• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

بين يدي سورة ق (الجزء الثالث) (خطبة)

بين يدي سورة ق (الجزء الثالث) (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/12/2024 ميلادي - 13/6/1446 هجري

الزيارات: 2339

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين يدي سورة ق (الجزء الثالث)

 

الحمدُ للهِ الذي خَلقَ الخلقَ ليعبدوهُ، وأسبغَ عليهم نعمَهُ ظاهرةً وباطنةً ليحمدوهُ ويشكروهُ، وأنزلَ عليهم كُتبَهُ وأرسلَ إليهم رُسلَهُ ليعرِفُوهُ، ويعظِمُوهُ ويوقِرُوهُ، ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ ﴾ [الأنعام: 155]، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [البقرة: 235].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، شهادة عبدٍ يُحِبهُ ويخافُه ويرجوهُ، ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ﴾ [الأنعام: 102].. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، أحسن النَّاسِ خُلقًا، وأصحهم منهجًا، وأفضلهم عملًا، فطوبي لمن آمنوا به واطاعوه، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ، وعلى أله وصحبهِ وكلُّ من على الحقِّ اتبعوهُ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

معاشر المؤمنين الكرام: تدارسنا في خطبتين سابقتين، الجزء الأول والثاني من سورة ق، وبقي معنا الجزء الأخير من هذه السورة المباركة.. والذي يأتي كالخلاصة والخاتمة.. وفيه إعادةٌ لأقوى ما تقرر سابقًا في السورة من الموضوعات المهمة، ولكن بطريقةٍ سريعة مركزة، ليكون لها في الحس وقعٌ آخر وتأكيد أقوى.. وهذه من خصائص القرآن العظيم.. ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد ﴾ [الزمر: 23].

 

يقول الله تعالى: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [ق: 36].. تأمل كيف بدأ اللهُ هذا الْـمَشْهَد الأَخِيـر لهَذِهِ السُّورَةِ العظيمة، بتهديدٍ شديد: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ﴾، (وكم أهلكنا ودمرنا من الأمم السابقة، ممن عاشوا أزمنةً طويلة، وكانوا ﴿ هُمْ أَشَدُّ ﴾ من كفار قريشٍ قوة، وأكثر ﴿ مِنْهُمْ ﴾ جيوشًا و﴿ بَطْشًا ﴾ وجبروتًا، فقد ﴿ نَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ ﴾، وسيطروا على بقاعٍ كثيرةٍ من الأرض، وجمعوا ثرواتٍ هائلة، وشيدوا حضاراتٍ عظيمةٍ.. فما أغنت عنهم قوتُهم ولا أموالُهم ولا جيوشهم من الله شيئًا.. و﴿ هَلْ ﴾ لمن نزل بهم عذاب الله ﴿ مِنْ ﴾ وسيلةٍ تنقذهم، أو ﴿ مَحِيصٍ ﴾ يهربون إليه.. ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾ [غافر: 82].. فخذوا منهم العظة والعبرة: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].. (إنَّ فِي ذَلِكَ) الإهلاك لتلك الأمم الغابرة لَعبرةً و﴿ ذِكْرَى ﴾ مؤثرة، وإنّ في مصرعهم لموعظةً نافعة، ينتفعُ بها كل ﴿ مَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾، حيٌ سليم، وعقلٌ زكيٌ فهيم؛ يُذعنُ للحقّ ويستجيب، ومِثلهُ من ﴿ أَلْقَى السَّمْعَ ﴾، وأصغى لآيات الله بانتباهٍ وتركيز؛ وأنصتَ لها بقلبٍ وعقلٍ حاضرٍ ﴿ شَهِيد ﴾.. فإنه أيضًا سينتفعُ ويستفيد.. ففي القرآن لمن كان هذا شأنهُ موعظةً وذكرى؛ وهدىً وشفاء، أمّا المعرضُ والمستكبر فهذا لن يستفيدَ شيئًا؛ قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146].. وقال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].. ثم ينوه اللهُ تَعَالَى بقدرته العظيمة؛ التي أوجد بها جميع المخلوقات، فيقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَه ُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ﴾ [ق: 38].. ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ ﴾ على ضخامتها، ﴿ وَالْأَرْضَ ﴾ على سِعتها، وخلقنا ﴿ مَا بَيْنَهُمَا ﴾ من عوالم ومخلوقاتٍ لا حصّر لها، خلقناها كلها ﴿ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا ﴾ بسبب ذلك ﴿ مِنْ ﴾ تعبٍ ولا (لُغُو بٍ).. وفي هذا إِشَارَةٌ إِلَى أنّ أمرَ الْـخَـلْقِ وَالإِنْشَ اءِ سهلٌ عَلَى اللهِ، وبالتالي فإنَّ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى وبعثهم سيكون أهَونَ وأسهل.. ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ [ق: 39].. ﴿ فَاصْبِرْ ﴾ يا محمد ﴿ عَلَى ﴾ هؤلاء المشركين، وعلى ﴿ مَا يَقُولُونَ ﴾ ـه فيك مِن الأقاويل المؤذية، ولَا تأبه بها.. فـ﴿ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ [فصلت: 43]، وانشَغِلْ عنهم بكثرة الذكر والصلاة، فإن فيها سلوةٌ لك؛ وعونٌ على تبليغ الدعوة.. ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ كثيرًا، خصوصًا في الأوقات الفاضلة، ﴿ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ﴾ فجرًا، ﴿ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ عصرًا.. ﴿ وَ ﴾ كذلك ﴿ مِنَ ﴾ آناء ﴿ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ﴾ وعقب الصلوات ﴿ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾.. ثم إنَّ الأمر بالصبر والتسبيحِ والصلاةِ، إنما هو تزودٌ واستعدادٌ لذلك اليوم العظيم، ولذا قَالَ اللهُ بعدها: ﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوج ﴾ [ق: 41].. ﴿ وَاسْتَمِعْ ﴾ يا محمَّدُ وتأهب ﴿ يَوْمَ ﴾ يَنفَخُ صاحبُ الصورِ نفخةُ البعث، و(يُنادِ) ذلك ﴿ المنادِ ﴾ الناسَ ﴿ مِن مَكانٍ قَريبٍ ﴾، قريبٍ من أرض المحشر؛ فكل الخلقِ في ذلك الـ﴿ يومَ ﴾ سيصِلُهم ذلك النداءُ الرهيب، و﴿ يسمَعُون ﴾ تلك ﴿ الصَيحةَ ﴾ الهائلة، فهي صيحةُ البَعثِ ﴿ بالحَقِّ ﴾ اليقين، فـ﴿ ذلك ﴾ اليَومُ العظيمُ هو ﴿ يَومُ ﴾ الإحياء و﴿ الخُروجِ ﴾ مِن القُبورِ للحَشرِ والحِسابِ.. كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُود ﴾ [هود: 103].. وفي ذلك المشهد العظيم تتجلى قدرة الخالق جل وعلا، ولهذا قال: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ﴾ [ق: 43]، فالله وحدهُ من يحيي الموتى، ومن يميت الأحياء، وإليه سبحانهُ في ذلك اليوم العظيم مَصِيرُهم ومرجعهم جميعًا.. ويا لهُ من مشهدٍ عجيب: ﴿ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴾ [ق: 44].. ﴿ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ ﴾ عَنْ أجسادهُمْ، وتتفتحُ القبورُ ﴿ عَنْهُمْ ﴾ وهم أحياء؛ فيَخرجون منها ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ﴾ [القمر: 7]، ويُساقُون ﴿ سِرَاعًا ﴾ إلى أرض المحشر، ورغم كثرتهم الهائلة، فلن يتخلفَ منهم أحد، لأن الذي يحشرهم هو الذي خلقهم، وهو العليم الخبير، قال تعالى: ﴿ وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 47]، ثم يؤكدُ اللهُ سهولةَ الأمرِ عليه فيقول: (ذَلِكَ حَشْرٌ عَلينَا يَسِيرٌ).. ثمّ يتوجهَ الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم مثبَّتًا ومذكرًا.. ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45].. ﴿ نَحْنُ ﴾ يا محمد ﴿ أَعْلَمُ ﴾ بكل ما يصدر عن هؤلاء المشركين المكذبين، ونحن من سيتولى محاسبتهم ومجازاتهم بكل ما فعلوا، ولست عليهم بمصيطر، ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾، فترغمهم على الإيمان والتصديق، ﴿ إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِير ﴾، و﴿ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ﴾ [البقرة: 272]، ﴿ إن عَلَيك إِلاَّ الْبَلاَغُ ﴾ [الشورى: 48]، وأنْ تُذكِّرهُم بِالقرآنِ، فهو أعظمُ واعظٍ ومذِّكرِ، لمن كان فِي قلبِهِ خوفٌ مِن ﴿ وَعِيدِ ﴾ اللهِ وعذابه.. كما قال تعالى: ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ﴾، أمّا من عداهم فكما حكى الله عنهم: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُون ﴾ [فصلت: 5].. وهذا الختام الرائع للسورة: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45].. قد جاء متناسبًا مع افتِتاحِ السورة ومقاربًا له في المعنَى، حيثُ جاءَ أوَّلُ السُّورةِ: ﴿ ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]، وقال في آخِرِها: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45].. فيا لبلاغة القرآن العظيم..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون ﴾..

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى،

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين...

 

معاشر المؤمنين الكرام: لقد تضمنت هذه السورة العظيمة كثيرًا من الدروس والفوائد التربوية الهامة..

 

من أهمها) أنّ النَّظَر والتّفكرَ في خَلقِ السَّمَواتِ والأرضِ، وما فيهما من الآيات والمخلوقات، يقوي الإيمان، ويزيدُ المسلم بصيرة وإنابة إلى الله.. ﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 8]، وقال تعالى: ﴿ وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾ [الذاريات: 20]..

 

كما أنّ في الآيات لفتةٌ جميلةٌ: وهي أنّ انتفاعَ المسلم بمخلوقات اللهِ تذكرًا واستبصارًا أهمُ من انتفاعه بها ماديًا بما في ذلك الاستمتاعُ والبهجة..

 

وثاني الدروس) أنَّ العقولَ عندما تُخضِع للإلف والعادة، والتقليد والهوى، ولا تتجردُ للحق، فإنها ستنكرُ البدِيهِيات، وتعارضُ المُسلّمات، وبالتالي فإنها ستعيشُ كما أخبر القرآن قلقة مضطربةً وفي أمرٍ مريج..

 

وثالثها) أنَّ من وطّنَ نفسه على قبول الحقِّ متى علمهُ وتثبت منه، فسيُفتحُ له من الفهم والتوفيق والفلاح ما لا يُفتحُ لغيره، تأمل: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ﴾ [النور: 51].. وأمّا من يتردَّدُ في قبول الحقَّ عنادًا وهوى، فسيشقى بالشك والحيرة والانصراف عن قبول الحق، قال تعالى: ﴿ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُون ﴾ [التوبة: 45]، وقال تعالى ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146]..

 

ورابع الدروس) بيانُ قوةِ تأثيرِ القرآن الكريم وكفايتهِ في الدعوة إلى الحق، ومواجهة الباطل: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، وقال تعالى: ﴿ فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52].. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9 ]..

 

وخامسها) أنَّ تكذيبَ الرُّسلِ عاقبتهُ وخيمة: قالَ تَعالَى: ﴿ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴾ [ق: 14].. وقال تعالى: ﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِير ﴾ [سبأ: 45].. وقال تعالى: ﴿ إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَاب ﴾ [ص: 14]..

 

وسادسها) أنّ على المسلم أن يحذرَ من الغفلة، وأن يبادر ويستعدَ للقاء الله، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [ق: 22].. وقال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُون ﴾ [الأنبياء: 1]..

 

وسابعها) تربية النفس على تقوى الله وخشيته، لينال المسلم موعود الله: قَالَ تعالى: ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 32].. وقال تعالى: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان ﴾ [الرحمن: 46]..

 

وثامن الدروس) الحرص على طهارة القلب وسلامته لكي ينتفعَ بالمواعظ والذكرى: ﴿ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلْبٌ ﴾ [ق: 47].. ولكي ينجو ويسلم يوم القيامة: ﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم ﴾ [الشعراء: 88]..

 

وتاسعها) المداومة على الذكر والإكثارُ منه، فإنه فيه طمأنينة للقلب، وسلّوة للنّفس، وعونٌ على الطاعة، قال تعالى: ﴿ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ [ق: 39].. وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين ﴾ [الحجر: 97]..

 

وعاشرها) أنّ دعوة الناسِ للحق ليست بالإكراه والإجبار، وإنما على التخيير، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، وقال تعالى: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر ﴾ [الغاشية: 22].. وقال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29]..

 

فاتقوا الله عباد الله وتعاهدوا كتاب ربكم وتدبروا آياته، واستلهموا منه الهدى وتخلقوا بتوجيهاته، تُحَقِقوا مُرادِ اللهِ، وتنَالُوا مَرْضَاتِهِ.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بين يدي سورة ق (الجزء الأول) (خطبة)
  • بين يدي سورة ق (الجزء الثاني) (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين يدي سورة العصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين يدي أعظم سورة في القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • (مادامت روحك بين جنبيك فها هي أفضل أيام الدنيا بين يديك) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين يدي الفاروق رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مظاهر اختلال الموازين بين يدي الساعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصائح بين يدي رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة بين يدي رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • بين يدي الساعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقدمات بين يدي الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب