• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446 هـ
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    ما الحكم إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة في يوم ...
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (2)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    دروس وأسرار من دعاء سيد الاستغفار
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق ...
    سعيد مصطفى دياب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة يونس (الحلقة التاسعة) رسالتا نوح وموسى: دعوة واحدة بظرفين ومنهجين مختلفين

تفسير سورة يونس (الحلقة التاسعة) رسالتا نوح وموسى: دعوة واحدة بظرفين ومنهجين مختلفين
الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/2/2025 ميلادي - 27/8/1446 هجري

الزيارات: 688

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين

تفسير سورة يونس (الحلقة التاسعة)


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ، رسالتا نوح وموسى: دعوة واحدة بظرفين ومنهجين مختلفين:

قال الله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ * فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ * ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ * ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ [يونس: 71 - 75].


كان نزول سورة يونس عليه السلام أواخر الفترة المكية قُبيل الهجرة، وقريش حينئذٍ متمسكة بالوثنية، تعبد الأصنام وتفاخر بها، وتستميت في الدفاع عنها، وتستهزئ بما تُدعى إليه من الإيمان، وما يُتلى عليها من القرآن، وتنبز داعي الإيمان فيها صلى الله عليه وسلم بالجنون، والله تعالى يطمئنه قائلًا: ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾ [القلم: 51، 52]، ثم يضيق صدرها به وتقلِّب الرأي بين زعمائها حول ما يُنهي أمره قتلًا أو إخراجًا، فيثبته عز وجل ويصبِّره بقوله: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 127، 128]، كل ذلك والقرآن الكريم ينساب وحيًا بتعاليم التوحيد؛ ترغيبًا وترهيبًا، وبشارة ونذارة، كلما اشتد نعيق غربانهم الطائشة، وفحيح ثعابينهم الشرسة، ونقيق أهوائهم المريضة برسول صلى الله عليه وسلم، نزل القرآن يواسيه ويأخذ بيده، ويرشده إلى ما يليق بأولياء الله - وهو سيدهم - من القول والعمل والتصرف، ويضرب له المثل بمن سبقه من أصحاب الرسالات الإلهية، وبما وُعد به الصابرون من النصر والتمكين، والعلو والشرف، وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة؛ كما في قوله تعالى له: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف: 35]، وقوله عز وجل: ﴿ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 4 – 6]، وقوله سبحانه: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، حتى إذا استنفد الوحي نصح عُتاة المشركين، ومقارعة ضلالهم بالحُجة والبرهان، واشتد بأسهم وأخذوا يفكرون في تنفيذ ما تواعدوا به من قتله صلى الله عليه وسلم، أخذ في تحذيرهم بمآلات السابقين إلى الشرك والعدوان قبلهم، فكان أول ما قدمه لهم في هذه السورة الكريمة نموذجًا صارخًا لصراع الحق والباطل، في بعثة نوح عليه السلام إلى قومه الذين استوطنوا العراق حول ما يُدعى حاليًّا بالكوفة، وكانوا أول من ارتد في الأرض عن الإسلام وعبَدَ الأصنام، كما كان نوح أول نبي بُعث بعد آدم عليه السلام؛ وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول نبي أُرسل نوح))[1]، وكانت سيرته فيهم أبلغ درس لصراع الإيمان مع الشرك في فجر البشرية، نثرها الحق تعالى في ثنايا القرآن الكريم بعدد من السور؛ منها سورة الأعراف، وسورة يونس، وهود، والمؤمنون، والعنكبوت، والشعراء، والصافات، والقمر، والحديد، والتحريم، ونوح؛ للعظة والعبرة والتوعية والتربية، توضيحًا لحقائق الإيمان، وتذكيرًا بتجربة فذَّة تكون قدوة ومنهاجًا للسالكين، لا سيما وقد كانت حياته الشخصية والعائلية في حالتَي ضعفه وقوته نموذجًا للاستعلاء بالحق، والثبات على الإيمان، وصدق التوكل على الله والثقة به؛ إذ قال له تعالى عن ابنه الكافر: ﴿ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [هود: 46]، فلم يزِد على أن استعلى بإيمانه على عاطفة الأبوة، وواصل دعوته وركب سفينته معتذرًا: ﴿ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [هود: 47]، وأخلى تعالى ذمته من زوجته إذ أخبره بخيانتها وكفرها فتركها خلفه؛ قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴾ [التحريم: 10]، وعاداه قومه وسخِروا منه، وآذَوه وقاطعوه في الدنيا، وأنكروا في الآخرة تبليغه الرسالة إليهم؛ كما ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يجيء نوح وأمته، فيقول الله: هل بلغت؟ فيقول: نعم أي رب، فيقول لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، ما جاء لنا من نبي، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، وهو قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143]، والوسط: العدل فيُدعَوْن فيشهدون له بالبلاغ، ثم أشهدُ عليكم)).

 

ولأن حياته عليه السلام طالت، فمكث في قومه ألف سنة إلا خمسين سنة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 14]، وحفلت بالعديد من المواقف الإيمانية المشابهة لِما كان يعيشه الرسول صلى الله عليه وسلم في قريش، وقد اشتد مكرها، وتنمرت وهددته بالقتل، فإنه تعالى عرض عليه وعلى قريش موقفًا من أشد مواقف نوح تحديًا لقومه، وتوكلًا على ربه؛ فقال عز وجل: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ﴾ [يونس: 71].


والواو في صدر قوله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ ﴾ [يونس: 71]، للاستئناف، وفعل الأمر: ﴿ اتْلُ ﴾ [يونس: 71]، يا محمد، من: تَلا الشيءَ يتلوه تُلُوًّا؛ أي: تَبِعَه، وكل شيء تلا شيئًا فهو تِلوه، وتتبُّع القرآن بالقراءة تلاوته، وسرد الحديث عن أي شيء: تلاوته، والنبأ لغة هو الخبر يأتي من مكان إلى مكان، ومنه يُقال للمخبر: المنبئ، وللسيل يأتي من أرض إلى أرض: النابئ، والآية أمر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه بأن ينبئ مشركي قريش بحال نوح عليه السلام في قومه، ﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ﴾ [يونس: 71]؛ أي: حين كرهوا مقامه بينهم، وسئموا وعظه فيهم، وهموا بإخراجه أو قتله، فقال لهم مستعليًا بدينه، واثقًا بربه، متحديًا غير هيَّاب ولا متردد، أو متودد أو مساوم: ﴿ يَا قَوْمِ ﴾ [يونس: 71]؛ أي: يا قومي الذين أنا منهم وهم مني نسبًا وسكنًا، وقد اختلفت معكم عقيدة وعبادة، ﴿ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي ﴾ [يونس: 71]، والفعل ﴿ كبُرَ عَلَيْكُمْ ﴾ [يونس: 71]، بضم الباء يكبُر كِبَرًا؛ أي: عظُم عليكم وشقَّ وثقُل ﴿ مَقَامِي ﴾ [يونس: 71]، مُكثي ولُبثي وإقامتي بينكم؛ أي: شق عليكم وجودي معكم في هذه الأرض، وأضر بكم طول مكثي بينكم، ﴿ وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ ﴾ [يونس: 71]؛ وسئمتم ما أُبينه لكم من آيات الله أذكركم وأعلمكم بها ما يجب عليكم من الإيمان بالله وتوحيده وعبادته، ﴿ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ [يونس: 71]؛ فإني توكلت على الله ربي، لا أبالي بمكركم وكيدكم أو تهديدكم، ثم رفع مستوى تحديه لقوتهم وجبروتهم؛ فقال: ﴿ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ﴾ [يونس: 71]، فاجمعوا جندكم، ووحِّدوا رأيكم حول ما تريدون فعله بي وبدعوتي، ﴿ وَشُرَكَاءَكُمْ ﴾ [يونس: 71]؛ أي: وادعوا شركاءكم في الكفر وأعوانكم على الباطل أربابًا ومربوبين، ﴿ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ﴾ [يونس: 71]، ثم لا تضِق صدوركم بسوء مكركم، فتتردوا أو تضطربوا، ﴿ ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ ﴾ [يونس: 71]؛ ثم نفِّذوا ما عزمتم عليه من محاولة قتلي أو سَجني أو طردي وإخراجي، ﴿ وَلَا تُنْظِرُونِ ﴾ [يونس: 71]؛ ولا تُمهلوني أو تؤخروا القيام بما أجمعتم عليه.


لقد كان حديث نوح لقومه في غاية الوضوح والمفاصلة، متراصًّا وقويًّا ينمُّ عن يأسه منهم، افتتحه بحرف نداء ﴿ يَا قَوْمِ ﴾ [يونس: 71]، وكان جواب النداء مباشرة بحرف الشرط: ﴿ إِنْ ﴾ [يونس: 71]، وجملته الشرطية: ﴿ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي ﴾ [يونس: 71]، وجواب الشرط: ﴿ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ... ﴾ [يونس: 71]، وبذلك أغلق في وجه المشركين أبواب الجدل العقيم تمهيدًا لتصفية حسابهم، ثم رفع سقف التحدي لهم؛ فقال: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ ﴾ [يونس: 72]، فإن عجزتم عن التخلص من وجودي بينكم، بقتلي أو إخراجي أو منعي من الدعوة إلى الإيمان بالله وعبادته، وتوليتم مكتفين بالإعراض عني، ﴿ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ﴾ [يونس: 72]، فتذكروا أن ليس لكم عليَّ من فضل أجر أعطيتمونيه أو طلبته منكم، أو مالٍ تفضلتم به عليَّ، أو خير بذلتموه لي مقابل دعوتي لكم، وتبصيري لكم بالحق، ﴿ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ﴾ [يونس: 72]، إنما جزاء ما أقوم به من الله وقد أغناني عن عطائكم، ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 72]؛ أي: حين أُمرت بالإسلام فأسلمت، وأُمرت بالإيمان فآمنت[2]، ﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ [يونس: 73]، فما كان من قومه إلا أن كذبوه فيما جاءهم به من الإيمان، وما رد به عليهم من الحُجج، وما أوعدهم به من العقاب، ثم أرادوا به السوء، ﴿ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ ﴾ [يونس: 73]، التي أُمر بصناعتها؛ بقوله تعالى له: ﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ * وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ * حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [هود: 37 – 40].


بذلك مضت إحدى سُننه تعالى في سياسة الخلق والاستبدال؛ بقوله عز وجل: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ﴾ [الأنعام: 133]، وقوله سبحانه: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [إبراهيم: 19، 20]، إذ أهلك عز وجل قوم نوح على بكرة أبيهم بالغرق، وأبقى على القلة المؤمنة التي أخذها نوح معه في الفلك؛ وقال فيها تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ ﴾ [يونس: 73]، يخلفون من أغرقوا وتعود بهم البشرية إلى التكاثر الإيماني من جديد، ﴿ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾ [يونس: 73]، وكان الغرق عاقبة المكذبين بآيات الله التي بلغتهم، ﴿ فَانْظُرْ ﴾ [يونس: 73]، أيها العاقل المميِّز والمؤمن الفطِن، ﴿ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴾ [يونس: 73]، كيف كان مآل من بلغتهم النذارة من ربهم فلم يَرْعَوُوا، وقامت عليهم الحجة فاستعصوا وكذبوا، وهموا بما لم ينالوا، وغير خفيٍّ أن الخطاب والسرد في قصة نوح هذه موجَّهان لقريش قومِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ينذرانهم ويحذرانهم، ويُبينان لهم، وقد قال تعالى لخيرهم ولمن آمن قبلهم محذرًا: ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38].


ثم بعد انحسار الطوفان وتكاثر البشرية من نسل ركاب سفينة نوح عليه السلام، تفرق الناس قبائلَ وشعوبًا، فغابت معالم الدين مرة أخرى وعاث الشيطان فيهم، فكان من حكمة الله تعالى وإقامة حجته، أن يبعث إليهم الرسل تذكيرًا بالدين ودعوة إليه؛ ولذلك قال تعالى: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ ﴾ [يونس: 74]، وهم الرسل الذين بُعثوا ما بين نوح وموسى عليهما السلام، ولم يعيِّن تعالى أسماءهم ولا عددهم في هذه السورة؛ لحكمة منه تعالى، وإيثارًا للاختصار وعدم التطويل، وإن ذكر بعضهم في سور أخرى كقوم عاد ونبيهم هود عليه السلام؛ بقوله تعالى:﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الأعراف: 65، 66]، وقوم ثمود إذ أرسل إليهم صالحًا عليه السلام: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 73].


كل الرسل بعد نوح عليه وعليهم السلام، بُعثوا إلى أقوامهم الذين ضلوا وكفروا، ﴿ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ [يونس: 74]، الدالة على وجوب الإيمان بالله وعبادته وطاعته، وقدموا لهم حججًا قاطعة، وأدلة واضحة، لا يرقى إليها الريب، ﴿ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ﴾ [يونس: 74]، فكذبوهم وأصروا على تكذيبهم، وما كانوا أهلًا للإيمان، ﴿ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [يونس: 74]، الذين يعتدون على الرسل ويحاولون إبطال ما جاؤوا به من الحق، والطبع على القلب عقوبة هو أن يُوغل المذنب في ارتكاب ما يُغضب الله، ويستأنس به ويفتخر به، ويستعلي على النصح، ولا يسارع إلى التوبة، فتُطبق الذنوب على قلبه، ويستعصي عن سماع النصح فيُختم على قلبه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا أخطأ نُكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب، صُقل قلبه، وإن زِيد عاد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكره الله: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14])).


لقد قامت هذه الدعوات الرسالية في أقوام كفرة مشركين، كانت خاتمة أمرهم تدميرًا وزلازلَ، وخسفًا ورياحًا عاتية، وأوحى الله تعالى بخبرها قرآنًا يتلوه صلى الله عليه وسلم على كافة الناس؛ كافرهم ومؤمنهم؛ ليكون نذارة لقريش، ومن يسير سيرتها، ويستعصي استعصاءها، ويغلو غلوها، ومنهاجًا للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين في كل عصر، مبنيًّا على الحوار الهادئ، والصبر والمصابرة، والتأني والثقة بالله، ومعاملة الناس بالحسنى والكلمة الطيبة؛ ولذلك قال عز وجل عن رسله جميعًا: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 89، 90].


إلا أن للشرك والمشركين في الأرض حالة أخرى غير حالة الأقوام الضالة بإرادتها، والمستعلية باختياراتها، والمتعصبة لأصنامها كحال قوم نوح، وقوم لوط، وقوم صالح، وقوم هود، وما واجهه الرسول صلى الله عليه وسلم في قومه قريش، هي حالة أقوام ضعيفة خائرة مسلوبة الإرادة، يسوسها طغاة متجبرون، أو ملوك متعجرفون، أو فراعنة مدَّعون الألوهيةَ، أو قياصرة وأكاسرة ظلمة تيَّاهون متكبرون، يتحكمون في الرعية بالرغبة درهمًا ودينارًا، والرهبة سوطًا وعصًا، وقتلًا وصلبًا، والدعوة في هذه الحالات تختلف عنها في غيرها؛ لذلك كان من تمام هَدي الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولورثته من العلماء والدعاة في مسيرة الحياة الدنيا، أن يبصرهم بمنهج الدعوة في مثل هذه الحالات، كي تتسع المدارك، ويتعمق الوعي، وتتضح السبيل، لا سيما وقوم مكة حينئذٍ بوتقة للصراع بين التقاليد الفطرية السائدة، وبين محاولات الاختراق الفارسي في شرق الجزيرة الذي نصَّب عليه كسرى فارس ولاةً من عرب المناذرة، سمَّاهم ملوكًا، واتخذهم أدوات للتوسع في العراق وما حوله، ومحاولات الاختراق الرومي البيزنطي في القسطنطينية شمالًا، وقد احتل قيصر الروم الشام الكبير[3]، ونصَّب عليه ولاة من الغساسنة، سمَّاهم ملوكًا، واتخذهم أدوات للتوسع في الحجاز وما حوله، وأطلق في مكة والمدينة محاولات فاشلة لتنصير أهلهما، وتنصيب ملوك عليهما،كحال عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبدالعزى، الملقب بـالبطريق، وقد خرج إلى القيصر وسأله أن يملِّكه قريشًا، ووعده بأن يحمل العرب على النصرانية والدخول في طاعته، فاستجاب القيصر لرغبته، وكتب له عهدًا بالملك على مكة، فخافت قريش وهمَّت أن تملِّكه، لولا أن قام الأسود بن المطلب أبو زمعة في الناس أثناء الطواف صائحًا: "إن قريشًا حيٌّ لقاح لا تُملِّك ولا تُملَّك"، وتابعه الأسود بن أسد بن عبدالعزى كذلك مناديًا: "ألَا إن مكة حيٌّ لقاح، لا تدين لملك"، فاستمعت قريش لكلامهما، وامتنعوا عن تمليك عثمان فرجع خائبًا إلى الغساسنة في الشام، وقُتل فيهم.


ولئن كان الأصل في الدعوة الإسلامية ألَّا يواجه الداعية قومه بالعنف، وأن يعمل بينهم ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فيهتدوا ويفلحوا، أو يُعرِضوا فيخسروا ويخيبوا، إلا إذا قطع الطريق عليهم حاكم جبار مستبد في قوم خائرين ضِعاف، كما في حالتَي كسرى وقيصر، وحالة قبلهما هي حالة فرعون مصر وقد ادَّعى الألوهية؛ وقال لقومه: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [القصص: 38]، فيتعين حينئذٍ تغيير نهج الدعوة فيها خطابًا وتصرفًا، وعلاقات ومعاملات، وذلك ما يوجب على كل داعية في كل عصر وفي كل قُطر، معرفةَ نهج دعوة الأنبياء جميعًا لأقوامهم، لا سيما ولكل نبي تجربة قائمة بذاتها، سواء مع قومه الجاهلين، أو مع طواغيت عصره، والعلماء الدعاة ورثة للأنبياء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((... وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر))؛ لذلك أورد الحق تعالى في سياق النزول القرآني من سورة يونس المباركة، بعد خبر نوح عليه السلام والرسل بعده، شطرًا من خبر موسى عليه السلام، ليكون نبراسًا للعاملين، وهَديًا للسالكين، في ظروف شبيهة بظروف قومه؛ فقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا ﴾ [يونس: 75].


وحرف ﴿ ثُمَّ ﴾ [يونس: 75]، لعطف بعثة موسى وهارون على بعثات الرسل والأنبياء قبلها؛ أي: من عهد نوح عليه السلام إلى العهد الموسوي، والفعل ﴿ بَعَثْنَا ﴾ [يونس: 75]، من "بعث، يبعث، بعثًا"، والْبَاءُ وَالْعَيْنُ وَالثَّاءُ أصل واحد هو الإثارة والإرسال، فيُقال: بعثت الناقة: إذا أثرتها وحَللتُ عقالها، وبعثت الرجل من نومه: نبهته وأيقظته، وبعثته إلى السوق: أرسلته وحده، وبعثت به: أرسلته مع غيره، وفي حديث الإمام علي رضي الله عنه يصف النبي صلى الله عليه وسلم: ((شهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمة))؛ أي مبعوثك، والمبعوث في هذه الآية الكريمة هو موسى عليه السلام مؤيدًا بأخيه هارون عليه السلام، وهما من بني إسرائيل، ينتهي نسبهما إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وقد نال موسى في حياته كثيرٌ من الأذى منذ وُلد، إعدادًا لما يُناط به من الرسالة، فأُلقي في اليم صبيًّا لينشأ في بيت الفرعون؛ ليعرف ما فيه من حياة الظلم والفجور والتجبر؛ فيمقتها، واضطُر في شبابه للهجرة من مصر إلى مدين؛ كي يجرب حياة الغربة والاستضعاف واللجوء إلى الله وحده، وآواه شيخ مدين فعرف وقار الصالحين وكرمهم، وحسن مصاهرتهم، وأتمَّ ما اشتُرِط عليه مهرًا وصَداقًا لزوجته، فحمِدَ الله على ما أولاه من إيواء وتكريم، حتى إذا أخذ طريق العودة مع أهله إلى موطنه مصر، اختاره الله للنبوة: ﴿ إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 10 – 14].


وقوله تعالى: ﴿ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا ﴾ [يونس: 75]، أما الفرعون في عهد موسى عليه السلام، فقد كان كما انتهت إليه البحوث العلمية والتاريخية والأركيولوجية المعاصرة أحدَ رجلين؛ هما رمسيس الثاني، أو ابنه منبتاح، وجثمانهما محنطان حاليًّا، ومعروضان بالمتحف المصري في ميدان التحرير بالقاهرة، ضمن بضعة جثامين أخرى لفراعنة آخرين، رأيتها كلها أثناء زيارتي لمصر في أوائل سبعينيات القرن الماضي، مسجَّاة ومعروضة للسيَّاح من أقطار العالم؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ [يونس: 92].


وأما ملأ فرعون فهم سادة قومه، وأهل مجلسه ومشورته، وقادة جنده وسحَرته قبل أن يُسلموا، أو من يصطلح على تسميتهم في بلادنا برجال "المخزن"، وكانت ميزتهم السمع والطاعة وخفة العقول؛ كما قال عنهم تعالى: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [الزخرف: 54].


وأما الآيات في قوله تعالى: ﴿ بِآيَاتِنَا ﴾؛ فهي الحجج والأدلة التي تثبت نبوة موسى، وتؤكد إرساله مع أخيه إلى فرعون وملئه، وكانت تسع آيات ذكرها القرآن الكريم متفرقة، بحسب ظروفها المناسبة للحاجة إليها، في مسيرة موسى الطويلة، التي خُتمت بوفاته في هجرته؛ بقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ﴾ [الإسراء: 101]، وكانت أُولاهن في طريق عودته من مدين؛ بقوله تعالى: ﴿ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [النمل: 10]، وثانيتهن: في قوله عز وجل: ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ﴾ [النمل: 12].


وكيلا يطغى الجانب التاريخي في مواجهة موسى وهارون مع فرعون وملئه على الجوانب الإيمانية والدعوية والتربوية، وإيثارًا لبيان العظة والاعتبار فيها، أوجز الحق تعالى اللقاء في هذه السورة بين الطرفين، ببيان أصل الداء في فرعون وملئه، وما حال بينهم وبين الإيمان؛ بقوله عز وجل: ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا ﴾ [يونس: 75]؛ أي: استكبر فرعون وملؤه، وأصل لفظ الاستكبار من فعل كبُر يكبُر، يُقال: هو كبير وكُبَار وكُبَّار، وزيدت فيه الألف والسين والتاء: "استكبر"، فأفاد طلب الكبر، أو ادعاءه؛ أي استعظم، ومنه الكبرياء والاستكبار؛ أي: الاستعظام وادعاء العظمة؛ قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربه سبحانه: ((ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل ينازع الله إزاره، ورجل ينازع الله رداءه؛ فإن رداءه الكبرياء، وإزاره العز، ورجل في شكٍّ من أمر الله، والقنوط من رحمة الله))، والاستكبار في الناس مطلقًا أصل في كل طغيان وفساد، منذ استكبر إبليس عن السجود لآدم في الملأ الأعلى؛ وقال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [ص: 76]، وأصل في كل كفر وجحود وتعالٍ عن دعوات الرسل عليهم السلام، من نوح عليه السلام إذ استكبر عليه قومه وسخروا منه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴾ [هود: 38]، إلى فرعون إذ استكبر؛ وقال لقومه: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [الزخرف: 51، 52]، ثم إلى محمد صلى الله عليه وسلم منذ أنذر عشيرته عاقبة الكفر؛ بقوله: ((فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد))، فردَّ عليه أبو لهب مستكبرًا: "تبًّا لك، ألهذا جمعتنا؟"، ثم وجَّهَ وجهه إلى الناس، يحرِّض على تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم والعدوان عليه قائلًا: "يا معشر قريش، خذوا على يديه قبل أن يجتمع العرب عليه"، ودعا قريشًا بعد عشيرته للإسلام فاستكبرت واستهزأت به؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 36].


إنها طبيعة الاستكبار في نفوس أهله، يستكبرون وهم صغار، ويتعاظمون وهم حقراء، فإن عجزوا عن تركيع الآخرين وإخضاعهم أو إذلالهم، بادروا بالعدوان عليهم، والإجرام في حقهم، بالتشويه والتشهير أو الاعتقال، أو القتل أو الإخراج، يفكر المستكبر دائمًا في إذلال غيره، فإن عجز انزلق إلى الإجرام في حقه، ذلك سبيل الفراعنة في كل عصر، من إبليس وقد استكبر عن السجود لآدم، إلى فراعنة الدنيا وعلى رأسهم فرعون مصر؛ إذ ولَّى مستكبرًا عندما دُعِيَ للإيمان وعُرضت عليه آيات الرحمن: ﴿ فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 21 – 24]؛ لذلك عقَّب تعالى على استكباره واستكبار ملئه وجنده؛ بقوله عز وجل: ﴿ وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾؛ أي: كان فرعون وأعوانه وأنصاره، وجواسيسه وجنوده، والمستفيدون منه بطبيعة استعلائهم واستكبارهم واحتقارهم لغيرهم، واستنصارهم بما أوتوه من القوة والمال والجاه، قومًا مجرمين؛ لأن المستكبر دائمًا قابل للسقوط في الإجرام، لما يستصغره ويستضعفه من غيره، ولفظ "المجرمين" من فعل "جرم"، أصل واحد ترجع إليه الفروع كلها هو القطع؛ كما قال ابن فارس في معجمه، فيُقال لِصِرام النخل الجِرام، وجرمت صوف الشاة جززته، وَالْجُرْمُ وَالْجَرِيمَةُ والإجرام: الذَّنْبُ؛ لأنه اقتطاع لشيء أو فعل له بغير حق؛ ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أعظم الْمُسلمين فِي المسلمين جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ على النَّاس، فَحُرِّم من أجل مَسْأَلته))، ومنه: الجارِمُ أي: الجاني، والمُجرمُ أي: المذنب، ولئن كان الإجرام مطلقًا بصفته فعلًا مُدانًا بين جميع البشر، ومخالفة للنظم القائمة والعادات السائدة، فإنه ثمرة ونتيجة للاستكبار عن الإيمان والترفع عما أتى به الرسل، وأخطر على المرء في عاقبة أمره؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 40].


لقد كانت دعوة موسى ذات بُعدٍ عقدي واجتماعي وسياسي، واجهت به سلطانًا كافرًا جائرًا، ونظامًا تحكميًّا شاملًا، في أمة جبانة تهاب أن تخرج من قبو سجانها؛ فتصدقه كلما قال: ﴿ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51]، وتخنس كلما قال متعجرفًا: ﴿ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ﴾ [غافر: 36، 37]؛ لذلك حفل القرآن الكريم في كثير من سوره بذكر سيرة موسى عليه السلام، تفصيلًا مرة، وإيجازًا مرة، واستخلاصًا للعِبر والدروس العقدية والسياسية، والاجتماعية والعسكرية، وهي بذلك تختلف عن دعوة نوح عليه السلام؛ إذ كانت في قوم عبدة أصنام بكبيرهم وصغيرهم، وفي مجتمع جاهلي سائب أشبه بمجتمع قرشي لقاحٍ، لا يملِك ولا يُملَّك، فطاولهم نوح ما وسعته المطاولة، وصابرهم ما وسعته المصابرة، حتى إذا يئس من خيرهم، لم يحاربهم، ولم يحمل عليهم سلاحًا، ووكلهم إلى ربهم؛ داعيًا عليهم بقوله: ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾ [نوح: 26، 27]، واختلفت بذلك سيرته فيهم ومنهج دعوته لهم، عن منهج موسى وسيرته في مواجهة فرعون وقومه، مما يوجب على داعية الإسلام في كل عصر أن يتبين طبيعة من يدعوهم، ويعرف مجتمعهم، ويُكيِّف منهج عمله فيهم بما يجعله فعالًا مثمرًا؛ ولذلك قدم القرآن في سورة يونس تجربة نوح مع قومه من جانبها، الذي يناسب ظروف استضعاف الرسول صلى الله عليه وسلم في قومه قريش؛ طمأنةً له وتثبيتًا لقلبه، وتحذيرًا لقومه من مصير قوم نوح، وقد أُهلكوا بالطوفان، وأعقبها بتجربة موسى مع فرعون، في ظل الحالة السياسية لجزيرة العرب تحت أطماع قيصر وكسرى، ومناوراتهما للسيطرة عليها، وإقامة ممالك تابعة لهما فيها، كما كان الحال في العراق مع المناذرة، وفي الشام مع الغساسنة.

 


[1] صحيح، الألباني.
[2] في الآية إشارة من الله تعالى لمن يقوم بالدعوة الإسلامية بألَّا يأخذ من مدعويه درهمًا ولا دينارًا، وأن يستغني عنهم بكسبه الخاص، وأن يعطي القدوة من نفسه في ذلك؛ حفاظًا على كرامته.
[3] الشام الكبير يمتد من البلقاء جنوب الأردن إلى حدود تركيا شمالًا، وإلى البحر الأبيض المتوسط غربًا، ومنه فلسطين وغزة وأيلة - إيلات - التي فتحها عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه سلمًا، وتزوج بنت أميرها، أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إليها أثناء عودته من غزوة تبوك.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الثانية) ليس من عذر لمن يرى آيات الله وبيده القرآن
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الثالثة) أربع سبل هن إلى النار أقرب
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الرابعة) حقيقة الدنيا وحقائق الآخرة.. إن عرفت فالزم
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الخامسة) أربع حقائق ينبغي للمؤمن استجلاؤها وتجليتها
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)
  • تفسير سورة يونس (الحلقة السابعة) ثلاث حقائق من الإيمان بدونها ينتقض
  • تفسير سورة يونس (الحلقة الثامنة) مأدبة الله لأوليائه في الدنيا بين الشاكرين والجاحدين
  • تفسير سورة يونس (الحلقة العاشرة) موسى: نبي يقود وفتية يؤسسون

مختارات من الشبكة

  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين - سورة يونس الحلقة الأولى: تقديم وتمهيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير القرآن بالقرآن من أول سورة يونس إلى آخر سورة الرعد جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سورة المفصل ( 33 ) تفسير سورة الماعون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 32 ) تفسير سورة الكوثر ( إن شانئك هو الأبتر - الجزء الرابع )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 31 ) تفسير سورة الكوثر ( فصل لربك وانحر - الجزء الثالث )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 30 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الثاني )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 29 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الأول )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 14:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب