• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

التسول: مفهومه وحكمه وأسبابه وعلاجه في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)

التسول: مفهومه وحكمه وأسبابه وعلاجه في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/2/2025 ميلادي - 17/8/1446 هجري

الزيارات: 2084

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التسوُّل: مفهومُه وحُكْمُه وأسبابُه وعلاجُه في ضوءِ الكتابِ والسُّنةِ

 

(إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ ‌ونَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ).


أمَّا بَعْدُ: (فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و (لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).


عباد الله: اتقوا الله تعالى وأَنزِلُوا حوائجكم بهِ واستَغْنُوا بهِ فهو الكريمُ الأكرمُ، (قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ، كَانَ قَمِنًا مِنْ أَنْ لا تُسَدَّ حَاجَتُهُ، ومَنْ أَنْزَلَهَا باللهِ عزَّ وجلَّ أَتَاهُ اللهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ مَوْتٍ آجِلٍ») رواه الإمام أحمد وصحَّحه مُحقِّقه أحمد شاكر، وإنَّ مِمَّا يُؤرِّقُ الكثيرَ مِن المجتمعاتِ ظاهرة التسوُّل التي لا يَكادُ مُجتَمَعٌ يَخلُوا منها، فما مفهومُ التسوُّل، وما حُكْمُه، وما أسبابُه، وما علاجُه في ضوءِ الكتابِ والسُّنة.


عباد الله: إن كلمة التسوُّل تُقابل الشَّحَاذة، وهي حِرْفَةُ السائلِ الْمُلِح، كما وَرَدت في القرآنِ والسُّنةِ بلفظِ: (الْمُلْحِف) و(السائل)، قال تعالى: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [البقرة: 273]، وقال تعالى: ﴿ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴾ [الضحى: 10]، فالتَّسَوُّلُ إذن: هو ما يَتخِذُه بعضُ الناسِ مِهْنةً لهُ وهو قادرٌ على العَمَلِ أو الكَسْبِ مُعتمداً في ذلكَ على مَدِّ اليدِ للناس، طَلَباً للصَّدَقَةِ والْمُساعَدةِ مِن غيرِ ضَرُورةٍ، ويتخذ صُوَراً مُتعدِّدة، فمنها التسوُّل الْمُباشر، والتسوُّلُ الْمُستَتِرُ كبيع المناديل عند الإشارات، والتسوُّلُ الإجباريُّ كإجبارِ الأطفالِ والنساءِ، والتسوُّلُ الموسميُّ كرمضان والعيدين، والتسوُّلُ بالْمَرْضى والْمُعاقين، والتسوُّل بجمع التبرُّعات والمنشورات، والتسوُّلُ عبر الانترنت والجوَّالات، وغيرها.


وأمَّا حُكْمُه: فقد نَهَى اللهُ ورسولُه صلى الله عليه وسلم عن الإلحافِ والإلحاحِ في سؤالِ الناسِ، قال تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [البقرة: 273]، قال القرطبيُّ في فوائدِ الآيةِ: (الإِلْحَاحُ في الْمَسأَلةِ ‌والإِلْحافُ ‌فيها معَ الغِنَى عنها حَرَامٌ لا يَحِلُّ) انتهى، و(قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ‌سَأَلَ ‌النَّاسَ ‌أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّراً، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْراً فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ») رواه مسلم.


وأما أسبابُ التسوُّل: فمنها: الفقر، ومَن تَحَمَّلَ مالاً للإصلاحِ، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ ‌الْمَسْأَلَةَ ‌لا ‌تَحِلُّ إِلا لِثَلاثَةٍ: لِرَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةَ قَوْمٍ، فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَيَسْأَلُ فِيهَا حَتَّى يُصِيبَ قَوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، فَيَسْأَلُ حَتَّى يُصِيبَ قَوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ سُحْتٌ) رواه أحمد وصحَّحه محققو المسند، ومنها: البطالة، أَتَى رَجُلانِ إلى (النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلانِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَلَّبَ فِيهِمَا الْبَصَرَ، وَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، ‌ولا ‌حَظَّ ‌فيها ‌لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ») رواه أحمد وصحَّحه محققو المسند، ومنها: الطَّمَعُ في تكثيرِ الْمَالِ وزيادتهِ، (قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ الناسَ ولهُ ما يُغْنِيهِ جَاءَ يومَ القِيامَةِ ومَسْأَلَتُهُ في وَجْهِهِ ‌خُمُوشٌ ‌أوْ ‌خُدُوشٌ أوْ كُدُوحٌ»، قِيلَ: يا رسولَ اللهِ وما يُغْنِيهِ؟ قَالَ: «خَمْسُونَ دِرْهَمَاً، أوْ قِيمَتُها مِنَ الذَّهَبِ») رواه الترمذيُّ وحسَّنه، ومنها: غيابُ التكافلُ الاجتماعي عِند بعضِ الأُسَرِ، قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 8]، وقال صلى الله عليه وسلم: («مَنْ كانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ ‌فَلْيَعُدْ ‌بهِ ‌على ‌مَنْ ‌لا ‌ظَهْرَ لَهُ، ومَنْ كانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بهِ على مَنْ لا زَادَ لَهُ»، قالَ: فَذكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ ما ذَكَرَ، حتى رَأَيْنا أنهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ») رواه مسلم.


عباد الله: لقد عالَجَ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم هذه الظاهرة بما يلي:

أولاً: بالحثِّ على الاستعفاف والصبرِ على تركِ سُؤالِ الناسِ: فعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه: (أنَّ ناساً مِن الأنصارِ سَأَلُوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأَعْطَاهُم، ثمَّ سَأَلُوهُ فأَعْطَاهُم، حتى نَفِدَ ما عِنْدَهُ، فقالَ: «ما يَكُونُ عِنْدِي مِن خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عنكُمْ، ومَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، ‌ومَنْ ‌يَسْتَغْنِ ‌يُغْنِهِ ‌اللهُ، ومَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، ومَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ») رواه البخاري ومسلم.

 

ثانياً: التحرِّي في إعطاء الصَّدَقةِ لأهلِ التَّعَفُّف، قال تعالى: قال تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [البقرة: 273].

 

ثالثاً: اليَدُ العُلْيا الْمُتعفِّفةُ أفضلُ عندَ اللهِ مِن اليدِ السائلةِ، (قالَ صلى الله عليه وسلم وهُوَ على الْمِنْبَرِ، وذكَرَ الصَّدَقَةَ والتَّعَفُّفَ والْمَسْأَلَةَ: «‌اليَدُ ‌الْعُلْيا ‌خَيْرٌ ‌مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، فاليَدُ العُلْيا هيَ الْمُنْفِقَةُ، والسُّفْلَى هيَ السَّائِلَةُ») رواه البخاري ومسلم، و(عنِ ابنِ عُمَرَ قالَ: «كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ اليَدَ ‌العُلْيا ‌هِيَ ‌الْمُتَعَفِّفَةُ») رواه ابنُ أبي شيبةَ وصحَّحه مُحقِّقه.

 

رابعاً: في تركِ السؤالِ سَبَبٌ في دُخولِ الجنةِ، عن ثَوْبَانَ رضي الله عنه قالَ: (قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَكْفُلُ لي أنْ لا يَسْأَلَ الناسَ شَيْئَاً ‌وأَتَكَفَّلُ ‌لهُ ‌بالْجَنَّةِ؟»، فقالَ ثَوْبَانُ: أَنا، فكَانَ لا يَسْأَلُ أَحَدَاً شَيْئاً) رواه أبو داود وصحَّحه النووي.

 

خامساً: الحثُّ على العَمَلِ والاكتسابِ، قال صلى الله عليه وسلم قَالَ: (والذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ‌فَيَحْتَطِبَ ‌على ‌ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أوْ مَنَعَهُ) رواه البخاريُّ.

 

سادساً: الترهيبُ بالوعيدِ الشديدِ يومَ القيامةِ للمُلْحِفِ في المسألةِ، (قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ما يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ ‌مُزْعَةُ ‌لَحْمٍ») رواه البخاري ومسلم، وظاهرُ الحديثِ أنهُ يُبْعَثُ ووَجْهُهُ عَظْمٌ كُلُّهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ شِعَارُهُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ، والله أعلم، و(قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إنَّ الرَّجُلَ يَأْتِينِي مِنْكُمْ لَيَسْأَلَنِي فَأُعْطِيهِ، فَيَنْطَلِقُ وما يَحْمِلُ ‌في ‌حِضْنِهِ ‌إلاَّ ‌النَّارَ») رواه ابنُ حِبَّان وصحَّحه ابنُ حَجَر.


سابعاً: أنَّ سؤالَ الناسِ من غيرِ ضرورةٍ سَبَبٌ للفقرِ ومَحْقِ البركةِ، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْتَحُ الإنسَانُ على نَفْسِهِ بابَ مَسْأَلَةٍ إلاَّ فَتَحَ اللهُ عليهِ بَابَ فَقْرٍ) الحديثُ رواه الإمام أحمد وقواهُ مُحقِّقوه.

 

ثامناً: الحذَرُ مِن فتنةِ الْمَالِ، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً ‌وفِتْنَةُ ‌أُمَّتِي الْمَالُ) رواه الترمذيُّ وصحَّحه.

 

تاسعاً: تصحيحُ مفهومِ الغِنى، قال صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ ‌الْغِنَى ‌عَنْ ‌كَثْرَةِ ‌الْعَرَضِ، ولَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ) متفقٌ عليه.

 

عاشراً: تصحيحُ مفهومِ الْمُفْلِسِ، قال صلى الله عليه وسلم: («أَتَدْرُونَ ما الْمُفْلِسُ؟» قالُوا: الْمُفْلِسُ فينا مَنْ لا دِرْهَمَ لهُ ولا مَتَاعَ، فقالَ: ‌«إنَّ ‌الْمُفْلِسَ ‌مِنْ ‌أُمَّتِي يَأْتِي يومَ القيامةِ بصَلاةٍ وصِيَامٍ وزكَاةٍ، ويَأْتِي قَدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مَالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فَيُعْطَى هذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى ما عليهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عليهِ ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ») رواه مسلم.

 

الحادي عشر: تصحيحُ مفهومِ الْمِسْكِين، قال صلى الله عليه وسلم: (ليسَ الْمِسْكِينُ الذي يَطُوفُ على الناسِ، تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ واللُّقْمَتانِ، والتمرةُ والتمرتانِ، ولكِنِ الْمِسْكِينُ: الذي لا يَجِدُ غِنَىً يُغْنِيهِ، ولا يُفْطَنُ بهِ فَيُتَصَدَّقُ عليهِ، ولا يَقُومُ فَيَسْأَلُ الناسَ) رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

 

الثاني عشر: الدُّعاء، قال سبحانه: (يا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ، ‌فاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ) الحديث رواه مسلم، وقد كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يَستعيذ باللهِ (مِن نفْسٍ لا تَشْبَعُ) رواه مسلم، وكانَ مِن دُعائه صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي وبَارِكْ لِي فِيهِ) رواه الضياء وحسَّنه ابن حجر، وغيرها من الأدعية.

 

الخطبة الثانية

أمَّا بعدُ: فإن عدَمَ سُؤالِ الناسِ هو من الأُمورِ التي كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يُبايعُ الناسَ عليها، عن (عَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيّ قالَ: كُنَّا عِندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةً أوْ ثَمَانِيَةً أوْ سَبْعَةً، فقالَ: «أَلا تُبَايِعُونَ رسولَ اللهِ»، وكُنَّا حديثَ عَهْدٍ ببَيْعَةٍ، فَقُلْنا: قدْ بايَعْنَاكَ يا رسولَ اللهِ، ثمَّ قالَ: «أَلا تُبَايِعُونَ رسولَ اللهِ»، فقُلْنا: قدْ بايَعْنَاكَ يا رسولَ اللهِ، ثمَّ قالَ: «أَلا تُبَايِعُونَ رسولَ اللهِ»، قالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنا وقُلْنا: قدْ بَايَعْنَاكَ يا رسولَ اللهِ، فَعَلامَ نُبَايِعُكَ؟ قالَ: «على أنْ تَعْبُدُوا اللهَ ولا تُشْرِكُوا بهِ شيئاً، والصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وتُطِيعُوا، -وأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً- ولا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئاً»، فلَقَدْ رأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ ‌سَوْطُ ‌أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدَاً يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ) رواه مسلم.


ويجبُ عليكَ عبدَ اللهِ أنْ تدفع زكاتَكَ لأهلِها الذين ذكَرَهُم اللهُ في كتابه، وأنْ تبذُلَ غايةَ الجُهْدِ في تَحَرِّي المحتاجين للصدقة والزكاة، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [المعارج: 24، 25]، وتذكَّرْ خطورةَ التسوُّل على المجتمع في أمنهِ وأخلاقِه وصِحَّتِه واقتصادِه، وانتشار الكذبِ والخِيانةِ، والتفَكُّكِ الأُسَري، بل قد يُؤدِّي إلى الزنى، كما في حديث أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، قال صلى الله عليه وسلم: (قالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ كانتْ لي بنْتُ عَمٍّ كانتْ أَحَبَّ الناسِ إِلَيَّ، فأَرَدْتُهَا عن نَفْسِهَا فامْتَنَعَتْ مِنِّي، ‌حتى ‌أَلَمَّتْ ‌بهَا ‌سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ ومِائَةَ دِينارٍ على أنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وبينَ نَفْسِها، فَفَعَلَتْ، حتى إذا قَدَرْتُ عليها قالَتْ: لا أُحِلُّ لَكَ أنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلاَّ بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عليها، فانْصَرَفْتُ عنها وهْيَ أَحَبُّ الناسِ إِلَيَّ وتَرَكْتُ الذَّهَبَ الذي أَعْطَيْتُها، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ) الحديث رواه البخاري ومسلم.


وهنيئاً لَكَ يا مَن صَبَرْتَ على الفَقْرِ ولم تسأَلِ الناس، فعن (فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا صلَّى بالناسِ يَخِرُّ رِجَالٌ مِنْ قَامَتِهِمْ في الصَّلاةِ مِنَ الْخَصَاصَةِ، وهُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ، حَتَّى تَقُولَ الأَعْرَابُ: هَؤُلاءِ مَجَانِينُ أَوْ مَجَانُونَ، فإذا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ إلَيْهِمْ فقالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ ما لَكُمْ عِنْدَ اللهِ لأَحْبَبْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا ‌فَاقَةً وحَاجَةً»، قالَ فَضَالَةُ: وأَنا يَوْمَئِذٍ معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) رواه الترمذي وصحَّحه، وقال صلى الله عليه وسلم: (وأَهْلُ الْجَنَّةِ ثلاثةٌ) وذكَرَ منهم: (‌وعَفِيفٌ ‌مُتَعَفِّفٌ ‌ذُو عِيَالٍ) رواه مسلم.


وأخيراً: يا مَن تسألُ الناسَ الْمَال: انتبهْ لتوحيدِكَ وظُلْمِكَ لنفسِك ولِمن تسأَلُهُم، قال الإمام ابن القيِّم: (الْمَسأَلةُ في الأصلِ حَرَامٌ، وإنما أُبيحتْ للحاجةِ والضَّرُورةِ، لأنها ظُلْمٌ في حَقِّ الرُّبُوبيَّةِ، وظُلْمٌ في حَقِّ الْمَسْئُولِ، وظُلْمٌ في حَقِّ السائِلِ، أمَّا الأولُ: فلأَنهُ بَذَلَ سُؤالَهُ وفقْرَهُ وذُلَّهُ واسْتِعْطاءَهُ لغيرِ اللهِ، وذلكَ نَوْعُ عُبُودِيَّةٍ، فَوَضَعَ الْمَسأَلةَ في غيرِ مَوْضِعِهَا، وأَنْزَلَها بغيرِ أهْلِها، وظَلَمَ توحيدَهُ وإخلاصَهُ وفَقْرَهُ إلى اللهِ وتَوَكُّلَهُ عليهِ ورِضَاهُ بقَسْمِهِ، واسْتَغْنَى بسُؤالِ الْخَلْقِ عن مَسْأَلَتهِ، وذلكَ كُلُّهُ هْضَمٌ مِن التوحيدِ، ويُطْفِئُ نُورَهُ ويُضْعِفُ قُوَّتَهُ..) انتهى.


رَزَقَنا اللهُ وأهلَ بُيوتِنا الهدى والتقى والعَفافَ والغِنى، وأعاذنا مِن الكُفْر والفقر، آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ظاهرة التسول: أسبابها وعلاجها
  • اسم الله الأول: معناه والمسائل العقدية المتعلقة به وآثار الإيمان به (خطبة)
  • مشكلة التسول والحلول المناسبة لها

مختارات من الشبكة

  • فضل العمل وذم التسول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن ظاهرة التسول(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • القرقيعان: مدرسة التسول الجماعي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ظاهرة التسول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ظاهرة التسول (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وظاهرة التسول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تصعيد المقاومة، وخطف الجنود خير من التسول على أبواب المنظمات الجانحة لليهود(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التسول في نظر الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • غامبيا: الرئيس يطالب بعدم التسول بتلاوة القرآن(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التسول اللا إرادي(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب