• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة الانشقاق

تفسير سورة الانشقاق
أبو عاصم البركاتي المصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/1/2025 ميلادي - 5/7/1446 هجري

الزيارات: 3254

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة الانشقاق

 

عدد آياتها: خمس وعشرون آيةً، مكِّيَّة.

 

مقاصد السورة:

(1) ذكر أهوال يوم القيامة.

(2) بيان شأن الحساب وملاقاة جزاء الأعمال يوم القيامة.

(3) بيَّنت السورة أن عَمَلَ الإنسان في الدنيا مُسجَّل عليه في كتاب سيلقاه يوم القيامة.

(4) بيان أن أخذ الكتاب باليمين من علامات الفوز والنجاة يوم القيامة.

(5) بيان أن من أخذ كتابه بالشمال من وراء ظهره من علامات سوء العاقبة.

(6) الحديث عن أحوال السعداء والأشقياء يوم القيامة.

 

مناسبتها لِما قبلها (سورة المطففين):

ورد في (سورة المطففين) بيان مَقَرِّ كُتُب الناس؛ في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾ [المطففين: 7]، ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ [المطففين: 18]، وفي سورة (الانشقاق) عرضٌ لهذه الكتب، وإعطائها لأصحابها يوم القيامة في قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾ [الانشقاق: 7]؛ إلخ.

 

هذا، مع ما اشتملت عليه سورة الانشقاق وما قبلها (سورة المطففين) من ذِكْرِ بعض مظاهر يوم القيامة، وما يناله المؤمنون من تكريم، وما يُصيب الكافرين من عذاب أليم.

 

مناسبتها لما بعدها (سورة البروج):

بعدها سورة البروج، وفي كلتا السورتين التأكيد على وعد المؤمنين، ووعيد الكافرين، والتنويه بشأن القرآن ورفعة شأنه.

 

كما اشتملت السورتان على بيان أن العاقبة والغَلَبة والظَّفَر للمؤمنين الصابرين، مهما لاقَوا من عذاب وأهوال، وأن الهزيمة والخَيبة في الدنيا، والعذاب في الآخرة للكافرين المكذِّبين، مهما اشتدَّ بطشهم، وعظُم سلطانهم[1].

 

تفسير سورة الانشقاق:

بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا * فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ * فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [الانشقاق: 1 - 25].

 

تفسير الآيات:

قوله تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]؛ أي انصدعت، وانفطرت، وذلك يوم القيامة، وقيل: انشقت بالغمام؛ كقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ ﴾ [الفرقان: 25].

 

قوله تعالى: ﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 2] استمعت لأمر ربها وأطاعت، وحُقَّ لها أن تفعل وتنقاد.

 

قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ﴾ [الانشقاق: 3]: بُسِطت وسُوِّيت لما زالت جبالها وآكامها؛ كما قال: ﴿ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴾ [طه: 106، 107]؛ أي: ملساء مستوية، لا ترى فيها أماكنَ منخفضة، أو مرتفعة.

 

قوله تعالى: ﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ [الانشقاق: 4]: أخرجت ما فيها من الكنوز قبل القيامة، وأخرجت الموتى بالبعث، ﴿ وَتَخَلَّتْ ﴾ أي: خَلَت مما في داخلها.

 

قال مجاهد: "أخرجت ما فيها من الموتى وتخلَّت منهم"[2].

 

وأخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تُخيِّروا بين الأنبياء؛ فإن الناس يَصْعَقون يوم القيامة، فأكون أولَ مَن تنشَقُّ عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذٌ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان فيمن صَعِق، أم حُوسِب بصعقةِ الأُولى)).

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى تبعث ريحٌ حمراءُ من قِبلِ اليمن... فذكر الحديث، وفيه: وتقيء الأرض أفلاذَ كبدِها من الذهب والفضة، ولا يُنتفَع بها بعد ذلك اليوم، يمر بها الرجل، فيضربها برجله، ويقول: في هذه كان يقتتل من كان قبلنا، وأصبحت اليوم لا يُنتفَع بها))[3].

 

قوله تعالى: ﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 5] تكرار لتأكيد انقيادها، وجواب "إذا" محذوف للتهويل بالإبهام.

 

وقيل جوابه: يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحًا، ومجازه: إذا السماء انشقَّت لقِيَ كلَّ كادح ما عمله[4].

 

قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]؛ أي: ساعٍ إليه في عملك، والكدح: سعي الإنسان وجهده في الخير والشر، ﴿ فَمُلَاقِيهِ ﴾؛ أي: ملاقي جزاء عملك خيرًا كان أو شرًّا.

 

قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾ [الانشقاق: 7]، وذلك عند تطاير الصحف ونشر الدواوين؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ [التكوير: 10]، وأخْذُ الكتاب باليمين من علامات النجاة.

 

قوله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 8]؛ أخرج البخاري ومسلم عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ((كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه، إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حُوسِبَ عُذَّب، قالت عائشة: فقلتُ: أوليس يقول الله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 8]، قالت: فقال: إنما ذلك العَرْضُ، ولكن من نُوقِشَ الحساب يَهْلِك)).

 

وأخرج أحمد (24215)، وابن خزيمة في صحيحه (849)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((قلت: يا نبي الله، ما الحساب اليسير؟ قال: أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه، إنه من نُوقِشَ الحساب يومئذٍ يا عائشة هَلَكَ، وكل ما يصيب المؤمن يُكفَّر الله عز وجل به عنه، حتى الشوكة تشوكه)).

 

قوله تعالى: ﴿ وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ﴾ [الانشقاق: 9] ينقلب إلى أهله؛ أي: إلى أزواجه من الحور العين، ﴿ مَسْرُورًا ﴾ فرحًا سعيدًا.

 

قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ﴾ [الانشقاق: 10]؛ وهو الكافر، تُخلع كتفه اليسرى، فتُجعل خلفه فيأخذ بها كتابه، وقد دلَّ الكتاب والسنة على أن الناس يأخذون كتبهم التي هي صحائف أعمالهم يوم القيامة، فآخذٌ كتابه باليمين، وآخذ كتابه بالشمال من وراء ظهره.

 

قال الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ﴾ [الحاقة: 19 - 27].

 

الجمع بين قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ ﴾ [الحاقة: 25]، وقوله: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ﴾ [الانشقاق: 10]؟

 

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "الجمع بينهما أن يُقال: يأخذه بشماله، لكن تُخلع الشمال إلى الخلف من وراء ظهره، والجزاء من جنس العمل، فكما أن هذا الرجل جعل كتاب الله وراء ظهره، أُعطِيَ كتابه يوم القيامة من وراء ظهره، جزاءً وفاقًا"[5].

 

قوله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا ﴾ [الانشقاق: 11] في النار يقول: يا ثبوراه، والثبور هو الهلاك؛ أي: يدعو على نفسه بالهلاك؛ كقوله تعالى: ﴿ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ﴾ [الفرقان: 13].

 

قوله تعالى: ﴿ وَيَصْلَى سَعِيرًا ﴾ [الانشقاق: 12] يدخل النار يقاسي الحريق والعذاب.

 

قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا ﴾ [الانشقاق: 13]؛ أي: كان في الدنيا بين أهله مسرورًا بما هو عليه من الكفر والضلال، والتكذيب بالبعث، واتباع هواه، وركوب شهوته؛ كقوله تعالى: ﴿ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا ﴾ [التوبة: 82].

 

وكقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ﴾ [المطففين: 29 - 31].

 

قوله عز وجل: ﴿ إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ﴾ [الانشقاق: 14] حار يَحُور حَورًا؛ أي: رجع، والمعنى: ظن أن لن يرجع ولن يُبعَث؛ قال ابن عباس: "أي: ظنَّ أَنْ لَنْ يُبعَث"[6].

 

وروى ابن أبي حاتم أيضًا عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ أَنْ لَنْ يَحُورَ ﴾ [الانشقاق: 14]، قال: أن لن يرجع[7].

 

قوله تعالى: ﴿ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴾ [الانشقاق: 15] من يوم خلقه إلى أن بعثه، يُحصي عليه أعماله.

 

قوله تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ﴾ [الانشقاق: 16] «لا» زائدة، والتقدير: فأقسم؛ قال ابن عباس وأكثر المفسرين: "هو الحُمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس"[8].

 

قال مجاهد: "الشفق: النهار كله"، وفي رواية عنه أيضًا أنه قال: "الشَّفَقُ الشَّمسُ".

 

قوله تعالى: ﴿ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ﴾ [الانشقاق: 17] ووَسَق: معناه: جمع وضمَّ، ومنه الوسق؛ أي: ما يعدِل ستين صاعًا؛ وهو الكيل المعروف.

 

والليل يجمع ما تفرَّق بالنهار من إنسان أو دواب وحيوان، فالكل يأوي إلى سُكناه، وعن ابن عباس: ﴿ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ﴾ [الانشقاق: 17] قال: "وما دخل فيه".

 

قوله تعالى: ﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ﴾ [الانشقاق: 18] عن ابن عباس قال: "إذا استوى"، والمعنى: اجتمع وتمَّ بدرًا.

 

قوله تعالى: ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾ [الانشقاق: 19] قال الشعبي ومجاهدٌ: سماءً بعد سماء، وقيل: حال بعد حال، قال السمعاني: حال بعد حال: هو أنه يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة، ثم يُنفخ فيه الروح، وبعد ذلك تتبدل أحواله، ويختلف على المعهود المعلوم من طفولية، وشباب، وهَرَمٍ، وغير ذلك، ويُقال: ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾ [الانشقاق: 19]؛ أي: شدة على شدة، والمعنى: أنه حياة ثم موت، ثم بَعْثٌ ثم جزاء[9].

 

وورد عن ابن مسعود: قال: "يعني: السماء تنفطر ثم تنشق ثم تحمَّر"[10].

 

قوله تعالى: ﴿ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الانشقاق: 20] يعني: المشركين، فما لهم لا يؤمنون بيوم القيامة، ولماذا يجحدون بقدرة الله، وكلُّ شيء أمامهم يدل على قدرة الله، وعظيم سلطانه؟

 

قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ﴾ [الانشقاق: 21]؛ أي: لا يخضعون ولا يؤمنون به، وهي إحدى آيات سجود التلاوة؛ أخرج البخاري ومسلم عن أبي رافع، قال: صليت مع أبي هريرة العَتَمَةَ، فقرأ: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]، فسجد، فقلت له: قال: "سجدت خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه".

 

قوله تعالى: ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ﴾ [الانشقاق: 22] يُصِرُّون على الكفر والتكذيب بنبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن.

 

قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ﴾ [الانشقاق: 23]: والله يعلم بما يُضمِرون في قلوبهم، ﴿ يُوعُونَ ﴾؛ أي: يجمعون من السيئات؛ كما قال تعالى: ﴿ وَجَمَعَ فَأَوْعَى ﴾ [المعارج: 18].

 

وفي الآية تهديد الكفار بأن الله عليم بما يُضمرون، فتوعَّدهم بالعذاب الأليم.

 

قال تعالى: ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الانشقاق: 24] أليم: أي: مُوجِع، والبشارة للتَّبْكِيت.

 

قوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [الانشقاق: 25] استثناء أهل الإيمان والعمل الصالح من العذاب الأليم الذي يلحق المكذبين؛ فأهل الإيمان ﴿ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [الانشقاق: 25]؛ أي: غير مقطوع أو منقوص؛ قال تعالى: ﴿ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ [الواقعة: 32، 33]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [فصلت: 8].

 

انتهى تفسير سورة الانشقاق، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه.



[1] التفسير الوسيط (10/ 1852) مجموعة من العلماء بإشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.

[2] تفسير مجاهد ص: 714.

[3] أخرجه أبو يعلى (6203) مختصرًا، وابن حبان (6853)، واللفظ له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، صحَّحه ابن حبان، والألباني في "صحيح الموارد" (1603).

[4] تفسير البغوي، معالم التنزيل (5/ 228).

[5] مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (2/42).

[6] تفسير ابن أبي حاتم (10/ 3411).

[7] السابق.

[8] تفسير البغوي (5/ 229).

[9] تفسير السمعاني (6/ 192).

[10] تفسير ابن أبي حاتم (10/ 3411).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إعراب سورة الانشقاق
  • تأملات في سورة الانشقاق
  • تفسير سورة الانشقاق للناشئين
  • تأملات في سورة الانشقاق
  • تفسير سورة الانشقاق

مختارات من الشبكة

  • حسن البيان في تفسير آي القرآن: سورة الانشقاق (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير سورة الانشقاق(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير الزركشي لآيات من سورتي الانشقاق والبروج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الكريم بلغة الإشارة – سورة الإنشقاق (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإعراب الصوتي للقرآن الكريم: سورة الانشقاق(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تلاوة سورة الانشقاق(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دلالات تربوية على سورة الانشقاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة الانشقاق بلغة الإشارة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سورة الانشقاق بين الرجاء والخوف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجيش المكي في عرصة قتال بدر، ووقوع الانشقاق فيه(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب