالإيمان بهذا الدين، وبالعمل به، وكلَّفهم بالدعوة إليه وبتعليمه وببيان أحكامه وآدابه للناس كافة؛ قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْركِينَ﴾[يوسف: 108].


فكل محب للنبي - صلى الله وعليه وسلم - وكلُّ تابع للنبي - صلى الله وعليه وسلم - يدعو إلى الله ويخدم هذا الدين.

 

أحسنُ قول وأجمل قول، وأسمى قول وأرفع قول: الدعوة إلى الله عزو جل؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَـالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت:33]، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كالصلاة والصيام، بل قدَّمه الله على الصلاة والزكاة؛ قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ﴾، ما جزاؤُهم: ﴿ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة:71].

 

هذا الواجب يتفاوت بتفاوُت المسلمين علمًا وفطنة وأسلوبًا ومركزًا وعملًا ووقتًا، ويَزداد عظم المسؤولية، كلما ازدادَ علمُ المرء، وقدرته، ومنزلته بين الناس، وكلما ازداد العلم، والدعوة، والمسؤولية، ازداد الأجر، وارتفع القدر، ونِيلت الدرجات، والدال على الخير كفاعله.

 

أخي المسلم، العالم بحاجة إلى من يُعرِّفه بأخلاق الإسلام وعدل الإسلام وسماحة الإسلام، والله ما وقَع من إساءة للنبي - صلى الله وعليه وسلم - من الدنمارك أو غيرهم، إلا لأنهم جهِلوا مكانة رسول الله وعظمة رسول الله، وأخلاق رسول الله ورحمة رسول الله للعالمين، فمن يُخبرهم ومَن يدعوهم، ومَن ينشر سيرة رسول الله بينهم، وأخلاق رسول الله بينهم بالحكمة والموعظة الحسنة إلا نحن المسلمين، ها هوَ يهودي معه كلبٌ، واليهود لطالِما استفزُّوا المسلمين، يريدون أن يُوقعوهم في شركهم، يَمرُّ على إبراهيم ابن أدهم - عليه رحمة الله - ذلكم المؤمنُ فيقولُ لهُ: أَلِحْيتُك يا إبراهيم أَطهرُ من ذنَبِ هذا الكلب، أم ذنَبُ الكلبِ أطهرُ من لحيتِك؟

 

فما كان منه إلا أن قال بهدوءِ المؤمنِ الواثقِ بموعود الله عز وجل:

إن كانت في الجنةِ لهي أطهرُ من ذنَبِ كلبك، وإن كانت في النارِ لذنَبُ كلبكَ أطهرُ منها، فما ملك هذا اليهودي إلا أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، والله ما هذه إلا أخلاقُ الأنبياء.

 

فما أحوج العالم كله الآن ليتعرف على الصورة المشرقة للإسلام، والكل سيُسأل بين يدي الله جل وعلا بحسب قدرته، واستطاعته، من لهذا الدين غيري وغيرك.

 

إن للباطل في هذا العصر صَولةً وجولة، وكلمة وموقفًا، فله خُطط وبرامج وقنوات، وما انتفش الباطل وارتفَعت كلمته إلا لتخاذُل أهل الحق، ونكوصهم عن المواجهة، وإظهار محاسن الحق الذي يَحملونه وينتسبون إليه.

 

إن أهل الباطل يُدافعون عن باطلهم، ويبذلون في سبيل نشره وإقناع الناس به كلَّ غالٍ ونفيس، وليس الأمر مقتصرًا على الدعوة فقط، بل إنهم يَبثون أتباعهم في صفوف الجماهير؛ لتثبيتهم على الوفاء لهذا المبدأ الخبيث، والهدف القبيح، والغاية الخاسرة.

 

هل تذكرت أخي أن دينك هذا الذي تدين الله به مُستهدف بعداءٍ مرير وكيد طويل؟!

واقرأَ إن شئت كتاب "قادة الغرب يقولون دمِّروا الإسلام، أبيدوا أهله"، و لتقف على طرف من هذا العـداء!

 

أخي، هل آلَمَتْك مجازرُ المسلمين ورُخص دمائهم؟! فإذا هي أرخص من ماء البحر، ومدن المسلمين تُباد ودُولهم تُبتلع؟! هل تألَّمَت لِما يحصل لغزة وحصار غزة، وما يقع في سوريا وكشمير والعراق؟

 

من منَّا يا إخواننا الذي يدعو في كل سجدة للأمة أن يردَّها الله إلى الدين، وأن يردَّ إليها الأقصى الكريم؟! أُمة بَخِلت بالدعاء، فهل تجود بالأموال والدماء؟!


أخي الحبيب، ماذا قدمت لدين الله؟

 

سؤال يجب ألا نَمَل طرحه، وألا نسأَم تَكراره؛ لنحيي في القلوب قضية العمل لهذا الدين، هذا الدين الذي تعب من أجله آدمُ، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وبِيع يوسف بثمنٍ بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذُبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضُّر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحش عيسي، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد - صلى الله وعليه وسلم»؛ يقول تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾ [آل عمران: 110]، وقال تعالى: ﴿انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: 41].

 

أخي الحبيب، هل فتَّشنا في أنفسنا وتساءَلنا: كم تبلغ مساحة الإسلام من خارطة اهتمامنا؟!

 

كـم نبـذل ونتعب ونهتم للدنيا؟! وفي المقابل كم نبذل ونتعب ونهتم للدين؟


ويحضُرني قصة تلك المرأة النصرانية التي حضرت أحد المؤتمرات التي أُقيمت للتعريف بالدين الإسلامي، وبعد سماعها لتعريف مختصر لخصائص هذا الدين ومميزاته، قالت: لئن كان ما ذكرتُموه عن دينكم صحيحًا، إنكم لظالمون!! فقيل لها: ولماذا؟ قالت: إنكم لم تعملوا على نشره بين الناس والدعوة إليه!

 

بل ذكر أحد الدعاة أنه كان في بعض دول إفريقيا في رحلة شاقة إلى قرية من القرى، وكانت السيارة تسير وسط غابة كثيفة، وكان الطريق وعرًا وعورة يَستحيل معها أن تُسرع السيارة أكثر من ( 20) كم في الساعة، وقد بلَغ منا الإرهاقُ مبلغَه، وكأن البعض قد ضاق صدره من طول الرحلة، وبدأ يتأفَّف من شدة الحر وكثرة الذباب والغبار الذي ملأ جو السيارة، وفجأة يقول شاهدنا على قارعة الطريق امرأة أوروبية قد امتطت حمارًا وعلَّقت صليبًا كبيرًا على صدرها وبيدها منظار، وعند سؤالها عن سبب وجودها في هذه الغابة، تبيَّن أنها تدعو للصليب في كنيسة داخل القرية، ولها سنتان، قال صاحبي: فقلنا: (اللهم إنا نعوذ بك من جلَد الفاجر وعجز الثقة).

 

أخي، هل بذلت جُهدًا في خدمة دينك ولو كان قليلًا؟!

 

هل أرسلت لقريب أو زميل مقطعًا مؤثرًا بعد أن سمعته، أو كُتيبًا بعد أن قرأته؟

 

هذه المنكرات التي في مجتمعاتنا لم تنتشر في يوم وليلة، ولكن انتشرت لأن واحدًا فعل، وواحد سكت، وهما شريكان في الإثم، ولا ينجو إلا مَن نهى عن المنكر وأمر بالمعروف بمعروفٍ.

 

فهل استشعرت وجوب مشاركتك في إزالة المنكر؟!

 

أخي المسلم، إن في مجالسنـا ومجتمعنا من يشوِّش على الناس مفاهيمهم، ويُلبِّس عليهم دينهم، وينتقص أهل الصلاح منهم! فهل وقفت مُنافحًا ومُدافعًا بالتي هي أحسن؟!

 

ماذا قدَّمت لدين الله؟

أخي، من لهذا الدين المتين - بعد رب العالمين - إلا أنت وأمثالك، ما لم تقُم بالعبء أنت فمَن يقوم به إذًا؟!

 

إن الغيرة على دين الله دليلٌ على محبة الله، ودليل على الإيمان الصادق في قلب العبد، ومن لا يغار على محارم الله، ضعيف الإيمان؛ أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه، فيما أخرجه الإمام مسلم بقُوله - صلى الله وعليه وسلم -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ».

 

أرأيت أخي الحبيب إلى البحر العظيم ذي الأمواج الهائلة، إنه يفور غيرةً لانتهاك محارم الله؛ فقد أخرج الإمام أحمد عن عُمَر بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله وعليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: « لَيْسَ مِنْ لَيْلَةٍ إلّا وَالْبَحْرُ يُشْرِفُ فِيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْأَرْضِ، يَسْتَأْذِنُ اللَّهَ فِي أَنْ يَنْفَضِخَ عَلَيْهِمْ - أي على عصاة بني آدم - فَيَكُفُّهُ اللَّهُ عز وجل كرمًا منه ورحمةً»، كلُّ ذلك غيرةً على محارم الله.

 

ماذا قدمت لدين الله؟

أخي الحبيب، هل تعلم أنه في عام واحد بلغ ما جمعته المنظمات التنصيرية مبلغًا قدره (193) مليار دولار أمريكي! وقد بلغ عدد المنظمات التنصيرية (23300) منظمة عاملة، وبلغ عدد المنظمات التنصيرية التي ترسل منصِّرين إلى الخارج (4500) منظمة، وبلغ عدد نسخ الإنجيل التي تَم توزيعها خلال عام واحد فقط (178317000) كتابًا، وبلغ عدد الإذاعات والمحطات التليفزيونية التنصيرية (3200) إذاعة ومحطة تلفزة مختصة بالتنصير.

 

أسلحة الإعلام مدجَّجة لطمس نور فطرة الله التي فطر الله الناس عليها، فهذه مسلسلات وتلكم أفلام وبرامج وأغنيات، تُذبح فيها الفضيلة، ويُطمس فيها الشرف، حتى صار القُبح عُرفًا والباطل عادة.

 

ماذا قدمت لدين الله؟

أيها الشباب، قد يرد عليَّ الآن رجلٌ من آبائنا أو شاب من أبنائنا، أو أخت من أخواتنا - وهذا سؤال مثار - ويقول: يا أخي، لكني أستحيي أن أتحرك لدين الله وأنا مقصِّر وأنا مذنب وأنا عاص، أنا أعلم حقيقة نفسي! أقول: لو تخاذلت عن العمل لدين الله، فقد أضفت إلى تقصيرك تقصيرًا، وإلى ذنوبك ذنبًا، فلا يحملك ذنبك على أن تترك العمل لدين الله، ولا يَمنعك تقصيرك، ولا يمنحك إجازة مفتوحة من العمل للإسلام، لا! خُذْ هذه الرسالة الرقيقة من أبي محجن الثقفي - رضي الله عنه - رجل مُدمن على شرب الخمر، سبحان الله!! مع أنه فارس مغوار، إذا نزل الميدان أظهر البطولة والرجولة! ولكنه ابتُلي بإدمانه على شرب الخمر، ومع ذلك تراه جنديًّا في صفوف القادسية، هل خرج للقتال؟ نعم، وهو الذي كثيرًا ما يؤتى به ليقام عليه الحد.

 

وفي ميدان البطولة والشرف أُتي به لقائد الجيش سعد بن أبي وقاص؛ لأنه قد شرب الخمر، فلعبت الخمر برأسه مرة أخرى، فأمر سعد بن أبي وقاص - خال رسول الله - أن يُمنَع أبو محجن من المشاركة في المعركة، وأن يقيَّد حتى تنتهي المعركة؛ لأنه لا تقام الحدود في أرض العدو، وقُيِّد أبو محجن، وبدأت المعركة، وارتفعت أصوات الأبطال، وقعقعت السيوف والرماح، وتعالت أصوات الخيول! وفُتحت أبواب الجنة لتطير إليها أرواحُ الشهداء، وهنا احترق قلب أبي محجن الذي جيء به وهو على معصية، لم يفهم أبو محجن أن الوقوع في المعصية يَمنحه إجازة مفتوحة من العمل لدين الله، من المشاركة لنُصرة لا إله إلا الله، وإنما احترق قلبه وبكى، ونادى على زوج سعد بن أبي وقاص سلمى، وقال لها: أسألك بالله يا سلمى! أن تفكي قيدي، وأن تدفعي لي سلاح وفرس سعد؛ لأن سعدًا قد أقعده المرض عن المشاركة في القادسية إلا بالتخطيط.

 

فرقَّت سلمى لحال أبي محجن، ففكَّت قيده، ودفعت له السلاح والفرس وقال لها: إن قُتلت فالحمد لله، وإن أحياني الله جل وعلا، فلك عليَّ أن أعود إلى قيدي؛ لأضَعه في رجلي بيدي مرة أخرى، وانطلق أبو محجن، وتغيَّر سير المعركة على يد بطل! على يد فارس! حتى قال سعد الذي جلس في عريش فوق مكان مرتفع؛ ليراقب سير المعركة، قال سعد: والله! لولا أني أعلم أن أبا محجن في القيد، لقلت بأن هذا الفارس هو أبو محجن، ولولا أني أعلم أن البلقاء في مكانها لظننتُ أنها البلقاء، فردَّت عليه زوجه، وقالت: نعم، إنه أبو محجن وإنها البلقاء، وحكت له ما قد كان! ولَما انتهت المعركة دخل سعد بن أبي وقاص على أبي محجن في موقعه في سجنه، فوجد أبا محجن وقد وضَع القيد في رجليه بيديه مرة أخرى، فبكى سعد بن أبي وقاص ورق لحاله، وقال له: قُمْ يا أبا محجن، وفك القيد عن قدميه بيديه، وقال له سعد: والله لا أجلدك في الخمر بعدها أبدًا، فنظر إليه أبو محجن وقال: ربما كنت أزل فيها؛ لأنني أعلم أنني أُطهَّر بعدها بالجلد، أما الآن لا تجلدني، وأنا والله لا أشرب الخمر بعد اليوم أبدًا! وصدق مع الله جل وعلا.

 

فهذه رسالة رقيقة يرسلها أبو محجن الثقفي للعصاة من أمثالي، لأهل الذنوب من أمثالي؛ من أجل ألا تمنحهم ذنوبهم ومعاصيهم إجازة مفتوحة من أن يتحرَّكوا لدين الله، ومِن أن تحترق قلوبهم بالعمل لدين الله جل وعلا! حتى الهدهد - ذلكم الطائر الأعجم حين كان في مملكة ضخمة على رأسها نبي، وقد سخر فيها الإنس والجن والطير والريح لهذا الملك النبي - لم يَفهَم من ذلك أنه قد أخذ إجازة من أجل ألا يعمل لدين الله.

 

الهدهد؟ إي والله تحرَّك ليعمل للدين؟ إي والله! بل جاء إلى هذا الملك النبي ليكلِّمه بكل ثقة: ﴿ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ *إنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴾ ما الذي أغضبَك أيها الهدهد كأنك أسدٌ دِيسَ عرينُه، إنه غار على محارم؛ لأنهم يعبُدون دون الله، ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [النمل:22].

 

لماذا فعلوا ذلك يا أستاذ العقيدة اسمع الجواب: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل: 24]، ويُعلن الهدهد براءته من عقيدة الشرك والكفر، ويقول: ﴿ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [النمل: 25، 26].

 

هدهد لم يَعجِز أن يجد لنفسه دورًا في مملكة موحدة لا في بيئات، لا في بلد نحت شريعة الله، بل في مملكة موحدة على رأسها ملك نبي، لم يَعجِز أن يجد لنفسه دورًا ليعمل لدين الله.

 

ماذا قدمت لدين الله؟:

فالعمل للدين ليس مؤقتًا بوقت، ولا محددًا بزمان ولا مكان، وإنما هو وظيفة العمر كله.

 

ماذا قدمت لدين الله؟:

إن النبي - صلى الله وعليه وسلم - كان من أوائل اهتماماته صِيَاغَةُ الشَّخصية الدعوية التي تحمل هَمَّ الدين وتبذُل له، وكان أول من دعاه النبي - صلى الله وعليه وسلم - للإسلام هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي تحرَّك من أول يوم يَنشُر هذا الدين، حتى دخل بجهوده الدعوية في أول الأمر خمسة من المبشَّرين بالجنة.

 

وهذا الداعية الكويتي عبد الرحمن السميط يدعو إلى الله في أدغال إفريقيا، فيُسلم على يديه ثلاثة ملايين شخص.

 

وهذه امرأة تدعو بالمراسلة على شبكة الإنترنت، ويُسلم على يديها الآلاف، وهي امرأة مقعدة لا يتحرك منها إلا رأسها.

 

وها هو شاب مصري يهتدي على يديه عبر الإنترنت ما يزيد على خمسمائة من النصارى؛ قال عليه الصلاة والسلام: «مَن دَعا إلى هُدى كان له من الأجرِ مِثلُ أجورِ مَن تَبِعَه، لا ينقص ذلك من أجورِهم شيئًا»؛ [رواه مسلم].

 

واهتِداءُ رجلٍ واحدٍ بسَبَب دعوتك ونصيحتك، خيرٌ لك من أنفَسِ الأموال، يقول عليه الصلاة والسلام: «فوَالله، لأن يهدِيَ الله بكَ رَجلًا واحدًا خيرٌ لك مِن حُمُر النَّعَم»؛ [متفق عليه].

 

قال - صلى الله وعليه وسلم -: «بلِّغوا عني ولو آية»؛ [رواه البخاري]، فـ(بلِّغوا) فيها تكليفٌ، و(عنِّي) فيها تشريف، و(لو آية) فيها تخفيفٌ.

 

على المرء أن يَسعى إلى الخير جهدَه
وليس عليه أن تتمَّ المقاصدُ

 

كيف تخدم دين الله؟

أولًا: من أعظم الأعمال التي تخدم بها هذا الدين أن تجعل بيتك بيتًا مسلمًا في أفراده، ومسلمًا في أساسه، ومسلمًا في معداته وأجهزته، تُنشَر فيه الفضائل وتُحارَب الرذائلُ.

 

ثانيًا: مشاركة إخوانك الصالحين في نشاطهم في الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة، فيُمكنك الاتصال بهم والعمل معهم، والمرء قليلٌ بنفسه كثيرٌ بإخوانه.

 

ثالثًا: شارِك في الدعوة إلى الله بسُنة تَنشُرها أو بفضيلة تدعو إليها، أو كلمة تُلقيها، أو مطويَّة تَبُثُّها، المهم أن تكون إيجابيًّا في مجتمعك.

 

رابعًا: فرِّغ شيئًا من وقتك لتتعلم دينك، لتفهَم دينك فهمًا صحيحًا على أيدي العلماء العاملين، والدعاة الصادقين، فمن المُحال أن تنصر شيئًا تجهله.

 

خامسًا: تخفَّف من ذنوبك بالتوبة النصوح، واعلَم أن بني إسرائيل مُنعوا القطر بسبب ذنب رجل في سبعين ألف رجل.

 

سادسًا: اتَّبِع سنة نبيك - صلى الله وعليه وسلم - واعلَم أن المسلمين في معركة أُحد لم ينتصِروا بسبب مخالفة أمر رسولنا - صلى الله وعليه وسلم.

 

سابعًا: كُن مخلصًا صادقًا في أقوالك وأفعالك، وحركاتك وسكناتك.

 

ثامنًا: تخلَّق بالخلق الحسن، واعلم أن لسان الحال أبلغ من لسان المقال.

 

تاسعًا: ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، واعلم أن الدعوة سائرة بك أو بدونك، فاسْأل الله أن يُشرفك بالدعوة لدينه.

 

عاشرًا: تخيَّر الصاحب الذي يعينك على الخير ويَدلك عليه، الصاحب الذي إذا ذكرت الله أعانك، وإذا نسيت ذكَّرك، الصاحب الذي يُذكِّرك بعيوبك لأجل إصلاحها لا ليُعيرك بها.

 

الحادي عشر: كُن ليِّنَ الجانب طيِّبَ المعشر، هينًا سمحًا في تعاملاتك مع إخوانك ومع الناس، واعلم أن اللين في الخطاب والبسمة على المُحيا هما مفتاحُ قلوب الناس.

 

الثاني عشر: ابذُل من مالك للدعوة إلى الله؛ فالدال على الخير كفاعله.

 

الثالث عشر: سلِ الله في دعائك أن يُعز الإسلام وينصُر المجاهدين، ويؤيِّد الدعاة الصادقين، ويَخذل ويَكبِت كلَّ مَن ناوَأَ الدعوة، وكلَّ مَن حاصر الكلمة، وكل مَن وقف في وجه رسالة أنبياء الله.

 

أخي الحبيب، تعالَ ضَعْ يدك في يدي، وبنا ننطلق ونخدم هذا الدين، فالمرءُ قليلٌ بنفسه كثيرٌ بإخوانه، دَعْنا نتكاتَف ونكثِّر السواد في خدمة الدين بإخلاص، جمعني الله وإياك في مستقرِّ رحمته ودار كرامته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حق الله تعالى (2)
  • حق الله تعالى (3)
  • التحذير من إلحاق الضرر بالمسلمين (خطبة)
  • حقوق النبي المصطفى (1)
  • حقوق النبي المصطفى (2)
  • حقوق زوجات النبي المصطفى
  • حقوق الصحابة (1)

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • يا دعاة الباطل لا تكونوا كاليهود: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب