• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / التاريخ
علامة باركود

قصة الغلام والساحر والراهب (خطبة)

قصة الغلام والساحر والراهب (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/11/2024 ميلادي - 4/5/1446 هجري

الزيارات: 9212

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة الغلام والساحر والراهب


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ؛ قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ -إِذَا سَلَكَ- رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ، وَسَمِعَ كَلَامَهُ فَأَعْجَبَهُ، فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ؛ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ؛ فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ؛ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ.


فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ؛ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ؛ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا، فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ.


فَأَتَى الرَّاهِبَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ! أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ؛ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ.


وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَا هُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي. فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ؛ دَعَوْتُ اللَّهَ، فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللَّهِ، فَشَفَاهُ اللَّهُ.


فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي. قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ.


فَجِيءَ بِالْغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ! قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ.


فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالْمِنْشَارِ، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ.


ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ.


ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ؛ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ؛ وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ، فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ، فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ؛ [أَيْ: زَوْرَقٍ صَغِيرٍ]،فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ؛ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ، فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ.


فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ؛ قَتَلْتَنِي.


فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ، فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ، فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ.


فَأُتِيَ الْمَلِكُ، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قَدْ -وَاللَّهِ- نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ؛ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا، حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ! اصْبِرِي؛ فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

عِبَادَ اللَّهِ..

وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ:

1- ثَبَاتُ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى إِيمَانِهِمْ، فَقَدْ كَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَتَعَرَّضُ لِأَشَدِّ الْعَذَابِ فِتْنَةً، لَا يُرْجِعُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ أَبَدًا.

 

2- الشَّدَائِدُ وَالْمِحَنُ تَصْقِلُ الْمُؤْمِنَ، فَيُعْرَفُ بِهَا قَوِيُّ الْإِيمَانِ؛ فَإِنَّ دَعْوَى الْإِيمَانِ بِاللِّسَانِ سَهْلَةٌ.

 

3- الِابْتِلَاءُ سُنَّةٌ رَبَّانِيَّةٌ لَا تَتَخَلَّفُ أَبَدًا.


4- يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَلَّا يُعَرِّضَ نَفْسَهُ لِلِابْتِلَاءِ وَالْمِحَنِ؛ وَالْعَجِيبُ مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّاهِبِ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنَ الْغُلَامِ أَلَّا يَدُلَّ عَلَيْهِ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْمِحْنَةِ، مَعَ أَنَّهُ نُشِرَ بِالْمِنْشَارِ، فَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

5- الشِّفَاءُ لَا يُنْسَبُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يُقَالُ: فُلَانٌ شَفَاهُ الطَّبِيبُ؛ بَلْ يُعْزَى ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ؛ كَمَا قَالَ الْغُلَامُ لِجَلِيسِ الْمَلِكِ: «إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ؛ دَعَوْتُ اللَّهَ، فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللَّهِ، فَشَفَاهُ اللَّهُ».


6- كَانَ الْمُلُوكُ فِي الْأُمَمِ الْغَابِرَةِ يَسْتَخْدِمُونَ السَّحَرَةَ وَالْكُهَّانَ لِتَثْبِيتِ مُلْكِهِمْ، وَإِخْضَاعِ النَّاسِ لَهُمْ، وَلِمَصَالِحِهِمُ الشَّخْصِيَّةِ.

 

7- فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السِّحْرَ حَقِيقَةٌ، وَأَنَّهُ عِلْمٌ لَهُ أُصُولُهُ وَقَوَاعِدُهُ؛ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ، لَكِنَّهُ مِنَ الْعُلُومِ الْمُحَرَّمَةِ؛ كَمَا جَاءَ فِي قِصَّةِ الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ، هَارُوتَ وَمَارُوتَ: ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 102].

 

8- الْمَعْرَكَةُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَعْدَائِهِمْ هِيَ مَعْرَكَةُ إِيمَانٍ وَكُفْرٍ، مَعْرَكَةُ تَوْحِيدٍ وَشِرْكٍ، وَأَنَّ خُصُومَهُمْ لَا يَنْقِمُونَ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِيمَانَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [الْبُرُوجِ: 8].

 

9- جَوَازُ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ، وَفِي إِنْقَاذِ النَّفْسِ مِنَ الْهَلَاكِ، سَوَاءٌ نَفْسُهُ، أَوْ نَفْسُ غَيْرِهِ؛ مِمَّنْ لَهُ حُرْمَةٌ.

 

10- إِثْبَاتُ الْكَرَامَاتِ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَإِجْرَاءُ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ عَلَى أَيْدِي دُعَاةِ الْخَيْرِ؛ لِبَيَانِ الْحَقِّ، وَتَثْبِيتِ النَّاسِ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ الْغُلَامُ: «اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ؛ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ».

 

11- أَعْمَالُ الْخَيْرِ لَهَا أَثَرٌ كَبِيرٌ فِي اسْتِجَابَةِ النَّاسِ لِلْحَقِّ؛ فَقَدْ كَانَ الْهَدَفُ مِنْ قَتْلِ الدَّابَّةِ هُوَ حَلَّ مُشْكِلَةِ النَّاسِ، فَلَمَّا هَبَّ الْغُلَامُ بِدُعَائِهِ الْمُخْلِصِ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ؛ كَانَ قَصْدُهُ تَنْبِيهَ النَّاسِ إِلَى فَضْلِ عِلْمِ الرَّاهِبِ عَلَى عِلْمِ السَّاحِرِ.

 

12- الدُّعَاةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى أَنْ يُفَكِّرُوا فِي رِسَالَتِهِمْ، وَمَنْ يَحْمِلُهَا بَعْدَهُمْ، مِنْ هَذَا السَّاحِرِ، الَّذِي كَانَ حَرِيصًا عَلَى اسْتِمْرَارِ رِسَالَةِ السِّحْرِ فَلَا تَنْدَثِرُ؛ عِنْدَمَا قَالَ لِلْمَلِكِ: «إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ».

 

13- إِمْكَانُ اجْتِمَاعِ الْخَيْرِ مَعَ الشَّرِّ، إِذَا كَانَ الشَّخْصُ جَاهِلًا بِحَالِ الشَّرِّ؛ كَاجْتِمَاعِ الْإِيمَانِ مَعَ الرَّاهِبِ مَعَ تَعَلُّمِ السِّحْرِ مِنَ السَّاحِرِ.

 

14- كَانَ الْغُلَامُ أَمْيَلَ بِقَلْبِهِ إِلَى أَمْرِ الرَّاهِبِ، عِنْدَمَا قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ»، فَسَأَلَ عَنْ أَمْرِ الرَّاهِبِ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ أَمْرِ السَّاحِرِ.

 

15- حِرْصُ الْغُلَامِ عَلَى حُضُورِ الدَّرْسِ رَغْمَ الِابْتِلَاءِ الَّذِي يَتَعَرَّضُ لَهُ مِنَ السَّاحِرِ، وَمِنْ أَهْلِهِ، فَلِمَاذَا يُعْرِضُ الْكَثِيرُ عَنِ الدُّرُوسِ وَمَجَالِسِ الْعِلْمِ، رَغْمَ أَنَّهُمْ لَا يُضْرَبُونَ، وَلَا يُؤْذَوْنَ؟! إِنَّمَا هُوَ الِانْشِغَالُ بِالدُّنْيَا.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..

وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:

16- مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الشِّفَاءِ: الدُّعَاءُ، وَاللَّجَأُ إِلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَافِعٌ بِإِذْنِ اللَّهِ مِمَّا نَزَلَ، وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، لِلنَّفْسِ وَلِلْغَيْرِ.

 

17- اعْتِرَافُ الْعَالِمِ بِالْفَضْلِ لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ كَاعْتِرَافِ الرَّاهِبِ لِلْغُلَامِ بِقَوْلِهِ: «أَيْ بُنَيَّ! أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى».

 

18- ابْتِلَاءُ الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ، وَوُجُوبُ الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ، وَتَفَاوُتُ دَرَجَاتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ.

 

19- رَفْضُ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ الْأَجْرَ عَلَى عَمَلِهِ وَنُصْحِهِ، وَخِدْمَتِهِ لِلنَّاسِ؛ فَقَدْ رَفَضَ الْغُلَامُ هَدَايَا جَلِيسِ الْمَلِكِ، وَأَخْلَصَ لَهُ النَّصِيحَةَ، وَالدُّعَاءَ، وَلِسَانُ حَالِهِ: ﴿ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ﴾ [هُودٍ: 29].

 

20- غَبَاوَةُ الْمَلِكِ الْمُشْرِكِ، الْمُغْلَقِ قَلْبُهُ بِظَلَامِ الشِّرْكِ؛ حَيْثُ ظَنَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ الَّذِي شَفَى جَلِيسَهُ، وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْ لَهُ شَيْئًا، وَكَيْفَ يَكُونُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ؟

 

21- اللُّجُوءُ إِلَى الْعُنْفِ وَالْبَطْشِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْإِقْنَاعِ وَالْإِفْهَامِ أُسْلُوبُ الْجَهَلَةِ وَالْجَبَابِرَةِ.

 

22- مُنْتَهَى الْقَسْوَةِ وَالْغِلْظَةِ فِي نَشْرِ الْإِنْسَانِ بِالْمِنْشَارِ، بِلَا هَوَادَةٍ.

 

23- الثَّبَاتُ عَلَى الدِّينِ، وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهُ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَفَضْلُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ حَيْثُ يَجُوزُ لَهَا التَّلَفُّظُ بِمَا يُخَالِفُ عَقِيدَتَهَا، وَقَلْبُهَا مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ.

 

24- إِجَابَةُ دَعْوَةِ الْغُلَامِ، وَنُصْرَةُ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَقَدْ تَوَجَّهَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ»، وَفِيهِ اللُّجُوءُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الشَّدَائِدِ.

 

25- لِلَّهُ تَعَالَى رِجَالٌ أَقْوِيَاءُ بِإِيمَانِهِمْ، فَمَهْمَا عُذِّبُوا لَا يَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِمْ، وَهَكَذَا التَّوْحِيدُ إِذَا غُرِسَ فِي النُّفُوسِ، وَهَكَذَا الْإِيمَانُ إِذَا غَامَرَ الْقُلُوبَ.

 

26- الْكَافِي هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ، وَالْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَمَنْ فَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَيْهِ نَجَّاهُ؛ فَقَدْ كَفَى اللَّهُ الْغُلَامَ وَأَنْجَاهُ لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُرْدُوهُ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ، وَلَمَّا تَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ لِيُغْرِقُوهُ.

 

27- التَّضْحِيَةُ بِالنَّفْسِ فِي سَبِيلِ نَشْرِ دِينِ اللَّهِ؛ حَيْثُ دَلَّ الْغُلَامُ الْمَلِكَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ الْغُلَامُ بِهَا مِنْ إِقْنَاعِ النَّاسِ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ.

 

28- نُطْقُ الصَّبِيِّ الرَّضِيعِ بِالْحَقِّ؛ فَقَدْ أَنْطَقَهُ اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ.

 

29- ضَعْفُ الظَّالِمِينَ وَالْجَبَّارِينَ وَعَجْزُهُمْ؛ مَتَى شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُمَكِّنَ لِلصَّالِحِينَ فِي الْأَرْضِ.

 

30- إِيثَارُ انْتِشَارِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَيَاةِ، فَإِنَّ الْغُلَامَ آثَرَ الْمَوْتَ، وَبَذَلَ نَفْسَهُ؛ لِيَبْقَى دِينُ اللَّهِ ظَاهِرًا بَعْدَهُ.

 

31- حُسْنُ الْعَاقِبَةِ لِلْمُتَّقِينَ، فَاللَّهُ تَعَالَى يَجْعَلُ مَا اعْتَرَاهُمْ مِنْ تَضْيِيقٍ وَابْتِلَاءَاتٍ؛ سَبَبًا فِي انْتِشَارِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • {ولا يفلح الساحر حيث أتى} (2)
  • مآسي الساحرين
  • التاريخ وأصحاب البيان الساحر
  • محمد تلك الشخصية الساحرة
  • كيف يحضر الساحر جنيا ؟
  • رشفات أدبية .. البيان الساحر
  • أعمال الشعوذة، وقول الله تعالى: (ولا يفلح الساحر حيث أتى)
  • تفسير: (قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون)
  • شرح حديث صهيب في قصة الملك والساحر والغلام
  • أقسام السحر وحكم الساحر
  • قتل الساحر قد يكون ردة وقد يكون حدا
  • قصة الغلام والمؤمن مع الملك الظالم

مختارات من الشبكة

  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصص فيها عبرة وعظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص لخصائص القصة الشعرية إلى عصر الدول المتتابعة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • خصائص القصة الشعرية في النصف الأول من القرن التاسع عشر(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • فوائد القصص في المجال الإعلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أربعين ساعة بين الأمواج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن قصة نبي الله سليمان والنملة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس وفوائد من قصة سيدنا شعيب(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب