• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

تعظيم الله وأثره في حياتنا (خطبة)

تعظيم الله وأثره في حياتنا (خطبة)
د. عبدالرزاق السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/1/2025 ميلادي - 10/7/1446 هجري

الزيارات: 8882

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعظيم الله وأثره في حياتنا

 

الحمد لله العظيم المتفرد بالعظمة والجلال والكمال، المنزه عن الكفوء والمثال، ما اتخذ صاحبة ولا ولدًا سبحانه الكبير المتعال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك العظيم الجليل، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خير من عظم ربه، ودعا إلى تعظيم مولاه بالأفعال والأقوال، صلى الله عليه وسلم عدد حبات الرمال، وعلى آله وأصحابه أكرم الأجيال، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المآل.

 

أهمية الحديث عن تعظيم الله:

أيها المسلمون، في زمن طغَتْ فيه الماديات، وزَادتْ فيه المُلْهيات، وضعف فيه الإيمان لكثرة الشهوات والشبهات؛ حَري بنا أنْ نذكر أنْفسنا بعظمة الله تعالى، وأنْ نتأمَّل آثار عظمَتِه في الأرْض والسَّماوات، فكلما زاد تعظيمنا لله قوي إيماننا، فازدادت معه طاعاتنا فهو سبحانه عظم نوره، وعظم حلمه، وكمل سؤدده، وعز شأنه، وتعالت عظمته، وجل ثناؤه، في السماء ملكه وفي الأرض سلطانه، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأنهار، وعدد حبات الرمال، عليمٌ بكل شيء، محيطٌ بكل أمر، ما ذكر اسمه العظيم في قليل إلا كثره، ولا عند كربٍ إلا كشفه، ولا عند هم إلا فرجه، فهو الاسم الذي تكشف به الكربات، وتستنزل به البركات، وتقال به العثرات، وتُستدفع به السيئات، به أنزلت الكتب، وبه أرسلت الرسل، وبه شرعت الشرائع، وبه حقت الحاقة، ووقعت الواقعة، وبه وضعت الموازين القسط، ونصب الصراط، وقام سوق الجنة والنار، فسبحانه ما أحكمه! وسبحانه ما أعظمه! وسبحانه ما أعلمه!

 

القرآن والسنة تحدثنا عن تعظيم الله:

أيها المسلم، لقد جاءت نصوص القرآن والسنة في بيان فضل تعظيم الله، إن العبد إذا أراد أن يتعرف على عظمة الله سبحانه وقدرته؛ فعليه أن يسلك مسلك القرآن في ذلك، فالقرآن الكريم سلك في الحديث عن عظمة الله سبحانه، من خلال التعرف على أسمائه سبحانه وصفاته، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحشر: 22 - 24]،والحث على التفكر في مخلوقاته سبحانه، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 190، 191]،وسطر القرآنُ عددًا من القصص والأخبار التي تصور لنا عظمة الله سبحانه وقدرته، وكيف أنه سبحانه قهر الظالمين وأهلك المتكبرين، فهو سبحانه لا يُعجِزه شيء، وهو على كلّ شيء قدير، قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى* وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى﴾ [النجم: 50 - 55]،وقال تعالى في إنذاره للكفار: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا ًارْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [فصلت: 13 - 18].


ولقد عرَفَ الأنبياءُ عظَمةَ الله؛ فكانوا يسارعون في الخيرات، ويدعون ربَّهم خوفًا وطمعًا، وكانوا له خاشعين، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فتطهر ثم صلى، فلم يزل يبكي حتى بل حجره، ثم لم يزل يبكي حتى بل الأرض، وجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا، لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 190]»؛ (صححه الألباني).

 

تعظيم الله من أجَلِّ العبادات:

أيها المسلمون، إن تعظيم الله تعالى في القلوب يورثها التواضع والتذلل والخضوع لله تعالى، واجتناب العجب والغرور والاستكبار في الأرض بغير وجه حق، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار»؛ صحيح مسلم، وقال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: 67]، فمن تأمل في عظيم خلق الله تعالى وإحكامه لجميع الخلق ضمن نواميس وقوانين دقيقة؛ علم بأن وراء هذا الخلق ربًّا حكيمًا عظيمًا، متصرفًا في شؤون الكون، ومن خلال الدعوى إلى النظر في نواميس هذا الكون العظيم، ومن خلال النظر في أنفسهم ومبدأ خلقهم، كما أخبر بذلك ربنا عن دعوة نوح عليه السلام لقومه في تعظيم الله وتوقيره تعالى، فقال الله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا﴾ [نوح: 13 - 20]،قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال: (ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته)، وتعظيم الله تعالى في القلوب يؤدي إلى لذة العبادة؛ لأنها تتجلى بذلك صورة العبودية الخالصة لله تعالى، فحين أنزل الله تعالى قوله: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: 74]، قال رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم: «اجعَلوها في رُكوعِكم»؛ سنن أبي داود، وقال عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب»؛ صحيح مسلم .


ومن تعظيم الله عز وجل يكون تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره، يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: 8، 9].


ومن تعظيم الله: تعظيم كلام الله تعالى ليس بتجويد قراءته فحسب وإقامة حروفه، وليس بتزيينه وتفخيم طباعته وكتابته، وليس بتعليقه على جدران البيوت، وليس بجعله افتتاحًا واختتامًا للمؤتمرات والمنتديات، وليس بقراءته على الأموات؛ بل بإقامة حروفه وحدوده، والاحتكام إليه، والعمل به، وتعظيم شأنه، والسير على منهاجه، قال الله تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [الحشر: 21].

 

من لم يُعظم الله عز وجل فهو متوعَّد بأشد العذاب:

أيها المسلمون، لقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حق عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته، قال تعالى:﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ [نوح: 13]؛ أي: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته؟ ولقد دلت دلائل الوجود على عظمة ربنا جل في علاه، وخضعت له المخلوقات، وبهذا الخضوع انتظم العالم، وصلحت أحوال الخلق، فقنوت الكل له عز وجل دليل على عظمته: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: 116، 117]،وفي الآية الأخرى: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: 83]،ولما أشرك بعض عباده به، وادَّعوا له الولد؛ فزعت الموجودات من هذا الإفك العظيم، وأوشك الكون أن يضطرب ويختلط؛ تعظيمًا لله تعالى، وفرقًا منه أن يشرك به بعض خلقه، لولا أن الله تعالى قدر له أن يسكن وينتظم:﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ [مريم: 90 - 92]،فمحال على الله سبحانه وتعالى أن يتخذ صاحبة أو ولدًا، وأبعد من ذلك أن يكون له والد؛ وقد روى الترمذي عن أبي بن كعب: (أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك، فأنزل الله: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: 1، 2]؛ والصمد: الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، ولا شيء يموت إلا سيورث، وإن الله عز وجل لا يموت ولا يورث، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 4]، قال: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء)؛ ولذلك قال مؤمنو الجن: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا * وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ [الجن: 3، 4]، قال السعدي: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾؛ أي: تعالت عظمته، وتقدست أسماؤه.


وقد توعد الله بالعذاب الشديد مَنْ نسب لله الولد سبحانه، فقال الله تعالى: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يونس: 68 - 70]،وكما ظن النصارى في عيسى ابن مريم وأمه ظن اليهود فيه وأمه، وسعوا إلى قتله، ولكن الله سبحانه وتعالى نجَّاه منهم، وألقى شبهه على غيره، فقتلوه وصلبوه ظنًّا منهم أنه المسيح ابن مريم؛ ولهذا عاقَبهم الله على ذلك كما قال تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾ [النساء: 155 - 157]، وقد بين الله للنصارى حقيقة عيسى عليه السلام، فقال الله تعالى: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا * لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [النساء: 171 - 173].

 

كيف نعظم الله في نفوسنا؟

أيها المسلمون، إن تعظيم الله في نفوسنا يكون بأمور عدة منها:

1- تحقيق العبودية الكاملة لله تعالى؛ فالعبد كلما تقرب إلى ربه بأنواع العبادات وأصناف القرُبات عظُم في قلبه أمر الله؛ فتراه مسارعًا لفعل الطاعات مبتعدًا عن المعاصي والسيئات، قال شيخ الإسلام: (وكلما ازداد العبد تحقيقًا للعبودية ازداد كماله وعلت درجته).


2- التدبر الدقيق للقرآن الكريموما فيه من حِكم وأحكام، والنظر فيما فيه من الدروس والعبر، قال الله سبحانه وتعالى:﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر: 21].


3- التفكر في خلق السماوات والأرض؛ فإن الناظر فيها ليدهش من بديع صنعها وعظيم خلقها واتساعها، ومع هذا فهو لا يرى فيها شقوقًا ولا فطورًا، قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك: 3، 4].


4- النظر في حال من غبر؛ فقد عاش على هذه الأرض أقوام وشعوب أعطاهم الله بسطة في الجسم وقوة في البدن لم يعطها أمة من الأمم؛ ولكنها كفرت بالله وكذبت بالرسل؛ فأذاقها الله لباس الجوع والخوف، ودمرهم تدميرًا؛ فها هم قوم عاد الذين قالوا: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: 15]، أهلكهم الله: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة﴾ [الحاقة: 6، 7]، وها هم ثمود الذين كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا فارهين أهلكهم الله بالصيحة: ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [الأعراف: 78].


5- الدعاء: وهو أنفع الأدوية وأقوى الأسباب متى ما حضر القلب، وصدقت النية، فإن الله لا يخيب من رجاه، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عن تعظيم الله في النفوس
  • تعظيم الله تعالى لقدر نبيه صلى الله عليه وسلم
  • تعظيم الله تعالى (خطبة)
  • خطبة تعظيم الله (1)
  • خطبة: تعظيم الله والطرق الموصلة إليه (2)

مختارات من الشبكة

  • تعظيم الأمر والنهي الشرعيين في نفوس المتربين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تعظيم القول في التفسير وأثره في دفع القراءات المنحرفة المعاصرة للقرآن الكريم (PDF)(كتاب - موقع أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله الحميضي)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • تعظيم السنة تعظيم للقرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل تعظيم الأشهر الحرم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • فضل عشر ذي الحجة وأن تعظيمها من تعظيم شعائر الله(محاضرة - ملفات خاصة)
  • من تعظيم ربنا جل وعلا تعظيم كتبه ورسله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة سنن الصلاة وأن تعظيمها من تعظيم شعائر الله ومن أسباب زيادة الإيمان(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان وأثره في حياتنا(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • التنظيم في حياتنا وأثره(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب