• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدرس الثاني والعشرون: تعدد طرق الخير
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الموازنة بين الميثاق المأخوذ من الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    دلالة القرآن الكريم على أن الأنبياء عليهم السلام ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عظيم الأجر في الأيام العشر
    خميس النقيب
  •  
    فضل التبكير إلى الصلوات (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحب الأعمال في أحب الأيام (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدى مشروعية طاعة المعقود عليها للعاقد في طلب ...
    محمد عبدالرحمن صادق
  •  
    رحلة الروح إلى الله: تأملات في مناسك الحج
    محمد أبو عطية
  •  
    عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)
    خميس النقيب
  •  
    شعائر وبشائر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    البعثة والهجرة (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أسباب نشر الأدعية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    كليات الأحكام
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ونخوفهم (خطبة)

ونخوفهم (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/1/2025 ميلادي - 19/7/1446 هجري

الزيارات: 5323

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(ونخوفهم)

 

الحمدُ للهِ الذي أنزلَ برحمته آياتِ الكتابِ، وأجرى بعظمته شتاتَ السحابِ، وهزمَ بقوته جموعُ الأحزابِ، ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد:41]، تبارك وتعالى، ﴿ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ [الرعد:36].

 

وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، الكريمُ التواب، العظيم الوهّاب، ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [البقرة:269].

 

وأشهد أنّ محمدًّا عبدهُ ورسولُه الْمُنيبُ الأواهُ الأوّاب.. سلامٌ على ذاكَ النبيِّ فإنَّهُ.. إليهِ العُلا والفضلُ والفخرُ يُنسبُ.. هو المصطفى المختار فواللهِ ما انطوى.. على مثلهِ في الكونِ أمٌّ ولا أبُ.. صلَّى اللهُ وسلّمَ وبارك عليهِ، وعـلى جميـعِ الآلِ والأهـلِ والأصـحـابِ، والتابعين وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يوم المآبِ، وسلَّم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: فيا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال:29].. ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور:52].. ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق:2]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق:4]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق:5].

 

معاشر المؤمنين الكرام: نعيشُ اليوم في عالمٍ مليءٍ بالانحرافات والمنكرات، وجاهر بالفسق والموبقات، ومن سنة اللهِ التي لا تتخلف، أن تظهر بين الفينة والأخرى عقوباتٌ عامة، فيها من الشِّدة ما فيها، والمؤمنُ الذي يُحسنُ الظنّ بربه ويثقُ في عدله وحكمته، ولطفهِ بعباده ورحمته، يعلمُ أنّ هذه العقوبات إنما هي رسالةٌ ربانية تدعوهُ للتأمل والتفكر، ومراجعةِ النفس ومحاسبتها، وتصحيح المسارِ والعودة إلى الطريق المستقيم..

فمن رَحمَةِ اللهِ بِعِبَادِهِ أَن يُرسِلَ لهم الآيَاتِ والعقوبات إِنذَارًا وَتَذكِيرًا، وتخويفاً وتحذيرا، قَالَ تعالى: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِنَ العَذَابِ الأَدنى دُونَ العَذَابِ الأَكبرِ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ ﴾ [السجدة:21]، وقال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم:41].. وقالَ تعالى: ﴿ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الزخرف:48].

 

فهو سبحانهُ وتعالى إنما يُري عباده من آياته ما يُريهم، لينتبهوا ويعتبروا، وليتوبوا ويرجعوا، والسعيدُ الموفق من تنبهَ وتاب، وعادَ من قريبٍ وأناب، والشقيُ المخذول من غفلَ ولها، وأصرَّ وتمادى، وأعرض عن الهدى، قال تعالى: ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [التوبة:126]، وقال تعالى: ﴿ وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعرَضَ عَنهَا إِنَّا مِنَ المُجرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ﴾ [السجدة:22]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُون ﴾ [المؤمنون:76].. وقال جل علا: ﴿ وَنُخَوِّفُهُم فَمَا يَزِيدُهُم إِلاَّ طُغيَانًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء:60].

 

فكم نرى ونسمع ونشاهد من حروبٍ مدمرة، وكوارث مُهلكة، وأعاصير وفيضاناتٍ جارفة، وأمراضٍ وأوبئةٍ فتاكة معدية، وبراكينَ وزلازلَ مروعةٍ مرعبة.. آياتٌ بينات، ودلائلٌ واضحات، تضربُ هنا وهناك بكلِّ قوة؛ فلا يملك أحدٌ ردَّها، ولا يستطيعُ بشرٌ أن يسيطرَ عليها.. وما أخبار حرائق كالفورنيا عنا ببعيد، فهي تملأ السمع والبصر، (ألم ترى كيف فعل ربك بعاد)، أرسل عليهم ريحًا صرصراً عاتية، بلغت سرعتها أكثر من 150 كيلو متر في الساعة، ومعها أعاصيرٌ محرقة، فاشتعلت النيران في الغاباتُ، وأخذت تتمدد بسرعةٍ رهيبة، لمئات الكيلومترات، حتى التهمت أكثر من مائتي كليو متر مربع من الغابات في أيام قليلة، كما أحرقت مئات الآلاف من البيوت وجعلتها أثراً بعد عين، بل إنّ أحياءً كاملةً تحولت إلى رمادٍ أسود، بما فيها الأحياء الراقية، والقصور الفارهة، واحترق معها الكثير من المحلات التجارية، والمصالح العامة، وعشرات الآلاف من السيارات، وانقطعت جميع الخدمات، وشحت المياه، وانتشر الدخان الكثيف، فتعطلت الحياة، وبلغ عدد النازحين أكثر من نصف مليون شخص.. إنه أكبر حريقٍ في تاريخ أمريكا.. قُدرت خسائرهُ المبدئية بأكثر من 300 مليار دولار، ووصفَ بعضهم الكارثة بأنها أشبه ما تكون بقنبلةٍ نووية، وقال آخرون إنها صورةٌ من يوم القيامة، وإلى هذه اللحظة لا زالت الرياحُ على أشدها، ولا تزالُ النيرانُ في توسعٍ رهيب، وما زال مسلسل الرعب مستمراً، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَر ﴾ [المدثر:31].. حدث كلُّ هذا يا عباد الله، لأغنى مدينةٍ في العالم، المدينة التي تملك أكبر اسطولٍ جوي في العالم لإطفاء الحرائق، ولديها أكثر من عشرين ألف إطفائي هم الأكفأ في هذا المجال، ولديها أكثرُ معدات الإطفاء تقدماً، بما في ذلك اقمارٌ صناعيةٌ خاصة، وتصويرٌ بالكمرات الأرضية وبالطائرات المسيرة، وبرامج حاسوبية متقدمة تعمل بالذكاء الصناعي.

 

إنها يا عباد الله: آياتٌ بينات، ونذرٌ واضحات.. لا يماري فيها إلا مستكبرٌ مطموس القلب.. فَنَعُوذُ بِاللهِ ممَّن لم يَقدُرِ اللهَ حَقَّ قَدرِهِ، نَعُوذُ بِاللهِ مِمَّن يَرَى الآيات العظيمة والنذر الشديدة، ثُمَّ لا يخاف ولا يرعوي، ويَقرَأُ القُرآنَ وَيسمع آيَاتِه تحذُّر وتنذر، وتقُصُّ عليهِ ما حَلَّ بِمَن خالفَ أَمرَ الله وَعصَى رُسُلهُ، ثُمَّ لا يزدادُ إِلاَّ طُغيانًا كَبِيرًا.. قَالَ جلّ وعلا: ﴿ وَيُرِيكُم آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللهِ تُنكِرُونَ * أَفَلَم يَسِيرُوا في الأَرضِ فَيَنظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم كَانُوا أَكثَرَ مِنهُم وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا في الأَرضِ فَمَا أَغنى عَنهُم مَا كَانُوا يَكسِبُونَ ﴾ [غافر:81].. وقال الله تعالى: ﴿ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِر * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر ﴾ [القمر:15].

 

إنها يا عباد الله: رسالة إنذارٍ من الملك الجبار، ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾.. رسالة قويةً لكل البشر، أنه لا أعظمَ ولا أكبرَ من الله جلَّ في علاه، وأنه لا أشدَّ منه بطشاً، ولا أعظمَ منهُ قوة، وأنه الإله الواحد القهار: الكونَ كلَّهُ بيدِه، يفعلُ في مُلْكِهِ ما يُريدُ، ويحكُمُ في خلقِهِ ما يشاءُ، لا رادَّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه.. ﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد:11]، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، وإنها لذِكرى وتذكيرٌ، بأنَّ اللهَ هو العلي الكبير، وأنه على كل شيءٍ قدير، وأنه ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير ﴾ [الشورى:11]، وأنَّهُ يُملي للظالمِ حتَّى إذا أخذَهُ لم يُفلتْهُ.. وأن أخذه أليمٌ شديد.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيد * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيب * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيد * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُود ﴾ [هود:103].

 

أقول ما تسمعون.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18].

 

معاشر المؤمنين الكرام: خلقَ اللهُ الإنسانَ وكرَّمَهُ، وأسبغَ عليهِ نعمَهُ ظاهرةً وباطنةً وأكرمه، وفضله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً، ومن أجله شرع الشرائع، وأنزلَ الكُتبَ، وأرسلَ الرُّسلَ.. إلَّا أنَّ في الإنسانِ ميلٌ إلى الظلم والطُّغيانِ، فما إنْ يجعلُ اللهُ لهُ قوَّةً وسلطانًا ويمكنه بعض التمكين، حتى يرى نفسَهُ مستغنيًا عن اللهِ، فيكفُرَ بربِّهِ، ويعرض عن الهُدى، ويَعبُدَ هواهُ، ويُضِلُ عن سبيلِ اللهِ، قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ ‌اسْتَغْنَى ﴾ [القلم:6].

 

فالظلمُ والطغيانُ سببُ ما حلّ ويحِلُ بجميع الأمم من المصائب والعقوبات، قالَ تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * ‌فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ﴾ [النجم:51].. وقال تعالى: ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِين ﴾ [الأنبياء:11].

 

كما أنّ من أخطرِ أسبابِ حلولِ العقوباتِ العامة بعد الشركِ بالله: المجاهرة بالذنوب والمعاصِي؛ قال جلّ وعلا: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون ﴾ [الروم:41]، وقال سبحانه: ﴿ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِين ﴾ [الأنعام:6]، وقال سبحانه: ﴿ فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ﴾ [العنكبوت:40].. نعم يا عباد الله: كم أهلكتِ المعاصي من أمم ماضية! وكم دمرتْ من شعوب كانت قائمة، في الحديث الصحيح: "يا مَعْشَرَ المهاجرينَ: خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ: لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ؛ حتى يُعْلِنُوا بها؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم".. صححه الألباني.. ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات، وقلت الخيرات، وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكى الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش، وغلبة المنكرات والقبائح، وهذا والله منذرٌ بسيل عذابٍ قد انعقد غمامه، ومؤذنٌ بليل بلاءٍ قد أدلهم ظلامه، فاعدلوا عن هذا السبيل بتوبة نصوح، ما دامت التوبة ممكنة، وبابها مفتوح، وكأنكم بالباب وقد أغلق، قال تعالى: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء:227].

 

هذه هي سنة الله يا عباد الله: فكل مجتمعٍ يكفرُ بنعم الله، ويجاهرُ بفسقه ومعاصيه، فإنه يستحقُ عذاب الله وعقابه، قال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ﴾ [الطلاق:7].. فهل نتعظُ ونعتبر يا عباد الله بما حلَّ بغيرنا، قبل أن نكون عبرةً يتعظ بنا غيرنا، ففي محكم التنزيل يقول ربنا: ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُون * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِين * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيم ﴾ [النحل:45].. وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم:7]..

 

فيا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من دروس الهجرة: التضحية في سبيل الدين (خطبة)
  • فضائل المساجد وآداب عمارتها (خطبة)
  • خطبة فضائل الصبر
  • خطبة فضائل الشكر
  • أخطاء في الطهارة (خطبة)
  • الذنوب سبب كل بلاء (خطبة)
  • الدعوة إلى الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متى نخوف الناس؟(مقالة - موقع د. أحمد البراء الأميري)
  • تفسير: (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/12/1446هـ - الساعة: 18:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب