• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هجرية (PDF)
    وائل بن علي بن أحمد آل عبدالجليل الأثري
  •  
    عيد الأضحى بين الروح والاحتفال: كيف نوازن؟
    محمد أبو عطية
  •  
    مسائل وأحكام تتعلق برمي الجمرات في الحج
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المقاصد الربانية للعشر المباركة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (5)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446هـ
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (4)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    العيد في زمن الغفلة... رسالة للمسلمين
    محمد أبو عطية
  •  
    الأضحية ... معنى التضحية في زمن الماديات
    محمد أبو عطية
  •  
    خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    صلاة العيد وبعض ما يتعلق بها من أحكام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (3)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الناصر- النصير جل جلاله، وتقدست أسماؤه

الناصر- النصير جل جلاله، وتقدست أسماؤه
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/10/2024 ميلادي - 24/4/1446 هجري

الزيارات: 725

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النَّاصِرُ- النَّصِيرُ جل جلاله، وتقدست أسماؤه


عَنَاصِرُ الموْضُوعِ:

أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِي (النَّاصِرِ - النَّصِيرِ).

ثانيًا: وُرُودُهُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ.

ثالثًا: مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى.

رابعًا: ثَمَرَاتُ الإيِمَانِ بِهَذَا الاسْمِ.

 

النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ، قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ:

أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ:

1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً»؛ رواه البخاري.

 

2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ[1].

 

3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ[2].

 

4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ.

 

5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة ـ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ ـ لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً لله في بيتِ الله.

 

6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ[3].

 

7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ[4].

 

8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ[5].

 

9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ[6].

 

10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك(4).

 

11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»؛ رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ، وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766).

 

ثُمَّ قَدْ يَفْتَحِ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيه.

 

ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ:

1- تَعْرِيفُ المُسْلِمِينَ بِمَعْنَى اسْمَيِ الله (النَّاصِرِ ـ النَّصِيرِ).

 

2- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى نُصْرَةِ دِينِ الله لِيَنْصُرَهُمُ اللهُ.

 

3- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى نُصْرَةِ سُنَّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لِيَنْصُرَهُمُ اللهُ.

 

4- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِ عَلَى الانْتِصَارِ عَلَى هَوَاهُ وَشَيْطَانِهِ.

 

5- تنوي حث المسلمين على الاستعانة بالله عند كل معضلة؛ فهو النصير سبحانه.

 

أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمَي (النَّاصِرِ - النَّصِيرِ).

والنَّصِيرُ فِي اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ المُبَالَغَةِ، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ؛ لَأَنَ كُلَّ وَاحَدٍ مِنَ المتَناصِرَيْن نَاصِرٌ وَمَنْصُورٌ، وَقَدْ نَصَرَهُ يَنْصُرَهُ نَصْرًا: إِذَا أَعَانَهُ عَلَى عَدُوِّهُ، وَاسْتَنْصَرَهُ عَلَى عَدُوِّهِ: سَأَلَهُ أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَيْهِمْ، وَتَنَاصَرَ القَوْمُ: نَصَرَ بَعْضُهُم بَعْضًا، وَانْتَصَرَ مِنْهُ: انْتَقَمَ مِنْهُ، وَعِنْدَ البُخَارِي مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسَوُلَ الله هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ»[7].

 

وَالنَّصِيرُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَنْصُرُ رُسُلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ عَلَى أَعْدَائِهِم فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ فِي الآَخِرَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].

 

وَهُوَ الَّذِي يَنْصُرُ المُسْتَضْعَفِينَ وَيَرْفَعُ الظُّلمَ عَنِ المَظْلُومِينَ وَيُجِيرُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج: 39].

 

وَالنَّصِيرُ هُوَ الَّذِي يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَلَا غَالِبَ لِمَنْ نَصَرَهُ وَلَا نَاصِرَ لِمَنْ خَذَلَهُ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]، فَهُوَ سُبْحَانَهُ حَسْبُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَكَافِي مِنْ لَجَأَ إِلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْمِنُ خَوْفَ الخَائِفِ وَيُجِيرُ المُسْتَجِيرَ وَهُوَ نِعْمَ المَولَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ، فَمَنْ تَوَلَّاهُ وَاسْتَنْصَرَ بِهِ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وانْقَطَعَ بِكُلِّيَّتِهِ إِلَيْهِ تَوَلَّاهُ وَحَفِظَهُ وَحَرَسَهُ وَصَانَهُ، وَمَنْ خَافَهُ وَاتَّقَاهُ آَمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ وَيَحْذَرُ، وَجَلَبَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ المَنَافِعِ[8].

 

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]؛ «أَيْ مَتَى اعْتَصَمْتُمْ بِهِ تَوْلَّاكُمْ وَنَصَرَكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَعَلَى الشَّيْطَانِ، وَهُمَا العَدُوَّانِ اللَّذَانِ لَا يُفَارِقَانِ العَبْدَ، وَعَدَوَاتُهُمَا أَضَرُّ مِنْ عَدَاوَةِ العَدُوِّ الخَارِجِ، فَالنَّصْرُ عَلَى هَذَا العَدُوِّ أَهَمُّ، وَالعَبْدُ إِلَيْهِ أَحْوَجُ وَكَمَالُ النُّصْرَةِ عَلَى العَدُوِّ بِحَسْبِ كَمَالِ الاعْتِصَامِ بِالله»[9].

 

ثانيًا: وُرُودُهُ فِي القُرْآَنِ الكَرِيمِ[10]:

وَرَدَ اسْمُهُ (النَّاصِرُ) مَرَّةً وَاحِدَةً بِصِيغَةِ الجَمْعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾ [آل عمران: 150]، أَمَّا اسْمُهُ (النَّصِيرُ) فَقَدْ وَرَدَ أَرْبعَ مَرَّاتٍ، وَهِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الأنفال: 40]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 45]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 31].

 

ثالثًا: مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:

قَالَ ابنُ جَرِيرِ: «﴿ ببَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ﴾ وَلِيُّكُمْ وَنَاصِرُكُمْ عَلَى أَعْدَائِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴿ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾ لَا مَنْ فَرَرْتُم إِلَيْهِ مِنَ اليَهُودِ وَأَهْلِ الكُفْرِ بِالله! فَبِالله الَّذِي هُوَ نَاصِرُكُم وَمَوْلَاكُمْ فَاعْتَصِمُوا، وَإِيَّاهُ فَاسْتَنْصِرُوا دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَبْغِيكُمُ الغَوَائِلَ وَيَرصُدُكُمْ بالمَكَارِهِ»[11]، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: «﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ﴾: وَحَسْبُكُم بِالله نَاصِرًا لَكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَأَعْدَاءِ دِينِكُمْ، وَعَلَى مَنْ بَغَاكُمُ الغَوائِلَ، وَبَغَى دِينَكُم العِوَجَ»[12].

 

وَقَالَ: «﴿ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾: وَهُوَ النَّاصِرُ»[13].

 

وَقَالَ: «﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ يَقُولُ: نَاصِرًا لَكَ عَلَى أَعْدَائِكَ، يَقُولُ: فَلَا يَهُولَنَّكَ أَعْدَاؤُكَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَإِنِّي نَاصِرُكَ عَلَيْهِم فَاصْبر لِأَمْرِي، وَامْضِ لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِي إِلَيْهِم»[14].

 

وَقَالَ الحُلَيْمِي: «(النَّاصِرُ) هُوَ المُيَسِّرُ لِلْغَلَبَةِ.

 

وَ(النَّصِيرُ): وَهُوَ المَوْثُوقُ مِنْهُ بِأَنْ لَا يُسْلِمَ وَليَّهُ وَلَا يَخْذُلَهُ»[15].

 

وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: «وَلَهُ مَعَانٍ مِنْهَا: العَوْنُ، يُقَالُ: نَصَرَهُ اللهُ عَلَى عَدُوِّهِ يَنْصُرُهُ نَصْرًا فَهُوَ نَاصِرُ وَنَصِيرٌ لِلْمُبَالَغَةِ، وَالاسْمُ النُّصْرَةُ، وَالنَّصِيرُ النَّاصِرُ»[16].

 

وَقَالَ الأَصْبَهَانِيُّ: «(النَّصِيرُ وَالنَّاصِرُ) بِمَعْنَى، وَمَعْنَاهُ: يَنْصُرُ المُؤْمِنِينَ عَلَى أَعْدَائِهِم، وَيُثَبِّتُ أَقْدَامَهُمْ عِنْدَ لِقَاءِ عَدُوِّهِم، وَيُلقِي الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ عُدُوِّهِم»[17].

 

وَقَالَ ابنُ كَثِيرٍ: «﴿ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾: يَعْنِي نِعمَ الولِيُّ وَنِعْمَ النَّاصرُ مِنَ الأَعْدَاءِ»[18].

 

رابعًا: ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذَا الاسْمِ:

1- إِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ (النَّصِيرُ) الَّذِي يَنْصُرُ رُسَلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَأَتْبَاعَهُم مِنَ المُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهُ تَعَالَى مَصْدَرُ النَّصْرِ الحَقِيقِيِّ، فَالمَنْصُورُ: مَنْ نَصَره، وَالمَخْذُولُ المَهْزُومُ: مَنْ خَذَلَهُ.

 

قَالَ القُرْطُبِيُّ: «فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ النَّصْرَ عَلَى الإِطْلَاقِ إِنَّمَا هُوَ لله تَعَالَى؛ كَمَا قَالَ: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]، وَأَنَّ الخُذْلَانَ مِنْهُ»[19].

 

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مِنْهَا: خَاذِلُ؛ لَأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ إِذْنٌ.

 

وَالنَّصْرُ يَسْتَدْعِي نَاصِرًا وَمَنْصُورًا وَمَنْصُورًا عَلَيْهِ، فَتَأْيِيدُ الله أَوْلِيَاءَهُ المُؤْمِنينَ بِالمَلَائِكَةِ نَصْرٌ لَهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِم، كَمَا نَصَرَ نَبِيَّهُ؛ وَصَحْبَهُ يَوْمَ بَدْرٍ بِالمَلَائِكَةِ، فَيَكُونُ المَلَكُ عَلَى هَذَا مَنْصُورًا عَلَى أَعْدَاءِ المُؤْمِنِينَ، وَأَعْدَاءُ المُؤْمِنِينَ أَعْدَاءٌ لله وَلِمَلَائِكَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ نَصْرُ الله لِلمَلَكِ عَونُهُ عَلَى عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ، إِذْ لَيْسَ لَهُ عَدُوٌّ فِي مُقَابَلَتِهِ لَأَنَّهُ نُورٌ كُلُّه فَلَا ظُلْمَةَ تُجَاذِبُه!

 

فَهَذِهِ النُّصْرَةُ لَا تَسْتَدْعِي مَنْصُورًا عَلْيْهِ، وَالإِنْسَانُ يُجَاذِبُهُ عَدُوُّهُ إِبْلِيسُ والهَوَى، فَإِذَا نَصَرَهُ اللهُ نَصْرًا بَاطِنًا فَعَلَى هَؤُلَاءِ يَنْصُرُهُ، وَإِذَا نَصَرَهُ نَصْرًا ظَاهِرًا فَيَنْصُرُهُ عَلَى أَعْدَائِهِ الكَافِرِينَ، وَجَمِيعِ الظَّالِمينَ، فَإِنْ أَصَابَ الظَّفَرَ بِالعَدُوِّ الظَّاهِرِ فَهُوَ المَنْصُورُ، وَإِنْ ثَبَتَ عَلَى دِينِ الله وَصَبَرَ فَكَانَ لِلْكَافِرِ الظَّفَرُ؛ فَالمُؤْمِنُ أَيْضًا مَنْصُورٌ؛ لَأَنَّ صَبْرَهُ عَلَى قِتَالِ عَدُوِّهِ وَثَبَاتِ نَفْسِهِ فِي دَفْعِ الهَوَى ـ الَّذِي فِي طَبْعِهِ الخُذْلَانُ ـ هُوَ النَّصْرُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا نَصْرٌ بَاطِنٌ، وَثَوَابٌ عَلَيْهِ قَائِمٌ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ النَّصْرُ مِنَ الله عَلَى عَدُوِّهِ إِبْلِيسَ الَّذِي يَرومُ خُذْلَانَ الإِنْسَانِ»[20].

 

2- فَهَذِهِ نُصْرَةُ الله لِعِبَادِهِ، أَمَّا نُصْرَةُ العَبْدِ لِرَبِّهِ فَهِيَ عِبَادَتُهُ وَالقِيَامُ بِحُقُوقِهِ وَرِعَايَةِ عُهُودِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، قَالَ القُرْطُبِيُّ: «فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ وَالنَّصْرُ هُوَ العَوْنُ، واللهُ سُبْحَانَهُ لَا يَجُوزُ عَوْنُهُ قَوْلًا وَلَا يُتَصَوَّرُ فِعْلًا؟

 

فَالجَوَابُ: مِنْ أَوْجُهٍ:

أَحَدِهَا: إِنْ تَنْصُرُوا دِينَ الله بِالجِهَادِ عَنْهُ يَنْصُرْكُمْ.

 

الثَّانِي: إِنْ تَنْصُرُوا أَوْلِيَاءَ الله بِالدُّعَاءِ.

 

الثَّالِثِ: إِنْ تَنْصُرُوا نَبِيَّ الله وَأَضَافَ النَّصْرَ إِلَى الله تَشْرِيفًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَوْلِيَائِهِ وَلِلدِّينِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245]، فَأَضَافَ القَرْضَ إِلَيْهِ تَسْلِيَةً لِلْفَقِيرِ.

 

وَجَاءَ فِعْلُ (النَّصْرِ) فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ ـ صِفَاتُ الأَفْعَالِ ـ مُضَافًا[21] إِلَى مَنْ خَصَّهُ اللهُ بِالنُّصرةِ وَهُمُ: المَلَائِكَةُ والمُؤْمِنُونَ لَا غَيْرَ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ النَّصْرِ المَعْوَنةُ بِطَرِيقِ التَّوَلِّي وَالمَحَبَّةِ، والمَعُونَةُ عَلَى الشَّرِّ لَا تُسَمَّى نَصْرًا، وَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ فِي الكَافِرِ إِذَا ظَفَرَ بِالمُؤْمِنِ أَنَّهُ مَنْصُورٌ عَلَيْهِ، بَلْ يُقَالُ هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 90].

 

وَقَوْلُهُ؛ إِذْ ذَكَرَ أَئِمَّةَ الجُورِ فِي آَخِرِ الزَّمَانِ: «وَيُنْصَرُونَ عَلَى ذَلِكَ»، أَرَادَ أَنَّهُمْ يُنْصَرُونَ عَلَى الكَافِرِينَ، وَيَكُونَ نَصْرُ الله تَعَالَى لِدِينِهِ رَاجِعًا لَهُ، وَإِبْقَاءً لِكَلِمَتِهِ، كَمَا قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ»[22].

 

وَلَو وَرَدَتْ لَفْظَةُ (النَّصْرِ) لِلْكَافِرِ، لَكَانَ مَعْنَاهُ التَّسْلِيطُ وَالعَوْنُ البَشَرِيُّ، وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ النَّصْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي أَئِمَّةِ الجُورِ أَنَّهُمْ يُنْصَرُونَ، أَيْ: يُعْطَونَ الدُّنْيَا وَيُمْلَأُ لَهُمْ فِيهَا، يُقَالُ: نَصَرَهُ يَنْصُرُهُ إِذَا أَعْطَاهُ، وَمِنْ كَلَامِ بَعْضِ العَرَبِ: انْصُرُونِي نَصَرَكُمُ اللهُ، أَي: أَعْطُونِي أَعْطَاكُمُ اللهُ»[23].

 

وَقَالَ الأَصْبَهَانِيُّ: «فَيَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ إِذَا رَأَى مَعْرُوفًا أَنْ يَأْمُرَ بِهِ، وَإِذَا رَأَى مُنْكَرًا أَنْ يَنْهَى عَنْهُ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّ اللهَ يَنْصُرُهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، وَكُلُّ مَنْ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ رِضَى الله يَنْصُرُهُ اللهُ وَيُعِينُهُ، فَيَنْبَغِي إِذَا رَأَى مُنْكَرًا أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ إِنْ قَوِيَ، وَإِلَّا بِلِسَانِهِ إِنْ ضَعُفَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الأَمْرَينِ أَنْكَرَ بِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ[24].

 

وَاللهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى نُصْرَةِ دِينِهِ، فَإِنَّهُ نَصَرَ عَبْدَهُ وَأَعَزَّ جُنْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ القَوِيُّ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ ابْتَلَى عِبَادَهُ بِذَلِكَ ليِظْهَرَ مَنْ يَنْصُرُ دِينَهُ وَشَرْعَهُ مِمَّنْ يَتَوَلَّى عَنْ نُصْرَتِهِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 4].

 

وَقَالَ: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].

 

3- أَوْضَحَ اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ أَنَّهُ لَا نَاصِرَ لَهُمْ دُونَهُ، وَلَا مُعِينَ لَهُمْ سِوَاهُ وَذَلِكَ فِي آَيَاتٍ كَثِيرَةٍ، لِتَتَوَجَّهَ قُلُوبُهُمْ لَهُ، وَأَكفُّهُمْ بِالضَّرَاعَةِ إِلَيْهِ.

 

قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 107]، وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي القُرْآَنِ تَأْكِيدًا لِهَذَا المَعْنَى، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ﴾ [الملك: 20]، وَقَالَ: ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126]، وَأَيْقَنَ بِذَلِكَ عِبَادُهُ المُؤْمِنُونَ، فَقَالَ نُوحٌ؛ لِقَوْمِهِ حِينَ عَابُوا عَلَيْهِ اتِّبَاعَ الفُقَرَاءِ والضُّعَفَاءِ لِدَعْوَتِهِ، وَأَمَرُوهُ بِطَرْدِهِم: ﴿ وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [هود: 30]، وَقَالَ صَالِحٌ عليه السلام: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ﴾ [هود: 63].

 

وَقَالَ الرَّجُلُ المُؤْمِنُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَونَ مُذَكِّرًا قَوْمَهُ بِعَاقِبَةِ كُفْرِهِم وَإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الإِيمَانِ بِالله وَرُسُولِهِ: ﴿ يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غافر: 29]، وَقَالَ تَعَالَى عَنْ قَوْمِ نُوحٍ عليه السلام: ﴿ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا ﴾ [نوح: 25].

 

وَلَّما خَسَفَ اللهُ تَعَالَى بِقَارُونَ المُخْتَالِ الكَفُورِ، قَالَ: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81].

 

وَكَذَا لَّما أَحَاطَ اللهُ تعالى بِمَالِ الرَّجُلِ الَّذِي كَفَرَ بِرَبِّهِ وَبِالبَعْثِ وَأَهْلَكَ بُسْتَانَهُ: ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ [الكهف: 42]، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴾ [الكهف: 43].

 

4- كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا قَالَ: «اللهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنِصِيرِي، بِكَ أحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ»[25]، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «قَوْلُهُ «عَضُدِي»: يَعْنِي عَوْنِي»، وَقَالَ الخَطَّابِيُّ رحمه الله: «قَوْلُهُ «أَحُولُ» مَعْنَاهُ أَحْتَالُ»، قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيُّ: «(الحَوْلُ) مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ العَرَبِ: الحِيلَةُ، يُقَالُ: مَا لِلَّرَجُلِ حَوْلٌ وَمَا لَهُ مَحَالَةُ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُكُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله، أَيْ: لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِ سُوءٍ، وَلَا قُوَّةَ فِي دَرْكِ خَيْرٍ إِلَا بِالله.

 

وَفِيهِ وَجْهٌ آَخَرٌ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ المَنْعَ وَالدَّفْعَ، مِنْ قَوْلِكَ: حَالَ بَيْنَ الشَّيْئَينِ، إِذَا مَنَعَ أَحَدَهُمَا عَنِ الآَخَرِ، يَقُولُ: لَا أَمْنَعُ، وَلَا أَدْفَعُ إِلَّا بِكَ»[26].

 

5- وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ»[27].

 

وَلَّما ثَقُلَتْ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم شُرُوطَ الحُدَيْبِيَةِ قَالَ عُمَرُ بِنُ الخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: فَلِمْ نُعْطِي الدَّنِيَّةِ فِي دِينِنِا إِذًا؟! قَالَ: «إِنِّي رَسُولُ الله وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي...»[28].



[1] رَوَى مسلمٌ عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بيتٍ مِنْ بِيوتِ الله، يَتْلُونَ كِتابَ الله ويَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلا نزلتْ عَليهم السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُم الملائكةُ، وَذَكَرَهُم اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».

[2] َروَى الإمامُ أَحمدُ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (5507) عن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَومٌ عَلَى ذِكْرٍ، فَتَفَرَّقُوا عنه إلا قِيلَ لَهُمْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُم»، ومَجَالِسُ الذِّكْرِ هِيَ المجالسُ التي تُذَكِّرُ بِالله وبآياتهِ وأحكامِ شرعهِ ونحو ذلك.

[3] في الصحيحين عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَدَا إلى المسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ له في الجنةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ».

وفي صحيح مُسْلِمٍ عَنْه أيضًا أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بيتهِ ثُمَّ مَضَى إلى بيتٍ مِنْ بيوتِ الله لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله كانتْ خُطُواتُه: إِحدَاها تَحطُّ خَطِيئَةً، والأُخْرَى تَرْفَعُ دَرجةً».

[4] رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ا أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ في صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصلاةُ تَحْبِسُه، لا يَمْنَعُه أَنْ يَنْقَلِبَ إِلى أهلهِ إلا الصلاةُ».

ورَوَى البُخَاريُّ عَنه أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الملائكةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكم مَا دامَ فِي مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فيه، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللهُمَّ ارْحَمْه».

[5]، (4) رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لعلي بنِ أبي طالبٍ: «فوالله لأنْ يَهْدِي اللهُ بك رَجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ».

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إلى هُدَى كَانَ لَه مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَه، لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهم شيئًا».

[6] رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ عن أبي أمامةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ وملائكتَه، حتى النملةَ فِي جُحْرِها، وحتى الحوتَ في البحرِ لَيُصَلُّون عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخيرَ»، وَصلاةُ الملائكةِ الاسْتِغْفَارُ.

[7] البخاري في المظالم، باب يمين الرجل لصاحبه (6/ 2550) (6552).

[8] بدائع الفوائد (2/ 263).

[9] مدارج السالكين (1/ 180).

[10] النهج الأسمى (2/ 323-330).

[11] جامع البيان (3/ 80-81).

[12] المصدر السابق (5/ 75).

[13] المصدر السابق (9/ 163).

[14] المصدر السابق (19/ 8).

[15] المنهاج (1/ 205) وذكره ضمن الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه، ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 70).

[16] الكتاب الأسنى (ورقة 338 ب).

[17] الحجة (ورقة 24 ب).

[18] تفسير القرآن العظيم (3/ 237).

[19] فهل يعي هذا المسلمون!! فيتركون الالتجاء إلى الشرق والغرب ـ طلبًا للنصر والقوة

[20] الكتاب الأسنى (ورقة 340 أ، ب).

[21] في الأصل: مضاف وهو خطأ.

[22] أخرجه البخاري (6/ 179)، (7/ 471)، (11/ 498، 499) ومسلم في الإيمان (1/ 105، 106) عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة ت قال: شهدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل ممن يدعى بالإسلام: «هذا من أهل النار...» الحديث.

[23] الكتاب الأسنى (ورقة 339ب - 340 أ).

[24] الحجة (ورقة 24 ب).

[25] حديث صحيح: أخرجه أحمد (3/ 184)، وأبو داود (3/ 2623)، والترمذي (5/ 3584)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (604)، وابن حبان (1661-موارد)، عن المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس قال: «كان...» الحديث، قال الترمذي: حسن غريب.

قلت: ورجاله ثقات، المثنى بن سعيد هو الضبعي أبو سعيد البصري، قال أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود والعجلي: ثقة.

[26] معالم السنن (2/ 267).

[27] أخرجه مسلم في الذكر والدعاء (4/ 2089) من حديث أبي هريرة ت.

[28] أخرجه أحمد (4/ 330)، والبخاري في الشروط (5/ 332-333).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المستعان جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المسعر جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المعطي جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)
  • المقيت جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)
  • المنان جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المهيمن جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)
  • المقدم – المؤخر جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • الهادي جلاله وتقدست أسماؤه

مختارات من الشبكة

  • فضل الأنصار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله الحسنى: الرزاق، الشكور، الهادي، الناصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم ادعاء بنوة الله أو محبته جل جلاله وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوتر جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الواسع جل جلاله، وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوارث جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النور جل جلاله وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الملك - المالك - المليك جل جلاله وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المصور جل جلاله، وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحيط جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/12/1446هـ - الساعة: 15:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب