• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
  •  
    من مائدة الحديث: فضل التفقه في الدين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

تدبر خواتيم سورة آل عمران (خطبة)

تدبر خواتيم سورة آل عمران (خطبة)
د. محمد بن علي بن جميل المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/10/2024 ميلادي - 24/4/1446 هجري

الزيارات: 8411

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تدبر خواتيم سورة آل عمران

 

الحمد لله القادرِ القدير، القاهرِ القهَّار، الحقِّ المبينِ، أنعم علينا بالقرآن ذي الذكر المبين، هدًى للمتقين، وموعظةً للمؤمنين، ورحمةً للمحسنين، والصلاةُ والسلامُ على رسولِه محمدٍ خاتَمِ النبيين، المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آله الصالحين، وأصحابه والتابعين.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، هو أهل التقوى وأهل المغفرة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله قدوة المؤمنين، وإمام المتقين، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، من اتقى الله فقد اهتدى، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194]، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة: 196]، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 231]، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203]، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223]، أما بعد:

فنتدبر معكم في هذه الخطبة الآيات العشر الأخيرة من سورة آل عمران، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها إذا استيقظ من نومه، وثبت في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام بكى حين أُنزلت عليه هذه الآيات وقال: ((وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا)).

 

أيها المسلمون، هذه الآيات المبكيةُ بدأها الله بذكر خلقِه السماوات والأرض واختلافِ الليل والنهار، وبيَّن أن في ذلك لآياتٍ لأولي الألباب الذين يتفكرون في مخلوقات الله، وذكر الله ثلاث صفاتٍ لأولي الألباب، وهي: التفكر، والإكثار من ذكر الله، والإكثار من دعاء الله وحده لا شريك له.

 

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]؛ أي: إن في خلق السماوات والأرض وتعاقبِ الليل والنهار واختلافِهما طولًا وقِصَرًا لعلامات لأصحاب العقول السليمة، فيستدلون بهذه المخلوقات العجيبة على أن خالقها هو الربُّ المعبود وحده.

وفي كل شيء له آية
تدلُّ على أنه واحد

﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾ [آل عمران: 191] يُكثرون من ذكرِ الله في جميع أحوالهم، في حالِ قيامهم، وجلوسِهم، واضطجاعِهم.

 

﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 191] من صفات العقلاء الصالحين أنهم يتفكرون بعقولهم في خلق الله للسموات والأرض، فيستدلون بما فيها على أن الله هو الإله الحق، وأنه أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، وأنه قادر على كل شيء، والتفكُّر في المخلوقات عبادةٌ عظيمةٌ، وتفكُّرُ ساعةٍ خيرٌ من قيام ليلة.

 

﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191] يقولون: يا ربنا، إنك لم تخلق هذا الخلق عبثًا بلا حكمة؛ فأنت منزَّهٌ عن ذلك، ولكنك خلقت المخلوقات لحكمةٍ عظيمةٍ، وهي أن يعبدك الناس ويؤمنوا بك، ويشكروك على نِعَمِك، ويعلموا عظمتك وعُلوَّ صفاتِك، ويعملوا بشرعك، ويعلموا أنك تحيي وتميت، وأنك قادرٌ على بعثهم يوم القيامة، وأنك ستحاسبهم وتجازيهم على أعمالهم، فيا من خلقت الخلق بالحق والعدل، وأنت منزَّهٌ عن النقائص والعيوب، أجِرنا من عذاب النار.

 

﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [آل عمران: 192] يا ربنا من أدخلته النار بسبب كفره وظلمه فقد أهنته وفضحته، وليس للظالمين يوم القيامة أحدٌ يُنقذهم من عذاب الله.

 

﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ﴾ [آل عمران: 193] يا ربنا إننا سمعنا داعيًا يدعو إلى الإيمان، وهو محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأتباعُه من العلماء والدعاة، الذين يُبلِّغون الناس كتاب الله، فسمعنا من يقول: آمنوا بربكم، فبادرنا إلى الاستجابة، وتعلمنا العلم النافع، وعمِلنا العمل الصالح، وتذكَّرنا واهتدينا بكتاب الله.

 

﴿ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193]؛ أي: يا ربنا بإيماننا واتِّباعِنا كتابَك ونبيَّك استُر ذنوبنا، وامحُ خطايانا، واجعلنا إذا قبضت أرواحنا من جملة عبادك الصالحين.

 

﴿ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 194]؛ أي: يا ربنا أعطنا ما وعدتنا به على ألسنة رسلك عليهم الصلاة والسلام، من الثواب على الأعمال الصالحة، والنصر على الكفار، ولا تفضحنا بذنوبنا يوم القيامة، فإنا نعلم أنك لا تخلف وعدك لعبادك.

 

﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 195]؛ أي: فأجاب الله دعاء الصالحين بأنَّ عَمَلَ كلُّ عاملٍ منهم محفوظٌ عند الله، فلا يضيع الله أجر حسناتهم القليلة والكثيرة، سواء كان المؤمن ذكرًا أو أنثى، فلا فرق بينهم في الثواب وإجابة الدعوات.

 

﴿ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [آل عمران: 195]؛ أي: إن المهاجرين الذين تركوا أوطانهم التي لم يستطيعوا أن يعبدوا الله فيها، واستوطنوا بلاد المسلمين ليعبدوا الله، وصبروا على ما ضايقهم المشركون والمنافقون من أنواع الأذى بسبب إيمانهم بالله وبسبب أعمالهم الصالحة، وقاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمته، وقُتِلوا شهداء، فالله سبحانه يمحو عنهم خطاياهم، ويُدخلهم جناتٍ تجري الأنهار من تحت قصورها وأشجارها.

 

﴿ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾ [آل عمران: 195] هذا الجزاء العظيم لهم بسبب إيمانهم وجهادهم وصبرهم على الأذى الذي أصابهم، والله عنده الجزاء الحسن لمن آمن وعمل صالحًا، ففي الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطرَ على قلب بشر، فإن فات الشهداء البقاء في الدنيا فما عند الله خيرٌ وأبقى، والآخرةُ خيرٌ من الأولى.

 

اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، واجعلنا من أولي الألباب، الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، المتفكرين في خلق السماوات والأرض، الذين يدعون ربهم وحده، ولا يدعون سواه، وتقبل دعاءنا، واغفر لنا وارحمنا.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، هو الغفارُ الغفورُ الغنيُّ الفتَّاح، القادرُ القدير، القاهرُ القهَّار، القريبُ القوي، الكبيرُ اللطيف، المبينُ المتين، الـمُجيبُ المجيدُ المحيط، المقتدرُ الـمُقِيت، المليكُ المنَّانُ، المولى النصيرُ الهادي، الوارثُ الواسِع، الوِتْرُ الودود، الوكيلُ الوليُّ الوهَّاب، سبحانه له الأسماء الحسنى، أنعم علينا بالقرآن لعله يُحدِث لمن سمعه ذكرى، والصلاة والسلام على رسولِه محمدٍ الداعي إلى الله بكتابه وسنته، من أطاعه اهتدى، ومن عصاه فقد ضلَّ وغوى، أما بعد:

فيقول الله تعالى في آخر سورة آل عمران: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ﴾ [آل عمران: 196]؛ أي: لا تنخدع - أيها المسلم - بظاهر ما عليه الكفَّارُ المترفون من السفر في البلدان، والتنقل بأنواع المكاسب والتجارات، والتمتُّع بالملذَّات والشهوات.

 

﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 197]؛ أي: متاع الكفار بالدنيا متاعٌ قليلٌ، فالدنيا جنة الكافر، يتمتع بها في زمن محدود ينتهي بانقضاء عمره، ثم مأواهم جهنم يُعذَّبون فيها أبد الآبدين، خالدين في العذاب الأليم، وبئس الفِراش والمقرُّ جهنم.

 

﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 198]؛ أي: لكن الذين اتقوا الله بامتثال الواجبات واجتناب المحرمات فإنهم في الآخرة في جناتٍ تجري من تحتها أنواعٌ من الأنهار، خالدين في ذلك النعيمِ على الدوام، قد أعَدَّ الله لهم في الجنة منزلَ ضيافةٍ دائمًا، إكرامًا من الله لهم على تقواهم.

 

﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]؛ أي: ما عند الله من النعيم المقيمِ والعِيشةِ الراضية خيرٌ للطائعين من متاع الدنيا الفانية، فالدنيا أمد، والآخرة أبد، ومن مات من الصالحين فما عند الله خيرٌ له من متاع الدنيا القليل الفاني.

 

أيها المسلمون، ثم قال الله سبحانه: ﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ [آل عمران: 199]؛ أي: إن طائفةً من أهل الكتاب من اليهود والنصارى يؤمنون بالله حقَّ الإيمان، ويُقرون بوحدانيته، ويؤمنون بالقرآن الذي أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤمنون أيضًا بالكتب السابقة، والحال أنهم خاضعون لله، متذللين له، لا يكتمون ما في كتبهم من البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبيانِ صفته؛ ليحصلوا في مقابل كتمانهم على متاعٍ دنيويٍّ زائلٍ، من منصبٍ، أو جاهٍ، أو مالٍ، بل آمنوا بمحمدٍ عليه الصلاة والسلام، ودخلوا في الإسلام، واتبعوا القرآن، فلهم ثوابٌ عظيمٌ عند الله سبحانه، وأكثر أهل الكتاب اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا، ومن الصالحين من أهل الكتاب الذين قدَّموا الآخرة على الدنيا، ولم يكتموا الحق: عبدُالله بن سلام سيدُ اليهود في المدينة النبوية، فإنه أسلم وآمن، وترك ما كان يعطيه اليهود من المال والجاه، وكذلك النجاشي ملِك الحبشة الذي كان نصرانيًّا فأسلم وآمن، ولا يزال بعض أهل الكتاب إلى يومنا هذا من يدخل في الإسلام، ويؤمن بالقرآن، ويتَّبِع الرسول محمدًا الذي بشَّر به موسى وعيسى عليهم جميعًا الصلاة والتسليم.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آل عمران: 199]؛ أي: إن حساب الله قريب؛ لسرعة انقضاء الدنيا، والله يحاسب الخلائق يوم القيامة في مدة وجيزة جدًّا.

 

ثم ختم الله هذه الآيات بقوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا ﴾ [آل عمران: 200]؛ أي: اصبروا على طاعة الله، واصبروا عن معصيته، واصبروا على أقداره المؤلمة، وغالبوا بالصبر أعداءكم الكفرة الذين يقاتلونكم حتى تنتصروا عليهم، فالنصر مع الصبر، فلا يكونون أصبر منكم، والزموا الإقامة في الثغور للاستعداد لقتال الكفار، وخذوا حذركم منهم، ومن الرباط ما جاء في الحديث الصحيح: ((أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ)).

 

ثم قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، اتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، حتى تكونوا من الفائزين بالنجاة من النار، ودخول الجنة مع الأبرار.

 

اللهم اجعلنا من المتقين، المتدبرين كتابك، والمهتدين بآياتك، والمتبعين القرآنَ العظيم والرسولَ الكريم.

 

﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 285، 286].

 

﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 16].

 

﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 147].

 

﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 191 - 194].

 

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمد سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه وأتباعهم المحسنين، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نفحات قرآنية .. في سورة آل عمران
  • الأوامر العملية في سورة آل عمران
  • سورة آل عمران (1) لا دين يقبل إلا الإسلام
  • سورة آل عمران (5) غزوة أحد (خطبة)
  • وجوب الاعتصام بالقرآن والسنة وذم التفرق والبدع (خطبة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (1)

مختارات من الشبكة

  • إطلالة على كتاب: قواعد تدبر القرآن وتطبيقات على قصار السور(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مجلس في تدبر قول الله تعالى (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران) الآيات(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تدبر آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمور المعينة على تدبر القرآن(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الوقف والابتداء وأمثلة عليهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر خواتيم سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر سورة العصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر أول سورة المؤمنون وآخرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر سورتي الأعلى والغاشية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر سورة الإنسان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب