• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

إلف النعم (خطبة)

إلف النعم (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/2/2025 ميلادي - 3/8/1446 هجري

الزيارات: 6028

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إِلفُ النِّعَم

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهَ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، قَد تَحدُثُ في هَذِهِ الدُّنيَا مِن أَقدَارِ اللهِ أُمُورٌ تَكرَهُهَا النُّفُوسُ، وَقَد تَشمَئِزُّ مِن نُزُولِهَا وَتَنزَعِجُ مِن حُلُولِهَا، لَكِنَّ اللهَ تَعَالى مِن رَحمَتِهِ وَلُطفِهِ، لا يُقَدِّرُ عَلَى عِبَادِهِ شَرًّا مَحضًا، بَل مَا مِن مُصِيبَةٍ تَقَعُ بِهِم، إِلاَّ وَفي ثَنَايَاهَا خَيرٌ كَثِيرٌ قَد يَظهَرُ لَهُم جُزءٌ مِنهُ، وَقَد يَكُونُ مَا لا يَعلَمُونَه مِنهُ أَكثَرَ مِمَّا يَعلَمُونَ.

 

يَنقَطِعُ التَّيَّارُ أَو شَبَكَةٌ الاتِّصَالاتِ لَحَظَاتٍ، أَو يَتَوَقَّفُ تَدَفُّقُ المَاءِ، أَو تَتَعَطَّلُ سَيَّارَةُ المَرءِ أَو يَختَلُّ هَاتِفُهُ أَو يَضِيعُ جَوَّالُهُ، فَيَتَأَذَّى لِذَلِكَ وَيَنزَعِجُ، وَقَد تَمُرُّ بِخَاطِرِ العَاقِلِ في مِثلِ تِلكَ المَوَاقِفِ تَأَمُّلاتٌ، وَيَرجِعُ إِلى سِنِينَ مَضَت وَحِقَبٍ خَلَت، لم تَكُنْ كَثِيرٌ مِنَ النِّعَمِ الَّتي يَتَقَلَّبُ فِيهَا النَّاسُ اليَومَ مَوجُودَةً إِذْ ذَاكَ، فَيَتَسَاءَلُ: كَيفَ عَاشَ النَّاسُ مِن قَبلُ وَكَيفَ كَانُوا؟! وَعَلامَ سَتَكُونُ حَالُهُم لَو فَقَدُوا مَا هُم فِيهِ مِن نِعَمٍ؟!

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَنقَطِعُ تَيَّارُ الكَهرَبَاءِ اليَومَ أَو تَتَعَطَّلُ شَبَكَةُ الاتِّصَالاتِ، فَتَتَوَقَّفُ كَثِيرٌ مِن مُجرَيَاتِ الحَيَاةِ وَتُشَلُّ، وَيُحِسُّ النَّاسُ بِفَجوَةٍ كَبِيرَةٍ بَينَ مَا كَانُوا عَلَيهِ قَبلَ انقِطَاعِ الخِدمَةِ، وَمَا يَعِيشُونَهُ مِن سَاعَاتٍ في أَثنَاءِ انقِطَاعِهَا، تَمُرُّ عَلَيهِمُ السَّاعَاتُ ثَقِيلَةً مَعَ قِلَّتِهَا، وَتَتَبَاطَأُ مَعَ أَنَّهَا تَمُرُّ كَمُرُورِهَا في سَائِرِ الأَيَّامِ الَّتي قَبلَهَا، لَكِنَّهُ اعتِيَادُ النِّعَمِ مَعَ الرَّخَاءِ، يُخَدِّرُ النُّفُوسَ وَيُكسِبُهَا نِسيَانًا، بَل وَيُلبِسُهَا غَفلَةً شَنِيعَةً عَمَّا هِيَ فِيهِ، فَتَمُرُّ بِهَا الأَيَّامُ وَالسَّاعَاتُ خَفِيفَةً لا تُحِسُّ بِمُرُورِهَا، فَإِذَا ارتَفَعَتِ النِّعَمُ أَو حَدَثَ خَلَلٌ، فَمَا أَثقَلَ السَّاعَاتِ حِينَئِذٍ وَمَا أَبطَأَ سَيرَهَا! فَللهِ الحَمدُ كَثِيرًا وَلَهُ الشُّكرُ جَزِيلًا، سَنَوَاتٌ تَمضِي مُتَوَالِيَةً، وَشُهُورٌ تَتَتَابَعُ وَأَيَّامٌ وَلَيَالٍ تَتَعَاقَبُ، وَنَحنُ نَنَامُ في اللَّيلِ آمِنِينَ هَادِئِينَ، ثم نَصحُو وَنَغدُو في عَافِيَةٍ مُطمَئِنِّينَ، يُظلِمُ اللَّيلُ وَفي ظُلمَتِهِ نِعمَةٌ لِتَسكُنَ الأَبدَانُ وَتَرتَاحَ الأَجسَامُ، وَتُشرِقُ الشَّمسُ وَيَطلُعُ النُّورُ، وَفي ذَلِكَ نِعمَةٌ أُخرَى تَعُودُ بِهَا الحَيَاةُ إِلَينَا، فَنَخرُجُ مِن بُيُوتِنَا، وَنَقصِدُ أَعمَالَنَا، وَنَبحَثُ عَن أَرزَاقِنَا، وَنَحنُ في أَثنَاءِ ذَلِكَ نَأكُلُ وَنَشرَبُ، وَنَقضِي كَثِيرًا مِمَّا نَحتَاجُ إِلَيهِ في يُسرٍ وَسُهُولَةٍ، بِفَضلِ مَا مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَينَا مِن نِعَمٍ وَوَسَائِلَ وَآلاتٍ وَمُختَرَعَاتٍ.

 

وَيَتَكَرَّرُ هَذَا الأَمرُ كُلَّ يَومٍ، حَتى أَلِفنَا مَا نَحنُ فِيهِ، وَأَصبَحنَا غَافِلِينَ عَمَّا يُحِيطُ بِنَا مِنَ النِّعَمِ وَالمِنَنِ وَالآيَاتِ وَالمُسَخَّرَاتِ، وَلَو تَفَكَّرَ أَحَدُنَا لَوَجَدَ أَسئِلَةً تَحتَاجُ إِلى إِجَابَةٍ وَاحِدَةٍ: فَمَنِ الَّذِي أَيقَظَنَا مِن نَومِنَا؟ وَمَنِ الَّذِي مَكَّنَنَا مِنَ السَّعيِ في مَنَاكِبِ الأَرضِ وَوَفَّرَ لِكُلٍّ مِنَّا مَصدَرَ رِزقِهِ؟ مَنِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا الشَّمسَ تُنِيرُ لَنَا الكَونَ؟ مَنِ الَّذِي يَسَّرَ لَنَا وَسَائِلَ النَّقلِ وَالاتِّصَالِ وَالتَّبرِيدِ وَالتَّدفِئَةِ وَغَيرَهَا مِمَّا لم يَكُنْ مَوجُودًا؟! ذَاكُم هُوَ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ * أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 4 - 18].

 

وَيُذَكِّرُ اللهَ عِبَادَهُ في مَوَاطِنَ مِن كِتَابِهِ بِنِعَمِهِ المُستَمِرَّةِ لِئَلاَّ يَنسَوا وَيَغفَلُوا؛ قَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ﴾ [القصص: 71]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [القصص: 72].

 

ثم يُبَيِّنُ جَلَّ وَعَلا أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِن رَحمَتِهِ، فَيَقُولُ: " ﴿ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [القصص: 73]، وَفي مَوطِنٍ آخَرَ يُذَكِّرُ تَعَالى عِبَادَهُ بِنِعمَةٍ هِيَ أَسهَلُ مَوجُودٍ وَأَعَزُّ مَفقُودٍ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ [الملك: 30]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ [الواقعة: 68، 69].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنُعَالِجْ هَذَا المَرَضَ الصَّامِتَ الَّذِي تَسَلَّلَ إِلى نُفُوسِنَا في حِينِ غَفلَةٍ مِنَّا، وَلْنَحذَرْ نِسيَانَ فَضلِ اللهِ عَلَينَا، وَالغَفلَةَ عَمَّا نَتَقَّلَبُ فِيهِ مِن نِعَمٍ لَيلًا وَنَهَارًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلْنَتَفَكَّرْ في أَنفُسِنَا وَمَا سَخَّرَهُ اللهُ لَنَا في الكَونِ وَمَا مَنَّ بِهِ عَلَينَا، ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَتُوبُوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوهُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَسأَلُ أَحَدُنَا الآخَرَ صَبَاحَ كُلَّ يَومٍ: كَيفَ حَالُكَ وَكَيفَ أَصبَحتَ؟! وَقَد نَسمَعُ مَن يَقُولُ: لا جَدِيدَ لَدَيَّ، أَو لا جَدِيدَ تَحتَ الشَّمسِ، أَو مَن يُجِيبُ بِنَحوِ تِلكَ العِباراتِ الَّتي تُوحِي بِشَيءٍ مِنَ المَلَلِ مِمَّا هُوَ فِيهِ، في حِينِ أَنَّهُ لَو تَفَكَّرَ قَلِيلًا وَتَأَمَّلَ وَتَعَمَّقَ، لَوَجَدَ أَنَّهُ في جَدِيدٍ مِنَ الخَيرَاتِ وَالنِّعَمِ في كُلِّ طَرفَةِ عَينٍ وَزَفرَةِ نَفَسٍ، وَفي كُلِّ نَبضَةِ قَلبٍ وَحَرَكَةِ عَصَبٍ، وَلِينِ مَفصِلٍ وَجَرَيَانِ دَمٍ في عِرقٍ.

 

وَالأَمنُ وَالأَمَانُ وَاستِمرَارُ الرَّخَاءِ، وَالسَّلامَةُ مِنَ الحُرُوبِ وَالفِتَنِ وَالعَافِيَةُ في الأَبدَانِ، وَتَوَفُّرُ تِلكَ الخِدمَاتِ الَّتي يَجِدُهَا أَحَدُنَا مِن عَن يَمِينِهِ وَشِمالِهِ، وَيَتَمَتَّعُ بِهَا كُلَّمَا قَامَ أَو قَعَدَ أَو صَحَا أَو رَقَدَ، بَل تِلكَ الحَاجَاتُ الَّتي يَقضِيهَا بِجَوَّالِهِ وَهُوَ في بَيتِهِ وَبَينَ أَبنَائِهِ، دُونَ أَن يُسَافِرَ أَو يَتَعَنَّى وَيَتعَبَ، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ هُوَ في الحَقِيقَةِ نِعَمٌ تَتَجَدَّدُ، غَيرَ أَنَّهُ لا يُحِسُّ بِذَلِكَ إِلاَّ القَلِيلُ الشَّاكِرُونَ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَحذَرْ مِن أَن نَكُونَ كَمَثَلِ قَومِ سَبَأٍ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالى فِيهِم: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 15 - 21].

 

قَد لا يَقُولُ أَكثَرُنَا مَا قَالَهُ قَومُ سَبَأٍ بِلِسَانِ مَقَالِهِ، لَكِنَّ كَثِيرًا مِنَّا قَد يَقُولُهُ بِلِسَانِ حَالِهِ وَفِعَالِهِ، بِكُفرِهِ النِّعَمَ، وَاستِعمَالِهَا في المَعَاصِي، وَالاستِعَانَةِ بِهَا عَلَى الخُرُوجِ عَن طَاعَةِ اللهِ، وَبِغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا لا يَخفَى مِن صُوَرِ كُفرِ النِّعمَةِ، كَالإِسرَافِ وَالتَّبذِيرِ، وَمَنعِ الزَّكَاةِ وَالبُخلِ بِالصَّدَقَاتِ، وَإِيثَارِ الأَغنِيَاءِ وَالكُبَرَاءِ بِالإِكرَامِ المُتَصَنَّعِ، وَحِرمَانِ الفُقَرَاءِ وَالمُحتَاجِينَ وَتَصعِيرِ الخَدِّ لَهُم، وَوَاللهِ وَتَاللهِ، لا يُقَيِّدُ النِّعَمَ وَيَحفَظُهَا إِلاَّ شُكرُهَا، بِالقَلبِ بِالاعتِرَافِ بِهَا، وَبِاللِّسَانِ بِذِكرِهَا، وَبِالجَوَارِحِ بِالعَمَلِ بِطَاعَةِ اللهِ وَالانكِفَافِ عَمَّا يُغضِبُهُ وَيُسخِطُهُ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشكر عند النعم (خطبة)
  • حتى تدوم النعم (خطبة)
  • بالشكر تزداد النعم (خطبة)
  • شكر النعم (خطبة)
  • شكر النعم (خطبة)
  • إيلاف النعم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • 170 ألف كتاب و11 ألف وثيقة تخدم 60 ألف باحث سنويا(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • هل يوم القيامة مقداره ألف سنة أم خمسون ألف سنة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوروبا وألف ألف مصحف(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • مركز دعوة الصينيين يترجم مائتا ألف كلمة ويدعو أربعة آلاف خلال شهر(مقالة - المسلمون في العالم)
  • 16 ألف مخطوط و20 ألف رق قرآني بدار المخطوطات بصنعاء(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • قصة المقترض ألف دينار (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • ليلة القدر خير من ألف شهر (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خير من ألف شهر (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حروف المد للأطفال: المد بالألف(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب